الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بيدها، أو بيده، وقول محمد على أصله في هذا، ولرواية سحنون فيمن زوج عبده على أن الطلاق بيد سيده، ولا وجه لقول ابن الماجشون؛ لأنه إن أشبه المتعة، فكما قال محمد، وإلا جاز كقول محمد وابن القاسم وسحنون، وهو أظهر الأقوال، وأما من تزوج على إن رأت منه امرأته ما تكره؛ فهي طالق؛ فهي أشد كراهة، وتدخلها الأقوال المتقدمة إلا الجواز ابتداءً.
وزاد ابن زرقون عزو الرابع لأحد قولي سحنون مع محمد.
قال: وسادسها: وفيها يفسخ قبل البناء، ويثبت شرطه بعده، وسابعها: ويسقط شرطه، وثامنها: على أنه من أنكحه الشروط.
نقل اللخمي عن محمد: إن أسقط ذو الشرط شرطه؛ جاز النكاح، وإن لم يبن، وإلا فسخ ولو بنى.
[باب الشرط الذي يبطل في النكاح]
وشرط غير المنافي فيه، وما يقتضيه غير مقيد بيمين مع تسمية المهر، فيها كشرط: لا يتزوج عليها ولا يتسرر.
قال مالك: النكاح جائز، والشرط باطل، قد أجازه سعيد بن المسيب وغير واحد، وفي كونه مكروهاً أو جائزاً ثالثها: يؤدب مشترطه والمجيب والشهود.
للمتيطي عن مالك وكل أصحابه، ونقله قول ابن لبابة: رخص فيه بعض الناس، واشترطه الليث بن سعد في إنكاحه ابنته مع قول ابن زرقون: اختلف في جوازه ابتداءً، وابن رشد عن المتيطي عن سحنون وابن زرقون عن أحد قوليه، والمتيطي عن ابن شعبان.
وسمع ابن القاسم: أشرت على قاض أن ينهى الناس عن النكاح بشرط، وألا
يزوجوا إلا على دين الرجل وأمانته.
وسمع عيسى روايته: لا تنبغي الشهادة في نكاح بشرط، وعلى الأول قال اللخمي: وغيره عن مالك: يستحب وفاؤه به، ولا يجب.
وقول ابن شهاب في الموازية: يجب، وكان من أدركت من العلماء يقضون به أحسن لقوله صلى الله عليه وسلم في الصحيحين:«أحق الشروط أن توفوا بها ما استحللتم به الفروج» .
ابن بشير: حكى اللخمي أنه يجبر على الوفاء به كأنه المذهب، والمذهب خلافه.
قلت: إنما ذكره في التبصرة عن ابن شهاب حسبما مر.
وشرطه مقيد بيمين، أو تمليك في العقد مع تسمية المهر دون ذكر حظ شيء منه فيه الثلاثة، ورابعها: يفسد العقد، فيفسخ قبل البناء، ويثبت بعده بالمسمى.
لابن رشد عن سحنون مع ابن زرقون عن أحد قوليه.
قال اللخمي: أجازه سحنون: وزوج أمته غلامه على إن سرق زيتونة كان أمر امرأته بيده، وقبلوه إلا ابن بشير.
قال: إن أخذه من فعله؛ فلا يدل فعله على أن مذهبه الجواز؛ لأنه قد يستخف مثل هذا للضرورة، وأيضاً فلا يدل فعل بشر على جواز فعل، ولزومه إلا من وجبت عصمته.
ابن رشد: ورعي قول سحنون: مضى العمل في كتب الشروط في الصدقات على الطوع.
قلت: ونهي مالك عن الشهادة في نكاح بشرط.
المتيطي: في تعليل النهي عنه بأنه حلف بغير الله، أو بحط المرأة من مهرها لأمر تشك في حصوله قولا بعض الشيوخ، ومقتضى قول سحنون.
قلت: وعليهما كراهته في نكاح التفويض ونفيها، ولما ذكر ابن عبد السلام تعقب ابن بشير على أخذ اللخمي من فعل سحنون قال: الذي وجدت في التبصرة هو ما نصه: قال سحنون فيمن زوج غلامه أمته على إن سرق من الزيتون إلخ: وإذا كان هكذا؛ فهي فتوى بالجواز، ودعوى أن ذلك لضرورة لا يلتفت إليه إلا بدليل.
قلت: الذي وجدته في التبصرة في غير نسخة واحدة منها نسخة عتيقة مشهورة بالصحة آثار المقابلة عليها واضحة ما نصه: وأجازه سحنون ابتداء، وزوج غلامه أمته إلخ، وإذا كان هكذا؛ فهي فتوى بالجواز، وهذا مثل ما ذكره ابن بشير نصاً سواء، ثم رد ابن عبد السلام: قول ابن بشير بما حاصله: أن فعل العالم المتأهل للفتوى دليل على اعتقاده جواز ما فعله لا سيما المعروف بالورع كدلالة فتواه بذلك.
قلت: لهذا تلقى غير واحد من الشيوخ قول اللخمي بالقبول.
الشيخ عن المجموعة: روى ابن نافع: من تزوج امرأة على أن كل أمة يتسررها فهي لها؛ لم يلزمه.
وسمع أصبغ ابن القاسم: النكاح على إن تسرر عليها؛ فالسرية صدقة عليها يفسخ قبل البناء، فإن بنى؛ بطل الشرط ولا قول لها.
ابن رشد: قوله: لا صدقة لها؛ صحيح على قولها، وهو المشهور في الصدقة بيمين على رجل بعينه لا يحكم بها، وحكم للنكاح بحكم فاسد المهر؛ لأن للشرط تأثيراً فيه يفسخ قبل البناء، ويثبت بعده بمهر المثل، هذا إن كانت التسمية في العقد على الشرط، وإن تزوجها على الشرط نكاح تفويض، ثم بعد ذلك سمى المهر؛ فالنكاح ثابت، والمهر المسمى لازم، والشرط باطل، ولمحمد بن دينار في المدنية: لزوم الشرط وإن أعتقها بعد أن اتخذها؛ بطل عتقه، وكانت لها صدقة.
قال: وإن شرط إن اتخذها؛ فهي صدقة عليها أو حرة، فاتخذها كان مخيراً بين عتقها والصدقة بها.
ولابن نافع: من باع سلعة من رجل، وقال: إن خاصمتك فيها؛ فهي صدقة عليك، فخاصمه فيها أن الصدقة تلزمه، فعلى قولهما بلزوم الصدقة بالشرط ينبغي أن يكون النكاح جائزاً، والشرط لازماً كسائر الشروط اللازمة.
واستدل بعض الشيوخ من هذه المسألة على أن من التزم لامرأته إن تسرر عليها، فأمر السرية بيدها إن شاءت باعتها عليه، أو أمسكتها له أن البيع لا يلزمه فيها، خلاف قول ابن العطار، ووجه هذا الاستدلال: أن الصدقة إذا كانت لا تلزمه؛ فأحرى ألا يلزمه البيع، وليس بالبين؛ لأن المعنى في الصدقة والبيع مفترق، والوجه في عدم لزوم البيع أنها وكالة عليه، وللموكل عزل الوكيل متى شاء، هذا ما حفظناه عن الشيوخ، ولا يبعد عندي أن لا يعزلها؛ لأنها لما نكحته على ذلك، فقد أخذ عليها عوضاً؛ فلزمه كالمبايعة.
وسمع ابن القاسم: من خطب امرأة على إن تزوج عليها أو تسرى؛ فهي طالق وحضره شهود، ثم تفرقوا، وترك ذلك، وقد شهدوا على إقراره، وكتبوا به كتاباً أخذته المرأة، ثم خطبها بعد ذلك، فتزوجها بشهود أخر، فطلبته المرأة بالشرط، فقال: تركت الأمر الأول، ونكحت نكاحاً آخر دون شرط؛ فالشرط لازم إلا أن يقيم بينة بذلك.
ابن رشد: معناها: أن نكاح الخطبة الأولى لم يتم بعد كتب الشروط، وقبض المرأة الكتاب تنظر فيه، ثم بعد ذلك تزوجها دون ذكر الشروط، فألزمه إياها؛ لأن خطبته باقية مبنية على الأولى إلا أن تشهد بينة أنه إنما خطبها على غير شرط، ولو قارن شرط ما لا عقد يمين فيه حط شيء من المهر، ففي استحباب الوفاء به ووجوبه ما تقدم، وعلى المشهور في نكاحها الأول: من نكح على ألا يتزوج عليها، أو لا يتسرر أو لا يخرجها من بلدها؛ جاز النكاح، وبطل الشرط، وإن وضعت عنه لذلك من صداقها في العقد؛ لم ترجع وبطل الشرط إلا أن يكون فيه عتق أو طلاق، ولو شرطت عليه هذه الشروط بعد العقد، ووضعت عنه لذلك بعض صداقها؛ لزمه ذلك، فإن أتى شيئاً من ذلك؛ رجعت عليه بما وضعت.
وسمع القرينان: من نكحت بأربعمائة دينار على وضع نصفها، ولا يخرجها من المدينة، ثم طلبت ما وضعت لإرادته إخراجها إن سمى لها أكثر من مهر مثلها؛ فلا رجوع لها عليه بشيء مما وضعت، وإن سمى قدر مهر مثلها؛ فله إخراجها، وترجع بما وضعت.
ابن رشد: ظاهر هذه الرواية؛ إنما وضعت في العقد للشرط من مهر مثلها لا
يلزمها، كما لا يلزمه الشرط، وأن لها ما وضعت، ولو وفى لها بشرطها، وهو قول ابن كنانة وروايته، ومثله لابن شعبان في مختصر ما ليس في المختصر خلاف رواية علي بن زياد في المدونة: أنها ترجع بما وضعت من مهر مثلها إذا لم يف بالشرط، ورواية ابن القاسم.
