المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌[باب الشغار] ونكاح الشغار محرم: فيها قوله: زوجني مولاتك، وأزوجك مولاتي ولا - المختصر الفقهي لابن عرفة - جـ ٣

[ابن عرفة]

فهرس الكتاب

- ‌[كتاب الجهاد]

- ‌[باب الرباط]

- ‌[باب الديوان]

- ‌[باب الأمان]

- ‌[باب ما يثبت به الأمان]

- ‌[باب المهادنة]

- ‌[باب الجزية المعنوية]

- ‌[باب الجزية الصلحية]

- ‌[باب الاستيمان]

- ‌[باب ما ملك من مال كافر]

- ‌[باب الفيء]

- ‌[باب في النفل]

- ‌[باب في السلب]

- ‌[باب الغلول شرعاً]

- ‌[كتاب النكاح]

- ‌[باب صيغة النكاح]

- ‌[باب ولاية عقد النكاح]

- ‌[باب في النكاح الموقوف]

- ‌[باب العاضل في النكاح]

- ‌[باب الكفاءة]

- ‌[باب مانع النسب في النسب]

- ‌[باب مانع الصهر]

- ‌[باب في تحريم الجمع في النكاح بين المرأتين]

- ‌[باب النكاح المحلل المطلقة ثلاثًا لمطلقها]

- ‌[باب نكاح المطلقة ثلاثًا]

- ‌[باب الرق المانع من النكاح وقتا ما]

- ‌[باب الخنثى]

- ‌[باب الجب]

- ‌ باب الخصي [

- ‌ باب العنين [

- ‌ باب الحصور [

- ‌ باب الاعتراض [

- ‌ باب عيب المرأة في النكاح [

- ‌[باب شروط الصداق]

- ‌[باب الشغار]

- ‌[باب الشرط الذي يبطل في النكاح]

- ‌[باب في نكاح التفويض]

- ‌[باب في نكاح التحكيم]

- ‌[باب المعتبر من مهر المثل]

- ‌[باب متى يسلم المهر الحال للزوجة]

- ‌[باب البراءة لمشتري الجهاز]

- ‌[باب فيما يوجب كل المهر للزوجة]

الفصل: ‌ ‌[باب الشغار] ونكاح الشغار محرم: فيها قوله: زوجني مولاتك، وأزوجك مولاتي ولا

[باب الشغار]

ونكاح الشغار محرم:

فيها قوله: زوجني مولاتك، وأزوجك مولاتي ولا مهر بيننا؛ شغارً، وكذا زوجني ابنتك، والشغار بين العبيد والأحرار سواء.

وفي فسخه: أبدًا، ولو ولدت أولادًا، أو ما لم يبن ثالثها: يفوت بالعقد، وفسخه قبل البناء استحسان، لها ولابن محرز عن رواية علي في كتاب: خير من زينته مع الباجي وابن رشد دون ذكر محلها.

وابن زرقون عن المازري عن تأويل بعض شيوخنا.

ابن بشير لا خلاف منصوص في المذهب: أنه يفسخ قبل البناء، ونقل بعض المتأخرين فيه خلافًا منصوصًا باطل.

ثم قال ابن بشير آخر الفصل: قال: يمضيه بالعقد مالك مرة، ونقل المتيطي رواية عي ابن زياد: ويثبت بعد البناء بمهر المثل.

ص: 435

قال: وفي كتاب ابن القصار ما يدل على فوته بالعقد.

ابن شبلون: وقول المدونة: فيه الإرث والطلاق يدل عليه.

ابن سعدون هذا غير صحيح؛ لأن قوله: بالإرث فيه؛ إنما هو لفوت موضع الفسخ بالموت.

قلت: فيلزم الإرث في كل فاسد، وفي كون سبب اختلاف قول مالك الاختلاف في تفسير الشغار، أو في كون النهي يدل عى الفساد، ثالثها: إسقاط المهر فيه.

للباجي عن القابسي، وأبي عمران واختياره: ولو عقداه كذلك بمهر؛ سمى لكل واحدة فقيها: هذا وجه الشغار لا صريحة يمضي بالبناء.

ابن رشد: لم يختلف فيه قول مالك.

ابن بشير: لم يختلف فيه المذهب، وفي فسخه قبل البناء قولها، ونق ابن بشير مع قول المتيطي لعبد الرحمن بن دينار، وعن ابن أبي حازم: أنه لا بأس به.

وفي كون الواجب فيه بالبناء مهر المثل أو الأكثر منه ومن المسمى ثالثها: هذا إن دخلا، وإن دخل أحدهما فقط؛ فمهر المثل مطلقًا؛ لنقل ابن رشد ولها وله عن ابن لبابة مستدلًا بحجة الثاني بفوت غرضه في إنكاح وليته.

قلت: مقتضاه الأقل من المسمى أو مهر المثل، ونوقض قولها: إن زوجه ابنته بمائة على أن زوجه الآخر ابنته بمائة؛ لم يفسخ بعد البناء، فقولها في بيوع الآجال: إن باعه عبده بعشرة دنانير على أن باعه الآخر بعشرة دنانير من سكة واحدة؛ إن لم يشترطا إخراج المالين؛ جاز، وكان بيع عبد بعبد، وإلا لم يجز؛ لأن تماثل الثمنين إن أوجب إلغاءهما لوجوب المقاصة، وصرف المعاوضة عنهما لما معهما؛ لزم صرف صورة وجه الشغار لصريحه، وإلا لزم فساد بيع العبدين كشرط إخراج المالين، وأجيب بأن اتحاد مستحق الثمن، والمشتري في العبدين يوجب المقاصة الملزومة؛ لصرف المقاصة بالعبدين أحدهما بالآخر دون ثمنيهما، واختلافهما في النكاح يوجب منع المقاصة الملزوم؛ لتعلق المعاوضة بالمائتين؛ يرد بأن ظاهر المذهب عموم مسألة العبدين في العاقدين كانا مالكي العبدين، أو وكيلين على بيعهما كذلك، ويجاب بأن العبدين صالحين؛ لكون أحدهما ثمنًا للآخر، فأوجبته المقاصة والبضعان لا يصلحان لذلك،

ص: 436

فبقيت المعاوضة متعلقة بهما معًا.

