المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[باب متى يسلم المهر الحال للزوجة] - المختصر الفقهي لابن عرفة - جـ ٣

[ابن عرفة]

فهرس الكتاب

- ‌[كتاب الجهاد]

- ‌[باب الرباط]

- ‌[باب الديوان]

- ‌[باب الأمان]

- ‌[باب ما يثبت به الأمان]

- ‌[باب المهادنة]

- ‌[باب الجزية المعنوية]

- ‌[باب الجزية الصلحية]

- ‌[باب الاستيمان]

- ‌[باب ما ملك من مال كافر]

- ‌[باب الفيء]

- ‌[باب في النفل]

- ‌[باب في السلب]

- ‌[باب الغلول شرعاً]

- ‌[كتاب النكاح]

- ‌[باب صيغة النكاح]

- ‌[باب ولاية عقد النكاح]

- ‌[باب في النكاح الموقوف]

- ‌[باب العاضل في النكاح]

- ‌[باب الكفاءة]

- ‌[باب مانع النسب في النسب]

- ‌[باب مانع الصهر]

- ‌[باب في تحريم الجمع في النكاح بين المرأتين]

- ‌[باب النكاح المحلل المطلقة ثلاثًا لمطلقها]

- ‌[باب نكاح المطلقة ثلاثًا]

- ‌[باب الرق المانع من النكاح وقتا ما]

- ‌[باب الخنثى]

- ‌[باب الجب]

- ‌ باب الخصي [

- ‌ باب العنين [

- ‌ باب الحصور [

- ‌ باب الاعتراض [

- ‌ باب عيب المرأة في النكاح [

- ‌[باب شروط الصداق]

- ‌[باب الشغار]

- ‌[باب الشرط الذي يبطل في النكاح]

- ‌[باب في نكاح التفويض]

- ‌[باب في نكاح التحكيم]

- ‌[باب المعتبر من مهر المثل]

- ‌[باب متى يسلم المهر الحال للزوجة]

- ‌[باب البراءة لمشتري الجهاز]

- ‌[باب فيما يوجب كل المهر للزوجة]

الفصل: ‌[باب متى يسلم المهر الحال للزوجة]

بها يظنها زوجته هل يتعدد المهر أم لا؟.

قلت: إن كان المعتبر في وحدة الشبهة وحدتها من حيث وحدة سببها بالشخص تعدد المهر، وإن كان من حيث وحدته بالنوع الحقيقي لم يتعدد، والأظهر من مسائل تعدد الفدية، الأول والله أعلم.

[باب متى يسلم المهر الحال للزوجة]

وتسليم حال المهر: يجب للزوجة بإطاقتها الوطء، وبلوغ زوجها، وفي كون إطاقته إياه قبل بلوغه كبلوغه روايتا اللخمي مصوبًا الثانية.

قال: والمعين كالمعين بالعقد، ولو كانا صغيرين.

ابن حارث: اتفاقًا في الكبيرين، واختلف إن كان أحدهما صغيرًا.

ابن حبيب: ككبير.

سحنون: إن شرطت زوجة الصغير البالغة قبض مهرها العبد، وإلا لم يجز.

قلت: فلو وجب تعجيله ما أفسد عدم شرطه، وهو في الصغيرين أحروي.

اللخمي: عنن مالك المريضة كصحيحة.

ابن قاس: ما لم تكن في السياق.

سحنون: ما لا منفعة له فيها لمرضها كصغيرة.

وفيها لمالك: إن كان مرضها يقدر على الجماع فيه؛ لزمته النفقة.

وفيها: بعده قلت: إن مرضت مرضًا لا يقدر الزوج فيه على وطئها قال: بلغني عن مالك مما أثق به لها دعاؤه للبناء إلا أن تكون في السياق، ولم أسمعه منه.

عياض: ظاهره: الخلاف لشرطه أولًا إمكان الوطء وعدمه ثانيًا، وعليه حمله

ص: 501

اللخمي، وحمله غير واحد، والمختصرون على الوفاق.

قلت: وقول أبي حفص: لو كان مريضًا؛ لم تلزمه نفقة، وقول من فرق بين مرضها ومرضه ضعيف.

قلت: هذا خلاف نصها.

قال مالك: الزوج المريض الذي لا يقدر على جماع كصحيح، وذات العيب الحادث بعد العقد المانع جماعها كصحيحة لقولها ذلك في الجذام.

وفيها: من رضي زوجها بعيبها القديم كصحيحة.

ابن عبد السلام: قول ابن الحاجب: (المريضة كصحيحة)؛ يحتمل أن يريد غير التي بلغت السياق كما في النفقة، ويحتمل أن يريد العموم، والفرق بين المهر والنفقة أن النفقة مقابلة للاستمتاع، وهو من البالغة حد السياق متعذر، والصداق لا يصلح كون المرض مانعًا منه؛ لأن قصاراه الموت، والموت موجب للصداق لا مانع منه.

قلت: يمنعه إرثه نصفه أو ربعه، وظاهر متقدم لفظها أن المهر كالنفقة.

