الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
دون قتال، هل يخمس، أو هو فيء، أو لكل إنسان ما أخذه؟.
قال: هذا لا يكون، ولو كان؛ لكان غنيمة يخمس ويقسم.
ابن رشد: أبعد انهزامهم دون هازم لهم، وهو ممكن كموت رئيسهم، فيتشتت أمرهم، ويرون سواداً يظنونه جيش إسلام، فيفرون متفرقين ملقين أمتعتهم وأموالهم، فما أصيب منهم فيء لا يخمس، ولو نزلوا بثغر مسلمين، فانهزموا دون قتال؛ لتداعي المسلمين عليهم؛ فغنموهم لخمسوا، وكان سلئرهم لأهل المكان الذي تداعى في النفير إليهم؛ لأنهم بهم انهزموا، قاله ابن حبيب في الواضحة، وهو صحيح.
والمختص بآخذه: ما أخذ من مال حربي غير مؤمن دون علمه، وكرهاً دون صلح، ولا قتال مسلم ولا قصده بخروج إليه مطلقاً على رأي، أو بزيادة من أحرار الذكور البالغين على رأي، كما هرب به أسير، أو تاجر، أو من أسلم بدار الحرب، أو ما غنمه الذميون، وفيما غنمه العبيد والنساء والصبيان خلاف تقدم؛ فلا يدخل الركاز.
[باب الفيء]
**** ما سواهما منه، فيها: خراج الأرضين والجزية، وما افتتح من أرض بصلح، وخمس غنيمة أو ركاز فيء.
الشيخ: زاد ابن حبيب: وما صولح عليه أهل الحرب، وما أخذ من تجرهم، وتجر الذميين.
قلت: وعزاه في باب آخر لمحمد عن ابن القاسم.
ابن بشير: في قسم الفيء على التسوية أو التفضيل، ثالث أقوال المذهب: تخيير الإمام فيهما.
وفيها: أيسوي بين الناس فيه؟
قال: قال مالك: يفضل بعضهم على بعض، ويبدأ بأهل الحاجة حتى يغنوا، وأهل كل بلدة افتتحوها عنوة أو صلحاً أحق به إلا أن تنزل بقوم حاجة، فينقل إليهم منها بعد إعطاء أهلها ما يغنيهم على وجه النظر.
قال ابن حبيب: مال الله الذي جعله رزقاً لعباده مالان: زكاة لأصناف معينة، وفيء ساوى فيه بين الغني والفقير.
قلت: يريد: في مجرد الأخذ لا في معيته أي باعتبار الزمن.
قال: وقاله مالك وأصحابه.
روى مطرف: يعطي الإمام أقرباء رسول الله صلى الله عليه وسلم قدر ما يرى من كثرة المال وقلته، وكان عمر بن عبد العزيز يخص ولد فاطمة صلى الله عليه وسلم كل عام باثني عشر ألف دينار سوى ما يعطي غيرهم من ذوي القربى.
ابن حبيب: سيرة أئمة العدل في الفيء وشبهه؛ أن يبدأ بسد خلل البلد الذي جبي منه أو أفيء منه وسد حصونه، والزيادة في كراعه وسلاحه، ويقطع منه رزق عماله وقضاته ومؤذنيه، ولمن ولي شيئاً من مصالح المسلمين، ثم يخرج عطاء المقاتلة، ثم للعيال والذرية.
قُلتُ: ظاهره: تبدئة العمال على المقاتلة، ويأتي لابن عبد الحكم عكسه، وهو الصواب.
قال ابن حبيب: ثم سائر المسلمين، ويبدأ الفقير على الغني، فما فضل رفعه لبيت المال يقسمه، فيبدأ فيه بمثل ما بدأ به في البلد الذي أخذ فيه، وإن لم يعم الفقراء والأغنياء آثر الفقير إلا أن تنزل ببلد شدة، وليس عندهم ما يذهبها، فليعطف عليهم من غيرها بقدر ما يراه، وإن اتسع المال أبقى منه في بيت المال لما يعرو من نوائبهم، وبناء المساجد والقناطر، وفك أسير، وغزو وقضاء دين، وموته في عقل جرح، وتزويج عازب، وإعانة حاج.
اللخمي: إن كان المال من أرض صلح؛ لم يصرف في إصلاح ذلك البلد؛ لأنه ملك لأهل الكفر، وإن كان بين أظهرهم مسلمون فقراء أعطوا منه.
ابن عبد الحَكم: يبدأ في الفيء الذي يصير في بيت المال بإعطاء المقاتلين من جميع البلدان يعد فيهم من بلغ خمسة عشر سنة ما يحتاجون في العام، ويفاضل بينهم على قدر الثغر وبعده، ثم النساء والذرية والزمناء بقوام عامهم.
