المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌بَابُ الْجَوَازِمِ: وَيُجْزَمُ1 الْفِعْلُ بِ (لَمْ) فِي النَّفْيِ … وَاللَاّمُ فِي - اللمحة في شرح الملحة - جـ ٢

[ابن الصائغ]

الفصل: ‌ ‌بَابُ الْجَوَازِمِ: وَيُجْزَمُ1 الْفِعْلُ بِ (لَمْ) فِي النَّفْيِ … وَاللَاّمُ فِي

‌بَابُ الْجَوَازِمِ:

وَيُجْزَمُ1 الْفِعْلُ بِ (لَمْ) فِي النَّفْيِ

وَاللَاّمُ فِي الأَمْرِ وَ (لَا) فِي النَّهْيِ

وَمِنْ حُرُوفِ الْجَزْمِ أَيْضًا (لَمَّا)

وَمَنْ يَزِدْ فِيهَا يَقُلْ: أَلَمَّا

تَقُولُ: لَمْ تَسْمَعْ2 كَلَامَ مَنْ عَذَلْ3

وَلَا تُخَاصِمْ مَنْ إِذَا قَالَ فَعَلْ

وَخَالِدٌ لَمَّا يَرِدْ مَعْ مَنْ وَرَدْ

وَمَنْ يَوَدَّ فَلْيُوَاصِلْ مَنْ يُوَدّ

فصل:

يجزم الفعل المضارع4بـ (لم) ، و (لَمَّا) - وهما أختان -، و (لام الأمر) ، و (لا) في النّهي.

فأمّا (لَمْ) فهو حرف وضع لنفي فعل ماض، فإذا قال5قائل:(فعل زيد) فنفيه: (لم يفعل) ؛ وقد تحمل6على (ما) فترفع7 الفعل

1 في ب: وتجزم.

2 في متن الملحة 52: تَقُولُ: لَمْ يَسْمَعْ.

3 في شرح الملحة 350: مَنْ عَزَلْ.

4 حروف الجزم لأصليّة خمسة؛ ذكر الشّارحُ منها أربعة، والخامس:(إِنْ) في المجازاة.

يُنظر: اللّمع 192، وشرح المفصّل 7/40، ولباب الإعراب 449.

5 في ب: فإذا قلت.

6 في ب: يحمل.

7 في ب: فيرتفع.

ص: 849

بعدها1؛ ومنه قولُ الشّاعر:

لَوْلَا فَوَارِسُ مِنْ نُعْمٍ وَأُسْرَتُهَا

يَوْمَ الصُّلَيْفَاءِ2 لَمْ يُوفُونَ بِالجَارِ3

(لَمّا) حرفُ نفيٍ لفعلٍ معه (قد)، كمن قال:(زيدٌ [قد] 4 فعل)

1 ذكر ابن مالك في التّسهيل أنّها تُحمل على (لا) ، وذكر في شرح الكافية الشّافية أنّها تُحمل على (ما) ، وهو أحسن؛ لأنّ (ما) ينفى بها الماضي كثيرًا، بخلاف (لا) .

يُنظر: التّسهيل 236، وشرح الكافية الشّافية 3/1591، وشرح عمدة الحافظ 1/376، وتوضيح المقاصد 4/236، والأشمونيّ 4/5.

2 في كلتا النّسختين: الصّليفان، وهو تحريف؛ والصواب ما هو مثبَت.

3 هذا بيتٌ من البسيط، ولم أقف على قائله.

ونُعم: اسم امرأة؛ وقال البغداديّ في الخزانة 9/4، وشرح أبيات المغني 5/132:(إنّها محرّفةٌ من ذُهْل، وهي اسمُ قبيلة) . الصُّليفاء تصغير صَلْفَاء؛ وهي: الأرض الصّلبة؛ ويوم الصّليفاء: يومٌ من أيّام العرب كان لهوازِن على فَزَارَة وعَبْس وأَشْجَع؛ ويروى: (الصّلعاء) و (الصّليعاء) وهو: اسم موضع كانت به وقعة لهم. ذكره ياقوت في معجم البُلدان 3/421، 422.

والشّاهدُ فيه: (لم يوفون) حيث ألغيت (لم) حملاً على (ما) فارتفع الفعلُ بعدها.

