الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفيها: لابن القاسم: إن أراد أن يزوج أمة عبده منه انتزعها، ثم زوجها منه، فإن زوجها منه قبل انتزاعها ووطئها؛ جاز نكاحه، وكان انتزاعًا، وإن أراد سيدها، وطأها انتزعها ووطئها، فإن وطئها قبل انتزاعها؛ كان انتزاعًا.
قلت: ويجب استبراؤها قبل وطئها وبعده قبل استبرائها.
[باب الرق المانع من النكاح وقتا ما]
والرق المانع وقتًا ما: رقها مدة كفرها حسبما يأتي، فإن أسلمت؛ جاز نكاحها للعبد اتفاقًا.
وفي كون الحر كذلك، أو بشرط عدمه أمن العنت والطول نقلا اللخمي عن أكثر قول ابن القاسم، وأكثر قول مالك، وعزاهما ابن رشد لمشهور قوليهما، ولم يذكر الجلاب والتلقين غير الثاني.
ابن رشد: وعلته خوف إرفاق الولد، وعليه إن كانت أمة من يعتق عليه ولد الزوج، أو كان لا يولد له كالحصور؛ جاز مطلقًا اتفاقًا.
قلت: ما جعله تخريجًا ذكره اللخمي كأنه المذهب.
قال: نكاح كل أمة ولدها به حر؛ جائز كأمة الأب والأم والجد والجدة، ولو بعد أو أمة الابن على إجازة ابن عبد الحكم نكاحها، ومالك الأمة حرفي الجميع، وكذا نكاح من لا يولد له كالحصور والخصي والمجبوب والشيخ الفاني، ونحوه قول عياض: نص مالك في المبسوط على أن العلة إرقاق الولد، وطرد على أصله جواز إنكاح الابن أمة لأبيه، وكذا إماء الأمهات والأجداد والجدات، وتعقبه ابن بشير بقوله: هذا بناءً على
عكس العلة، وفيه خلاف، وهذا إن كانت مستنبطة، وهي الموجبة للحكم، والحكم هنا للظاهر، وعضد بالتعليل، وقد ذكر اللخمي للمنع وجهًا آخر هو أن الأمة تنقطع للسيد، ولا يؤمن عليها، ومعلوم قلة تصونهن، وهذه العلة ترد ما قاله.
قلت: ما ذكره عياض من نسبة التعليل لمالك يرد هذا التعقب، وزعمه أن المستنبطة هي الموجبة للحكم دون استناد لظاهر خلاف المعلوم في أصول الفقه، ولا تكون كما قال إلا في الفروع المقيسة فقط دون الأصول المقيس عليها، وهذا شيء لا أعرفه.
وفي الطول طرق:
الباجي: في كونه الحرة تحته أو المال روايتا ابن القصار مع محمد، وابن وهب مع ابن نافع فيها، فعلى أن الحرة ليست طولًا كذا الحرتان والثلاث، وله نكاح الأمة لوجود الشرطين رواه عبد الملك، وعلى أنه المال في كونه مهر الحرة فقط، أو مع النفقة والمؤنة رواية محمد وقول أصبغ.
اللخمي: هو الصواب؛ لأنه يطلق عليه بعدم نفقتها إلا أن يجد من تتزوجه بعد علمها بذلك.
قال ابن رشد: بعد ذكرهما غير معزوين اختلف أيضًا في كون الحرة عنده طولا أم لا؟.
الشيخ: في الواضحة عن ابن الماجشون: الطول: المال، ولو كان دينًا إن كان على ملي يمكن بيعه، وما على عديم لغو.
قلت: وكذا على ملي غائب؛ لامتناع بيعه على المشهور.
قال: والمدبر والمعتق لأجل والآبق، ولو قرب إباقه، وما أعمر من عبد أو مسكن لغو، والكتابة والدار التي أسكنها سنة معتبران؛ لجواز بيعهما، والبعير الشارد معتبر ما لم يبعد.
الباجي: انظر قوله في المدبر مع إمكان بيه منافعه، وإجازته المدة غير الطويلة.
قلت: وكذا المعتق لأجل طويل.
ابن الحاجب: الطول قدر ما يتزوج به الحرة المسلمة، وقيل: أو يشتري به أمة،
وقيل: أو وجود الحرة في عصمته لا الأمة، وقيل: أو الأمة؛ فلذا جاء في نكاح الأمة معها عاجزًا عن حرة أخرى قولان، وجاز مع الأمة اتفاقًا.
قلت: قوله: المسلمة؛ يقتضي أنه المذهب، ولا أعرفه إلا لابن العربي، وظاهر الروايات والأقوال عدم اعتباره، ونص مالك وغيره على علية إرقاق الولد تزيفه، وقول عياض: اختلف العلماء في القدرة على نكاح حرة كتابية هل هو طول وهي مقدمة على الأمة المسلمة أم ذلك خاص بحرائر المسلمات؟ والذي نص حذاق الشافعية أنها كالمسلمة؛ لأن العلة إرقاق الولد وهو نص مالك لا يثبت؛ إذ لم نضفه للمذهب؛ بل ذكره تعليل مالك ينفيه عنه، ونقله قدر ما يشتري به أمة طول لا أعرفه، لكن هو مقتضى عليه إرقاق الولد.
وقوله: وجاز مع الأمة اتفاقًا متناقض؛ لأن قوله مع وجود الأمة اتفاقًا إن أراد في عصمته ناقض نقله الأول: إن الأمة في عصمته طول، وإن أراد في ملكه- وبه أجاب ابن عبد السلام عن هذا التناقض- ناقض نقله أولًا أن الطول قدر ما يشتري به الأمة، ولا يجاب بأنه لا يلزم من كون ما يشتري به الأمة طولًا كون الأمة في ملكة طولًا، كما لم يلزم من كون وجدان مهر الحرة طولًا كون الحرة تحته طولًا؛ لأنه قد قيل بلزومه، وهو أن الحرة تحته طول، فتكون الأمة عنده كذلك؛ فلا اتفاق.
الباجي: إن لم يزل خوف العنت إلا بنكاح أربع إماء؛ جاز له، وإن زال بواحدة فقال ابن الماجشون: لا يجوز غيرها، وظاهر رواية محمد إباحة الأربع بعدم الطول، وخوف العنت قبل نكاح واحدة منهن.
وفيها: كم يتزوج الحر من الإماء.
في قول مالك: قال: ما سمعت منه فيه شيئًا، وأرى إن خشي العنت؛ فله أن يتزوج ما بينه وبين أربع.
ابن بشير: لو تزوج الأمة بشرطها؛ ففي جواز الزيادة عليها الأربع قولان؛ بناء على اعتبار الشرطين في كل أمة أو إباحة واحدة تصيره من أهلها.
اللخمي: لو خشي العنت في أمة معينة؛ ففي منعه نكاحها، وإجازته قولاه في
الموازية والواضحة، فصرح المتيطي بأنهما روايتان، واختار اللخمي: إن كان عزبًا تزوج حرة؛ ليذهب ما به لقوله صلى الله عليه وسلم: "إذا أبصر أحدكم امرأة فأعجبته فليأت أهله فإن ذلك يرد ما في نفسه"، وإن كان ذا زوجة؛ لم تكفه تزوج حرة وإلا تزوج الأمة.
وخرج ابن بشير الروايتين على تفسير العنت بالزنى أو الهوى.
