الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الإيجاف قبل مشاهدة القتال حتى يتمكن في كينونته له وفي يده.
الشيخ عن سحنون: سهما الفرس المحبس للمحبس عليه.
[باب الغلول شرعاً]
الغول: ابن العربي: هو الخيانة بأخذ الشيء للغير على الاختفاء.
أبو عمر عن يعقوب: يقال في المغنم: غل يغل بالضم والكسر إذا خان.
الجوهري عن أبي عبيدة: الغلول من المغنم فقط، لاذ من الخيانة ولا الحقد؛ لأنه يقال في الخيانة: أغل، وفي الحقد: غل؛ ثلاثياً يغل بالكسر، ومن الغلول يغل بالضم.
قلت: هو عرفاً أخذ ما لم يبح الانتفاع به من الغنيمة قبل حوزها، فهو أخص منه لغة.
الأكثر: حرام إجماعاً.
ابن العربي: كبيرة.
عياض: لا خلاف أنه من الكبائر.
الشيخ: روى محمد: من ظهر عليه قبل أن يتوب؛ أدب وتصدق بما غل إن افترق الجيش، وإن لم يفترق؛ رد في المغنم، وأنكر مالك حرق رجله.
قلت: هو نص قذفها.
ابن حبيب: يعاقب عقوبة شديدة.
سحنون عن معن: لا بأس أن يصلي عليه.
الشيخ عن أصبغ: لا يحرم سهمه، وهو في التلقين على أنه المذهب.
وسمع ابن القاسم جواب مالك عن عقوبته: إن تاب ورد ما غل: ما سمعت فيه
بشيء، ولو عوقب؛ لكان لها أهلاً.
ابن القاسم: لا يؤدب.
سحنون: كالمرتد، ومن رجع عن شهادته عند الحاكم.
ابن رشد: معنى قولي ابن القاسم وسحنون: إن تاب قبل القسم، ورد ما غل في المغنم كمن رجع عن شهادته قبل الحكم، وقول مالك مثل ما في سرقتها فيمن رجع عن شهادته قبل الحكم، وادعى وهما وتشبيهاً، ولم يبن صدقه، ومن تاب بعد القسم، وافتراق الجيش؛ أدب عند جميعهم على قولهم في الشاهد يرجع بعد الحكم؛ لأن افتراق الجيش كنفوذ الحكم؛ بل هو أشد؛ لقدرته على الغرم للمحكوم عليه ما أتلف عليه، وعجزه عن ذلك في الجيش.
ابن حبيب: إن تنصل منه عند الموت، فإن كان أمراً قريباً، ولم يفترق الجيش؛ فهو من رأس ماله، وإن طال؛ فمن ثلثه.
والمباح الانتفاع به منها الطعام مطلقاً.
عياض: أجمع علماء المسلمين على إجازة أكل الطعام منها بأرض العدو بقدر الحاجة، وجمهورهم على عدم شرط إذن الإمام، وحكاية الزهري شرطه؛ لم يوافق عليه.
وفيها: الطعام والعلف والبقر والغنم بأرض الحرب جائز أكله، وأخذه للانتفاع بد دون الإمام.
الشيخ عن ابن حبيب: من السنة عدم قسم المطعم والمشرب، ومن أصابه؛ أحق به إلا أن يواسي به، أو يفضل عن حاجته، وله النفقة منه إلى منصرفه دون إذن الإمام، ولو نهاهم عنه، ثم اضطروا إليه؛ جاز لهم أكله، ولو أخذ الناس منه حاجتهم، وضم الإمام باقيه للمغنم؛ جاز لمن احتاج أكل ذلك.
ولا بأس بأكل طعام العدو قبل دعوته فيمن يدعى منهم.
وروى اللخمي لمن احتاج إلى طعام أخذه بعد جمعه الإمام دون إذنه.
ابن حبيب: لا بأس بما لت من السويق بسمنهم وعسلهم، وأكل جبنهم لا جبن المجوس، والمذهب نص القاضي تخصيص الإباحة بأهل الجيش، وقاله اللخمي بلفظ المقاتلين.
الشيخ عن محمد عن ابن القاسم: والفلفل والدارصيني يحتاجه لطعامه كالطعام.
وفي كون ذبح الماشية للأكل كالطعام طريقان:
المازري والباجي: عن المذهب كالطعام، ورواه اللخمي، وتقدم نصها في الغنم والبقر.
محمد عن ابن القاسم: لهم أن يضحوا بالغنم، ولو أحرزت في الغنيمة، ولمن احتاج للحم أخذه من الغنم والبقر دون إذن، ويطرح الجلد في الغنيمة، فإنه لم يكن له ثمن؛ صنع به ما شاء.
وله عن ابن حبيب: إذا لم يقدروا على البقر ونحوها إلا بالعقر؛ فلهم ذلك، ويأكلون ما لم يبلغ العقر مقتله.
ابن بشير: في لحوق الماشية بالطعام قولان.
قلت: لا أعرف الثاني لأقدم منه.
الباجي: في كون ما ينتفع به ببقاء عينه كالفرس والسلاح والثوب كالطعام قول ابن القاسم وروايتا على وابن وهب.
اللخمي: قال مالك مرة: له أخذ الفرس يقاتل عليه، ويركبه حتى يقفل إلى أهله أو يرده للغنيمة، وألحق به ابن القاسم السيف والثوب.
وروى على وابن وهب منعه في الثلاثة، وأرى جوازه في الفرس والسيف للقتال بهما، ويردهما بانقضائه، ولا يقفل بهما، وإن كان القسم قبل القفول؛ كان عدم تأخيره أبين، وسهما الفرس له، وعليه أجر مثله، ولا ينتفع بالثوب بحال إلا أن يقوم عليه ليحاسب به.
قلت: في قوله: وعليه أجر مثله مع إجازته له أخذ نظر، وكذا في قوله في الثوب: إلا أن يقوم عليه ليحاسب به إن أراد كون التقويم دون إذن الإمام.
وفي رواية علي وابن وهب فيها: لو جاز ذلك؛ لجاز أخذ العين يشتري بها ذلك، ورده عبد الحق بأنه بغير العين مع بقاء عينها، وفي العين بعد إتلافها.
وفيها: لابن القاسم: لا شيء على مستقرض طعام ممن أصابه ببلد الحرب لمقرضه.
اللخمي: لو كان الطعام قدر حاجته أياماً، فأقرضه بعضه؛ ليأخذه وقت حاجته؛
فله ذلك، وعلى المعروف لو رده مستقرضه لتوهمه لزومه من طعام يملكه، ففي رجوعه به شرط قيامه أو مطلقا نقلا عبد الحق عن الجاري بمجالس بلده قياسا على قولها: من أثاب من صدقته؛ لظن لزومه، وبعض القرويين مفرقاً بأن رد الطعام بالجبر لمكان شرطه، وفي الصدقة طوعاً لعدمه، وصوب الصقلي الأول.
عبد الحق: ولو رده من طعام أهل الحرب؛ فلا رجوع له فيه مطلقاً، وفي جواز بدل القمح بالشعير بين أهل الجيش متفاضلاً نقلا اللخمي عن سحنون وابن أبي الغمر.
المازري: لو كان أحدهما من غير أهل الجيش؛ منع الربا.
وفيها: لا بأس بمنع من بيده قمح أو لحم أو عسل ما بيده آخر؛ صح بيده منها ما ليس بيد الأول حتى يعطيه ذلك مبادلة.
اللخمي: كره ابن حبيب بيع طعام ليشتري به طعاماً، ورأى الثمن مغنماً.
وقال سحنون عن بعض أصحابه: من باعه ليصرف ثمنه في كسوة أو سلاح، ولا شيء عنده؛ لا بأس عليه، كما لو أخذه من المغنم، فإن بلغ بلده؛ تصدق به، وإن كان ليتماثل ثمنه وله قدر؛ فهو مغنم.
الشيخ عن محمد عن ابن القاسم: إن باع غاز طعاما من غير عاز بطعام أو علف؛ فلا بأس به.
وروى أشهب كراهته، ولا وجه لها.
وقيل لأشهب: أيدفع منه لمن يحجمه؟.
قال: لا أحبه بشرط.
وفي كتاب ابن سحنون: من أجر عبداً بطعام من الفيء؛ غرم قيمته، وجعلها في الفيء.
وسمع سحنون قول ابن القاسم وروايته: من باع طعاماً ممن يأكله ببلد الحرب، ثم علم بعد خروجه؛ رد للمغنم لا على المشتري، وإن رأى الإمام بيع الطعام لغنى الناس عنه ببلد الحرب وحاجتهم له ببلد الإسلام؛ فلا بأس به.
ابن رشد: لا خلاف في ذلك؛ لأن شرط إباحة الطعام الحاجة إليه.
وفيها: ما فضل من طعام بعد خروجه من بلد الحرب يتصدق بكثيره، ولا بأس
بأكله ليسيره.
اللخمي والباجي: إنما يتصدق به إن افترق الجيش وإلا رده للقسم.
ابن بشير: هو كمال مجهول مالكه يتصدق به على المشهور، ولو أوصى به بعد موته، فإن قرب أمره أو علم سببه؛ فمن رأس ماله وإلا فمن ثلثه.
قلت: لا أعرفه إلا في الغلول كما مر لابن حبيب، ويشبه زكاة العين والفطر.
ونقل الصقلي والبرادعي مسألة المدونة بلفظ: إذ خرج لبلده ومعه منه فضله.
وزاد الصقلي عن محمد: يتصدق منه حتى يبقى اليسير، فيكون له أكله مع أهله، ولهذا الأصل اعتبار في كثير نقص كيل ما بيع على التصديق وزيادته، وحط بعض الثمن في المرابحة، وحظ القليل المعتاد مما بلغ الثلث في الحوائح ونحو ذلك.
وسمع القرينان: من خرج بقربة أو عسل من بلد الحرب إلى بلده؛ لا بأس بأكله إن قل.
ابن رشد: هذا كقوله فيها.
العتبي عن أصبغ: من لت بأرض اتلحرب سويقه بإدام من المغنم، أو صبغ ثوبه منه، فخرج به لأرض الإسلام؛ لا شيء عليه فيما قل، وما كثر؛ كان شريكاً بقيمة ثوبه أو سويقه.
ابن رشد: هذا بين؛ لأن الصبغ واللتات غير قائمة في المرابحة والعيوب، والاستحقاق والسرقة، وغير ذلك، وفي مساواته بيسبر الصبغ بالإدام نظر؛ لأن له الخروج بيسير الإدام لا بما له من الصبغ ثمن، ولو قل لقوله صلى الله عليه وسلم:"شراك أو شراكان من نار".
وفيها: لا أرى بأسا لمت احتاج لجلود منالمغنم يأخذها يجعل منها نعالاً أو خفافاً
أو حزماً أو أكفاً.
وسمع ابن القاسم: جلود ما ذبحه الغزاة بأرض الحرب تطرح في المقاسم إن كان لها ثمن، وإلا فلا بأس أن يأخذوها.
ابن رشد: يريد: وإن لم يحتاجوا إليها على ما قاله أول الرسم، وإن كان لها ثمن؛ لم يجز لهم أخذها إن لم يحتاجوا لها؛ لأنه غلول، وإن احتاجه لها لشد قتب ونحوه فمنعه ابن نافع.
وروى ابن القاسم في المدينة: لا بأس بأخذهم إياه، ومثله في الواضحة، وهو ظاهر المدونة.
وسمع القرينان: لا بأس بأخذ الغازي ما احتاج إليه من غرارة وجلد وشيح.
قيل: إن أحدهم أتى بكبة خيط اشتراها بدانق طرحها في المغانم، ثم قال: هذا رياء.
ابن رشد: ما لم له من ذلك ثمن؛ فله أخذه إن احتاج إليه على ما في المدونة خلاف قول ابن نافع.
وفيها: ما نحته بأرض الحرب من سرج أو سهم، أو مشجب وشبه؛ فهو له ولا يخمس.
القاسم وسالم: وكذا ثمن ما صاده من طير وسمك وفخار صنعه.
وسمع القرينان: شجر شأنها بأرض الحرب خفيف إن جيء بها لرب المقاسم لا يقبلها، وتبلغ بأرض الإسلام ثمناً كثيراً؛ لا بأس بأخذها.
ابن رشد: اتفاقاً.
قلت: ذكرها المازري في القسم المختلف فيه.
ابن رشد: وما صنعه بأرض الحرب من سرج وسهام وما لا ثمن له إن قل؛ فلصانعه اتفاقاً، وإن كثر؛ ففي كونه كذلك أو فيئا، ثالثها: له أجر عمله، وباقيه فيء لأحد قوليها وسماع سحنون ابن القاسم وثاني قوليها.
قلت: عزا ابن حارث الأول لإحدى روايتي ابن نافع والشيخ لابن حبيب قائلاً
منه ما صيد من طير ووحش وحوت، لا الصقور ولا البزاة، وما يصاد به مما يعظم قدره.
وعزا ابن حارث الثاني لإحدى روايتي ابن نافع والثالث لابن الماجشون وأصبغ، وعزاه الشيخ لمحمد عن ابن القاسم قائلاً: وليس عليه قيمة الخشب؛ ليكون له السرج والتوابيت والرماح؛ لأن أجر عمله أقل والثمن أكثر، ولم يعزه التونسي، وقال: هذا على قول عبد الملك: من غصب خشبة، فعملها تابوتاً؛ لرب الخشبة أخذ التابوت حسن، وعلى قول ابن القاسم: يكون له قيمة المصنوع.
قلت: يجاب بأن الغازي غير غاصب، فصنعته واردة على غير مضمون له، فقوي بقاء ملك المصنوع على ما كان عليه قبل الصنعة، والغاصب ضامن، فوردت صنعته على مضمون له، فقوي سبب فوته ودخوله في ملك صانعه.
ابن رشد: وما له ثمن من مباح أرض العدو غير محوز لبيوتهم كالمسن والدواء من الشجر والطير التي يصاد بها إذا صيدت في كونه، كما لا ثمن له أو كطعام غنيمة قولا ابن عبد الحكم مع ابن وهب وابن حبيب مع نقله عن مالك وأصحابه، وسماع عيسى ابن القاسم.