التونسي: قول ابن عبد الحَكم: يقسم بين الغني والفقير بالسوية؛ كإرث بين وارثين غني وفقير ليس بينا.
الشيخ عن ابن حبيب: والأعراب والبوادي كالذرية، وما فضل عم به المسلمين، فقيرهم وغنيهم، الرجال والنساء والذرية، وإن قل آثر الفقراء بعد أن يقيم منه ما يحتاج من مصالح المسلمين.
وفيها: لمالك: يبدأ في الفيء بالفقراء، فما بقي كان بين الناس بالسوية إلا أن يرى الإمام حبسه لنوائب الإسلام.
ابن القاسم: وعربيهم ومولاهم سواء؛ لأن مالكاً حدث أن عمر خطب، فقال:
إني عملت عملاً، وعمل صاحبي عملاً، وإن بقيت لقابل لألحقن أسفل الناس بأعلامهم، ما من أحد إلا له في هذا المال حق أعطيه أو منعه، ولو كان راعياً أو راعية بعدن، فأعجب مالكاً هذا الحديث.
ابن حبيب: إن أصاب الأعراب سنةُ؛ فلا بأس أن يغنيهم منه، وفعله عمر رضي الله عنه.
ابن حبيب: روى مالك عن ابن شهاب: كان صلى الله عليه وسلم يأخذ مما أفاء الله عليه نفقته ونفقة أهله سنة، ويسلم ما بقي للمسلمين.
وعن ابن شهاب: قدم أبو عبيدة عليه صلى الله عليه وسلم بجزية مجوس البحرين، قتادة: وهو ثمانون ألفاً.
ابن حبيب: وهو أكثر مال قدم به عليه صلى الله عليه وسلم.
قال قتادة: فصبه على حصير ففرقه، فما حرم منه سائلاً، وجاء العباس فقال: خذ، فجعل يحثي في حجره حتى عجز عن حمله، وقال: هذا خير مما أخذ منا.
الشيخ: رأيت في غير كتاب ابن حبيب: فاستعان بمن يعينه على القيام، فنهاهم صلى الله عليه وسلم حتى نقص منه حتى قوي على النهوض به.
ابن حبيب: سأله صلى الله عليه وسلم حكيم بن حزام أن يعطيه من فتح فيء فأعطاه، ثم سأله فأعطاه، ثم سأله فقال:"خير لأحدكم أن لا يأخذ من أحد شيئاً. قال: ولا منك يا رسول الله. قال: ولا مني"، وكان عمر يعرض عليه العطاء فلا يأخذه.
قُلتُ: فيها كان عمر يدعو حكيم بن حزام ليعطيه عطاءً، فيأبى ذلك حكيم ويقول: تركته على عهد من هو خير منك؛ يريد النبي صلى الله عليه وسلم، فيقول عمر: أشهدكم عليه.
وروى مسلم عن سالم بن عبد الله عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعطي عمر بن الخطاب العطاء فيقول عمر: أعطه يا رسول الله من هو أفقر إليه مني، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خذه فتمول به أو تصدق به، وما جاءك من هذا المال وأنت غير مشرف ولا
سائل؛ فخذه وما لا فلا تتبعه نفسك".
قال سالم: فمن أجل ذلك كان عمر لا يسأل أحداً شيئاً ولا يرد شيئاً أعطيه.
ابن حبيب: لما ولي أبو بكر قال: من كان له من رسول الله صلى الله عليه وسلم وعد فليأتني، فقال جابر بن عبد الله: قال لي صلى الله عليه وسلم: "إن جاءني من مال اليمن أعطيتك هكذا وهكذا وهكذا وحفن بيده"، فلما جاء مال اليمن أعطاه أبو بكر، فحفن له ملء يديه، ثم قال له: عدها، فوجدها خمسمائة فزاده ألفاً، وقدم عليه جملان من مال اليمامة، فما أمسى حتى فرقه جمع المهاجرين والأنصار وأبناء السبيل والمساكين، فيحثي بيديه من المال في ثوب أحدهم حتى فرغ، وكان يساوي بين الناس في القسم.
قال غير ابن حبيب: ولم يكن يكثر في أيامه.
ابن حبيب: لما ولى أبو بكر حضر السوق فقيل له: بالناس إلى نظرك حاجة.
قال: فمن يسعى على عيالي.
قيل: خذ من بيت المال، وفرضوا له درهمين كل يوم، ثم وضع ماله في بيت المال، ومات ولم يستوعبه.
