الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[باب الديوان]
والديوان: لقب لرسم جمع أسماء أنواع المعدين لقتال العدو بعطاء.
وفيها: لسَحنون عن الوليد بن مسلم عن الأوزاعي: أوقف عمر والصحابة رضي الله عنه الفيء وخراج الأرضين للمجاهدين، ففرض منه للمقاتلين والعيال والذرية؛ فصار سنة، فمن افترض فيه ونيته الجهاد؛ فلا بأس به، وأسند سَحنون أن أبا ذر قال لمن قال له: لا أفترض: افترض فإنه اليوم معونة وقوة، فإذا كان ثمن دين أحدكم فلا تقربوه.
وفيها: لم ير مالك بأسًا بمثل ديوان مصر، والمدينة ودواوين العرب.
اللخمي: إن كان العطاء من مباح.
قُلتُ: هو معنى قول مالك.
اللخمي: ويستحب كون الغزو دون أجر، وسمع ابن القاسم: لا أرى لغني قبول فرس أو سلاح أعطيه في الجهاد، ولا بأس به للمحتاج.
ابن رُشْد: قبول المحتاج أفضل إجماعًا لأنه من إعلاء كلمة الله بالقوة على الجهاد، وسمع ابن القاسم: من أعطي شيئًا في السبيل من الوالي؛ فلا بأس به.
ابن القاسم: يريد: الخلفاء، وغيرهم لا يجوز الأخذ منه.
ابن رُشْد: إلا أن يكون فوض لهم في ذلك.
وفيها: بسند الوليد بن مسلم إلى ابن محيريز قال: (ذوو العطاء أفضل من المتطوعة لما يروعون).
قُلتُ: في سنده ابن لهيعة وهو ضعيف، وحاصله الترجيح بكثرة العمل، فإذا اتحد كان دون عطاء أفضل.
ابن رُشْد: من أعطى شيئًا في السبيل؛ فالمذهب قصر صرفه في غزوه إلى بلوغه رأس مغزاه، وما فضل بعد بلوغه لا يرجع لملك معطيه، وفي جواز إنفاقه منه في رجوعه، وصرف باقيه في غزو غيره، وصيرورة كله ملكًا له، ثالثها: وجوب صرف كله في غزو غيره، ورابعها: إن أعطاه لينفقه فيه على نفسه رد باقية لربه، وإن أعطاه لينفقه فيه لا على نفسه؛ رد ما بقي في السبيل لا بن حبيب، وأحد قولي سَحنون مع فضل عن مالك وأصجابه، وسماع القرينين، وثاني قولي سَحنون، وعلى الثالث في استحباب صرفه هو لغيره في السبيل دون رده لربه؛ ليصرفه ربه في ذلك، وتخييره في الأمرين سماعًا ابن القاسم والقرينين.
وسمعا: لو قال: أردت كون الفضل ملكًا للمعطي لسماع ابن القاسم ذلك في قوله صدق، وسمع ابن القاسم: لو قال: أردت كونه لي؛ صدق، ولو كان المعطي في السبيل فرسًا أو سلاحًا؛ ففي حمله على التحبيس حتى ينص على التبتيل وعكسه حكاية سَحنون رواية ابن القاسم وظاهر سماعه، وسمع: من أعطي شيئًا في حج؛ ففضله لربه.
ابن رُشْد: الفرق عند مالك أن الغزو لا منتهى له وللحج منتهى، وعليه لو أعطي عينًا في غزاة معينة؛ رجع فضلها لربها، وسمع من تجهز لغزو، وبدا له أحب دفع جهازه لغيره.
ابن رُشْد: ولو بدا له في تأخيره لخروجه في غزاة أخرى؛ رفعه لها، ولو خيف فساده رفع ثمنه لها إلا أن يكون موسرًا يجد مثل جهازه في غزاة أخرى، فليفعل به ما شاء، وسمع من أوصى بمال في السبيل أحب إلى أن يعطي من يغزو به من بلد الموصى من بعثه؛ ليقسم في الثغور والرباط خوف ضياعه بالطريق.
ابن رُشْد: خير فيه في سماع أشهب في الوصايا.
قُلتُ: لعله مع الأمن.
وفيها: لمالك: لا بأس بجعل القاعدة من ديوان للخارج منه دونه، وربما لم يخرج لهم عطاء، وهو العمل عندنا.
ابن القاسم: جعله لمن ليس من أهل الديوان لم أسمعه منه ولا يعجبني، وهو أشد كراهة من كراهته لمن يرابط مؤاجرة فرسه في غزو أو رباط، ولم يعجبه لمن معه في سبيل
الله فرس أن يؤاجره، والجعالة لمن في ديوان ليست إجارة؛ لأن عليهم سد الثغور.
التونسي: لو عين الإمام من يخرج باسمه أو صفته؛ لم يجز أن يجعل لمن يخرج عنه إلا بإذنه، وينبغي إن أتاه بمن يقوم مقامه أن يقبله.
الصقلي: وسهم الخارج بجعالة من ديوان واحد للجاعل، ولا للخارج، به أفتى شُيُخنا، وحكي عن بعض القرويين.
قُلتُ: الأظهر أنه بينهما؛ لأنه لولا الجعالة احتمل وجوب خروج الجاعل بالقرعة فيكون الخارج أجيرًا، فيستحقه الجاعل، ويحتمل العكس فيستحقه الخارج، أما لو كانت المجاعلة بعد تعين الجاعل بقرعة، أو كان الخارج من غير ديوانه فكما قالوا، وفيه نظر؛ لأن قواعد الشرع تقتضي أن استحقاق الإسهام؛ إنما هو بمباشرة حضور القتال، أو الخروج له إن عاقه عن حضوره ما لا يقدر على دفعه، وتركه اختيارًا لا في مصلحة الخارجين يمنعه، وسمع القرينان في بعوث يتجاعل فيها؛ لخوفها كبعوث المغرب يغرم فيها القاعد للجاعل، فيكون اللوالي الحوى في بعضهم من أهل الفضل والصلاح جعله في ذلك الرفع؛ ليسلم من الغرم.
قال: هذا شيء جعل للسلطان فهو أخف.
ابن رُشْد: قد كره أن يحابي بعض أهل الفضل والصلاح بجعله في الذين يمسكهم للحاجة إلهم؛ ليسلموا من الغرم، وخففه إن لم يحاب، ولم يكن له بد من إمساك بعضهم للحاجة إليه، وذلك مكروه للسائل.
وفيها: عن ابن عباس: لا بأس بالطوى من ماحوز لآخر إذا ضمنه الإنسان.
قُلتُ: الطوى: المجاوزة.
في المحكم: طوى المكان إلى المكان جاوزه.
والماحوز: الناحية.
في المحكم: كل ناحية على حدة حيز، وجمعه أحياز نادر، وقياسه حيائز بالهمز عند سيبويه، وحياوز بالواو عند أبي الحسن.
قُلتُ: ومعنى ضمنه الإنسان: أي: كفي فيه وقام بحربه.
وفيها: ليحيى بن سعيد والليث: لو قال في الطوى: خذ بعثي وبعثك، وأزيدك دينارًا أو بعيرًا؛ فلا بأس به.
قال عبد الرحمن بن شريح: يكره أن يعقد الطوى قبل أن يكتتبا في البعثين اللذين يتطاويان فيهما فيقول أحدهما للآخر: اكتتب في بعث كذا، وأنا أكتتب في بعث كذا، ثم يعقدان الطوى على ذلك، وأما بعد الكتابة؛ فلم أسمع من ينكره إلا من يفعله التماسًا للزيادة في الجعل.
التونسي: كون ذلك قبل الكتابة غير متصور؛ لأنه لم يجب عليهما شيء يخرجان فيه، ولا فائدة في إعطاء أحدهما الآخر شيئًا في شيء لا يجب عليه وبعد الكتابة، وحضور الخروج جائز، وقبل حضورها يقول: خذ بعثي وآخذ بعثك، وما كان لي فهو لك، وما كان ذلك؛ فهو لي وأزيدك كذا، فهذا هو الدين بالدين، ولعله المعنى الذي كره أن يعقد الطوى قبل الكتبة، يريد: قبل حضور ما يأخذانه وحلوله.
قُلتُ: يرد إلزامه الدين بالدين بأنه ليس يع في الرواية: ما كان لي؛ فهو لك، وما كان لك؛ فهو لي، إنما فيها: خذ بعثي وآخذ بعثك؛ حسبما مر، ومعناه: اخرج لبعثي بالمغرب، وأخرج لبعثك بالشام، وأزيدك كذا لسهولة بعث الشام؛ فالزيادة هنا لمكان السهولة كما كانت في الجعائل لمكان القعود، وعلى تسليم ثبوت ذلك في الرواية لا يلزم الدين بالدين؛ لأن ما يأخذانه إنما هو من معط واحد؛ لأنهما من ديوان واحد، وغالب العطاء من صنف واحد وهو العين، فإن تساوا عطاءاهما؛ فلا معاوضة، وآل الامر لمحض الزيادة، وإن اختلفا؛ صارت الزيادة من العطاء، ولا يدفعه من عنده، وإنما يتصور ذلك إن التزم كل واحد دفع ذلك من عنده في ذمته، ولو كان كذلك؛ كان ربا أشد من الدين بالدين، إلا أن يكون عطاء أحدهما من غير صنف عطاء الآخر، فيكون الدين بالدين، وحمل الأثر على ذلك بعيد، وهذا يرد توجيهه أثر عبد الرحمن بما ذكر، ووجهه أنه قبل الكتاب يؤدي إلى كذبهما عند الكتب وبعدها لا يؤدي إليه.
