المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌بَابُ النِّدَاءِ: وَنَادِ مَنْ تَدْعُو بِيَا أَوْ بِأَيَا … أَوْ هَمْزَةٍ - اللمحة في شرح الملحة - جـ ٢

[ابن الصائغ]

الفصل: ‌ ‌بَابُ النِّدَاءِ: وَنَادِ مَنْ تَدْعُو بِيَا أَوْ بِأَيَا … أَوْ هَمْزَةٍ

‌بَابُ النِّدَاءِ:

وَنَادِ مَنْ تَدْعُو بِيَا أَوْ بِأَيَا

أَوْ هَمْزَةٍ أَوْ أَيْ وَإِنْ شِئْتَ هَيَا

النِّدَاء: أحد معاني الكلام؛ وهو: ما يتألّف من حرف واسم؛ وهو منفردٌ بهذا التّأليف1؛ وجاز ذلك لكون2 حرف النّداء نائبا عن الفعل، فتنزّل3 منزلة الكلام المؤتلف من اسم وفعل4.

وقال أبو عليّ الفارسيّ5: "النِّداء خبَرٌ من وجه، وغير خبرٍ من وجه؛ لأنّه مع الصّفات بمنزلة الأخبار، ومع غير الصّفات بمنزلة [غير] 6 الأخبار؛ فإذا قلت لإنسانٍ: (يا صادق) أو (يا كاذب) صلح أن يُجاب هذا بصدق، أو كذب؛ فكان خبرًا من هذا الوجه؛ وليس كذلك إذا قلت: (يا زيدٌ) و (يا عمرٌو) ".

وحروف النّداء خمسة7؛ وهي: (يا) و (أيا) و (أي) و (هيا)[97/ب] و (الهمزة) .

1 قال ابن يعيش 1/20: "لم يُفد الحرف مع الاسم إلاّ في موطن واحد وهو

النّداء خاصّة؛ وذلك لنيابة الحرف فيه عن الفعل؛ ولذلك ساغت فيه الإمالة".

ويُنظر: الفُصول الخمسون 150، وحاشيته.

2 في كلتا النّسختين: كون. والمعنى يتطلّب وُجود اللاّم.

3 في ب: فتنزّلت.

4 قال الأنباريّ في أسرار العربيّة 15: "لأنّ التّقدير في قولك: (يا زيد) أدعو زيدًا، وأُنادي زيدًا؛ فحصلت الفائدة باعتبار الجملة المقدَّرة".

5 لم أجد هذا القول فيما وقفتُ عليه من كتبٍ لأبي عليّ الفارسيّ.

ويُنظر: شرح الجمل لابن بابشاذ جـ1/ق 117/أ.

6 ما بين المعقوفين ساقطٌ من ب.

7 نصّ عليها سيبويه 2/229. ويُنظر: المقتضب 4/233، والأصول 1/329.

ص: 597

وزاد الكوفيّون: (آ) و (آيْ)1.

وفي (يَا) خِلَافٌ بين النّحويّين:

فمنهم مَنْ يذهبُ إلى أنّها حرف - وهو الأكثر-2.

ومنهم مَن يذهبُ إلى أنّها اسمٌ للفعل3.

فحُجّة الأوّلين: أنّها لا تدلّ على معنىً إلاّ في غيرها.

وحُجّة الآخرين: أنّهم رأوا أنّ المنصوب والمجرور يقعان4بعدها، كقولك:(يا رجلاً) و (يا لزيدٍ) ، وأنّه قد سُمِعَ إمالةُ (يا) والحُروف لا تُمال5.

وكذلك اختلفوا في العامل من6 قولهم: يا عبد الله7.

1 يُنظر: شرح الكافية الشّافية 3/1289، وابن النّاظم 565.

2 وهو مذهب جمهور البصريّين.

يُنظر: الكتاب 2/229، والمقتضب 4/233، والأُصول 1/329، وشرح الكافية الشّافية 3/1288، والجنى الدّاني 354.

3 وهو أبو عليّ الفارسيّ كما قال ابنُ يعيشٍ 1/127: "وكان أبو عليٍّ يذهبُ في بعض كلامه إلى أنّ (يا) ليس بحرفٍ، وإنّما هو اسمٌ من أسماء الفعل".

وقال المُراديّ في الجنى الدّاني 355: "ونُقل عن الكوفيّين".

يُنظر: شرح المفصّل 8/121، وشرح الرّضيّ 1/132، والارتشاف 3/117، والهمع 3/34.

4 في أ: يقعا.

5 يُنظر: شرح المفصّل 8/121.

6 في ب: في.

7 يُنظر هذا الخلافُ في: الكتاب 1/291، 2/182، والمقتضب 4/202، وأسرار العربيّة 227، والتّبيين، المسألة الثّمانون، 442، وشرح المفصّل 1/127، 8/120، 121، وشرح التّسهيل 3/385، وشرح الرّضيّ 1/131، 132، والارتشاف 3/117، والهمع 3/33، والأشمونيّ 3/141.

ص: 598

فمنهم مَن يقول: (عبد الله) منصوبٌ بنفس (يا)1.

ومنهم مَن يقولُ: هو منصوبٌ بفعلٍ مقدّرٍ لا يظهر؛ كأنّه قال: (أدعو) أو (أُخاطِبُ) ؛ ولأجل هذا يجعلها بعضُهم اسما للفعل2.

ف (الهمزة) تُستعمل للقريب، نحو:(أَزَيْدٌ أَقْبِلْ) ؛ لخفّتها3.

1 نسبَهُ ابنُ يعيشٍ 1/127 إلى المبرّد؛ وقال الرّضيّ 1/131: "وأجاز المبرّد نصب المنادى على حرف النّداء لسدّه مسدّ الفعل".

والّذي في المقتضب 4/202 يخالِف ما قيل عنه، ويُوافِق القول الثّاني.

وقال السّيوطيّ في الهمع 3/33، 34: "وذهب بعضُهم إلى أنّ النّاصب له حرفُ النّداء؛ ثمّ اختلفوا:

فقيل: على سبيل النّيابة والعِوَض عن الفعل؛ فهو على هذا مشبّه بالمفعول به لا مفعولٌ به.

وقيل: على أنّ حروف النّداء أسماء أفعال بمعنى (أدعو) ؛ كـ (أف) بمعنى: (أتضجّر) ، وليس ثَمَّ فعلٌ مقدَّر.

وقيل: على أنّها أفعال".

2 وهذا مذهب سيبويه، والمبرّد، والجمهور.

يُنظر: الكتاب 1/291، 2/182، والمقتضب 4/202، والهمع 3/33.

وذكر السّيوطيّ أنّ بعضَهم ذهب إلى أنّ النّاصب للمُنادى معنويّ. الهمع 3/33.

3 بعد هذا الكلام؛ ذكر النّاسخ في (أ) بيتَ الملحة سهوًا منه؛ وهو:

وَانْصِبْ وَنَوِّنْ إِذْ تُنَادِ النَّكِرَهْ كَقَوْلِهِمْ: يَا نَهِمًا دَعِ الشَّرَهْومكانُه الحقيقيّ سيأتي - كما في (ب) -.

ص: 599

و (وا) للنّدبة1؛ وهي نداء المتفجَّعِ2 عليه والمتوجَّعِ3 منه، نحو:(وا زيداهُ) و (واظهراهُ) .

وذهب المبرّد4 إلى أنّ (هيا) و (أيا) للبعيد، و (أي) و (الهمزة) للقريب5، و (يا) لهما.

وذهب ابنُ بَرْهَان6 إلى أنّ (هَيَا) و (أَيَا) للبعيد، و (الهمزة) للقريب، و (أَيْ) للمتوسّط، و (يَا) للجميع.

وأجمعوا [98/ أ] على جواز نداء القريب بما7 [للبعيد] 8 توكيدًا9، وعلى منع10 العكس11.

1 أي: ندبة القريب.

2 في ب: للمتفجّع.

3 في ب: للمتوجّع.

4 يُنظر: المقتضب 4/233 ـ 235، وشرح الكافية الشّافية 3/1289، وابن النّاظم 565، والتّصريح 2/164، والأشمونيّ 3/134.

5 في أ: القريب.

6 يُنظر: شرح الكافية الشّافية 3/1289، وابن النّاظم 565، والتّصريح 2/164، والأشمونيّ 3/134.

7 في ب: بيا، وهو تحريف.

8 ما بين المعقوفين ساقطٌ من ب.

9 في ب: للتّوكيد. ويُنظر: الكتاب 2/230؛ حيث قال: "ويجوز لك أن تستعمل هذه الخمسة غير (وا) إذا كان صاحبك قريبًا منك، مقبلاً عليك، توكيدًا".