وعبر الباجي عن قول ابن حبيب بأنه فيء.
ابن رشد: فلو صنع؛ فعلى الأول كالقسم الأول، وعلى الثاني في كونه فيئا، وإلا قدر قيمة عمله قولان.
وسمع ابن القاسم: أخذ العصا والدواء من أرض العدو لا بأس به، والرخام والمسن فيه شك؛ لأنه لم يصل ذلك الموضع إلا بالجيش فلا أحبه.
ابن رشد: تفرقته بين ما ينبت وما لا ينبت على ما فسر به ابن القاسم قوله في المبسوطة قول ثالث لا يعضده أصل، ولا بأس بأخذ ما لا ثمن له من ذلك اتفاقاً.
الشيخ عن ابن سحنون عنه: لا بأس بقبول أمير المؤمنين ما أهدى له أمير الروم وتكون له خاصة.
وقال الأوزاعي: هي للمسلمين، ويكافئ بمثلها من بيت المال.
سحنون: لا مكافأة عليه.
الشيخ عن ابن حبيب: إن غزا الأمير الأعظم أو أقام، فما أهدى له أهل الحرب أو بعضهم أو طاغيتهم لجميع المسلمين، واختصاصه صلى الله عليه وسلم بما أهدي له خاص به، ولذا لما أهدت امرأة ملك الروم إلى زوجة عمررضي الله عنه جوهراً مكافأة لها في ربعه طيب أهدتها إليها أخذ عمر الجوهر، فرده للمسلمين، وأعطى زوجته ثمن الطيب.
الشيخ عن سحنون: وأمير الطائفة في قبول الهدية واختصاصه بها؛ كأمير المؤمنين إن كان الروم في منعه وقوة، وإلا فهي رشوة لا يحل قبولها.
الشيخ: عنه وعن أشهب ومحمد عن ابن القاسم: لا يقبلها أمير جيش من مسلم، أو ذمي تحت سلطانه، ويقبلها ممن ليس تحته من مسلم أو ذمي أو حربي، وهي له خاصة، وقال ابن حبيب.
وزاد: قال أهل العلم: لا يقبلها ممن في عمله من مسلم أو ذمي إلا من صديق ملاطف مستغن عنه.
وروى ابن نافع في السرية: ترجع بالفاكهة، فيهدي أهلها للإمام منها لا بأس باليسير منه، وتركه أمثل.
قلت: لعله؛ لأنهم لا يسوغ لهم إلا أكل اليسير والكثير يرد غنيمة، أو يتصدق به حسبما مر.
وسمع عيسى ابن القاسم: هدية العدو للإمام بأرض الحرب لجماعة الجيش؛ لأنها إنما تأتيه على وجه الخوف إلا أن يعلم أنها لقرابة أو مكافأة، فيختص بها، وأما الرجل من الجيش تأتيه الهدية؛ فهي له خاصة.
ابن رشد: لم يفرق بين إتيانها الإمام من الطاغية أو من حربي غيره، وذلك مفترق، إن أتته من الطاغية؛ فليست له اتفاقاً، وفي كونها غنيمة للجيش تخمس أو قيئاً لكل المسلمين؛ لا تخمس قولان لظاهر هذا السماع، والآتي على ما حكى ابن حبيب فيما أخذه والي الجيش صلحاً من الحصون ينزل عليها.
وإن أتته من حربي غيره، فروى أشهب: هي له خاصة إن كان الحربي لا يخاف منه، ولو أتته من طاغية أو غيره قبل أن يدرب في بلاد الحرب، فحكى الداودي أنها له خاصة، والصحيح المشهور المعلوم أنها فيء لجميع المسلمين، وما قبله صلى الله عليه وسلم من هدايا
عظماء الكفار ككسرى، والمقوقس صاحب مصر، ومالك ذي يزن والنجاشي وغيره خاص به؛ لأنها كانت تأتيه إجلالاً له لحرمته وهيبة النبوة، ورد صلى الله عليه وسلم على عياض بن حمار هديته وقال:"إنا لا نقبل زبد الكفار".
قيل: لأنه كان من المشركين الذين لا يؤمنون بالبعث، فهم من العرب كالمجوس في العجم لا تؤكل ذبائحهم، ولا تنكح نساؤهم، وغيره ممن قبل هديته كانوا أهل كتاب.
وقيل: كان ذلك قبل نزول قوله تعالى: {وما أفاء الله على رسوله منهم فما أوجفتم} الآية [الحشر:6]، وأما الرجل من الجيش تأتيه الهدية بأرض الحرب من بعض قرابته وشبه ذلك؛ فهي له اتفاقاً.
الشيخ عن محمد عن مالك وأصحابه: تقسم الغنيمة ببلد الحرب إذا بلغ مجمع عسكرهم وواليهم، ولا ينتظر القفول.
محمد: وليس ذلك للسرية قبل أن تصل لعسكرها.
وقال عبد الملك: وحده إلا أن يخضى من ذلك من السرية ضيعة بيدارهم الانصراف؛ فلواليها أن يبيع؛ ليحوط من اشترى متاعه، ويمضي البيع على من غاب من الجيش.
قلت: كذا ذكر الشيخ والباجي واللخمي انفراد عبد الملك بهذا، وإذا كان الأمر كما ذكر؛ فلا أظنه يخالفه فيه غيره.
الشيخ عن ابن حبيب: السنة قسم الغنيمة ببلد الحرب كفعله صلى الله عليه وسلم والخلفاء بعده.
وينبغي أن يؤذن الناس بذلك ويواعدهم لمكان يأمن فيه من كرة العدو.
وفيها: الشأن قسم الغنائم ببلد الحرب كفعله صلى الله عليه وسلم والخلفاء بعده، وهم أولى برخصها، واستشكل بملزومية رخصها قلى كمية الإسهام، وملزومية عكسها عكسه.
وأجيب بتقرر ذلك في الخمس دون ملزوميته قلة الإسهام.
وفي الموازية: يقسم الإمام كل صنف على خمسة أسهم بالقيمة، ثم يسهم عليها، فيكتب في سهم منها الخمس أو لله أو لرسوله.
قال أبو عمر: فعله صلى الله عليه وسلم والأئمة، فيبيع الإمام للناس أربعة أخماسهم، وله بيع الجميع قبل القسم، ويخرج الخمس من الثمن.
قلت: إنما يتم تعليل مالك فيها ببيع الجميع حسبما مر.
ابن سحنون عنه: ينبغي بيع الإمام عروض الغنيمة بالعين ثم تقسم، فإن لم يجد من يشتري العروض قسمها أخماساً، ثم على الغانمين.
ابن حبيب: قال أهل العلم: ما أمكن قسمه قسمه إن شاء، وما لم يمكن قسم ثمنه مع ما غنم من ذهب أو فضة، وله بيع الجميع، وقسم ثمنه، ولا يبيع إلا نقداً إلا أن يكون ضرراً.
الباجي: في كون قسم الغنيمة ببيعها، وقسم ثمنها، أو بتخيير الإمام في ذلك، وقسم إعيانها قولا سحنون- قائلاً: إلا أن يجد للعروض مشترياً فيقسمها- ومحمد.
قلت: الأول ظاهرها.
ابن حبيب: وبيعها الإمام بيع براءة إلا من قام قبل القسم، وافتراق الجيش؛ فلا بأس أن يقبله الإمام ويبيعه ببيان.
الشيخ: هذا استحسان غير لازم للإمام؛ لأنه عند أصحابنا بيع براءة.
قلت: في عتقها الأول: في بيع ما أعتقه مدين لدينه بيع السلطان بالمدينة على خيار
ثلاثة أيام إن وجد من يبيعه وإلا أنفذه.
وصفة قسمها قال محمد: يقسم الوصفاء خمسة أقسام، ثم النساء المتقاربات كذلك، ثم الرجال كذلك.
اللخمي: يجوز قسمها على ما في المدونة في العبيد في الخير والثياب والأمتعة.
وقول محمد: فجعل الوصفاء بانفرادهم، والنساء كذلك حسن مع الكثرة.
وقيل: تجمع العبيد الذكور والإناث والصغار والكبار والمتاع في قسم واحد ابتداءً.
وقيل: إن لم يحمل كل صنف القسم، وما غنم مما ملكه كافر من مال مسلم يأخذه منه كرهاً إن حضر ربه قبل قسمه أخذه مجاناً.
ابن حارث: اتفاقاً، وإن عرف وغاب فطرق.
الشيخ عن سحنون: يوقف له، ولو كان بالصين.
محمد: إن كان خيراً لبه؛ بعثه بكراء، ونفقة فعله الإمام، وإلا وقف له ثمنه، ولزمه بيعه؛ لأنه بيع نظر.
اللخمي: إن لم يكن له حمل نقل إليه، وإلا فإن أتى أجر حمله على أكثره، أو لم يوجد من يحمله بعث له بثمنه، وإلا اكترى له عليه.
ابن بشير: في بيعه وبعثه في الروايات إشارة إلى خلاف فيه، وليس كذلك؛ بل ينظر الإمام لربه بالأصلح.
الباجي: روى ابن وهب فيما غاب ربه: إن عجز عن تسليمه له قسم.
اللخمي: لو علم البلد الذي أخذ منه؛ فظاهر قول مالك وابن القاسم قسمه.
البرقي: وعبيد إن وجد عليه: هذا لفلان بن فلان ككتان مصر وقف حتى يكشف عنه ببلده، فإن لم يعلم ربه؛ قسم ولو عرفه واحد من العسكر؛ لم يقسم.
قلت: عزا الشيخ الأول لسحنون، ولم يحك غيره، ولو جهل عين ربه؛ ففي قسمه ووقفه رجاء أن يعرف كاللقطة، فإن لم يعرف؛ قسم ثالثها حتى يأتي ربه لها.
وللخمي عن محمد والباجي عن القاضي، ولم ينقل أحدهما ما نقل الآخر، ونقلهما المازري، وعزا الثاني للمدونة، وعبر عن الثالث بوقفه كاللقطة مطلقاً.
وفي أخذه ربه إن حضر بموجب الاستحقاق طرق، مقتضى نقل اللخمي عن المذهب ومحمد: بعثه لربه الغائب عدم يمينه.
المازري: كالاستحقاق في إثبات ملكه ويمينه.
ابن بشير: في وقفه عليه وأخذه إياه بمجرد دعواه مع يمينه قولاً ابن شعبان، والتخريج على ملك الغنيمة بالقسم لا بملكه قبله.
وفيها: ما أدركه مسلم أو ذمي من ماله قبل قسمه أخذه بغير شيء، وهذا يبين لك الحق في قول ابن عبد السلام: عبارة ابن الحاجب: وإذا ثبت أن في الغنيمة مال مسلم أو ذمي مخالفة لعبارة أهل المذهب: إن عرف ربه؛ لأن لفظ الثبوت إنما يستعمل فيما هو سبب للاستحقاق كالبينة ولفظ المعرفة، والاعتراف فيما دون ذلك.
وسمع أبو زيد ابن القاسم في عبد نصراني أبق من ربه النصراني لأرض الحرب، فأسلم بها، ثم غنمه المسلمون: هو حر لا يقسم.
ابن رشد: هذا خلاف أصل المذهب في مساواة مال المسلم الذمي، ولو باع الإمام ما عرف ربه؛ فعبارتان.
الشيخ: إن باعه جهلاً أو عمداً؛ ففي أخذه مجاناً أو بثمنه قولا ابن القاسم وسحنون محتجاً بأنه قضاء بمختلف فيه، وهو قول الأوزاعي.
ابن محرز: إن باعه جهلاً أو تأولاً؛ ففي أخذه ربه مجاناً أو بثمنه نقل ابن محرز عن بعض أصحابنا وابنه محتجاً بما تقدم، وتعقبه ابن محرز بأن حكم الحاكم جهلاً أو قصداً للباطل يوجب نقضه، وإن وافق قول قائل؛ لأن حكمه كذلك باطل إجماعاً.
الصقلي عن أشهب: ما علم ربه، وقدر على إيصاله له دون كبير مؤنة كعبد وسيف، فباعوه لأنفسهم؛ له أخذه مجاناً.
وعن ابن حبيب: ما بيع وربه معروف لغيبته؛ أخذه مجاناً، وما أدركه ربه مما بيع أو قسم لجهله؛ ففي أولوية ربه به بعوضه وفوته معروف المذهب، ونقل ابن زرقون رواية أبي القاسم الجوهري، وعلى الأول قال الباجي: ما قسم دون بيع؛ أخذه ربه بقيمته.
قلت: يوم القسم، ووجه معروف المذهب بأن بيعه الإمام، وقسم ثمنه ليس إبطالاً لحق ربه، ولو حكم بإبطاله؛ ففي منع ربه أخذه قولاً سحنون وابن القاسم.
أبو عمر: ما تغير بنقص أو زيادة كباق بحاله؛ لأنه مستحق بسبب قديم كالشفعة.
وفيها مع غيرها: مال الذمي في ذلك كالمسلم.
العتبي عن أصبغ: لو هرب عبد من مغنم، فغنمه جيش آخر؛ رد للأول مجاناً، ولا يخمس مرتين إلا أن ينفلت قرب أخذه قبل استحكام الغنيمة؛ كانفلاته من رباط وانسلاله مختفياً.
ابن سحنون عن ابن القاسم: لو لقي العدو مسلماً، فخافهم فصالحهم على سلاحه ودابته، ثم غنم ذلك؛ فهو لغانمه لملك الحربي إياه.
الشيخ: رآه فداءً.
سحنون: وكذا لو صالح أهل حصن عدواً على تسليمه، وتسليم الكراع والسلاح، فأخذوه وبعدوا به إلى بلدهم ثم غنم.
ولو غنمت سرية غنيمة عدو غنيمة سرية قبل قسمها؛ فطريقان.
الشيخ: في كون الغانمة أخيراً أحق بها، أو الأولى نقلاً سحنون مصوباً الثاني قائلاً: لو كان بعد قسمها الأولى؛ فهي أحق اتفاقاً.
ابن حارث: في كون الآخرة أحق بها أو الأولى ثالثها: إن لم تكن وصلت الأولى بها لمأمنها، ورابعها: إن كان العدو الذي غنمها من الأولى هو من غنمتها منه، أو غيره ومذهبه؛ ردها لأربابها لأول قولي سحنون، وثانيهما أول قولي ابنه وثانيهما.