ابن العربي: إن لم يجد إلا حرة بمهر هو لكثرته سرف حلت له الأمة.
وقول ابن الحاجب: على الأصح لا أعرف مقابله، وإشارة ابن عبد السلام إلى تخريجه من قولهم في واجد ما يشتري به القربة في الظهار والكفارة: أنه لا يصوم، ولو كان جميع ماله يرد بأن الكفارة في الظهار مجمع عليها، وفي شرط الطول خلاف مشهور، وفي غيره على التراخي، ولا مفسدة ولا مشقة في تأخيرها؛ لوجدانها دون سرف بخلاف التأخير في مسألتنا.
والعنت: الباجي: في الموطأ: الزنا.
وقال أصبغ: قال ربيعة- وهو من أوعية العلم-: هو الهوى، وتقدم إجراء ابن بشير قولي مالك عليهما، والأكثر على نقل الأول فقط.
وفي ثالث نكاحها: من عقد على حرة وأمة معًا، وسمى مهر كل منهما؛ رجع مالك عن فسخه في الأمة فقط إلى صحته، وتخير الحرة في نفسها إن جهلتها لا إن علمتها، فقيل: إن وجد طولًا فسد فيهما.
زاد عياض: وكذا إن لم يجده على إحدى روايتيها، ورواية محمد: أن الحرة تحته طول.
وقال سحنون: يفسخ فيهما.
قلت: فرضه غير واحد الطول مع تزويجه إياها بمهرها متنافٍ إلا بزيادة، وعدم كفايتها إياه، أو بما يأتي اعتذارًا في كلام الباجي، ولا يلزم من كون الحرة تحته مانعة
كونها كذلك مقارنة؛ إذ لا يلزم من منع أمر سابق أمرًا لاحقًا له منعه إياه، مقارنًا له؛ كإعطاء فقير أكثر من نصاب مرة واحدة.
اللخمي: إن علمت الحرة بالأمة، ولم تكفه الحرة، ولا طول الأخرى؛ صح فيهما إلا على رواية: أن الحرة تحته طول، ومقابلهما يوجب حق الحرة، وفسخ نكاح الأمة إن أسقطت حقها بقي الآخر، وإن علمت بها، وكفته الحرة، أو وجد طولًا لأخرى؛ فسد في الأمة، ولا حق للحرة، ومقابله مقابله، وحق الحرة تخييرها حسبما يأتي.
وفيها: لمالك: الحر يتزوج الحرة على الأمة للحرة الخيار إن جهلتها، وإلا فلا.
ابن القاسم: إن كانت تحت أمتان، علمت إحداهما فقطح فلها الخيار، كما لو رضيت أمة تزوجها عليها لها الخيار إن تزوج أخرى.
ابن بشير: قيل: لا خيار لها إن رضيت واحدة، فوجدت اثنتين، وذكرهما في الكافي روايتين.
اللخمي: رجع مالك عن قوله: لا خيار لها في تزويجها على أمة إلى ثبوته لها، وتعليل الأول بتفريطها غير بين؛ لأن كون الأمة تحت الحر نادر، وعزا الشيخ ما رجع إليه مالك لمحمد عن رواية ابن القاسم وابن وهب، وما رجع عنه لرواية أشهب والمختصر وابن زرقون لأشهب لا لروايته.
ابن شاس: ولا يفسخ نكاح الأمة، ولو قلنا: الحرة تحته طول؛ لأن الشرط لا يراعى إلا في ابتداء النكاح لا في دوامه، ولا يأمن عود العذر بعد ذلك.
قلت: للخمي وابن زرقون عن ابن حبيب: يفسح نكاح الأمة بتزويجه الحرة عليها.
وفيها: لمالك: لا ينكح أمة على حرة، فإن فعل؛ جاز النكاح، وللحرة أن تختار نفسها.
الباجي: في نكاحها على الحرة ثلاث روايات: لا يجوز، وإن عدم الطول الذي هو المال أو خاف العنت؛ لأن الحرة تحته طول، ويجوز، ولو لم يعدم طولًا، ولم يخف عنتًا، والثالثة: تجوز مع عدم الطول وخوف العنت لا مع وجود الطول وأمن العنت، والطول في القولين الأخيرين أظهر في المال، ويجوز أن يراد به الحرة.
قلت: لا يشكل جواز كونه الحرة على الأخير؛ لأنها لا تحصل إلا بمال، فكونها طولًا هو كونه المال؛ لأن المعني بأن الطول المال هو ملكه المال، فلا يلزم من كونها لا تحصل إلا بمال كونها المال؛ لجواز قدرته عليها بإنكاحه إياها غيره دون تمليكه مهرها.
قال: وإذا قلنا بتزوجها على الحرة؛ فلها الخيار.
وفي كونه في أن تقيم أو تفارق، أو في رد نكاح الأمة قولان لها، ولابن الماجشون.
قلت: زاد ابن سحنون: وللمغيرة: قال ابن الماجشون: والكتابية كالمسلمة.
قال الباجي: وفيها: يفرق بينهما، وقاله أشهب وابن عبد الحكم وأصبغ.
قال ابن القاسم: ثم رجع فقال: تخير الأمة، واختاره ابن القاسم.
اللخمي: اختلف قوله في كون خيارها في طلاقها أو طلاق الأمة، وأرى أن تخير في بقاء الأمة معها، فإن أبت؛ خير الزوج في طلاق أيهما شاء أحب، وأستحسن إن أراد طلاق الحرة أن يعلمها ذلك، فقد ترضى حينئذ بالبقاء.
وفيها: لم جعل للحرة الخيار؟.
قال: قال مالك: إنما جعلناه لما قالت العلماء، ولولا قولهم لرأيته حلالًا؛ لأنه حلال في كتاب الله.
وجواب استشكال دلالة لولا على تقليده فيما لم يضق وقت العمل به عن النظر فيه أن مراده بالعلماء الصحابة رضي الله عنهم، وهو حجة عند قوم، ودليل الكتاب غير نص حسبما يأتي.
الباجي: عن ابن حبيب: سألنا ابن القاسم في أي آية هو حلال؟.
قال: لا أدري.
محمد: يريد في آية: {وَأَنكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ} [النور:32]، وهي ناسخة آية:{وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ} [النساء:25].
الباجي: وفيه نظر؛ لأن آية النساء أخص، فيجب تقديمها، ولا يثبت النسخ إلا بدليل.
ابن بشير: ثم تأول أنه آية النور بدليل أن طريقتها بطريق أن دلالتها على الإباحة بالعموم، ودليل آية النساء على المنع بالمفهوم، فإن قلنا بلغو دلالة المفهوم فواضح وإلا
قدم العموم عليه، وفيه خلاف.
قلت: وهذا لا ينافي ما قاله محمد؛ فلعله مراده.
الباجي: ويحتمل أنه حلال بالشرطين وأن الحرة تحته لا تمنعه؛ لأنها ليست طولًا؛ فلا خيار لها، وهو جواب السائل عن موجب خيارها.
ابن رشد: إن تزوج حر أمة على حرة أو بالعكس؛ فعلى جوازه دون شرط لا كلام للحرة إلا على قول التونسي، ولا يصح إلا على قول ابن الماجشون: للحرة الخيار إن تزوجها عبد على أمة، أو أمة عليها، وعلى اعتبار الشرطين؛ ففي تخيير الحرة في نفسها مطلقًا، أو إن كانت ثانية، وإلا ففي الأمة، ثالثها: إن كانت الأولى؛ ففي الأمة وإلا فلا حق لها، ورابعها: فسخ الثانية منهما مطلقًا، وخامسها: إن كانت الأمة وإلا فلا.