10 في أ: على معنى، وفي ب: أو على منع؛ والتّصويب من ابن النّاظم 565؛ لأنّ العبارة مستفادةٌ منه.

11 قال الصّبّان في حاشيته على الأشمونيّ 3/134: "أي: لعدم تَأَتِّي التّوكيد في صورة العكس، ومحلّ منعه إذا لم ينزّل البعيد منزلة القريب؛ وإلاّ جاز نداؤُه بما للقريب؛ إذْ لا مانع منه حينئذ".

ص: 600

وقيل: إنّ (هَيَا) و (أَيَا) و (أَيْ) و (آ) تُستعمَلُ للبعيد، وللمستثقِل في نومه لا غير؛ للزّيادة1 في لفظها، و (يَا) للبعيد؛ لأنّها أُمُّ حروف النّداء 2.

وَانْصِبْ وَنَوِّنْ إِذْ تُنَادِ3 النَّكِرَهْ

كقولِهِمْ: يَا نَهِما4 دَعِ الشَّرَهْ

وَإِنْ يَكُنْ5 مَعْرِفَةً مُشْتَهِرَهْ

فَلَا تُنَوِّنْهُ وَضُمَّ آخِرَهْ

تَقُولُ: يَا سَعْدُ أَيَا6 سَعِيدُ

وَمِثْلُهُ: يَا أَيُّهَا الْعَمِيدُ

المنادى: لا يخلو من أن يكون مفردًا نكِرةً لم يُقصد به معيّن؛

1 في أ: الزّيادة.

2 وهذا مذهب سيبويه؛ وهو: أنّ الهمزة للقريب، وما سواها للبعيد. قال في الكتاب 2/229، 230:"فأمّا الاسم غير المندوب فينبّه بخمسة أشياء: بـ (يا) و (أَيَا) و (هَيَا) و (أَيْ) وبالألِف، نحو قولك: (أحار بن عمرو) ؛ إلاّ أنّ الأربعة غير الألف قد يستعملونها إذا أرادوا أن يمدّوا أصواتهم للشّيء المتراخي عنهم، والإنسان المُعرِضِ عنهم الّذي يرون أنّه لا يُقْبِلُ عليهم إلا بالاجتهاد، أو النّائم المستثقِل".

3 في متن الملحة 35، وشرح الملحة 250: إِنْ تُنَادِ.

4 في متن الملحة 35: يَا نَبِيهًا.

5 في ب: تكن، وهو تصحيف.

6 في شرح الملحة 251: وَيَا سَعِيد.

ص: 601

فهذا1 منصوبٌ، ومنه قولُه:

يَا رَاكِبا إِمَّا عَرَضْتَ فَبَلِّغَنْ

نَدَامَايَ مِنْ نَجْرَانَ أَلَاّ تَلَاقِيَا2

وكلّ منادى فحقُّه النّصب؛ لأنّه مفعولٌ لفعلٍ3 مضمَرٍ، تقديرُه:(أدعو) أو (أُنادي) ؛ ولا4 يجوز إظهارُه؛ لكون حرف النّداء كالعِوَض منه5.

ولا يُفارِقُه النّصب إلاّ إذا كان مفرَدًا معرِفةً؛ فإنّه يبنى على ما كان يرفع به قبل النّداء، لفظا أو تقديرًا، كقولك:(يا محمّدُ) و (يا موسى) .

والوجه في بِنائه6: شبهه بالضّمير من نحو: (يَا أَنْتَ) في التّعريف، والإفراد، وتضمين معنى (أدعوك) ؛ فإذا قلت:(يا زيد)

1 في أ: فهو.

2 هذا بيتٌ من الطّويل، وهو لعبد يغوث بن وقّاص.

و (عرضت) : أتيت العروض وهو مكّة والمدينة وما حولهما؛ وقيل: بلغت العروض؛ وهي جبال نجد. و (نداماي) : جمع ندمان؛ وهو: النّديم المشارِب.

والشّاهدُ فيه: (يا راكبًا) حيث نصب المنادى؛ لأنّه نكرة غير مقصودة.

يُنظر هذا البيتُ في: الكتاب 2/200، والمقتضب 4/204، والجُمل 148، وشرح المفصّل 1/128، وشرح التّسهيل 3/391، وابن النّاظم 568، وشرح شذور الذّهب 109، وابن عقيل 2/237، والتّصريح 2/167، والخزانة 2/194.

3 في ب: بفعلٍ.

4 في أ: فلا.

5 ولا يُجمع بين العِوَض والمعوّض منه.

6 ذكر الشّارح وجهًا؛ وهُناك وجهٌ آخر؛ وهو: أنّه أشبه الأصوات؛ لأنّه صار غاية ينقطع عندها الصّوت، والأصوات مبنيّة، فكذلك ما أشبهها. أسرار العربيّة 224.

ويُنظر: شرح المفصّل 1/129، وابن النّاظم 567.

ص: 602

كأنّك [98/ب] قلتَ: (يا أنت)، قال الرّاجز:

يَا أَبْجَرَ بْنَ أَبْجَرٍ يَا أَنْتَا

أَنْتَ الَّذِي طَلَّقْتَ عَامَ جُعْتَا1

وخُصّ بالضّمّة؛ لأنّها حركة لا تلتبِسُ2 بحركة مضافٍ إليه.

فإنْ كان نكرة مقصودة فيُبنى على الضّمّ كالعلَم؛ فتقول من ذلك: (يا رجل) ؛ لتخصيصه بالقصد؛ قال كُثَيِّر:

لَيْتَ التَّحِيَّةَ كَانَتْ لِي فَأَشْكُرَهَا

مَكَانَ يَا جَمَلُ حُيِّيتَ يَا رَجُلُ3

1 هذان بيتان من الرّجز المشطور، وهما لسالم بن دارة - كما في النّوادر 163، والخزانة 2/139 -.

وقد حُرِّف البيتُ الأوّل على أوجُهٍ، وصوابُه:

يَا مُرَّ يَا ابْنَ وَاقِعٍ يَا أَنْتَا

ونُسب في العينيّ 4/232 إلى الأحوص، وردّ عليه البغداديّ في الخزانة قائلاً:"وهو وهم".

و (مُرّ) هو: مرّة بن واقع الفزاريّ.

والشّاهدُ فيه: (يا أبجر بن أبجر) و (يا أنتا) فإنّ النداء الثّاني وهو: (يا أنتا) يدلّ على النّداء الأوّل وهو: (يا أبجر بن أبجر) في معناه؛ فيكون الاسم العلم المنادى واقعًا موقع الضّمير وقد عُلم أنّ الضّمير مبنيّ، فيكونُ الواقع موقعه مبنيًّا أيضًا.

واستشهد به النُّحاة على أنّه نادى الضّمير الّذي يُستعمل في مواطن الرّفع؛ وهذا شاذّ.

يُنظر هذان البيتان في: نوادر أبي زيد 163، وسرّ صناعة الإعراب 1/359، والإنصاف 1/325، وشرح المفصّل 1/127، 130، والمقرّب 1/176، وشرح عمدة الحافظ 1/301، وأوضح المسالك 3/72، والمقاصد النّحويّة 4/232، والتّصريح 2/164، والخزانة 2/139.

2 في كلتا النّسختين: لا تلبس، والصّواب ما هو مثبت.

3 تقدّم تخريجُ هذا البيت في ص 127.

والشّاهد فيه هُنا: (يا جملُ) على أنّ المنادى إذا كان نكِرة مقصودة يُبنى على الضّمّ.

ص: 603

وإذا اضطَّر الشّاعر إلى تنوينه جاز له فيه [وجهان:

أحدهما: الضّمّ] 1؛ تشبيها2 بمرفوع اضطّر إلى تنوينه، وهو مستحقّ لمنع الصّرف؛ ومنه ما أنشده سيبويه:

سَلَامُ اللهِ يَا مَطَرٌ عَلَيْهَا

وَلَيْسَ عَلَيْكَ يَا مَطَرُ السَّلَامُ3

والثّاني: النّصب؛ تشبيها بالمُضاف [لطوله بالتّنوين، وبقاء] 4 الضّمّ في العلَم أولى من النّصب، والنّصب في غير العلَم أولى من الضّمّ؛

1 ما بين المعقوفين زيادةٌ يقتضيها السّياق، من ابن النّاظم 569، 570؛ لأنّ هذا الكلام مستفادٌ منه.

2 في كلتا النّسختين: تشبيه، وهو سهوٌ من النّسّاخ.

3 هذا بيتٌ من الوافر، وهو للأحوص، وكان يهوى امرأة ويشبّب بها، ولا يُفصح عنها؛ فتزوّجها رجلٌ اسمه مطر، فتوعّده الأحوص بقصيدة منها هذا البيت.