قلت: بناءً على ملك الغنيمة بمجرد الحوز أو مع القسم، وما أهداه ربه لعدو أو باعه منه، ثم غنم؛ لم يرد له.
ابن بشير: ولو غصب ثمنه.
والفرس يوجد في مغنم في فخذه حبس: في قسمه وتركه حبساً نقل الشيخ عن العتبي عن أصبغ مع سحنون وعن ابنه قائلاً: وكذا لو لم يكن في فخذه إلا فيه؛ فهو حبس إن استوقن أنه من خيل الإسلام.
ابن حبيب: وسلاح المسلمين يوجد في المغنم؛ كمتاع يوجد فيه فما عرفه ربه أخذه ومنع بيعه؛ لأن برميه صار كالحبس، وصوب سحنون قول يحيى: ما أدركه من دنانير ودراهم، وتبر له أخذه، وقسمه فوت، لأنه إنما يعطى مثله.
ولو تعدد بيع ما ربه أحق به بثمنه فطرق:
ابن محرز والشيخ: في أخذه بأي ثمن شاء، أو بالأول قولاً سحنون وابن القاسم، وإليه رجع سحنون، وفرق بينه وبين الشفعة بأنه لو سلم البيع الأول في الشفعة لم يمنع أخذه بالثاني، ولو سلم البيع الأول فيما غنم منعه.
اللخمي: قولان، ويتخرج فوته بالبيع الثاني على فوته به فيما اشتراه مسلم من حربي ببلده من مال مسلم.
قلت: قد يرد بأنه ابتيع ممن لو أسلم عليه؛ لم يؤخذ منه بحال بخلاف ما غنم، ثم رأيت لعبد الحق: فرق بعض القرويين بأن ما بيع في المقاسم أخذ من العدو قهراً، فكان أقوى في رده لربه بخلاف ما أخذ منه طوعاً، ونحوه لابن بشير.
ابن رشد: في قصر حق ربه على فضل ما بين الثمنين، وأخذه بالثمن الأخير، أو بأي ثمن شاء، رابعها: بالثمن الأول للتخريج من قوله.
فيها فيمن قدم بعد مسلم اشتراه من حربي بدار الحرب وقول الغير فيه، ولابن القاسم مع ابن الماجشون، وأحد قولي سحنون وسماعه ابن القاسم، وسمعه سحنون لو تعدد بيعه، ثم سبي ثانية، فوقع في سهم رجل: فالمسبي منه أخيراً أحق به بما وقع به في سهم من هو بيده، فإن تركه؛ فللمسبي منه أولاً أخذه بذلك لا بما وقع به في القسم الأول؛ لأن الملك الثاني أحق به من الأول.
ابن رشد: في أكثر بدل: (إن تركه): (إن أخذه)، وكذا نقله التونسي، ووجهته بأنه إن أراد أن ما فداه به الثاني لغو، كما لو فداه ممن جنى عنده، ويأخذه الأول بما أخرج هذا فيه في القسم الأول؛ فله وجه.
ابن رشد: وهذا لا يستقيم على نص المسألة؛ فهو غلط في الرواية، والصواب لفظ: إن تركه.
قلت: نقله الشيخ بلفظ الأكثر ولم يتعقبه، ونقله الصقلي به وتعقبه بقوله: إذا كان للأول أخذه من الثاني؛ فلا معنى لقوله: الثاني أحق به؛ بل صار الأول أحق به.
ابن رشد: وقيل: الأول أحق به، وعليه، ففي أخذه بالأكثر مما وقع به في القسمين يبدأ فيه ما أخذ به في القسم الثاني، فما فضل كان لما أخذ به في القسم الأول، أو بما وقع
به في القسمين معاً قولا سحنون ومحمد.
الشيخ عن الموازية: لو ابتاعه رجل من المغنم بمائة، فسبي، فغنم، فابتاعه آخر بخمسين؛ لم يأخذه ربه إلا بمائة لمبتاعه الأول، وخمسين لمبتاعه الثاني، فإن تركه؛ فلمبتاعه الأول أخذه بخمسين، فإن تركه للثاني؛ فلربه أخذه منه بخمسين، ولو أخذه المبتاع الأول من الثاني بخمسين؛ لم يأخذه منه ربه إلا بمائة وخمسين، ويستشكل أخذه ربه من المبتاع الأول بعد تركه؛ لأنه كشفعة تركها.
ويجاب بان تركه أولاً لرجائه تركه المبتاع الأول، فيأخذه بخمسين فقط، فصار كشفعة تركت لثمن بان أنه أقل، وله عن كتاب ابن سحنون عن أشهب: لو ابتاعه رجل من المغنم بمائة، فسبي، فغنم، فابتاعه آخر بخمسين، فغنم، فابتاعه ثالث بعشرة؛ فلربه أخذه بمائة يبدأ فيها الأخير ثم الثاني، فيبقى منها للأول أربعون، ولو كان على العكس؛ أخذها الأخير، وسقط ما قبله، ولو أسلمه ربه؛ فالأخير أحق به.
ابن رشد: لو جنى عند ربه، فسبي، فغنم، ففي أخذه ربه بالأكثر مما وقع به في المقاسم والأرش أو بهما التخريج على قولي سحنون ومحمد.
قلت: للشيخ عن كتابه: لو كان جنى قبل سبيه جنايتين على رجلين؛ لم يأخذه ربه إلا بالأرش، وبما وقع به في المغانم، فإن تركه؛ فلمبتاعه فداؤه بالأرش.
وقيل: المجني عليهما أحق به بدفع ما وقع به في المغانم يغرمانه على قدر محاصتهما فيه بأرشيهما، وليس لأحدهما أخذ مصابه منه بما ينوبه، وله أخذ جميعه إن سلم صاحبه منابه، ولو فداه أحدهما دون علم صاحبه؛ فله الدخول عليه فيه، ولو لم يعترفه ربه حتى فدياه؛ فهل أخذه بما فدياه وأرشيهما أو مصابة أحدهما فقط بما ينوبه من ذلك.
الشيخ عن سحنون: لو وقع في مغنم مأذون له مدين جان؛ فلربه أخذه بأكثر ما وقع به في القسم والأرش نفع يبدأ به ما وقع به.
الشيخ: تقدم لابن القاسم غيره.
وعن يحيى: ديته وجنايته خطأ لا يلحقانه وجنايته عمداً لا تبطل.
سحنون: تفرقته بين الجنايتين تناقض، والدين لا يسقط من ذمته.
قال: ووقوع العبد الرهن في المغانم كجنايته، إن فداه ربه؛ بقي رهناً، وإلا
فللراهن فداؤه يقدم فيه بفدائه على ما هو رهن فيه.
أو الولد: الشيخ عن سحنون والباجي واللخمي عن المذهب: إن عرفت في مغنم؛ لم تقسم.
اللخمي: إن قسمت بعد معرفة أنها أم ولد؛ أخذها ربها مجاناً، وقبله.
قال الباجي: في الموطإ: يفديها الإمام.
وقال ابن القاسم وغيره من أصحابنا: يفديها ربها جبراً، وعزاه اللخمي لها.
ابن بشير: بناءً على تغليب حكم الحرية أو الرق، وعلى خطأ الإمام في القسم هل يوجب غرمه أم لا؟.
وفي فدائه بثمنها إن ابتيعت في مغنم، أو من حربي، أو بالأقل منه، أو من قيمتها قولها مع الشيخ عن محمد، وسحنون، وأصبغ، وابن وهب، وابن القاسم، ورواياته، وأشهب مع المغيرة، وعبد الملك قائلاً: من هي بيده أحق بما في يد ربها من غرمائه، ولو كان عديماً؛ اتبع بما يجب عند قائله فيها وفي غيرها.
قلت: للشيخ في آخر فصل المدبر عن محمد عن ابن القاسم: يأخذها ربها بقيمتها، ولم يفسرها بالثمن وتبعه الصقلي.
اللخمي: روى ابن وهب وأشهب: إن أعتقها مشتريها؛ أخذت منه مجاناً.
سحنون: هذا إن أعتقها عالماً أنها أم ولود، وإلا فكما لم يعتقها، ولو أولدها أخذها ربها بالثمن، وقاصه بقيمة ولدها على أنه ولد أم ولد.
الشيخ عن سحنون: لو تكرر سبيها وشراؤها؛ فربها أولى بها بأكثر أثمانها يبدأ فيه مبتاعها أخيراً.
قلت: في قوله: أولى بها؛ نظر، والصواب: فعليه فداؤها.
سحنون: والشيخ في آخر فصل المدبر: عن ابن سحنون:
قلت: روي عن أشهب: إن أسلم عليها حربي؛ ردت على ربها.
قال: لا أعرفه لأحد من أصحابنا، وهو غلط عنه، ولو أسلم عليها حربي؛ أخذها ربها بقيمتها.
ولو مات ربها قبل أن يعلم بها؛ عتقت، ولم تتبع بشيء بخلاف الجناية.
قالوا: لأنها فعلها، ولا يرد بما لو أبقت للعدو؛ لأن سبب الغرم وقوعها في المغنم، والمعتبر السبب المباشر.
وقول ابن بشير: (لو مات ربها قبل الفداء فهل تتبع بشيء أم لا؟؛ لأنها تخرج بموت سيدها حرة)، يقتضي أن في ذلك خلافاً، ولو ماتت بيد من صارت له؛ فلا شيء له كالجناية، ومن وطئ أمة، فسبيت، فغنمت ومعها ولد ألحقته به، فإن لم يدع استبراءها؛ صارت له أم ولد، ويجبر على فكاكها إن ثبت أنها ولدته، وربما بان لي أنها مصدقة فيه، ولا قيمة عليه فيه كحر وقع في مغنم، وإنما يلزمه إذا فدي به من العدو، وما فدى به.
قلت: كذا ذكره الشيخ ولم يتعقبه، والمعروف أن الأب لا يلزمه ما فدى به ابنه، والصغير لا يلزمه غير ما جنى، وليس فداؤه بجناية.
سحنون: وإن ادعى استبراءً لم يلحقه، وهي أمة غنمت.
وفي كون ولدها فيئاً لا تباع دونه أو كعبد له غنم قولا أشهب وابن القاسم مع غيره، ولو وطئها، ثم سبيت، فوطئها علج أسلم عليها، فإن وطئها بعد ما فيه استبراؤها فالولد له، وإن وطئها في طهر وولدته لما يشبه أنه منهما دعي له القافة إن ألحقته بربها، فكها ممن أسلم عليها، وإن ألحقته به؛ فهي أم ولده، وإن أشركتهما فيه، فقال ابن القاسم: يوالي إذا كبر من شاء منهما.
وابن الماجشون: يدعى له قائف أبداً حتى يخصه بأحدهما.
المعتق لأجل: الشيخ عن سحنون واللخمي عن المذهب: إن عرف ربه وقف له، وإلا جعلت خدمته في المغنم، فإن جاء ربه؛ خير في فدائها وإسلامها لمشتريها.
اللخمي: إن استخدمه مشتريه للأجل؛ خرج حراً، ولا شيء لربه، وإن أتى بعد نصف خدمته؛ هير في الباقي، ولو بيعت رقبته، ثم علم به؛ فلربه فداؤه، فإن تركه؛ صار حق مشتريه في خدمته يحاسب بها في ثمنه، ويخرج حراً، ومثله للشيخ عن كتاب ابن سحنون، ولو حل أجله قبل استيفائه؛ ففي اتباعه مبتاعه بثمنه، نقل الشيخ روايتي محمد وأبي زيد عن ابن القاسم، وإليها رجع مع الصقلي عن محمد.
وقال اللخمي: يختلف في اتباعه؛ كحر بيع في المغنم، ولو استوفاه قبل أجله؛
فللصقلي مع الشيخ عن سحنون: رجع لربه.
اللخمي: يختلف فيه.
ابن الحاجب: إن قسم، فأسلمه ربه؛ كان إسلاماً لخدمته فقط إلى أجله فقط.
وقيل: إلا أن يستوفي ثمنه قبله، فيرد لربه، فإن بقي شيء؛ ففي اتباع العبد به قولان فقبله ابن هارون.
وقول ابن عبد السلام: نقله أخذ جميع خدمته، ولو زادت على ما وقع به في القسم، ونقله اتباعه بما بقي من ثمنه إن خرج حراً خلاف نقل الأشياخ تخصيص هذين القولين بما اشترى من العدو دون ما وقع في القسم يرد بأن الأول حكاه اللخمي فيما بيع بلفظ يختلف حسبما مر، والقول الثاني فيه حكاه الشيخ، واللخمي، والصقلي، ونقله عن الأشياخ.
وذكر القولين فيما اشترى من العدو لا أعرفه؛ بل نقل الخمي: لو فداه رجل من العدو، وأسلمه ربه، وانقضى الأجل؛ اتبع بباقي فدائه قولاً واحداً؛ لأن الحر هنا يتبع بما فدي به.
سحنون: ولو أعتقه من وقع في سهمه؛ ففي لغوه مطلقاً، أو إن كان ما أخذه به أقل من خدمته.
نقل ابن سحنون عن بعض أصحابنا وأبيه.
الصقلي مع الشيخ عن محمد عن ابن القاسم: إن أعتقه مشتريه من مغنم نقض عتقه، وأخذه ربه بقيمته، وإن كان عديماً اتبع به ديناً.
أصبغ: ليس له نقضه، ولو فداه رجل من حربي؛ خير ربه، فإن تركه؛ صار حق فاديه في خدمته، فإن حل أجله عتق، وفي اتباعه بكل ما فداه به، أو بما بقي منه بعد الخدمة نقلا الصقلي عن سحنون ومحمد، وعليهما لو استوفى فداءه منها قبل أجله، ففي كون باقيها له أو لربه قولاهما.
سحنون: ولا يتبعه ربه بما به فداه أو خدمته.
الشيخ عن ابن سحنون عنه: من فدى معتقة لأجل فأولدها، فإن فداها ربها قاصه في فدائها بقيمة ولدها على أنه ولد أم ولد.
الصقلي: كذا وقع في النوادر على أنه ولد أم ولد، وصوابه: ولو معتقة لأجل.