وقوله: إن ما وضعته من مهر مثلها، والشرط ساقطان عن الزوج، وقيل: لا تتم له الوضيعة من المهر، ولو زاد على مهر المثل إلا بالوفاء بالشرط، حكاه ابن حبيب عن بعض الناس، وعن مالك: إن وضعت في العقد من مهرها شيئاً لشرط؛ سقط الشرط وردت لمهر مثلها، والقياس فسخه إلا أن يبني، فيسقط الشرط، ويمضي النكاح بمهر المثل إلا أن ينقص عن المسمى؛ فلا ينقص منه شيء، وكذا يلزم على قياس هذا القول إذا تزوجها بكذا وكذا على أن لها شرط كذا، والمشهور جواز النكاح، وسقوط الشرط، وما وضعته بعد العقد من المسمى لشرط لا يتم له إلا به، وما شرطته في العقد دون تسمية مهر ساقط، والنكاح لازم اتفاقاً فيهما، فإن نكح دون شرط، ثم سمى المهر على الشرط؛ سقط الشرط، ووفيت تمام مهر المثل إن نقصت التسمية عنه.
قلت: زعمه أن ظاهر الرواية كقول ابن كنانة بعيد جداً فتأمله.
اللخمي: ما وضعته بعد العقد لها الرجوع به إن لم يف بشرطها وتركها لمثل هذا أجازه مرة.
وقال في مختصر ما ليس في المختصر: من أعطته زوجته عبداً على ألا يتزوج عليها ذلك باطل، وعليه قيمته إن مات بيده.
ولابن كنانة فيمن اشترت من زوجها سكناها مع أبويها، وعلى ألا يخرجها عنهما بمائتي درهم اشترت ما لا يشترى يرد الدراهم، ويرتحل بها حيث أراد، وأنكر قول ابن القاسم بإجازته.
وروى ابن كنانة: من وضعت من مهرها بعد العقد على أن لا يطلقها البتة إن طلقها البتة؛ رجعت عليه بما وضعت؛ لأنها اشترت ما لا يشترى له أن يطلقها أو يمسكها، وهذا أحسن قوليه؛ لأنه إذا لم يجبر على الوفاء؛ فسدت المعاوضة لصيرورتها تارة بيعاً، وتارة سلفاً، وعلى قول ابن شهاب يجوز ويجبر على الوفاء بالشرط.
المتيطي: لو وقع الشرط محتملاً؛ لكونه في العقد أو بعده طوعاً، ففي حمله على الأول أو الثاني قولا أبي الوليد محمد بن عبد الله بن مقبل، وابن العطار.
وقال بعض الموثقين: المعتبر عرف البلد في ذلك، فإن لم يكن عرف؛ فالثاني، وهذا الخلاف إنما هو في التمليك دون غيره؛ لأنه الذي يختلف حاله فيهما لا من أكره فيما كان فيه في العقد بخلاف ما كان بعده على المشهور.
وقال الباجي في سجلاته: قيل: ليس القضاء إلا بواحدة بائنة، كان في العقد أو بعده.
وقال سحنون عن قوم: هي رجعية.
وفي أجوبة ابن رشد: إن كان عرف البلد في الشروط أنها في العقد؛ فهي على ذلك، وإن كتبت في الصداق على الطوع؛ لأن الكتاب يتساهلون، وهو خطأ من فعلهم.
وفيها: إن نكحها بألف على إن كانت له امرأة أخرى؛ فمهرها ألفان؛ لم يجز كالبعير الشارد، وليس لما يفسد به النكاح من الشروط حد.
وفي سماع أصبغ ما نصه: سمعت أصبغ قال: من تزوج بشرط ألا يسيء إلى امرأته، فإن فعل؛ فأمرها بيدها، فتزوج عليها، أو تسرر لا أراه إساءة إلا أن يكون ذلك وجه ما يشترطون، ويأخذون عندهم بظاهر معروف أن الإساءة في هذا الشرط النكاح، وإلا فلا، وضربه إياها فيما تستأهله الضرب الخفيف غير إساءة، وما كان على غير ذلك ضر بها مراراً رأيته إساءة، وكذا ما أفرط من أمر وإن كان غير مزر.
ابن رشد: ضربها أدباً غير إساءة إذا علم سبب أدبها ببينة أو بإقرار، وإن أكذبته؛ لم يصدق عليها، ولها الأخذ بشرطها بعد يمينها أنه ضربها على غير سبب يوجب أدبها إلا الرجل الموثوق بدينه وأمانته وفضله فيصدق، والضرب المفرط والمتكرر إساءة إلا أن يتبين أنه لأمر تستأهله، ولما كانت غيبة التارك نفقة زوجته لا توجب عليه طلاقاً إلا بطول غيبته جداً حسبما يذكر في الإيلاء إن شاء الله تعالى كان شرط التمليك بالغيبة أكثرياً شرطه عندهم.
ابن فتوح، وابن فتحون، وغيرهما: أصل تحديد الناس المغيب ستة أشهر جواب سؤال عمر رضي الله عنه ابنته حفصة عن أقصى ثبر المرأة عن زوجها قالت: أربعة أشهر أو
ستة، فقصر مدة بعث الغزو عليها.
المتيطي: وذكره مالك في العتبية.
قلت: هو سماع ابن القاسم: من كتب لامرأته يخيرها لطول إقامته خرج من المأثم.
وسأل عمر حفصة: كم تصبر المرأة عن زوجها؟ فقالت: أربعة أشهر أو ستة.
ابن رشد: هذا أصل كتبهم في الشروط ألا يغيب أكثر من ستة أشهر.
قلت: وفيه دليل جواز سؤال الرجل ابنته عن مثل هذا، ولعل عدول عمر رضى الله عنه في سؤاله عن زوجته لابنته؛ لأن خبرها أوثق لبلوغها سن من يدرك ذلك، ويعرفه أو لغير ذلك.
المتيطي: إلتزام أكثر الموثقين فيه ستة أشهر غير لازم، والمعتبر ما اتفقا عليه.
قلت: ما لم يقل جداً؛ لأنه يصير من شرط التمليك بسبب من غير فعل الزوج وتقدم فساد العقد به، ولذا منع في كتاب الخيار تحديده بغروب الشمس من آخر أيامه قائلاً: أرأيت إن حبسه سلطان.
المتيطي، وابن فتحون: استحسن بعض الفقهاء أربعة أشهر لقوله تعالى: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} الآية [البقرة:226].
قلت: يرد بأن هذا فيما لا عذر فيه للزوج ولا مانع؛ ولذا عدل عمر رضى الله عنه لسؤال ابنته دون البناء على مقتضى الآية الراجح على غيره، واستثناؤهم في شرط المغيب غيبة سفر الحج حسن ليس بلازم.
ابن فتوح: إن شئت؛ قربت أمده العامين ونحوهما أو طولت، وبعد أن وقته المتيطي لثلاثة أعوام قال: ليس ذلك بلازم إن شئت قربت أو طولت، المعتبر قدر مدة ذهابه من وطئه للحج ورجوعه عادة، وكتبهم في استثنائه إلا غيبة سفر الحج قاصداً له من وطنه معلناً به؛ لأن تركه يمنع أخذها عند تمام ستة أشهر مدة الغيبة؛ لاحتمال كون غيبته أولاً لغير الحج ستة أشهر إلا يوماً، ثم صار للحج قبل تمامها؛ فلا أخذ لها حينئذ إلا بمضي المدتين.
ونقل المتيطي، وابن فتوح، وابن فتحون: يستحسن لفظ ألا يغيب عنها غيبة
متصلة قريبة ولا بعيدة، فلفظ متصلة احترازاً من غيبته المدة منقطعة بإقامته أثناءها، قيل: لها القضاء فيها، فمتصلة بيان للغوها منقطعة، ولفظ قريبة أو بعيدة؛ لأنه إن أسقط قريبة؛ فلا قضاء لها فيها إن كان بعمل سلطانها، وإنما حقها في بعث الإمام إليه.
ابن عات عن ابن مغيث: يكتب إليه بأن يقدم أو يقضى عليه، وإن كان في عمل سلطان آخر، ففي كونه كذلك، وثبوت القضاء لها بشرطها طريقا ابن فتحون مع ابن فتوح والمتيطي، ونقل ابن عات عن ابن مغيث، وإن ثبت لفظ قريبة؛ فلها القضاء بها، ولو في بريد إن كانت بعمل سلطان آخر، وإن كانت بعمل سلطانها؛ ففي كونها كذلك، وقصر حقها على كتب السلطان إليه، كما لو غاب بطرق مصرها.
نقل المتيطي عن ابن لبابة قائلاً: لها أن تطلق نفسها بشرطها، ولو كان بمصرها، وقضى به عمر بن عبد الله، وقول غير واحد من الموثقين مع المشهور المعمول به، وكتب قبل البناء أو بعده برفع الخلاف لو لم يكتب، وعاب قبل البناء، ففي ثبوت أخذها به نقلا المتيطي عن بعضهم مع أبي عبد الله الباجي وابن القاسم وبعضهم.
قال بعض الموثقين: ولو قال الزوج: نويت الغيبة بعد البناء فقط؛ وشرطه على الطوع، هل ينوى أم لا؟.
والصواب: ألا ينوى لادعائه خلاف ظاهر عليه بينة فيه، وكتب طائعاً أو مكرهاً برفع الخلاف فيه مكرهاً لو أسقط، ففي ثبوت أخذها نقلاه عن ابن لبابة مع جماعة إلا أن يكون ذلك في الصداق إلا من عذر، وعن أشهر المذهب مع ابن زرب وابن حارث والأصيلي وغيرهم.
قلت: عموم الشرط في إكراهه يصيره من شرط التمليك بسبب من غير فعل الزوج.
وقال ابن عات عن ابن عبد الغفور: اختلف فيه أهل طليطلة، وأهل قرطبة، فقال محمد بن عبد الله القرشي، وأبو عيسى بن أبي عيسى، وأبو محمد ابن إبراهيم الأصيلي: لا أخذ لها.