قال: وعلى شرط الأمرين لو تزوج أمة به، ثم وجد طولًا؛ ففي إلزامه أن يفارقها ثالثها: إن تزوج الحرة، ولو زال خوف عنته؛ لم يلزمه اتفاقًا.
ابن بشير: المذهب ليس عليه فراقها.
الباجي عن ابن القصار: هو قول كافة العلماء غير المزني، وعزا اللخمي ثاني أقوال ابن رشد لمالك، وثالثها لابن حبيب، وأخذه من قول ابن القاسم في الموازية: لو فرق بينه وبين الأمة ثانية على الحرة؛ لفرق بينه وبين الأمة في عكسه؛ لأن الأمر فيهما سواء على قوله الأخير: لا يتزوج الأمة إلا بشرط الأمرين.
بن بشير: ما أبعد هذا؛ لأنه تخريج للخلاف في الأصل منه في الفرع.
قلت: يرد بأن حاصل قول ابن القاسم استدلال بتلازم استثني فيه نفي اللازم، فأخذ منه اللخمي ثبوته من قوله لابن القاسم بثبوت الملزوم؛ وهو دليل جودة فطرته مع كونه على ما قال المازري عنه أول كتاب الجنائز.
وفيها: قلت: أتختار نفسها بالثلاث؟.
قال: لم أسمعه من مالك، ولا تختار إلا بواحدة تملك بها نفسها، وعزاه الشيخ له ولمطرف.
الصقلي عن محمد: إن فارقت بالثلاث؛ لزمت وأساءت، ونقله الباجي: وخالفت السنة.
قال: وهذا إن كانت الحرة الثانية، وأما إن كانت الأولى؛ فليس لها إلا طلاق نفسها واحدة بائنة، ولا فرق بين الموضعين، فتتخرج الرواية فيهما، ولو فارقته قبل البناء؛ ففي سقوط نصف المهر مطلقًا، أو إن كانت الثانية نقلا عبد الحق عن جوابه ابن عبد الرحمن وغيره من القرويين محتجًا لهم بأنها أولى كمخيرة، أو مملكة قبل البناء، وثانية كقائمة بعيب، ورده ابن عبد الرحمن: بأن المخيرة جعل الزوج لها الطلاق، ولم يجعله لهذه.
قلت: وعليهما سقوط إرثها له لو كان في مرضه مطلقًا أو إن كانت الثانية.
وفيها: يتزوج العبد من الإماء أربعًا، وإن لم يخش العنت في قول مالك، ونقله الباجي غير معزو على أنه المذهب.
ابن زرقون: عن القاضي عن عبد الملك: إن كان تحته حرة؛ فلا يتزوج أمة.
وفيها: لا خيار لحرة تحت عبد في نكاحه إياها على أمة أو أمة عليها.
الباجي: قاله كل أصحابه إلا ابن الماجشون قال: لها معه ما لها مع الحر.
وفي نقله ابن الحاجب مقابلًا للمنصوص تعقب، وجواب ابن عبد السلام بأن قول ابن الماجشون إنما هو في هاتين الصورتين، وعمومه فيما بقي من الصور إنما هو بالتخريج، يرد بأنه لا باقي بعد الصورتين إلا المقارنة لها، وقوله في غيرها: أحرى فيها ومثل هذا لا يقال فيه تخريج، ويمنع حصر قوله في الصورتين؛ لأن نص قوله على ما نقله الباجي والشيخ: للحرة معه مثل ما لها مع الحر.
وتبوء زوجها الحر بها بيتًا فيها: إن طلبه أو وطئها فقال ربها: هي الآن في شغل ولا أبوءها معك بيتًا قال: لم أسمع من مالك فيه حدًا إلا قوله: ليس له منع زوجها إصابتها ولا لزوجها أن تبوأ معه بيتًا إلا برضى ربها، وليس له أن يضر بالزوج فيما يحتاج إليه من جماعها، ولا للزوج أن يضر به في خدمتها.
ابن حارث: إن لم يشترط تبوءها معه بيتًا؛ فليس له اتفاقًا.
اللخمي: إن اشترطه؛ فهو له.
ابن بشير إن لم يشترطه وتشاحا؛ حكم بالعادة في ذلك.
ابن حارث: لو كان إلي لكان النكاح دون بيان المثوى، وقدر خدمتها، وذكر تبوئها ومكانه فاسدًا، بأقل من هذا الغرر يفسد النكاح.
الشيخ واللخمي عن ابن الماجشون: ترسل إليه ليلة بعد ثلاث.
اللخمي: والمدبرة والمعتقة لأجل كالأمة، وأم الولد كالحرة، وله أن يضم المكاتبة إليه، ولا يمنعها ما كانت عليه من السعي، فإن عجزت؛ فكالأمة، وله ضم المعتق نصفها في يومها.
وفيها: إن باعها بموضع لا يقدر الزوج على جماعها أيكون لبائعها مهرها؟.
قال: لم أسمعه، وأراه عليه أو نصفه إن طلقها، وقيل له: أطلبها، وخاصم من منعك؛ فحملها اللخمي على ظاهرها فقال في الموازية: من قتل أمته قبل بناء زوجها بها؛ لم يسقط مهرها، ويلزم عليه لو كانت حرة قتلت نفسها؛ لم يسقط مهرها، والقياس فيهما سقوطه كما لو منعت نفسها، وطلبت مهرها.
قلت: يرد بأن العداء في منعها نفسها تعلق بنفس عوض المهر وهو المتعة، وفي صورتي القتل؛ إنما تعلق بغيره، وهو ذات الزوجة.
وفي سرقتها: لو أقر شهيدًا الطلاق قبل البناء بالزور؛ غر ما نصف المهر، وفي رضاعها: لو تعمدت امرأة رجل إرضاعها زوجة ابنه؛ فسخ النكاح ولا مهر.
قلت: لأن متعلق العداء في الرضاع نفس ثبوت النسبة لا رفع العصمة، وقيدها عياض فقال: معنى المسألة أن مبتاعها سافر بها حيث يشق على الزوج لضعفه، ولو منع منها لظلم مبتاعها، وأنه لا يقدر عليه؛ سقط عن الزوج المهر، وقضي على البائع برده، ومتى قدر الزوج على الوصول إليها دفعه، وقاله أبو عمران.
قلت: وقبله الصقلي.
اللخمي: لربها السفر بها، وبيعها ممن يسافر بها، ولو شرط الزوج أن تأوي إليه بالليل، ولو شرط أن تكون عنده كالحرة؛ منع ربها السفر بها، والقياس أن لا يجوز بيعها إن شرط زوجها انقطاعها عنده كالحرة؛ لأن المشتري اشترى ما لا منفعة له فيه.
ونفقتها وزوجها حر.
قال اللخمي: إن شرطت عليه أو شرط ضمها إليه؛ لزمته، وإلا فثالثها: إن كانت تأتيه، ورابعها: في وقت إتيانها له فقط، وخامسها: على ربها إرسالها إليه ليلة في كل أربع ليال على زوجها نفقتها في تلك الليلة ويومها، ولو ردها صبيحتها، لها ولإحدى روايتي
محمد، وثانيتهما وابن الماجشون ولابن حبيب عنه.