سحنون: وإن أسلمها؛ فعلى الواطئ قيمة ولده، وكذا لو أولدها من أخذها في قسم، ولو أسلم عليها حربي ملك خدمته، ولا خيار لربه، ولو أسلم على معتقة لأجل، وأولدها غرم قيمة ولدها على أنه معتق لأجلها.
قلت: هذا منه نص في صحة تعقب الصقلي قوله على أنه ولد أم ولد.
ابن سحنون: قلت له: كيف يغرم قيمة ولدها، وقد ملك منها ما كان يملك ربها قال: لم يملكها ملكاً تاماً.
سحنون: ولو قتلت؛ فقيمتها لمن أسلم عليها.
قلت: هذا يوجب تمام ملكه إياها.
قال: وولدها من غيره مثلها في الخدمة.
المدبر يقع في المغنم: في تدبيرها: إن عرف ربه؛ رد له.
الشيخ عن سحنون: إن جهل جعلت خدمته في القسم، وفي كتاب آخر: توقف خدمته لافتراق الجيش، وإنما تتم الشهادة فيه بقولهم: أشهدنا قوم يسمونهم أن سيده دبره، ولم نسألهم عن اسم ربه، أو سموه ونسيناه.
قلت: وكذا في أم الولد والمعتق لأجل.
الصقلي عن الشيخ: يريد سحنون بجعل خدمته في القسم: أنه يؤاجر بقدر قيمة رقبته تجعل في القسم، أو يتصدق بها إن افترق الجيش، فإن تمت خدمة إجارته؛ صار خراجه لقطة.
وفيها: إن قسم لجهل تدبيره؛ فلربه أخذه بالثمن، فيعود لحال تدبيره، فإن تركه؛ قدم من صار له فيما أخذه فيه.
وقول اللخمي: المشهور بقاء تدبيره، ولابن القاسم: أنه رق لمشتريه بخلاف نقل ابن حارث الاتفاق على بقاء حكم تدبيره، ونقله عن محمد: إن أسلم ربه، فخدمته حياة ربه خلاف نقل ابن حارث الاتفاق على رجوعه لربه إن استوفى مشتريه من خدمته ما يجب له، فإن عتق كله أو محمل الثلث منه لموت ربه.
ففي اتباعه بباقي ما أخذ به قولا ابن القاسم وغيره فيها مع الصقلي عن محمد عن
ابن الماجشون: وما رق منه لمن هو بيده لا حق لوارث مدبره فيه بخلاف الجناية، ففرق الصقلي بما حاصله أن المشتري دخل على ملك رقبته، فوجب ملكه ما صح ملكه فيها، وفي الجناية لم يتعلق حق المجني عليه إلا بالخدمة دون قصد دخول على ملك الرقبة، فلم يتعلق بها إلا أن يسلمها وارثها.
ثم قال: يحتمل كون تفرقته اختلاف قول: ولو اشترى من بلد الحرب، وأسلمه ربه؛ ففي اتباع ما عتق منه بجميع ثمنه أو بباقيه عما اختدمه فيه نقلا الصقلي عن ابن سحنون عن ابن الماجشون ومحمد عنه.
سحنون: لو أسلم حربي عليه ملك كل خدمته، وما رق منه بموت ربه، ولو بدين استغرق كل ماله، ولا يتبع ما عتق منه بشيء.
ولو حملت مدبرة ممن أسلم عليها، أو ابتاعها من حربي، أو مغنم؛ صارت له أم ولد، وبطل تدبيرها، ولو دبرها من ابتاعها من حربي، فإن فداها ربها؛ بقيت مدبرة له وبطل الثاني، وإن تركها له؛ بقيت تخدم مبتاعها، فإن مات الأول وحملها ثلثه عتقت، وتبعها الثاني بكل ما فداها به؛ لا يسقط عنها بعتقها في ثلثه، ولو لم يقبضه؛ لأنه حكم تم، ولو استغرق تركة الأول دين عليه؛ بقيت مدبرة على الثاني، إن عتقت في ثلثه تبعها وارثه بكل ما فداها به، وإن عتق بعضها تبع وارثه ما عتق منه بحصته، ولو عتق نصفها في ثلث الأول؛ تبعه الثاني بنصف الثاني، وبقي نصفها مدبراً له يعتق في ثلثه، ويتبع ببقية الفداء.
الصقلي: قوله: يتبع بكل الفداء على روايته عن ابن الماجشون، وعلى رواية محمد عنه إنما يتبع بما بقي بعد محاسبته بما أخذ في قيمتها.
سحنون: لو دبرها من صارت في سهمه؛ بطل تدبيره، ولو أسلمها ربها؛ لأنه إنما أسلم خدمتها تحسك في ثمنها.
الشيخ عن ابن سحنون: يلزم عبد الملك إجازة تدبيره إياها؛ لأنه يرى خدمتها له إن تركها ربها مدة حياته.
سحنون: ولو أسلم عليها حربي، ثم دبرها؛ جاز واختدمها دون ربها، فإن مات دون ربها؛ عتقت في ثلثه، ولم تتبع بشيء كحر أسلم عليه، وإن حمل بعضها؛ فباقيها
مدبر على الثاني يعتق في ثلثه، ولا يتبع بشيء، وإن استغرق دينه تركته؛ بيع لغرمائهن ولو مات من أسلم عليها أولاً؛ عتقت في ثلثه، ولم تتبع بشيء، وله ولاؤها، وإن أحاط دينه بتركته؛ بقيت بيد وارثه لموت الأول، فتعتق في ثلثه، وما عجز عنه ثلثه؛ رق لوارث من أسلم عليها.
محمد عن ابن القاسم: لو أعتقها مبتاعها من مغنم؛ نفذ عتقه.
ابن سحنون عنه: لو جنى، ثم أسر، فغنم، فوقع في سهم رجل؛ فلربه أخذ خدمته بالأكثر مما وقع به في القسم والجناية، ثم يفعل ما ذكرنا في العبد، فإن تركه؛ فللمجني عليه أخذه بما وقع به في القسم يختدمه به أولاً، ثم به بالجناية، فإن استوفاهما؛ عاد لربه، وإن مات ربه؛ تبعه المجني عليه في عتق كله في ثلث ربه بباقي ذلك، وفي عتق بعضه بمنابه من ذلك، ورق له باقيه، فإن تركه المجني عليه؛ اختدمه من صار في سهمه بما صار عنه فيه، فإن استوفاه؛ عاد للمجني عليه يختدمه في جنايته إن استوفاها عاد لربه، وإن مات ربه قبل استيفائه مع ما وقع به في سهمه تبعه في عتق كله بباقيه، والمجني عليه بالجناية.
وفي عتق بعضه بمنابه منهما، ورق باقيه لمن هو بيده، ولو استوفى من وقع في سهمه ما وقع به فيه، ومات ربه بعد أخذه المجني عليه تبعه في عتق كله بباقي الجناية، وفي عتق بعضه بمنابه منها ورق له باقيه، ولا خيار لوارث ربه فيما رق منه في الجميع.
والمكاتب: فيها: إن غنم؛ رد لربه، ولو كان ذمياً، غاب أو حضر، وإن جهل؛ بيعت كتابته يؤديها لمن صارت له؛ ليخرج حراً وولاؤه لربه، وإن عجز؛ رق لمن صارت له.
زاد ابن سحنون: والشهادة بأنه مكاتب كما مر في المدبر، وشهادة السماع فيه لغو.
الصقلي: لو أتى ربه بعد قبض مبتاع كتابته بعضها، ففي كون حقه في أخذ باقيها بالجزء المسمى للخارج من تسمية قيمته من قيمتها، لا من تسمية عدده من عدد كتابته من ثمنها، أو في أخذه مع ما قبض منها بكل ثمنها؛ لأنها كعرض بيع قولا بعض فقهائنا، وبعض أصحابنا عائباً الأول، ورجحه الصقلي بأن مبتاعها أدى مالاً عاجلاً في مؤجل لرجاء ربح فيه.
ولو مات عن مال؛ ففي أخذ ربه فضله عن صمنها، أو ثمن الكتابة معجلة لمبتاعها، نقل الصقلي عن بعض أصحابنا قوله: محتجاً بأنه لو لم يترك شيئاً خاب مبتاعها، ومن عليه التوى له النماء.
قلت: وقد قال مالك: لو مات مكاتب بيعت كتابته قبل أدائها؛ فماله لمبتاعها؛ لأنه لو عجز رق له، فلو قيل في المبيع في مغنم: لم أعبه؛ لأنه لو عجز رق له، وقد مات؛ فلا يكون ربه أحق به.
قلت: يفرق بما أوجب خيار ربه في أخذه دون ما باعه ربه، ولو بيع في مغنم أو ابتيع من عدو، ثم قل ربه؛ ففي البداية بتخييره في فدائه بذلك؛ ليبقى مكاتبه، وفي إسلامه؛ فيلزم المكاتب أداء ذلك؛ ليبقى مكاتبه وإلا عجز، والبداية بإلزام المكاتب ذلك وإلا عجز، ثم خير ربه في إسلامه عبداً، أو فدائه بذلك كالجناية، ثالثها: يخير ربه في فدائه بذلك، وإسلامه لمبتاعه مكاتباً إن عجز؛ رق له وإلا عتق، ورابعها: إن ابتيع من حربي وسلمه ربه، فإن ودى المكاتب ثمنه لمبتاعه؛ رجع مكاتباً لربه، وإلا رق لمبتاعه، وإن اشترى من مغنم، وسلمه ربه؛ بقي على كتابته يؤديها لمبتاعه إن عجز رق له، لابن يحنون عن أول قوليه، وثانيهما مع ابن القاسم: وقولٍ وجده له ابنه قرأه عليه فخطأه، وللصقلي عن رواية محمد.
الشيخ عن ابن حبيب: أجمع مالك والمغيرة: إن فدى أو بيع في قسم فكما لو جنى.
سحنون: إن أسلم حربي عليه؛ فله كتابته ورقبته إن عجز، وإلا فولاؤه لربه، ولو كان معه مكاتب آخر بيد ربه؛ خير ربه، ومن أسلم عليه على بيع أحدهما كتابة من بيده من الآخر ليصيرا في أداء واحد، أو بيعهما من مبتاع، وأخذ يقسم ثمنها بقدر قيمته، وقوتهما على الأداء إن عجزا رقا، وإلا فولاؤهما لربهما.
والموصى بخدمته مدة ثم هو لآخر: قال سحنون: إن بيع في مغنم؛ فللمخدم أخذه بالثمن، إن تمت خدمته؛ بقي له إن لم يفده منه الآخر بالثمن.
ابنه: لو سبى عبد حبس في ثمنه، فغنم، فصار في سهم بمائة؛ فلبائعه أخذه بها، ولمبتاعه أخذه بثمنه الأول فقط؛ لأنه لو مات؛ ضمنه بائعه، فإن تركه؛ فلمبتاعه أخذه بأكثر ثمنيه يبدأ فيه آخرهما، فإن تركه؛ فلا شيء عليه لبائعه كموته.
قال: هذا على قول سحنون وبعض أصحاب مالك.
قال سحنون: وعلى قول ابن القاسم: إن ضمانه من مبتاعه يغرم ثمنه الأول وهو في فدائه بالخيار.
وفيها: قلت: إن صارت جارية في سهم رجل يعلم أنها لرجل مسلم أيطؤها في قول مالك؟.
قال: لم أسمعه، وسمعته قال: من أصاب جاريةً أو غلاماً في مغنم، ثم علم أنه لرجل مسلم إن علم؛ رده له؛ يريد: يخيره فيه، فهذا يدل على أنه لا يطؤها.
وفيها: فإن ابتاعها من حربي بدار الحرب أو الإسلام؛ لم أحب له أن يطأها.
ابن محرز: يجيء على منع وطئها حتى يعرضها منع مشتري ما فيه شفعة الإحداث فيه حتى يعلم الشفيع إن جهل شراءه.
ابن بشير: في منعه قولا المتأخرين بناءً على صحة القياس على الجارية، واعتبار الفرق بتأكد حرمة الفروج.
ابن عبد السلام: في كلامه قصور؛ لأن مسألة المدونة عامة في الجارية والعبد والعرض؛ ولذا قال ابن الحاجب: من صارت إليه جارية أو غيرها، وعلم أنها لمسلم معين؛ لم تحل له حتى يخير صاحبها.
وفيها مع ابن سحنون عن ابن القاسم وغيره: من وقعت في سهمه أمة، فأعتقها أو أولدها؛ فقد فاتت.
وقال أشهب: لربها أخذها كمستحقة، ورجع عنه ابن القاسم للأول.
الشيخ عن محمد عنه: الأول بزياده الكتابة والتدبير كالعتق.
اللخمي: العتق لأجل كناجز.
ابن بشير: إجراؤه عليه بعيد لتأخره.
قلت: قول ابن القاسم في الكتابة والتدبير يرده ومقتضى قوليهما.
وقول ابن عبد السلام: انظر لو كاتبه أو دبره؛ عدم وقوفهم على قول ابن القاسم في الكتابة والتدبير.
والمسلم والذمي يباعان في الغنيمة خطأ لصمتهما فيهما طرق:
ابن رشد: إن عذرا لجهل؛ لم يتبعا اتفاقاً، وإن صمتا عالمين أن الرق يلزمهما ففي غرمهما ثمنهما إن فات القسم، وعدم من يرجع عليه سماع عيسى ابن القاسم ذلك في الكبير والكبيرة، ولسحنون مع رواية يحيى ومحمد قائلاً: ولو كانا ذميين، ولم يقل أحد من أصحابنا بغرمهما إلا أشهب.
ابن رشد: مثله سماع عيسى ابن القاسم في الرجل والمرأة يباعان مقرين بالملك يتبعان بثمنهما ديناً إن مات بائعهما أو فلس، بناءً على التضمين بالغرور بالقول ونفيه، ولسماع عيسى هذا التزم الموثقون في بيع البائع من الرقيق إقرارهما بالرق لبائعهما ليتبعا ثمنهما إن استحقا بحرية ثبت عليهما بها في موت البائع أو فلسه وهو ضعيف؛ إذ لا فائدة له على رواية يحيى، وقولي محمج وسحنون.