وقال حسين بن محمد بن نابل، وابن الرقدي، وابن حماد، وابن زهر شيخ ابن مغيث: لها الأخذ.
ابن عات عن ابن مغيث: إن خرج لغزو طوعاً فأسر؛ فلها الأخذ بشرطها، قاله كل شيوخنا: ابن بدر وابن رافع رأسه وغيرهم.
المتيطي عن بعض الموثقين: إن غزا في عسكر مأمون غزوا يمكنه الرجوع منه قبل انقضاء مدة المغيب، فهزم الجيش، وأسر الزوج حتى مضى أجل المغيب؛ فلا أخذ لها؛ لأنه غرر بنفسه؛ لقولها: من سافر في صوم ظهار أو قتل فمرض، فأفطر بنى إذا صح؛ لأنه فعل ما يجوز له، وقول ابن القاسم أحب إلى أن يبتدئ احتياطاً لا وجوباً.
قال: وينبغي على أصولهم إن سافر لما يرجع منه قبل انقضاء أمد الغيبة، فحبسه
مرض أو سجن لا يقدر على رفع موجبه أو فتنة، أو فساد طريق أن يكون معذوراً.
قلت: ونحوه نقل ابن عتاب: أجاب ابن رشد فيمن خرج لسفر قريب، فأسره العدو، فأقام في يده أكثر من سنة، وشرطه ألا يغيب سنة لا أخذ لها بشرطها لقولها: من وجبت له شفعة، فخرج بعد وجوبها مسافراً لما يرجع منه قبل انقضاء ما يقطع شفعته، فمنعه من رجوعه مانع حتى انقضى أمد ما يقطع شفعته أنه على شفعته إذا حلف هذا إن تعرض للخروج، ولو أسر من قطره دون خروج؛ فهو أعذر، وقول أحمد بن خالد: لها الأخذ بشرطها إذا أسر من سفر؛ مخالف لقوله: ظاهر المدونة.
قلت: قد يفرق ابن خالد بأن بقاء الشفيع على شفعته غير موجب بقاء ضرر على المشفوع عليه، وبقاء الزوج على حقه يوجب على المرأة، أو بإنتاج تمسك ابن رشد بمسألة الشفعة عكس دعواه؛ لأنها دالة على ترجيح حق الأخذ، وهو الشفيع لدرء ضرر الشركة على المأخوذ منه، وهو المشترى الداخل على الأخذ منه، والآخذ في مسألة الشرط لدرء الضرر عنه هو الزوجة، والمأخوذ منه هو الزوج الداخل على الأخذ منه بما شرطه على نفسه.
ابن الهندي والباجي: وإن قيد شرط المغيب بكونه بموضع كذا؛ فلا أخذ لها بمغيبه بغيره، وإن أطلق؛ فلها الأخذ مطلقاً.
قلت: ولذا إن غاب للعدوة؛ لم يلزمه شرط المغيب؛ إذ ليس بالأندلس.
قلت: قد يقال: غيبته بالعدوة أشد، وأبعد منها بالأندلس، فيستلزم شرطه شرطه، وأخذها بشرطها لغيبته إحدى المدتين ثابت إن كان كتبه بلفظ إن زادت غيبته على المدتين أو إحداهما، وإلا فلا أخذ لها إلا بهما معاً، وأخذها بشرط مغيب ستة أشهر إلا غيبة الحج إن قامت بغيبته مدة الستة، فإن كان في الكتب إلا غيبة سفر الحج قاصداً له من وطنه معلناً به؛ فلها القيام والأخذ به، وإلا فلا حتى تمضي مدة غيبة الحج؛ لاحتمال غيبته أولاً ستة أشهر إلا يوماً، ثم سافر للحج.
قال بعض الموثقين: وينبغي ألا يبيح لها الحاكم الأخذ بشرطها حتى يأمر بالبحث عنه عند جيرانه، وأهل مسجده، ومن يظن علمه به إلى أقصى ما يمكن من ذلك.
قال بعض الموثقين: ينبغي إن كان في شرطها قريبة أو بعيدة، فغاب في غير الحج أكثر من ستة أشهر غيبة قريبة أن لها أن تطلق نفسها، اتفق العملان أو اختلفا، وإن أرادت حكم السلطان بذلك؛ لم يقض لها إلا بعد إحضاره والإعذار إليه، اتفق العملان أو اختلفا؛ لأنه لا يقضي على الغائب إلا في الغيبة البعيدة.
ابن الهندي: إن قيد شرط الغيبة ببلد بعينه؛ فالشهادة المعتبرة في إثباته الشهادة بأنه غاب تلك المدة بها، وإن شهدوا أنه غاب بحيث لا يعلمون؛ فلا قضاء لها إلا بمضي مدة الستة ومدة سفر الحج.
الباجي: هذا غلط؛ لأن الشرط الغيبة ببلد خاص؛ فلا أخذ لها إلا به، ومضي المدتين تجهل البينة محل غيبته لا تثبته؛ إذ له الغيبة ما شاء بغير البلد المذكور، وكتب: والقول قولها في المغيب، وانقضائه بعد أن تحلف في بيتها في الواجب عليها يسقط عن الزوجة إثبات المغيب عند الحاكم؛ إنما عليها إثبات الزوجية والشرط، ثم يأمرها بالحلف في بيتها أو في أقرب جامع إليها إن لم تشترط اليمين في بتيها.
قلت: الواجب إن لم تشترطه حلفها حيث يجب الحلف.
قال: فإن كانت تخرج نهاراً؛ حلفت نهاراً وإلا فليلاً، ثم يبيح لها تطليق نفسها، فلو أسقط لفظ في الواجب عليها؛ ففي حلفها في كل ما يجب عليها ببيتها، ولزوم يمينها فيها سوى المغيب، وانقضائه في الجامع قولا ابن العطار وابن الفخار متعقباً قوله، وعليه قال: تخير في حلفها يمينين يمين المغيب، وانقضائه في بيتها، ويمين ما سواه في الجامع أو كلتيهما فيه على المشهور في جمع الدعاوى، وإن كثرت في يمين واحدة، وصوب بعض الموثقين الأول؛ لأن مراد الزوج حلفها يميناً واحدة حيث ذكر.
وفي إعمال شرط تصديقها دون يمين في المغيب والرحيل والضرر، أو فيهما دون المغيب نقلا ابن عات عن ابن فتحون، وابن عبد الغفور، وقال سماع عبد الملك من كتاب التخيير: كان ابن دحون يفتي بإلغاء شرط التصديق في الضرر بعد قوله: لا خلاف في إعماله إن لم يكن شرطاً في العقد.
المتيطي: وكتب: ولها التلوم عليه، والانتظار ما أحبت لا يسقط ذلك شرطها يفيد رفع الخلاف إن لم تأخذ بشرطها عند انقضاء أمد الغيبة، فإن لم يكتب؛ ففي سقوط
شرطها بعدم قضائها في المجلس الذي وجب لها فيه التمليك وبقائه ما لم توطأ.
قال ابن رشد: ثالثها: إن تأخر قضاؤها أكثر من شهرين لسماع يحيى ابن وهب مع سماع زونان أشهب، وسماع عيسى ابن القاسم في كتاب النكاح قائساً على قول مالك في المواجهة بالتمليك، وسماع ابن القاسم، وعليه في وجوب حلفها ما سكتت تركاً لخيارها رواية محمد مع ابن عبد الحكم عن ابن القاسم في سماع عيسى، وسماع ابن القاسم قال: وهما جاريان على الخلاف في وجوب يمين التهمة.
المتيطي عن بعض الموثقين: بالأولى جرت الأحكام واستمرت الفتيا، وعزا المتيطي ثاني الثلاثة لعبد الملك في الثمانية، ورابعها: هذا مع يمينها ما سكتت تركاً لحقها، وخامسها: كابن وهب إلا أن تشهد عند الأجل أنها باقية على حقها؛ فهو بيدها دون يمين له.
عن ابن نافع وابن كنانة، وسادسها: قال: روى محمد: إن طال بعد الشهرين؛ فلا قول لها إلا أن تشترط عند انعقاد الأجل أنها تنتظر أجلاً آخر؛ فذلك بيدها إلا أن تتأخر بعد الأجل الثاني أكثر من شهرين، فذلك رضي بإسقاطها ما بيدها إلا أن تشهد أنها على شرطها؛ فذلك لها، ولو بعد عشرين سنة.
قلت: كذا وجدته في المتيطية، وفي النوادر ما نصه عن الموازية.
قال مالك: لو أشهدت عند الأجل أني أنتظره ستة أخرى أو أكثر؛ فذلك بيدها، فما أخرته قرب أو بعد.
قال مالك: وكذلك إن قالت: أنتظره، وأنا على رأيي؛ فذلك بيدها أبداً، ولو أقامت عشرين سنة لا تحتاج إشهاد ثان لها القضاء متى شاءت، وإن جعلت لتأخيرها وقتاً، ثم أخرت القضاء بعده بأكثر من شهر؛ لم يكن لها بعد قضاء، وإن طلقت قبل وفاء الأجل؛ لم ينفعها أن تشهد: إذا حل الأجل، فقد اخترت نفسي.
