الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلُ عَطْفِ البَيَانِ:
العطف في اللّغة1: الرُّجوع؛ فكأنّهم في عطف الاسم الثّاني على الأوّل رجعوا إلى الأوّل فأوضحوه بالثّاني، غير محتاجٍ إلى حرف كاحتياج عطف النّسق، كقول الشّاعر:
وَلَقَدْ أَعْطِفُهَا كَارِهَةً
…
حَيْثُ لِلنَّفْسِ مِنَ المَوْتِ هَرِيْرُ2
أي: أرجعها.
هذا هو التّابع الموضّح المخصّص متبوعه غير مقصود بالنّسبة، ولا مشتقًّا، ولا مؤوّلاً بمشتقّ3؛ كقوله:
أَقْسَمَ بِاللهِ أَبُو حَفْصٍ عُمَرْ4
1 اللّسان (عطف) 9/249.
2 هذا بيتٌ من الرّمل، ولم أقف على قائله.
والشّاهد فيه: (أعطفها) حيث جاءت بمعنى الرّجوع عن الشّيء.
يُنظر هذا البيت في: شرح ألفيّة ابن معطٍ 1/768.
3 يُنظر: ابن النّاظم 514.
4 هذا بيتٌ من الرّجز المشطور، وهو لعبد الله بن كيسبة، وقيل: لأعرابيّ، وقيل: لرؤبة وليس في ديوانه.
وبعده:
مَا مَسَّهَا مِنْ نَقَبٍ وَلَا دَبَرْ
فَاغْفِرْ لَهُ اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ فَجَرْ
والمقصود بأبي حفص عمر: أميرُ المؤمنين عمر بن الخطّاب رضي الله عنه.
والشّاهدُ فيه: (أبو حفص عمر) حيث جاء قولُه: (عمر) عطف بيان على قوله: (أبو حفص) .
يُنظر هذا البيت في: شرح المفصّل 3/71، وشرح الكافية الشّافية 3/1191، وابن النّاظم 514، وأوضح المسالك 3/32، وابن عقيل 2/201، والمقاصد النّحويّة 4/115، والتّصريح 1/121، والخزانة 5/154.
فـ1 (الموضّح والمخصّص) : يخرج التّوكيد2، وعطف النّسق.
و (غير مقصود بالنّسبة) : يخرج3 البدل؛ لأنّه في نيّة تكرار4 العامل.
و (لا مشتقًّا ولا مؤوّلاً به) 5: [يخرج النّعت]6.
وعطف البيان لا يكون إلاّ جامِدًا، وإنْ كان كالصّفة كاشفًا حقيقة المقصود به. [126/أ]
وشرط عطف البيان أن يُطابِق ما قبله في التّعريف والتّنكير7،
1 في ب: أما.
2 في ب: للتوكيد.
3 في ب: مخرج.
4 في ب: تكرير.
5 في كلتا النّسختين: أو مؤوّلاً به، والتّصويب من ابن النّاظم 514.
6 ما بين المعقوفين زيادة يقتضيها السّياق.
7 عطفُ البيان يطابِق متبوعه في أربعة من عشرة كالنّعت الحقيقيّ؛ في أوْجُه الإعراب - الرّفع والنّصب والجرّ -، والإفراد والتّثنية والجمع، والتّذكير والتّأنيث، والتّعريف والتّنكير.
يُنظر: ابن النّاظم 515، وأوضح المسالك 3/33.
وذهب أكثرُ النّحويّين إلى امتناع كون عطف البيان ومتبوعه نكرتين.
وذهب الكوفيّون وجماعة - منهم ابن مالك - إلى جواز ذلك؛ فيكونان منكّرين، كما يكونان معرّفين.
تُنظر هذه المسألة في: شرح الكافية الشّافية 3/1194، وشرح التّسهيل 3/326، وابن النّاظم 515، والارتشاف 2/605، وتوضيح المقاصد 3/186، وأوضح المسالك 3/33، وابن عقيل 2/203، والتّصريح 2/131، والأشمونيّ 3/86.
