المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث الثالث: منهجه في تفسير القرآن بأقوال الصحابة والتابعين - أقوال الطحاوي في التفسير: الفاتحة - التوبة

[محمد بن عبد الله الوزرة الدوسري]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌ أهمية هذا الموضوع وسبب اختياره

- ‌خطة البحث

- ‌التمهيد: التعريف بالإمام الطحاوي

- ‌المبحث الأول: اسمه ونسبه، ومولده ونشأته

- ‌أولاً: اسم ونسب الإمام أبي جعفر الطحاوي

- ‌ثانيا: مولد ونشأة الإمام أبي جعفر الطحاوي

- ‌1 - مولده:

- ‌2 - نشأته:

- ‌المبحث الثاني: عقيدته. ومذهبه الفقهي

- ‌أولاً: عقيدة الإمام أبي جعفر الطحاوي

- ‌ثانياً: المذهب الفقهي للإمام الطحاوي

- ‌المبحث الثالث: طلبه للعلم، وشيوخه وتلاميذه

- ‌أولاً: أبو جعفر الطحاوي وطلبه للعلم

- ‌ثانياً: شيوخ الإمام أبي جعفر الطحاوي

- ‌ثالثاً: تلاميذ الإمام أبي جعفر الطحاوي

- ‌المبحث الرابع: مكانته العلمية، وثناء العلماء عليه

- ‌أولاً: المكانة العلمية لأبي جعفر الطحاوي

- ‌ثانياً: ومن العلوم والمجالات التي لم يشتهر فيها الإمام الطحاوي مع كونه إماماً فيها:

- ‌المبحث الخامس: مصنفاته، ووفاته

- ‌أولاً: مصنفات الإمام أبي جعفر الطحاوي

- ‌ثانياً: وفاة الإمام أبي جعفر الطحاوي

- ‌الفصل الأول: منهج الإمام أبي جعفر الطحاوي في التفسير

- ‌المبحث الأول: منهجه في تفسير القرآن بالقرآن

- ‌المبحث الثاني: منهجه في تفسير القرآن بالسنة

- ‌المبحث الثالث: منهجه في تفسير القرآن بأقوال الصحابة والتابعين

- ‌المبحث الرابع: منهجه في تفسير القرآن بأقوال أئمة اللغة

- ‌المبحث الخامس: منهجه في إيراد أقوال أهل التفسير ومناقشته لها

- ‌المبحث السادس: منهجه في إيراد القراءات والتعليق عليها

- ‌المبحث السابع: منهجه في تفسير آيات العقائد

- ‌المبحث الثامن: منهجه في تفسير آيات الأحكام الفقهية

- ‌المبحث التاسع: منهجه في إيراد أسباب النزول

- ‌المبحث العاشر: منهجه في بيان الناسخ والمنسوخ

- ‌الفصل الثاني أقوال الطحاوي فى التفسير

- ‌سورة الفاتحة

- ‌سورة البقرة

- ‌سورة آل عمران

- ‌سورة النساء

- ‌سورة المائدة

- ‌سورة الأنعام

- ‌سورة الأعراف

- ‌سورة الأنفال

- ‌سورة التوبة

- ‌الخاتمة

الفصل: ‌المبحث الثالث: منهجه في تفسير القرآن بأقوال الصحابة والتابعين

‌المبحث الثالث: منهجه في تفسير القرآن بأقوال الصحابة والتابعين

- أولاً: يعد التفسير بأقوال الصحابة المصدر الثالث لتفسير كتاب الله جل وعلا، فهم أعلم به من غيرهم لما شاهدوه من القرائن والأحوال التي اختصوا بها كملازمة الرسول صلى الله عليه وسلم والأخذ عنه والتأثير به في سائر أحوالهم.

ولقد اعتمد الإمام الطحاوي على هذا المصدر في تفسيره، ومن الأمثلة على ذلك:

ما ذكره عند قوله جل وعلا: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ} [النساء:24].

حيث قال: عن أبي سعد الخدري رضى الله عنه، قال: أصبنا نساء يوم أوطاس ولهن أزواج، فكرهنا أن نقع عليهن، فسألنا رسول الله j ، فنزلت هذه الآية:{وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء:24] فاستحللناهن.

ص: 56

قال أبو جعفر: وقد كان أصحاب رسول الله j قد اختلفوا في المحصنات المرادات بما ذكر في هذه الآية من هن؟

فروي .. عن علي وابن مسعود رضي الله عنهما في قوله عز وجل: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء:24]. قال علي: المشركات إذا سبين حللن به.

وقال ابن مسعود: المشركات والمسلمات.

قال أبو جعفر: فكان تأويل هذه الآية عند علي رضي الله عنه على المحصنات المسبيات المملوكات بالسباء.

وكان عند ابن مسعود على اللاتي طرأت عليهن الإملاك من الإماء بالسباء وبما سواه، ومن أجل ذلك كان يقول: بيع الأمة طلاقها، وقد تابعه على ذلك غير واحدٍ من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وقد خالفهما عبد الله بن عباس فيما تأولا هذه الآية عليه، فتأولها على خلافه.

فعن عكرمة عن ابن عباس في قوله عز وجل {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ} [النساء:24]، قال: لا يحل لمسلم أن يتزوج فوق أربعة، فإن فعل، فهي عليه مثل أمه وأخته.

فكانت المحصنات عند ابن عباس المرادات في هذه الآية هن الأربع اللاتي يحللن للرجل دون من سواهن، غير أنه قد روى عنه في تأوليلها ما يخالف ذلك من وجه دون هذا الوجه.