وفيها: إن دخلا في وجه الشغار؛ فلكل منهما مهر مثلها لا المسمى.

سحنون: إلا أن يكون المسمى أكثر.

عياض: حمل الشيوخ قول سحنون على التفسير لذكره ابن القاسم فيما شبهها به، وهي التي تزوجت بمائة وثمرة؛ لم يبد صلاحها، أو بمائة نقدًا ومائة إلى موت أو فراق، وذكره ابن لبابة لابن القاسم لا لسحنون، وحمله بعضهم على خلاف قول ابن القاسم، وحمل قوله على ظاهره بلزوم مهر المثل مطلقًا، واحتج برواية أبي زيد: لهما مهر المثل قل أو كثر.

وفيها: إن دخل في وجه الشغار أحدهما فقط؛ فسخ نكاح الآخر، ومضى نكاح الداخل بمهر المثل، وفي كونه مطلقًا، أو ما لم ينقص عن المسمى نقلًا عياض سماع يحيى ابن القاسم، وقول عيسى بن دينار في المبسوطة.

وفيها: إن سمي لإحداهما دون الأخرى ودخلا؛ مضى نكاح المسمى لها، وفسخ نكاح الأخرى ولو دخلت، فاختصرها الشيخ: لكل منهما مهر المثل؛ كروايتها ابن لبابة قائلًا: أخطأ جماعة بتأويل أن المسمى لها الأكثر منه ومن المسمى.

عياض عن ابن رشد: قول عيسى على تأويل الشيخ خلاف رواية يحيى.

ابن بشير: إن جعل كل من الويين صحة دخوله مشروطًا بصحة دخول الآخر، فحكى أبو حامد الاتفاق على فسخه على كل حال.

ابن العربي: إن زوجه على أن زوجه، ولم يذكر مهرًا ولا إسقاطه؛ فهو كصريح الشغار، وفي كونه فيمن لا يجبر كنكاح على أن لا مهر يمضي بعد البناء على اختلاف، أو ككونه فيمن يجبر؛ نقل الباجي عن بعض الناس والمذهب محتجًا بنصها فيه في المولاتين، وبأن نكاح الشغار الخلاف في فسخه بعد البناء؛ كالنكاح على أن لا مهر.

قلت: ومن ثم تعقب على البرادعي إسقاط ذكره في المولاتين، وفي احتجاج الباجي بالثاني نظر؛ لأن مذهب المدونة في صريح الشغار الفسخ بعد البناء، وفي النكاح على أن لا مهر مضيه بالبناء بمهر المثل.

ابن العربي: قول مالك: إنما الشغار في البنتين؛ تعلق بظاهر الحديث، وإنما يتم أن

ص: 437

لو كان من لفظه صلى الله عليه وسلم.

قلت: ظاهره: في البنتين بكرين كانتا أو لا؛ لأنه ذكر بعد قول مالك هذا قول بعضهم بتخصيصه بمن تجبر.

قوله: يتم لو كان من لفظه صلى الله عليه وسلم يرد بأن القياس يعممه في كل امرأة أو فيمن تجبر كالأمة.

الصقلي عن أبي عمران: إن زوج كل من رجلين الآخر أخته بمهر معلوم؛ جاز إن لم يفهم أنه إن لم يزوج أحدهما صاحبه؛ لم يزوجه وإلا لم يجز، وعزاه بعضهم لابن لبابة.

وكون المهر منافع جعلًا؛ لا يجوز.

سمع عيسى ابن القاسم: من سقط ابنه في جب، فقال لرجل: أخرجه، وقد زوجتك ابنتي؛ فأخرجه لا نكاح له، وله أجر إخراجه، لا يكون النكاح جعلًا.

ابن رشد: اتفاقًا؛ لأن النكاح به نكاح فيه خيار؛ لأن للمجعول له الترك متى شا.

قلت: إجراؤه على الخيار يوجب دخول خلافة فيه.

وفي النكاح بالإجارة كنكاحه على أن يحجها، أو يعمل لها عملًا في كراهته، فيمضي بالعقد ومنعه، فيفسخ قبل البناء، ويمضي بعده بمهر المثل ثالثها: إن كان مع المنافع نقد؛ جاز، وإلا فالثاني، ورابعها: إن لم يكن نقد؛ فالثاني، وإلا فسخ قبل البناء، ومضى بعده بالنقد، وقيمة العمل، وخامسها: بالنقد والعمل لابن رشد عن ابن حبيب مع أصبغ، وروايته عن ابن القاسم، وظاهر سماعه عيسى، ونقل ابن رشد وسماع يحيى، ورواية ابن القاسم: إن ماتت من تزوجت بنقد معلوم، وحجها بعد البناء لوارثها نقدها، وما ينفق على مثلها في حجها، وقول ابن القاسم، وعلى الأول قال ابن حبيب: لا يبني بها حتى يحجها أو يعطيها قدر نفقة حجها، فإن شاءت؛ حجت أو تركت.

ابن رشد: فيه نظر؛ لأن فسخ الدين في الدين يدخل في التخيير.

والصواب: أن لا يحمل قوله على التخيير؛ بل على لزوم إحجاجها على القول بأنه الواجب عليه، أو لزوم قدر نفقته على القول بأنه الواجب عليه، ولأشهب: له البناء قبل إحجاجها إلا أن يأتي إبانه قبل البناء؛ فلا يكون له ذل الكالئ يحل قبل البناء.