قلت: زاد الشيخ عنه: ولو تركها عند ربها تلك الليلة ويومها؛ لزمته نفقتها فيهما، ولو شرط ضمها إليه؛ لزمه نفقتها، ولم يكن له ردها لربها؛ ليسقط نفقتها، ولو شرط حبسها عند ربها؛ لم يلزمه إرسالها في كل أربع ليال.
ابن حارث: نفقتها وقت كونها عند زوجها عليه اتفاقًا.
وفي كونها عند ربها خلاف.
ابن الماجشون: على ربها، وقاله ابن القاسم مرة، ومرة: على زوجها، وقال مالك مرة، ومرة: إن أسلمت تبيت عنده وإلا فلا، وقاله ابن القاسم وسحنون.
قلت: نقل ابن حارث: الاتفاق وقت كونها عند الزوج خلاف رابع.
اللخمي: وذكر ابن بشير خمسة.
اللخمي: وأسقط رابعها، وذكر قوله: إن تبوأت معه بيتًا؛ وجبت وإلا سقطت، وهو خلاف ما نقله اللخمي من الاتفاق.
ونفقتها وزوجها عبد: اللخمي: على سقوط نفقة زوجته الحرة عنه، الأمة كذلك، وعلى ثبوتها هو معها كالحر والمدبرة والمعتقة لأجل مثلها.
قلت: والمعتق بعضها في يومها كالحرة، وفي يوم ربها كالأمة.
ونقل اللخمي خمسة الأقوال في الحر نصًا، وأجراها في العبد.
وعكس ابن الحاجب نقل في الحر قولين وفي العبد أربعة.
ونفقة زوجته الحرة: قال اللخمي: في وجوبها عليه قولان لها ولأبي مصعب.
وروى محمد: أحب شرطها عليه بإذن ربه في عقد نكاحه.
وفي الموازية: منع شرطها على ربه، وأجازه أبو مصعب، وأراها عليه إن كان تاجرًا متصرفًا لنفسه بماله، وإن كان عبد خدمة؛ لم تطلق عليه بترك النفقة كقول مالك فيمن تزوجت من علمت فقره إلا أن تظن الزوجة أن العبد كالحر الموسر؛ فلها المقال، والمدبر والمعتق لأجل مثله، والمكاتب كالحر، والمعتق بعضه في يومه كحر، وفي غيره كالعبد.
وفي ثاني نكاحها: نفقة زوجة العبد حرة أو أمة في ماله إن كان لا في كسبه وعمله،
فإن لم يجد غيره؛ فرق بينهما إلا أن يطوع ربه بها.
اللخمي: نفقة العبد المخارج من ماله لا من فضل خراجه إلا بإذن ربه أو عادة بذلك.
وقال محمد: إن عجز عن النفقة، وعليه خراج لربه؛ فلا شيء له حتى يبدأ بخراج ربه، فجعل لها الإنفاق من فاضل خراجه؛ فلعله لعادة.
قلت: ولعله فيما ملكه بعطية لا في خراجه، وقدم الخراج على النفقة لرعي القول بسقوطها.
ومهر الأمة في كونه كمالها لربها أخذه، ولزوم تجهيزها به كالحرة قولا ثاني نكاحها ورهونها.
عياض: قيل: اختلاف، وقيل: هذه بوئت والأخرى لم تبوأ، وعندي أنها وإن لم تبوأ؛ فحق الزوج في تطييبها، وتزيينها منه لازم.
اللخمي: في لزوم تجهيزها به وصحة انتزاعه ربها دونه، ويترك لها ربع دينار، ثالثها: إن زوجها من غير عبده لرهونها، ومحمد عن ابن القاسم، وأصبغ مع ابن عبد الحكم، ولم يحك أبو عمر في الكافي غير الثاني.
زاد الشيخ في نقل محمد: إن باعها ربها؛ فهو أحق به، فظاهره: أنه رابع.
ابن حبيب: لو استثنى مبتاعها مالها؛ لزمه تجهيزها به كما كان في البائع، واختلف فيه قول ابن القاسم.
وسمع سحنون ابن القاسم: لربها أن ينتزع مهرها.
سحنون: لا أراه لمنع مالك قضاء الحرة دينًا منه.
ابن رشد: في صحة انتزاعه، ولزوم تجهيزها به، ثالثها: إلا ربع دينار، ورابعها: يجهزها منه جهاز مثلها لدليل قول ابن القاسم في ثاني نكاحها، وسحنون مع رواية رهونها، وبكير بن الأشج في ثاني نكاحها وابن حبيب، والأول أقيس، والثاني إجراء على المذهب، والأخيران استحسان، وقول ابن الحاجب: له أخذه إلا قدر ما تحل به على المنصوص يتعقب بأن مقابله منصوص حسبما تقدم لابن رشد، وقول ابن الحاجب معها: يجوز وضع ربها من مهرها دون إذنها واضح لانحصار الحق فيه لها، ولربها،
وللزوج ومالها لربها.
وقول ابن الحاجب: إن قتلها السيد؛ لم يسقط بنى، أو لم يبن هو قول اللخمي.
في الموازية: إن قتل السيد أمته قبل البناء؛ فله الصداق، وعليه يكون للحرة إذا قتلت نفسها الصداق، وهذا كقولها: إذا باع السيد أمته بموضع لا يقدر الزوج على جمعها؛ فله الصداق، ولا أرى للزوجة في جميع ذلك شيئًا إذا كان الامتناع منها أو من السيد إن كانت أمة.
قلت: مسألة بيع السيد حيث ذكر أخف لرجاء وصول الزوج لزوجته، ولا رجاء مع الموت، والمذهب: لربها منع الزوج منها حتى يقبض مهرها كالحرة.
في ثالث نكاحها: إن باعها من غير زوجها؛ فمهرها لربها، ولو قبل البناء إلا أن يشترطه المبتاع، فكونه لا حق لهما في منع زوجها منها حتى يدفع مهرها في بيعها قبل البناء واضح؛ لسقوط حق البائع فيه، والمبتاع في مهرها، ولو استثنى المبتاع مهرها؛ كان كبائعها قبل بيعها، وفيه لو باعها من زوجها بعد البناء؛ فمهرها لربها، وقبله ساقط إن قبضه رده.
وسمع أبو زيد ابن القاسم: من قبض مهر أمته، فباعها السلطان في فلسه من زوجها قبل بنائه لا يرجع زوجها بمهرها على ربها؛ لأن السلطان هو الذي باعها منه.
ابن رشد: ظاهره: لا يرجع عليه شيء منه، وليس بصحيح؛ لأنه لا يجب جميع المسمى إلا بالموت، وإنما معناه: لا يرجع بجميعه؛ بل بنصفه فقط؛ لأن الفرقة من قبله باشترائه عالمًا أنها زوجته تحرم باشترائه، فصار كمطلق، ولو اشتراها جاهلًا أنها امرأته رجع بكل المهر على ربها لقول ثالث نكاحها: من لم يبن بامرأته حتى تزوج أمها، وبنى بها جاهلًا بها؛ حرمت عليه امرأته، ولا شيء عليه من مهرها؛ لأنه تحريم لم يتعمده، وهو محمول على عدم العلم حتى يثبت إن قال: لم أعلم حلف، ورجع بجميع المهر، ونص قولها: لا شيء لربها من مهرها إن باعها قبل البناء هو دليل لفظ السماع؛ لأن السلطان هو الذي باعها، وإنما سقط المهر مع علم الزوج أنها زوجته، وجعل الفسخ من قبل ربها دونه؛ لأن ربها كان أملك بالبيع، فغلب أمره.