المتيطي عن بعض الموثقين: إن ذكر في الشرط، ولها التلوم كما تقدم؛ فهي على شرطها، ولو طال تلومها، وفي أخذها بشرطها دون أن تزيد في يمينها أن تلومها؛ لم يكن تركاً لشرطها قولان لابن القطان محتجاً بأن جعل الزوج ذلك بيدها يسقط عنها اليمين أن تلومها؛ لم يكن طرحاً لشرطها مع غيره من الشيوخ المتقدمين، والباجي وابن
العطار، وأشار المتيطي لمسألة في أحكام ابن سهل؛ وهي امرأة قامت برسم مغيب حاصله شهادة شهود بمعرفة عين زوجها واسمه وغيبته عن زوجته عاتكه منذ عام أو نحوه بحيث لا يعلمون، وأنه كان منذ كذا أشهدهم أنه طاع لها إن غاب عنها غيبة متصلة أكثر من ستة أشهر في غير سفر حجة فرضه ثلاثة أعوام، وزادت غيبته على الأجلين أو أحدهما؛ فأمرها بيدها، والقول قولها في المنقضي من أجليهما، أو أحدهما بعد حلفها بالله لغاب عنها أكثر مما شرطه لها، ثم تقضي في نفسها ما أحبت، ولها التلوم عليه ما أحبت لا يقطع تلومها شرطها، ويعرفون أن غيبه في غير سفر الحج، وأن نكاحهما باق إلى الآن.
وفي شهادة الثالث والرابع، ولا يعلم انصرافه إليها إلى الآن، وفي شهادة الرابع صلة أنه يعرف مغيب الزوج بإشبيلية، وثبت عند القاضي مع ذلك قول الزوجة أنها تريد الأخذ بشرطها، وحلفت في بيتها لعذر منعها الخروج أن زوجها فلان لم يؤب إليها منذ غاب عنها، وما سكتت المدة المذكورة إلا تلوماً عليه، وثبت حلفها عنده، فشاور في ذلك القاضي الفقهاء، فأجاب ابن عتاب: كان القاضي أبو المطرف يضعف شهادة الشاهد بحيث لا يعلم، لا سيما إذا طالت مدة المغيب، وأعملها بعض القضاة وأجازها، وشهادة بعض شهود الرسم أنه بإشبيلية يوجب الإعذار إليه إن لم يتعذر، فإن تعذر؛ فالعقد مفتقر إلى تصحيحه؛ لأن فيه تناقضاً في صورة أنه بحيث لا يعلمون، وفي آخره أنهم يعرفون مغيبه في غير سفر الحج، فإن لم يعلموا مغيبه، فكيف يشهدون أنه في غير سفر الحج، فإذا صح العقد يرفع هذا التناقض أنفذ الحكم بالطلاق، وأرجئت حجة الغائب إذا تعذر الإعذار، وأجاب أبو عمر بن القطان: الشهادة بالمغيب ناقصة حتى يقول الشهود أن المغيب بعيد بحيث لا يعلمون؛ لجواز كونه قريباً بحيث لا يعلمون، ورأيت الشهود قطعوا ببقاء العصمة بينهما لوقت شهادتهم، وبالمغيب أنه في غير سبيل الحج، والشهادة في هذا بقطع لا تنبغي؛ إنما يشهد به على العلم، وقول الشهود أنهم يعرفون يعطي القطع؛ فلا تجوز هذه الشهادة، ولا يسجل بها.
وحلف المرأة أن سكوتها في المدة المذكورة وتلومها لم يكن إسقاطاً لشرطها تحليف
لها على ما لا يجب لها؛ لتقدم إشهاد الزوج أن لها التلوم عليه ما أحبت، ولا يحكم إلا بما لابد منه، وعلى ما أجبت فقهاء الشيوخ المتقدمين وفتواهم، وشهادة الشاهد أنه يعرف مغيب الزوج، ولا يعلم رجوعه إلى الآن لا يوجب حكماً إن لم يشهد غيره بمثله أكثر من الثاني في أمره، وذكر يمين المرأة في بيتها؛ لعذر دون بيانه غير مجزئة بحال حتى يبين.
ابن سهل: زيادة المرأة في يمينها إنما سكتت تلوماً لا إسقاطاً لشرطها أثبتها ابن العطار، وأسقطها ابن الهندي كابن القطان، واحتجاجهما بأن البينة شهدت بها غير بين؛ لأن الشهادة بها لا تمنع وجوبها كيمينها على غيبته أكثر مما شرطه لها وما رجع إليها، وكيمينها في تطليقها بعدم النفقة ما ترك عندها شيئاً، ولا أرسل إليها، وكيمين مستحق غير الربع ما باع، ولا وهب، ولا خرج عن ملكه، وكيمين من شهد له بحق ميت، أو غائب مع شهادة البينة بذلك في الجميع، وكذا نص عليه ابن أبي زمنين في يمنها لأخذها بشرطها في المغيب في سجل القضاء به.
قال: وشاور القاضي فلان من وثقه من أهل العلم، فأشاروا بذلك، فهذا نص في ذلك ممن هو حجة مع موافقة ابن العطار له فيما ذهبنا إلى بيانه، ولو انتقد أبو عمر على نفسه في جوابه أن الشهادة ناقصة حتى يقولوا: أن المغيب بعيد بحيث لا يعلمون كان أولى؛ لأنه لم يقله أحد، وهو متناف في نفسه؛ لأن قوله: أن المغيب بعيد؛ يقتضي علم مكانه، وقوله: بحيث لا يعلمون؛ يقتضي نفيه، وقد سمعت إنكاره عليه.
قلت: قوله: لأن قوله: أن المغيب بعيد يقتضي علم مكانه؛ ليس كذلك؛ لأن علم بعد مكانه يحصل بالقطع بعدم قربه، وهو أعم من علم مكانه وجهله، والأعم لا يشعر بالأخص.
المتيطي: لا حجة لابن سهل على ابن القطان فيما احتج به إلا ما نقله عن ابن أبي زمنين، ولعل أبا عمر لا يسلمه، وقول أبي عمر متعقب بغير ما تعقبه ابن سهل، وهو أن يقال: إنما يكتب "ولها التلوم عليه ما أحبت"؛ احترازا من القول بسقوط شرطها بسكوتها عند الأجل وأحلفت؛ لاحتمال أنها أسقطت شرطها استقصاء لحق الغائب.
قال: وقول بعض الموثقين: إن قلنا: الشهادة على الغيبة، واتصالها على القطع؛ فلا
يمين عليها لقد غاب؛ لأن من أثبت حقاً ببينة قاطعة لا يحلف عليه، قاله في المدونة والواضحة، وإن قلنا: الشهادة على ظاهر العلم لا القطع؛ حلفت كيمين الاستحقاق، وكيمين مستحق دين على ميت، أو غائب أنه ما قبض شيئاً منه إلى آخرها.
وإن كتب أن القول قولها في المنقضي من أجلها؛ كفى فيه يمينها دون بينة، وعليها إثبات المغيب، وإن كتب (القول قولها فيه، والمنقضي منه)؛ كفى فيهما يمينها، وإن كتب (دون يمين تلزمها)؛ سقطت عنها.
المتيطي: وتزويد في يمينها (ولا أذنت له في المغيب عني)؛ خوف دعواه ذلك بعد قدومه.
قال: وقول بعضالموثقين: فإن لم تأخذ بشرطها حتى قدم عليها؛ فلها الأخذ بشرطها؛ لأنه حق وجب لها بعد يمينها المتقدمة، يؤيده قول ابن القاسم في أمة عتقت تحت عبد منعت الطلاق بحيضها فظهرت بعد عتق زوجها لها الخيار.
قلت: سئل عنها ابن رشد وقيل له: نزلت.
وقال: بعض الشيوخ: لها الأخذ بشرطها لسماع أصبغ: من شرطت إن تزوج عليها؛ فأمرها بيدها، فعلمت بتزويجه عليها بعد موت التي تزوجها عليها أو طلاقها؛ فلها الأخذ بشرطها، ومثله في وثائق الباجي، وقال ابن زرب وغيره.
وقال بعضهم: لا أخذ لها، ولم يستظهر بشيء، فأجاب: قول الشيخ: لها الأخذ؛ غير صحيح؛ لأن بقدومه ارتفعت علة الأخذ به، وذلك بين من قولهم في الشرط: لها التلوم عليه ما أقامت منظرة له لا يقطع تلومها شرطها، وهذا يقتضي أن ما بيجها لا يبطله إلا قدومه، والفرق بين هذه ومسألة أصبغ: أن المرأة تخشى أن يكون تزويجه عليها يزهذه فيها، ويرغبه في غيرها، ومغيبه عنها لا يخشى منه ذلك؛ بل يرغبه فيها، وإنما تشبه هذه مسألة الأمة تعتق تحت عبد، فلم تختر حتى عتق، قالوا: لا خيار لها؛ وهو نص ابن نافع في المدينة: أنه لا قضاء لها إذا قدم قبل أخذها بشرطها على ما رأيته لبعض أصحابنا، فلا يلتفت لقول الباجي، ولا لمن سواه من المتأخرين لمخالفة ذلك أصول مذاهب الفقهاء المتقدمين.
قلت: سماع أصبغ هذه المسألة هو من أشهب وقع في ترجمة سماع أصبغ
ابن القاسم.
قال ابن رشد فيه: لأن القضاء وجب لها بتزويجه عليها؛ فلا يسقط بموت المتزوجة ولا بطلاقها؛ إنما اختلف إذا شرط أن طلاق الداخلة بيدها، فتزوج عليها، ثم طلقها في بقاء ذلك بيدها قولا ابن القاسم آخر هذا السماع مع قوله في كتاب ابن سحنون وابن الماجشون وقول سحنون: هذا إن كان طلاقها بائنا لا رجعيا تفسير لقول ابن الماجشون؛ لأن الخلاف إنما هو في الطلاق البائن.
المتيطي: لها الأخذ بشرطها دون الرفع للإمام بعد حلفها كما تقدم، وتشهد على طلاقها نفسها من حضر يمينها وعرفها، وعرف شرطها وتصديق زوجها لها في جميع ما ذكر بعد يمينها في بيتها بالشهادة، ولا يعلم انقطاع زوجيتهما.
وسئل ابن رشد عمن قامت بشرط المغيب المنعقد في صداقها حسبما ينعقد في الصدقات اليوم؛ لغيبة زوجها بحيث لا تعلم غيبته جاوز فيها المغيب بكثير، فحلفت بمحضر جماعة من جيرانها يعرفون الغيبة المذكورة، وطلقت نفسها، وليس بمكانها قاض تثبت عنده المغيب، والصداق غير أن الأمر مشهور.