ورد ابن عبد السلام: قول ابن رشد بقوله: إنما يلزم ابن حبيب فسخ الدين في

ص: 438

الدين بسبب التخيير بناء عى أن من خير بين شيئين يعد منتقلًا، وقد علمت ما فيه، وأيضًا فابن حبيب يجيز نقل الأجبر على عمل لعمل يخالفه باختياره؛ يرد بأن فسخ الدين في الدين؛ إنما دخل في التخيير؛ لأنه بيع لما في الذمة بعوض غير ناجز ضرورة أن للتخيير زمنًا سابقًا على زمن تعيين ما خير فيه؛ فالتخيير ملزوم لأخذ مؤخر من دين، وهذا اللزوم ثابت على تقدير كون من خير بين شيئين منتقلًا أم لا؟ وهو المعنى بفسخ الدين في الدين، فقوله: المنع بناء على أن من خير منتقل مجرد دعوى لا يتم بها إبطال مثل قول ابن رشد لعروها عن دليل يدل عليها؛ بل الدليل قائم على بطلانها؛ لأن من أخذ سلعة عن دين، ثم انتقل عنها قبل قبضها لغيرها من مال بائعها برضاه؛ جاز، وهذا انتقال خاص، فلو كان مطلق الانتقال ملزومًا لفسخ الدين في الدين للزم في هذا الانتقال الخاص.

فإن قلت: لو كان علة المنع ما ذكرت؛ لزم جوازه إن قرب زمن اختياره على أحد القولين في أخذ معين عن دين تأخر قليلًا، أجيب بأن التأخير اليسير؛ إنما اغتفر في تعلق الأخذ بعين جزئي لبعده عن الكلي الشبيه بما في الذمة، وما أخذ مخيرًا فيه بينه وبين غيره كلي؛ لأنه غير معين، فأشبه الدين، وامتنع تأخيره ولو قل.

ويطلب كون المهر نقدّا لا مؤجل فيه.

ابن رشد: عقده ببعيد الأجل يفسخ اتفاقًا، وفي حده أربعة:

ابن وهب وأول قولي ابن القاسم: ما فوق العشرين.

الثاني ما فوق الأربعين.

الثال: يفسخ في الخمسين.

الرابع: سمع أصبغ ابن القاسم: في السبعين.

قلت: للخمي عن ابن القاسم: يفسخ في الأربعين، ثم رجع إلى خمسين.

ابن رشد: وفي العشرين فما دونها خمسة:

أحد قولي ابن القاسم في الموازية، وقول مالك فيها: يكره ولو فيما قل، وعلله فيها بأنه ليس بنكاح من مضي

ابن وهب: يكره فيها جاوز السنة فقط.

ص: 439

الثالث: فيما جاوز الأربع.

الرابع: سمع أصبغ ابن القاسم: يجوز في العشرين ونحوها، ويكره فيما جاوز ذلك، وقاله أصبغ في الواضحة وأشهب؛ لأنه زوج ابنته بمهر لاثنتي عشرة سنة.

الخامس: لأصبغ في «العتبية» : يجوز في العشرين فأقل، وهو ظاهر قول ابن القاسم في الموازيَّة.

ابن رُشْد: وظاهر سماع أصبغ ابن القاسم: عدم اعتبار ما بقي من عمر الزوج والمشتري بالتعمير؛ وهو قول أشهب في «الدمياطية» : قيل له: إلى كم أجل المهر المؤجل؟.

قال: ما شاء، إن شاء ثلاثين سنة.

قيل: فإذا كان كبيراً لا يعيش لمثلها؟.

قال: لا أدري ما يعيش الذي يتزوج إلى عشر لا يدري أيعيش إليها أم لا؟.

إن دخل في الأول غررٌ؛ دخل في الثاني؛ ومعنى ما تكلم عليه عندي في الكثير الذي لا يعيش إليه غالباً، ويعيش إليه نادراً، وما علم أنه لا يعيش إليه لا ينبغي أن يحوز إليه؛ كالمهر إلى موتٍ أو فراقٍ؛ كمهر ابن مائة إلى ثلاثين.

وقال التونسي: التحقيق أنهم إنما كرهوا البيع، والنكاح إلى بعيد الأجل الذي يجاوز عمر الإنسان؛ لأنه يصير غرراً لحلوله بموته، ولو نكح أو اشترى ابن ستين بمؤجل لعشرين؛ لم يجز؛ لأن الغالب أنه لا يعيش لذلك بخلاف ابن عشرين؛ لأن الغالب حياته له، فما الأغلب أنه يعيش له جائز اتفاقاً، وما لا يعيش له لا يجوز اتفاقاً، وما الأغلب أنه لا يعيش إليه يجوز على اختلاف، وما لأجلٍ مجهولٍ يفسخ قبل البناء، وفي إمضائه بعده بقيمته نقداً أو بمهر المثل نقلا اللخمي قائلاً: محمل الأول أن العادة لموتٍ أو فراقٍ؛ فلا مثل يهتدى إليه.

قلت: فلا خلاف إذًا، والقولان ذكرهما عبد الحق في «تهذيب الطالب» عن فضل عن ابن عبدوس روايتين لسحنون، وهما ظاهر لفظ ثاني نكاحها فيه: ما كان من مهر لموت أو فراق يفسخ عند مالك إن لم يبن، فإن بنى؛ جاز النكاح.