وفيها: قلت: لو تنازعا في اسم في العطاء، فأعطى أحدهما الآخر دراهم على أن يدع له الاسم.
قال: قال مالك: من أراد بيع ما زيد في عطائه بعرض؛ لم يجز، فكذا مسألتك.
التونسي: يريد: خرج العطاء لزيد بن عمرو فادعياه واسم كل منهما كذلك.
اللخمي: إن كان تنازعهما قبل خروج العطاء يخير الإمام فيهما، وإن كان عند خروجه دون بعث وهما من ديوان واحد؛ تحالفا، وقسم العطاء نصفين، ومن نكل منهما اختص به منازعه الحالف، فإن أثبتا معًا فرق بين اسميهما، وإن كان حين بعث
…
معينة هما منها؛ فكذلك، إلا أن يرى الإمام بعث أحدهما دون الآخر، فإن كان أحدهما ليس منها؛ كان العطاء للآخر إلا أن يرى الإمام خروج من ليس منها أولى، وإن كانا من بعث مبهم كقوله: يخرج بعث الثغر الفلاني، أو الجيش الفلاني؛ تحالفا كما مر ويخرجان أو يقترعان، فمن طارت قرعته خرج دون أخذ شيء من منازعه، واقتراعهما للتخفيف عليهما في عدم خروجهما معًا لا ليرد أحدهما على الآخر شيئًا؛ لأن حق الأمير إنما هو على أحدهما فقط.
التونسي: لو كان تنازعهما في عطاء لخروج غير ثابت؛ تخير الأمير فيهما.
وفيها: ما سمعت منه في الإدراب بالنساء لأرض الحرب شيئًا، وقال: لا بأس أن يخرج بهن إلى السواحل كالإسكندرية، ولا بأس عندي بالغزو بهن في عسكر أمين، سَحنون: ويخرج بأهله لأمين المواضع الكثير الأهل كالإسكندرية وتونس، وشك في سفاقس وسوسة، ولا يخرج لغيرهما من سواحلنا.
وروى ابن حبيب تعليل النهي عن السفر بالقرآن لأرض العدو لخوف نيله العدو.
ابن حبيب: لما يخشى من استهزائهم وعبثهم، وتصغير ما عظم الله.
وقول اللخمي: اختلف في ذلك، فذكر قول مالك، وقول ابن حبيب يقتضي تباينهما وليس كذلك؛ لأن قول ابن حبيب تفسير لقول مالك.
سَحنون: ولا يجوز ولا في جيش كبير.
ابن حبيب: خوف نسيانه فيناله العدو.
اللخمي: هذا استحسان، والغالب السلامة.
الباجي عن ابن الماجِشُون: لا يسعف الطاغية طلبه مصحفًا يتدبره، ولا يعلم كافر قرآنًا ولا كتابًا.
محمد وابن حبيب: ولا بأس بقراءته عليه احتجاجًا.
عياض: أجاز الفقهاء الكتب لهم بالآية، ونحوها في الكتاب يدعون به الإسلام والموعظة.
أبو عمر: يجوز ذلك للضرورة.
وفيها: لمن أحرق العدو سفينته طرح نفسه في البحر؛ لأنه فر من موت لآخر.
ربيعة: صبره أولى، وقال أيضًا: لا يفر من موت لآخر أيسر.
اللخمي عنه: له أن يثبت للموت ولا يفر للأسر.
وروى أبو الفرج: لمن أظله العدو إلقاء نفسه في البحر.
اللخمي: كلاهما غير بين، لا يلقي نفسه بنفس إتيانه العدو، والأسر مقدم على الموت، والطرح لخوف موت الحرق خفيف، والموت بما ينزل أولى منه بفعل نفسه.
وفي وجوب أكل الميتة وإباحتها لخائف الموت بالجوع خلاف.
قُلتُ: لم يذكر عز الدين ابن عبد السلام غير وجوب الأكل، وساقه مساق الاتفاق عليه، وهو ظاهر كلام الصقلي وغيره.
قال عز الدين: إن استوت مدة الحياة في الإحراق والإغراق؛ فالأصح عدم لزوم الصبر على الأشد ألمًا؛ إنما يجب الصبر عليه إذا تضمن الصبر بقاء الحياة.
قُلتُ: هذا إن تساوت الحالتان في الثبوت على ذكر الشهادتين وإلا ترجحت حالته.
وسمع سَحنون ابن القاسم: لمن خاف نارًا أن يلقي نفسه في الماء فيموت
ابن رُشْد: قاله مالك فيها: وربيعة مرة، ومرة قال: لا يحل، والصواب أن تركه أفضل وفعله جائز.
ابن بشير: مارجي فيه السلامة من بقاء أو انتقال وجب.
وفي جواز انتقاله في القطع بالتساوي قولان:
التونسي عن سَحنون: لو بلغ من حصره عدو من الجوع ما أعجزه عن القتال، ولا
نجاة بأسر صبر للموت جوعًا، ولا يخرج لقتله العدو، وأشار لإجراء خروجه لقتله على الانتقال من موت لموت.
وتعقب ابن عبد السلام عزو بعضهم هذا لابن سَحنون بأنه إنما ذكره الشيخ على أنه من كلام ربيعة، ولم يتعقب إجراءه.
وفي تعقبه على بعضهم نظر؛ لأن التونسي ذكره نصًا لابن سَحنون، فالناقل عن التونسي برئ؛ لأنه نقل عن ثقة، ولفظ النوادر محتمل؛ لأن نصه بعد ذكره كلامًا لربيعة من الواضحة وكتاب ابن سَحنون.
قال في كتاب ابن سَحنون: فيحتمل عود ضمير (قال) على ربيعة، ويحتمل أن يكون كلام ربيعة انقضى، وأتى بكلام ابن سحنون في كتابه على عادته، ويرد إجراء التونسي بأن الانتقال إنما أجازوه حيث لا يوجب تشفيًا للعدو بنيله قتل المسلم بيده.
والأسير إن ترك بعهده ألا يهرب، أو لا يخون ظاهر أقوالهم لزومه اتفاقًا، وهو ظاهر قول ابن حارث: يجب على المسلم الوفاء بعهده العدو اتفاقًا.
**** العقد ولو كان مكرهًا عليه، أو إن كان غير مكره؛ نقلا المازري عن الأشياخ: وإن ترك دون استئمان ويمين؛ فله الهروب بنفسه، وما أمكنه من قتل، وأخذ مال إن قدر على النجاة، وإن ترك بائتمان أو أيمان طلاق أو غيره، ففي كونه كذلك أو كالعهد، قالثها: له الهروب بنفسه فقط لابن رُشد عن المخزومي في المبسوطة مع ابن الماجِشُون، وسماع عيسى ابن القاسم مع سماعه أَصْبَغ والأخوين مع روايتهما.
قُلتُ: وعزاه الشيخ لسَحنون وروايته، وعزا الصقلي الثاني لسَحنون، وعزا الشيخ والصقلي لمحمد: المواعيد كالعهد.
وفرق اللخمي بينه وبين اليمين بخوف اعتقادهم عدم وفاء الإسلام بالعهد؛ إذ لا حل له، ولليمين حل بإيقاع موجب الحنث، ونحوه للتونسي.
الشيخ عن أشهب: لايحل سرقته ثوبًا دفعوه ليخيطه لهم. محمد عن ابن القاسم: له سرقة أموالهم لامعاملتهم بالربا.