فأجاب: إن أخذت بشرطها، وطلقت نفسها بعد يمينها على ما شرطه الزوج بحضرة عدول يعرفون المغيب، والشرط نفذ ذلك على الزوج بعد قدومه إن لم يأت بمدفع في الشرط، ولا في الغيبة، وإن أرادت النكاح قبل قدومه؛ رفعت ذلك للحاكم، فتثبت عنده الأمر كله، ويتلوم للغائب.
وروى المتيطي: إن شرط أبوها على الزوج: إن غاب عنها مدة كذا؛ فأمرها بيد أبيها، فزادت غيبته على تلك المدة، وأراد الأب الأخذ بالشرط، وأبت البنت؛ فذلك لها دونه، وينهاه الإمام عن الفرقة بينهما، فإن فرق بينهما بعد نهيه؛ جاز فعله، وإن انتزع السلطان الحكم من يده؛ لم يجز طلاقه بعد.
وسمع عيسى ابن القاسم: من أنكح ابنته رجلاً على إن تزوج عليها، فأمرها بيد الأب، وهو من صداقها، فوضعت صداقها عن زوجها؛ جعل ذلك من صداقها باطل لا يوضع عنه الشرط بوضع الصداق، فإن تزوج، فأراد الأب طلاقه، وأبت البنت نظر في ذلك؛ فإن كان ما أرادته خيراً لها؛ لم يكن له طلاقها، وإ، كان ما أراد الأب خيراً لها؛
فله فراقها؛ لأني سمعت مالكا قال: من جعل أمر امرأته بيد أبيها إن لم يأت لأجل سماه، فلم يأت له، فأراد الأب طلاقها، وأبته ابنته؛ فالقول قولها، فإن مات أبوها، وأسنده لغيره؛ فهو فيه بمنزلته، وإن لم يسنده لأحد؛ فليس بيدها منه شيء.
قلت: وفي سماع أبي محمد يحيى: قال ابن القاسم: إ، طلق الأب قبل منعه السلطان؛ مضى الطلاق، وإن طلق بعد منعه؛ لم يجز.
ابن رشد: قول ابن القاسم: ينظر في ذلك، ولم يقل كقول مالك فيمن جعل أمر امرأته بيد أبيها إن لم يأت لأجل سماه؛ لأنه جعل لاشتراط الأب ذلك على الزوج حقاً، فلم ير أن يخرج من يده إلا بنظر السلطان؛ لأنه يقول: إنما تزوج عليها إرادة الضرر بها من حيث لم تعلم هي ذلك بخلاف جعل الزوج ذلك بيده دون أن يشترطه عليه؛ لأنه إذا لم يشترطه عليه، فإنما فعله بزوجته لا له؛ فهي أحق به فيه، ولا فرق بين المسألتين إلا من جهة الشرط.
وقوله: إن أسند ذلك لغيره بعد موته؛ فهو له؛ مثل ما في كتاب الخيار منها خلاف رواية على فيها.
وقوله: إن مات ولم يسنده لأحد؛ فليس بيدها منه شيء خلاف رواية ابن القاسم فيها، فكأني رأيت مالكا رأى ذلك لها، أو قال: ذلك لها ولم أتبينه.
قلت: تعليل ابن القاسم قوله بما سمعه منالك مشكل؛ لأن ما سمعه مناف لما قاله، وعدم تكلم ابن رشد عليه كذلك، وتفرقته بين مسألتي ابن القاسم، ومالك بالاشتراط والطوع يوجب تعقب نقل المتيطي مسألة مالك بلفظ: إن شرط أبوها على الزوج
…
إلى آخره.
وسمع ابن القاسم: من تزوجت على أن لا يخرج بها إلا برضها مع رضي أبيها؛ فلا خروج لهما إلا برضاهما، وإن كان برضاها فقط؛ فله الخروج به فقط، ولو كانت بكراً قبل البناء.
ابن رشد: لم يذكر أن الشرط مقيد بطلاق ولا تميلك، وإيجاب ملك عليه إن كان الشرط برضاهما معا يدل على أنه مقيد بطلاق على ما في سماع عيسى في الأيمان بالطلاق، ولو كان بتمليك لم يعتبر إلا رضاها؛ لأن الشرط إنما أخذ لها، فإن رضيت
بخروجه بها، وكانت هي المملكة؛ سقط حقها، وإن كان الأب هو المملك دونها أمر باتباع رضاها بالبقاء مع زوجها، فإن طلق قبل نهيه السلطان عنه؛ نفذ، وإن كانا معا مملكين؛ لم يلزم طلاق إلا باجتماعهما، وتوقف مالك في شرطه ألا يخرج بها إلا برضها أو رضى أبيها، فقال: ما أدري إلخ؛ لأن (أو) مشتركة تحتمل هنا التخيير بين الرضائين، فيكون له الخروج برضى أحدهما، أو الجمع بين الرضائين بمعنى الواو أو إبهام أي الرضائين أراد، فيخرج بها برضاها إن أراده فقط، أو برضى أبيها إن أراده فقط، والوجه حمله على أظهر محتملاته وهو التخيير، وأجاب مالك على التصريح في الشرط باستثناء رضاهما معا أو رضى أحدهما فقط.
ومسمى الشرط جائز، ومختلف فيه.
سمع عيسى ابن القاسم: من له زوجة، فخطب أخرى، فقال وليها: لا أزوجك إلا على أن تطلق امرأتك، أو تجعل أمرها بيد وليتي، فقال: أشهدكم إذا دخلت على وليته، فأمر امرأتي التي تحتي بيدها، فزوجة على ذلك، ثم صالح امرأته، ودخل بالثانية وليست الأولى في ملكة إن تزوجها بعد ذلك؛ فليس من أمرها بيد الثانية شيء بحال؛ لأنها دخلت، وليس الأولى في ملكه، وكذا إن قال: إن دخلت بوليتك؛ فامرأتي التي تحتي طالق البتة له أن يتزوجها، ولا يلحقه طلاق.
ابن رشد: هذا على اعتبار اللفظ، وعلى مقتضى المعنى يلزمه التمليك والطلاق، وهو الآتي على قولها في الأيمان بالطلاق فيمن شرط لامرأته كل امرأة يتزوجها عليها؛ فهي طالق أو أمرها بيدها، فيطلق امرأته، فتبين منه، ثم يتزوج امرأة، ثم يراجع امرأته أن المرأة التي تزوج تطلق عليه، أو يكون أمرها بيد امرأته؛ لأنه إنما أراد أن لا يجمع بينهما، ولا ينوى إذا ادعى نية.
وسمع يحيى ابن القاسم: لمن نكح امرأة، وله أمهات أولاد بشرط أن كل جارية يتسررها عليها حرة من وطئ منهن حنث فيها، وقاله أبو زيد وأصبغ.
وقال سحنون: لا حنث عليه فيهن؛ إنما يلزمه الشرط فيما يستقبل من الإماء بعد عقد نكاحه.
ابن رشد: حنثه ابن القاسم لما ذكر من أن الوطء تسرر في اللسان، ومن رعي
المعنى، وهو أن القصد بالشرط ألا يطأ معها غيرها، وحمل سحنون التسرر على معناه عند العامة، وهو وطء الجارية ابتداء مع العزم على اتخاذها لذلك لا يقال لمن وطئ يوماً من الأيام أم ولده أو جارية كان يطؤها أو خادماً دون نية العودة لوطئها: أنه تسرى في ذلك اليوم على زوجته، وهذا نحو قولها فيمن حلف أن لا يأكل بيضا، فأكل بيض السمك؛ أنه لا يحنث، وأن ذلك لا يسمى بيضا عند الناس، وإن كان في اللسان بيضا.
قلت: كذا وجدته في غير نسخة واحدة وهو وهم، الذي في المدونة في بيض السمك الحنث لا عدمه، ولما ذكر الشيخ رواية يحيى قال: ابن حبيب عن أصبغ وابن القاسم قال: ولو قال: كل جارية أتخذها عليك حرة؛ فلا شيء عليه فيمن عنده ولو لم تعلم به؛ لأن الاتخاذ غير الوطء، وهو كالنكاح لو شرط أن لا ينكح عليها؛ لم يلزمه شيء فيمن عنده، وقاله ابن القاسم وأصبغ.
قلت: هذا خلاف ثاني تعليلي ابن القاسم بقوله: إن القصد بالشرط أن لا يجمع معها غيرها.
الشيخ: سمع ابن القاسم: من شرط لامرأته أن لا يتسرر عليها، وهما لا يعرفان ذلك إلا الحمل، ويريد الوطء قال: لا يفعل، وجهله ذلك لا ينفعه.
قال في الموازية: كمن ظن البتة واحدة.
سحنون: لا يعجبني، وله وطء أمته إذا كان ذلك عندهما هكذا، وقاله مالك ورواه في المجموعة على بن زياد.
قال أبو بكر بن محمد: وروى علي بن زياد وابن أشرس: إذا أراد بوطئها الولد؛ فهو تسرر، ولم يزد ابن رشد على ما في العتبية إلا قوله: الاختلاف في هذه المسألة على اختلافهم في اليمين العرية عن النية هل تحمل على اللفظ أو على ما يعلم من قصد الحالف؟ والأظهر الأشهر حمل اليمين عليه فقول سحنون وروايته أظهر.
الشيخ عن الواضحة: من شرط إن تسرر، فأمر السرية بيدها أن تعتق، أو تدع لع وطء من شاء من جواريه وطأه، ثم يمسك لا يطأ ولا يبيع حتى تقضي امرأته أو تدع، وقاله ابن القاسم وأصبغ، ولو شرط إن اتخذ عليها أم ولد؛ فهي حرة، فقال ابن القاسم: له وطء أمته في كل طهر مرة.