وفيها: لابن القاسم: المهر في هذه المسائل أوجب من النفقة، وفي كون مؤجل حل قبل البناء كحال، وتمكين الزوج من البناء قبل دفعه وتطلبه به.

رواية اللخمي، ونقله عن ابن عبد الحكم، وصوب قول السليمانية له: البناء ولو أعسر به لرضاها بتلسيم نفسها على اتباع ذمته قائلًا: لو حل ثمن سلعة على معسر قبل دفعها؛ فلبائعها حبسها بخلاف النكاح؛ لأن له أخذها في فلسه، ولو بنى الزوج ثم أعسر؛ لم يكن لها منع نفسها.

وعزا ابن رشد الأول لدليل سماع ابن القاسم، ودليل قول ابن حبيب، وقولها والثاني لنص فضل عن يحيى بن يحيى قال: وهو أشبه برواية ابن سحنون عن أبيه.

المتيطي: الأول رواية محمد ومشهور قول مالك وأصحابه، والثاني رواية ابن وهب والواقدي ونحوه في المنتخبة، وهو قول سحنون.

قال ابن عبدوس عنه: لا يحل الكالئ إلا بالدخول، ولو حل أجله.

قال بعض الموثقين: قال بعض الفقهاء: لا يكلف الزوج وزن الكالئ، وإن كان موسرًا حتى يكمل أسبوعه بعد بنائه بها، فإن كان معسرًا اتبعته به قال: كأنه رأى أنهما

ص: 502

اتفقا حين العقد على بنائه بدفع المعجل فقط، فألزمها ذلك بعد حلول لمؤجل، ولم يتعقبوا قول سحنون بشيء.

وقال ابن الحاجب: ألزم الأجل المجهور، ورد بأن تمكنها من طلب البناء بنفس حلول الأجل يحقق توفيته به؛ فلا جهالة.

قلت: وهذا كبيع سلعة لأجل من معسر على حميل أو رهن، فإنه يحل بالأجل، ولا يصح طلب الحميل إلا بعد إثبات عدم الغريم، ولا بيع الرهن إلا بعد الرفع للحاكم، فلما لم يوجب وقف قبض الثمن على ذلك كون البيع لأجل مجهول، فكذا في النكاح، وهذا الجواب تام على ما نقله من تقدم عن سحنون ومالك، وأما على ما نقله ابن سهل عنه؛ فلا، ونصه في مسائل ابن حبيب: قلت لسحنون: متى يجب المهر؟ قال: لا يجب قبل الدخول ولا بعده إلا على قدر ما يرى الحاكم قد ينقد الرجل عشرة دنانير ومهره مائة، لو قيل له: تأخذك به ما رضي بسدسها؛ فإنما يكون حلوله إذا رأى الحاكم ذلك، ولا يكون قبل الدخول على حال، وإن كان في الكتاب مهرًا حالا لها عليه، قيل له: مالك يقول: الدخول يبطل الصداق إذا قال: دفعته، ولا يكتب الناس في الصدقات البراءات، فقال: جواب مالك على أنه عاجل، ولم يكن فيه مهر، والمهر عند الناس مؤخر ألا ترى أن الشاميين يقولون: المهر إلى موت أو فراق، وهو كان رأي المصريين انتهى.

قلت: فقول سحنون هذا لا ينهض فيه الجواب المذكور، وجواب بعضهم بأن زمن الدخول معلوم ضعيف؛ لأن كونه معلومًا خاص ببعض الأزمنة والبلاد، وقول سحنون عام فيهما، وفي وجوب القضاء بما حل قبل البناء قبله أو بعده، ثالثها: بعد انقضاء سابع بنائه، ورابعها: بعده بقدر اجتهاد الحاكم لمن تقدم ذكر كل منها عنه، وما نقله ابن سهل عن سحنون حجة لأحد قولي شيوخ بلدنا في اختلافهم في تمكين المرأة من طلب مهرها بعد البناء دون موت ولا فراق.

قال بعضهم: يقضى لها بذلك لكتبهم في الصدقات أنه على الحلول، وقال بعضهم: لا يقضى لها لاستمرار العادة بعدم طلبه إلا لموت أو فراق، فألزم كون أنكحتهم فاسدة فالتزمه، وكان شيخنا ابن عبد السلام في أول أمره لا يقضي به بعض ولاته

ص: 503

بالجزيرة، فشكا له به فأنبه، فقال له: إنما قضيت به؛ لأن الزوجة وهبته، فقبل ذلك منه، ثم بعد ذلك كتب لبعض قضاته بالقضاء به مطلقًا كدين حال، وكان الشيخ أبو محمد الآجمي مدة قضائه يندب المرأة لعدم طلبه ويقول لها: إذا كانت المرأة لا مهر لها على بعلها زهد فيها ونحو ذلك، فإن لم تقبل ذلك مكنها من طلبه، وهذا إذا كان على الزوج، وإن كان على غيره؛ فلا يختلف في تمكينها من طلبه، ونحو رواية ابن حبيب عن سحنون في لغو كتب ما تقرر به العرف بخلاف ما في كتاب الحمالة منها.