والشّاهدُ فيه: (يا مطر) حيث نوّن المنادى المفرَد العلَم للضّرورة، وأبقى الضّمّ اكتفاءً بما تدعو الضّرورة إليه.

يُنظر هذا البيتُ في: الكتاب 2/202، والمقتضب 4/214، ومجالس ثعلب 1/74، والجمل 154، والمحتسب 2/93، والأزهيّة 164، وأمالي ابن الشّجريّ 2/96، وشرح الكافية الشّافية 3/1304، وابن النّاظم 570، والخِزانة 2/150، والدّيوان 237.

4 في كلتا النّسختين: ببقاء التّنوين والضّمّ، والتّصويب من ابن النّاظم 570؛ لأنّ هذا الكلام مستفادٌ منه.

ص: 604

ومن شواهِد النّصب قولُ الشّاعر:

ضَرَبَتْ صَدْرَهَا إِلَّي وَقَالَتْ

يَا عَدِيا لَقَدْ وَقَتْكَ الأَوَاقِي1

[99/أ] فإنْ وصفت العلم بصفة مضافة2 نصبت الصّفة، فتقول:(يا زيد ذا المال) .

فإنْ كانت الصّفة مفرَدة3، أو عطفت عليه4 باسم معرّف بالألف واللاّم جاز في الصّفة والمعطوف الرّفع على اتباع اللّفظ،

1 هذا بيتٌ من الخفيف، وهو للمهلهل بن ربيعة.

(وَقَتْكَ) : مأخوذٌ من الوِقاية؛ وهي: الحفظ. و (الأواقي) : جمع واقية بمعنى: حافظة وراعية؛ وكان أصله (الوواقي) فقُلبت الواو الأولى همزة.

والشّاهد فيه: (يا عديًّا) حيث اضطّر الشّاعر إلى تنوين المنادى فنوّنه، ولم يكتف بذلك بل نصبه مع كونه مفرَدًا علَمًا؛ تشبيهًا بالمنادى المعرب المنوّن.

يُنظر هذا البيتُ في: المقتضب 4/214، والجُمل 155، وسرّ صناعة الإعراب 2/800، وأمالي ابن الشّجريّ 2/188، وشرح المفصّل 10/10، وشرح الكافية الشّافية 3/1304، ورصف المباني 254، وشرح شذور الذّهب 110، والمقاصد النّحويّة 4/211، والتّصريح 2/370.

2 التّابع المضاف الّذي يجب نصبه هو ما كانت إضافته معنويّة، أمّا ما كانت إضافته لفظيّة كاسم الفاعل المضاف إلى مفعوله، نحو:(يا رجل ضارب زيد) فقد اختُلف فيه:

فقال الرّضيّ: يجوز فيه الوجهان؛ الضّمّ، والنّصب.

وقال السّيوطيّ: يجب نصبُه.

يُنظر: شرح الرّضيّ 1/140، والصّبّان 3/147.

3 في كلتا النّسختين: مفردًا.

4 في ب: عليها.

ص: 605

والنّصب لاتباع الموضع1؛ فتقول لاتباع اللّفظ: (يا زَيْدُ الظَّريفُ)، ولاتباع المحلّ:(يا زَيْدُ الظَّريفَ) و (يا رجال أطيعوا الله) و (النّساءُ) و (النّساءَ) - بهما -.فإن وصفته بابن، متّصل، مضاف إلى علَم؛ جاز فيه الضّمّ على الأصل، والفتح على الاتباع، والتّخفيف فيما كَثُرَ دورُه في الاستعمال، كقولك:(يا زيدَ بن سعيد)، [ويجوز:(يا زيدُ بن سعيد) ] 2؛ وهو عند المبرّد3 أولى من الفتح؛ وعليه أنشد قول الرّاجز:

يَا حَكَمَ4 بْنَ المُنْذِرِ بْنَ الجَارُودْ

سُرَادِقُ الْمَجْدِ عَلَيْكَ مَمْدُودْ5

1 إنْ قُرن المعطوف بـ (أل) امتنع تقدير حرف النّداء قبله، فأشبَه النّعت، وجاز فيه الرّفع والنّصب، كما يجوز في النّعت المفرَد؛ واختُلف في المختار منهما:

فقال الخليل، وسيبويه، والمازنيّ: الرّفع.

وقال أبوعمرو، وعيسى، ويونس، والجرميّ: النّصب.

وقال المبرّد: إنْ كانت (أل) معرفة فالنّصب، وإنْ كانت غير معرفة فالرّفع.

وهذا التّفصيل الّذي قاله المبرّد نقله عنه ابن يعيش في شرح المفصّل 2/3، وابن السّرّاج في الأصول 1/336 - ولم أجده في كتبه -.

وتُنظر هذه المسألة في: الكتاب 2/186، 178، والمقتضب 4/212، وشرح الكافية الشّافية 3/1314، وابن النّاظم 575، وشرح الرّضيّ 1/138، 139، وأوضح المسالك 3/87، والتّصريح 2/176، والأشمونيّ 3/149.

2 ما بين المعقوفين ساقط من أ.

3 يُنظر: المقتضب 4/231، 232.

4 في ب: يا حكيم، وهو تحريف.

5 في أ: معقود.

وهذان البيتان من الرّجز، ويُنسبان إلى رؤبة بن العجّاج، وقيل: للكذّاب الحرمازيّ.

و (الحكم) : هو أحدُ بني المنذر بن الجارود العبديّ، من عبد القيس بن أفضى بن دعمي. و (السّرادق) أصلُه: الخِباء الّذي يمدّ فوق صحن الدّار.

والشّاهد فيه: (يا حَكمَ بن المنذر) فإنّ (حكم) منادى، علَم، موصوف بابن، مضاف إلى علَم؛ فيجوز فيه الضّمّ على الأصل، والفتح على الاتباع، والتّخفيف.

والمبرّد أنشد هذا على أنّ الضّمّ أولى من الفتح الّذي هو رواية البيت؛ وأنّه لو قال: يا حكمُ ابن المنذر - بالضّمّ - كان أجود؛ وهذا مخالفٌ لقول جمهور البصريّين، فعندهم أنّ الفتح أرجح؛ لأنّه أخفّ.

يُنظر البيتُ الأوّل في: الكتاب 2/203، والمقتضب 4/232، والصّحاح (سردق) 4/1496، وشرح المفصّل 2/5، وشرح الكافية الشّافية 3/1297، وابن النّاظم 569، والمقاصد النّحويّة 4/210، وملحقات ديوان رؤبة 172. وبعده:

أَنْتَ الْجَوَادُ بنُ الجَوَادُ المَحْمُودْ

والثّاني في: الصّحاح (سردق) 4/1496، وشرح الكافية الشّافية 3/1297، وابن النّاظم 569، والمقاصد النّحويّة 4/210، والتّصريح 2/169، وملحقات ديوان رؤبة 172.

وبعده:

إِنِّي وَبَعْضُ المُفْتِنِينَ دَاوودْ

ص: 606

قال: "ولو قال: يا حَكَمُ1؛ كَانَ أَجْوَد"2.

فإنْ كان الابن مفصولاً عن موصوفه كما في نحو (يا زيد الظّريف

1 في ب: يا حكيم، وهو تحريف.

2 المقتضب 4/232.

ص: 607

ابن عمرو) فليس في الموصوف إلاّ الضَّمّ1.

وهكذا إذا كان الموصوف بابن غير علَم، نحو:(يا غُلامُ ابن زيدٍ) ، [أو لم يكن المضاف] 2 إليه علَما، نحو:(يا زيد ابن أخينا) .

وأمّا المنادى المعرّف بالألِف واللاّم فلا يجوز الجمع [99/ب]

بينه وبين حرف النِّداء إلاّ في موضعين:

أحدهما: الاسم الأعظم (الله) ؛ وذلك على وجهين:

على قطع الهمزة، نحو:(يا أَللهُ) ؛ وعلى وصلها، نحو:(يا اللهُ) .

والثّاني: [المنادى] 3 إذا كان جملة محكيّة، نحو:(يا المُنْطلَق4 زَيْدٌ) في رجل سمّي بهذه الجملة.

ولا يُجمع بينهما في غير ذلك إلاّ في ضرورة، كقول الرّاجز:

فَيَا الغُلَامَانِ اللَّذَانِ فَرَّا

إِيَّاكُمَا أَنْ تُكْسِبَانَا شَرَّا5

1 "لأنّ مثل ذلك لم يكثُر في الكلام؛ فلم يستثقل مجيئُه على الأصل". ابن النّاظم 569.

2 ما بين المعقوفين ساقط من أ.

3 ما بين المعقوفين زيادة يقتضيها السّياق، من ابن النّاظم 571؛ لأنّ هذا الكلام مستفادٌ منه.

4 في أ: المطلق.