وقال أشهب وابن الماجشون وأصبغ: له ذلك حتى يظهر بها حمل.
أصبغ: ما لم يقصد إليها، ذلك منها، إن فعل هذا؛ عتقت عليه ساعتئذ، وإن حاضت بعد ذلك؛ فقد مضى عتقها.
ابن حبيب: إن قصد ذلك منها تربص بها حتى تحيض أو يظهر بها حمل، ولا آخذ بقول أصبغ، ولو شرط ألا يتخذ عليها جارية؛ فله وطء إمائه ما لم يلزم الواحدة بعينها، وما لم يظهر بها حمل، أو يقصدها لذلك، هذا يمسك عن معاودتها، وقاله أصبغ، ولو شرط إن اتخذ عليها أم ولد؛ فهي طالق، فقال ابن الماجشون وأصبغ وأشهب: له وطء إمائه، فإن حملت إحداهن؛ طلقت امرأته.
ابن القاسم: بأول وطئه أمة؛ طلقت عليه للشك في حملها، وهذا استحسان والأول القياس، وكتب (كلما فعل موجب شرطه؛ فلها الأخذ به) يرفع الخلاف فيه، فلو لم يكتبه، وأخذت بشرطها لموجبه، ثم تزوجها؛ ففي سقوطه، وبقائه رواية محمد.
المتيطي: الأولى أظهر، ومعنى قول المدونة: لها الأخذ بشرطها ما بقي من طلاق ذلك الملك شيء إذا كان الطلاق من قبل الزوج، فإن كانت هي المطلقة فأخذها بشرطها؛ يسقطه.
وسمع ابن القاسم: من تزوج امرأة على أن كل امرأة يتزوجها، أو يتسررها ما عاشت؛ فالزوجة طالق، والجارية حرة، فطلقها البتة، ثم تزوجها بعد زوج، وقامت بشرطها لقوله: ما عاشت، وقال الزوج: إنما أردت ما كنت تحتي، ولم أرد أن أطلقك، وأقيم لا أتزوج، ولا أتسرر؛ فله نيته.
ابن رشد: هذا على أن اليمين على نية الحالف، وتنويته مع أنه شرط في العقد خلاف أصله في المدونة في أن التمليك في العقد لا مناكرة له فيه، وقوله: ينوى؛ يريد مع يمينه، سمعه ابن القاسم في الأيمان بالطلاق: إذا تطوع به دون شرط؛ فأحرى في الشرط، وتنويته إياه مع أنه إنما تزوج عليها، وهي في عصمة له ثانية على أصل المدونة فيمن شرط لامرأته طلاق الداخلة عليها؛ تنحل عنه اليمين بخروج زوجته عن عصمته بالثلاث خلاف نقل ابن حيبب رواية مطرف، وقول ابن الماجشون، وابن أبي حازم وغيره من أصحاب مالك: أنها لا تنحل عنه؛ لأن الشرط في اليمين في الداخلة لا
فيها، ولو حلف بهذه اليمين متطوعاً دون شرط، ولا استحلاف نوي على قولها في الأيمان بالطلاق، ولا ينوى على أن اليمين على نية المحلوف له؛ ففي تنويته ثالثها: الفرق بين الطوع والشرط.
قلت: في قوله: وتنويته إياه مع أنه إنما تزوج عليها إلخ؛ بل الأظهر العكس؛ لأنه إذا انحلت يمينه بذهاب العصمة الأولى، فلا يحتاج لنيته في العصمة الثانية.
وأجاب ابن رشد عمن تزوج وشرط عند عقده على الطوع: أن الداخلة على الزوجة طالق، فتزوج امرأة، فطلقت عليه، ثم تزوجها بعد مضي عدتها؛ بأن اليمين تتكرر عليه اتفاقا، وإنما اختلفت قول ابن القاسم في تكرير اليمين في المرأة المعينة كإن تزوجت عليها فلانة؛ فهي طالق فتزوجها مرة بعد مرة.
وسمع القرينان: من نكح امرأة على إن نكح عليها، أو تسرر بغير إذنها، فأمرها بيدها، فأذنت له، فأقام يطلب النكاح، فرجعت عن إذنها، ولم يعقد نكاحاً قال: ذلك يختلف إن أسقطت شرطها فذاك، وإن أشهدت له بذلك في امرأة واحدة؛ فذلك له.
ابن رشد: مضى استيفاؤها في سماع ابن القاسم.
قلت: هو سماعه: من قال لامرأته: إن نكحت امرأة، أو تسرر جارية، ثم طلق المرأة، وباع الجارية، ثم أراد أن يتزوجها أو يتسرى؛ فلا مرأته منعه ذلك ما لم تأذن له بذلك، ولا رد لها إن أذنت له ينكح، أو يتسرر حتى يفارق.
ابن رشد: لم يوجب عليها اليمين أنها لم تأذن إلا في تلك المرأة بعينها مرة واحدة، ولم تسقط شرطها، وهو خلاف سماع عيسى، والقولان على الخلاف في لحوق يمين التهمة، ولو حقق عليها دعوى إسقاطها شرطها؛ حلفت اتفاقاً.
وقوله: لا رد لها إذنها، فسوى بين الزوجة والجارية.
وقال ابن حبيب: لها أن ترجع في إذنها، والرضى في الجارية متى شاءت؛ لأن التسرر أمر مؤتنف.
قال: وكان القياس ألا يطأ إلا بإذن مؤتنف لكل وطأة، والاستحسان إجزاء إذن واحد حتى تحدث المنع.
وحكى الفضل عن ابن القاسم مثله، ولو أرادت بعد تزويجه وتسريه بإذنها أن تقضي في نفسها لم يكن لها ذلك اتفاقا؛ لأنه لم يوجب لها التمليك إلا بفعله ذلك بغير إذنها.
وحكى ابن حبيب أنه قيل: لها القضاء وإن نكح بإذنها؛ لأنها أذنت قبل أن يصير القضاء بيدها، وهو غلط ظاهر، إنما الخلاف إن قال: إن نكحت عليك؛ فأمرك بيدك، ولم يقل: إلا بإذنك، فأرادت القضاء في نفسها بعد أن نكح بإذنها، فسمع أصبغ أشهب: لها ذلك، وقاله سحنون في المجموعة، واحتج بمن سلم شفعته قبل الشراء، والمشهور ليس لها ذلك، وقاله أصبغ في سماعه وروايته عنه، وقاله مالك في رسم اغتسل من هذا السماع، وسمعه عيسى في كتاب التخيير، ونص أشهب في الموازية على الفرق بين ذكر:(إلا بإذنك) وتركه، وهو بين لا يفتقر لنص، ولا يفترق، وذلك عند مالك إن أذنت له فنكح؛ فلا قضاء لها في الوجهين، ولو أذنت له إذنا مبهما لم تقل فيه متى شئت، فقال مرة: له أن ينكح متى شاء، ومرة: منعه ألا بقرب إذنها على الخلاف في كون الأمر المطلق على الفور أو التراخي.
ولو أذنت له في النكاح، ثم رجعت قبل نكاحه ابن حبيب: لها ذلك.
وسمع أشهب: منعها ذلك، وسمعه أصبغ من ابن القاسم، وحكاه فضل عنه وعن غيره.
وسمع عيسى ابن القاسم: من نكح على إن لم ينفق عليها ما يصلحها؛ فأمرها بيدها، فقصر عت نفقة مثلها بعد مدة، فرضيت ذلك، ثم بدا لها، فأرادت أن تختار؛ فسخ نكاحه قبل البناء وثبت بعده، فإن رضيت تقصيره في نفقتها؛ فلا قول لها بعد ذلك؛ لأن هذا فعل واحد كمن قال: إن لم أقضك بقية مهرك إلى أجل كذا؛ فأمرك بيدك، فأتى الأجل، ولم يقض، فأقامت معه يصيبها، ولم تقض شيئا؛ فلا قضاء لها بعد ذلك.
ابن رشد: فسخه قبل البناء وثبوته بعده مع بقاء شرطها ليس بمعتدل على أصولهم؛ لأن الشرط إن كان جائزاً؛ لم يفسخ النكاح كنكاح بشرط تمليك أو طلاق، وإن كان فاسداً يوجب فسخ النكاح قبل البناء لا بعده؛ انبغي سقوط الشرط، وردها
لمهر مثلها، وقوله هذا جار على قول سحنون في إيجاب الشرط الفساد.
وشرط عدم رحلته بها:
قال المتيطي: هو أن لا يرحلها من حضرة كذا إلا برضاها، فإن رحلها كارهة؛ فأمرها بيدها، وإن رحلته بطوعها، ثم سألته الأوبة لوطنها، فلم يرجعها من يوم سألته ذلك لانقضاء ثلاثين يوما؛ فأمرها بيدها، وعليه مؤنة رجوعها إن طلقها حيث رحل بها، أو طلقت نفسها بشرطها، وهي باقية على شرطها كلما رحلها بإذنها، وعدم هذا الشرط يبيح له رحلته بها حيث شاء إن كان مأموناً محسنا لها لم يتقدم منها تشك بضرره.
وسمع القرينان: من أراد الخروج بامرأته لموضع زعم أنه أرفق به، وأبت امرأته، نظر لصلاحه وإحسانه إليها؛ ليس له أن يخرج بها، ثم يطعمها شوك الحيتان.
ابن رشد: هو محمول على ما يوجب له الخروج بها حتى يعلم خلافه، هذا ظاهر قولها في إرخام الستور، والحر في هذا بخلاف العبد، قاله ابن القاسم في رسم الجواب من طلاق السنة.
قلت: هو قوله: ليس للعبد أن يظعن بامرأته حرة أو أمة إلا لما قرب جدا كبعض الريف الذي لا يخاف فيه ضيعتها، ولا أعلمه إلا قول مالك، وفي أول نكاحها الثاني مثل ما في إرخاء الستور.
قلت: وهذا بشرط أمن الطريق والموضع المنتقل إليه، وجرى الأحكام الشرعية فيه على وجهها.