قال ابن القاسم: ولو شرط مبتاع السلعة خلاصها في الدرك، وأخذ منه كفيلًا بذلك؛ بطل البيع، ولولا أن الناس كتبوا ذلك في عقود الأشربة لا يريدون به الخلاص، ولكن تشديدًا في التوثق؛ لنقضت به البيع.

والروايات والأسمعة: كراهية البناء قبل نقد ربع دينار.

ابن رشد: خوف أن تهب له المهر، فيعرى البضع عنه.

قلت: هذا علة دليل الحكم، ودليله: ما أشار إليه اللخمي بقوله: روي عن النبي صلى الله عليه وسلم: "أنه أمر رجلًا ألا يبني بامرأته حتى يعطيها شيئًا"، وقال ابن عمر وابن شهاب، ولفظ ما ذكره من الحديث لا أعرفه من كتب الحديث، وفي النسائي عن علي رضي الله عنه قال:"تزوجت فاطمة فقلت: يا رسول الله ابن لي، فقال: أعطها شيئًا، فقلت: ما عندي شيء. قال: فأين درعك الحطمية. قلت: هي عندي. قال: فأعطها إياها" وصححوه.

ابن رشد: ولم يكرهه ابن المسيب.

قلت: وفي حديثي أبي داود ما يؤيده، ذكرهما عبد الحق، وعلل الثاني منهما.

وسمع القرينان: من استحق مهرها بعد البناء؛ منع منها زوجها حتى تقبض مهرها.

ص: 504

ابن رشد: يحتمل كون منعه لحقها أو لحق الله، والأول أصح في المعنى، والثاني أظهر في اللفظ، ونحا إليه محمد، وقيل: لا يمنع بحال وتتبعه بمهرها.

وروى الدمياطي عن ابن القاسم: لو غصبها نفسها قبل قبضها مهرها؛ أدب ومنع منها حتى يعطيها مهرها بخلاف إذا أذنوا له في الدخول عليها ليراها فوطئها، والخلاف إنما هو إن لم يغرها، ولو علم أن المهر مسروق، فغرها كان من حقها منعه على ما قاله بعد هذا، وكما في المكاتب يغر سيده بما قاطعه به أنه يرد في الرق.

وسماع عيسى في الغرور: أنه إن بنى بها لم يمنع منها، معناه: إن رضيت بتماديه على وطئها، واتباعها له بمهرها، وكان الشيوخ يحملونه على ظاهره أن ليس لها منعه لفوات الأمر بالبناء.

وقال محمد: معناه: إن بقي بيدها من المهر ربع دينار فأكثر وإلا فلها منعه حتى يعطيها ربع دينار، وكل ذلك بعيد، ولو بنى قبل دفعه شيئًا بإذنها؛ فهل تماديه ومنعه كأول بنائه؟.

وسماع أبي زيد ابن القاسم مع سماعه عيسى وقول محمد: وفي كراهة دخوله، والمهر دين قبل قبضها منه ربع دينار روايتان.

وفي رفعها بالمهر سماع عيسى ابن القاسم، وتخريج ابن رشد على الأولى في الدين، وفي رفعها بحميل به نقل ابن القاسم عن بعض أهل الفضل وقوله.

ابن رشد: أضعفها الحميل، من أجازه به، فأحرى بالآخرين، وأقواها الدين من لم يجزه به، فأحرى بهما، وفي رفعها بالهدية نقل ابن رشد عن ابن حبيب مع رواية ابن نافع وسماع عيسى ابن القاسم.

وفيها: للمرأة منع نفسها حتى تقبض صداقها، فإن أعسر به الزوج قبل البناء؛ تلوم له الإمام، وضرب له الآجال، ويختلف التلوم فيمن يرجى له، ومن لا يرجى له، فإن لم يقدر عليه؛ فرق بينهما وإن أجرى النفقة.

قلت: يريد: المهر غير المؤجل، ولو كانت بكرًا، ففي استقلال الأب بالقيام بتعجيل البناء، وقبض المهر ووقفه على توكيلها إياه نقل المتيطي عن ظاهر قولها مع نقله عن بعض شيوخه: هو ظاهر المذهب، وأبى المطرف.

ص: 505

الشعبي: كما له جبرها على النكاح، واستقلاله ببيع مالها، وعن الفقيه المأموني قائلًا بتوكيلها، أو دعائها لذلك مع ابن عتاب وابن رشيق وغيرهما.

المتيطي وابن فتحون: يؤجل أولًا ستة أشهر، ثم أربعة أشهر، ثم شهرين، ثم يتلوم له بثلاثين يومًا، فإن أتى بشيء وإلا عجزه، وإنما حددنا التأجيل بثلاثة عشرة شهرًا استحسانًا، ويحضر الزوج لضرب أول آجاله، وفي إحضاره لضرب ما سواه دون إشهاد الحاكم بحكمه بضرب الأجل، ثالثها: ويشهد به، لعمل بعض القضاة قائلًا ليس علي إحضاره إلا في الأجل الأول، كما لو جمعتها عليه، وغيره محتجًا بأن الخصم قد يدعي أنه ما أجل غير الأول.

