الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حادثة الإفك
روت عويش لنا حديث الإفك
…
قالت كلاما للقلوب يبكي
كان رسول الله إن نوى السفر
…
اقترع بين النساء، والقدر
في غزوة جاء لحظ أمنا
…
قالت خرجت والحجاب عمنا
حتى دنونا ليلة من يثربا
…
قمت لأمري والرحيل وجبا
قضيت، شأني ثم عدت مسرعه
…
فقدت عقدي فعدت راجعه
فرفع القوم برفق هودجي
…
لم يشعروا أن عويشا لم تجي
إذ كانت الأم صغير سنها
…
خفيفة واللحم لما يغشها
كنت أقول أنهم لو لبثوا
…
شهرا وقوفا ههنا لم يبعثوا
ذا الرحل حتى أرتقي في هودجي
…
لكنهم قاموا وكانت لم تجي
قالت: وجدت العقد بعد أن مضوا
…
قلت سيأتي بعضهم إذا رأوا
أتيت منزلي ثم جلست
…
فثقلت رأسي علي نمت
فجاءني صفوان ذاك السلمي
…
رأى بعينه سواد نائم
فاسترجع البر النقي لما رأى
…
أما له وبالوقار ملئا
والله ما كلمت ما كلمني
…
ذي عفة الأم وصدق المؤمن
ركبت رحله وقاد مسرعا
…
ثم أتيناهم ظهيرة معا
وعند ذاك هلك من قد هلك
…
وابن سلول خاض جدا وأفك
جئت المدينة فنمت شهرا
…
مريضة لا أستبين أمرا
ولم يكن يريبني شيء بدا
…
غير الحبيب كان يبدوا باعدا
خرجت ليلة وأم مسطح
…
إلى الخلاء في صعيد أفيح
لكنها تعثرت في مرطها
…
ثلاثة وهي تتعس ابنها
فقلت: أي أم تسبين ابنك
…
قالت: أسبه لما في شأنك
فأخبرت بما جرى من إفكهم
…
فجاءني الداء لهذه التهم
رجعت للبيت وإني أوعك
…
كيف لهؤلاء أن يصدقوا
أتيت أمي وأنا أسألها
…
وإذ به ليس بشيء عندها
فبت ليلة غزيز دمعها
…
لم تكتحل عيني بنوم طولها
وعند ذا هامت وراح وعيها
…
وجاءت الحمى كذا تنهكها
ثم استشار المصطفى أصحابه
…
قال ابن زيد بالذي في نفسه
والله ما نعلم إلا خيرا
…
ولا رأينا قط منهم ضيرا
قال علي لم يضيق ربك
…
ثم برير إن تسلها تصدق
قالت: فلا والله لست أعلم
…
شيئا يريب، ذاك عرض سالم
وهو نقي طاهر لا أمتري
…
كذهب صافي بديع أحمر
قالت: فقام المصطفى من يومه
…
مستعذرا ممن طغى في عرضه
فاختلط الأصحاب عند المصطفى
…
أبدوا لبعض العداء والجفا
فخفض المختار من أصواتهم
…
وقام يسعى مغضبا من بينهم
وسال دمعي لا يجف أبدا
…
ولا نعاس قط في عيني بدا
يوما وليلتين حتى أنني
…
أكاد أن أموت أو أظنني
جاءتني امرأة من الأنصار
…
فجلست تبكي معي في الدار
فبينما نحن كذا أتى النبي
…
وجاء نحوي جالسا في جانبي
ولم يكن أقام عندي شهرا
…
منذ أشاع أهل الإفك شرا
وخاض في عرضي أناس بالأذى
…
ولا أتاه الوحي في أمري كذا
قال لها: إن كلاما جاءني
…
إلى نصيحة لقد أجاءني
سوف يبرئك الإله الواحد
…
إن كان ذا العرض بريئا، فاشهدوا
إن كنت قد ألممت ذنبا فارجعي
…
إلى العظيم توبة وأقلعي
فإنه إن تاب عبد واعترف
…
حاز القبول عند ربي والشرف
تقول: لما قال جف دمعي
…
وكان قولا مثقلا للسمع
فما وجدت قطرة بعيني
…
أبتاه أماه أجيبا عني
قالا: فلا والله لسنا ندري
…
ماذا نقول الآن في ذا الأمر
قالت: فقمت وتشهدت كذا
…
لأدفع العار بنفسي والأذى
لقد علمت إنكم سمعتم
…
ما قالت الناس كذا صدقتم
لئن نطقت أنني بريئه
…