يُنظر هذا البيتُ في: سرّ صناعة الإعراب 2/448، وشرح المفصّل 7/8، وشرح الكافية الشّافية 3/1574، 1592، واللّسان (صلف) 9/198، والمغني 365، وتوضيح المقاصد 4/237، والمقاصد النّحويّة 4/446، والهمع 4/313، والخزانة 9/3.

4 ما بين المعقوفين ساقطٌ من كلتا النّسختين.

ص: 850

فنفيُه: لَمَّا يفعل.

وهي مركّبة1 من (لَمْ) و (مَا) 2 فأُدغمت ميمُ (لَمْ) في ميم3 (ما) . [150/ب]

ووجه الزّيادة4: أنّهم لَمّا زادوا حرفًا في الإثبات وهو (قَدْ) ، زادوا حَرْفًا في النّفي وهو5 (ما) .

وكلاهُما6 يجزمان الفعل المستقبَل؛ فإنْ كان معتلاًّ سقط منه حرفُ العلّة، كقولك:(لَمْ يغزُ) و (لم يرمِ) و (لم يخش) و (لم يقم) و (لَمّا يغزُ) و (لَمّا يرمِ) و (لَمّا يخش) و (لَمّا يقم)، قال اللهُ تعالى:{كَلَاّ لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ} 7.

فإنْ كان سالمًا سكن آخره، كقوله تعالى:{لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ}

1 هذا مذهب الجمهور؛ وقيل: بسيطة.

يُنظر: الجنى الدّاني 593، وتوضيح المقاصد 4/239، والهمع 4/313، والأشمونيّ 4/8.

2 في أ: ولَمّا، وهو تحريف.

3 في أ: ميمها.

4 في أ: وتوجيه الزّيادة أَنّه.

5 في أ: وهي.

6 أي: لَمْ، ولَمَّا.

7 سورة عبس، الآية:23.

8 سورة الإخلاص، الآية:3.

ص: 851

و (لَمّا يذهب)، [و] 1 قال الشّاعر:

فَإِنْ كُنْتُ مَأْكُولاً فَكُنْ خَيْرَ2 آكِلٍ

وَإِلَاّ فَأدْرِكْنِي وَلَمَّا أُمَزَّقِ3

والفرقُ بين (لَمْ) و (لَمّا) من وجهين:

أحدُهما: أَنّ (لَمّا) تُفيد امتداد انتفاء الفعل إلى وقت حديثك، تقول:(ندم زيد ولم ينفعه النّدم) أي: عقيب ندمه؛ فإنْ قلتَ: (ولَمّا ينفعه) كان معناه أنّه لم ينفعه إلى وقته هذا، قال اللهُ تعالى:{وَلَمَّا يَدْخُلِ الإِيْمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ} 4 المعنى: إنّهم إلى وقت الإخبار عنهم كانوا غيرَ مؤمنين.

الثّاني: أنّه يوقف على (لَمّا) دون الفعل، كقولك:(خرج زيد ولَمَّا) أي: [و] 5 لَمّا يخرج.

1 العاطفُ ساقطٌ من أ.

2 في أ: أنت آكِلي.

3 هذا بيتٌ من الطّويل، وهو للممزّق العبديّ.

والشّاهدُ فيه: (ولَمّا أمزّق) حيث عملت (لَمّا) الجزم في الفعل المضارِع السّالم بتسكين آخِرِه؛ وحُرِّك هُنا لأجل القافية.

يُنظر هذا البيتُ في: الأصمعيّات 166، والكامل 1/26، والجمهرة (زقم) 2/823، وأمالي ابن الشّجريّ 1/204، ورصف المباني 352، واللّسان (مزق) 10/343، والمغني 367، والأشمونيّ 4/5.

4 من الآية 14 من سورة الحجرات.

5 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ.

ص: 852

وقد حملت (لَمْ) على (لَمَّا) في الشِّعر [فَوُقِفَ عليها] 1،كقول2 الشّاعر:[151/أ]

اُرْدُدْ وَدِيْعَتَكَ3 الَّتِي اسْتُودِعْتَهَا4

يَوْمَ الأَحَارِبِ إِنْ وَصَلْتَ وَإِنْ لَمِ5

أي: وإن لم تصل.