محمد: لاشيء عليه بعد خروجه فيما سرقه منهم، ويستحب صدقته بما أبى. وسمع عيسى ابن القاسم: لايخمس ماخر جبه. ابن رُشْد: قول محمد: هذا إن أسر من بلاد المسلمين، وإن أسر من غزو، وخرج إله خمس، بعيد على أنه ساقه تفسيرًا للمذهب. قلت للشيخ: عن ابن حبيب عن الأخوين مع مالك: إن هرب أسير الجيش ببلد الحرب لولا الجيش ماأمكنه هروب فيما هرب به من جملة الغنيمة إلا مال نفسه، وماكان وهبه، وهو مصدق فيما يدعيه بيمينه. ولو عوهد أسير على تخليته لإتيانه بمال وإلا رجع، فعجز عنه، ففي لزوم رجوعه ومنعه نقل ابن حارث مع الشيخ تخريج سَحنون على قول مالك في الرهن: بأيدينا يسلم أنه يرد الدين إليهم، وقول سَحنون. ابن حبيب عن الأخوين: ولو أطلقه العدو على أن يأتيه بفدائه، فله بعث المال دون رجوعه، فإذا لم يجد فداءً، فعليه أن يرجع، ولو عوهد على أن يبعث بالمال، فعجز عنه فاليجتهد فيه أبدًا ولا يرجع، وقاله أَصْبَغ. قُلتُ: الفرق بينهما شرط رجوعه في الأولى دون الثانية. سَحنون: لو عاهدوه على بعث الفداء، فإن عجز رجع فعجز، ففي لزم رجوعه قولا أصحابنا، وبالأول قال أشهب، وإنه لحسن، وربما تبين لي الآخر. سَحنون: لمن اسلم من حربي قتل من أمكنه من حربي وأخذ ماله، ولو أخذه ملكهم، فأنكر إسلامه، فتركه لا لمسلم دخل إليهم على أنه كافر، لأن إدخالهم إياه على ذلك أمان، لو ذكر للملك إسلامه فقال له: أنت آمن، أو زاد: والحق بأرض الإسلام، فإن لم يؤمنه المسلم، ولم يقل شيئًا، ولا فشا بالبلد تأمينه الملك، فله قتل من أمكنه، وأخذ ماله، ولو أخذ فقال: هو نصراني او جئت لأقاتل معكم، ففي جواز ذلك له ومنعه نقلا الشيخ قولي أهل العراق وسَحنون، وفي كتاب ابنه من دخل إليهم بأمان، ولو من أحدهم حرموا عليه، ولو أباح لهم ملكهم أخذ مالهم، ومن غدروه بعد تأمينه،
فله فعل ما أمكنه فيهم، ولو غدره عامتهم، فأنكر عليهم ملكهم، وغيره فهم على عهدهم. وفيها: لابن القاسم: لو نزل بنا عبد حربي بأمان فأسلم ومعه مال لسيده، فالمال للعبد لايخمس، وقد ترك النبي صلى الله عليه وسلم للمغيرة إذ قدم مسلمًا مالًا أخذه لأصحابه. أبن حبيب: عن أَصْبَغ: المال لسيده إلا أن يكون استأمن على الإسلام، ومامعه أول نزوله، فيكون كما لو هرب به مسلمًا، وقول ابن القاسم: أحب إلي. سَحنون عن أشهب: هو حر ولا يعرض لما بيده، وعليه الوفاء لربه برجوعه إليه بالمال وهو حر عليه، لأنه لو بعث أسير بتجر، فهو حر، ولايكلف الرجوع، ولايمنع مما في يده، وعليه الوفاء لباعثه بما خرج عليه.
****** المسلمين: فيه طرق، الأكثر واجب. الباجي: في وجوبه وكونه نفلًا قول جمهور أصحابنا مع مالك، وقول أشهب في الفداء يخمر لايدخل في نقل بمعصية. ابن بشير: سما نفلًا، لوجوبه على الكفاية لا الأعيان إلا أن يتعين، وسمع القرينان استقاذهم بالقتال واجب فكيف بالمال. زاد اللحمي في روايته مع سماع أَصْبَغ رواية أشهب، ولو بجميع أموال المسلمين. قُلتُ: مالم يخش استيلاء العدو بذلك، وفي المبدأ بالفداء منه طرق. ابن بشير: بيت المال، فإن تعذرت فعلى عموم المسلمين والأسير كأحدهم، فإن ضيع الإمام والمسلمون ذلك، وجب على الأسير من ماله. ابن حارث: عن ابن عبدوس عن سَحنون: يفدى المسلم من ماله، فإن لم يكن له مال، فمن بيت المال. اللخمي: أرى أن يبدأ بماله، ثم بيت المال، ثم الزكاة على المستحسن من المذهب، فإن لم تكن، فعلى المسلمين على قد أموالهم إن لم يستغرقها الفداء، فإن استغرقها فدي بجميعها.
وسمع القرينان: من رهنه أبوه، فمات ففداه مسلم، ليرجع بفدائه في قدر إرثه من أبيه أو على التركة قال: لو فداء الإمام.
ابن رُشْد: يريد: من بيت المال، لأنه الواجب، فإن لم يفده، ولا أحد من المسلمين، فالواجب كونه من رأس مال أبيه، فإن قصر فعلى الابن، ويتبع به في عدمه على ظاهر الروايات.
الشيخ عن سَحنون: إن رهنه أبوه في تجارة، فعليه فداؤه ويؤدب، فإن مات فمن تركته، وإن رهنه في مصلحة المسلمين، فعلى الإمام فداؤه.
وفي الفداء بآلة الحرب: ومالايملك من خمر وخنزير وميتة، ثالثها: بالآلة مطلقًا لابما لايملك، ورأبعها: عكسه للشيخ عن سَحنون عن ابن القاسم، وابن حارث عن أشهب مع الباجي عنه مع ابن الماجِشُون وابن رُشْد عن قول ابن القاسم: هو بالخمر أخف منه بالخيل مع قول النخمي عن أشهب: يفدى بالخيل والسلاح لاالخمر والخنزير والميتة، وعسكه أبن القاسم فقال: لايصلح بالخيل وهو بالخمر أخف، وخامسها: لابن رُشْد عن ابن حبيب: يجوز بالخيل والسلاح مالم تكثر بحيث يتقوى به، وعلى الأول.
قال ابن رُشْد والشيخ عن سَحنون: يأم الإمام أهل الذمة بدفع ذلك لهم، ويحاسبون به من جزيتهم، فإن أبوا، لم يجبروا، ولا بأس بابتياع ذلك لهم وهذه ضرورة، وفي الفداء بأسارى الكفار القادرين على القتال نقل ابن حارث عن سَحنون مع الشيخ عن الأخوين وأَصْبَغ قائلين: وإن كان المشرك ذا قدر عندهم ونجدة أن لم يرضوا إلا به، ونقل ابن رُشْد مع ظاهر نقل الباجي عن ابن القاسم: لايجوز بما يتقوون به، ونقل اللخمي قول أَصْبَغ بزيادة مالم يخش بفدائه ظهورهو على المسلمين، وخوف وقوع الضرر بقتالهم مغتفر.
قال: عن ابن سَحنون: ويفدى بصغارهم أن لم يسلموا، وبالذمي إن رضي، وكانوا لايسترقونه، وعزا الشيخ عدم الفداء بمن أسلم من صغير لرواية ابن نافع.
قال سَحنون: إن عقلوا الإسلام، وروى إن لم يكن معهم أحد أبويهم، فلهم حكم الإسلام.
وقول ابن عبد السلام: أنكر ابن حارث وجود الخلاف في الفداء بالأسارى، لم أجده له، بل ماتقدم مع قوله عن أشهب: لابأس أن يقبل في فدية رجال الكفار المال، وأنكره سَحنون، ومن فدى حرًا أجنبيًا، ولادليل على عدم اتباعه في رجوعه عليه وعدمه مطلقًا، ثالثها: على بيت المال، فإن تعذرت فعلى المسلمين، ورأبعهما: هذا إن كان عديمًا لسماع أًصْبَغ أبن القاسم مع أبن رُشْد عن ظاهر الروايات والموازيَّة وأبن بشير عن مقتضى عزو الباجي الأول لجمهور أهل المذهب مفسرًا قول غير الجمهمور بالقول يأخذ مافدي من لصوص مجانًا، ومقتضى القياس عن اللخمي، ومقتضاه عند ابن رُشْد، وعلى الأول في رجوعه به، ولو كان أضعاف ثمنه، وإن كره أو مالم يعلم صدق قوله: كنت قادرًا على الخروج دون شيء أو بأقل، وفدي دون أمره وعلمه، فلا يتبع بما كان قادرًا على الخروج دون قولان لسماع أَصْبَغ مع الموازيَّة واللخمي.
الشيخ عن سَحنون: لو فداه ذمي بخمر أو خنزير أو ميتة، تبعه بقيمة ذلك وقيمة الميتة إن كانت مما يتمالكونه، وكذا لو اشتراه بذلك أو كافأه به عن هبته له.
قُلتُ: لم والمكافأة تطوع؟ قال: لأنهم يقصدون الثواب، ولو فداء بذلك مسلم، لم يتبعه بشيء. زاد الباجي: يحتمل على قوله بإجازة الفداء بالخمر والخنزير أن يتبعه بثمن ذلك.
قُلتُ: يرد احتماله بأن القاتل بعدم اتباعه سَحنون القائل بجواز الفداء بذلك، وإلا تناقض ولاتناقض، إذ لايلزم من الفداء به الاتباع، وأول قولي ابن الحاجب في رجوع المسلم عليه بالخمر ونحوه، وإن كان اشترى الخمر لذلك قولان لا أعرفه، وفي أخذه من قول الباجي محتمل بعده، ولم يحك ابن رُشْد غير الثاني، وقيد قول سَحنون في الذمي بكونه أخرج ذلك من عنده، ولو اشتراه، لتبعه بثمنه.