قلت: ليس شرط الفائدة كونها في متفق عليه، ولا سيما إن كان حصولها بقول مشهور.
ابن بشير: إن جهل أمر مسلم، أو ذمي بيع في مغنم؛ ففي عدم اتباعه بثمنه ثالثها: إن كان ذا جهل وغفلة بحيث يعذر في سكوته.
اللخمي: ثالثها: إن كان صغيراً أو كبيراً قليل الفطنة أو عجمياً يظن أن ذلك رق له، لسحنون عن أشهب، ومحمد عن أحد قولي ابن القاسم مع مالك وسحنون، وثاني قولي ابن القاسم: وهذا إن افترق الجيش، وكانوا لا يعرفون؛ لكثرتهم، وإلا تبعهم المشتري، أو من وقع ذلك في سهمه.
وعن ابن القاسم: ينبغي للإمام- إن لم يعرفوا- أن يغرم لمن وقع في سهمه من الخمس أو بيت المال.
وقال سحنون: لا يعطى من خمس ولا بيت مال.
قلت: لابن محرز عنه: إن كان الغانمون نحو عشرة؛ رجع عليهم، ثم قال اللخمي: لا يختلف ألا يرجع على الصبي، وأرى غرم الإمام خمس الثمن من خمس الغنيمة، ومن بيت المال إن فات.
ابن مسلمة: على الإمام غرم الثمن من الفيء أو الخمس.
ابن محرز: هذا على أن ما أخطأ فيه الإمام من مال لا يغرمه، وفيه اختلاف.
قال: وما أخذه ربه من مبتاعه من مغنم عهدته عليه كالشفيع على المبتاع، وفيه عهدة الثلاث والسنة، ولا مواضعة عليه في الأمة إن أخذها ربها منه قبل مدة الاستبراء، وهي حينئذ كذات الزوج والمعتدة والمغتصبة.
وسمع ابن القاسم معها لرب ما ابتاعه مسلم من حربي بأرضه أخذه.
ابن رشد: اتفاقاً.
ابن القاسم: يريد بثمنه: وهو مصدق فيه إن لم يستنكر بحيث يستدل على كذبه فيأخذه بقيمته.
ابن رشد: تفسيره: إن لم يدع ربه معرفة ثمنه صدق فيما يشبه دون يمين، وفيما لا يشبه بها، وما لا يشك في كذبه بقيمته يوم اشتراه حيث اشتراه، وإن جهلت به فبأقرب محل له، وإن ادعاه؛ صدق المبتاع بيمينه إن أشبه، وإلا فربه إن أشبه، وإلا فبقيمته، ومن نكل؛ صدق عليه الآخر وإن لم يشبه، وكل هذا بناءً على ما في اختلاف الشفيع والمبتاع في ثمن الشقص.
وفيها: ما كافأ به مسلم حربياً على ما وهبه له من مال مسلم كثمنه.
عبد الحق عن بعض القرويين: إن كان الثمن، أو المكافآت عرضاً يكال أو يوزن؛ أخذه ربه بمثله بدار الحرب إن أمكن؛ كسلفه إلا أن يتراضيا على ما يجوز.
الصقلي عن بعض شيوخنا: فإن تعذر؛ فقيمته ببلد الحرب.
ابن بشير: في رجوع من فدى ما بيد لص بفدائه على ربه خلاف معروف.
قلت: كثير عروض هذه النازلة بإقليمنا، والأظهر إن فداه بحيث يرجى لربه خلاصه من اللص بأمرٍ ما من حرمه ربه أو قوته، أو إغاثة تمنع اللص خلاصه حرمان فاديه.
وفي رهنها: إن أخذ السلطان خراج أرض بيدك رهناً؛ لم ترجع به على راهنها إلا أن يكون خراجاً حقاً، فمقتضى إطلاقها سواء كان بها غله يخشى أخذها السلطان أم لا؟ حرمانه، ومقتضى قول لقطتها: من أتى بآبق شأنه طلب الأباق؛ فله جعل مثله أخذه الأقل من فدائه، أو فداء مثله، والأعيان أقوى من المنافع في الرجوع بها، وأجر
خلاصه تقدم في فداء الحر.
ابن عبد السلام: إن دفع الفداء من عنده؛ فلا أجر له في خلاصه؛ لأنه سلف وإجارة، وإن كان من غيره؛ ففيه نظر.
قلت: يعارض قوله: لأنه سلف وإجارة نقل اللخمي: للآتي بآبق شأنه طلب الأباق على قول مالك جعله على أن نفقته على العبد داخلة في الجعل، أو على أنها خارجة عنه، ويعضد قوله نقل الشيخ في آخر ترجمة سيرة الإمام.
قال بعض أصحابنا: وظاهره من قول سحنون ما نصه: من أنفق على ضالة إن كان ممن يطلب الضوال؛ فله جعل مثله، ولا نفقة له ولربها تركها، وإن كان ممن لا يطلبها؛ فله النفقة دون جعل، ولربها تركها، وكذا الآبق والوديعة ينفق عليهما.
وفيها: لرب ما خرج به مسلم وهبه له حربي بداره دون مكافأة؛ أخذه مجاناً.
قلت: فلو باعه مبتاعه، ومن وهبه قال: لم أسمعه، وأرى نفوذ بيعه، والثمن الذي بيع به لربه إن أحب بعد دفعه الثمن الذي ابتاعه به المشتري، ويرجع على الموهوب له بالثمن.
وقال غيره: ينقض البيع، ويرد لربه بعد دفعه الثمن، ويرجع به على الموهوب له، وذكر الصقلي المسألة بلفظ:(وقال ابن نافع) بدل (وقال غيره).
وفي قصر خلاف ابن القاسم وغيره على الهبة، واتفاقهما في البيع على نفوذه وعمومه فيهما نقل عبد الحق عن بعض شيوخه مع أبي بكر بن عبد الرحمن، وأبي عمران وإشارته إلى التخريج على قول ابن نافع بنقض عتق الموهوب له العبد بثواب.
التونسي: في نقض عتق الموهوب له دون ثواب نظر.
وما قدم به مستأمن من مال مسلم، ففي كراهة شرائه غيره، واستحبابه قولا ابن القاسم فيها قائلاً: ليس لربه أخذه ممن ابتاعه أو وهبه ولو كان ذمياً.
واللخمي مع محمد، وإسماعيل- ناقلاً اللخمي عنه-: لم يحك ابن القاسم هذه المسألة عن مالك، والذي يشبه على مذهبه أن له أخذه في البيع بالثمن وفي الهبة مجاناً.
قلت: الفرق بينه وبين ما ابتيع منه بأرضه ثبوت حرمة ماله بتأمينه ونفيها عنه ببلده.
الشيخ عن سحنون: لو قدم بمكاتب أو مدبر لمسلم؛ فله كتابته وخدمته دون ربه إن ودى كتابته عتق، وولاؤه لربه كما حمله ثلث رب المدبر منه، وإلا رق للمستأمن كما عجز عنه ثلث رب المدبر منه، وما أسلم عليه حربي إن كان متمولاً؛ فله اتفاقاً، وإن كان ذمياً؛ فابن القاسم كذلك.
أشهب: حر لا يرق، وإن كان حراً مسلماً فطريقان:
اللخمي: ينزع منه مجاناً.
ابن رشد: في مسألة من سماع سحنون اتفاقاً.
ابن بشير: هذا هو المشهور المعروف.
وفي زاهي ابن شعبان: يكون له رقاً.
قلت: لم أجده في الزاهي، ولا حكاه المازري ولا التونسي، وظاهر كلامه لم يعرف فيه خلافاً.
وفي النوادر عن محمد: لم يختلف أنه ينزع منه دون عوض.
وقول ابن عبد السلام: حكي عن أحمد بن خالد مثل قول ابن شعبان لا أعرفه، إنما أعرف ما يقتضيه في سماع يحيى ابن القاسم وهو قوله: كل من صولح من عدو على هدية أو أداء جزية؛ فله كل ما بأيديهم من أحرار المسلمين أسرى لا ينبغي للإمام نزعهم منهم إلا بفداء عن طيب نفس.
قلت: فإذا أقرهم بيد الصلحي على أداء الجزية، فأحرى من أسلم؛ لكن ابن رشد قال: هذه من المسائل الواقعة على غير تحصيل؛ لأن المصالح على الجزية ذمي يجري عليه حكم الإسلام، يباع عليه من أسلم من رقيقه، فأحرى أحرار المسلمين، والصحيح سماعه.
سحنون: خروجهم أحراراً بقيمتهم من بيت المال.
وما قدم به مستأمن من مال كان سرقه في أمان سابق؛ تقدم في نزول الحربي بأمان.
ونقل ابن الحاجب: إن قدم به سارقه؛ نزع منه، وإن قدم به غيره؛ ترك له، لا أعرفه، فإن قلت: ذكره الصقلي عنه من كتاب ابن سحنون.
قلت: إنما ذكره الشيخ عنه فيما أبق إليهم من عبيدنا، فذهبوا بهم، أو غلبوا عليهم
لا فيما سرقوه، ولم يذكر ابن رشد وابن حارث فيما سرقوه غير القولين فقط.
وهدم السبي النكاح؛ في النكاح إن شاء الله، ولو أسلم حربي، ثم غنم ماله وولده بأرضه، ففي كون ماله كمال مسلم وتبعية ولده له طرق:
الشيخ: زوجته فيء بقي بأرضه أو خرج لنا.
وفي كون ماله وولده كذلك، وكون ماله وتبعيته ولده له نقلا ابن سحنون عن ابن القاسم مع روايته وأشهب مع أبيه قائل: إن قاتل كبير ولده؛ فمرتد يقتل إن لم يتب.
اللخمي: إن خرج وترك ماله وولده فثالثها: ماله فيء وولده تابع له، ورابعها: إن أحرز أهل الحرب ماله، وضموه لملكهم.
لمالك وسحنون فيها عن بعض الرواة قائلا: إن أدركت ربه قبل القسم؛ أخذه مجانا وبعده بثمنه، وأبي الفرج محتجا بأنه لو نكح مسلم بدار الحرب؛ كان ولده مسلما، وابن حارث.
اللخمي: وولده من وطء قبل إسلامه تبع له، ومهر زوجته فيء كزوجته اتفاقا فيهما.
وذكر التونسي القولين الأولين، وقال: لو غنم قبل خروجه؛ انبغى بقاء ماله، وولده لبقاء يده عليهما، وإذا كانت زوجته فيئا؛ يفسخ نكاحه لملكه جزءا منها، وعلى قول ابن القاسم:(لو سرق من الغنيمة؛ يقطع) لم يفسخ.
وسمع يحيى ابن القاسم: إن سبي مسلمات وولدا بدار الحرب ولدا تنصر، ثم غنم؛ ففيء لا يستتاب.
ابن رشد: غلب فيه حكم الدار لا حكم أبويه كقولها: من أسلم بدار الحرب، فغنم ماله وولده بها؛ هما فيء خلاف قول سحنون وبعض الرواة.
فيها: ماله له وولده تبع له، وثالثها: ما حمل عليه التونسي قول ابن القاسم وروايته فيها: إن خرج الأب؛ فماله وولده فيء، وإلا فله وتبع له.
ابن بشير: إن خرج لنا؛ ففي كون ولده فيئا ثالثها: الكبار فقط، ويجبرون على الإسلام اتفاقا.
قلت: الفيء والجبر على الإسلام متنافيان؛ لأن لازم الفيء أصالة كفره، ولازم
الجبر أصالة إسلامه.
قال: وفي ماله ثالثها: رابع اللخمي.
ولو بقي بدار الحرب؛ ففي كونه كما لو خرج، وبقاء ملكه على ماله، وتبعية ولده الصغير له قولا المتأخرين.
قلت: في نوازل ابن الحاج: تخريجه مع غيره مال المسلم المقيم بدار الحرب، ورجح فيه ابن الحاج قول أشهب وسحنون، ثم فرق بأن مال من أسلم كان مباحا قبل إسلامه بخلاف مال المسلم.
قلت: هي نص سماع يحيى ابن القاسم في مسلم أقام ببرشنونة يصيب بغارته دماء المسلمين وأموالهم أنه محارب لا يحل ماله لأحد.
ابن رشد: هذا خلاف ظاهرها فيمن أسلم بدار الحرب وأقام بها، فغنم ماله.
ولو سبيت حرة، فغنمت بما ولدت في سبيها، ففي كونه حرا معها أو فيئا ثالثها: الصغار.
للشيخ عن ابن حبيب مع رواية مطرف، وقول ابن وهب واللخمي عن سحنون عن أشهب، ورواية أبي زيد بزيادة: الكبير والصغير بعد بلوغه يجبران على الإسلام كمرتد، ومحمد عن أشهب وابن القاسم.
وخرج اللخمي الأول في الصغير على كون ولد الكافر من مسلمة على دينها، وفي الكبير عليه مع قول مالك: ما ولد لنصرانية من مسلم غفل عنه حتى بلغ كافرا مرتدا يستتاب؛ خلاف قول ابن عبد الحكم: يقر على دينه، والثاني على كونه على دين الأب.
وفيها: إن بلغ ولدها وقاتل ففيء، فقال الشيخ: إن لم يقاتل؛ لم يكن فيئا.
ابن شبلون: فيء، ولو لم يقاتل، والذمية تغنم كذلك ترد لذمتها.
وفي كون صغير ولدها فيئا، وتبعيته لها نقل اللخمي رواية أبي زيد مع الصقلي عن أشهب وابن الماجشون وابن القاسم.
فيها: وكبير ولدها فيء
قلت: في تخريجه على قولي الشيخ وابن شبلون نظر.
وقوله ابن عبد السلام: حكي بعض الشيوخ: أن كبير ولدها تبع لها، لا أعرفه؛ بل
نقل ابن بشير وابن حارث: الاتفاق على أنه فيء.
ولو كانت أمه، ففي كون ولدها لربها أو فيئا ثالثها: إن كان بتزويج.
لابن القاسم فيها وابن الماجشون وأشهب.
وعبد الحربي يسلم دونه فيها إن خرج لنا؛ فهو حر.
اللخمي: اتفاقا.
ولو خرج بعد نزول جيشنا بهم.