وَأمّا (أَلَمْ) فهي (لَمْ) زيدتْ عليها همزة الاستفهام؛ فلمّا رُكِّب النّفي مع الاستفهام [أفاد] 6 تقريرًا؛ كقوله [تعالى] 7: {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ} 8، ويصير الفعل الَّذي يدخلان عليه في معنى الماضي9؛ لأنّه

1 ما بين المعقوفين ساقطٌ من ب.

2 في ب: كقولك.

3 في ب: ودائعك.

4 في أ: اودعتها.

5 هذا بيتٌ من الكامل، وهو لإبراهيم بن هرمة القُرشيّ.

والشّاهدُ فيه: (وإن لم) حيث حذف الفعل الّذي دخلت عليه (لم) حملاً على (لَمّا) ؛ والتّقدير: وإن لم تصل.

يُنظر هذا البيتُ في: جواهر الأدب 256، 424، والجنى الدّاني 269، وتوضيح المقاصد 4/234، والمغني 369، والمساعد 3/131، والمقاصد النّحويّة 4/443، والتّصريح 2/247، والهمع 4/313، والخزانة 9/8، والدّيوان 191.

وفي جميع هذه المصادر (احفظ) بدل (اردد)، و (يوم الأعازِب) بدل (يوم الأَحارب) . ويوم الأعازب: يوم معهود من أيّام العرب.

6 ما بين المعقوفين زيادة مِنِّي يقتضيها السّياق.

7 ما بين المعقوفين ساقطٌ من ب.

8 سورة الشّرح، الآية:1.

9 وهل تدخلان على الماضي فتنقلانِه إلى المضارِع، أو على لفظ المضارع فينقلان معناه إلى الماضي؟، مذهبان:

الثّاني منهما الأظهر.

يُنظر: شرح المفصّل 8/110، وشرح الرّضيّ 2/232.

ص: 853

يحسُن أن نقول: (لم يخرُج زيد أمس) و (لَمّا يذهب أمس)1.

وقد يدخُل بين الجازم والهمزة الواو والفاء2، كقوله تعالى:{أَوَ لَمْ نُعَمِّرْكُمْ} 3، و {أَفَلَمْ يَنظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ} 4.

وقد تكون5 (لَمّا) اسمًا ظرفيًّا بمعنى (حين) 6؛ وذلك

1 لفظ (أمس) لا يتّصل إلاّ بالفعل الماضي، ولولا دُخول (لم) و (لَمّا) على الفعل المستقبَل لَمَا ساغ هذا الكلام؛ لأنّه لا يحسُن أن تقول:(يخرُج زيد أمس) .

يُنظر: شرح ملحة الإعراب 351.

2 الواوُ والفاء اللاّحقان لها بعد الهمزة للعطف، وتأخَّرا عن الهمزة لوجهين:

أحدُهما: أنّ لها صدر الكلام دونهما؛ لأنّ الاعتماد عليها.

والثّاني: أنّ الواو والفاء مع (لم) كلفظٍ واحد لشدّة اتّصالهما بها؛ وكأنّ الهمزة أَحْدَثَتْ التّقرير والتّوبيخ بعد حُصول العطف في الكلام. يُنظر: رصف المباني 350، 351، والارتشاف 2/546.

3 من الآية: 37 من سورة فاطر.

4 من الآية: 6 من سورة ق.

5 في أ: يكون.

6 القولُ باسميّتها ظرفًا لابن السّرّاج، والفارسيّ، وابن جنّي، وجماعة؛ والجواب عاملٌ فيها، والجُملة بعدها في موضع جرّ بها.

والمشهور كونها حرف وُجود لوجود.

يُنظر: الكتاب 1/98، 4/234، والأصول 2/234، 3/179، وإيضاح الشّعر 83، والأزهيّة 199، والتّسهيل 241، وشرح الكافية الشّافية 3/1643، 1644، ورصف المباني 354، والجنى الدّاني 594، والمغني 369.

ص: 854

إذا وَلِيَها الفعل الماضي، كقوله تعالى:{وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا هُودًا} 1.

وتكون بمعنى (إلاّ) للتّحضيض2، نحو:(عَزَمْتُ عَلَيْكَ لَمَّا فَعَلْتَ) أي: إلاّ فعلت.