5 هذان بيتانِ من الرّجز المشطور، ولم أقف على قائلهما.

والشّاهد فيهما: (فيا الغلامان) حيث جمع بين حرف النّداء و (أل) في غير اسم الله تعالى، وما سُمّي به من الجمل المحكيّة؛ وذلك لا يجوز إلا في ضرورة الشّعر.

يُنظر هذان البيتان في: المقتضب 4/243، وأسرار العربيّة 230، وشرح المفصّل 2/9، وشرح الكافية الشّافية 3/1308، وابن النّاظم 571، وابن عقيل 2/241، والمقاصد النّحويّة 4/215، والتّصريح 2/173، والهمع 3/47، والخزانة 2/294.

ص: 608

ولم يجز [مثل] 1 هذا في السّعة؛ كراهة الجمع2 بين أداتيْ تعريف على شيء واحد3.

وإذا قصدتّ غير ذلك ممّا فيه الألف واللاّم أتيت ب (أَيّ) أو ب (أيّة) ملحقة ب (هاء) الّتي للتّنبيه، وتأتي بعدها بالمنادى، فتقول:(يا أيّها الرّجلُ) ، أو4 {يَأَيَّتُهَا النَّفْسُ} 5؛ ف (أَيُّ) و (الرَّجلُ) كاسمٍ واحد، و (أَيٌّ) مُنَادى، و (الرَّجُل) تابع، مخصّص [له، ملازِمٌ] 6؛ لأنَّ (أَيا) مُبهَمٌ7 لا يُستعمل بدون المخصّص8، فإنْ كان مشتقا فهو نعت، نحو (يا أيُّها الفاضل) .

1 ما بين المعقوفين ساقطٌ من ب.

2 في أ: للجمع.

3 والبغداديّون يقيسون على هذا فَيُجِزُون (يا الرَّجل)، ويقولون: لم نر مَوضِعًا يدخله التّنوين يمتنع من الألف واللاّم.

يُنظر: شرح الكافية الشّافية 3/1308، وابن النّاظم 572، وأوضح المسالك 3/86، والتّصريح 173، والهمع 3/47.

4 في أ: و.

5 من الآية: 27 من سورة الفجر.

6 ما بين المعقوفين زيادة يقتضيها السّياق من ابن النّاظم 576؛ لأنّ هذا الكلام مستفادٌ منه.

7 في ب: المبهم.

8 في أ: المختصّ.

ص: 609

وإنْ1 كان جامدًا فهو عطف بيانٍ، نحو:(يَا أيُّهَا الغُلَامُ) ولزمته (هَاءُ) التّنبيه تعويضا عمّا فاته من الإضافة2.

ولا توصَف3 (أيّ) في النِّداء إلاّ بما فيه الألف واللاّم، [نحو:(يا أيُّها الرّجُل) ، أو بالموصول] 4، كقوله تعالى:{وَقَالُوا يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ} 5. [100/ أ]

وباسم الإشارة، نحو:(يَأَيُّهَذَا أقْبِل)، قال الشّاعر:

أَلَا أَيُّهذَا البَاخِعُ الْوَجْدُ نَفْسَهُ

لِشَيْءٍ6 نَحَتْهُ عَنْ يَدَيْهِ المَقَادِرُ7

1 في ب: فإنْ.

2 في ب: المضاف.

3 في أ: ولا يوصف، وهو تصحيف.

4 ما بين المعقوفين زيادةٌ يقتضيها السّياق؛ من ابن النّاظم 576؛ لأنّ هذا الكلام مستفادٌ منه.

5 من الآية: 6 من سورة الحِجر.

6 في كلتا النسختين: بشيء والصواب ما هو مثبت كما ورد في المصادر التي ذكرت البيت.

7 هذا بيتٌ من الطّويل، وهو لذي الرُّمّة.

و (الباخع) : القاتل. و (الوَجد) : شدّة الشّوق. و (نحته) : صرفته. و (المقادر) : المقادير.

والشّاهدُ فيه: (أيّهذا الباخع) حيث وصف المبهَم الّذي هو (أيّ) باسم الإشارة، ووصف اسم الإشارة بما فيه (أل) وهو (الباخع) .

يُنظر هذا البيتُ في: المقتضب 4/259، وشرح المفصّل 2/7، وشرح الكافية الشّافية 3/1319، وابن النّاظم 576، واللّسان (بخع) 8/5، (نحا) 15/312، والمقاصد النّحويّة 4/217، والأشمونيّ 3/152، والدّيوان 2/1037.

ص: 610

وَتَنْصِبُ المُضَافَ فِي النِّدَاءِ

كَقَوْلِهِمْ1: يَا صَاحِبَ الرِّدَاءِ

وَجَائِزٌ عِنْدَ ذَوِي الأَفْهَامِ

قَوْلُكَ: يَا غُلَامُ يَا غُلَامِي2

وَجَوَّزُوا فَتْحَةَ هَذِي3 اليَاءِ

وَالْوَقْفَ بَعْدَ فَتْحِهَا بِالْهَاءِ

وَالْهَاءُ فِي الْوَقْفِ عَلَى غُلَامِيَهْ

كَالْهَاءِ فِي الْوَقْفِ عَلَى سُلْطَانِيَهْ

وَقَالَ قَوْمٌ فِيهِ يَا غُلَاما

كَمَا تَلَوا يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا

المُضاف المُنادى منصوبٌ على أصله، ومنه قولُ الشّاعر:

أَلَا يَا عِبَادَ اللهِ قَلْبِي مُتَيَّمٌ4

بِأَحْسَنِ مَنْ صَلَّى وَأَقْبَحِهِمْ بَعْلَا5

1 في أ: كقولك.

2 وَرَدَ عجُز هذا البيت في متن الملحة 35 كالتّالي:

..................................

فِي يَا غُلَامُ قَوْلُ يَا غُلَامِي

3 في أ: هذا.

4 في أ: معذّب.

5 في كلتا النّسختين: فعلَا، وهو تحريف، والصّواب ما هو مثبَت، كما ورد في المصادر الّتي ذكرت البيت.

وهذا البيتُ من الطّويل، وهو للأخطل، يصف جاريةً وبعلها؛ وبعده:

يَدِبُّ عَلَى أَحْشَائِهَا كُلَّ لَيْلَةٍ

دَبِيبَ القَرَنْبَى بَاتَ يَعْلُو نَقًا سَهْلَا

والشّاهدُ فيه: (يا عباد الله) حيث ورد المنادى منصوبًا لفظًا؛ لكونه مضافًا كما هو ظاهر.

يُنظر هذا البيتُ في: الحيوان 3/525، وحياة الحيوان 2/249، والكامل 2/995، والجُمل 149، ومجمع الأمثال 1/273، وشرح قطر النّدى 220، والهمع 4/367، والدّرر 5/115، وذيل الدّيوان 559.

ص: 611

والمشبّه بالمُضاف يجرى مجرى المضاف؛ وهو كلّ عامل ومعمول، وكلام [100/ب]

فيه طول، نحو:(يا رفيقا بالعباد) و (يا طالِعا جبلاً) و (يا خيرًا من يد) و (يا ذاهبا عجلاً) .

فإنْ كان مضافا إلى ياء المتكلّم جاز فيه أربعة أَوْجهٍ:

أكثرها استعمالاً حذف الياء، وإبقاء الكسرة تدلّ عليها، كما قُرِئَ1:{يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ} 2.

1 قرأ رويس بخلف عنه بإثبات ياء {يَا عِبَادِ} وصلاً ووقفًا؛ والباقون بحذفها، وهو القياس؛ فإنّه قاعدة الاسم المنادى؛ وهو الوجه الثّاني لرويس.

وقد استشهد بها سيبويه على حذف ياء النّفس المضاف إليها في النّداء اجتزاءً بالكسرة، بَيْدَ أنّ سيبويه قال بعد ذلك:"وكان أبو عمرو يقول: يا عبادي فاتّقون"؛ وغير معروف عند القرّاء إثبات الياء في هذه الآية عن أبي عمرو.

يُنظر: الكتاب 2/210، والنّشر 3/283، والإتحاف 2/428، والبُدور الزّاهرة 275، والمهذّب 2/188.

2 من الآية: 16 من سورة الزّمر.

ص: 612

ثم ثُبوتها ساكنة، كما قُرئ1:{يَا عِبَادِيْ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ} 2.

وإنْ ثبتت الياء مفتوحة، كما قُرئ3:{يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ} 4.

ثمّ قلب الياء ألِفا بعد قلب الكسرة [قبلها] 5 فتحة، كما6 قرئ7:{يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللهِ} 8، و {يَا أَسَفَا عَلَى يُوسُفَ} 9.