الشيخ عن سَحنون: لو فدى جماعة فيهم ذو القدر والغنى وغيرهما، فإن علم العدو ذلك، وزرع الفداء على تفاوت أقدارهم وإلا فبا لسوية، وكذا لو كان فيهم عبيد ولربهم تركهم لفاديهم. الباجي: القريب غير ذي محرم كالأجنبي في اتباعه بفدائه.
ابن رُشْد: اتفاقٌا، وذو محرم لايعتق كذلك إن كان بأمره ليتبعه به، وإلا ففي كونه
كذلك، وسقوط أتباعه ثالثها: إن جهله الفادي، ورابعهًا: إن لم يتوارثا لتخريج ابن زرقون من قول المغيرة: يتبعه في الكتابة، والباجي عن المذهب، والشيخ عن سَحنون مع ابن رُشْد من قولها: يرجع المكاتب بما ودى عن من معه في كتابته ممن لايعتق عليه مطلقًا، وتخريج ابن زرقون من قول أشهب لايرجع عليه، والباجي عن سَحنون مع ابن زرقون عن ابن حبيب عن مالك وأصحابه، وتخريجه من قول ابن كنانة لايرجع على ماودي عنه في كتابته أن وارثه، وذو محرم يعتق عليه يتبعه إن كان بأمره، وإلا فثالثها: إن لم يعلم، ورابعها: إن لم يعلم لم يتبعه، وإلا تخرج على لزوم الثواب بينهما، ونفيه لتخريج ابن زرقون من قول المغيرة يتبعه في الكتابة، والباجي عن المذهب والشيخ عن سَحنون محتجًا بأن الفداء ليس ملكًا، وإلا فسخ نكاح الزوجة بالفداء، واللخمي محتجًا بأنه قصد الشراء والملك.
قلت: يرد باحتجاج سحنون وبامتناع الملك فيه
ولذا قال فيها يحيى بن سعيد: من فدى ذمية، فلا يطؤها، وله عليها مافداها به، وهي على أمرها.
اللخمي: لو أشهد قبل فدائه باتباعه تبعه اتفاقًا إلا أن يكون الأب فقيرًا، لأنه مجبور على فدائه، لأنه آكد من نفقته، وعزو ابن بشير الاتباع بأمر الفادي للمتأخرين قصور، لثبوته في الروايات حسبما ذكره السيخ وغيره، ونقل ابن الحاجب عدم رجوعه مع كونه بأمر المفدي والتزامه لاأعرفه، بل نقل الباجي الإجماع على اتباعه.
الشيخ: سمع عيسى ابن القاسم: وروى ابن سَحنون عن المغيرة ومالك: من فدى زوجته، أو اشتراها من حربي، تبعها بفدائها إن جهلها.
ابن حارث: اتفاقًا.
ابن رُشْد عن فضل: لو قالت له: افدني وأعطيك الفداء وإلا فثالثها: إن امرته بفدائها لابن حارث عن ابن سَحنون عن سَحنون مع تخريج الباجي من إحدى روايتي القاضي بالثواب بينهما، وسماع عيسى ابن القاسم مع تخريج ابن رُشْد من قولها في المكاتب يؤدي كتابته ومعه أمرأته لايرجع عليها بشيء.
والباجي عن سَحنون قائلًا: أصل ذلك من لايرجع عليه بثواب لا يتبعه بفداء
وعكسه عكسه، وتخريج الباجي على إحدى روايتي القاضي لاثواب بينهما.
والشيخ يحيى بن يحيى مع ابن حبيب عن ابن القاسم ورواية الأخوين.
زاد اللخمي في التخريج على رواية الثواب بينهما: بعد حلفه مافداها إلا ليتبعها.
قال: ولو أشهد الفادي منهما باتباعه قبل فدائه تبعه اتفاقًا، ولم يعز ابن بشير القول بالاتباع إلا للتخريج على الثواب، وتبعه ابن عبد السلام، وتعقب التخريج بقوله: يمكن أن تسمح النفوس بالهدية لاالفداء، ولاسيما نزارة الهدية وكثرة الفداء، ويرد بإنتاجه نقبض ماادعاه الصقلي والشيخ.
وروى أبن نافع في: أفدني وأضع عنك مهري وهو خمسون دينارًا، ففداها بعبد قيمته خمسون دينارًا: لاشيء له مهرها إلا أن يفديها جاهلًا أنها امرأته.
قُلتُ: فرض جهلها مع وضع مهرها عنه متناف.
وسمع يحيى أبن القاسم: لو قالت: افدني وأسقط مهري عنك، فإن لم تسم الفداء لم يحل، فإن فداها، فله فداؤه والمهر باق، فإن سمته، فإن كان المهر عينًا والفداء بعين من غير جنسه، لم يجز إلا تقبضه صرف الحال، ويعيده عليه للفداء، وإن كان بعين مماثلة للمهر مقاصة، جاز مطلقًا إن حل وإلا جاز بقدره وبأقل ضع وتعجل، وبأكثر ذهب بأكثر إلى أجل، ويعرض جائز إن عجل الفداء وإلا فدين بدين، وكذا إن كان عرضًا والفداء يعرض مخالف أو عين وإن كان طعامًا، لم يجز بغير صنفه بحال وبه بعد حلوله جائز مطلقًا وقبله بقدره فقط، وإلا جاء ضع وتعجل أو حط عني الضمان وأزيدك.
ابن رُشْد: قوله: (ذهب بأكثر إلى أجل) لايصح، بل هو تعجيل حق له وزيادة عليه، وفي قوله: في الطعام جائز بقدره، وإن لم يحل نظر، إذ لايجوز أخذ طعام من سلم بغير موضع قبضه قبل أجله، فلا يصح قوله إلا إن أعطى الطعام في موضع شرط قبضه فيه، وإذا وجب الرجوع بالفداء.
قال الباجي وأبن بشير: يرجع بالمثل في المثلي والقيمة في غيره.
ابن عبد السلام: الأظهر المثل مطلقًا، لأنه قرض.
قُلتُ: الأظهر إن كان الرجوع بقول المفدي: افدني وأعطيك الفداء، فالمثل مطلقًا، لاأنه قرض نقله ابن رُشْد عن فضل، ولم يتعقبه في سماع عيسى من كتاب التجارة بأرض الحرب، وإن كان بغيره،. فقول الباجي: لأن السلعة المفدي بها لم يثبت لها تقرر في الذمة، ولاالتزامه قبل صرفها في الفداء، فصار دفعها كهلاكها في قولها: لو هلكت السلعة المستعارة للرهن عند المرتهن، وهي مما يغاب عليه، لاتبع المعير المستعير بقيمتها، وكقولها: إن دفع حميل بدنانير عنها سلعة، تبع الغريم بالأقل من قيمتها أو الدين. ابن بشير: لو جعل لفاديه جعلًا، فالمنصوص سقوطه، وينبغي إن تكلف مالا يلزمه، فله بقدر كلفته. الشيخ عن ابن حبيب: من قالت له زوجته: افدني ولك كذا، فلاشيء له إلا فداؤه.
قُلتُ: خرج على المسألة بعضهم: أجر فادي مابأيدي اللصوص، وأجر غفير القافلة، وهي أحرى في قوافل التجر، ولو فداه وماله، فالفادي أحق به من غرمائه، وفي كونه، لأنه فداه أو لتعليق الفداء بذمته جبرًا نقلا الصقلي قول محمد أولّا، وعن عبد الملك مع تصويب محمد.
قوله: فادى أم الولد أحق بما في يد ربها من غرمائه، ولو كان للمفدي مال، لم يفد معه، ففي اختصاص الفادي به فقلا اللخمي مع الصقلي عن عبد الملك، والشيخ عن سَحنون واللخمي مع ظاهر نقل الصقلي عن محمد.
اللخمي: وعلى الأول له فداء نفسه بما خلفه، ولو كره غرماؤه، لتغليب درء ضرر الأسر، وخوف فننته في دينه، ولو اختلفنا في قدر الفداء، ففي كون القول قول المفدي مطلقًا أو إن أشبه، إلا فقول الفادي إن أشبه، وإلا ففداء المثل إن حلفا أو نكلا، ومن حلف دون صاحبه قبل قوله وإن لم يشبه، ثالثها: القول قول الفادي إن كان الأسير بيده مطلقًا، ورابعها: إلا ان يدعي مالا يشبه، فله فداء مثله لسماع عيسى ابن القاسم، وابن رُشْد عن قاعدة المذهب، وعن سَحنون وعن ابن أبي حازم، ولو أنكر انه فداه، وخرجا معًا من دار الحرب، أو ادعى كل منهما أنه فدى الآخر، فالقول قول منكر الفداء.
ابن رُشْد: إن كان منكر الفداء في يد مدعيه، قبل قوله.
وسمع يحيى ابن القاسم: لو هرب أسير برقيق من دار الحرب، فادعى أحدهم أنه حر مسلم سبي صغيرًا، وهو فصيح ينتسب لقوم يخبر عن منازلهم، وشهد عدول بسبي صغير من هناك، ولا يدرون أهو هذا؟ لايقبل قوله إلا بيينة على عينه، أو أنه كان بدار الحرب مسلمًا.