المتيطي عن بعض الموثقين: إن علم حسن حاله، وأراد إخراجها وامتنعت؛ فقال الشيخ أبو القاسم: تسقط عنه نفقتها.
قال: وأرى أن تجبر على الخروج معه، ونحوه لابن عبد البر، فإن ثبت الشرط؛ لم يخرجها إلا برضاها، ولو كان مأمونا، فإن أكرهها على النقلة؛ فلها الأخذ بشرطها، فإن ادعى طوعها وأكذبته؛ فعليه البينة وإلا حلفت، وأخذت بشرطها، قاله ابن جبيب.
قال بعض الموثقين: وهو كقول مالك في المملكة: تدعي أنها قضت في المجلس، ويكذبها الزوج؛ فالقول قولها وعليه البينة.
قلت: لا يمين على المملكة بخلاف الأولى.
المتيطي في مختصر الوقار الكبير: إن غاب عنها، وقطع نفقتها، فاضطرها ذلك للخروج إليه× فلها الأخذ بشرطها كإكراهه إياها.
قلت: مثله للشيخ من رواية محمد، وسماع أشهب بقيد كون غيبته، وقطعه نفقتها اختيارا، وفائدة كتب (إن أخرجها بطوعها، ثم سألته رجوعها) إلخ رفع الخلاف، فلو لم يكتب وأخرجها برضاها، ثم سألته رجوعها لمحلها، ففي وجوب ذلك عليه، فإ، لم يفعله؛ كان لها الأخذ بشرطها مطلقاً، وعدمه ثالثها: بعد حلفها ما خرجت تركا لشرطها؛ لروايات ابن القاسم قائلاً: لا يعجبني وجوبه عليه.
قلت: ولابن رشد: ثالثها: بشرط لا تطوعا لسماع عيسى ابن القاسم وسحنون عنه وسماعه عيسى.
ابن فتوح عن ابن القاسم: إن سألته رجعتها بعد إخراجه إياها برضاها؛ فعليه ذلك، ويلزمه ألا يخرجها إلا لما يقدر على ردها منه.
المتيطي وابن فتوح: كتب (لانقضاء ثلاثين يوما) غير لازم؛ إنما هو توسعه للزوج ليروي فيه أمر سفره، وينظر في شد متاعه، وثقله لو لم يحد في الشرط أجلاً، وقال: إن لم يردها؛ فأمرها بيدها وسألته ردها، وأبي ورفعته للإمام؛ لم يبلغ في التليوم عليه أكثر من ثلاثين يوما، فإن انقضت الثلاثون يوما، ولم يضر بها؛ طلقت نفسها بشرطها، فإن منعه من ردها؛ فتن أو هول بحر حائل بينه وبين محل ردها حتى انقضى أمد التلوم.
قال ابن فتحون: لا أعلم لأحد من أهل العلم فيه قولا، وعندي أنه لا قضاء لها عليه؛ لعذره بما غلب عليه، فإن أخذت بشرطها أساءت ونفذ، والطلاق أولى ما احتيط له، ولو رفعها الزوج للحاكم رأيت أن يمنعها حتى يزول عذره، ويقيم بعد زواله قدر ما يمكن أن ينظر في أمره، فيكون لها القضاء.
قلت: انظر إن قضت بعد منعها الحاكم القضاء، والأظهر، إن حكم بمنعها، نفوذه، وإن حكم بزوال ما بيدها تلك المدة؛ لم ينفذ كمن حلف بالطلاق ليقتلن زيداً.
المتيطي: وكتب عليه مؤنة رجوعها؛ لأنه إن ترك وطلقت نفسها بشرطها أو طلقها هو؛ فمؤنة ردها عليها.
قال بعض الموثقين: لا أعلم من جعلها على الزوج إلا قول ابن العطار في وثائقه
قال في هذا الشرط: وعليه مئونة نقلتها ذاهبة وراجعة؛ وإنما ذكرت ذلك لما قيل: إن مؤنة النقلة عليها إن طلقها هناك، فدل أن المشهور كون المؤنة عليه، ولم أره لغيره، وفي تلك الزيادة أيضا أن مؤنتها عليه في ذهابها معه، وهذا مما لا يشك فيه أحد أنه عليه دون شرط؛ فلا معنى لاشتراطه.
قلت: بعض الموثقين هو ابن فتحون.
المتيطي: وكتب (وهي باقية على شرطها) إلخ؛ لقول ابن القاسم في المدونة: من شرطت على زوجها أن لا يتزوج عليها إلا بإذنها، فأذنت له، فتزوج، ثم أراد تزويج أخرى فمنعته تحلف ما أرادت بإذنها؛ قطع شرطها فيما بعد ذلك، وتكون على شرطها.
وقال سحنون: هذه رواية ضعيفة، وهي على شرطها، ولا يمين عليها،
ورواه علي بن زياد وابن القاسم.
قال مع ابن فتحون: وإن شرط لها أن لا يرحلها من دارها ذكر موضعها وحدودها إلى آخر الشرط: فإن خرجت من ملكها؛ سقط شرطها، وحكم خروجها برضاها، وطلب ردها كما مر.
قلت: كراء الدار من يوم تطلبه به مع بقاء حكم شرطها، واستيفاؤها في فصل السكني.
قال ابن العطار: لا يكتب في شرط نكاح العبد عتق أم ولده ولا سريته، ولا شرط المغيب، ولا السكني؛ إذ ليس يلزمه ذلك.
ابن الفخار: هذا غير صحيح لجواز عتقه، والزوجة في عصمته؛ فيلزمه ذلك، وقد سأل عبد مالكا أنه حلف بحرية جارية إن اشتراها، فنهاه عن ذلك.
قلت: هذا قولها في العتق الأول والإيلاء، وكراهة مالك شراءها حجة لابن العطار لا لابن الفخار فتأمله.
ومن وكل من يزوجه بألف امرأة أو فلانه بها، فزوجه بألفين، ولا بينة بما به، وكل ولا بما به زوج، ولم يبن فإن رضي أحدهما بدعوى الآخر دون تقدم إنكار من الزوج أقر النكاح به، وإلا حلف الزوج ما أمره بألفين، وسقطت دعواها، ثم إن رضيت بألف تم به، وإلا حلفت وسقطت دعواه، وفي صحة رجوع أحدهما لقول الآخر قبل الفسخ
نقلا ابن سعدون عن ابن القاسم وسحنون، ومن نكل منهما دون صاحبه؛ لزمته دعواه، وإن نكلا؛ ففي لزوم قول الزوج، وكونه كحلفهما قولا مالك وابن القاسم مع شريح.
الصقلي عن ابن القاسم: إن أقر بما زوجه به ورضيه بعد إنكاره إياه قبل البناء، فإن كان فسخا لفعله؛ لم يجز ولو قرب إلا بعقد جديد، وإن لم يكن ردا كقوله: أكثرتم علي، أو ما أحب هذا، وما أراني أرضى وشبهه؛ فلا بأس بإجازته، ولو طال الأمر دون علم رضى ولا سخط؛ لم يجز إلا بعقد جديد إن لم يجزه حين علمه ولا يتوارثان، وما قرب؛ توارثا فيه استحسانا.
قال ابن حارث: روى أبو زيد عن ابن القاسم: أنه كسيد عبد أنكر نكاحه بغير إذنه ثم أجازه.
ولو قال الوكيل: أغرم الألف الزائد؛ ففي لزومه الزوج قولان، لنقل ابن شاس مع ابن بشير، ولها مع الأكثر عن المذهب.
اللخمي: إن قال الوكيل: لا أريد منه عليه؛ بل دفع معرة رد فعلي، أو مشقة الفراق على الزوجة رعيا لا بها وشبهه، والمرأة معينة مطلقا أو مبهمة، ومهر مثلها ألف قبل قول الوكيل، وكذا يفصل في إسقاط المرأة الزائد.
قلت: ظاهر قولها: إلا أ، ترضى المرأة بألف، فيثبت النكاح؛ عدم التفصيل فيها، وهو الأظهر؛ لأن إسقاطها يوجب كون مهرها الباقي بخلاف دفعه الزوج.
وقال ابن عبد السلام: قال بعضهم: إن أقر الوكيل بالتعدي؛ لزمه، وفيه نظر من وجهين؛ لأنه لم يفوت بتعديه شيئا، ولو لزمه ذلك بلإقراره؛ للزمه في قيام البينة، واللازم باطل والملازمة بينة.
قلت: إن أراد ببعضهم غير اللخمي؛ فلا أعرفه لغيره، وإن أراد به اللخمي؛ فقد ترك من كلامه ما يمنع ما ذكره من التعقب، وهو قول اللخمي: لأن الزوج يقول له: أوجبت علي يمينا تعديا، واليمين تشق على الناس؛ فعليك غرم ما أدخلتني فيه.
قلت: وهذا يبطل تمسكه في تعقبه بعدم تفويته بتعديه شيئا لبيان اللخمي موجبا غير ذلك، وهو إيجاب تعديه دخول مشقة الحلف عليه، ويبطل تمسكه بقياس التلازم
الذي زعم أن الملازمة فيه بينة؛ لأن قيان البينة تمنع توجه الحلف عليه، وتوجهه هو الموجب للغرم لا غيره، فينتفي الغرم بانتفائه.
ولعبد الحميد عن التونسي: إن أقر بالتعدي؛ لم يلزمه شيء إلا أن يدعي عليه الزوج أن ما زاده حمل منه عنه، فقد يكون له ذلك على قول أصبغ في الخامس من البيوع.
قلت: لا وجه لتخصيص كون ذلك له بأصبغ؛ لأنه حينئذ دعوى معروف، وأصل المذهب في المدونة وغيرها توجهها، وإن بنى وأنكر الكيل العداء، فقال الصقلي عن الموازية: يحلف الزوج ما أمره إلا بألف، وما علم بما زاده الوكيل إلا بعد البناء، فإن نكل؛ لم يغرم حتى تحلف المرأة أن عقدها بألفين لا على أن الزوج أمره بهما، فإن حلف الزوج؛ فلها أن تحلف الوكيل ما أمره بألفين، فإن نكل؛ غرم الألف.