وابن فتحون محتجًا بأنه إن لم يشهد على حكمه به بطل بموته أو عزله، ولا يقبل قوله بعد عزله، ولا تفيد علامته على أداء شهود تأجيله، فيؤدي إلى استئناف نظر من ولي بعده فيطول.

اللخمي: في كون التلوم مرة بعد مرة على قدر ما يرى وحده بسنتين، ثم سنة، ثم شبهها، ثالثها: إن اتهم بإخفاء ماله؛ لم يوسع أجله، وإن بان عجزه عن المهر والنفقة؛ لم يوسع، وأخر الأشهر والسنة أكثره، لروايتها، ورواية محمد، وقول ابن حبيب، وأرى إن قامت قرب العقد أخر سنتين، وإن قامت بعد مضي السنتين والثلاث، فزيادة السنة وما قاربها حسن.

وسمع عبد الملك أشهب وابن وهب: كم يؤجل في المهر إن أجرى النفقة؟ قال: قال مالك: مرة سنتين أو ثلاثًا، ورأى ابن وهب ثلاثًا.

ابن رُشْد: معناه: إذا عجز عن المهر، وإن اتهم أنه غيب ماله؛ فلا يوسع له، قاله ابن حبيب إلا أنه قال: يتلوم له في المهر إذا جرى النفقة السنتين.

قال: ولو عجز عن المهر والنفقة؛ لم يوسع له في أجل المهر إلا الأشهر إلى السنة، وهذا إن طلبته بالمهر، ولم تطلبه بأجل النفقة، والتلوم فيها له، قاله محمد وهو صحيح، ولو كان له مال ظاهر؛ حكم عليه بدفع المهر، وأمر بالبناء.

قلت: الذي رأيته في العتبية: (ورأى ابن وهب ثلاثًا) بهمزة بعد الراء، ونقله ابن فتوح، وروى بواو بعد الراء.

ص: 506

وقال ابن القاسم في المدنية: لا أعرف سنة ولا سنتين؛ بل قول مالك مرة يتلوم له مرة بعد مرة، وإلا فرق بينهما، وإذا وقف الزوج لأداء المهر، وطلب طالبه سجنه لأدائه أو حميل به، وادعى العدم، فقال المتيطي وابن فتحون: العمل أنه كدين يؤجل لإثبات عدمه أحد وعشرين يومًا، قالا: وليس هذا التحديد بلازم؛ بل هو استحسان لاتفاق قضاة قرطبة وغيرهم عليه، وهو موكول لاجتهاد الحاكم، وجمعناها؛ لأنهم كانوا يجمعونها في حكم، ويفرقونها في حكم على ما يرونه، فإذا فرقوها؛ جعلوها ثمانية، ثم ستة، ثم أربعة، ثم يتلومون بثلاثة، فإذا ثبت عدمه؛ حكم بتأجيله.

وفي كون التلوم لمن لا يرجى له كمن يرجى له، وتعجيل طلاقه دون تأجيل، ثالثها: يضرب له الشهر والشهرين، ورابعها: إن كان ذا خلابة؛ فرق بينهما، وإن كان ذا هيئة وحال؛ أنظر، وخامسها: الثاني إلا أن يذكر وجهًا يرجى.

لعياض عن تفسيرها الأكثر، وفضل عن ابن القاسم مع تفسيرها بعضهم، ورواية ابن حبيب، واللخمي عن رواية ابن شعبان، واختياره.

وفي كون التطليق لعجزه بإيقاعه الزوج أو الزوجة، ثالثها: الزوج فإن أبى؛ فالحاكم لابن سهل عن أبي القاسم بن سراج، وابن عتاب في الطلاق لما هو من حق الزوجة مع استحسانه.

ابن ملك وابن فتحون: وفي لزوم الزوج بهذا الطلاق نصف المهر نقلا الصقلي عن ابن القاسم مع ابن وهب وسحنون وعن ابن نافع؛ لأن الفرقة من قبل الزوجة، وكذا من جن قبل البناء.

بعض القرويين: لا خلاف في المجنون؛ إذ لا يتهم، والمعسر يتهم بإخفاء ماله، وعزا المتيطي الأول أيضًا لأصبغ. قال: وبه العمل، والمذهب لا يطلق عليه بإعساره به بعد بنائه.

اللخمي: أرى إن غرها، فتزوجها بعبد لا شبهة له فيه، ولا يد عليه، وبنى أن لها منع نفسها حتى تأخذ قيمته، وإن كان عديمًا؛ فرق بينهما.

وسمع القرينان: من طلب حين دفع نقد امرأته بناءه بها، وقال أهلها: حتى نسمنها، ليس له إدخالها عليه الساعة، ولا لهم تأخيرها؛ لكن الوسط من ذلك بقدر

ص: 507

جهازها وتهيئتها، قال الله تعالى:{قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا} [الطلاق:3].

ابن رشد: لأن تعجيلها وتطويل تأخيرها إضرار؛ فالوسط عدل.