قلت: وكذا الزوج كان أملك بعدم شرائها؛ بل موجب ذلك أن علم كل منهما
يوجب قصده الفسخ، والفسخ سبب في سقوط المهر، وقاصد السبب قاصد مسببه، فألزم كل منهما مقتضى قصده، ومقتضاه من ربها سقوط المهر، وكذا هو من الزوج لا ثبوته يوجب الحكم بمقتضى القصدين، وهو سقوط المهر، وإنما يكون قصد الزوج الفسخ موجبًا للمهر حيث يكون محض عداء استقل به.
قال: ولو باعها ممن جهل أنه اشتراها لزوجها كان كبيعها السلطان، ولعيسى في كتاب القطعان: بيع السلطان كبيعه، ويرجع عليه بكل المهر، وهو بعيد ضعيف.
قلت: ذكر الصقلي: أن أبا عمران عاب رواية أبي زيد وضعفها.
وقال: اختلف في ذلك قول ابن القاسم، وقد روى لنا الباجي عن سماع عيسى: بيع السلطان كبيعه، وتأول بعضهم قوله في رواية أبي زيد: لا رجوع للزوج عليه بالمهر؛ يريد: لا يرجع في ثمن الأمة، فيحاص غرماء ربها؛ لأن فسخ النكاح إنما هو بعد عقد البيع، فهو كدين طرأ من معاملة حادثة.
وقول ابن عبد السلام: (حكى ابن الجلاب في الأول وجوب نصف المهر، وهو يشبه قول ابن سحنون: إن فرقة شراء أحد الزوجين الآخر صاحبه بطلاق) لم أجده فيما رأيته من نسخه، وقوله: تأويل بعضهم أقرب؛ لأنه قول ابن القاسم في غير مسألة أشهرها في ذلك قوله في العتق الأول: إن باع عبدك سلعة بأمرك، ثم أعتقته، ثم استحقت السلعة، ولا مال لك؛ فلا رد للعتق؛ لأنه دين لحقك بعد إنفاذه.
قلت: أبين من ذلك مسألة رهونها؛ وهي من زوج أمته، واستهلك مهرها قبل البناء وأعتقها، ثم طلقت قبل البناء، ولا مال للسيد؛ لم يرد عتقها؛ لأن الدين إنما لزم السيد حين طلق الزوج لا يوم العتق.
قال عياض: سقطت هنا لابن عتاب، وثبتت في سائر الروايات والأصول منها نقلها المختصرون والشارحون، وقد يفرق بين مسألة النزاع ومسألة العتق الأول بالاتفاق على وجوب ثمن الثوب بالعقد بطرو الطلب به للاستحقاق كأمر حادث.
وفي ثبوت نصف المهر بالعقد خلاف مشهور، فكان طلبه للفسخ كدين سابق حل، والتمسك بمسألة كتاب الرهن هو من تعليلها.
أبو حفص: القياس عدم رجوع الزوج في شرائه زوجته قبل البناء بشيء؛ لأنه قد
يشتريها بزيادة درهم على سوم غيره، فلو سقط المهر؛ كان مشتريًا لها بأقل مما كانت على غيره، وأجاب بأنه كمن ابتاع حجرًا بان أنه ياقوتة، ولو باعها السلطان لدين؛ لنودي عليها على أنها ذات زوج، ولم يبعها منه إلا بزيادة المهر، وما يزاد عادة.
وقال عبد الواحد: بزيادة نصف المهر لا المهر، ولا حجة له بقدرته على الطلاق؛ لأن ما ينقصه الطلاق عن المهر قد يكون أقل مما يزاد في ثمنها؛ لزوال عيب تزويجها كما لو كانت قيمتها معيبة عشرين وسليمة أربعين ومهرها عشرون، لو بيعت منه بزيادة نصفه؛ والزيادة المعتادة وهي دينار حصل للغرماء أحد وثلاثون، ولو طلقها؛ حصل لهم أربعون.
قلت: إنما يلزم هذا لو كان الطلاق لازمًا، والحق اعتبار الأكثر مما يحصل في ثمنها منه بعد إسقاط المهر، وفي ثمنها من غيره مع المهر، وعدم اعتبار ما ينتفع به من زوال عيب تزويجها؛ لأنه لوصف خاص به كبيع إمام على مفلس أحد خفين له من بعض جمع فيه من يملك مماثل الخف المبيع لا يعتبر فيه علو قيمته بعد شرائه مالك مماثله؛ بل قيمته منفردًا.
أبو حفص: لو باعها مبتاعها قبل البناء من زوجها؛ رجع بمهرها على ربها؛ لأنه السبب في بيعها منه.
قلت: هذا أبعد من بيعها السلطان في الفلس.
وفيها: من أعتق أمة زوجها بتفويض قبل فرض زوجها لها؛ لم يصح استثناؤه مهرها؛ لأنه قبل ثبوته.
ابن محرز: قول بعض المذاكرين: هذا على قول ابن القاسم في سقوط المال: في أنت حر وعليك، وعلى قول مالك: يلزمه؛ يكون المهر للسيد؛ لأنه وإن لم يجب؛ فهو كما لو جعل في ذمتها بعتقها غلط؛ لأنه لم يجعله في ذمتها إنما استثناه من حيث كونه لها وهو ليس لها.
وفيها: مهر المعتق بعضها بيدها كمالها.
الصقلي عن بعض الشيوخ: إنما كان لها بخلاف أرش جرحها بينها وبين مالك بعضها؛ لأن الأرش عوض عن جرحها وهو بينهما، والمهر سماه الله تعالى نحلة، فكان
كمالها، ولأن الأرش بسبب لم يأذن فيه ربها، والمهر لسبب أذن فيه.
ابن الحاجب: لو قال: أعتقتك لتنكحيني؛ لم يلزمها الوفاء، وكذا المرأة لعبدها.
ابن عبد السلام: إن وافقته على أن عتقها وقع على شرط أن تتزوجه استحب لها الوفاء به.
قلت: في عتقها الثاني: من أعتق أمته على أن تنكحه أو فلانًا غيره فامتنعت؛ فهي حرة لا يلزمها نكاح إلا أن تشاء، وكذا لو أعطى رجلٌ رجلًا ألف درهم على أن يعتق أمته، ويزوجها منه، فأعتقها؛ فهي حرة، ولها أن لا تنكحه، والألف لازمة للرجل.
قلت: الأظهر سقوط ما زاد على قيمة الأمة من الألف، أو مناب التزويج منها؛ لأنه على الأمرين أعطاها، ولابن حارث عن ابن حبيب وابن الماجشون والمغيرة وأصبغ: تفض الألف على قيمة الأمة ومهر مثلها، فما نابه؛ رد لدافع الألف.
الكافرة: إن كانت كتابية أمة؛ ففي ثالث نكاحها: توطأ بالملك لا بنكاح المسلم، ولو كان عبدًا، لمسلم كانت أو ذمي، ولا يزوجها ربها من عبده المسلم.
وللصقلي: قيل لابن القاسم: أيزوج المسلم أمته النصرانية من نصراني أو غيره؟.