قال مالك مرة: يقوم المهر المؤجل بما يسوي إذا بيع نقداً فتعطاه، وقال مرة: ترد

ص: 440

لمهر مثلها نقداً، وهو أحب إلي، تعطى مهر مثلها يحسب فيه ما أخذت من العاجل، وما بمائة نقداً ومائة لموتٍ أو فراقٍ في مضيه بالعقد، وفسخه قبل البناء مطلقاً أو ما لم يرض الزوج بتعجيل المجهول، أو ترضى المرأة بإسقاطه نقل المتيطي عن فضل: كان من بعض الناس فيه تخفيف، والمشهور ونقل غير واحد عن أصبغ، وعلى الثاني في مضيه بعد البناء بمهر المثل مطلقاً، أو ما لم ينقص عن المعلوم ثالثها: وما لم يزد عليهما، ورابعها: بالمعجل، وجزء مهر المثل المسمى للخارج من تسمية قيمة المؤجل منهما مع المعجل، وخامسها: بالمعجل وقيمة المؤجل على غرره لنقل اللخمي قائلاً في الأخير: هذا إن كانت العادة ذلك لا غيره.

ابن رشد: ظاهر المدونة: لها مهر مثلها، وإن زاد على المعجل والمؤجل، وقاله ابن الماجشون، ورواه مطرف، وعزا الثالث لأصبغ وابن القاسم وابن عبد الحكم، والأول ظاهر قول أصبغ، وأبي زيد في سماع يحيى.

قلت: الذي لأبي زيد في سماع يحيى ما نصه: يفسخ النكاح ما لم يبن، وإن بنى نظر إلى ما أعطاها من المؤجل إلى خمس سنين، فيقال: ما صداق مثلها على هذا المؤجل المسمى لها إلى خمس سنين، فما كان قل أو كثر أضيف إلى ذلك المؤجل تأخذه نقداً، وبقيت الخمسون لأجلها، وقال أصبغ كقول أبي زيد.

قلت: وهذا ليس هو مهر مثلها مطلقاً؛ بل هو مهر مثلها على أن المسمى بأجله منه.

والثاني: هو قول مالك فيها، فإن قلت: في عزوه الأول للمدونة نظر؛ لأن لفظها في مهر وجه الشغار: ألا ترى إن تزوج بمائة نقداً، ومائة لموت أو فراق أن لها مهر مثلها ما لم ينقص عن المائة، فهذا مثله عندي، والمقيس عليه في أقيسة المدونة؛ إنما هو قول مالك.

وفي ثاني نكاحها ما تقدم نصه: وظاهر أوله في المهر المجهول أجله لا أجل بعضه، وظاهر كلام ابن القاسم فيه: أنه في المجهول أجل بعضه، ونحوه قول المتيطي: إن فات بالبناء، فقال مالك في المدونة: لها مهر المثل.

قال في النكاح الثاني: نقداً لا مؤخر.

ص: 441

قال فيه ابن القاسم: ولمالك: أن لها قيمة المؤجل ولا يعجبني.

قال في المدونة: ما لم ينقص المثل عن المعجل فلا تنقص منه شيئاً، انتهى كلامه.

قلت: يفسر هذا الإجمال كله نصها في فصل الشروط من نكاحها الأول.

قال مالك: إن بنى من نكح بمائة نقداً وبمائة لموتٍ أو فراقٍ؛ فعليه لها مهر مثلها لا أنظر إلى ما سمياه من مهر.

سحنون: إلا أن يكون مهر مثلها أقل؛ فلا ينقص منه شيئاً.

المتيطي: إن لم يؤرخ أجل الكالئ؛ ففي لزوم فسخه قبل البناء ومضيه، فيكون المؤجل حالاً ثالثها: إن عجله الزوج، أو أسقطته الزوجة أو أبوها بكراً؛ ثبت وإلا فسخ بطلقة للمشهور مع بعض القرويين عن المدونة، وعبد الملك والموثقين عن المذهب ويحيى بن يحيى مع ابن وهب، وابن عبد الحكم مع أصبغ، ونقله عن ابن القاسم، ورواية ابن وهب، ورابعها: قول ابن ميسر: يقال للزوج: عجل لها، فإن أبى وطلقها من ذاته؛ لزمه نصف المعجل، ونصف الكالئ باق عليه لأجل المؤخر في مهورهم؛ لأن شكوتهما يدل على دخولها على العرف، ونحوه لابن الهندي عن بعض أهل عصره: أنه كان يفتي به ويقول: إن اختلف أجل الكالئ عندهم ضرب له أجل وسط، واحتج بقول خيارها: من باع على خيار غير مؤجل؛ جاز، وجعل له من الخيار ما يكون لتلك السلعة.

قال: وأخذ بعضهم الثالث من قولها: إن بنى بها؛ فلها مهر مثلها ما لم يكن أقل من المعجل، فأجراها مجرى بيع الشروط.

ابن حبيب: ما عقد بمائة نقداً ومائة لأجل ومائة لموت أو فراق، وفات بالبناء يمضي بمهر المثل، فإن نقص عن المائتين؛ ثبتتا، وما زاد عليهما؛ ثبت حالاً، وفي سقوط ما زاد على الثلاثمائة، وثبوته حالاً وقولا محمد والأخوين.

الصقلي: الواجب على فساده مهر المثل مطلقاً.

عبد الحق مع ابن أخي هشام: إنما يقوم مهر المثل على أن فيه مائة إلى سنة.

قلت: هو نحو ما تقدم لأبي زيد.

وسمع ابن القاسم: النكاح على أن ينفق على ابنها، أو عبدها ليس من عمل الناس

ص: 442

ولا أراه.

ابن القاسم: إن بنى سقط الشرط، ولها مهر مثلها، وإلا فسخ، ولو طرحته شرطها لعل الصبي لا يعيش شهراً، أو يعيش عشرين سنة.

ابن رشد: قول ابن القاسم تفسير لقول مالك، وقول ابن الشقاق: كرهه مالك؛ لأنه ليس من عمل الناس، فسواء ضرب للنفقة أجلاً أم لا؟ وعلى قول ابن القاسم: لا بأس به؛ بعيد؛ إذ لا وجه لفساده إلا جهل زمن النفقة، وللزوج الرجوع بها عليه إلى حين فسخ النكاح، أو تصحيحه بمهر المثل.