1 قُرئ: {يَا عِبَادِي} بالياء وهو الأصل، و {يَا عِبَادِ} بحذفها وهو الأكثر، وكلاهُما في السّبعة.

وإثباتُ الياء قراءة نافع، وابن عامرٍ، وأبي عمرو، وأبي بكر عن عاصم، وكلُّهم أسكنها غير عاصم في رواية أبي بكر فإنّه فتحها؛ وقرأ عاصم في رواية حفص، وابن كثير، وحمزة، والكسائيّ:{يَا عِبَادِ} بغير ياء في الوصل والوقف؛ وقد كُتبت في المصحف بدون ياء.

يُنظر: السّبعة 588، والمبسوط 400، وحجّة القراءات 653، 654، والكشف 2/263، والتّيسير 160، والبحر المحيط 9/387.

2 من الآية: 68 من سورة الزّخرُف.

3 قرأ بذلك نافع، وابن كثير، وابن عامر، وعاصم، وأبو جعفر.

وقرأها الباقون بإسكان الياء.

يُنظر: السّبعة 503، والمبسوط 347، وحجّة القراءات 553، والكشف 2/181، والتّيسير 141، والمهذّب 2/125.

4 من الآية: 56 من سورة العنكبوت.

5 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ.

6 في ب: كيا حسرتا.

7 أجمع القُرّاء السّبعة على هذه القراءة، وقرأها أبو جعفر {يَا حَسْرَتَايَ} بألِفٍ بعد التّاء، وياء بعدها مفتوحة، من رواية ابن جمّاز.

يُنظر: المبسوط 385، والنّشر 3/281، والإتحاف 2/430، والبُدور277، والمهذّب 2/192.

8 من الآية: 56 من سورة الزّمر.

9 من الآية: 84 من سورة يوسف.

وأجمع القُرّاء السّبعة على هذه القراءة؛ وقرأها الحسن: {يَا أَسَفِيْ} - بكسر الفاء، وياء ساكنة -. يُنظر: البحر المحيط 6/314، والإتحاف 2/152.

ص: 613

مّ حذف الألف، وإبقاء الفتحة دليلاً عليها1، نحو:(يا صَاحِبَ) .

وذُكِر وَجْهٌ خامسٌ من التّخفيف كما مضى؛ وهو الاكتفاءُ2مِنَ الإضافَةِ بنيّتها، وجعلُ الاسم مَضْمُوما كالمنادى المفرَد؛ ومنه قِرَاءَةُ بعضهم3:{رَبُّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ} 4.

إنْ كان آخره حرف علّة فليس في الياء إلاّ وجهٌ واحد؛ وهو: إثباتُها مفتوحة لا غير، نحو:(يا مولايَ) ؛ وفيه لغة قليلة5 يبدلون الألِف ياءً، فيقولون:(يا مَوْليَّ)، ومنه قول6 أبي ذُؤَيب:

سَبَقُوا هَوَىَّ وَأَعْنَقُوا لِهَوَاهُمُ

فَتُخُرِّمُوا وَلِكُلِّ جَنْبٍ مَصْرَعُ7

[101/أ]

1 في أ: على.

2 في أ: للاكتفاء.

3 قرأ بها التمّار عن رويس - كما في شواذّ القراءة واختلاف المصاحف ق 118/أ -.

وقرأ الباقون بالكسر.

4 من الآية: 33 من سورة يوسف.

5 وهي لغة هُذيل، يقلِبون الألِف المقصورة ياءً، ثم يدغمونها في ياء المتكلِّم.

يُنظر: شرح المفصّل 3/33، وشرح الكافية الشّافية 2/1004، وابن النّاظم 414، وأوضح المسالك 2/239.

6 في أ: ومنه لأبي ذُؤَيب.

7 هذا بيتٌ من الكامل، من قصيدة له يرثي فيها أبناءه، وقد كانوا ماتوا في سنةٍ واحدة، وقد كانوا خمسة هلكوا جميعًا في طاعون.

و (هوىَّ) : هواي، أي: ما تهواه النّفس. و (أعنقوا) : أسرعوا. (فتخرّموا) أي: استأصلتهم المنيّة واحدًا واحدًا.

والشّاهدُ فيه: (هوىّ) حيث قلب ألف المقصور ياء، ثم أدغمها في ياء المتكلّم على لغة هذيل.

يُنظر هذا البيتُ في: المفضّليّات 421، وديوان الهذليّين 1/2، وشرح أشعار الهذليّين 1/7، وسرّ صناعة الإعراب 2/700، وأمالي ابن الشّجريّ 1/429، وشرح المفصّل 3/33، والمقرّب 1/217، وشرح الكافية الشّافية 2/1004، وابن النّاظم 415، وأوضح المسالك 2/239.

ص: 614

ولك1 أنْ تزيد عليها هاء [ساكنة] 2؛ لحفظ بيان الفتحة، فتقول:(يا صاحبيه) وهي الهاء3 الدّاخلة في قوله تعالى: {مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ} 4.

فإن نُودِيَ المضافُ إلى المُضاف إلى ياء المتكلّم لم تحذف الياء5- كما تحذف إذا نودي المضاف إليها6 - إلاّ في: (يا ابْنَ أُمّ) و (يا ابْنَ عَمّ) ؛

1 في ب: وذلك، وهو تحريف.

2 ما بين المعقوفين ساقطٌ من ب.

3 وتسمّى هذه الهاء: هاء البيان. شرح ملحة الإعراب 256.

4 سورة الحاقّة، الآية: 28، 29.

5 "لعدم وُقوعها موقع تنوين مُنَادى؛ فيُقال: يا ابن أخي، ويا ابنَ خالي".

شرح الكافية الشّافية 3/1325.

6 "لأنّها إذا نُودِيَ المُضَاف إليها أشبهت التّنوين؛ لوُقوعها موقعه، فحُدفت كما يُحذَف".

شرح الكافية الشّافية 3/1324 - 1325.

ص: 615

وذلك قولك: (يا ابن أخي) ثبتت الياء؛ لبُعدها عن موضع التّغيير1؛ ولحلولهما في موضع يثبت فيه التّنوين2، ومنه3:(يا صاحب صاحبي) ؛ لأنّه بمنزلة: (يا صاحب زيد) .

ويجوز فيما حذف منه الياء لكثرة استعماله4 أن تُقلَب الياء ألِفا تخفيفا5؛ فتقول: (يا بن أمّا) و (يا بنت عَمَّا) ؛ قال الرّاجز:

يَا بِنْتَ عَمَّا لَا تَلُومِي وَاهْجَعِي6

1 في أ: التّعيين، وهو تحريف؛ والمقصود بموضع التّغيير هو طرف الاسم الّذي دخل عليه حرف النّداء.

2 في أ: التّعيين، وفي ب: التّغيير؛ والصّواب ما هو مثبَت.

3 في أ: فمنه.

4 قال ابن مالكٍ في شرح الكافية الشّافية 3/1325: "وكان أصلُ (ابن الأُمّ) و (ابن العمّ) أن يُقال فيهما: (يا ابن أُمِّي) و (يا ابن عَمِّي) إلاّ أنّهما كَثُرَ استعمالهما في النّداء فَخُصَّا بحذف الياء، وَبَقَاءِ الكسرة دليلا عليها في قول مَن قال: (يا ابن أُمِّ) و (يا ابن عَمِّ) ".

ويُنظر: ابن النّاظم 580، والتّصريح 2/179، والأشمونيّ 3/157.

5 والعرب لا يكادون يُثبتون الألِف إلاّ في الضّرورة؛ كالشّاهد الّذي أورده الشّارح.

يُنظر: شرح المفصّل 2/13، وشرح الكافية الشّافية 3/1325، وابن النّاظم 581، والتّصريح 2/179، والأشمونيّ 3/157.

6 هذا بيتٌ من الرّجز، وهو لأبي النّجم العجليّ.

و (الهجوع) : النومُ ليلاً؛ كأنّها كانت تلومُه باللّيل.

والشّاهد فيه: (عَمَّا) حيث أبدل الألِف من الياء وأثبتها؛ والأصل: يا بنت عمّي.

يُنظر هذا البيت في: الكتاب 2/214، ونوادر أبي زيد 19، والمقتضب 4/252، والأصول 1/342، والجمل 160، والتّبصرة 1/352، وشرح المفصّل 2/13، وشرح الكافية الشّافية 3/1326، وابن النّاظم 581، والدّيوان 134.

ص: 616

ويجوز حذف الألِف المنقلِبة عن الياء، وبقاء1الفتحة2؛ فتقول:(يا ابن أُمَّ)، وقد قرئ بالأمرين3 جميعا:{يَا ابْنَ أُمَّ} و {يَا ابْنَ أُمِّ} 4.