و (لام) الأمر، و (لا) في النّهي يفهمان3 الطّلب؛4 وأصل اللاّم السّكون، وحرّكت لامتناع الابتداء بها ساكنة، وكُسرت5 للفرق بينها وبين لام التّوكيد6.

1 من الآية: 58 من سورة هود.

(لَمّا) الّتي بمعنى (إلاّ) لها موضعان:

أحدُهما: بعد القسَم، نحو (نشدتّك بالله لَمّا فعلت) ، و (عزمتُ عليك لَمّا ضربت كاتبَكَ سوطًا) .

والثّاني: بعد النّفي، ومنه قراءة عاصم، وحمزة:{وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ} [يس: 32] أي: ما كلّ ذلك إلاّ جميع.

والشّارح- رحمه الله أتى بمعنى جديد لـ (لَمّا) الّتي بمعنى (إلاّ) ؛ وهو التّحضيض، والملاحظ من مثاله أنّه قَسَمٌ وليس تحضيض.

يُنظر: الأزهيّة 198، وشرح الكافية الشّافية 3/1645، والجنى الدّاني 593.

3 في ب: يعمّهما.

4 فـ (لامُ) الأمر لطلب الفعل، و (لا) النّاهية لطلب الكفّ.

5 في أ: وحكرت، وهو تحريف.

وحركتها الكسر، وسليم تفتحها.

يُنظر: معاني القرآن للفرّاء 1/285، وشرح المفصّل 9/24، والمغني 294، والجنى الدّاني 111.

6 وهو رأي أبي إسحاق الزّجّاج.

يُنظر: اللّسان (لوم) 12/559، وشرح العوامِل المائة 253.

ص: 855

وقيل: أشبهت لام الجرّ المختصّة بالاسم في اختصاصها بالفعل1.

وهي تستعمل في أمرٍ، أو دعاءٍ2، كقوله تعالى:{لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ} [151/ ب]

و {لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ} 4.

وتكون5 للغائب، كقول الشّاعر:

[وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي كَفِّهِ غَيْرُ نَفْسِهِ

لَجَادَ بِهَا] 6 فَلْيَتَّقِ اللهَ سَائِلُهْ7

1 وكسر (لام) الأمر حملاً على اللاّم الجارّة هو رأي الرّمّانيّ.

يُنظر: معاني الحروف 57، 58.

وذكر ابن يعيش أنّها كُسرت حملاً على حروف الجرّ. يُنظر: شرح المفصّل 9/24.

2 أو التماس، كقولك لمن يساويك:(لِتَفْعَل) من غير استعلاء؛ وذلك لأنّ الطّلب إذا ورد من الأعلى فهو أمر، وإذا ورد من الأدنى فهو دعاء، وإذا ورد من المساوي فهو التماس.

يُنظر: الجنى الدّاني 110، والتّصريح 2/246.

3 من الآية: 7 من سورة الطّلاق.

4 من الآية: 77 من سورة الزُّخرُف.

5 في أ: ويكون.

6 ما بين المعقوفين ساقط من أ.

7 هذا بيتٌ من الطّويل، ويُنسب لعبد الله بن الزّبير، ولزُهير بن أبي سُلمى، ولأبي تمّام، وغيرهم.

والشّاهدُ فيه: (فليتّق اللهَ) حيث تكون (لام) الأمر للغائب.

يُنظر هذا البيتُ في: رصف المباني 359، والوحشيّات 247، والحماسة البصريّة 1/136، وديوان زُهير بن أبي سُلمى - في الحاشية - 57، 58، وديوان عبد الله بن الزّبير 122، وديوان أبي تمّام 3/29.

ص: 856

ويُختار1 تسكينُها بعد الواو والفاء، كقوله تعالى:{فَلْيَتَقّوا اللهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا} 2.

وإنْ دخلت ثمّ [عليها] 3 فالكسر المختار؛ لأنّها كلمة منفصلةٌ عن اللاّم4.

وعلى هذا قرأ أبو عمرو5 {ثُمَّ لِيَقْطَعْ} 6 [بكسر اللاّم]

1 وتسكينُ اللاّمِ بعد (الواو) و (الفاء) ، وكسرها بعد (ثُمَّ) هو الاختيار.

يُنظر: الكتاب 4/151، والمقتضب 2/133، 134، وسرّ صناعة الإعراب 1/384، وشرح المفصّل 9/40، وشرح الكافية الشّافية 3/1564، والجنى الدّاني 111.