قال صلى الله عليه وسلم: "خير الأمور أوساطها"، وإذا وجب تأخير من حل عليه حق بقدر ما يهيئه وييسره، ولا تباع عليه عروضه بالغًا ما بلغ لحينه، فالمراة أولى أن تؤخر.

وفي سماع أصبغ وظاهره لأشهب: سئل عمن تزوج بشرط أن لا يدخل خمس سنين. قال: بئس ما صنعوا الشرط باطل، والنكاح ثابت، وله البناء قبل ذلك.

أصبغ: مالك يقول: إن كان لصغر أ، لظعون؛ فلهم شرطهم، وقول مالك إنما يشبه اشتراط تأخيرها، وما هو بالقوي إذا احتملت الوطء.

ابن رشد: قوله: (الشرط باطل والنكاح جائز)؛ صحيح على مذهب مالك في الشروط التي لا تفسد النكاح لا تلزم إن لم تقيد بتمليك أو طلاق، وما ذكره أصبغ عن مالك من لزوم الشرط إن كان لصغر أو ظعون معناه في السنة ونحوها كذا في المدونة، ويريد بالصغر الذي يمكن معه الوطء ولو كانت في سن من لا توطأ كان من حق أهلها منعه البناء بها حتى تطيق الوطء، قاله في المدونة، ولما كان البناء قد يحكم بتأخيره إذا دعت إليه الزوجة كما في سماع أشهب ألزم مالك الشرط فيما قرب من المدة، وهي السنة؛ لأنها حد في أنواع كثيرة؛ منها العنين يؤجل سنة، والجراح يتربص بها سنة، وعهدة الجنون والجذام والبرص سنة وأشباه كثيرة.

وقول أصبغ: ما ذلك بالقوي إذا احتملت الوطء، يريد: ليس قياسًا؛ بل استحسانًا، وذكر الصقلي مثل سماع أصبغ في الموازية عن ابن وهب وروايته.

ابن عات: عن بعض المفتين: إن طلب البناء وأبوها قريب الغيبة كتب له، فإن أجاب له بإباية لما يؤخر في إصلاح جهازها انتظر، وإن لم يجب أو بعدت غيبته؛ لم ينتظر.

المشاور: إن مطل الأب الزوج بالبناء، فحلف ليبنين الليلة بعتق أو طلاق قضي

ص: 508

له، وسمعت بعض قضاة شيوخنا يحكيه لا بقيد المطل.

وقبض مهر الرشيدة لها لا لوليها: إلا لتوكيلها إياه عليه.

اللخمي: لأنها المسلمة للعوض ووليها وكيل على عقد التزويج فقط، وكذا من وكل على بيع سلعة، ولم يسلمها للوكيل مالك السلعة يسلمها، وهو يقبض ثمنها.

وفيها: إذا قبضه الأب لابنته الثيب بغير إذنها، ثم ادعى تلفه ضمنه.

ابن محرز: قال سحنون: لا أدري لم ضمنه إن كان رسولًا؛ فهو أمين، وإن كان اقتضاء؛ فليس بوكيل.

عياض عن ابن القاسم فيها: إنما ضمنه مالك؛ لأنه متعد في قبض المهر؛ إذ لم توكله على قبضه كقبضه دينًا لها بغير أمرها لا يبرئ الغريم، والأب ضامن، وتتبع الزوج، قال: واعترض سحنون تضمينه بأنه ليس بوكيل، فيأخذه على الاقتضاء، وإن كان رسولًا؛ لم يضمن.

قلت: ظاهر لفظ ابن محرز في تعقب سحنون: أن الاقتضاء في فعله متصور، ولكنه يوجب عدم ضمانه؛ أي: لا يوجب ضمانه، وظاهر لفظ عياض نفي تصوره، والحق إن فسر الاقتضاء بمجرد طلب قبض الشيء، فالأب مقتض، وإن فسر به مع كون القابض بحيث يتوجه له طلب ذلك الشيء، وينتفع به في نفسه؛ كاقتضاء الكفيل ما تكفل به، فالأب غير مقتض، ويظهر لنفي الضمان في الأولى وجه؛ لأن الدافع لا عذر له في الدفع؛ لعدم شبهة توجبه، فهو مسلط على ماله بخلاف الثاني؛ لعذه بشبهة كون المقتضى له عليه طلب يتوقع أو يظن حصوله.

عياض: وأجاب الشيوخ عن تعقب سحنون بأجوبة أصوبها ما نص عليه في الكتاب من تعديه بحبسه عنها، وقيل: لتعديه في قبض ما لم يجعل له قبضه، والزوج لم يرسله؛ بل دفعه على وجه الاقتضاء جهلًا وظنًا أن ذلك له.