والأصلُ في هذا كلّه: إثبات الياء، كَقَولِه:

يَا بْنَ أُمِّي5 وَلَوْ شَهِدْتُكَ إِذْ

تَدْعُو تَمِيما وَأَنْتَ غَيْرُ مُجَابِ6

[101/ب]

1 في ب: تبقية.

2 للدلالة على الألف المحذوفة المنقلبة عن الياء.

3 الأمران هما: حذف الياء، وبقاء الكسرة دليلاً عليها؛ وحذف الألف المنقلبة عن الياء، وبقاء الفتحة دليلاً عليها.

4 من الآية: 94 من سورة طه.

قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وحفص عن عاصم، وأبو جعفر، ويعقوب:{يَا ابْنَ أُمَّ} بالفتح.

وقرأ ابن عامرٍ، وحمزة، والكسائيّ، وخلف، وعاصم - في رواية أبي بكر - بالكسر.

وقال أبو حيّان في البحر 5/183: "وأجودُ اللُّغات: الاجتزاءُ بالكسرة عن ياء الإضافة، ثمّ قلبُ الياء ألفًا والكسرة قبلها فتحة، ثم حذف التّاء وفتح الميم، ثم إثبات التّاء مفتوحة أو ساكنة".

يُنظر: السّبعة 423، والمبسوط 215، وحجّة القراءات 297، والكشف 1/478، والتّيسير 93، والبيان في غريب إعراب القرآن 1/375، 2/153، والتّبيان في إعراب القرآن 1/595، 2/902.

5 في ب: يا ابن أبي، وهو تحريف.

6 في كلتا النّسختين: غير محارب، وهو تحريف؛ والتّصويب من المصادر الّتي ذكرت البيت.

وهذا البيتُ من الخفيف، وهو لغلفاء بن الحارث بن آكِل المُرار الكِنديّ، من قصيدة يرثي بها أخاه شراحبيل بن الحارث - قتيل يوم الكلاب الأوّل -.

والشّاهد فيه: (يا ابن أُمّي) حيث أثبت ياء المتكلِّم في (أُمّي) ؛ والأصل هو: إثبات الياء في المضاف إلى ياء المتكلِّم إذا نودِيَ المضاف، إلاّ في (يا ابن أمّ) و (يا ابن عمّ) ؛ وذلك لكثرة الاستعمال فيهما خُصَّا بالتّخفيف بحذف الياء وبقاء الفتحة؛ وقد أثبتها الشّاعر ههنا لأجل الضّرورة.

يُنظر هذا البيتُ في: النّقائض 1/457، 2/1077، والوحشيّات 134، والمقتضب 4/250، وتفسير الطّبريّ 13/130، ومعاني القرآن للأخفش 2/533، والجمل 162، والأغاني 12/213، والحجّة لابن خالويه 165، وأمالي ابن الشّجريّ 2/294، 480، ورصف المباني 160.

ص: 617

وأمّا دخولُ تاء التّأنيث على (أب) 1 في قولهم: (يا أَبَتِ) فهو كقولهم: (رجل رَبَعَةٌ) 2 و (فَرُوقَةٌ) 3؛ فوصفوا المذكّر بالمؤنّث للمبالغة4؛ وكذلك قالوا: (امرأةٌ حائض) وصفا بالمذكَّر، وقيل: بالتّاء، ومنه قولُ الرّاجز:

يَا أَبَتَا عَلَّكَ أَوْ عَسَاكَا5

1 في ب: الأب.

2 رجلٌ رَبَعَةٌ أي: مَرْبُوعُ الخلْق، لا بالطّويل، ولا بالقصير؛ وُصف المذكّر بهذا الاسم المؤنّث، كما وُصف المذكّر بخمسة ونحوها حين قالوا:(رجال خمسة) ؛ والمؤنّث: رَبْعة، ورَبَعة كالمذكّر، وأصله له، وجمعهما جميعًا: رَبَعات. اللّسان (ربع) 8/107.

3 رجلٌ فَرُوقَةٌ: فَزِعٌ، شديدُ الفَرَق؛ والهاء في ذلك ليست لتأنيث الموصوف بما هي فيه، إنّما إشعارٌ بما أُريد من تأنيث الغاية والمبالَغة. اللّسان (فرق) 10/304) .

4 التّاء في (يا أبت) تاءُ تأنيث عُوِّضت من ياء المتكلِّم؛ والّذي يدلّ على أنّها للتّأنيث أنّك تقولُ في الوقف: (يا أبه) و (يا أُمّه) فتبدلها هاءً في الوقف، كـ (قاعد) و (قاعده) . يُنظر: شرح المفصّل 2/11، وشرح الكافية الشّافية 3/1327.

5 هذا بيتٌ من الرّجز، وهو لرؤبة بن العجّاج.

والشّاهد فيه: (يا أبتا) حيث أراد الياء، إلاّ أنّه استثقلها فأبدل من الكسرة فتحة ثم قلبها ألِفًا؛ لأنّها متحرّكة مفتوحٌ مّا قبلها.

يُنظر هذا البيتُ في: الكتاب 2/375، والمقتضب 3/71، وسرّ صناعة الإعراب 1/406، وشرح المفصّل 2/12، واللّسان (روي) 14/349، والمقاصد النّحويّة 4/252، والأشمونيّ 3/158، والخزانة 5/362، وملحقات ديوان رؤبة 181.

ص: 618

وإذا نودي منادَى ليخلّص1 من شدّة، أو يُعين على مشقّة؛ فنداؤه استغاثة، وهو مُستغاث.

وتدخل لام الجرّ لقوّة التّعديَة، وتفتح مع المستغاث ما لم يكن معطوفا؛ فرقا بين المستغاث والمستغاث له2؛ فالأوّل: لامُه مفتوحة، والثّاني: لامُه مكسورة أبدًا، كقولك:(يا لَزَيْدٍ لِعَمْرٍو)، ومنهُ قوله في المستغاث:

يَا لَبَكْرٍ اُنْشرُوا لِي كُلَيْبا

يَا لَبَكْرٍ أَيْنَ أَيْنَ الْفِرَارُ! 3

1 في كلتا النّسختين: لتخلّص، وهو تصحيف.

2 في كلتا النّسختين: إليه، وهو تحريف.

3 هذا بيتٌ من المديد، وهو للمهلهل بن ربيعة.

والمعنى - كما قال الأعلم في تحصيل عين الذّهب 319 -: "يا لبكر أدعوكم لأنفسكم مطالِبًا لكم بإنشار كُليب وإحيائه؛ وهذا منه استطالَةٌ ووعيدٌ؛ وكانوا قد قتلوا كُليبًا أخاه في أمر البَسوس".

والشّاهد فيه: إدخال لام الاستغاثة مفتوحةً على (بكر) ؛ للفرق بينها وبين لام المستغاث من أجله، وكانت أولى بالفتح؛ لوُقوع المنادى موقع الضّمير، ولام الجّر تُفتح مع الضّمائر.

يُنظر هذا البيت في: الكتاب 2/215، واللاّمات 81، والخصائص 3/229، والتّبصرة 1/359، وتحصيل عين الذّهب 318، وشرح الرّضيّ 1/134، واللّسان (لوم) 12/561، 563، والخزانة 2/162.

ص: 619

وقال الآخر في الجمع1:

فَيَا لَلنَّاسِ لِلْوَاشِي2 المُطَاعِ! 3

تَكَنَّفَنِي الوُشَاةُ فَأَزْعَجُونِي

[102/أ] وكقوله فيهما بالعطف:

يَبْكِيكَ نَاءٍ بَعِيدُ الدَّارِ مُغْتَرِبٌ

يَا لَلْكُهُولِ وَلِلشُّبَّانِ4مِنْ عَجَبِ5

1 أي: الجمع بين لام المستغاث، والمستغاث له.

2 في ب: المواشي، وهو تحريف.

3 هذا بيتٌ من الوافر، وهو لقيس بن ذريح، ونُسب - أيضًا - إلى حسّان بن ثابت رضي الله عنه.

و (تكنّفني) : أحاطوا بي. و (الوُشاة) : النّمّامون، وأصله من الوَشْي؛ لأنّهم يُزيِّنون الكذب، ويُحِسِّنون الباطل.

والشّاهد فيه: (فيا للنَّاس للواشي) حيث جاءت اللاّم مفتوحة مع المستغاث، ومكسورة مع المستغاث له.

يُنظر هذا البيت في: الكتاب 2/216، واللاّمات 82، والجمل 166، والأصول 1/352، والنّكت 1/561، وشرح المفصّل 1/131، والمقرّب 1/183، وشرح الكافية الشّافية 3/1336، وابن النّاظم 588، والدّيوان 62.

4 في ب: وللشّباب، وهو تصحيف.