وفي الموازية لأصبغ: إن طرحت شرطها؛ ثبت النكاح، وقاله ابن القاسم، وهو أيضاً قوله فيما يشبهه، ومشهور قوله فسخه.

المتيطي: التزام نفقته في العقد لغير أجل كمهر مجهول، وفي كونه لأجل كذلك قولا ابن زرب، وأبي بكر بن عبد الرحمن قائلاً: لو مات الولد؛ رجعت نفقته لأمه؛ لأنها من مهرها.

المتيطي: ويجب في ذكر النفقة بيان دخول الكسوة أو خروجها؛ لأن من التزمها مجملة، وقال: نويت الطعام فقط في لزومها إياه قولا ابن زرب وابن سهل قائلاً: ولا يمين عليه، وقد يتخرج لزوم يمينه من بعض المسائل.

قال: ولو لم ينو إخراج الكسوة؛ لزمته.

وسمع يحيى ابن القاسم: كراهة تأجيله بالبناء، وفي كونه إن وقع كمعلوم أو مجهول سماع يحيى قول ابن القاسم، وروايته مع سحنون وابن رشد عنها، وعن سماع عيسى ابن القاسم مع أصبغ وأبي زيد.

وفي كون قول مالك: لأن وقت البناء معروف عادة، أو لأنه حال قولا ابن القاسم ومحمد قائلاً: لأن للمرأة تعجيله، ورده ابن رشد بوجوب تأخيره لما لا يضر بالمرأة إذا دفع نفقتها، وما إلى ميسرة الزوج، وهو معسر.

سمع يحيى ابن القاسم: كمجهول، وإن كان ملياً؛ ففي كونه كذلك أو كمعلوم ثالثها: إن كان معه معجل، ورابعها: عكسه، لابن الماجشون، وسماع يحيى ابن القاسم، وتخريج ابن رشد من تعليل ابن حبيب قول ابن الماجشون وقول ابن رشد: عكسه

ص: 443

أشبه، وعلى الثاني في تأخيره قدر توسعة مثله، وكونه حالا سماع يحيى ابن القاسم، ورواية أصبغ عن ابن القاسم.

ابن رشد: ليسا بخلاف؛ وإن سماه حالاً لابد أن يؤخر قدر ما يتيسر فيه مال دون إفساد ماله، وبيع أصوله بالغاً ما بلغ، كمن أسلف رجلاً سلفاً حالاً لا بد أن يؤخر قدر ما يقصد ذلك عادة.

قلت: وللشيخ عن ابن حبيب عن ابن القاسم: كونه إلى أن تطلبه ككونه إلى ميسرة.

وقول ابن الحاجب: متى أطلق فمعجل؛ هو نص ثاني نكاحها، وظاهر نقل النوادر، وتقدم ما فيه، وفي جواز النكاح والبيع: إن قابله ربع دينار، ولو أعطى الزوج أقل مما أعطته المرأة، ومنعه ككونه بمجهول ثالثها: إن فضل ما أعطاه الزوج على ما أعطته المرأة بربع دينار؛ جاز وإلا فالثاني، ورابعها: هذا إن فضله بكثير لا يقارب أن يستغرقه ما أعطته المرأة لابن رشد عن القاضي عن أشهب وسماع ابن القاسم مع قوله وروايته فيها، وقوله ومطرف وابن الماجشون، وعزا اللخمي الثالث لأحد قولي مالك، وذكر الرابع بقيد كراهته ابتداءً.

وعلى الأول قال ابن رشد: يفض معطى الزج على قيمة معطى المرأة، ومهر مثلها إن وقع طلاق أو استحقاق، وقول بعضهم: هذا إن قاربت قيمة معطي الزوج قيمة معطى المرأى، ومهر مثلها، وإن فضلتهما، أو نقصت عنهما بكثير جعل للبضع الزائد على قيمة معطي المرأة؛ لحرص الزوج على النكاح في الفضل، والمرأة عليه في النقص حسن لو ساعده الظاهر، وفي كون المشهور؛ لأنه ذريعة لخلو البضع عن المهر أو للتنافي؛ لأن طريق البيع المكايسة، وتجوز فيه الهبة بخلاف النكاح فيهما، فجمعهما يوجب حمل مناب البضع والمبيع.

نقل ابن رشد عن أصبغ وغيره، وعلى المشهور قال اللخمي: فوت النكاح إن كان الجل فوت للسلعة، ولو كانت قائمة وفوتها، وهي الجل ليس فوتاً له؛ لأنه مقصود في نفسه.

وسمع سحنون ابن القاسم: من أنكح ابنته من رجل على إن أعطاه داراً؛ جاز

ص: 444

نكاحه، ولو قال: تزوج ابنتي بخمسين ديناراً، وأعطيك هذه الدار؛ فلا خير فيه؛ لأنه من وجه النكاح والبيع.

ابن رشد: يقوم منه معنى خفي؛ وهو جواز اجتماع البيع مع نكاح التفويض بخلاف نكاح التسمية.

قلت: فيه على التعليل بالتنافي نظر، وهو خلاف قول اللخمي: الفرق في المسألتين أنه في الأولى: ملكه العطية قبل النكاح، ثم زوجها بما تراضيا عليه، وفي الثانية: انعقدا معاً، والقياس أنهما سواء؛ لأن العطية إذا تقدمت ليتزوج، فلم يتزوج؛ ردت فصارا كعقد واحد.

والعقد الملزوم للتنافي فاسد مطلقاً؛ لعدم قبوله التصحيح كنقل ابن شاس: تزويج عبده بجعله مهره فاسد؛ لأداء ثبوته نفيه، ولمنافات الملك النكاح لو ثبت بخلاف كون المهر خمراً.

وللطرطوشي في فصل الطلاق منه نظائر.