2 من الآية: 9 من سورة النّساء.

3 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ.

4 قال ابنُ جنّي في سرّ صناعة الإعراب 1/384: "وذلك أنّ (ثُمَّ) حرفٌ على ثلاثة أحرُف يمكن الوُقوف عليه، وإذا أمكن الوُقوف لَزِمَك الابتداء بالسّاكِن، وهذا غيرُ جائزٍ بإجماع".

وقيل: إسكانُ اللاّم مع (ثمّ) يكون ضرورة.

وقيل: يجوز سعة؛ وقد قرئ به في السّبعة، وإنْ ردّه البصريّون ووصفوه بالضّعف والقِلّة.

يُنظر: معاني القرآن للفرّاء 1/285، والمقتضب 2/133، 134، والارتشاف 2/541، والجنى الدّاني 111، 112، والهمع 4/308.

5 وهي قراءة ابن عامر، ووَرْشٍ عن نافع؛ وقرأ الباقون بإسكان اللاّم.

يُنظر: السّبعة 434، والمبسوط 306، وحجّة القراءات 473، والكشف 2/116، والتّيسير 127.

6 من الآية: 15 من سورة الحجّ.

7 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ.

ص: 857

فالواو والفاء يمتزجان [باللاّم كما يمتزجان] 1 بالهاء في دخولهما2 على المُضْمَر، وتسكين الهاء منه، كقولك3:(قال محمّد وَهْو صادق) و (سارت النّاقة وهي مثقَلة)، وقوله [تعالى] 4:{فَهِيَ خَاوِيَةٌ [عَلَى عُرُوشِهَا] 5} 6.

ويجوزُ في الشّعر أن تحذف اللاّم، ويبقى جزمُها، كقوله:

مُحَمَّدٌ تَفْدِ نَفْسَكَ كُلُّ نَفْسٍ

إِذَا مَا خِفْتَ مِنْ شَيْءٍ تَبَالَا7

(لا) النّاهية: استعمالها في النّهي أو الدّعاء8؛ كقوله تعالى: {إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ} 9، و {لَا تُؤَاخِذْنَا} 10.

1 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ.

2 في أ: دخولها.

3 في أ: من قولك.

4 ما بين المعقوفين ساقطٌ من ب.

5 ما بين المعقوفين ساقطٌ من ب.

6 من الآية: 45 من سورة الحجّ.

7 في أ: من أمر خبالا.

وهذا البيتُ تقدّم تخريجُه في ص 795.

والشّاهدُ فيه هُنا: (تَفْدِ) حيث حذف لام الأمر وبقي الفعل مجزوم، والأصل: لِتَفْدِ.

8 أو للالتماس، كقولك لمساويك:(لا تفعل يا فلان) من غير استعلاء.

يُنظر: التّصريح 2/245.

9 من الآية: 40 من سورة التّوبة.

10 من الآية: 286 من سورة البقرة.

ص: 858

وتصحب فعل المخاطب، والغائب كثيرًا، وقد تصحب1 فعل المتكلِّم، كقول الشّاعر:

إِذَا مَا خَرَجْنَا مِنْ دِمَشْقَ فَلَا نَعُدْ

لَهَا2أَبَدًا مَا دَامَ فِيْهَا الجُرَاضِمُ3

وعملت هذه الحُروف الجزم؛ لأنّ (لَمْ) تقلبُ معنى المستقبَل إلى الماضي، والفعل ثقيل، وقد ازداد ثقلاً بقلب4 معناه؛ فناسب أن يُحذَف منه شيء ليخفّ5؛ وكذلك القولُ في (لَمّا) . [152/أ]

وأمّا (لام الأمر) فإنّما جَزَمت؛ لأنّ الأمر الصّريح موقوف الآخِر،

1 في ب: يصحب.

2 في كلتا النّسختين: بها، وهو تحريف.

3 في ب: الجراظم، وهو تحريف.

وهذا البيتُ من الطّويل، ويُنسب للفرزدق، وليس في ديوانه؛ وقيل: للوليد بن عُقبة.

و (الجُراضم) : الواسعُ البطن، الكثير الأكل.