وأنني لم أقترف خطيئه
لستم مصدقين، وإن أعترف
…
بفعلة شنعاء ولم اقترف
صدقتموني، والإله عالم
…
أني حصان النفس، عرضي سالم
إن لكم مثلا بقرآن تلي
…
صبر جميل نستعين بالعلي
ثم تحولت إلى فراشها
…
ترجو الكريم أن يزيح همها
ليس لها غير الإله الواحد
…
العالم البر الرحيم الماجد
قد يئست من كل تدبير لها
…
صارت تعاني جرح قلب وحدها
كل قريب وبعيد قد هجر
…
ولم يعد لها سوى رث البشر
كفى به فهو عليم السر
…
وكاشف البلوى مزيح الضر
وهي صغيرة وذا القلب انفطر
…
لكنه قلب كبير ينتظر
غوث المغيث باليقين مفعما
…
بالاصطبار دائما منعما
فجاءها الغوث من الله العلي
…
براءة بنص وحي منزل
تقول: لا والله ما ظننت
…
أن ينزل القرآن بل رجوت
رؤيا يراها الحب في منامه
…
شأني حقير الحال عن قرآنه
والله ما رام الرسول المجلسا
…
ولم يغادر أهل بيتي المجلسا
حتى أتاه الوحي، والإفك انخرق
…
وعمه مثل الجمان من عرق
أفاق ضاحكا بثغر بارق
…
وجه جميل وجبين مشرق
يمسحه وهو يقول: أبشري
…
ثم احمدي الرحمن دوما واذكري
هذي براءة من الله العلي
…
تتلى مرارا في الكتاب المنزل
لما جرى ذا قالت الأم انهضي
…
إلى حبيبك النبي الماجد
قلت: فلا والله لست أحمد
…
غير إلهي إنه المؤيد
وأنزل العظيم من قرآنه
…
نظمت معناه ولم أوفه
أصحاب الأفك عصبة هم منكم
…
لاتحسبوا شرا أتى إليكم
بل ذاك خير والإله أعلم
…
وكل من خاض بإفك آثم
ومن تولى كبره يا ويله
…
إن عذابه عظيم شره
لولا أتيتم بالشهود أربعه
…
لقولة من الكذاب شائعه
لولا الإله عمكم برحمته
…
والفضل منه مسكم من نقمته
كنتم تناقلونه بالألسنه
…
وتحسبوا أقوال إفك هينه
خاضوا به وبالخنا تكلموا
…
لكنه عندالعظيم أعظم
لا ترجعوا لمثل ذاك أبدا
…
من كان منكم مؤمنا قد اهتدى
ومن أحب أن تشيع الفاحشه
…
في المؤمنين، واللسان الطائشه
فإنه منافق وآثم
…
وحظه دوما عذاب مؤلم
ثم تلا المختار آي عذرها
…
وقامت الأم تؤم بيتها
وخرج الرسول نحو المسجد
…
فجمع الناس وبان المعتدي
تلا عليهم آية البراءة
…
وكان ذاك قاطعا للفتنة
وكان من تولى كبر الأفك
…
ابن سلول والحصان تبكي
فكان يستوشيه ويذيعه
…
يسمعه يقره يشيعه
وقد علمنا بعضهم من عروة
…
فمنهم حسان بن ثابت
ومسطح وحمنة أخت زينبا
…
وغيرهم ممن عدا وأذنبا
فجيء بالمؤتفكة المنافق
…
فضرب الحدين، غير رافق
لأنه قد سب زوجة النبي
…
ليست كأي امرأة لا تعجب
وعزروا وأوجعوا الثلاثة
…
حسان ثم مسطح وحمنة
كانت عويش أمنا تكره أن
…
يسب حسان؛ لفعله الحسن
في ذبه عن النبي الأكرم
…
يفديه بالآباء والعرض السمي
وجاءها في مرة مستئذنا
…
فأذنت ولم تمانع أمنا
قيل لها، قالت: لقد أصابه
…
ذاك العذاب والجزا في عينه
تقول: لما أنزلت براءتي
…
كان أبي ينفق في القرابة
وفيهم مسطح من قد اعتدى
…
وخاض في الإفك وما رام الهدى
فأقسم الصديق ألا ينفقا
…
عليه لما مالأ المنافقا
فأنزل الله العلي {لا يأتل}
…
أصحاب بذل المال والتفضل
أن ينفقوا على قرابة لهم
…
عفوا وصفحا، ذاك غفران لهم
قال: بلى إني أحب المغفره
…
وعاد يعطيه الهبات الوافره