5 هذا بيتٌ من البسيط، ونسبه القيسيّ في إيضاح شواهد الإيضاح 1/268 إلى أبي الأسود الدّؤلي، وإلى أبي زُبَيْد الطّائيّ؛ وبالرُّجوع إلى ديوانيهما لم أجده فيهما، ولم أقف على قائله.

والشّاهد فيه: (وللشّبّان) حيث كسرت فيه اللاّم، والقياس فتحها؛ حملاً على المعطوف عليه، ولكن لَمّا كان معلومًا وزال اللّبس ولم يكرّر حرف النّداء كُسِرتْ.

يُنظر هذا البيت في: المقتضب 4/256، والأصول 1/353، والجُمل 167، والإيضاح 191، والتّبصرة 1/359، والمقرّب 1/184، وشرح الكافية الشّافية 3/1335، وابن النّاظم 588) ، والمقاصد النّحويّة 4/257، والخزانة 2/154.

ص: 620

وهاتان اللاّمان لا بُدّ أن يتعلّقا بشيءٍ ممّا يعمل؛ لكونهما1 حرفي جرّ، والعامِل2 في الأوّل3:(يا) لنيابته4 عن الفعل5، والعَامِلُ في الثّاني6:

1 في كلتا النّسختين: كونهما. والمعنى يتطلّب وُجود اللاّم.

2 في ب: فالعامِل.

3 اختلف النُّحاة في اللاّم الدّاخِلَة على المستغاث:

فقيل: هي زائدة، فلا تتعلّق بشيء؛ وهو اختيار ابن خروف.

وقيل: ليست بزائدة، فتتعلّق؛ وفيما تتعلّق به قولان:

أحدُهما: بالفعل المحذوف؛ وهو مذهب سيبويه، واختاره ابن عصفور.

والثّاني: تتعلّق بحرف النِّداء؛ وهو مذهب ابن جِنّي - وهو الّذي نصّ عليه الشّارح -.

وذهب الكوفيّون إلى أنّ هذه اللاّم بقيّة (آل)، والأصل في (يا لزيد) : يا آل زيد، و (زيد) مخفوضٌ بالإضافة.

تُنظر هذه المسألة في: الكتاب 2/217، 218، وشرح المفصّل 1/131، وشرح الجمل 2/109، والارتشاف 3/140، والجنى الدّاني 104، والمغني 288، 289، والهمع 3/72، والأشمونيّ 3/164.

4 في كلتا النّسختين: بالنّيابة، والصّواب ما هو مثبَت.

5 أي: بحرف النّداء النّائب مناب الفعل؛ وهو مذهب ابن جنّي - كما ذكرنا ذلك في الخلاف -.

6 في ب: الثّانية.

ص: 621

محذوفٌ1؛ كأنّه قال: (أدعوكم لفلانٍ) فتَرك ذكره؛ [لأنّه] 2 لا يُستغاث بشيء إلَاّ لمعنىً.

فإنْ كرّرت حرف النّداء فلا بدّ من فتحه3، كقول الشّاعر:

يَا لَقَوْمِي وَيَا لأَمْثَالِ قَوْمِي

لأُنَاسٍ عُتُوُّهُمْ فِي ازْدِيَادِ4

1 اختلف النُّحاة فيما تتعلّق به لامُ المستغاث له؛ على عدّة أقوال:

أحدها: بفعلٍ محذوفٍ، تقديرُه: أدعوك لزيد.

وقال ابن عصفور: ((قولاً واحد)) . وليس كذلك، بل الخلاف موجود.

والثّاني: بحرف النّداء.

والثّالث: بحال محذوفة، تقديرُه: يا لزيد مدعوًّا لعمرو.

تُنظر هذه المسألة في: شرح الجمل 1/109، والارتشاف 3/140، والجنى الدّاني 104، والمغني 290، والهمع 3/73، والأشمونيّ 3/165.

2 ما بين المعقوفين ساقطٌ من ب.

3 إنْ عطفتَ المستغاث فلا يخلو إمّا أن تكرّر حرف النّداء أولا:

فإنْ كرّرته فلا بدّ من فتح اللاّم؛ كالشّاهد الّذي ذكره الشّارح.

وإن لم تكرّر كسرت اللاّم؛ لذهاب اللّبس حينئذ؛ قال الشّاعر:

يَبْكِيكَ نَاءٍ بَعِيْدُ الدَّارِ مُغْتَرِبٌ

يَا لَلْكُهُولِ وَلِلشُّبَّانِ لِلْعَجَبِ

يُنظر: ابن النّاظم 587، 588.

4 هذا بيتٌ من الخفيف، ولم أقف على قائله.

و (عتوّهم) : تكبُّرهم.

والشّاهد فيه: (ويا لأمثال قومي) حيث فتحت اللاّم؛ لتكرير حرف النّداء.

يُنظر هذا البيتُ في: ابن النّاظم 587، وأوضح المسالك 3/95، والمقاصد النّحويّة 4/256، والتّصريح 2/181، والأشمونيّ 3/164.

ص: 622

ومن المنادى؛ المندوب: وهو المذكور توجُّعًا منه، نحو:(وا رأْسَاهُ) ، أو1 تفجُّعًا عليه؛ لفقْدِه، [نحو] 2:(وا زَيْدَاه) .

والقصد بالنُّدْبَةِ: الإعلام بعظمة المُصاب؛ فلذلك لا يُنْدَب إلاّ العلَم3.

وهو يختصّ بأحد حرفين4؛ وهما: (ياء) أو (وا)، وبحرفين من آخره في الوقف؛ وهما: الألِف والهاء؛ وهاؤُه ساكنة؛ لأنّها هاء السّكْت، كقولك:(يا زيداهْ) و (يا عمراهْ) .

وَإِنْ كان مُضافا حذفتَ التّنوين من المضاف إليه، وأَلْحقتَ به العلامة؛ فتقولُ:(وا غلامَ زيداه) .

ولا تُندب5 النّكرة، ولا (أي) ، ولا اسم الإشارة، ولا الموصول المبهَم6، ولا اسم الجنس7 [المفرد]8. [102/ب]

1 في أ: و.

2 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ.

3 ونحوه، كالمضاف إضافة توضّح المندوب، كما يوضّح الاسم العلَم.

يُنظر: شرح الكافية الشّافية 3/1341، وابن النّاظم 591.

4 أي: بأحد حرفين من أوّله.

5 في أ: ولا يُندب.

6 في ب: ولا المبهم.

7 لأنّ القصد من النّدبة الإعلام بعظمة المصاب، وهو مفقودٌ هُنا؛ فلذلك لا يُندب إلا المعرفة السّالمة من الإبهام. يُنظر: التّصريح 2/182، والأشمونيّ 3/168.

8 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ.

ص: 623

ويجوز أن يُندب الموصول إذا اشتهرت صلته، [كقوله] 1:(وَا مَنْ حَفَرَ بِئْرَ زَمْزَمَاهْ)2.

وألِفٌ [الندبة] 3 لا تلزم4 المندوب؛ فيجوز بناؤُه5 على الضّمّ جاريًا مجرَى غيره من الأعلام المناداة؛ فتقولُ: (وا6 محمّد) ؛ ويجوز7 تنوينُه للضّرورة8، كقول الرّاجز:

وَا فَقْعسٌ وَأَيْنَ مِنِّي فَقْعَسُ! 9

1 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ.

2 يُنظر: شرح الكافية الشّافية 3/1341، وابن النّاظم 591، وتوضيح المقاصد 4/7.

3 ما بين المعقوفين زيادة يقتضيها السياق؛ من شرح الجمل لابن بابشاذ 291.

4 في ب: لا يلزم.

5 المندوب له استعمالان:

أحدهما: ما ذكرهُ الشّارح؛ وهو: أنّ المندوب إذا لم يلحقه الألِف فإنه يبنى على الضّمّ إنْ كان مفرَدًا، ويُنصب إنْ كان مُضافًا، كما يفعل بالمنادى؛ وإذا اضطّر إلى تنوينه جاز نصبُه وضمُّه، كما يجوز ذلك في المنادى، وذكر الشّارحُ شاهدًا على ذلك.

والثّاني: أن يلحق آخر ما تمّ به ألِف.

يُنظر: شرح الكافية الشّافية 3/1342، 1343، وابن النّاظم 591، 592.

6 في أ: يا محمّد.

7 في أ: ولا يجوز.

8 في ب: له للضّرورة.

9 هذا بيتٌ من الرّجز المشطور، ويُنْسب إلى رجلٍ من بني أسد؛ وبعده:

أَإِبِلِي يَأْخُذُهَا كَرَوَّسُ

و (فقعس) : اسمُ حيٍّ من أسد. و (كروّس) : اسمُ رجل؛ وقد أغار على إبله؛ وهو في الأصل: الغليظ.