فعن عطية بن سعد عن ابن عباس: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء:24] قال: هن ذوات الأزواج.

قال أبو جعفر: فاحتمل أن يكون بهذا القول موافقاً لعلي أو موافقاً لابن مسعود رضي الله عنهما. وفي حديث أبي سعيد الذي رويناه في هذا الباب في إخباره بالسبب الذي نزلت فيه هذه الآية ما قد حقق في تأويلها ما تأولها علي عليه.

(شرح مشكل الآثار -10/ 70 - 76)

ص: 57

- ثانياً: ويعد التفسير بأقوال التابعين المصدر الرابع لتفسير كتاب الله جل وعلا، وذلك لأسباب كثيرة من أبرزها: أنهم سعدوا برؤية الصحابة الكرام رضوان الله عليهم، وتتلمذوا على أيديهم، كما أنهم من ناحية الفصاحة والبلاغة في الذروة بعد رسول الله j وصحبه الكرام.

ولهذا فقد اعتنى الإمام الطحاوي بأقوال أولئك التابعين، وحرص على الاستشهاد بها في توضيح المراد بالآيات، ومن الأمثلة على ذلك:

ما ذكره عند قوله جل وعلا: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينٍ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلَاةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لَا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَلَا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذًا لَمِنَ الْآثِمِينَ (106)} [المائدة:106].

حيث قال: عن عامر، قال: خرج رجل من بني خثعم، فتوفي بدَقُوَقاء، فلم يشهد وصيته إلا رجلان نصرانيان من أهله، فأشهدهما على وصيته، فقدما الكوفة فأحلفهما أبو موسى الأشعري دبر صلاة العصر في مسجد الكوفة بالله الذي لا إله إلا هو ما خانا ولا بدلا ولا كتما، وإنها لوصيته، ثم أجاز شهادتهما.

قال أبو جعفر: فدل ذلك على أنها كانت عنده محكمة غير منسوخة، ولا نعلم عن أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم خلافاً لهما - يعني ابن عباس وأبا موسى - في ذلك، والله أعلم، ثم التابعون في ذلك قد كان أكثرهم على مثل الذي كانا عليه في ذلك.

فذكر عن إبراهيم، قال: كتب هشام بن هبيرة إلى شريح يسأله عن شهادة المشركين على المسلمين، فكتب إليه أن لا تجوز شهادة المشركين على المسلمين إلا في وصية، ولا تجوز في وصية إلا أن يكون مسافراً

ص: 58

قال: فهذا شريح وهو قاضي الخلفاء الراشدين المهديين قد كان مذهبه فيها أيضاً أنها محكمة غير منسوخة.

وهذا قول: سعيد بن المسيب وقتادة ومجاهد وإبراهيم وسعيد بن جبير وابن سيرين.

وقد قال به من فقهاء الأمصار ابن أبي ليلى والأوزاعي والثوري.

فإن قال قائل: فقد روي عن الحسن ما يخالف أقوال هؤلاء الذين ذكرت.

فذكر .. عن الحسن في قوله: {اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ " [المائدة:106]، قال: من غير أهل قبيلتكم، كلهم من أهل الصلاة، ألا تراه يقول: تحبسونهما من بعد الصلاة؟

فكان جوابنا له في ذلك: أنا لا ندفع إلا يكون أهل العلم قد اختلفوا في ذلك، وكيف ندفع أن يكونوا اختلفوا فيه، وأبو حنيفة في أصحابه، ومالك في أصحابه، والشافعي في أصحابه يذهبون إلى أنها بخلاف ما هي عليه ممن قد ذكرنا، فمنهم من يذهب إلى أنها منسوخة بقوله: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ " [الطلاق:2]، وهذا مما لا يقطع فيه على المخالف بقيام الحجة عليه بالنسخ لما قد أنزله الله في كتابه، وعمل به رسوله صلى الله عليه وسلم وعمل به من عمل به من أصحابه، ولا يجوز أن ينسخ ما قد أجمع على ثبوته إلا لقيام الحجة بما يوجب ذلك فيه.

فأما ما قد ذكرناه مما يستدل به الحسن من قول الله: {تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلَاةِ} [المائدة:106] ما قد دل على أنهما من أهل الصلاة، فإن ذلك مما لا دليل عندنا فيه، وإنما ذلك عند كثير من أهل العلم على أنه قصد بذلك إلى الوقت الذي يعظمه أهل الأديان جميعاً وهو ما بعد صلاة العصر ويتوقونه ويخافون نزول العقوبة بهم عند المعصية فيه، وقد ذكرنا في ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله:(ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم، ولهم عذاب أليم: رجل حلف بعد العصر على سلعة أنه أعطي بها كذا وكذا كاذباً)

ص: 59

فإذا كان هذا الاختلاف في هذا كما قد ذكرنا، بقي حكم الآية على ما كان عليه حتى يكون مثله مما يوجب نسخها، وقد كان الزهري وزيد بن أسلم يذهبان إلى أنها مما قد نسخ العمل به.

كما .. عن زيد بن أسلم في هذه الآية: {شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ} " [المائدة:106] الآية، قال: ذلك كان في رجل توفي، وليس عنده أحد من أهل الإسلام، وذلك في أول الإسلام والأرض حرب، والناس كفار، إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه بالمدينة، وكان الناس يتوارثون بالوصية، ثم نسخت الوصية، وفرضت الفرائض، وعمل بها المسلمون.

قال أبو جعفر: وليس في هذا إلى الآن ما يوجب نسخ هذه الآية. والله الموفق للصواب.

(شرح مشكل الآثار 11/ 457 - 471)

ص: 60