ويقاتل العدو بكل قاصر على مقابليه عادة.
اللخمي: ويحرق سورهم ويرمون بالنار إن لم يمكن غيرها، وخيف على المسلمين منهم اتفاقًا، ولو خالطهم النساء والذرية، ويختلف إن طلبهم المسلمون، فدفعوا عن أنفسهم بالنار هل يرمون بها كمن لم يقدر عليه إلا بها؟
التونسي: انظر لو كان فيهم مسلمون هل يرمون لنجاة المسلمين منهم؟ وكيف إن كان معهم من المسلمين الاثنان فقط، والمسلمون عدد كثير، وموت الاثنين خير من موت عدد كثير، فلهذا وجه. اللخمي: أرجو خفته إن كان معهم النفر اليسير من المسلمين.
ابن بشير: هذا على قوله يطرح الرجال بالقرعة من السفن للضرورة، وانكره المحققون، لتساوي الحرمة ولغو الكثرة.
قال: ولو تترس العدو بمسلمين، وخفيف من تركهم استئصال جمهور المسلمين ففي تركهم ترجيحًا لدرء مفسدة قتل الترس، لأنها عاجلة ومفسدة استيلاء العدو آجله يمكن صرفها، وقتلهم ترجيحًا لدرء مفسدة كلية على جزئية قولان للشافعيَّة.
قُلتُ: إنما ذكر أبن الحاجب خلاف الشافعيَّة حيث يكون ترك الترس يؤدي إلى هلاك كل الأمة لاجمهور الأمة.
ابن شاس: لو تترس كافر بمسلم لم يقصد الترس، ولو خفنا على أنفسنا، فإن دم المسلم لا يستباح بالخوف، ولو تترسوا في الصف، وإن تركوا انهزم المسلمون، وخيف استئصال قاعدة الإسلام أو جمهور المسلمين، وأهل القوة منهم وجب الدفع، وسقطت حرمة الترس.
قُلتُ: وقال الغزالي: غن كان ترك الترس يؤدي إلى قتل كل الأمة رمي الترس، لأنه
مقتول، ولو ترك وإن لم يؤد إلى قتل كل الأمة، لم يرم.
قُلتُ: اعتماد منكري قول اللخمي والتونسي، إنما هو على أن القول بذلك قول بما شهد الشرع بإلغائه، لحكم الشرع بمساواة الواحد للكثير في الاحترام، ولعلهم أخذوه من قتل الجماعة المباشرة لقتل الواحد به كالواحد به، ومساوي المساوي مساوٍ على أن في ذلك خلافًا بين العلماء، وقد يجاب بمنع كونه مما شهد الشرع بإلغائه، أما في مسألة الرمي بالنار، فالأقل فيها تبع لمن وجب قتله، والتبعية شهد الشرع باعتبار جنسها أو نوعها، وشهادة الشرع بإلغاء الكثرة مع القليل، إنما تثبت حيث استقلال القليل، وعدم تبعيته، وذكر أبو عمر عن الشافعي قولًا برميهم، وإن تترسوا بأسرى، ولم يقيده بالخوف منهم، وأما في مسألة القرعة، فالقول بها إنما كان لشهادة الشرع باعتبار ارتكاب أقل الضررين اللازم أحدهما دون أكثرهما، كنقل عز الدين وجوب قطع يد من ألم بها يؤدي إلى إتلاف النفس مع اعتبار الشارع نوع القرعة، ومالايتوصل للواجب إلا به، فهو واجب، وإن لم يقع هذا الاضطرار إلى رميهم بالنار.
فقال ابن رُشْد: إن لم يكن في الحصن غير المقاتلين، ففي جواز رميهم بالنار، ومنعه قولان لها، ولسَحنون مع رواية محمد بن معاوية، وعزاه اللخمي أيضًا لابن القاسم.
ابن رُشْد: ويجوز تغريقهم ورميهم بالمنجنيق، وشبه ذلك اتفاقًا، ولو صحبهم النساء والصبيان فقط ففي جواز رميهم بالنار وغيرها، ثالثها، إلا رمي النار، ورابعها: المنع إلا رمي المنجنيق لابن مزين عن أَصْبَغ، وفضل عن ابن القاسم وأبن حبيب ولها، وعزا اللخمي الأول لمحمد قائلًا: إن لم يقدروا على أخذهم إلا بتحريق حصنهم أو تغريقه، وأحب إلى اجتناب النار.
ابن رُشْد: ولو صحبهم أسرى مسلمون، فلا يحرقوا ولا يغرقوا.
وفي جواز قطع الماء عنهم ورميهم بالمنجنيق، ومنعه قولا ابن القاسم مع أشهب وابن حبيب مع نقله عن مالك وأصحابه.
قُلتُ: وعزاه الشيخ لسَحنون. ابن رُشْد: ولو صحبهم بالسفينة النساء والصبيان فقط، جاز رميهم بالنار اتفاقًا
ولو صحبهم الأساري فقولان لأشهب وابن القاسم.
قوله: قول أشهب، يريد: ماتقدم للخمي فيما أنكر عليه إلا أن الشيخ نقل قول أشهب في الواضحة بقيد قوله: إن رمونا بها.
اللخمي عن محمد: لاتدخن مطمورة، إنما بها النساء والذرية.
اللخمي: إن كان لم يكن بها غير المقاتلة، جاز، ويختلف إن صحبهم النساء والذرية، ولو صحبهم أسرى، جاز مايرجى به خروجهم دون موت، فإن لم يخرجوا تركوا.
الشيخ: كره سَحنون جعل سم في قلال خمر يشربها العدو.
الشيخ: عن سَحنون: الإمام مخير في قتل أسارى العدو واسترقاقهم.
ابن رُشْد: حاصل مذهب مالك تخيير الإمام في قتل الأسير واسترقاقه وفدائه، وضرب الجزية عليه، وعتقه بالاجتهاد في تحصيل الأصلح، فذو النجدة والفروسية والنكاية يقتل، وغيره إن كان ذا قيمة استرقه، أو قبل فيه الفداء إن ناف على قيمته، ومن له قوة على الجزية ضربها عليه، وإن لم تكن له قوة كالزمنى أعتقه، ولو جهل هل له نجدة أو فروسية أو غائلة أو لا؟ ففي قتله روايتان: الأولى: قول عمر رضي الله عنه.
قُلتُ: هو ظاهر قولها: يقتل من الأسارى من لايؤمن منه، ألا ترى ما كان من أبي لؤلؤة.
ابن رُشْد: ولو رأى الإمام خلاف ماقلناه باجتهاده، فله ذلك، كرأيه فداء ذي النجدة بكثير المال يتقوى به المسلمون.
قُلتُ: نحوه نقل الصقلي عن محمد: لايفادى حربي علج من أهل الذكر والشجاعة إلا بمسلم مثله، فإن لم يكن أجتهد الإمام فيه، وخص اللخمي هذا التخيير بالرجال المقاتله.
الباجي: مقتضى الاجتهاد في الشجاعة وذي الرأي قتله، وفي غيره إن كان صانعًا أو عسيفًا استبقاؤه، ومن رجي إسلامه، والانتفاع به من عليه.
وفي جواز قتل الرجال غير المقاتلين كالأجير والفلاحين وأهل الصنائع نقلا اللخمي عن سَحنون وأبن حبيب مع ابن الماجِشُون وأبن القاسم وروايتة، ويجوز فداء
الرجال بأسرى المسلمين، وفيه بالمال نقلاً ابن حارث عن أشهب مع الباجي عن مالك، ونقلهما عن سحنون ابنه.
قلت: فادي رسول الله صلى الله عليه وسلم أسرى بدر بالمال.
قال: لمكة خصوص ليس لغيرها، دخلها رسول الله صلي الله عليه وسلم عنوة ولم يقسمها، ولا خمسها ومن على أهلها بلا مال، ولا إسلام، ولا نفعل ذلك اليوم.
اللخمي: على منع جزية المشركين واسترقاقهم يخير فيما سواهما.
قال: وفيها يسترق العرب إن سبوا كالعجم، ومنعه ابن وهب أحسن.
سَحنون: من أمنه الإمام أو قسم؛ لم يقتل.
قال: مع رواية ابن نافع أو أسلم، وروى ابن وهب: يدعى الأسير إلى الإسلام قبل أن يقتل، فلو قال: كنت مسلماً؛ لم يقبل إلا بينة.
وفي الموازية: إن ترك قتل الأسير لرجاء فداء أو نفع أو دلالة أو سبب أو أخذوه يستخبرونه الخبر أو أبقوه لصنعة ظنوها فلم تكن؛ لم يقتل، ومترك ليرى الإمام فيه رأيه؛ فله قتله، وكذا في المختصر.
وفي الموازية: أتى عمر بالهرمزان فكلمه فاستعجم فقال: تكلم ولا تخلف، فلما تكلم أراد قتله.
قال له: قد قلت: لا تخف؛ فتركه.