قال: نعم، ليس من قبيل الولاية؛ بل من قبيل أنها ماله.
الصقلي: أما من غير مسلم؛ فجائز ومنه لا يجوز.
اللخمي: أجاز أشهب: لمن أسلم على أمة نصرانية البقاء عليها؛ لتقدم نكاحها في وقت لم يخاطب فيه بشرط، فأشبه من نكحها في الإسلام بالشرطين، ثم ارتفعا؛ فبقاؤه عليها جائز.
وذكر الباجي قول أشهب وقال: قال الشيخ: يريد: إن أعتقت أو أسلمت لذكر محمد بعد هذا عن أشهب مثل قول ابن القاسم: أن يفارقها.
قلت: للشيخ عن محمد عن ابن القاسم: من نكح حربية، ثم سباها المسلمون، فأحب إلي أن يفارقها؛ لأنها الآن أمة، وقال أصبغ: بل واجب فسخه.
قلت: ففي وجوب الفسخ ثالثها: يستحب لمعروف قول ابن القاسم مع أشهب مرة، وأصبغ ومعروف قول أشهب، وقول ابن القاسم، والحرة الكتابية؛ المذهب كراهة نكاحها.
وفيها: يجوز للمسلم نكاح الحرة الكتابية؛ إنما كرهه مالك، ولم يحرمه لما تتغذى به من خمر وخنزير وتغذي به ولده، وهو يقبل ويضاجع؛ ليس له منعها من ذلك، ولا من الذهاب للكنيسة.
المتيطي: وقيل لأنها قد تموت حاملًا، والجنين ابن المسلم، فتدفن به في مقبرة الكفار حفرة من النار، وقيل: لأنه يوجب مودة منه لها لقوله تعالى: {وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً} [الروم:21] مع قوله تعالى: {لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ
…
} الآية [المجادلة:22]، وقال أبو إبراهيم في كتاب طلاق السنة لمحمد: للرجل منع امرأته النصرانية من شرب الخمر وأكل الخنزير والكنيسة إلا للفريضة، ولا يمنعها صومها ولا يطؤها، وهي ضائمة؛ لأن صومها من دينها، وليس شرب الخمر، وأكل الخنزير منه.
وروي عن مالك غير هذا، وأظنه وهمًا، وما أخبرتك هو أحب إلي، وقاله ابن وهب قال: لأنها كما رضيت أن يملكها مسلم؛ كان له أن يمنعها ذلك.
وفيها: كره مالك نكاح الحربية لتربية الولد بدار الحرب، وأنا أرى أن يطلقها، ولا أقضي عليه.
أبو عمر: كرهه مالك من أجل السباء والولد.
عياض: كراهته الحربية أشد من الذمية بدار الإسلام، وأشد ما علل به فيها سكناه معها بدار الحرب حيث يجري حكمهم عليه، وهو حرام بإجماع جرحة.
قلت: فتخرج كراهة تزويجها الأسير، ومن لا يمكنه الخروج.
قلت: لا يجوز وطء مجوسية بنكاح ولا بنكاح.
ابن شهاب: ولا قبلة ولا مباشرة.
اللخمي: هذا قول مالك وابن القاسم واختلف فيه.
قال ابن شعبان: أجاز بعض متقدمي أهل المدينة ذلك بالملك وأبو ثور بالنكاح.
وقال ابن القصار: قال بعض أصحابنا: على القول أن لهم كتابًا تجوز مناكحتهم، واختلف في الصابئة والسامرية على أن الصابئين من النصارى والسامرية من اليهود، فتجوز مناكحتهم، وعلى نفيه نفيه، ونكاح من سواهن من كافرة، واستمتاع بها حرام.
وقول ابن بشير: ألحق اللخمي الصابئين بالنصارى والسامرية باليهود، وتقدم في
الذبائج أنهما غير ملحقين بهما، يرد بأنه إنما ألحقهما بهما على القول بأنهما ملة لعدم الإجماع على نقيضه.
وردة أحد الزوجين في كونه فسخًا أو طلاقًا قولان للخمي عن رواية المبسوط مع الصقلي عن رواية ابن أبي أويس، وعبد الحميد عن الشيخ عن رواية ابن الماجشون معه والمشهور، وعليه في كونه طلقة بائنة أو رجعية ثالثها: إن أسلم في عدتها فكمن؛ لم يرتد وإلا فطلقة للمشهور، والصقلي عن المغيرة قائلًا: للزوج الرجعة إن أسلم وابن الماجشون ونقل الصقلي عن أشهب: إن أسلمت في العدة؛ بقيت زوجة مع نقله ما تقدم يوهم مغايرته إياه، والحق أنه فسخ أو كابن الماجشون.
وسمع يحيى ابن القاسم: لا تحل المرتدة لزوجها إذا بانت إلا بنكاح جديد، ولا يحل له وطؤها في ارتدادها.
ابن رشد: هذا كقول نكاحها الثالث: أن ردة أحدهما طلقة بائنة، ورآه ابن الماجشون فسخًا بغير طلاق، وعن سحنون: إن أسلمت في عدتها، فزوجها أملك بها، فرآه طلقة رجعية مثل قول مالك في أمهات الأولاد من المدونة: ارتداد الزوجة طلقة رجعية يكون أحق بها إن أسلم في عدتها، ففي كون ارتداد أحدهما طلقة بائنة أو رجعية ثالثها: فسخ بغير طلاق.
قلت: وفي معنى كونها طلقة رجعية أنه بنفس إسلام المرتد منهما تثبت الرجعة أو بعد إنشاء الزوج الرجعة قولان لمتقدم ظاهر ابن رشد والصقلي عن المغيرة.
وفيها: إن ارتد لدين زوجته قال: لم أسمع منه إلا قوله في المرتد: تحرم عليه امرأته فأرى أن تحرم عليه يهودية كانت أو غيرها.
اللخمي: يختلف إن ارتدت إلى النصرانية أو ارتد وتحته نصرانية قيل: يقع الفراق بينهما.
وقال مالك في المدونة: إن ارتد وقعت الفرقة بينه وبين زوجاته إن كن مسلمات، وروى علي وابن أشرس: إن ارتدت إلى المجوسية وقعت الفرقة بينها وبين زوجها المسلم، فخص مالك الفرقة بالمسلمات والآخران بارتدادها للمجوسية.
وقال أصبغ: من ارتد وزوجته كتابية؛ لم يحلل بينه وبينها، ولم تحرم عليه إن أسلم.
قلت: فيها: إن تزوج مرتد كتابية في ردته، ثم أسلم أيثبت نكاحه؟.
قال: قال مالك: من ارتد؛ وقعت الفرقة بينه وبين أزواجه إن كن مسلمات.
ابن القاسم: وتقع الفرقة بينه وبينهن إن كن غير مسلمات، فهذا يدلك أن إنكاحه إياهن في ردته لا يجوز، ولو رجع للإسلام.
قلت: فأخذ اللخمي، واستدلال ابن القاسم متنافيان.
الشيخ عن ابن سحنون عنه: من ادعى عند السلطان ردة زوجته المسلمة أو إسلام زوجته النصرانية وأكذبتاه؛ فرق بينه وبينهما لإقراره بتقدم ردة زوجته المسلمة، وتقرر ردة امرأته النصرانية.