والشّاهد فيه: (وافقعس) فإنّ الرّاجز حينما اضطّر نوّنه بالضّمّ، ويجوز تنوينه بالنّصب؛ وهي الرّواية المشهورة.

يُنظر هذا البيتُ في: مجالس ثعلب 474، والمقرّب 1/184، وشرح الكافية الشّافية 3/1342، وابن النّاظم 592، ورصف المباني 119،والمقاصدالنّحويّة 4/272،والتّصريح 2/182، والهمع 3/66، والأشمونيّ 3/168، والدّرر 3/17، 41.

والرّواية في هذه الكتب بالنّصب (وا فقعسًا) وتوجيه رواية الرّفع؛ لأنّه مندوبٌ، والمندوب من قبيل المنادى، فيُبنى على ما يُرفع به إنْ كان علَمًا مفرَدًا؛ وهو هُنا كذلك، فبُني على الضّمّ، ثمّ نوّن لاضطّرار الشّاعر إلى ذلك فهو تنوينُ ضرورة.

ص: 624

وَحَذْفُ (يَا) يَجُوزُ فِي النِّدَاءِ

كَقَوْلِهِمْ: رَبِّ اسْتَجِبْ دُعَائِي

وَإِنْ تَقُلْ: يَا هَذِهِ أَوْ يَاذَا

فَحَذْفُ (يَا) مُمْتَنِعٌ يَا هَذَا

ويجوز حذف حرف النّداء اكتفاءً بتضمّن1 المنادى معنى الخِطاب

إن لم [يكن] 2 مندوبا، أو مُضمَرًا، أو مستغاثا، أو اسم جنس، أو إِشارة3؛ لأنّ النّدبة تقتضي مدّ الصّوت.

1 في أ: بتضمين.

2 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ.

3 ولا يُحذف الحرف أيضًا في المتعجُّب منه، نحو:(يا للماء وللعشب) إذا تعجّبوا من كثرتهما، والمنادى البعيد، واسم الجنس غير المعيّن، كقول الأعمى:(يا رجلاً خذ بيدي) ؛ أما اسم الجنس المعيّن فقد نصّ عليه الشّارح، وفيه خلافٌ نتعرّض له؛ كما سيأتي.

يُنظر: أوضح المسالك 3/72، والتّصريح 2/164، 165، والأشمونيّ 3/137.

ص: 625

وقد1 أتى مفرَدًا، ومُضافا؛ فمن المفرَد قولُه تعالى:{يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا} 2؛ ومن المُضاف قولُه تعالى: {رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا} 3.

والاستغاثة4 الباعث [عليها] 5 هو: شدّة الحاجة إلى الغوث والنُّصرة.

والمضمَر لو حُذف [منه] 6 حرف النّداء فاتت الدّلالة على النّداء؛ لأنّ الدّالّ عليه7 حرفُ النّداء، [وتضمّن المنادى معنى الخِطَاب] 8؛ فلو حذف9 من المنادى [المُضْمَر] 10 بقي الخطاب؛ وهو فيه غير صالح للدّلالة على إرادة النّداء11. [103/أ]

1 أي: قد أتى حذفُ حرف النّداء مفرَدًا، ومُضافًا.

2 من الآية: 29 من سورة يوسف.

3 من الآية: 10 من سورة الحشر.

4 في أ: وللاستغاثة.

5 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ.

6 ما بين المعقوفين زيادةٌ يقتضيها السّياق؛ من ابن النّاظم 566.

7 في كلتا النّسختين: عليها، والصّواب ما هو مثبَت.

8 ما بين المعقوفين زيادةٌ يقتضيها السّياق. يُنظر: ابن النّاظم 566.

9 أي: الحرف.

10 ما بين المعقوفين زيادةٌ يقتضيها السّياق، من ابن النّاظم 566.

11 لأنّ دلالته على الخطاب وضعيّة، لا تفارِقُه بحال. يُنظر: ابن النّاظم 566.

ص: 626

و [أما] 1 اسم الجنس، واسم الإشارة فلا يُحذف منهما حرف النّداء2 إلاّ فيما ندر من [نحو] 3 قولهم:(أَصْبِحْ لَيْلُ) 4، وقوله

1 ما بين المعقوفين زيادةٌ يقتضيها السّياق، من ابن النّاظم 566.

2 عند الكوفيّين أنّ حذف حرفِ النّداء من اسم الجنس، والمشار إليه؛ قياسٌ مطّرد. ومذهب البصريّين المنع فيهما، وحملُ ما ورد على الشّذوذ، أو الضّرورة.

وصرّح ابن مالكٍ في شرح الكافية الشّافية بموافقة الكوفيّين في اسم الجنس، فقال 3/1291:"وقولهم في هذا أصحّ".

وقال المُراديّ في توضيح المقاصد 3/274: "والإنصاف القياس على اسم الجنس؛ لكثرته نظمًا ونثرًا، وقصر اسم الإشارة على السّماع؛ إذْ لم يَرِدْ إلاّ في الشّعر".

تُنظر هذه المسألة في: شرح المفصّل 2/16، وشرح الكافية الشّافية 3/1290، وابن النّاظم 566، وتوضيح المقاصد 3/269، والتّصريح 2/165، والهمع 3/43، والأشمونيّ 3/136، 137.

3 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ.

4 هذا مَثَلٌ يُقال في اللّيلة الشّديدة الّتي فيها الشّر؛ أو في استحكام الغرض من الشّيء؛ وهو يُنسب لامرأة تزوّجها امرؤ القيس فكرهته، وطال ليلُها معه، فأخذت توقِظُه فيرفع رأسه فإذا هو بليل فيعودُ للنّوم، فأخذت تقول:(أصبح ليل) .

والشّاهد فيه: حذف حرف النّداء من اسم الجنس؛ والأصل: أصبح يا ليل.

يُنظر هذا المثل في: جمهرة الأمثال 1/191، ومجمع الأمثال 2/232، والمستقصى 1/200.

ص: 627

في الحديث: "ثَوْبِي حَجَرُ" 1 فحرف2 النّداء في اسم الجنس كالعِوَض من أداة التّعريف فحقُّه أن لا يُحذَف، كما لم تُحذف3 الأداة؛ واسم الإشارة في معنى اسم الجنس فجرى مجراه.

[و] 4 ممّا لا يُستعمَل5 فيه حرفُ النّداء قولُهم: (اللَّهُمَّ) ؛ وفي هذه الميم [قولان] 6: مذهب البصريّين7 أنّها حرف زِيْدَ عِوَضًا من (يا) ،

1 هذا حديثٌ قاله الرّسول صلى الله عليه وسلم حكايةً عن موسى عليه السلام؛ حين فرّ الحجر بثوبه، حين وضعه عليه وذهب ليغتسل.

وقد أخرجه البخاريّ في صحيحه، كتاب الأنبياء - عليهم الصّلاة والسّلام -، 4/305، ومسلم في صحيحه، كتاب الفضائل، باب من فضائل موسى صلى الله عليه وسلم، 4/1841، وأحمد في مسنده 2/135، 515.

والشّاهدُ فيه: حذفُ حرف النّداء من اسم الجنس؛ والأصل: ثوبي يا حجر.

ولم يستشهد الشّارحُ لحذف حرف النّداء من اسم الإشارة؛ وله شواهدُ كثيرة؛ منها:

إِذَا هَمَلَتْ عَيْنِي لَهَا قَالَ صَاحِبي

بِمِثْلِكَ هَذَا لَوْعَةٌ وَغَرَامُ

يُنظر: شرح الكافية الشّافية 3/1291، 1292.

2 في ب: فحذف، وهو تحريف.

3 في أ: كما لا يُحذف.

4 العاطِف ساقطٌ من أ.

5 في ب: تستعمل.

6 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ.

7 يُنظر: الكتاب 2/196، ومعاني القرآن للفرّاء 1/203، والجُمل 164.

ص: 628

وليس مأخوذًا من فعلٍ. وقال الفرّاء1: "الميمُ مأخوذٌ من (فعل) ؛ وأصلُه: يا الله أُمَّنَا منك بخيرٍ، أي: اقصدنا؛ فحُذفت الهمزة تخفيفا"2.

والقولُ الأوّل أوجه.

1 يُنظر: معاني القرآن 1/203.

2 تُنظر هذه المسألة في: اللاّمات 85، والإنصاف، المسألة السّابعة والأربعون، 1/341، وأسرارُ العربيّة 232، والتّبيين، المسألة الثّانية والثّمانون، 449، وشرح المفصّل 2/16، وشرح الكافية الشّافية 3/1307، وابن النّاظم 572، والتّصريح 2/172، وائتلاف النُّصرة، فصل الاسم، المسألة السّادسة والعشرون، 47، والهمع 3/64.

ص: 629