ويختصّ بالأسماء الأعلام والكُنى؛ وهما لا يوصف بهما؛ مثالُه: (رأيتُ أخاك زيدًا) و (لقيت أبا محمدٍ عمرًا) و (مررتُ بعليٍّ أبي الحسن) فـ (زيد) وأبو الحسن) و (أبو محمد) عطف بيان.
وهو كالوصف، ووجه المشابهة1بينه وبين الصّفة: أنّ الصّفة تدلّ على الذّات باعتبار المعنى الّذي وضعت له.
وعطف البيان يدلّ2 على الذّات من غير اعتبار معنى زائد على مفهوم الذّات3.
والفائدة الحاصلة بعطف البيان: أنّه إذا كان المسمّى اسمًا ولقبًا4، أو اسمًا وكُنية، ثم حصل اشتراكٌ في أحدهما بيّنته بالآخر؛
1 في ب: الشّبه.
2 في أ: فيدلّ.
3 وهُناك وجوه شبه أُخرى بين عطف البيان والصّفة، ووُجوه افتراق:
فمن وُجوه الشَّبَه: أنّ فيه بيانًا للاسم المتبوع كما في الصّفة، وأنّه جارٍ عليه في تعريفه كالصّفة.
ومن وجوه الافتراق: أنّ النّعت بالمشتقّ أو ما ينزّل منزلة المشتقّ، ولا يلزم ذلك في عطف البيان؛ لأنه يكون بالجوامد، وأنّ عطف البيان لا يكون إلاّ في المعارف، والصّفة تكون في المعرفة والنّكرة.
يُنظر: شرح عيون الإعراب 234، وشرح المفصّل 3/71، وشرح ألفيّة ابن معطٍ 1/769.
4 في ب: أو لقبًا.
[فإذا قلتَ: (جاء محمّد أبو عبد الله) ] 1 فقد بيّنت2 الأوّل بالثّاني3 كالصّفة.
ومنهم مَن يجعل صفات أسماء الإشارة عطف بيان4؛ لعدم اشتقاقها؛ وكونها من أسماء الأجناس.
ومن الفرق بين عطف البيان والبَدَل في اللّفظ؛ وذلك في موضعين:
أحدهما: النّداء5.
والثّاني: اسم الفاعل المعرّف بالألِف واللاّم إذا أُضيف إلى معرّف باللاّم، ثم عُطِف على المضاف إليه؛ [126/ب] وقد جاء الوجهان في قول الرّاجز6:
........................................
…
............ يَا نَصْرُ نَصْرٌ نَصْرَا7
1 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ.
2 في أ: ثبت.
3 في ب: بالذّات.
4 وذلك إنْ كان مصحوب (أل) جامدًا محْضًا، كـ (مررتُ بذلك الرّجل) ، كما صرّح بذلك ابن مالكٍ في شرح التّسهيل، ثم ساق بعض الأدلّة في الرّدّ على مَن يجعله نَعتًا.
يُنظر: شرح التّسهيل 3/320، 321، والمساعِد 2/419، والأشمونيّ 3/72.
5 وبيان ذلك: ((أن يكون التّابع مفرَدًا، معرفة، معربًا، والمتبوع منادى؛ كقولك: (يا أخانا زيدًا) فإنّ (زيدًا) يجب أن يكون عطف بيان، ولا يجوز أن يكون بدلاً؛ لأنّه لو كان بدلاً لكان في نيّة تكرار حرف النّداء معه، ولكان يلزم بناؤه على الضّمّ، كما يلزم في كلّ منادى مفرد معرِفة)) . ابن النّاظم 517.
6 في ب: الشّاعر.
7 هذا جزء من بيتين من مشطور الرّجز، وهما لرؤبة، وهو بتمامهما:
إِنِّي وَأَسْطَارٍ سُطِرْنَ سَطْرَا
…
لَقَائِلٌ يَا نَصْرُ نَصْرٌ نَصْرَا
و (أسطار) : جمع سطر؛ وهو الخطّ والكتابة.
و (يا نصر) : أراد به نصر بن سيّار أميرُ خراسان.
والشّاهدُ فيه: (يا نصرُ نصرٌ نصرَا) على ما ذكر الشّارح.
وذكر العينيّ أنّ هذا البيت يروى: (يَا نَضْرُ نَضْرٌا نَضْرَا) بالضّاد المعجمة؛ وهو صاحب نصر بن سيّار.