وسمع ابن القاسم: قدم بالهرمزان وجفينة علي عمر رضي الله عنه، فأراد ضرب أعناقهما فكلمهما فاستعجما عليه، فقال: لا بأس عليكما، ثم أراد قتلهما فقالا له: ليس ذلك إليه قد قلت: لا باس عليكما.
ابن رشد: الهرمزان: سيد تستر حاصره أبو موسى في قلعة بها بعد أن دخلها، ثم أنزله على حكم عمر، فأتي به عمر فقال له: تكلم.
فقال: كلام حي وميت؟
فقال: تكلم فلا بأس.
فقال: إنا وإياكم معاشر العرب ما خلى الله بيننا وبينكم كنا نقصيكم ونقتلكم، فلما كان الله معكم؛ لم يكن لنا بكم يدان.
قال عمر: يا أنس ما تقول؟ قال: قلت يا أمير المؤمنين تركت بعدي عدداً كثيراً وشوكة شديدة، فإن تقتله ييأس القوم من الحياة، ويكون أشد لشوكتهم.
قال عمر: استحيي قاتل البراء بن مالك، ومجزأة بن ثور، فلما خفت قتله.
قلت: ليس إلى قتله سبيل.
قلت: تكلم ولا بأس.
قال: لتأتيني بمن يشهد لك، فلقيت الزبير، فشهد معي، فتركه عمر، وأسلم وفرض له.
قلت: مقتضى قول مال: أن المحتج على عمر رضي الله عنه الأسيران لا أنس، ونقل ابن رشد عكسه، ومثله نقل أبو عمر، وقد يجمع بقوله: أنس أولاً، والأسيران ثانياً.
وفيه قبول الحاكم الشهادة عليه بما نسيه وهو المذهب، ورأيت عمل بعضهم بخلافه، فالله أعلم.
الشيخ في الموازية: لو أمر الإمام بالنداء على أسير، فبلغ ثمناً؛ فله قتله.
أصبغ: هذا إن عرضه ليختبر ثمنه وإلا فلا.
زاد ابن حبيب: إلا أن يكون هو الذي سأله البيع فأجابه إليه، فلا يقتله.
محمد: عن أصبع عن أشهب: لو أسرت سرية أعلاجاً، فأدركهم أمر خافوا منه؛ فلهم قتلهم إن لم يكونوا استحيوهم، واستحياؤهم أن يتركوهم رقيقاً للمسلمين أو فيئاً لهم ليرى الإمام رأيه.
ابن حبيب: وقتل الأسير بضرب عنقه، لا يمثل به ولا يعبث عليه.
سحنون: قيل لمالك: أيضرب وسطه؟ قال: قال الله عز وجل: {فَضَرْبَ الرِّقَابِ} [محمد: 4]، لا خير في العبث.
قلت: وقتل ذمي بنقض العهد كقتل الأسير، ونزلت في ذمي ثبت بيعه أولاد المسلمين لأهل الحرب، فسأل السلطان الشيخين ابن قداح وابن عبد السلام.
فقال ابن عبد السلام: يصلب ويطعن، وذكر قول مالك فيها: لم أسمع أحداً صلب إلا عبد الملك بن مروان، فإنه صلب الحارث الذي تنبأ، وهو حي وطعنه بالحرية بيده، ففعل ذلك، ومقتضى رواية سحنون: ضرب عنقه.
وفي مراسيل أبي داود عن إبراهيم التيمي أنه صلى الله عليه وسلم صلب عقبة بن أبي معيط إلى شجرة.
فقال: يا رسول الله أنا من بين قريش؟
ال: نعم. قال: فمن للصبية؟
قال: النار، والتمسك بهذا في صلبه الأسير أبين.
الباجي: لا يمثل بالأسير في قتله؛ بل يضرب عنقه إلا أن يكونوا مثلوا بالمسلمين.
سحنون: قيل لمالك: أيعذب الأسير إن رجي أن يدل على عورة العدو؟
قال: ما سمعت ذلك.
قلت: في حديث لمسلم في غزوة بدر: فانطلقوا حتى نزلوا بدراً، ووردت عليهم روايا قريش، وفيهم غلام أسود لبني الحجاج فأخذوه، فكان أصحاب رسول الله صلي الله عليه وسلم يسألونه عن أبي سفيان وأصحابه فيقول: ما لي علم بأبي سفيان، ولكن هذا أبو جهل وعتبة وشيبة وأمية بن خلف، فإذا قال: هذا ضربوه، فقال: نعم أنا أخبركم، هذا أبو سفيان، فإذا تركوه سألوه، قال: مالي بأبي سفيان علم، ولكن هذا أبو جهل وعتبة وشيبة وأمية بن خلف في الناس، فإذا قال: هذا أيضاً ضربوه، ورسول الله صلي الله عليه وسلم قائم يصلي، فلما رأي ذلك الضرب قال:"والذي نفسي بيده لتضربونه إذا صدقكم وتتركونه إذا كذبكم". الحديث.
عياض: فيه جواز ضرب الأسير لمعنى يوجب ذلك، وليستخبر ما عنده من أمر العدو.
سحنون: لا يجوز حمل الرؤوس من بلد لأخر، ولا حملها إلى الولاة، وكره أبو بكر حمل رأس القبريط إليه من الشام، وقال، هذا فعل الأعاجم.
وفي قتل النساء والصبيان عن قاتلوا ثالثها: إن قتلت المرأة أو الصبي إن راهق، للخمي عن سماع يحيى ابن القاسم وسحنون في المرأة، فألزمه اللخمي الصبي، وعن
أصبغ، وعزاه الشيخ لابن حبيب.
وللصقلي عن سحنون: لا يقتل الصبي والمرأة إن قاتلا بخلاف الراهب والشيخ الكبير.
الشيخ عن سحنون: في قتل الصبي المنبت قولاً أكثر أصحابنا وابن القاسم.
الشيخ عن ابن حبيب: قتال المرأة المعتبر بالرمح والسيف وشبهه، وقتالها بالرمي من فوق الحصن لا يبيح قتلها إلا أن تكون قتلت، وروى ابن نافع في النساء والصبيان يرمون حصن المسلمين بالحجارة أيقتلون؟
قال: نهى صلي الله عليه وسلم عن قتلهما.
عياض: في كون قتالها بالحجارة كالسلاح قولا أصحابنا، ولم يعزهما ابن بشير لأحد، وفي قتل الزمن العاجز عن القتال المجهول كونه ذا رأي ثالثها: إن كان في جيش لا في مستوطن لسحنون وابن حبيب واللخمي.
قلت: ظاهر نقل الشيخ عنهما: من علم عجزه عن القتال والرأي لا يقتل، ومن علم أنه ذو رأي؛ يقتل.
في الموازية: عن عبد الملك: يقتل الشيخ الكبير ذو الكيد.
محمد: إن عرف بذلك وإلا تركه أحب إلي.
سحنون: المريض الشاب والمجنون يفيق أحياناً، والأجذم يقبل ويدبر كصحيح، ومن أبطله الجذام كشيخ فانٍ، ومفلوج لا حراك له لا يقتلون غلا من له رأي.
ويقتل كل مقاتل حين قتال: ابن سحنون: ولو كان شيخاً كبيراً.
وسمع يحيى ابن القاسم: وكذا المرأة والصبيان.
ونقل ابن الحاجب: منع قتلها حين قتالها لا أعرفه.
ابن سحنون: وقتال الصبي غير المطيق للقتال لغو إنما هو ولع.
سحنون: إن قاتل هو والمرأة يرمي الحجارة رمياً بذلك ولو قتلا.
وأنكر قول الأوزاعي: يقتلان حين حراستهما الحصن.
سحنون: من قتل من لا يقتل بدار الحرب قبل صيرورته مغنماً؛ استغفر الله، وبعدها يغرم قيمته للمغنم، والراهب المخالط للعدو.
قال ابن حبيب مثله.
اللخمي: هو ظاهر قول مالك فيها.
قلت: بل كل ظاهر الروايات، والمباين كذوي الصوامع المشهور محترم.
اللخمي: روى محمد: لا ينزل من صومعته.
ابن حبيب: لاعتزالهم عن محاربة المسلمين لا لفضل ثبت لهم؛ بل هم أبعد عن الله من أهل دينهم؛ لشدتهم في كفرهم.
ابن رشد: وابن حارث عن مالك: يقتل الرهبان؛ لأن فيهم التجبير والنقض للدين، وعلى المشهور سمع القرينان: رهبان الديارات والصوامع سواء.
وفي كتاب ابن سحنون: إن وجد الراهب في دار أو غار؛ فهو كأهل الصوامع.
قيل: كيف يعرف؟
قال: لهم سيما يعرفون بها.
وإذا وجد العلج قد طين على نفسه في بيت في موضعه، وله كوة ينظر منها؛ فهو راهب لا يعرض له.
سحنون: إن صح عن راهب أن أهل الحرب يأخذون عنه الرأي، قتل، وإن وجد منهزماً مع العدو، وقد نزل من صومعته، فقال: إنما هربت خوفاً منكم؛ لم يعرض له.