وسمع ابن القاسم: من أعتق أم ولده، وأعطاها عشرة دنانير مهراً، شرطا عليها قبل عتقها؛ فسخ نكاحه ولو بنى، ولها العشرة.

ابن رشد: جعل مهر الزوجة عتقها لا يجوز عند مالك وكل أصحابه، وفي كون فساد نكاحه؛ لفساد مهره، فيمضي بعد البناء بمهر المثل، ويجوز إن سمي فيه مهر أو يعقده، فيفسخ ولو بنى، وفيه المسمى ثالثها: أنه ليس بنكاح؛ بل هو شرط لا يلزمها؛ فلا يفتقر لفسخ، فإن بنى بها؛ مضى بمهر المثل لشبهة أنه نكاح، لفضل مع حمله قول ابن حبيب عليه.

وسماع ابن القاسم، وظاهر قول ابن حبيب في الواضحة، وفيه نظر، وقياسه فسخه بعد البناء؛ لانتفاء العقد فيه، وظنهما ثبوته لا يثبته.

ثم قال ابن رشد: فساده قيل: لمهره، وقيل: لعقده قبل كمال العتق بما قرن به من شرط، وفيه المهر والإرث لرعي الخلاف، وقيل: لنه ليس بنكاح؛ لأنه شرط عليها ما لا يجوز، فيفسخ ولو بنى بغير طلاق، ولا إرث فيه، وقيل: إن بنى؛ مضى لشبهة العقد.

وفيها: أيتزوج حرتين في عقد؟ قال: لا أحفظه ولا يعجبني إلا أن يسمى مهر

ص: 445

كل منهما.

قلت: فإن طلق أو مات أيغرم المهر الذي سمى أم يقسم بينهما على مهريهما؟ قال: لا يجوز إلا بتسمية مهر كل منهما، وبلغني إنما كرهه مالك لجهل مهر هذه من هذه، وخرجهما اللخمي على جمع الرجلين سلعتيهما في البيع قال: ولا نكاح أخف، وسبقه به ابن محرز، وزاد وأجازه أصبغ، وقال: تعطى كل منهما مهر مثلها؛ يعني من المسمى، وحكاه عن ابن دينار صاحب مالك.

قالالصقلي وسحنون، عياض وابن نافع، ابن محرز: سواء كان وليهما واحداً أو متعدداً كمنع الوصي جمع سلعتي يتيمه في عقد واحد حتى يسمى ثمن كل سلعة.

قال: وظاهرها لا مهر فيه إن مات أو طلق لفساده.

وقال بعض المذاكرين: لها ما يخصها من التسمية؛ لأن النكاح أخف من البيع، وخرجه الصقلي على قوله فيمن نكح بدرهمين وطلق: لها نصفهما.

اللخمي: إن سمى، ولم يشترط نكاح إحداهما في نكاح الأخرى؛ جاز، وإلا فإن كان مهر كل منهما ما سمى لها؛ جاز، وإن خالفه وشرط لمن طلقها نصف تسميتها؛ فسد، وكذا البيع بهذه الصفة، وإن شرط؛ فض كل ما سمى على مهري مثليهما، فكما لو أجملهما في مهر، فإن أصدقهما ستين بالسوية، ومهر مثل إحداهما أربعون والأخرى عشرون، فإن طلق ذات العشرين قبل البناء؛ أخذ منها عشرة، وبقي لها عشرون منها عشرة هبة لها من الأخرى، وإن طلق الأخرى؛ أخذ منها خمسة عشر، ومن الأخرى خمسة تمام العشرين.

عياض: أجازه ابن سعدون: ولو كان نكاح إحداهما بشرط الأخرى، وفرق بين النكاح والبيع، ولو تزوج أمتي رجل في عقد واحد أو حرة وأمتها، ففي جوازه بمهر بينهما، أو حتى يسمي مهر كل منهما طريقا أبي حفص وابن محرز قائلاً: لأن المهر مستحق للأمة لا لمالكها.

قلت: والأول بناء على العكس.

الصقلي وأبو عمران: يجوز نكاح امرأتين في عقد واحد إحداهما بتسمية، والأخرى بتفويض أو كلتاهما به.

ص: 446

وفي ثاني نكاحها: من زوج أمته على أن ما ولدت حر؛ لا يقر نكاحه بحال، ولو دخل، ولها المسمى.

الصقلي عن بعض القرويين: وقيل: مهر المثل كنكاح بمهر مجهول.

قلت: بناء على أن ما ذكر في العقد داخل في العوضية، أو خارج قيد في العقد، ولازم مهر المثل مضيه بالبناء.

وقول ابن عبد السلام لم ينص في المدونة على فسخه بعد البناء، إنما قال فيها: لا يقر هذا النكاح؛ يرد بسابق نصها، ولعله اغتر بلفظ أبي سعيد المنتقد بترك أمر مهم.

وقال ابن رشد: لا خلاف في فسخه أبداً إلا أن يدخله الخلاف على ما مضى في رسم (سن).

قلت: هو سماع ابن القاسم: من زوج عبده أمته على أن ولده منها حر؛ فسخ ولو دخل، وولده أحرار.

ابن رشد: لا أعرف فيه نص خلاف، ولا يبعد دخوله فيه من فاسد النكاح بشرط لا يجوز كالنكاح على أن لا إرث، أو على أن لا نفقة، أو على أن يأت بالمهر لأجل كذا؛ فلا نكاح بينهما، أو على أنه بالخيار أياماً أو على أن لا يطأها نهاراً، أو على أن الطلاق بيد غير الزوج في فسخه بعد البناء قولان، وعلى فسخه في كون مهره المسمى أو مهر المثل قولان، وعلى الثاني فقط، ورده ابن عبد السلام بأنه إنما يتم لو كان كإنكاح فسد؛ لشرطه فساده في مهره، وليس كذلك منه ما فساده له، وما فساده لعقده؛ يرد بأن ما ادعاه رداً للتخريج هو تأكيد له؛ لأنه سلم انقسامه للأمرين، وكل ما كان كذلك منضماً لنقل ابن رشد: العدل الثقة الحافظ قولاً بأن فاسد النكاح لشرطه يمضي بالبناء؛ لزم قطعاً وجود القول به في شرط حرية الولد كان فاسداً لعقده أو لمهره، وسبب القولين ما قدمناه.