زاد الشيخ عن ابن حبيب: ولا ولاء لربه عليه.
ولا يرجع إليه إن أسلم:
ابن حبيب: لو دخلنا عليه غالبين، فقال ابن القاسم: حر كخروجه لنا.
أصبغ: رق غنيمة.
ويرجعان لقول واحد: إن نزع لنا حين دخولنا؛ فحر، وإن نزع لنا بعد أن غنم؛ فرق لنا، وحملهما اللخمي على الخلاف، وعزا الثاني لابن حبيب وصوبه، ولم يذكر التونسي غير الأول.
قال: وفيه نظر، والأشبه أنه ملك للجيش لبقاء ملك ربه؛ إذا لم يغنم العبد نفسه.
قلت: الأول قولها بزيادة: (ولا يرجع لربه إن أسلم).
ولو لم يخرج، ولم ندخل عليه؛ ففي كونه حرا أو رقا لربه قولا أشهب وابن القاسم فيها محتجا بثبوت عتق أبي بكر بلالا، والدار دار كفر، وعليهما لغو تصرف ربه فيه ببيع أو تبرع ولو بعتق وأعماله.
وفيها: إن خرج مسلما وترك ربه مسلما؛ فرق له.
قلت: هذا على قول ابن القاسم مطلقا، وعلى قول أشهب: إن سبق إسلام ربه إسلامه.
قال سحنون في سماعه ابن القاسم: قال أشهب: إن قدم لنا عبد حربي أقام عندنا على كفره، ثم قدم ربه؛ فلا سبيل له عليه، ولو أسلم.
ابن رشد: لأن المذهب أن العبد حر بخروجه لنا كافرًا.
وفي الموازية: إن خرج ربه قبل إسلام العبد؛ رجع له ولاؤه، وإلا لم يرجع، وتعقبه التونسي بأنه إن عتق بأنه غنم نفسه؛ لم يرجع ولاؤه بحال، وإن عتق على ربه؛ رجع إليه، ولو قدم بعد إسلامه؛ لأنه عتق، وهو وربه كافران.
ابن رشد: وجهه أنه إنما عتق بخروجه ربه مراعاة لقول أبي حنيفة: إن خرج كافرا؛ فهو غنيمة للمسلمين.
قلت: إذا كان رقا للمسلمين امتنع تصور رجوع ولائه لربه، فكيف يصلح استنتاج رجوع ولائه لربه منه، والأظهر حمل قول محمد: وإلا لم يرجع إليه، أي ما دام ربه كافرا.
ونقض الذمي ذمته دون ظلم يوجب قتاله كحربي، وفي استرقاقه إن اسر ورده لذمته قولا ابن القاسم وأشهب فيها بناء على ملزومية عقد ذمته حريته بقيد وفائه أو مطلقا، وأطلق الأكثر الخلاف.
وقال ابن بشير: إن عقدت ذمته بقيد مسالمته؛ رق، وعلى حريته كيفما كانت حاله؛ لم يرق، وإن أبهمت؛ فالقولان.
ولما ذكر الشيخ عن محمد قول أشهب قال عنه ما نصه: ويقتل قاتلهم، ويجرح جارحهم، ووقف ابن القاسم في القصاص ممن قتل منهم.
وقال ابن ميسر: لا يؤخذ منهم بما قتل في صف ولا غيره.
قلت: يريد: لا يتعلق به قتل القصاص، ويتعلق به حكم قتل الأسير المخير فيه بينه وبين الأربعة الباقية.
وفي شرط كون الإمام عدلا في استباحة قتالهم وسبيهم؛ لنقضهم دون ظلم قولان لمفهوم نقل الشيخ عن محمد عن ابن القاسم: إن خرجوا قضا للعهد ومنعا للجزية، ولم يظلموا، فإن كان الإمام عدلا؛ قوتلوا، وكانوا فيئا مع نقله عن الواضحة: إن كان الإمام غير عدل، أو نقضوا لظلم عرف؛ لم يقاتلوا، فإن قوتلوا وظفر بهم؛ لم يستباحوا، وردوا لذمتهم، ولو وصلوا لدار الحرب، وظاهر قولها: ونقضه لظلم المعروف لا يرفع ذمته.
الداودي: يرفعها؛ لأنه لم يعاهد على أنه يظلم من ظلمه، وصوبه اللخمي بأنه
رضي بطرح ما عقد له.
قلت: ظلمه يصيره مكرها، ورضا المكره لغو، وقوله: لأنه لم يعاهد على أن يظلم من ظلمه معارض بأنه لم يعاهد على أن يظلم.
الشيخ عن ابن حبيب: روى ابن القاسم: إن خرجوا لظلم؛ لم يقاتلوا، ولو قتلوا المسلمين في دفاعهم.
وسمع عيسى ابن القاسم: وقال الأخوان وابن عبد الحكم وابن نافع وابن وهب: هذا إن احتجروا في دارهم، فإن خرجوا لفساد بأرض المسلمين؛ جوهدوا وصاروا فيئا.
قال الأخوان: وإن أشكل كون نقضهم لظلم؛ لم يستباحوا.
وسمع عيسى ابن القاسم: نزع رجالهم ومحاربتهم نقض يستحلون به، ونساؤهم وذريتهم إن حملوها معهم، ولو بقيت ذريتهم بين أظهر المسلمين؛ لم يستباحوا.
وفي كون الشيوخ والزمني كذلك نقل ابن رشد عن ابن حبيب مع أصبغ وابن الماجشون وسماع عيسى ابن القاسم.
ابن رشد: إن علم أنهم مكرهون؛ لم يختلف فيهم، إنما الخلاف إذا جهل إكراههم وادعوه، واحتجاج ابن الماجشون ومحمد بسبيه صلى الله عليه وسلم قريظة وغيرهم يرد بأن بني قريظة لم يكونوا ذمة تحت جزية؛ بل أهل مهادنة باقين بأرضهم؛ ولذا لم يحتج به ابن القاسم في المدونة؛ بل قال: مضت في ذلك سنة من الماضين.
قلت: ويوجب النقض كالخروج المذكور فعل يذل المسلم.
الشيخ عن ابن حبيب: أمر عمر بصلب نصراني نخس بغلا سقطت عنه مسلمة انكشفت عورتها حيث سقطت، وقال: إنما عاهدناهم على بذل الجزية عن يد وهم صاغرون، وأهدر دم يهودي قتله ابن امرأة دهس ناقة سقطت عنها فانكشفت، وقتل نصرانيا اغتصب مسلمة.
ابن حبيب: وصداقها في ماله، والولد مسلم لا أب له، ولو أسلم غاصبها؛ لم يقتل؛ لأن قتله للنقض لا للزنا، وقاله أصبغ.
اللخمي: وطؤه الحرة المسلمة إن كان زنا طوعا منه. ففي كونه نقضا قولا ربيعة
ومالك، وإن كان بنكاح؛ فغير نقض مطلقا.
وقال ابن نافع: إن غرها فنقض، ويضرب عنقه، ووطؤه الأمة المسلمة بملك أو زنا غير نقض إن طاوعته وإلا فقال محمد: لا يقتل، وفيه خلاف، هذا أحب إلي؛ إذا لا يقتل حر بعيد.
اللخمي: هذا غلط؛ لأنه لم يقتل بها، ولا فرق بين الحرة والأمة، والطوع والغصب، إن عوهد على إن فعل شيئا منذلك نقض نقض، وإن كان على أن يعاقب فغير نقض.
قلت: فأين حكم الإيهام، وكيف يساوي الإكراه الطوع، وفيه من الجرأة ما ليس في الطوع، وللفرق بينهما كان مهر الحرة، وما نقص الأمة.
واستباح عمر أهل حصن لجأ إليه مسلمون شاتون منعوهم منه، فمات بعضهم لمبيتهم دونه.
قال الأخوان في أهل بلد صولحوا على الجزية، فاستباح واليها نساءهم، وباع أولادهم، فقتلوه ونقضوا العهد، ومنعوا بلدهم: لا ينبغي قتالهم ولا سبيهم.
الشيخ عن ابن سحنون: إن هرب علوج من بلدنا منهم مسلمون، وأحرار ذمتنا لعدو نزل بنا لإعانته، فظفرنا بهم لم يقتلوا، ويتحيل في حبسهم، وإن لم يقدر على حبسهم إلا بإثخانهم جراحا؛ لم يجرحوا إلا في محاربة.
وقال يحيى بن يحيى: إن هرب إليهم أهل الذمة دون ظلم؛ استحلوا.
ابن القاسم: لو أخذ الذمي بعد شخوصه لأرض الحرب دون إذن؛ فهو على ذمته.
قلت: قول يحيى وقول ابن القاسم هو سماعه ابن القاسم.
ابن رشد: إن أخذوا قبل وصولهم أرض الحرب؛ فهم على ذمتهم إلا أن يقاتلوا ويمتنعوا، سمعه منه عيسى.
الشيخ عن ابن سحنون عن ابن القاسم: إن غلب عدو على بلد الإسلام به ذميون، فكانوا يغيرون على بلد الإسلام مع العدو، فظفر بهم، فادعوا إكراه العدو إياهم على ذلك؛ قتل قاتلهم، وأطيل سجن غير القاتل، فإن حد لهم حد في الرحيل عن العدو، فجازوه، وغاروا مع العدو على الإسلام، فظفر بهم، فادعوا إكراهه إياهم، إن
تبين ما قالوا؛ لم يستحلوا.
قلت: مثله في سماع يحيى ابن القاسم.
ابن رشد: هم أهل ذمة لم يبن نقضهم؛ لأنهم بمكانهم، وسقط عنهم حكم الحرابة بشبهة دعواهم الإكراه.
وقوله: يقتل قاتلهم؛ يريد: قصاصا يجوز فيه العفو، ولو ثبت إكراههم؛ لم يسجن من لم يقتل منهم، وحكم فعلهم بعد ضرب الأجل كحكمه قبله.
وسمع يحيى ابن القاسم في أهل ذمة هربوا لدار الحرب، فأخذوا بها، فقالوا: إنما هربنا لظلم من جاورنا من العرب إيانا إن علم ظلم مجاوريهم ردوا لذمتهم عن قدر واليهم على منع من جاورهم ظلمهم، وإلا تركهم يسيرون حيث شاءوا.
أصبغ: إن أشكل أمرهم؛ لم يستحلوا.
ابن رشد: قوله تفسير لقول ابن القاسم.
وفيها: حرابة أهل الذمة كحرابة المسلمين.
اللخمي عن ابن مسلمة: يقتل؛ لأنه نقض ومال من لا عهد له، وإن قطع لم يؤخذ ماله؛ لأنه بقي ذمته، وذمة ولده باقية، وتعقب التونسي قولها بأن أخذ المال، وقتل النفس حرابة لا نقض بما تقدم من غصبه المسلمة نفسها.
قلت: في غصبه المسلمة نفسها من جرأته على الإسلام ما ليس في القتل، وغصب المال، وبقوة تحريم فرج المسلمة عليه لعمومه في تقدير يفرض بخلاف المال يحل له بالطوع، والمسلم يقتل بحرابته إياه، ولو ارتد جمع؛ منعوا أنفسهم، فأخذوا ففي الحكم فيهم بحكم الحربيين أو المرتدين نقلا ابن حبيب عن أصبغ، وابن القاسم مع ابن الماجشون، وأجراهما على فعل أبي بكر في أهل الردة بالسبي، وفعل عمر فيهم حكم المرتدين برد النساء والصغار من الرق لعشائرهم قائلا: لعمري إنه أمر خالف فيه عمر أبا بكر.
ابن رشد: الذي قضى فيهم أبو بكر بالسباء هم الذين نقض فيهم عمر القضية، وهو خلاف قولهم: إن القاضي لا يرد ما قضى به غيره قبله باجتهاده، فتدبر ذلك.
ابن عبد السلام: لا نسلم أنه خالف أبا بكر، إنما فعل ذلك تطييباً لنفوس
المسلمين بمشقة رؤية أحدهم ابنته، وزوجته مملوكة، وذكر أنه فعله بعوض، وفعل أبي بكر أجمع عليه الصحابة.
قلت: رده قول ابن رشد بقوله: لا نسلم أنه خالف أبا بكر؛ يرد بأنه منع لأمر ظاهر ثبوته دون دليل على منعه.
وقوله: تطييبا للنفوس؛ لا يصح كونه دليلا عليه؛ لأن نقض حكم الحاكم العالم العدل لا يسوغه تطييب النفوس.
وقوله: أجمع عليه الصحابة؛ خلاف ما ذكر ابن عباس من الخلاف في ذلك حسبما يأتي إن شاء الله تعالى.
والجواب الحقيقي: أن الحكم بالسبي في قوم لا يناقضه الحكم فيهم بالمن عليهم؛ لأنه لا منافاة بينهما، ولأن المن مسبب عن السبي، والمسبب يغاير سببه ولا يناقضه؛ ولذا كان الإمام في حكمه بالسبي في قوم، ثم بالمن عليهم ليس بمناقض في حكميه.
فحينئذ أقول: الصادر من عمر إنما هو من عليهم لما رآه من المصلحة، لا سيما وقد أسلموا كلهم، لا نقض لحكم أبي بكر؛ إذ لا تغاير بين حكمتيهما إلا مغايرة حكم حاكم بالسبي لحكمة بالمن، ولا تناقض بينهما، وكل هذا بناء على تلقي ما حكاه ابن حبيب عن عمر بالقبول حسبما تلقاه الشيخ وابن رشد، وفي ذلك عندي نظر لما ذكره الشيخ الراوية العدل: أبو الربيع ابن سالم قال في اكتفائه في ردة أهل دبا وأزد عمان: أن حذيفة بن اليمان قدم بسبيهم المدينة، وهم ثلاثمائة مقاتل وأربعمائة من النساء وذرية اختلف فيهم المسلمون.
قال زيد بن أسلم عن أبيه: أوثقهم أبو بكر بدار رمله بنت الحارث؛ يريد: قتل المقاتلة، فقال له عمر: يا خليفة رسول الله قوم مؤمنون إنما شحوا بأموالهم وقالوا: والله ما رجعنا عن الإسلام؛ فلم يدعهم أبو بكر بهذا القول، فتوفي أبو بكر وهم موثقون، فلما ولي عمر سرحهم، وكان فيهم أبو صفرة والد المهلب.