الصقلي عن ابن حبيب: لو تزوج بعد حبسه للاستتابة؛ فسخ ولو كانت ذمية، ولا مهر لها إن قتل ولو بنى، وإن أسلم قبل فسخه؛ ففي ثبوته ولزوم فسخه قولا في ابن حبيب مع ابن الماجشون والمدونة.
وفي سقوط مهر من تزوجها في ردته، وبنى مطلقًا، أو إن كان بعد الحجر عليه ثالثها: إن علمت ردته وإلا فلها ربع دينار لمحمد- عن ابن القاسم وأصبغ والقابسي- قائلًا: لو تزوجها بعد الحجر ما منعت ربع دينار؛ لكن لا يملك ذلك؛ لأنه مسجون، ولو أسلم؛ كان لها مهرها، ولو زاد على مهر المثل، وتزوجها بعد الحجر، وبالأول قال ابن الكاتب: محتجًا بأنه بارتداده محجور عن ماله ما لم يسلم لقولهم: لا ينفق على ولده من ماله، ولا ثلث له تنفذ فيه وصيته.
ابن رشد: إن تزوج وبنى بعد الحجر عليه؛ فلا مهر لها إن قتل في ردته اتفاقًا، وقبل الحجر عليه في سقوطه، وثبوته في ماله ما لم يزد على مهر المثل سماع موسى ابن القاسم: لا مهر لها، وتعاض من مسيسه مع قول سحنون قائلًا: يجوز نكاحه ذمية في ذمته كنكاح مفلس في ذمته، ومحمد عن ابن القاسم مع أصبغ رادًا قول ابن القاسم الأول لهذا بناءً على الحجر عليه بنفس ردته أو بحجر السلطان، وهذا معلوم من قول ابن القاسم وروي لمالك.
قلت: ظاهر قول سحنون: صحة نكاحه الذمية في ردته، وأن زوجته لا تعاض فأقوال ابن رشد في المهر ثلاثة، وهي مغايرة للأخيرين من ثلاثة الصقلي.
محمد: إن قال مرتد أسلم: تزوجت هذه في ردتي، وقالت: بل بعد إسلامك؛ صدقت لادعائها الصحة، وفسخ نكاحه بإقراره، وغرم نصف المهر.
الصقلي: روى علي: إن ارتدت المرأة لقصد؛ فسخ نكاحها لم ينفسخ وفي ولائها: إن علم أن الأسير ارتد كرهًا؛ لم تبن زوجته، وإن جهل بانت، ولا يتعقب بأنه عبد، وطوعه إكراه؛ لأن ذلك فيما أمره به سيده لا فيما فعله، ولو فرق بينه وبين زوجته لجهل إكراهه ثم ثبت، ففي فوت زوجته ببناء الثاني كالمفقود وردها إليه كمطلق امرأة باسم لزوجته الحاضرة، وقال: أردت زوجتي المسماة به الغائبة، فطلقت عليه الحاضرة؛ لعدم تصديقه في الغائبة، ثم ثبت صدقه قولان للصقلي مع بعض شُيُوخه، وبعض أصحابه، وفي حرمة أم ولده عليه مدة ردته، وتحل له بإسلامه وعتقها به ثالثها: إن أسلم قبل انقضاء حيضتها من يوم ردته، وإلا حرمت وعتقت لابن القاسم فيها: لم أسمع من مالك في عتقها شيئًا، ولا أراه، وليست كالزوجة؛ لرفع عصمته بردته، وبقاء ملكه، فأراها موقوفة إن أسلم بقيت بحالها، وللصقلي مع اللخمي عن أشهب، وتخريجه على قوله مع عبد الملك في زوجته: إن أسلم قبل مضي عدتها؛ بقيت زوجته دون طلاق، وإلا بانت بطلقة.
عبد الحميد: اختلف في حرمتها عليه فقاله أشهب وخالفه غيره.
وفي «المدونة» : الوقف.
قُلتُ: إن أراد بقول غيره: حليتها له فلا أعرفه، وما أبعده لولا إمكان جريه على عدم الحجر عليه بردته، فيكون مقيدًا به لا، وإن حجر عليه، وحمله على تخريج اللخمي بعيد من لفظ قوله، وخالفه غيره، وإحباط ردته سابق أحكامه في كتابه.
والكافران: إسلامهما معًا على حالة نكاح بينهما هو لهما كعقدهما عليه حينئذ صحيحين ببينة وولي ومهر، وإن تقدم لهما بخلافه، أو كانا مريضين لنقل عبد الحق الإشبيلي: أجمعوا أن الزوجين إذا أسلما في حالة واحدة أن لهما البقاء على النكاح الأول إلا أن يكون بينهما نسب أو رضاع يوجب تحريمًا.
قلت: والأحاديث في ذلك متكلم في صحتها، وظاهر قصر هذا الاستثناء على ما ذكر فيه خلاف ما يأتي في نكاح المعتدة والمتعة، والمتقدم بتاتها في الكفر.
وفيها: إن أسلما كبيرين على نكاحهما صغيرين دون ولي وأمره، قال: لم أسمعه من مالك، وأراه جائزًا.
الشيخ عن محمد عن ابن القاسم وأشهب: إن أسلم على من نكحها في عدتها بعدها؛ ثبت نكاحه.
أشهب: ولو لم يبن، ولو أسلم في عدتها فارقها، وعليها ثلاث حيض؛ يريد: وقد مسها.
قلت: وكذا لو أسلمت دونه.
قال: ووطؤه إياها في عدتها في كفره لغو، وبعد إسلامه يحرمها.
قلت: وكذا بعد إسلامها.
قال: وإن أسلم على من نكحها متعة في أجلها؛ فسخ نكاحه وبعده يثبت، وقيد اللخمي ثبوته بثبوتهما عليه بعد العدة والأجل.
قال: وكذا لو كانان بزنى وتماديا قبل الإسلام على وجه النكاح.
قلت: قبوله الشيخ في المتعة خلاف قول ابن القاسم فيها: لا ينبغي أن يعرض لأهل الذمة إذا أسلموا في نكاحهم إلا أن يكون تزوج من لا تحل له، فيفرق بينهما، وسمع يحيى ابن القاسم: إن أسلما على نكاح عقداه في العدة؛ لم يفرق بينهما.
ابن رشد: يريد: أسلما بعدها، ولو وطئ فيها، ولو أسلما فيها فسخ إن عقداه قبل حيضة، ولو عقداه بعدها؛ ففي فسخه قولان من قول ابن وهب في الموازية: يفسخ نكاح مسلم نكح نصرانية بعد حيضة من عدة زوجها النصراني، وسماع أبي زيد ابن القاسم صحته إن كان بعد حيضة.
ابن شاس: لا يقرهم على فاسدٍ عندهم إلا أن يكون صحيحًا عندنا، ولو اعتقدوا غصب المرأة أو مراضاتها على الإقامة مع الرجل بغير عقد أقررناهم عليه.
اللخمي: وحيث يصح بإسلامهما يلزم الآبي منهما، وعلى الزوج نصف المهر، ورضاهما ترك العقد السابق بينهما طلاق، ولو كان العقد فاسدًا.
وفيها: ما كان من شروطهم من أمر مكروه، فإنه لا يثبت من ذلك إلا ما يثبت في الإسلام، ولا يفسخ من ذلك إلا ما يفسخ في الإسلام.
عياض وغيره: كذا روى جبلة.