أصبغ: إن نكل الزوج فغرم؛ فله أن يحلف الرسول، فإن نكل؛ غرم.
محمد: هذا غلط، لا يمين على الرسول، إن أقر بالعداء؛ لم يكن بد من يمين الزوج، وقد نكل عنها.
الصقلي: يريد محمد: لابد من يمين الزوج على أنه ما علم بما زاد إلا بعد بنائه، فنكوله عنه يوجب غرمه.
أصبغ: هذا فيما يشبه كونه مهراً، وإن كان دون مهر مثلها، فإن لم يشبه كخمسة دنانير في ذات المنصب والقدر واليسر، حلف قبل البناء، وإن بنى؛ لزمه مهر مثلها على تزويج التحقيق والقريب المواصل.
وذكر اللخمي قولي الموازية وأصبغ في القسم الثالث وهو: إذا قامت البينة على عقد التوكيل دون عقد النكاح، فقال بعد ذكره قول أصبغ: قال محمد: لا يمين عليه؛ لأنه لو أقر بالعداء؛ لم يكن عليه حجة إلى آخر كلام محمد المتقدم، ثم قال: صفة يمين الزوج قبل البناء ما أمره بألفين فقط، ويختلف في صفة يمينه بعده، فقال ابن القاسم في الموازية: يحلف ما أمره إلا بألف، وما علم افتياته عليه إلا بعد البناء، وعلى هذا لا يضر الرسول إقراره بالعداء؛ إذ بنكول الزوج؛ سقط مقاله عن الرسول؛ لأن يمين الزوج يمين تهمة لا ترجع، ويصح أن يقال: لا يحلف أنه ما علم؛ لأنها يمين تهمة ولا علم
للزوجة بعلمه، ولا تدعي أن ذلك بلغها عنه، وإن أنكر الرسول قبل البناء وغرم الزوج لأجل نكوله؛ فلا يمين له على الرسول كما قال محمد؛ لأنه يقول: أنت برئت باليمين للزوجة، وإذا صار المقال بيني وبينك؛ فأنا المبدأ، فإن نكلت؛ ردت عليك اليمين، فإن نكلت؛ لم يكن لك شيء وقد نكلت، ويصح قول أصبغ على أحد قولي ابن القاسم مع غيره.
ومالك في الآمر يقول: أمرتك بشراء قمح، ويقول المأمور: بل بتمر كما فعلت؛ أن القول قول الآمر.
قلت: سبب الخلاف في عدم توجه الحلف على الوكيل الخلاف في وجوب حلف الزوج على عدم علمه بالعداء أو عدمه.
وقال ابن بشير: سببه هل يمين الزوج على تصحيح قوله فقط، أو عليه وعلى إبطال قول الرسول، فعلى الأول؛ يعد مقراً فلا يحلف الرسول، وعلى الثاني يحلف الزوج، ويلتفت في هذا؛ لكون النكول كالإقرار، فلا يحلف الرسول أو لا فيحلف.
قلت: في هذا الإجراء نظر؛ لأن الحلف على مجرد الدعوى دون شاهد بها، ولا دليل، ولا نكول المدعى عليها أصول المذهب تأباه، وكون النكول إقرارا لا يعرف إلا في يمين التهم، وإن قامت البينة بالعقدين، فإن تراضيا بأحدهما؛ تم به، وإلا فإن لم يبن؛ تفاسخا، وإن بنى؛ ففي كون الواجب لها ألفين أحدهما على الرسول، أو ألفا من الزوج فقط، ثالثها: عليه مهر المثل، وتمام الألفين على الوكيل، ورابعها: على الزوج مهر المثل إن كانت معينة، ويسقط الزائد، وإن كانت مبهمة؛ فعليه ما أقر به، وتمام مهر المثل على الوكيل، وعسره يوجبه على الزوج، ويتبعه به.
للخمي عن ظاهرها، ومختصر ما ليس في المختصر، وعبد الملك واختياره قائلاً: إقرار الوكيل بعقده بألفين كقيام البينة به، ولا يمين عليها للزوج قبل البناء؛ إذ لا علم له بباطن قولها، وإن قامت البينة بالأول فقط؛ اللخمي: إن كذبها الوكيل، ولا بناء فإن حلفت على دعواها، أو نكلت ونكل الوكيل؛ خير الزوج في قبول قولها وفراقها، وإن حلف الوكيل لنكولها؛ لزمها العقد بألف.
ابن بشير: إن قامت البينة بالأول فقط، حلفت أن العقد بألفين، وخير الزوج في
قبوله بألفين أو فسخه، وإن نكلت؛ لزمها العقد بألف دون يمين على الزوج إن لم يدع تحقيقا بما عقد عليه، وإلا فبعد يمينه، فإن بنى؛ فقال اللخمي: إن كان مهر مثلها ألفا؛ فلا قول لها على الزوج، ولا على الرسول على المستحسن من القول، وإن كان ألفين وحلفت؛ ففي غرم الألف الثاني الوكيل أو الزوج قولان على قولها، وقول عبد الملك: وإ، نكلت؛ فلا يمين لها على الزوج؛ لأن يمينها معه يمين تهمة لا ترجع، وحلف الوكيل، فإن نكل؛ غرم الألف.
ابن بشير: لا شيء على الزوج غير الألف، ثم إن أقر الرسول بالعداء، فيختلف هل يغرم حسبما مر، وإن أنكر؛ ففي غرمه يحلف للزوجة، فإن نكل وحلفت؛ استحقت، وعلى عدم غرمه لا حلف عليه، وإن أقامت البينة بالثاني فقط؛ فللخمي: إن أكذب الوكيل الزوج حلف، وخيرن في الرضا بالألف أو فراقه، فإن نكل؛ لزمه ألفان، ثم في تحليف الرسول قولا أصبغ ومحمد بن بشير: إن نكل، فإن حققت المرأة عليه الدعوى؛ حلفت وإلا فلا.
ونقل اللخمي: وبناؤه على أن اليمين بين الزوجين يمين تهمة.
وقال ابن بشير: من ادعى منهما على الآخر تحقيقا؛ اعتبر، ومن بنى منهما منفرداً بعلم اعداء؛ لزمه دعوى صاحبه، ولو علما به مع علم كل منهما على الآخر أو علمت علمه لم يعلم علمها؛ لزمه ألفان وعكسه ألف، ولو لم يعلم أحدهما علم الآخر، فقال اللخمي: ظاهرها ألفان، والقياس ألف ونصف لإيجاب تعارض علميهما قسم ما زاد على ألف.
المتيطي: وترجع فيه.
ابن محرز: وثبت على أن ليس لها إلا ما سمى للزوج، وإليه مال اللخمي.
وفي كون الفرقة بينهما بطلاق قولان لها، ولابن حارث عن سحنون مع المتيطي عن المغيرة.
المتيطي: إن زوج وكيل من وكله على نكاحه من معينة بمهر مسمى، أو بمبهم منها بالمسمى، أو بزائد على مهر مثلها لا يتغابن به إن لم يسم المهر؛ لزمه، وكذا على إنكاحه من امرأة مبهمة إن زوجه ممن تليق به، وإلا لم يلزمه.
قلت: ظاهره: إن زاد على المسمى شيئاً؛ لم يلزمه.
وفي ثاني سلمها: من أبضع مع رجل في شراء جارية وصفها له أربعين دينارا، فاشتراها بزيادة دينارين، أو ما أشبه أن يزاد على الثمن؛ لزمه.
وسمع عيسى ابن القاسم: من زوج من وكله على تزويجه امرأة بعينها دون تسمية مهر بعبد للموكل إن سخطه؛ فسخ نكاحه، ولا شيء له، ولو زوجه بمهر مثله عينا؛ لزمه كالشراء في الوجهين، ولو طلق قبل رده النكاح؛ لزمه نصف العبد.
ابن رشد: قوله: إن سخطه؛ فسخ النكاح؛ يريد: بطلقة على ما قال آخر المسألة يدل أنه إن رضيه؛ جاز، وهذا بقرب العقد، وإن لم يعلم حتى بعد؛ تخرج جوازه إن رضيه على قولين، ولو أعلم الوكيل ولي المرأة بافتياته على موكله في عبده؛ فسد عقده لدخوله على أن للزج الخيار.
وسمع القرينان: من فوضت له وليته في إنكاحها كفؤا، فزوجها منه بأقل من مهر مثلها ما هو من عمل الناس.
ابن رشد: لا يلزمها اتفاقا إلا أن ترضى.
ابن عبد السلام: انظر لو رضي الزوج بعد أن أبت الزوجة بتمام مهر مثلها، والأقرب لزوم النكاح لها إن كان بالقرب.
قلت: الأظهر إن كان ذلك قبل إبايتها؛ لزمها، وإلا لم يلزمها، وهي جارية على مسألة مشهورة في كتاب الوكالة: إذا باع الوكيل بأقل من الثمن، فرضي المبتاع بإتمام الثمن، وتقدم في فصل الكفاءة تلقي الشيخ بالقبول.
نقل ابن حبيب عن المذهب خلاف نقل المتيطي وابن فتحون: إن زوجه بما لا يتغابن في مثله؛ فالابن مخير بعد بلوغه، ورشده ما لم يبن.
وفيها: إن أسرا مهرا وأعلنا مهرا؛ أخذا بالسر إن أشهدوا عليه عدولا.
أبو حفص: هذا إن أعلما البينة أنهما يعلنان أكثر.
عياض: إن أضهدا أن المعلن ليس بمهر؛ فلا يمين على الزوج، ولو أشها بخمسين، ثم أعلنا مائة؛ لزمته اليمين.