وفي رواية: قالت عائشة: فربح المسلمون على أبي، ولم يربحوا على أحد بعده.
قال: وفضل عمر بين الناس في العطاء.
يحيى بن سعيد: بلغت المغانم يوم جلولاء ثلاثين ألف ألف، بعث سعد بن أبي وقاص خمسها إلى عمر فاستكثره، فصب في المسجد، وغطاه بالمسوح والأنطاع، وبات عليه علي بن أبي طالب، وعثمان، وطلحة، والزبير، وعبد الرحمن بن عوف، وعبد الله بن أرقم خازن عمر على مال المسلمين، فلما أصبح عمر دعا بالناس، ثم كشف عنه، فإذا فيه حلي وجوهر وتيجان، فلما أصابتها الشمس التهبت، فحمد الله عمر والمسلمون حمداً كثيراً، وفرح المسلمون، واشتد بكاء عمر، فقال عبد الرحمن بن عوف:
يا أمير المؤمنين ليس هذا حين بكاء.
قُلتُ: زاد في الرواية: إنما هو يوم شكر.
ابن حبيب معها: وقال عمر: والله ما فتح هذا على قوم إلا قطعوا أرحامهم، وسفكوا دماءهم، ووقعت العداوة بينهم.
قُلتُ: لعله تفرس نتيجة وهذه، أو أخذه من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قدم عليه أبو عبيدة بجزية مجوس البحرين:"والله ما أخاف عليكم الفقر، ولكني أخاف عليكم الغنى أن تبسط لكم الدنيا كما انبسطت لمن كان قبلكم، فتنافسوا فيها، فتهلككم كما أهلكتهم".
قال ابن حبيب: وكان في المال تاج كسرى وسواراه وفروه، فدعا عمر سراقة بن جعشم، وكان طويلاً طويل الشعر، فألبسه فرو كسرى، ووضع تاجه على رأسه وسواريه في يديه، ثم قال: اللهم لك الحمد أنت سلبت هذا كسرى وألبسته سراقة، اللهم منعت هذا نبيك إكراماً له، وفتحته علي لتسألني عنه، اللهم قني شره، واجعلني أنفقه في حقه، وأمر سراقة، فنبذ ذلك في المال، فما برح حتى لم يبق منه شيء.
قال مالك: كان عمر رضي الله عنه: لا يأتيه مال إلا أظهره، ولا رسول إلا أنزله، وكان يقسم للنساء حتى إن كان ليعطيهن المسك والورس.
قال حذيفة: لم يزل أمركم ينمو صعداً ما كان عليكم خياركم، وكان عمر يستجيد الحلل الرفيعة بخمسمائة إلى ألفين يكسوها الصحابة، ويلبس الخشن المرقع، فخرج الحسن والحسين إلى المسجد وعمر جالس ولم يلبساها، فقال: لم لا تلبسانها؟ فقالا: كبرت علينا يا أمير، فاغتم وأسرع بكتاب إلى عامل اليمن يستحثه في حلتين على قدرهما، فبعث بهما، فكساهما ذلك، وجعل عطاءهما مثر عطاء أبيهما.
ابن حبيب: الحلة رداء ومئزر، ورداء وجبة، لا ثوب واحد.
قال: ولما كثر المال دون للعطاء ديواناً فاضل فيه بين الناس، أمر شباب قريش
بتدوينه، فكتبوا بني هاشم، ثم الصديق وقومه، ثم عمر وقومه، فلما نظره قال: ابدؤوا بقرابته صلى الله عليه وسلم، ثم بالأقرب فالأقرب منه حتى تضعوا عمر حيث وضعه الله، وابدؤوا من الأنصار بسعد بن معاذ، والأقرب فالأقرب منه، فقال العباس: وصلتك رحم يا أمير المؤمنين، فقال له: يا أبا الفضل: لولا رسول الله صلى الله عليه وسلم ومكانه الذي وضعه الله به كنا كغيرنا من العرب، إنما تقدمنا بمكاننا منه، فإن لم نعرف لأهل القرابة منه قرابتهم لم تعرف لنا قرابتنا، وقال لأهل مشورته: أشيروا علي، أريد أن أفاضل بين الناس، فقالوا: اذكر ما تريد، فإن كان حسناً تابعناك، وإلا أعلمناك برأينا.
قال: أبدأ بأزواجه صلى الله عليه وسلم، فأفرض لكل واحدة اثني عشر ألف درهم إلا صفية وجويرية أفرض لكل واحدة منهما شطر ذلك، ولكل رجل من آله صلى الله عليه وسلم اثني عشر ألفاً، ولكل رجل من المهاجرين صلبية وحلفاً ومولىً خمسة آلاف، وأنا رجل منهم في الفرض، وأفرض لأهل بدر من قريش وغيرهم صلبية وحلفاً ومولى مثل ذلك.