يُنظر هذا البيتُ في: الكتاب 2/185، 186، والمقتضب 4/209، والخصائص 1/340، وأسرار العربيّة 297، وشرح شواهد الإيضاح 243، وشرح المفصّل 2/3، والمغني 597، والمقاصد النّحويّة 4/116، والهمع 5/190، والخزانة 2/219، وملحقات ديوان رؤبة 174.
وفي قول الشّاعر:
أَنَا ابْنُ التَّارِكِ البَكْرِيِّ بِشْرٍ
…
عَلَيْهِ الطَّيْرُ تَرْقُبُهُ وُقُوعَا1
أمَّا (نصر) الأوّل فمنادى2 مضموم، والثّاني عطف3 بيان؛
1 هذا البيتُ من الوافر، وهو للمِرّار بن سعيد الأسديّ.
و (بشر بن عمرو) : زوج الخِرْنِق أخت طَرَفَة بن العَبْد، قتله جدّه خالد الفقعسيّ يوم القُلاب.
والشّاهدُ فيه: (التّارك البكريّ بشر) فإنّ (بشر) يتعيّن فيه أن يكون عطف بيان على (البكريّ) ، ولا يجوز أن يُجعل بدلاً منه. وقد فصّل الشّارح ذلك.
يُنظر هذا البيتُ في: الكتاب 1/182، وشرح المفصّل 3/72، 73، والمقرّب 1/248، وشرح عمدة الحافظ 1/554، وابن النّاظم 518، وأوضح المسالك 3/36، وابن عقيل 2/204، والتّصريح 2/133، والهمع 5/194، والخزانة 4/284، وشعره ـ ضمن شعراء أمويّون ـ 2/465.
2 في ب: منادى.
3 في ب: يعطف.
بدليل تنوينه، ولو كان بدلاً لوجب بناؤُه على الضّمّ؛ لأنّ العامل في البدل مرادٌ؛ وأمّا (نصر) الثّالث فمنصوب إمّا على المصدر، أي:(انصر نصرًا) ، وإمّا على عطف بيان على الموضع1.
الثّاني2 في قوله: (أنا ابن التّارك البكريّ بشر) بالجرّ3؛ فإنَّه إذا نصب جاز أن يكون بدلاً من (البكريّ) 4؛ لأنّ موضعه نصب؛ ولأنّ البدل في حكم تكرير العامل، وإذا كرّرت لم يكن له في (بشر) إلا نصبه5، نحو:(التّارك بشرًا) ؛ لأنّ اسم الفاعل المعرّف باللاّم لا يُضاف إلى غير المعرّف إلاّ عند الفرّاء - على ما قيل-6.
فـ (بشر) بالجرّ لا يجوز أن يكون بدلاً7 من (البكريّ) 8؛ فإن نصبته جاز أن يكون بدلاً، وأنّ النّاصب له (التّارك) مقدَّرًا9 قبله مكرّرًا، لا (التّارك) الأوّل.
1 وقد رُوي في (نصر) الأوّل وجهان: ضمُّه، ونصبه.
والثّاني رُوي فيه أربعة أوجُه: ضمُّه، ورفعُه، ونصبُه، وجرّه.
والثّالث رُوي فيه وجهُ واحد؛ وهو: النّصب.
يُنظر: شرح المفصّل 2/3، والخزانة 2/219 ـ 221.
2 في ب: والثّاني.
3 فـ (بشر) بالجرّ عطف بيان على (البكريّ) لا بدل؛ لأنّ البدل في نيّة تكرار العامل.
4 في ب: النّكرة، وهو تحريف.
5 في أ: إلاّ نصبٌ.
6 يُنظر: شرح عمدة الحافظ 2/605، وابن النّاظم 518، وأوضح المسالك 3/37، وابن عقيل 2/205، والتّصريح 2/133، والأشمونيّ 3/87.
7 في كلتا النّسختين: عطف بيان، وهو سهوٌ من النّاسخ، والصّواب ما هو مثبت؛ والعِلّة في عدم الجواز: لأنّ البدل في نيّة تكرار العامل.
8 في ب: النّكرة، وهو تحريف.
9 في ب: فتقدّر.