اللخمي: روى محمد: من زوج أمته على أن ولدها أحرار؛ فسخ نكاحه ولو بنى، وولده أحرار، وولاؤهم لسيدهم، ولا قيمة على أبيهم فيهم.

محمد: إن باعها بعد ذلك، وهي غير حامل؛ فولدها رقيق، وكذا إن لم يبعها وفسخ الشرط أو تفاسخاه، أو رجع السيد فيه قبل حملها؛ لأنه رضىً بفاسدٍ؛ رد قبل وقوعه.

ص: 447

وسمع يحيى ابن القاسم: إنكاح السيد عبده أمته على أن كل ما تلد منه حر؛ يفسخ؛ لأنه وقع بشرط لا يحل، كالأجنبي وما ولدته قبل النظر فيه حر، وكذا ما ولدته بعد موته من حمل في حياته قبل قسم تركته، وما بعد قسمها؛ رق لمن صارت له، ولسيدها بيعها قبل حملها، ولوارثه ذلك، ولو بعد حملها في حياة سيدها، ولو في غير دين.

أصبغك لا تقسم حتى تضع إلا لدين، أو يخاف تلف المال، وعطب الميراث.

ابن رشد: مضى الكلام عليها في رسم الجواب.

قلت: هو سماع عيسى ابن القاسم: من زوج أمته عبده أو غيره على أن أول ولد تلده حر، فولدت من حمل بعد إصداقها أو بيعها؛ سقط شرطها بخروجها من ملكه، وله بيعها، ويفسخ النكاح على كل حال، ولو ولدت من حمل كان، وهي في ملك ربها؛ فولدها حر، وولاؤه له، فإن فاتت في البيع، ولو بحوالة سوق؛ مضت بقيمتها يوم قبضها بحالها على أن ولدها لبائعها لو جاز ذلك وإلا ردت، وإن فات في النكاح؛ رجعت المرأة بما بين قيمتها؛ كعيب بها، وإلا ردت ورجعت بقيمتها.

ابن رشد: قوله: يفسخ نكاحها على كل حال؛ خلاف قول ابن الماجشون: إن عثر عليه بعد الولادة لم يفسخ، كقول ابن القاسم: عن صح من نكح في مرضه؛ صح نكاحه.

قال ابن عبد السلام: في كونه مثله نظر.

قلت: لعله للفرق بأن موجب الفساد في نكاح المريض بان كذبه على منع التعليل بالمظنة المتيقن نفي حكمتها، أ، بان ارتفاعه على جواز التعليل بها، وفي شرط حرية الولد بان صدقه، وثبت متعلقه.

ابن رشد: وقوله: بيعها أسقط شرطها مثل قولها: إلا أنه استثقل فيها مالك بيعها، وقال: ليف بما وعدها.

قلت: إن قيل: التي استثقل فيها مالك بيعها هي كمسألة كتاب العتق الثاني، وهي من قال لأمته في صحته: كل ولد تلدينه حر، وهذه أقوى من مسألة العتبية؛ لأنه في مسألة العتبية؛ إنما التزم حريتها على تقدير تزويجها، وتزويجها على ذلك غير جائز، ويؤيده ما تقدم للخمي: أن لسيدها الرجوع في ذلك الشرط وإن لم يبعها، ومسألة

ص: 448

كتاب العتق ليس له فيها رجوع ما لم يبعها.

قلت: يرده ما يأتي في سماع يحيى.

ابن رشد: وقوله في النكاح بها بعد حملها: غير مستقيم؛ لأنه إن تزوجها على أن الجنين للمرأة، وأعلمها أنه كان أعتقه، أو على أنه حر؛ فسخ قبل البناء، ومضى بعده بمهر المثل، وترد الأمة إن كانت قائمة، وقيمتها إن فاتت على أن جنينها مستثنى لو حل بيعه كذلك، ولو تزوجها، ولم يعلمها بعتق جنينها؛ ردت إن لم تفت بعيب مفسد، ورجعت بقيمتها، وإن فاتت به؛ خيرت في الرجوع بما بين القيمتين كعيب وجدته بها، وفي ردها مع نقص العيب عندها، وترجع بقيمتها صحيحة، فقوله: تفوت بما يفوت به البيع الفاسد غير صحيح، وفي سماع المتقدم.

قلت: إن قال لأمة له: كل ولد تلدينه حر؛ اهي كالتي زوجها بهذا الشرط؟.

قال: الشرط في هذا والابتداء سواء، فظاهره عدم استثقال بيعها فيهما معاً خلاف قولها: وشرط ما يقتضيه النكاح فيه غير مكروه؛ لأنه مؤكد له، وشرط ما يناقضه.

اللخمي: كشرط ألا يأتيها ليلاً والأثرة عليها، أو لا يعطيها الولد، أو لا نفقة لها أو اإرث بينهما في فسخه مطلقاً، او قبل البناء ثالثها: تخير المرأة، ولو بنى في إسقاطه فيمضي، والتمسك به، فيفسخ لنقل اللخمي، ونقله عن علي بن زياد، وتقدم الأولان لابن رشد بزيادة.

ابن حارث: اتفقوا إن بنى في شرط أن لا نفقة لها على ثبوت النكاح، وسقوط الشرط، وإن لم يبن؛ ففيها لا خير فيه.

ابن القاسم: يفسخ.

المغيرة: النكاح جائز، والشرط باطل، وفي شرط أن لا يأتيها ليلاً.