والشّاهدُ فيه: (فلا نعد) حيث جزم فعل المتكلِّم المبنيّ للمعلوم بـ (لا) النّاهية أو الدّعائيّة؛ وهذا قليل.

وذكر ابن هشام أن (لا) في قوله: (فلا نعد) تحتمل النّهي والدّعاء.

يُنظر: المغني 326.

يُنظر هذا البيتُ في: الأزهيّة 150، وأمالي ابن الشّجريّ 2/533، وابن النّاظم 692، والمغني 326، وأوضح المسالك 3/186، والمقاصد النّحويّة 4/420، والتصريح 2/246، وشرح شواهد المغني 2/633، والأشمونيّ 4/3.

4 في ب: فقلب، وهو تحريف.

5 في أ: لتخفّ.

ص: 859

كقولك: (اضْرِبْ) ؛ فجعل لفظَ المعرب كلفظ المبنيّ؛ لاشتراكِهما في المعنى.

وأمّا النّهي فهو مثل الأمر؛ لأنّه طلب التَّرْك؛ كما أنّ الأمر طلب الفعل، فكانا كذلك1 في العمل متساويين2.

وَإِنْ تَلَاهُ أَلِفٌ وَلَامُ

فَلَيْسَ غَيرُ الْكَسْرِ وَالسَّلَامُ

تَقُولُ: لَا تَنْهَرِ3 الْمِسْكِينَا

وَمِثْلُهُ: لَمْ يَكُنِ الَّذِيْنَا

المُراد بهذا الكلام: أنّه لَا يُجمع بين ساكنين؛ ومتى التقى ساكِنان4 في المجزوم أو في غيرِه كُسِرَ الأوّل منهما.

أمّا الفعلُ فهو5 إذا أتى بعدَه6 الألِفُ واللاّم، كقوله7 تعالى:{لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُواْ} 8، وكان الأصل [فيه] 9 تسكين النّون10 كما سكنت في قوله:{وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدُ} 11، ولكن لَمّا التقت (النّون)

1 في ب: لذلك.

2 يُنظر: أسرار العربيّة 333، 334.

3 في متن الملحة 53، وشرح الملحة 354: لَا تَنْتَهِرِ الْمِسْكِينَا.

4 في أ: سَاكنين، وهو خطأ.

5 في ب: فهذا.

6 في ب: بعد.

7 في ب: لقوله.

8 من الآية: 1 من سورة البيِّنة.

9 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ.

10 الأصل: تسكين النّون بالجزم.

11 سورة الإخلاص، الآية:4.

ص: 860

- وهي ساكنة - بلام (الّذين) 1 كُسرت؛ فِرارًا من اجتماع ساكنين، ولا اعتبار بالألف2؛ لسُقوطها عند اندراج الكلام.

وكذلك3 فعلُ الأمر، كقوله تعالى:{قُمِ اللَّيْلَ إِلَاّ قَلِيلاً} 4.

[152/ب] وكذلك حكم الأسماء المبنيّة على السّكون، كقولك:(كَمِ المال) و (سِرْتُ عن المدينة) .

وشَذَّ مِنْ ذلك فتح نون (من) من قولك5: (سمعتُ مِنَ الشّيخِ حديثًا) ؛ وذلك لكسرة الميم؛ فكرهوا أن يتوالى كسرتان على حرفين6.

وَإِنْ تَرَ المُعْتَلَّ فِيهَا رِدْفَا

أَوْ آخِرَ الْفِعْلِ فَسِمْهُ الْحَذْفَا

تَقُولُ: لَا تَأْسَ7 وَلَا تُؤْذِ وَلَا

تَقُلْ بِلَا عِلْمٍ وَلَا تَحْسُ8 الطِّلَا9

1 ولام (الَّذين) أيضًا ساكنة؛ فالتقى ساكِنان، ولا بُدَّ من التخلُّص من التقاء السّاكِنَيْن.

2 لأّنها ألِفُ وصلٍ تسقُط عند إدراج الكلام؛ وإنّما اجتلبت وأُدخلت على اللاّم ليتمّ افتتاحُ النّطق به؛ لأنّ اللاّم ساكنة، ولا يمكن افتتاح النّطق بالسّاكن.

يُنظر: شرح ملحة الإعراب 354.

3 أي: كذلك إذا التقى ساكِنان، والفعلُ فعل أمر.

