الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثالث: طلبه للعلم، وشيوخه وتلاميذه
أولاً: أبو جعفر الطحاوي وطلبه للعلم
تتلمذ الطحاوي أول ما تتلمذ على والدته الفقيهة العالمة الفاضلة، ثم التحق بحلقة الإمام أبي زكريا يحيى بن محمد بن عمروس التي تلقي فيها مبادئ القراءة والكتابة، ثم استظهر القرآن الكريم.
وحينما نال الطحاوي الفتي حظاً من مبادئ العلوم والكتابة، واستظهر القرآن الكريم، ضاقت عليه الحلقة، ولم تعد تشبع تطلعه ورغبته في الاستزادة من طلب العلم، فأخذ يتنقل بين حلقات العلماء.
فجلس في حلقة والده، واستمع منه، وأخذ عنه قسطاً من الأدب والعلوم
(1)
.
وتدرج في مدارج العلوم والمعارف، فنال قسطاً وافراً، إلا أنه كان يتطلع إلى ما هو أعلى، فذهب إلى حيث ملتقى العلم والعلماء، ومجمع الفقهاء والمحدثين، فجلس في حلقة خاله (المزني) التي كان يعقدها في بيته فاستمع إلى سنن الإمام الشافعي، وإلى علم الحديث ورجاله، ولازم خاله كذلك في حلقته ا لمسائية التي كانت تعقد للفقه، وتعني على الأخص بفقه الإمام الشافعي، مع موازنته بأقوال الفقهاء وأدلتهم.
واستمر الطحاوي ينهل من معين علم خاله (المزني) في حلقاته ويطع على خزائن كتبه في بيته، فيزداد كل يوم علماً على علم، ومعرفة على معرفة
(2)
.
(1)
انظر: الجواهر المضية (1/ 274).
(2)
انظر: الجواهر المضية (1/ 273) وطبقات الشافعية الكبرى (2/ 93) ومختصر اختلاف العلماء (1/ 222).
كما استفاد الإمام الطحاوي: من فرصة وجوده في الشام وهي ما بين سنة (268 - 269 هـ) فتنقل خلالها بين غزة وعسقلان وطبرية وبيت المقدس ودمشق، فروى عن شيوخها وأفاد منه، وتفقه على القاضي أبي خازم فتلقى فقه العراق من طريقه عن عيسى بن أبان، عن محمد بن الحسن عن أبي حنيفة، وعن بكر بن محمد العمي، عن محمد بن سماعة، عن محمد بن الحسن، عن أبي حنيفة.
ولا يغض من شأنه أنه لا تعرف له رحلة إلى غير الشام، فقد كانت مصر إذ ذاك تزخر بالشيوخ من أهل العلم والرواية، وكان العلماء المشهود لهم بالمعرفة والحفظ يختلفون إليها من كافة الأقطار الإسلامية، فتعقد لهم مجالس التحديث والإملاء، وهم ينتمون إلى مذاهب مختلفة، ولهم تخصصات متعددة تمثل ثقافة عصرهم فكان الإمام الطحاوي حريصاً على الإفادة منهم، والأخذ عنهم، والتفقه بهم، وقد أتاحت له حافظته الواعية، وشغفه البالغ، ودأبه في الطلب أن يستنزف علومهم، ويستوعب مروياتهم، وقد زاد عددهم على سبعين ومائتي شيخ، منهم ما يقارب مائة وخمسين في كتابه هذا، وأثر هؤلاء الشيوخ في تكوين ثقافته المتنوعة واضح كل الوضوح في تصانيفه التي وصلت إلينا
(1)
.
(1)
انظر: لسان لاميزان (1/ 275) والجواهر المضية (1/ 274) وشرح مشكل الآثار (1/ 40).