قلت: يرد الأول بأنه إنما أوجب ضمان الأب بتعد منه بعد قبضه، فيلزم براءة الزوج منه، كما لو وكلته على قبضه، وتقرير الثاني: أن القبض بالفعل مسبب عن طلب الأب دون موجب، وهذا يناسب تضمينه، وعن إجابة الزوج اختيار، وهذا يناسب عدم تضمين الأب؛ لأن الزوج سلطه على ماله، واعتبار الأول أرجح؛ لأنه من قاعدة

ص: 509

(أن يفعل)، والثاني من قاعدة (أن ينفعل)، والأولى أقوى في السببية من الثانية.

وقبض مهر المجبرة لوليها:

وفيها مع غيرها: وقبض مهر اليتيمة لوصيها.

وفي سماع أصبغ ابن القاسم: قال أشهب وابن وهب: دعوى الأب تلف مهر ابنته البكر إن قبضه ببينة؛ فضمانه منها، وإلا فلا سبيل للزوج إليها إلا بغرمه.

زاد ابن وهب: ولا شيء على الأب وكله رأي أصبغ.

ابن رشد: قول أشهب وابن وهب: لا يبرأ الزوج من المهر بإقرار الأب بقبضه إن ادعى تلفه خلاف قول ابن القاسم في هذا السماع، وظاهر قول مالك فيها وفي غيرها: يبرأ الغريم من دين عليه بإقرار الوصي، والوكيل المفوض إليه بالقبض مع ادعاء التلف، ولا خلاف في براءة الزوج منه بعد البناء بإقرار الأب، أو الوصي بقبضه، وإن ادعى تلفه.

وذكر المتيطي من رواية محمد مثل قول أشهب وابن وهب قائلًا: ولا شيء على الأب، وصوبه القابسي وابن سعدون؛ لتهمة الأب على وضع المهر دون طلاق.

ابن محرز: فرق أبو بكر بن عبد الرحمن في الوصي بين المهر، وسائر الديون بأن الدين لا حق للمرأة فيه، والمهر عوض بعضها مالكة إذنها فيه لا يزوجها إلا برضاها، والأب لا شركة لها معه في بضعها، فقبل قوله فيه كسائر الديون، وكذا ذكر ابن حبيب عن ابن القاسم في الأب.

قلت: ظاهر قول ابن رشد: أن الوصي كالأب؛ ففي تصديقها ثالثها: الأب وعزوها واضح.

المتيطي: وعلى تصديق الأب في تلفه، فهل يجب حلفه عليه أم لا؟.

قال ابن العطار: وغيره يجب، ولو كان مشهور الصلاح لحق الزوج في التجهيز به.

قال بعض الموثقين: كان قبضه ببينة أو دونها.

قلت: كذا وجدته في غير نسخة ظاهر أول كلامه أن فيه الخلاف، ولم يذكر خلافا.

وفي سماع أصبغ: إن أقر بقبضه في مرضه اتهم أنه أراد به ابنته؛ كتحمله مهرها في مرضه هو وصية لوارث، ولو كان صحيحًا؛ اتبع به إن كان عديمًا.

ص: 510

ابن رشد: يريد: أقر وزوج في مرضه، وعلى مهرها في حال واحدة كقوله: أشهدكم أني زوجت ابنتي من فلان بكذا، وقبضته منه؛ فهو كتزويجه إياها في مرضه، وحمل مهرها، ويدخله الخلاف الذي في تزويجه إياها، وحمل مهرها في مرضه، ولو تأخر إقراره بقبضه في مرضه عن تزويجه إياها ولو في مرضه، فإن كان الزوج موسرًا؛ أتبعت به الأب في يسره وعسره.

وللزوج البناء عند ابن القاسم، وقال أشهب وابن وهب: إن لم يكن للأب مال؛ فلا سبيل للزوج إليها إلا بدفعه، وتتبع به الأب، وإن كان الزوج معدمًا؛ بطل إقراره؛ لأنه وصية لوارث، وإن أثر به في صحته؛ لزم ذمته.

وفي تمكين الزوج من البناء دون غرم المهر إن كان الأب معدمًا قولا ابن القاسم وأشهب مع ابن وهب.

وقبض مهر اليتيمة غير مولى عليها:

قال ابن فتحون: إن كانت معنسة؛ برزت وجهها، وخبرت أمورها، وعرفت مصالحها، وبلغت خمسة وثلاثين عامًا كالثيب.

قلت: هذا على رشدها بذلك والمشهور خلافه قال: وإن لم تعنس؛ لم يبرأ الزوج بدفعه لها إن كان عينًا؛ لأن العين تحتاج إدارة وتدبير.

وأجاز سحنون: أفعالها وشبهها بالسفيه غير المولى عليه في نفوذ أفعاله ما لم يضرب عليه، وأملى محمد بن عمر بن لبابة: صداق يتيمة بكر غير معنسة بعقد قبض العين عليها اختيارا لقول سحنون.

المتيطي: انفرد سحنون عن أصحاب مالك بقوله هذا؛ كانفراده بوجوب نفقتها من يوم عقد نكاحها، وإن كانت في سن من لا يوطأ.

قال بعض الفقهاء: ويؤيد قول ابن لبابة ما روى أشهب في بكر أوصي لها بدنانير فدفعها الورثة لها: انهم يبرؤن منها.