قال ابن القاسم: يفسخ قبل البناء، ويثبت بعده بمهر المثل.

محمد: مهر المثل خطأ؛ لأن فساده من غير مهره.

المتيطي: في شرط أن لا ميراث يفسخ قبل البناء، وفي فسخه بعدها أحد قولي ابن القاسم وثانيهما.

قال: وروى محمد: لو شرط في تزويج عبده أمة غيره أن الولد بينهما فسخ، ولو

ص: 449

بنى، والولد لربها.

وحكى أبو الفرج أنه بينهما، ولها بالبناء مهر المثل.

بعض الموثقين: إن زاد على المسمى؛ فعلى رواية محمد يسقط الزائد، وعلى قول أبي الفرج؛ لا يسقط لحصول غرض الزوج.

وسمع ابن القاسم: لا خير في تزويج الأب ابنه الصغير على أن نفقة امرأته على الأب.

ابن القاسم: يفسخ قبل البناء، وإن بنى؛ جاز وكانت النفقة على الولد، قيل: فعبده؟ قال: لا خير فيه، ولو كان هذا؛ لجاز في الجهل بالنفقة.

ابن القاسم: قال لي: هذا وشبهه، وأكثر الكلام فيه الكراهة.

ابن رشد عن محمد: اختلف قول مالك في شرط النفقة في النكاح على أبي الصغير حتى يكبر، أو ولي السفيه حتى يرشد أجازه مرة وكرهه أخرى، وقال: بهما كثير من أصحاب مالك.

وحكى ابن حبيب: رواية ابن الماجشون وابن وهب إجازته، وأراد لزوم ذلك ما عاش الأب، والزوج مولى عليه، وإنما هذا الخلاف إذا لم يتبع بيان رجوع النفقة على الصبي، والسفيه بموت الأب قبل بلوغ الصبي، وبموت الولي قبل رشد السفيه أو سقوطها عنهما في ذلك، ولو وقع الشرط ببيان الأول؛ جاز النكاح، ولو وقع ببيان الثاني؛ فسد اتفاقاً فيهما، وعلى فساده.

قال ابن القاسم: وإن بنى؛ جاز النكاح والنفقة على الزوج ولم يبين هل يمضي بالمسمى أو بمهر المثل؟ والأظهر أنه بمهر المثل؛ لأن للشرط اثراً في المهر إن سمى، وهو الذي في الواضحة، ولو شرطت النفقة في نكاح الكبير المالك أمر نفسه على غيره؛ فسخ قبل البناء.

وروى ابن حبيب: إلا أن ترضى المرأة كون النفقة على الزوج على القول بوجوب التخيير قبل البناء في النكاح بمهر بعضه مؤخر لأجل مجهول، ويثبت بعد البناء، وتكون النفقة على الزوج، ولا يدخل خلاف المسألة الأولى في هذه؛ لظهور الغرر والفساد فيها، ولا يجوز النكاح على إعطاء الزوج بالنفقة حميلاً؛ لأنها ليست بدين ثابت في ذمة

ص: 450

الزوج كالمهر، فإن وقع عليه؛ فسخ قبل البناء، وثبت بعده بمهر المثل وسقطتـ ولو وقع في شرط النفقة على غير الزوج رجوعها عليه إن مات من شرطت عليه، أو طرأ عليه دين، أو ما يبطل النفقة عنه؛ جاز النكاح على قياس ما تقدم، وقيل: يفسخ على كل حال قبل البناء؛ لأن شرطها على غير الزوج خلاف السنة، ويمضي بعده بمهر المثل، ويسقط الشرط، وإليه نحا الأبهري، وما قلناه أبين وأظهر.

اللخمي: النكاح بشرط ما يوجب تمليكاً بما؛ فعله بيد الزوج ثابت، وبما بيد غيره كقول السيد: إن بعتك أو بعته فاسد في مضيه، ولو لم يبن مع إسقاط الشرط وفسخه، ولو بنى كالمتعة، ثالثها: هذا إن لم يسقط ذو الشرط شرطه لعبد الملك ومحمد ورواية علي، وبما فعله بيد الزوج على أن الزوجة مصدقة عليه أنه فعله.

روى محمد: لا يحل، فإن نزل مضى، ولها طلاقه.

محمد: كشرطها إن ضربها أو رب خمراً أو غاب عنها؛ فأمرها بيدها.

اللخمي: ليس شرط تصديقها كضربها؛ لأنه في تصديقها دخل على غرر في بقاء عصمته.

وسمع ابن القاسم: من زوج أجيره جاريته على إن رأى منه ما يكرهه؛ فأمرها بيدها لا يحل، فإن وقع؛ جاز.

ابن القاسم: ولو لم يبن كشرطها إن أضر بها، أو شرب خمراً، أو غاب عنها؛ فأمرها بيدها، وقاله سحنون وأصبغ.

وروى سحنون: من زوج عبده على أن الطلاق بيد السيد إن بنى؛ وقع ما بيد السيد من ذلك، وإلا فرق بينهما إن لم يترك السيد شرطه.

ابن رشد: قوله: إن رأى من أجيره ما يكرهه؛ إن أراد مما هو مكروه عند الناس؛ فالنكاح جائز، والتمليك لازم اتفاقا، وإن أراد عنده، وإن لم يكرهه الناس، ففي مضيه مع كراهته أو دونها ثالثها: النكاح جائز، والشرط باطل، ورابعها: يفسخ ولو بنى، وخامسها: إن بنى سقط الشرط، وإلا فرق بينهما إن لم يسقط مشترط الشرط شرطه لظاهر قول ابن القاسم مع رواية سحنون، ويحيى وقول أصبغ وقول ابن الماجشون على أصله فيما عقد على تمليك بفعل غير الزوج؛ كتزويج أمته على إن باعها، فأمرها

ص: 451