4 سورة المزّمِّل، الآية:2.

5 في ب: كقولك.

6 في كلمة واحدة.

7 في أ: لا بأس.

8 في كلتا النّسختين: ولا تخش، وهو تصحيف.

9 الطِّلاء: الخمر المطبوخة؛ فهو: ما طُبخ من عصير العنب حتى ذهب ثُلثاه؛ والعرب تسمِّي الخمر الطّلاء، وتُريد بذلك: تحسين اسمِها. و (حَسْوُها) : شُرْبُها جَرْعًا؛ وفي اللّسان "الحُسْوة - بالضّمّ -: الجُرْعة بقدر ما يُحْسى مرّة واحدة، وبالفتح: المرّة الواحدة".

يُنظر: اللّسان (حسا) 14/176، 177، (طلى) 15/11.

ص: 861

وَأَنْتَ يَا زَيْدُ فَلَا تَهْوَ1 الْمُنَى2

وَلَا تَبِعْ إلَاّ بِنَقْدٍ فِي مِنَى

وَالْجَزْمُ فِي الْخَمْسَةِ مِثْلُ3 النَّصْبِ

فَاقْنَعْ بِإِيجَازِي وَقُلْ لِي: حَسْبِي

[فصل] 4:

إذا كان آخرُ الفعل حرفًا من حروف العلّة، أو ما قبل آخره وهو الرِّدْفُ5 ودخل عليه عاملُ جَزْمٍ يُحذف حرف الاعتلال؛ لأنّ مِن شرط الجزْم

1 في أ: فلا تخشى.

2 في متن الملحة 53: وَأَنْتَ يَا زَيْدُ فَلَا تَزْدَدْ عَنَا.

3 في أ: قبل.

4 ما بين المعقوفين ساقطٌ من ب.

5 الرِّدْفُ: ألِفٌ أو ياءٌ أو واوٌ سواكن قبل حروف الرّويّ معه، والواو والياء يجتمعان في قصيدة واحدة، والألِف لا يكون معها غيرها.

وإنّما سُمّي رِدْفًا؛ لأنّه ملحق في التزامِه وتحمّل مراعاته بالرّويّ، فجرى مجرى الرِّدْف للرّاكب؛ لأنّه يليه وملحقٌ به. الكافي في العروض والقوافي 153.

ويُنظر: القوافي للتّنّوخيّ 114، والوافي في العروض والقوافي 204، 205، والكافي في علم القوافي 104.

ومثلُ الرِّدْف: (يخاف) و (يقول) و (يبيع) ؛ فإذا أُدخل الجازم عليه حذفه، وإنّما وجب حذفُه لأنّ حرف الاعتلال ساكن، والجزمُ يوجِب سكون ما بعده؛ فلمّا التقى السّاكنان وجب حذف حرف الاعتلال فرارًا من اجتماع السّاكِنَيْن؛ فعلى هذا تقول:(لم يخف) و (لم يقل) و (لم يبع) . يُنظر: شرح ملحة الإعراب 356.

ص: 862

أن يسكّن المتحرِّك؛ فإذا صادف حرفًا ساكنًا حذفه ليؤثّر دُخولُه على الفعل، ويظهر عمله؛ فتقولُ1 فيما لامُه حرفُ علّة كـ (يخشى) :(لَمْ يَخْش) بِرَوْمِ حركةٍ تدلّ على الحرف المحذوف.

وكذا المعتلّ العين [مثل: يقول] 2، فتقول:(لم يقل) بسقوط الحرف المعتلّ كيلا يجتمع ساكنان.

وتسقُط النّون من الأفعال الخمسة لدخول الجازم عليها، كقولك:(لَمْ يقوموا) و (لَمّا تقوموا) و (لَمْ تقومي) فتسقُط النّون منها بعامل الجزم كما تسقُط بعامل النّصب. [153/أ]

والمنصوب من هذه الأفعال محمولٌ على المجزوم، كما حُمِلَ المنصوب في التّثنية والجمع على المجرور؛ حملاً في باب الاسم على خاصّة، وفي باب الفعل3 على خاصّة4.

1 في ب: تقول.

2 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ.

3 في ب: افعل، وهو تحريف.

4 لأنّ الجزم في الأفعال نظير الجرّ في الأسماء. الكتاب 1/19.

ص: 863