قال أبو الربيع: وذكر ابن عباس: أن رأي المهاجرين فيهم حين استشارهم أبو بكر القتل أو الفداء بأغلى الفداء، ورأى عمر ألا قتل عليهم ولا فداء، فبقوا موثقين حتى
ولي عمر فأرسلهم دون فداء
قلت: فإذا ثبت هذا؛ فلا إشكال؛ لأن أبا بكر لم ينفذ فيهم الحكم، وعلى تنفيذه فالجواب ما قدمناه، والله أعلم بالصواب.
وسمع عيسى ابن القاسم، ورواه عنه سحنون: إن أسر من تنصر بأرض الحرب، وأصاب دماء المسلمين وأموالهم، فأسلم؛ سقط عنه ما أصابه بعد تنصره إلا ما أصابه قبله.
العتبي: وقال يحيى عنه: يقتل قتل الحرابة.
ابن رشد: رواية عيسى على أنه أسلم، ورواية يحيى على أنه لم يسلم فليستا بخلاف، وإنما يسقط عنه ما أصاب منهما في تنصره بإسلامه بعد أخذه إذا صحت ردته بكونه على بصيرة من كفره في زعمه لا أنه فعله مجونا وفسقا، وإن أخذ على ردته قتل، ولم يستتب استتابة المرتد اتفاقا فيهما، فلا يفترق حكم ما أصاب المرتد ببلد الحرب أو الإسلام إن لم يسلم، إنما يفترقان إن أسلم.
وقتال الخوارج إن بانوا ودعوا لبدعتهم؛ قال الصقلي عن ابن سحنون: فرض.
الشيخ عن سحنون: سن على رضي الله عنه قتالهم، ولم يكفرهم؛ إذ لم يسبهم، ولم يستبح أموالهم، ولهم حكم المسلمين في أمهات أولادهم ومدبريهم وعددهم ووصاياهم، ورد أموالهم لأربابها إن عرفوا؛ وإلا تصدق بها إن أيس منهم، ولا قود عليهم ولا قصاص ولا حد ولا صداق في استباحة فرج.
ولا حد ولا صداق في استباحة فرج.
الصقلي وبعض أصحابه: إن سبوا حرة أو أمة فأولدوها؛ لحق الولد بأبيه؛ إذ لا حد عليه في وطئه لتأويله، وولد الأمة كولد مستحقة.
وفيها لمالك: إن خرجوا فأصابوا الدماء والأموال، ثم تابوا وضعت عنهم كحد الحرابة الدماء، وما استهلكوا من مال، ولو كانوا أملياء، ويؤخذ منه ما وجد بأيديهم من مال بعينه، ويؤخذون لحقوق الناس.
وقتال أهل العصبية:
فيها: قال مالك فيمن كان بالشام من أهل العصبية يدعوهم الإمام إلى الرجوع ومناصفة الحق بينهم، فإن أبوا؛ قوتلوا.
الصقلي: صوب شيخنا القاضي أبو الحسن قول ابن سحنون: يجب قتال أهل
العصبية إن كان الإمام عدلاً، وقتال من قام عليه، وإن كان غير عدل، فإن خرج عليه عدل؛ وجب الخروج معه؛ ليظهر دين الله، وإلا وسعك الوقوف إلا أن يريد نفسك ومالك، فادفعه عنهما، ولا يجوز لك دفعه عن الظالم.
مالك: إن قام والٍ على والٍ لإزالة ما بيده، فإن كان مثل عمر بن عبد العزيز؛ وجب الدفع عنه وإلا فلا، ينتقم الله من ظالم بظالم، ثم ينتقم منهما.
وقال فيمن بايعه الناس بالإمارة فقام آخر وتبعه بعضهم: قال: روى معاوية قتل الثاني، وهذا إن كان الأول عدلاً، وإلا فلا بيعة له تلزم، ولابد من إمام بر أو فاجر.
ابن سحنون: بلغني أنه كان يقال: لا تكرهوا الفتنة؛ فإنها حصاد المنافقين.
قلت: يرده أو يخصصه أحاديث الاستعاذة من الفتن ما ظهر منها وما بطن، وظاهر ما تقدم منع إعانة غير العدل مطلقاً.
وقال الشيخ عز الدين ابن عبد السلام: فسق الأئمة قد يتفاوت ككون فسق أحدهم بالقتل، وفسق الآخر بانتهاك حرمة الأبضاع، فإن تعذر قدم المتعرض للأبضاع على المتعرض للدماء، وكذا يترتب التقديم على الكبير من الذنوب والأكبر والصغير منها والأصغر.
قال: فإن قيل: أيجوز القتال مع أحد هؤلاء لإقامة ولايته وإدامة تصرفه، وهو معصية؟
قلنا: نعم دفعاً لما بين مفسدتي الفسوقين، وفي هذا وقفة وإشكال من جهة كونه إعانة على معصية، ولكن درء ما هو أشد من تلك المعصية يجوزه.
قلت: ونحوه خروج فقهاء القيروان الممسي، وغيره مع أبي زيد الخارجي على الثالث من بني عبيد؛ وهو إسماعيل لكفره، وفسق أبي زيد والكفر أشد.
المسابقة بين الخيل والإبل دون جعل للسابق أو به من غير مسابق، أو منه لسابق غيره؛ جائز.
ابن رشد: اتفاقاً، وعليه إن سبق مخرجه؛ فهو لتاليه وهو المصلي.
الشيخ عن كتاب ابن مزين: والعاشر يسمى السكيت، وما بينهما لا يسمى إلا
باسم العدد.
قلت: ذكر غير واحد من اللغويين لسائرها أسماء؛ منه ما أنشدني شيخنا أبو عبد الله بن الحباب لأمير المؤمنين أبي زكريا يحيى والد ملوك إفريقية من الموحدين في بعض شعراء حضرته حيث مدحه كل منهم بقصيدة:
ألا إن مضمار القريض لممتد
…
به شعراء السبق أربعة لد
فأما المجلي فهو شاعر جمة
…
أتى أولاً والناس كلهم بعد
وأما المصلي فهو حبر قضاعة
…
بآدابه تزهو الخلافة والمجد
وأما المسلي فالمعاوي إنه أتى
…
ثالثاً لكن يلين ويشتد
وبعدهما الكومي أقبل تالياً
…
وكم جاء سباقاً مسومه النهد
ثم علماً لساس ما عنهم غنى
…
وهم شعراء الملك ما منهم بد
وجمعها بعضهم في بيتين:
أتاني المجلي والمصلي وبعده الـ
…
مسلي وتال بعده عاطف يسري
ومرتاحها ثم الحظي ومؤمل
…
وجاء اللطيم والسكيت له يجري
فإن اتحد من سابق مع مخرجه كان طعمة لمن حضره.
ويجعل من واحد فقط، على أخذه من سبق، ولو كان مخرجه في إجازته، ومنعه، ثالثها: يكره.
للشيخ عن أصبغ مع ابن وهب والصقلي وابن رشد عن أحد قولي مالك، وللشيخ عن ابن القاسم مع الصقلي وابن رشد عن أحد قولي مالك، والشيخ عن رواية أصبغ، ولم يحك عياض غير الأولين عن مالك قائلاً: قال بكل منهما بعض أصحابه.
وبجعل من كل مسابق على أخذ السابق مع جعله جعل غيره ولا محلل، وهو من يخرج شيئاً لا يجوز.
ابن رشد: اتفاقاً، ومعه على أن من سبق أخذ الجميع المحلل، أو ذو جعل طريقان:
ابن رشد: أجازه ابن المسيب، ومنعه مالك، كان مع اثنين محلل، أو مع جماعة جماعة للغرر والمقامرة إلا أنه كلما قل المحلل؛ كثر الغرر والعكس العكس.
قلت: وفي النوادر عن ابن عبد الحكم: كراهة مالك المحلل على منعه رجوع جعل مخرجه له بسبقه في المسابقة بجعل من واحد فقط، وعلى قوله الآخر: هو جائز، وبه أقول كابن المسيب وابن شهاب.
عياض: مشهور قول مالك منعه، وقال مرة: كابن المسيب.
قلت: ظاهر نص لا تخريج، خلاف قول ابن عبد الحكم أنه تخريج.
قال: وشرط المحلل عدم أمن سبقه، وفيه زيادة في الرمي، ولا بأس بالمسابقة بين فرس وجمل، ولو شرط على أحدهما حمل شيء خفيف أو ثقيل، وليس على الآخر إلا راكبه، ولا يحمل على الخيل لإجرائها إلا محتلم ضابط، وكره مالك حمل الصبيان عليها، ولا بأس أن يتراهنا على أن يضمرا فرسيهما مدة معينة، ولو مضت فقال أحدهما: لم يتم إضمار فرسي؛ فلراهنه جبره على المسابقة إلا أن يعتل فرسه علة بينة، ولو قال: أزيدك ديناراً على أن تزيد في مدة الإضمار، أو في مبدأ غاية الجري أو منتهاها، فإن تراهنا دون شرط ولأهل ذلك الموضع سنة في ذلك حملا عليها، ولأهل مصر سنة عرفت في مبدأ جري القارح والرباع والثني والحولي، وفي الغاية التي يجلس بها الوالي، أو من يقيمه لذلك، ولا بأس أن يجعلا سرادقاً أو خطاً من دخله أولاً أو جازه أولاً؛ فهو السابق، ولا بأس أن يخرج واحد خمسة وآخر عشرة إن كان بينهما محلل.
قلت: زاد في فصل الرمي: أو يخرج أحدهما بقرة، والآخر شاة، ومنعه بعضهم، ولا أرى على أنه إن سبقه؛ ودى عنه فلان ديناراً؛ لأنه لم يخرج شيئاً يؤديه إن سبق ويحوزه إن سبق.
قلت: في منعه نظر، وظاهر ما تقدم لابن رشد جوازه.
قال ابن عبد الحكم: فإن سابقه على أن يضمن عنه لغريمه ديناراً إن سبقه؛ لم يجز إن كان على أن يرجع به عليه؛ لأنه ضمان بجعل وإلا جاز، ولو سقط بعض أهل الرهان عن فرسه ببعض المسافة، أو ألقاه فرسه بها، أو راغ عن الطريق، أو انكسر فرسه، فإن
كان معه أكثر من واحد؛ فالرهان بين من بقي، وإلا فأهل الخيل أنه مسبوق خوف التحيل بذلك لحل الرهان، والأحسن إن كان العائق بتضييع من الفارس أو سبب سابق؛ فهو مسبوق كتضييع سوطه، وقطع لجامه، وكون فرسه حروناً، أو نفوراً كما لو نفر من السرادق؛ فلم يدخله حتى دخل الآخر، فالسابق الداخل، ولو عدا عليه من أخذ سوطه، أو أزاله عن الطريق؛ لم يكن مسبوقاً، ولا بأس أن يقدم أحدهما الآخر بقدر من المسافة على أن يجريا معاً، أو إذا بلغ المؤخر المقدم، ولو تراهنا بثنيين، فأدخل أحدهما رباعياً أو قارحاً؛ لم يعد سبقه سبقاً، ولو أدخل بدل الرباعي جذعاً أو ثنياً أو حولياً أو هجيناً بدل عرابي كان سبقه سبقاً.
قلت: هذا يدل على صحة التراهن بغير معين، والظاهر في المعين لزوم عينه، وظاهر قول أبي عمر أجاز العلماء السبق في غير الرهان على الأقدام، ولا يجوز في الرهان إلا في الخف والحافر والنضل، ثم قال: شرط الرهان تقارب الخيل في السبق وإلا فهو قمار والمحلل لغو، وكذا المضمرة مع غيرها، والعراب مع غيرها خلاف ما تقدم في إدخال الهجين بدل العرابي، وخلاف قوله في الرمي: لا بأس بمراماة من يجهل رميه؛ كالفرس يجهل جريه.
قال: وروى: أنه صلى الله عليه وسلم قال: "خير الخيل الأدهم الأقرح الأرثم المحجل".
ابن سيده: الرثم والرثمة: بياض في طرف أنف الفرس، وقيل: هو كل بياض قل أو كثر إذا أصاب الجحفلة العليا إلى أن يبلغ المرسن، وقيل: هو البياض في الأنف.
قال: وجحفلة الدابة ما تتناول به العلف.
قال: والمرسن: الأنف.
وروى مسلم عن أبي هريرة قال: "كان صلى الله عليه وسلم يكره الشكال من الخيل".
زاد في رواية عبد الرزاق: والشكال: ما في رجله اليمنى بياض، وفي يده اليسرى
أو يده اليمنى ورجله اليسرى.
أبو عبيدة: هو محجل الثلاث قوائم، ومطلق الواحدة أو مطلق الثلاث محجل الواحدة.
ابن عبد الحكم: صح تفسير القوة بالرمي، وليس على المتناضلين، وصف سهم أو وتر برقة أو طول أو مقابليهما، ولمن شاء بدل ما شاء بغيره، وقوس بأخرى من جنسها لا عربية بغير عربية، ويجوز تعاقدهما على فارسية وعربية، ثم لكل منهما بدل قوسه بأي صنف شاء من القسي، ولا أحب شرط ألا يراميه بقوس معينة بخلاف الفرس؛ لأن الفرس هو المسابق، وفي الرمي الرجل لا القوس، ولا بأس أن يسابق رجل رجلين أو أكثر الواحد المسبق أو المسبق، أو عدد عدداً، أو اتفق الرماة أن المسبق أولى بالبداية بالرمي يسهمه، ثم يرميان سهماً سهماً حتى يتم الرشق، ثم يبدأ المسبق كذلك في الرشق الثاني حتى يفرغ الرمي، فإن كانا حزبين؛ بدأ المسبق ثم آخر من الحزب الآخر، ثم كذلك، فإن قال أحد الحزبين: يقوم اثنان ثم اثنان، وقال الآخر: بل واحد ثم واحد، فإن كان شرط عمل عليه، وإلا فالخيار للمسبق، ولا يقيم أكثر من اثنين إلا بشرط أو تراض خوف الاختلاط، وللبادئ ومن بعده أن يقوم من المقام حيث شاء، وللمسبق أن يبدأ من أي وجهي الغرض شاء، استقبل الريح أو استدبرها، وإن شرطوا ألا يرموا إلا من وجه واحد أو مع الريح أو عليها؛ جاز، ولمن شاء منهم رميه قائماً، أو قاعداً ما لم يشترط قيام، وتحوله من مكان لآخر ما لم يضيق على غيره، ويمنع الرمي من فوق الغرض إلا برضى من معه، وإذا رمى حزب؛ فعليه إخلاء الغرض للحزب الآخر، والرهان فيه كما مر في السباق.