وقال ابن الهندي: كان بعض من يقتدى به يلتزم في عقد نكاح البكر اليتيمة إن كان مهرها عينًا السكوت عن قبضه؛ ليكون القول قول الزوج بالبناء، فيكون له إن كره اليمين حلف الزوجة حين انطلاقها، ويعجل الغرم وهذا كقول سحنون.

ص: 511

قلت: فيلزم في المهر العرض.

المتيطي: والخلاص في ذلك بما قاله بعضهم: أن يحضر الزوج والولي والشهود، فيشتري بنقدها جهاز يدخلونه بيت بنائها.

قلت: كذا ذكره المتيطي معزوًا لبعضهم، وعزاه ابن الحاج في نوازله لمالك.

قلت: أو يعين الحاكم من يقبضه لها، ويصرفه فيما يأمره به فيما يجب، وقاله ابن الحاج في نوازله.

المتيطي: فإن كان عرضًا وصف وسمي، ونسبت المعرفة لها، فلا أعلم خلافًا في براءة الزوج بقبضها إياه ونحوه لابن فتحون.

قلت: إن كان لنص رواية كما ذكره ابن الحاج فمقبول، وإلا فظاهر المذهب عدم براءة المدين بدفعه لها دينها العرض كالعين، ووديعة مورثها العرض كالعين.

المتيطي: فإن قبض وليها نقدها العين؛ لم يبرأ الزوج به، ولها الرجوع به عليه.

ابن أبي زمنين: إلا أن يطول زمن سكوتها عنه؛ فيسقط.

ابن العطار: إن ادعى دفعه لها قبل البناء أو بعده قبل مضي عام منع؛ فلا يمين له عليها، وإقرارها به لغو، ولو ادعى دفعه لها بعد العام؛ حلفت.

ابن عبد الغفور: وهذا قول ابن القاسم في المدونة لقوله فيها: من زوج ابنته البكر، فدخل بها زوجها، ثم فارقها قبل أن يمسها؛ فليس لأبيها أن يزوجها كما يزوج البكر إن طالت إقامتها معه.

قال: وأرى السنة طول إقامة.

قلت: لا يلزم من رفع الجبر رفع الحجر.

المتيطي وابن فتحون: إن التزم الولي الدرك في قبضة النقد؛ لزمه ضمانه، ولو أشهد الأب بقبض المهر دون معاينته البينة، ثم قال: لم أقبضه، وأشهدت وثوقًا بدين الزوج، ففي لزوم حلفه، ثالثها: إن كان الأب ممن لا يظن به دعوى الباطل والزوج بخلافه، وإن كان الزوج ممن يعلم أنه لا يرضى بجحده، والأب بخلافه؛ لم يحلف.

المتيطي عن الموازية مع المحمدين ابن لبابة، وابن حارث، وابن عمر، وأصبغ بن سعيد قائلين لجري ذلك بين الناس، وابن حبيب عن مالك مع أصحابه.

ص: 512

قال ابن حبيب: إلا أن يأتي الأب بما يدل على دعاوه، وتقع على الزوج تهمة فيحلف، ونحوه لمحمد بن عبد الحكم وبعض الموثقين قائلًا: وإلا لم يكن لذكر القبض في العقد فائدة، ولما صوبه في بعض النسخ قائلًا: جرى العمل والفتوى، وقاله غير واحد من الموثقين: إن ادعاه الأب قرب العقد كعشرة أيام، ونحوها أحلف الزوج وإلا فلا.

وفي أحكام ابن حدير إثر ذكر هذا القول: قال سعيد بن أحمد بن عبد ربه: هذه الرواية في كتبنا، وفتوى شيوخنا.

وقال ابن حارث: ليس هذا مما يراعى فيه قرب ولا بعد، ثم قال: ومن غير الأصل قول ابن عبد ربه هذه الرواية في كتبنا كلام غير محصل، الرواية خلاف ذلك، فذكر رواية ابن حبيب.

وفي وجوب تجهز الحرة بنقدها العين، ثالثها: إلا ربع دينار للمشهور.

والمتيطي عن ابن وهب مع تخريج اللخمي: من اعتبار حكم أصل مالك العوض، واستقلال مالكه بالتصرف فيه، وعدم رفع حكمه بعادة تخالفه من رواية عدم القضاء بهدية العرس مع تقرر العرف به اعتبارًا بأصل سقوطها.

وابن فتحون عن ابن لبابة: لئلا يخلو البضع عن عوض.

المتيطي: عن بعض القرويين: أنكره عليه بعض شيوخنا، واحتج بأنها إن اضطرت إليه تنفق منه على نفسها بالمعروف، وتؤدي منه يسير دينها.

المتيطي وابن فتحون: ويشترى منه الآكد فالآكد عرفًا من فرش، ووسائد وثياب وطيب وخادم إن اتسع لها، رواه محمد.

ص: 513

قال بعض الموثقين: وهو مذهب المدونة، ولو كان النقد عرضًا أو ثيابًا من غير زينتها أو حيوانًا أو طعامًا أو كتانًا، ففي وجوب بيعه للتجهيز به نقل المتيطي.