ابن نافع: قيل لمالك: تمر سرية المسلمين براهب، فيخافون أن يدل عليهم، فيأخذونه معهم، فإذا أمنوا أرسلوه.
قال: ما سمعت أنه ينزل من صومعته، وما أدعاه من قال قدر كفايته ترك له، وما كثر وجهل صدق دعواه أنه له، أخذ الزائد منه على قدر كفايته.
وفيما علم صدقه فيه طريقان.
ابن رشد وغيره: في تركه له، أو قدر ما يستر عورته، ويعيش به الأيام قولان لنص سماع ابن القاسم في رسم اغتسل، وقول سحنون فيه، وفي الشيخ الكبير، وهو نحو قولها.
ابن رشد: ومعنى سماع ابن القاسم في رسم الشجرة يترك له من ماله ما يصلحه البقرتان تكفيان الرجل، ولو قبل قوله ادعى الكثير فيما لا يعلم صدقه فيه.
قال: وقال بعضهم: كل المذهب كقول سحنون وقولها، وسماع اغتسل في اليسير لا الكثير، وسماع الشجرة فيما علم أنه له.
قال: والصواب ما قدمناه، واللخمي كابن رشد، وصوب ترك ما علم أنه له ولو كثر.
قلت: الذي للشيخ عن سحنون: يترك له ما يستر عورته، ويرد عنه البرد، وما يعيش به من الطعام لا بقيد الأيام، ثم قال: عن سحنون، إن وجدت سرية بصومعة راهب طعاماً، فاحتاجوا إليه أخذوا منه، وتركوا له قدر عيشه الأشهر، وما وجدوا من مال خبأه عنده الروم أخذوه، ولا يستحل بذلك دمه.
قلت: فقوله: الأشهر خلاف نقل ابن رشد عنه الأيام.
وفي لغو ترهب المرأة واعتباره كالرجل نقل اللخمي مع الشيخ عن سحنون وسماع القرينين: وفيمن أخذ من أهل الحرب دون قتال مقبلاً إلينا يدعي مجيئه لما يوجب حرمته من سلم طرق:
ابن رشد: تحصيل اضطراب أقوالهم إن كان أظهر ذلك قبل أخذه؛ صدق اتفاقاً، وقبل قوله أو ورد لمأمنه، وإلا ففي كونه فيئاً يرى فيه الإمام رأيه، ولو بالقتل أو لا، فيخير الإمام في قبول قوله أو رده لمأمنه، ما لم يبن كذبه كدعوى التجر ولا سلع، إلا آلة الحرب إن أخذ ببلد الحرب وإلا ففيء، وإن أخذ ببلد الإسلام إن كان بحدثان قدومه، رابعها: وإن طال الأشهب ويحيى بن سعيد.
فيها: مع ظاهر قول مالك فيها، وسحنون وسماع عيسى ابن القاسم، وسماعه يحيى، وخامسها: إن كان من بلد عادتهم الاختلاف لما ادعي قبل قوله أو رد لمأمنه، وإلا كان فيئاً لابن حبيب مع نقله رواية المدنيين والمصريين وربيعة فيها، وسحنون في سماعه، وعيسى في تفسير ابن مزين، وإليه نحا ابن القاسم فيه.
وفيها: قال مالك في رومي أخذ فقال: جئت أطلب الأمان: هذه أمور مشكلة وأرى رده لمأمنه.
قيل: من أخذ حربياً دخل بلد الإسلام دون أمان أيكون له أن فيء؟
قال: لم أسمعه من مالك إلا أنه قال فيمن وجدوا بساحل المسلمين زعموا أنهم
تجار لا يصدقون، وليسوا لمن وجدهم: ويرى الإمام فيهم رأيه.
وفيها: إن نزل تاجر جون أمان قال: ظننت أنكم لا تعرضون لمن نزل تاجراً.
قال: هذا كقول مالك أولاً إما قبل قوله أو رد لمأمنه.
وروى ابن وهب فيمن وجدوا بساحل المسلمين زعموا أنهم تجار لفظهم البحر، وتكسرت سفنهم، أو يشكون شديد العطش، ومعهم السلاح، فينزلون للماء لا خمس فيهم: ويرى الإمام فيهم رأيه.
الصقلي: من نزل تاجراً لظن الأمن قبل قوله أو رد لمأمنه، ومن تكسرت سفينته أو نزل العطش، وإنما معه السلاح فيء يقتل إن رآه الإمام اتفاقاً فيهما، وإلا فذكر بعض ما تقدم.
اللخمي: إن قام دليل صدقه أو كذبه؛ عمل عليه، وغلا فرأى مرة أنه أسير بنفس الأخذ، ومرة قبل قوله، وهو أحسن.
فوجود الكتاب مع مدعي الرسالة، ووجود من يفدي مع مدعي الفداء أو ثبوت قريب له بالموضع الذي قصده دليل صدقه، وعدمه دليل كذبه، والقائل: جئت أطلب الأمان؛ إن خرج إليهم عسكر، ووجد على طريقه، ولا سلاح معه مشكل أمره، وإن أخذ غير مقبل إلينا، أو لم يخرج لهم عسكر ففيء.
قلت: للشيخ: وظاهره لعبد الملك في كتاب ابن سحنون: لو نزل علج من معقله إلى ما لا يحصنه من المسلمين، فناداهم بالأمان؛ أمن أو ورد لمأمنه، ولو كان معه سلاح، ولم يرد عليه هيئة من يريد قتالاً، لو جاء سالاً سيفه، مسنداً رمحه، فلما صار فيما لا يحصنه طلب الأمان؛ فهو فيء؛ وإنما هذا على ما يظهر من العلامات، وما كان مشكلاً رد إلى مأمنه، ومقابل الأصح في قول ابن الحاجب: ومن وجد بأرض المسلمين أو بين الأرضين وشك في أنه حرب أو سلم، فقال: هذا مشكل، وعلى أنه حرب؛ لا يجوز القتل على الأشهر، وإن حصل الظن بأحدهما؛ عمل عليه على الأصح، لا أعرفه.
وظاهر الروايات وقول اللخمي ونحوه للتونسي وابن بشير بنفيه.
وأما القتل فقال ابن عبد السلام: الذي رأيت لبعض من يحقق النقل من الشيوخ اختلف في القتل، فعلى قول ابن القاسم لا يقتل، خلافاً لابن الماجشون، وعادتهم في
هذه العبارة أنها تستعمل في التخريج، ولكن جعل هذا الشيخ محل الخلاف المذكور فيمن قامت أمارة على كذبه، فيكون الأنسب لهذا الخلاف كونه عند قول المؤلف: على الأصح، وما وجدت من تكلم على هذه المسألة ممن يعتبر نقله ذكر قولاً بالقتل في محل الإشكال، وإذا انتفى القتل عن محل الإشكال، فنفيه عن محل أمارة صدق الرومي أولى، وكلام المؤلف يدل على الخلاف فيه وهو شيء لا يوجد.
قلت: ما ذكره من الخلاف فيمن قامت أمارة على كذبه خلاف ما تقدم للصقلي من نقل الاتفاق على أنه فيء يقتل، وعادة الشيوخ في النقل الغريب تعيين قائله، فلو عين لنا هذا الشيخ المحقق.
وقوله: ما وجدت من ذكر قولاً بالقتل في محل الإشكال.
قلت: ذكره غير واحد، قد تقدم لابن رشد في أول أقوال نقله أنه يقتل نصاً، وهو ظاهر قوله بعد ذلك أنه فيء، وللشيخ عن الواضحة في ثلاثة متسلحين دخلوا قرية آخر عمل الإسلام.
قلت: وفي العتيبة أيضاً وغيرها خلاف ذلك في سماع عيسى المذكور فيه.
تحصيل ابن رشد خلافه قال فيه: إن أخذ بعد طول مقامه بأرض الإسلام؛ فهو رقيق يرى فيه الإمام رأيه، ولا يقتله إلا أن يعلم أنه جاسوس.
وللشيخ عن الواضحة أيضاً: لو أخذ حربي فقال: جئت لتجر أو فداء؛ فإن كان اعتاد المجيء، وجاء مطمئناً قبل قوله أو رد لمأمنه إن أخذ بحدثان وصوله، وإن كان بعد طوله رق، ولم يقتل إلا أن يتهم بتجسس، وإن لم يكن معتاداً للمجيء فهو فيء أينما أخذ، وقاله أصبغ وأشهب.
اللخمي: إن احتيج في أخذ من نزل للعطش لقتالهم، فإن كانوا بحيث ينجون بأنفسهم؛ لبقاء سفنهم ووجود الريح فهم غنيمة لآخذهم فقط أن استقلوا بأخذهم، وإن لم يقدروا على أخذهم إلا بكونهم قرب قرية المسلمين؛ فهم غنيمة لجميعهم كغنيمة سرية جيش، وإن كانوا بحيث لا ينجون؛ فهم فيء كأسارى قاتلوا.