قُلتُ: كل قرشي بدري مهاجر؛ فيكون له عطاءان، وأفرض للأنصار صلبية وحلفاً ومولى لكل رجل أربعة آلاف، ثم أفرض للناس بقدر منازلهم في الإسلام أجعل أكثرهم حظاً أكثرهم قرآناً وعلماً، وأحسنهم حالاً، فلم ينكروا من رأيه شيئاً، وفرض لصهيب خمسة آلاف، ولسلمان أربعة آلاف، ولابنه عبد الله ثلاث آلاف، ولأسامة بن زيد ثلاثة آلاف وخمسمائة، فقال ابنه: ليس أسامة أقدم مني إسلاماً، ولا شهد ما شهدت، فقال عمر: كان أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منك، وأبوه أحب إليه من أبيك، وفرض لأبناء شهداء بدر وأحد ثلاثة آلاف لكل رجل، ولكل من مهاجرة الفتح ألفين، ثم فرض للقبائل على قدر منازلهم في الإسلام حتى فرض لربيعة العراق ثلاثمائة لعربيهم، ومائتين وخمسين لمولاهم؛ لأن عربهم سبقوا إلى الإسلام.
قال: فقالت ربيعة: جعلتنا أوضع العرب فريضة.
قال: كنتم آخر العرب إسلاماً، وأسلمتم في داركم، ولم تهاجروا، وفرض للمنفوس مائة درهم في السنة، وفرض للعيال لكل ذكر وأنثى جريبتين من بر في كل شهر، وقسطين من زيت، وقسطين من خل، ومائة درهم كل سنة.
ابن حبيب: الجريب: قفيز بالقرطبي.
قُلتُ: فيها: لابن القاسم: قال مالك: مر عمر رضي الله عنه ليلة، فسمع صبياً يبكي، فقال لأهله: ما لكم لا ترضعونه، فقالوا: إن عمر لا يفرض للمنفوس حتى يفطم ففطمناه، فولى عمر قائلاً: كدت والله أن أقتله، ففرض للمنفوس من يومئذ مائة درهم.
ابن القاسم: ويبدأ بالمنفوس الفقير والده.
قال: وذكر مالك أن عمر رضي الله عنه كتب إلى عمرو بن العاص وهو بمصر زمن الرمادة وبلغني أنها كانت ست سنين: واغوثاه ثلاثاً، فكتب له عمرو: لبيك لبيك لبيك، فكان يبعث إليه بالسعير عليها الدقيق في العباء، فكان عمر يدفع البعير بحمله لأهل البيت يقول: كلوا دقيقة، والتحفوا العباء، وانحروا البعير، فائتدموا بشحمه، وكلوا لحمه.
ابن حبيب: لما ولي عمر لم يكفه الدرهمان، فزادوه درهمين، فلما فرض للعيال فرض لعياله، وترك الأربعة دراهم، وكان يكتسي من بيت المال، ويأخذ عطاءه مع أصحابه، ثم ترك ذلك، وجعل طعامه من خالص ماله، فلما احتضر أمر بحصر ما أخذ من بيت المال، فوجد أربعة وثمانين ألفاً، فأمر ابنه عبد الله أن يقضيها من صلب ماله، فإن لم يفِ؛ فليستعن ببني عدي، فباع من ماله بعده بمثل ذلك، وأتى به عثمان فقال: قبلناها منك ووصلناك بها.
قال: لا حاجة لي أن تصلني بأمانة عمر، وولي عثمان.
قال الحسن: فأقام للناس كما فعل عمر، فكان العطاء داراً والعدو منفي، وما على الأرض مؤمن يخاف مؤمناً أن يسل عليه سيفاً.
قال ابن سيرين: كثر المال أيامه حتى بيعت جارية بوزنها، وفرس بمائة ألف درهم.
قال ابن حبيب: وكان على منهاج من قبله في النفقة من ماله قصداً وتنزهاً.
قال: وولي علي رضي الله عنه فسار في قسم المال بالعراق سيرة عمر غير أنه لم يفاضل بين الناس.
قال: وأخبره صاحب بيت ماله بأنه امتلأ من صفراء وبيضاء، ففتحه، ثم قسمه بين الناس وأمر بكنسه، وتنزه أن ينفق من مال الله شيئاً، وقال: قال صلى الله عليه وسلم: "ليس لخليفة