وقوله: قال اللخمي: إن كان مكيلًا أو خادمًا أو موزونًا؛ لم يكن عليها أن تتجهز به.

ابن سهل عن ابن زرب: إن كان مهرها أصلًا أو عبدًا أو طعامًا أو عرضًا لا يشاكل الخروج بها، أو ثوبًا قيمته مائة دينار؛ لم يلزمها بيع شيء من ذلك؛ لأن تتجهز به.

المتيطي عن ابن عبد الحكم: وما فضل عن جهازها تصرفت فيه لنفسها.

قال بعض الموثقين: ولأبي البكر التصرف في نقدها؛ كتصرف مالكة أمرها، ولو ساق الزوج أصولًا، ففي منع بيعها، وجوازه على وجه النظر قولا القاضي محمد بن بشير قائلًا للمنفعة التي للزوج فيه وغيره، فخرجهما المتيطي على استحقاق المهر بالبناء أو بالعقد.

ابن زرب واللخمي: إن أصدقها عقارًا؛ لم يلزمها التجهز بثمنه.

وسمع عيسى ابن القاسم: لا بأس ببيع الأب الرأس يساق مهرًا لابنته يشتري بثمنه ما يجهزها به من حلي وغيره، ولا كلام لزوجها.

ابن رشد: إنما له الكلام إن أمسكه الأب لما للزوج من حق في التجهيز بثمنه على مذهب مالك وأصحابه.

قلت: ظاهره: أن لا خلاف بينهم فيه.

الشيخ عن كتاب ابن سحنون: للزوج أن يتوطأ من جهازها، ولا له أن يعطيه أضيافه، ولا عبيده إن منعته، ولا لها أن تعطيه رقيقها يتوطؤون إن منعها.

الشيخ عن سحنون: لها بيع جهازها إلا ما لا بدلهما من النفع به، ولها بيعه لتستبدل منه ما لا بدلهما من النفع به.

ابن عبد الحكم: لها بيع جهازها؛ لتستبدل به جهازًا غيره لا لترفع ثمنه، وإن أرادت بيع جهازها الجديد؛ لتشتري بدله قديمًا، فذلك لها إن كان نظرًا.

ابن عات عن ابن زرب: ليس لها بيع شورتها من نقدها إلا بعد مضي مدة انتفاع الزوج بها، والسنة في ذلك قليلة.

ص: 514

وسمع ابن القاسم: للمرأة المحتاجة الأكل من صداقها بالمعروف.

ابن رشد: أباحه لها مع أن مذهبه وجوبه تجهزها به مراعاة لقول من يقول: ليس عليها أن تتجهز بشيء منه، ولو طلقها قبل البناء، وقد استنفد الانفاق جميعه تبعها بنصفه على أن النفقة لا تجب إلا بالبناء.

وفيها: للمرأة تتزوج بدرع وقراقل وثياب قبضتها لبسها قبل البناء.

ابن القاسم: يريد: بالشيء الخفيف خوف أن يطلقها.

ابن رشد: لو لبستها حتى أبلتها، ثم طلقها؛ غرمت نصف قيمتها على وجوب النفقة بالبناء لا بالعقد.

وسمع يحيى ابن القاسم: لا يجوز للمرأة أن تقضي في دين عليها من نقدها إلا التافه اليسير ما لا خطب له، وقال مالك: لا يجوز إلا الدينار ونحوه.

قلت: ألغرمائها بيع كالئها إن لم يحل وقبضه إن حل ليتحاصوا ذلك، وإن قاموا بديونهم بعد بنائها بيسير أيام أيباع لهم ما اشترت بنقدها، أم يوقفهم عن بيعه وما أجل ذلك؟.

قال: ليس لذلك وقت، ولا يجوز لها دفع الصداق في دينها، وما أحدثت بعد البناء من بيع أو شراء أو جرح أو غير ذلك، فلحقها في الدين، أو فلسها فيه الغرماء؛ فلهم بيع مالها من صداق وغيره، ولو ماتت؛ أخذ الغرماء ما في يدها، وما على الزوج.

ابن رشد: قوله: (لا يقضى منه إلا الدينار) ونحوه مثل ما في دياتها.

وروى محمد: مثل الدينارين والثلاثة، وليس اختلافًا؛ بل على قلة المهر وكثرته، وقد يكون صداقها الدينارين والثلاثة، فالدينار الواحد منها كثير، وقد يكون ألف دينار؛ فلعشرة وأكثر منها قليل، وهذا على أصله في وجوب تجهزها به، ولم يجب عن الكالئ هل هو كالنقد أم لا؟.

فما أجله منه بعد البناء؛ فلا حق للزوج في التجهيز به؛ فلغرمائها إن قاموا قبل البناء بيعه لاقتضاء ثمنه في ديونهم، وقبضه إن حل قبل البناء؛ لتأخر البناء عن معتاد وقت أهل البلد.

وما أجله قبل البناء كالنقد، وإن تعجل البناء قبل حلوله، ويلزم بيع العرض النقد

ص: 515