المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌حادثة الإفك روت عويش لنا حديث الإفك … قالت كلاما للقلوب - ألفية أم المؤمنين عائشة - الروضة الأنيقة في نصرة العفيفة الصديقة

[يحيى الصامولي]

الفصل: ‌ ‌حادثة الإفك روت عويش لنا حديث الإفك … قالت كلاما للقلوب

‌حادثة الإفك

روت عويش لنا حديث الإفك

قالت كلاما للقلوب يبكي

كان رسول الله إن نوى السفر

اقترع بين النساء، والقدر

في غزوة جاء لحظ أمنا

قالت خرجت والحجاب عمنا

حتى دنونا ليلة من يثربا

قمت لأمري والرحيل وجبا

قضيت، شأني ثم عدت مسرعه

فقدت عقدي فعدت راجعه

فرفع القوم برفق هودجي

لم يشعروا أن عويشا لم تجي

إذ كانت الأم صغير سنها

خفيفة واللحم لما يغشها

كنت أقول أنهم لو لبثوا

شهرا وقوفا ههنا لم يبعثوا

ذا الرحل حتى أرتقي في هودجي

لكنهم قاموا وكانت لم تجي

ص: 67

قالت: وجدت العقد بعد أن مضوا

قلت سيأتي بعضهم إذا رأوا

أتيت منزلي ثم جلست

فثقلت رأسي علي نمت

فجاءني صفوان ذاك السلمي

رأى بعينه سواد نائم

فاسترجع البر النقي لما رأى

أما له وبالوقار ملئا

والله ما كلمت ما كلمني

ذي عفة الأم وصدق المؤمن

ركبت رحله وقاد مسرعا

ثم أتيناهم ظهيرة معا

وعند ذاك هلك من قد هلك

وابن سلول خاض جدا وأفك

جئت المدينة فنمت شهرا

مريضة لا أستبين أمرا

ولم يكن يريبني شيء بدا

غير الحبيب كان يبدوا باعدا

خرجت ليلة وأم مسطح

إلى الخلاء في صعيد أفيح

ص: 68

لكنها تعثرت في مرطها

ثلاثة وهي تتعس ابنها

فقلت: أي أم تسبين ابنك

قالت: أسبه لما في شأنك

فأخبرت بما جرى من إفكهم

فجاءني الداء لهذه التهم

رجعت للبيت وإني أوعك

كيف لهؤلاء أن يصدقوا

أتيت أمي وأنا أسألها

وإذ به ليس بشيء عندها

فبت ليلة غزيز دمعها

لم تكتحل عيني بنوم طولها

وعند ذا هامت وراح وعيها

وجاءت الحمى كذا تنهكها

ثم استشار المصطفى أصحابه

قال ابن زيد بالذي في نفسه

والله ما نعلم إلا خيرا

ولا رأينا قط منهم ضيرا

قال علي لم يضيق ربك

ثم برير إن تسلها تصدق

ص: 69

قالت: فلا والله لست أعلم

شيئا يريب، ذاك عرض سالم

وهو نقي طاهر لا أمتري

كذهب صافي بديع أحمر

قالت: فقام المصطفى من يومه

مستعذرا ممن طغى في عرضه

فاختلط الأصحاب عند المصطفى

أبدوا لبعض العداء والجفا

فخفض المختار من أصواتهم

وقام يسعى مغضبا من بينهم

وسال دمعي لا يجف أبدا

ولا نعاس قط في عيني بدا

يوما وليلتين حتى أنني

أكاد أن أموت أو أظنني

جاءتني امرأة من الأنصار

فجلست تبكي معي في الدار

فبينما نحن كذا أتى النبي

وجاء نحوي جالسا في جانبي

ولم يكن أقام عندي شهرا

منذ أشاع أهل الإفك شرا

ص: 70

وخاض في عرضي أناس بالأذى

ولا أتاه الوحي في أمري كذا

قال لها: إن كلاما جاءني

إلى نصيحة لقد أجاءني

سوف يبرئك الإله الواحد

إن كان ذا العرض بريئا، فاشهدوا

إن كنت قد ألممت ذنبا فارجعي

إلى العظيم توبة وأقلعي

فإنه إن تاب عبد واعترف

حاز القبول عند ربي والشرف

تقول: لما قال جف دمعي

وكان قولا مثقلا للسمع

فما وجدت قطرة بعيني

أبتاه أماه أجيبا عني

قالا: فلا والله لسنا ندري

ماذا نقول الآن في ذا الأمر

قالت: فقمت وتشهدت كذا