الصقلي عن محمد: يجوز كون السبق عتقاً عن الناضل والمنضول، أو عملاً للناضل معروفاً، أو يتصدق بالسبق، أو يبني به الغرض، أو يشتري به حصراً
يجلسون عليها.
زاد الشيخ عن محمد: ويجوز كونه لأجل معلوم لا مجهول، وكونه عرضاً موصوفاً، أو سكنى مدة معلومة، أو عفواً عن جرح عمداً وخطئاً، ويمنع بالغرر، ومن وجب له؛ جاز أن يحال به، أو يؤخره برهن أو حميل، وحاص به الغرماء.
الصقلي عن محمد: لا بأس أن يتراهن حزب، وحزب واحد واحد، واثنان اثنان، أو أكثر، ويدخلا بينهما محللاً واحداً.
زاد الشيخ: وشرطه كونه يخاف أن ينضلهما، ويجوز كونه أدناهما إن رمى معهما من الغرض أمناه، وإن رمى من نصفه وهما منه؛ لم يأمناه إن رمى من نصفه، وإن لم يأمناه، ورميهما من النصف، وهو من الغرض؛ جاز، ويجوز رمي أحدهما معه من النصف والآخر من الغرض، ولا يجوز أن يقول: نسبقكم على أن تسبقونا سبقاً آخر.
قلت: يريد: نخرج نحن سبقاً على أنه إذا استحق أخرجتم أنتم سبقاً آخر، والظاهر إن لم يكن محلل؛ حرم، وإلا اختلف فيه.
وبعد الغرض ما رضياه: وكان غرض عقبة بن عامر أربعمائة ذراع، وإن لم يسميا ذرعه؛ حملا على العرف؛ وهو مائتا ذراع.
ويجوز أن يتناضلا على أن يرمي أحدهما من الغرض إلى الغرض، والآخر من نصفه، أو من أبعد منه بقدر معلوم.
ويجوز شرط إن تعلق الجلد في الهدف، أو يجعل على الأرض تعمده الأعواد.
الجوهري: الهدف: كل مرتفع من بناء أو غيره، ومنه سمي الغرض هدفاً.
قال محمد: ويجوز شرط الرمي في جلد كبير يوماً، وفي صغير يوماً، وجعل البعد كغرض؛ فيكون الناضل الأبعد سهماً، والتساوي لغو.
والإصابة حصول السهم في الجلد دائراً به، وما أصابه، وسقط أو خرقه، ولم يدر به لغو، وما تعلق به، وخيف سقوطه، فإن كان أول الوجه، فإن سقط برمي ما بعده ألغي وإلا اعتبر، وإن تعلق بالجلد وانكسر، ولم يسقط حسب، وإن أصاب الجلد راجعاً على الأرض ألغي، ولو تعلق به، وما أصاب برده الريح للجلد حسب، وما صرفته عنه الريح ألغي، وما أصاب موضع الجلد لإسقاطه الريح ألغي؛ إذ لعله لو ثبت الجلد لم
يثبت فيه السهم، وإذا أزالته الريح عن محله من الغرض وأصابه حسب، وألغاه الشافعي.
قلت: الأظهر إن رماه بعد نقله الريح حسب وإلا فلا.
قال: وما أصابه بفوقه، فثبت في الجلد؛ ألغي، وما أصاب العراء، فكان ملصقاً بالجلد، والجلد دائر به؛ حسب وإلا فلا، وكذلك ما دخل من العروة في الجلد، ولو انقطع وتره، وهو يرمي، فإن جاوز نصف الغرض؛ كان كسهم أخطأه، وإن لم يجاوزه؛ فله أن يرمي بآخر مكانه.
ومنهم من قال: إن جاوزت الثلاثين؛ قالوا: كما لو انقطع، فأصاب الغرض؛ حسب له فكذا إن أخطأ لم يحسب.
قلت: كذا في الروايات لم يحسب.
والصواب: حسب.
قال: وأحسب أنه إن علم أنه من قطع الوتر لا من خطأ الرامي؛ لم يحسب عليه وإلا حسب، ومن عاقه الرمي لفساد بعض آلته؛ انتظره مناضله لتلافيه على ما عرف دون طول، فلو انقطع وتره ومعه آخر يبعد من وتره في الغلظ والرقة؛ لم يلزمه الرمي به إلا أن يقاربه، وكذا السهم، ولو سلم أحدهما للآخر أنه نضله، فإن كان قبل رمي ما يتبين في مثله أنه منضول؛ فليس على مناضله قبول ذلك، وكأنه كره أن يسمى منضولاً، وإن كان بعد تبين كونه منضولاً؛ جاز إن قبله الآخر.
ويمنع شرط أن من ترك الرمي اختياراً؛ فهو منضول، ويرتفع لزوم الرمي بالغروب، ولو كان في أثناء وجه، ولو رميا بعد الغروب؛ لزم تمام الرشق، والمطر وعاصف الريح يرفعه.
ويجوز نصبهما أميناً يحكم بالإصابة والخطأ، والخصل في النضال الخطر الذي يخاطر عليه، قاله الجوهري.
وأنشد للكميت مادحاً بعضهم قال:
سبقت إلى الخيرات كل مناضل
…
وأحرزت بالعشر الولاء خصالها
قال: ويجوز أن يرميا إلى خصل مائة أو أقل أو أكثر.
قلت: معناه: تحديد استحقاق الخطر بكون الإصابة في عدد من الرمي.
قال محمد: والمسبق إن زاد في الخصل ما يريد به الفرار منع، وإلا ففي جوازه مطلقاً، أو بقيد كونه مثله، فأقل قولا الرماة، والأحسن المنع إلا برضاهم.
ويجوز الانتقال في أثناء الخصل من غرض لآخر بتراضيهم، وإن قال أحدهما لصاحبه: أقلني ولك كذا بعد أن نضله أو قبل رميهما؛ لم يجز.
قلت: وكذا إن أسبق رجل رجلاً ديناراً، فقال المسبق لصاحبه: أزيدك ديناراً على أن يرمي معي بذلك فلان، أو قال المسبق: أحط عنك نصف دينار على أن يرمي معي بذلك فلان، وكل ذلك دون زيادة ونقص جائز.
ولو أسبقه على الرمي في يوم معين، فزاد أحدهما الآخر على أن يؤخر الرمي ليوم آخر؛ فلا بأس.
وفي ثبوت النضل لأحدهما على الآخر بإصابته دونه، أو بفضل إصابته في تمام رمي وجه واحد، وإن كان قبل تمام عدد الخصل نقل محمد عن عمل الرماة مع حكايته للشافعي، والقياس عند محمد، ولو نضل أحدهما الآخر لتمام عدد الخصل قبل تمام الرشق؛ ففي لغو إصابته من أصاب في تمامه، واعتبارها قولا محمد والرواة.
ويجوز أن يتناضلا على أن يفضل أحدهما بإصابته في عشرة، والآخر في خمسة، ويجوز أن يرميا إلى خصل عدد معين على أن يحسب لأحدهما ما أصاب به من سهم بسهمين، والآخر بسهم واحد، وعليه لا يكون في عدده فرد؛ لأنه لا يكاد يحسب لصاحب خمسة إلا بثلاثة هي ستة، فيذهب له واحد باطلاً.
والافتخار والانتماء للقبيلة حين ظن الإصابة بالرمي جائز، وبذكر الله أحب إلى، كقوله: أنا الفلاني؛ لأنه إغراء لغيره.
روي أنه صلى الله عليه وسلم رمى فقال: "أنا ابن العواتك"، ورمى ابن عمر بين الهدفين وقال: أنا
بها أنا بها، وقال مكحول: أنا الغلام الهذلي.
قلتُ: وهو في حين الحرب أوضح، منه قوله صلى الله عليه وسلم في غزوة حنين حين نزل عن بغلته واستنصر:«أنا النبي لا كذب، أنا ابن عبد المطلب» ، ومنه حديث مسلم عن سلمة بن الأكوع: خرجت في آثار القوم أرميهم بالنبل وأرتجز وأقول:
أنا ابن الأكوع
…
واليوم يوم الرضع
قال محمد: والشهادة في السباق كغيره، وإن شهدا أنه أسبق فلاناً ديناراً، فحكم عليه أن يراميه، ثم رجعا، فإن نضل المسبق صاحبه؛ لم يغرما شيئاً لعدم غرمه، وإن نضله صاحبه غرما له سبقه، وإن شهدا أنه أسبقه إلى خصل مائة، وقال هو إلى خمسين، فقضي عليه، فنضل المسبق فيما بعد الخمسين، فإن كان المسبق قد نضل بعدها أو قبلها؛ لم يغرما شيئاً لعدم غرم المسبق وإلا غرما.
ولو شهدا أنهما تناضلا بقوس عربية على مدعي فارسية، فرجعا، وقد غرم المشهود عليه غرما له، ولو شهد على الرمي في يوم كذا على من ادعاه في غيره رجع، وقد غرر المشهود عليه؛ لم يغرما، وإن اختلفا في كون السبق ديناراً أو نصفه قبل الفراغ من الرمي، ففي تحالفهما وتفاسخهما مطلقاً، أو ما لم يمعنا في الرمي، فيكون القول قول المسبق قولا أشهب وابن القاسم، وبعده القول قوله مع يمينه ما لم يأت بما يبين به كذبه، ولو قال قبل الرمي: أسبقتك على أن ترمي بعشرة في كل رشق، وقال الآخر: بخمسة؛ تحالفا وتفاسخا، وبعده المعتبر ما رميا عليه، والقول باختلافهما في الغرض قول مسبق، ولو قيل: يتحالفان ويتفاسخان كان مذهباً، والأول أحب إلي، ولو قال:
أسبقتك على أن الخصل إلى مائة، وقال الآخر: إلى خمسين؛ تحالفا وتفاسخا، ولو اختلفا فيمن جعلاه أميناً على الحكم بالإصابة؛ قدم الحاكم بينهما أميناً عارفاً.
قلت: ظاهره: ولو حكم بأحد المختلف فيهما، ومن أبي الرمي بعد تعاقدهما على سبق من أحدهما؛ أجبر عليه. انتهى.
قال الشيخ الفقيه القاضي أبو عبد الله محمد بن عيسى بن أصبغ الأزدي القرطبي المشتهر بابن مناصف في أرجوزته المسماة بالمذهبة التي قالها في نظم الصفات من الحلى والشيات، وختمها بذكر أسماء السوابق قال:
وقد رأينا من تمام القول
…
فيما اعتمدنا من نعوت الخيل
أن نختم التأليف في التبويب
…
بسبق الخيل على الترتيب
وهبئة الحلبة في المضمار
…
وفوتها في درك الأخطار
وما الذي يجوز خصل السبق
…
منها إذا جاء كسهم الرشق
منسوبة جملتها للعرب
…
وبعضها قيل لأهل الأدب
وهاكها مسرودة مفسره
…
مشتقة أسماؤها ميسره
بحسب
…
على ما يمكن
…
في الغرض الذي به يبين
…
التي هناك تعرف
…
جماعة الخيل التي تأليف
من حلب القوم وأيضاً أحلبوا
…
كل بمعنى اجتمعوا وحزبوا
وموضع الجري هو المضمار
…
ثم المدى غاية ما يسار
والخصل ما يجعل للسوابق
…
عند المدى من خطر المسابق
وكان من فعلهم فيما مضى
…
أن يجعل الشيء الذي قد عرضا
على رؤوس قصب الرماح
…
في طرف الغاية للإفصاح
ومنه قالوا في الذي قد كملا
…
حاز فلان قصب السبق علا
وجملة المخصوص عند العرب
…
من سبق الخيل لوضع اللقب
عشرة محفوظة الأسماء
…
موقوفة النقل على الفراء
أولها سبقا هو المجلي
…
ينقض مثل النجم أو كالنبل
اشتق من جلا بمعنى أظهرا
…
ما كان من أمر الرهان مضمرا
وقد يقال أيضاً المبرز
…
والسابق الكل بهن ينبز
والفرس الثاني هو المصلي
…
لأنه يليه دون فصل
فهو كأن رأسه تراه
…
عند صلا الأول من أخراه
وثالث الخيل هو المسلي
…
من السلو في اشتقاق الفعل
كأنما صاحبه به سلا
…
إذ جاء بعد السابقين أولا
وبعده الرابع وهو التالي
…
لتلوه الثالث في الإعجال
فنسبوا الرابع للمسلي
…
كنسبة التالي من المجلي
ثم يليه الخامس المرتاح
…
كأنه من كده يرتاح
إذ كان يخشى أن يكون بعد
…
لكونه في السبق منه بعد
وبعده السادس وهو العاطف
…
عطفاً على المرتاح يعني الواصف
لأنه قد فاته ما قبل
…
فانضاف للمرتاح أيضاً يتلو
فنسبوه منه في التولي
…
كنسبة التالي من المسلي
والسابع الذي هو الخطي
…
وأصله من خطوة معني
لأنه يحظى وإن تأخرا
…
بسبق ما خلفه مؤخرا
والثامن الذي هو المؤمل
…
ليس وراءه لسبق أمل
فهو مؤمل الثلاث الباقية
…
بأن يفوز من ملام اللاحية
والتاسع اللطيم فهو يحرم
…
حظ الجياد قبله ويلطم
لأنه لم يترك المؤمل
…
لتوه خطأ عليه يعمل
والعاشر السكيت ليس بنظر
…
وما أتى من بعده لا يذكر
وأصله ووزنه فعيل من
…
السكوت إذ عداه القول
لأنه ماذا عسى تراه
…
يقول واللطيم في أولاه
ويؤثر لسكيت والسكيت
…
كلاهما فيه وقد وفيت