محمد: روى أشهب في مراكب تكسرت وجد فيها عين وغيره إن كان مع العدو؛ فهو مثله، وإلا فلواجده، ويخمس إن كان بقربه قرية العدو، وإلا خمس الذهب والفضة
فقط، ونقله التونسي بزيادة: إلا أن يكون يسيراً.
قال: وهذا خلاف المعروف له في الركاز.
قال: وجعل العروض لا شيء فيها؛ يريد: على أحد الأقوال في ركاز العروض، ولم يجعل جملة الناس ملكوا العروض إذا كانت منفردة، فيكون النظر فيها إلى الإمام؛ لأنها مما يغيب ويخفى، فأشبهت الركاز والرجال لا يغيبون ولا يخفون، فأشبهوا ما جلا عنهم الروم من الأرضين؛ فصارت ملكاً للمسلمين لا لمن سبق إليها.
وفي محل ارتفاع أمان من خرج من محل تأمينه إليه طريقان.
الصقلي: بعد ذكره روايات في ارتفاع تأمينه ببلوغه بلده أو قربه قولان.
قلت: ثالثها: بلوغه محل ارتفاع خوف الإسلام، لها ولنقله عن ابن الماجشون ومحمد مع أصبغ وسحنون ومالك وابن الماجشون أيضاً، ويمكن رد الثالث للثاني؛ ولذا لم يذكره الصقلي في تحصيله مع ذكره إياه قبل تحصيله، ولو رجع بعد بلوغه أمنه.
ففي كونه حلاً لمن أخذه، أو تخيير الإمام في إنزاله آمنا أو رده، ثالثها: إن رجع اختياراً، للصقلي عن ابن حبيب عن ابن الماجشون، ومحمد وابن حبيب عن عبد الملك.
ابن رشد: قول سحنون: يرتفع تأمينه ببلوغه من البحث موضع الأمن، وإن لم يصل إلى بلده.
قيل له: لا يأمن اليوم إلا ببلده؛ لكثرة سفن الإسلام.
قال: إن كان الأمر كذلك فحتى يخرج من البحر، ويبلغ محل أمنه ينبغي كونه تفسيراً لها إذا لم يفرق فيها هذه التفرقة، ولما في سماع عيسى، ويتخرج عليه ما غنمه العدو من بلاد المسلمين، ثم غنمه المسلمون منه قبل وصوله به بلده هل يقسم إذا لم يعرف ربه أم لا؟ وهل يأخذه ربه وإن قسم بغير ثمن أو لا؟ اختلف في ذلك عندنا.
وفي كون حكمه مع سلطان غير الذي أمنه؛ كالذي أمنه وكونه حلاً له مطلقاً قول مالك فيها مع غيرها، ونقل اللخمي مع الصقلي عن ابن الماجشون.
ابن بشير: إن كان مؤمنه الإمام الأعظم، فغيره مثله؛ وإلا فقولان.
ابن سحنون عنه: إن أمن حربي بأن أنه عين؛ فالإمام قتله أو استرقاقه إلا أن يسلم
ولا خمس فيه.
اللخمي: إن أدى تجسسه قتل؛ قتل، ولو كاتب ذمي أهل الحرب أحوال المسلمين؛ سقط أمانه.
سحنون: يقتل نكالاً.
اللخمي: يريد: إلا أن يرى الإمام استرقاقه، ولو ثبت أن مسلماً عين لهم، فللخمي خمسة:
روى العتبي: يجتهد فيه الإمام.
ابن وهب: يقتل إلا أن يتوب.
ابن القاسم وسحنون: لا توبة له.
عبد الملك: إن كانت منه مرة وظن جهله وعدم عوده، وليس من أهل الظن على الإسلام؛ نكل، والمعتاد يقتل.
سحنون: قال بعض أصحابنا، يجلد ويطال سجنه، وينفى لما بعد عن دار الحرب.
الصقلي عن محمد: إن كان بقوله مظاهرة على عورة المسلمين وإلا سجن حتى تعرف توبته.
اللخمي: قول مال: يجتهد؛ حسن، فإن علم به قبل إعلامه أهل الحرب أو بعده، وتحرز المسلمون، فكف العدو عن الإتيان عوقب ولم يقتل، فإن خيف عوده لمثل ذلك؛ خلد في السجن، وإن دل على موضع استباح منه العدو المسلمين، أو قتل مسلماً، أو لم يدل عليه وعلم به بعد قتل العدو من المسلمين؛ قتل إلا أن يعلم عزم العدو على الإتيان دون قوله، ولو يؤثر قبله شيئاً فلا يقتل.
وسمع ابن القاسم في مسلم أخذ، وقد كاتب الروم بأخبار المسلمين: ما سمعت فيه شيئاً، ويجتهد الإمام فيه.
ابن القاسم: تضرب عنقه ولا توبة له.
ابن رشد: قول ابن القاسم صحيح؛ لأنه أشد فساداً من المحارب، ولقولة
عمر رضي الله عنه في حاطب: دعني أضرب عنق هذا المنافق، فلم يرد رسول الله صلي الله عليه وسلم قوله؛ إلا بأنه شهد بدراً مع تصديقه صلي الله عليه وسلم حاطباً في عذره بالوحي، ومعنى قول مالك: يجتهد فيه أي في قتله وصلبه فقط.
وفيها: لمالك: لا بأس بحرق قراهم وخرابها وقطع الشجر مطلقاً.
ابن حبيب: قال مالك وأصحابه: إنما نهى الصديق رضي الله عنه عن ذلك بالشام لعلمه مصيره للمسلمين، وما لا يرجى لهم ينبغي خرابه وتحرق زروعهم وحصونهم بالنار، أصبغ: هو أفضل من تركها.
ابن سحنون: روى ابن القاسم: تخريب كنائسهم أحب إليّ، وتكسر صلبانهم.
وفي تحريق النحل وتغريقها وكراهة ذلك ثالثها: الوقف عن تحريقها للشيخ عن روايتي ابن حبيب راوياً: لطالب عسىلها تغريقها لخوف لذعها، ونقله عن ابن سحنون، ورواية ابن نافع.
وفي التلقين: لا تمس النحل إلا أن تكون من الكثرة بحيث يؤثر إتلافها، فخص المازري الخلاف بالكثير، وما ضعف المسلمون عن حمله إن كان متاعاً فيها أحرق.
ابن حبيب: إن ضعف عنه الأمير، ولم يجد فيه ثمناً؛ أعطاه، فإن لم يقبله أحد؛ أحرقه، فإن لم يحرقه؛ فهو لمن حمله.
ابن رشد: اتفاقاً، وإن كان ماشية أو دواب ففي إتلافها بالعقر دون ذبح ولا نحر، أو بما تيسر من ذلك، أو تسريحها سليمة، رابعها: ذبحها أحسن، وخامسها: يكره كتعرقيبها؛ بل يجهز عليها لسماع ابن القاسم.
وقولها: بزيادة، وكذا ما ضعف عنه ربه.
وابن رشد عن رواية ابن وهب مع الباجي عنه لا عن روايتهن واللخمي مع نقله عن سحنون مع ابن عبد الحكم، والصقلي مع الباجي عن ابن حبيب مع المدنيين قائلاً: لأن الذبح مثله، والتعرقيب تعذيب، ومنع الباجي كونه مثله.
قال: وإنما كره؛ لأنه ذريعة لإباحة أكلها.
وفيها: لم أسمع حرقها بعد ذبحها.
اللخمي: إلا أن يخشى إدراكها العدو قبل فسادها.
الباجي: إن كانوا يأكلون الميتة؛ فالصواب حرقها.
اللخمي: ويترك صغير الآدمي والمرأة والشيخ الفاني، ويقتل الرجال إلا مَنْ مُن عليه بالحياة والرق.
وسمع أصبغ أشهب في سرية أصابوا أعلاجاً، ثم أدركهم ما أدركهم، فخافوا أن يعينوا عليهم: لم يجز لهم قتلهم إلا أن يقاتلوهم إن كانوا استحيوهم، وإلا فلهم ضرب أعناقهم، واستحياؤهم تركهم رقيقاً أو فيئاً للمسلمين، وتخييرهم، وتركهم لتخيير الإمام فيهم بالقتل يبيح لهم قتلهم، وقاله أصبغ.
ابن رشد: هذا صحيح على أصولهم.
قلت: انظر لو كانوا بحيث إن تركوهم للحوق من أحسوا به هلكوا بمجموعهم **** إتلافه مما ينبغي إتلافه إن كان غنيمة؛ فهو لم حمله.
ابن رشد: اتفاقاً.
قال: وإن كان ملك بشراء أو قسم، وحمل من أرض الحرب، ففي كونه كذلك أو لربه وعليه أجر مؤنته إن شاء.
قولا ابن حبيب وأصبغ مع سحنون: وإن حمل من أرض الإسلام، فالثاني اتفاقاً إلا في الشيخ والعجوز.
قال ابن حبيب: تركهما عتق.
وعزا الشيخ واللخمي قول سحنون لأشهب.
زاد الصقلي عن ابن حبيب: تعليل قوله في الشيخ والعجوز بأرض الحرب غير