لأدفع العار بنفسي والأذى

لقد علمت إنكم سمعتم

ما قالت الناس كذا صدقتم

ص: 71

لئن نطقت أنني بريئه

وأنني لم أقترف خطيئه

لستم مصدقين، وإن أعترف

بفعلة شنعاء ولم اقترف

صدقتموني، والإله عالم

أني حصان النفس، عرضي سالم

إن لكم مثلا بقرآن تلي

صبر جميل نستعين بالعلي

ثم تحولت إلى فراشها

ترجو الكريم أن يزيح همها

ليس لها غير الإله الواحد

العالم البر الرحيم الماجد

قد يئست من كل تدبير لها

صارت تعاني جرح قلب وحدها

كل قريب وبعيد قد هجر

ولم يعد لها سوى رث البشر

كفى به فهو عليم السر

وكاشف البلوى مزيح الضر

وهي صغيرة وذا القلب انفطر

لكنه قلب كبير ينتظر

ص: 72

غوث المغيث باليقين مفعما

بالاصطبار دائما منعما

فجاءها الغوث من الله العلي

براءة بنص وحي منزل

تقول: لا والله ما ظننت

أن ينزل القرآن بل رجوت

رؤيا يراها الحب في منامه

شأني حقير الحال عن قرآنه

والله ما رام الرسول المجلسا

ولم يغادر أهل بيتي المجلسا

حتى أتاه الوحي، والإفك انخرق

وعمه مثل الجمان من عرق

أفاق ضاحكا بثغر بارق

وجه جميل وجبين مشرق

يمسحه وهو يقول: أبشري

ثم احمدي الرحمن دوما واذكري

هذي براءة من الله العلي

تتلى مرارا في الكتاب المنزل

لما جرى ذا قالت الأم انهضي

إلى حبيبك النبي الماجد

ص: 73

قلت: فلا والله لست أحمد

غير إلهي إنه المؤيد

وأنزل العظيم من قرآنه

نظمت معناه ولم أوفه

أصحاب الأفك عصبة هم منكم

لاتحسبوا شرا أتى إليكم

بل ذاك خير والإله أعلم

وكل من خاض بإفك آثم

ومن تولى كبره يا ويله

إن عذابه عظيم شره

لولا أتيتم بالشهود أربعه

لقولة من الكذاب شائعه

لولا الإله عمكم برحمته

والفضل منه مسكم من نقمته

كنتم تناقلونه بالألسنه

وتحسبوا أقوال إفك هينه

خاضوا به وبالخنا تكلموا

لكنه عندالعظيم أعظم

لا ترجعوا لمثل ذاك أبدا

من كان منكم مؤمنا قد اهتدى

ص: 74

ومن أحب أن تشيع الفاحشه

في المؤمنين، واللسان الطائشه

فإنه منافق وآثم

وحظه دوما عذاب مؤلم

ثم تلا المختار آي عذرها

وقامت الأم تؤم بيتها

وخرج الرسول نحو المسجد

فجمع الناس وبان المعتدي

تلا عليهم آية البراءة

وكان ذاك قاطعا للفتنة

وكان من تولى كبر الأفك

ابن سلول والحصان تبكي

فكان يستوشيه ويذيعه

يسمعه يقره يشيعه

وقد علمنا بعضهم من عروة

فمنهم حسان بن ثابت

ومسطح وحمنة أخت زينبا

وغيرهم ممن عدا وأذنبا

فجيء بالمؤتفكة المنافق

فضرب الحدين، غير رافق

ص: 75

لأنه قد سب زوجة النبي

ليست كأي امرأة لا تعجب

وعزروا وأوجعوا الثلاثة

حسان ثم مسطح وحمنة

كانت عويش أمنا تكره أن

يسب حسان؛ لفعله الحسن

في ذبه عن النبي الأكرم

يفديه بالآباء والعرض السمي

وجاءها في مرة مستئذنا

فأذنت ولم تمانع أمنا

قيل لها، قالت: لقد أصابه

ذاك العذاب والجزا في عينه

تقول: لما أنزلت براءتي

كان أبي ينفق في القرابة

وفيهم مسطح من قد اعتدى

وخاض في الإفك وما رام الهدى

فأقسم الصديق ألا ينفقا

عليه لما مالأ المنافقا

فأنزل الله العلي {لا يأتل}

أصحاب بذل المال والتفضل

ص: 76

أن ينفقوا على قرابة لهم

عفوا وصفحا، ذاك غفران لهم

قال: بلى إني أحب المغفره

وعاد يعطيه الهبات الوافره

ص: 77