وروى سحنون: بإسقاط إلا فيهما وابن وضاح: وإسقاط لا فيهما، ويحيى بن عمر بإسقاطهما في الأول، وإثباتهما في الثاني، وبعضهم بإثباتهما في الأول، ولا في الثاني فقط.
قلت: معنى الأولى والثالثة راجع إلى ثبوت نفس المهر وفسخه؛ ككونه خمرًا أو إلى العقد باعتبار حل الزوجة للزوج، وحرمتها عليه ككونها أخته، ومعنى الثانية في الأول كشرط يمين يلزم المسلم، وفي الثاني ما يوجب الفسخ قبل البناء؛ كفساد المهر أو بعدها كعقدهما على شغار، ويدخل فيه نكاح المعتدة والمتعة إن أسلما بعد مدتيهما، والرابعة كالأولى، وأول الخامسة كأولها، وثانيها كثاني الثانية.
ابن بشير: في كون أنكحتهم على الصحة أو الفساد قولان بناءً على خطابهم بالفروع ونفيه.
ابن شاس: المشهور فسادها.
قلت: هو مقتضى قولها: طلاق الشرك ليس بطلاق، ولم يحك المتيطي غيره، وعليهما خلاف شيوخ شيوخنا في جواز شهادة الشهود المعينين للشهادة بين الناس لليهود في أنكحتهم بولي، ومهر شرعي ومنعه، وألف كل منهما على صاحبه، والصواب ما رجحه ابن عبد السلام المنع، ويأتي للشيخ ما يرجح الجواز.
وفيها: إن طلق الذمي امرأته ثلاثًا ولم يفارقها، فرفعته إلينا؛ لم يحكم بينهم.
اللخمي: لسقوط حق الله في الطلاق عن الزوج، وكذا حق الزوجة؛ لأنه هبة منه لها، ولا نجبره على الوفاء بهبته لها، فإن حوزها نفسها؛ لم يمكن من نقضه.
ولابن سحنون عن المغيرة: إن حنث بطلاق ورفعت امرأته أمرها للسطان أمره بطلاقها.
وفيها: متصلًا بما سبق إلا أن يرضيا معًا بحكم الإسلام؛ فالحاكم مخير، وتركه الحكم أحب إليه.
مالك: وطلاق الشرك ليس بطلاق.
ابن رشد وغيره: ظاهرها عدم اشتراط رضى أساقفتهم.
وسمع عيسى ابن القاسم اشتراطه، وفي كون الحكم بإعماله طلاقه ثلاثًا، ولغوه
ثالثها: إن كان عقدهم موافقًا لشروط الصحة، ورابعها: يحكم بالطلاق مجملًا دون حكم بالثلاث.
لابن محرز عن ابن شبلون قائلًا: لو أبانها عن نفسه؛ لم يكن له ردها إليه، ولو لم يتحاكما إلينا.
وابن الكاتب مع ابن أخي هشام، والشيخ وأبي الحسن اللخمي: إن رضيا بموجب الطلاق بين المسلمين؛ حكم بالطلاق ومنعه منها إلا بعد زواج إن كان ثلاثًا؛ لالتزامهما حكم الإسلام.
قلت: فيلزم كون محللها مسلمًا بشرطه.
قال: ولو قالا: احكم بما يجب على الكافر عندكم ألغاه.
ولو قالا: بما يجب في ديننا أو في التورية؛ لم يحكم، ولو طلقها ثلاثًا وأبانها عن نفسه؛ ففي جواز نكاحه إياها بعد الإسلام دون محلل قولان لنص ابن شاس مع المشهور في لغو طلاقه، وقول المغيرة بإعماله مع قول عبد الحميد: ذكر عن علي بن زياد: أن طلاقه طلاق، ويعد عليه بعد إسلامه.
وفاسد مهرهما إن أسلما ككونه له خمرًا أو خنزيرًا فيه طرق:
ابن رشد: إن أسلما بعد قبضه وبنائه؛ فهو ماض وقبلهما لغو لقولها: يخير في بنائه بمهر المثل، وتركها دون غرم اتفاقًا فيهما، وبعد قبضه، ولم يبن في لغوه؛ فيخير كما مر واعتباره؛ فيبني ولا شيء عليه ثالثها: ويستحب له إعطاؤها ربع دينار، ورابعها: وجوبه لها، ولبعض الرواة فيها وسماع عيسى ابن القاسم في التجارة بأرض الحرب، وقول عيسى فيه: وبعد بنائه وقبل قبضه في لغوه؛ قبلزم مهر المثل، وكونه كمقبوض؛ فلا يلزمه شيء قولان لها ولسحنون.
فقول ابن القاسم فيها على قياس قول ابن أبي حازم وابن دينار في الكافرين: يسلمان أو أحدهما بعد تبايعهما خمرًا، وقبل قبض البائع ثمنها ليس له قبضه، وقول بعض الرواة فيها، وابن القاسم في هذا السماع، وعيسى على قياس قول أشهب والمخزومي ومحمد: له قبضه بعد إسلامه.
اللخمي: إن أسلما قبل البناء، وقد قبضت الخمر أم لا؟ فأربعة.
ابن القاسم: إن دفع مهر المثل؛ ثبت نكاحه، وإلا طلقت عليه دون غرم، ولو كانت قبضته.
وقال غيره: إن قبضته؛ فله البناء دون غرم.
محمد: عن أشهب: له البناء إن أعطاها ربع دينار، وإن لم تكن قبضت شيئًا وإلا فسخ.
ابن عبد الحكم: القياس لها قيمة الخمر كنكاح بثمر لم يبد صلاحه، ولم يجذ حتى أزهى لا يفسخ، ولها قيمته وهو أحسن أن لا تنقص عن ما به رضيت إن كانت قيمة الخمر أكثر من مهر المثل، ولا يلزم هو أكثر مما به رضي إن كانت أقل، وقول أشهب ضعيف.
ثم قال بعد ذلك: لزوم القيمة إذا أسلم دونها؛ أبين منه إذا أسلما؛ لأنها تقول: يجوز لي ملكها.
ثم قال: إن دفع الخمر؛ فمعروف المذهب أن له قبض المبيع دون ثمن آخر كمن باع خمرًا بثمن لأجل، ثم أسلم له قبضه إذا حل أجله، وقاسه مرة على ثمن الربا إذا أسلم قبل قبض الثمن، فإن دخل، ولم يقبض الخمر، فقال ابن القاسم: لها مهر المثل.
وقال محمد: لا شيء عليه.
وعلى قول ابن عبد الحكم: لها قيمة الخمر.
قلت: عزا المتيطي الأول لابن القاسم.
فيها، وقال قال سحنون: مهر المثل يوم دخل بها، وذكر ابن بشير قول ابن عبد الحكم أيضًا في إسلامهما قبل قبض الخمر وبعد البناء.
قال: وقد أجرى قول أشهب في هذا: أن لها ربع دينار.
قال: والظاهر؛ إنما يجري إذا قبضت هي، ولم يقبض هو، وذكر قول ابن عبد الحكم أيضًا: إذا أسلما قبل البناء، وقبل قبض المهر.
الشيخ: عن محمد: إن أسلم أو أسلما، وقد نكحها بخمر أو خنزير إن قبضته؛ فليس لها غيره، وتكسر الخمر بيدها، وتقتل الخنازير إن أسلمت.
قلت: تقدم التنبيه أن هذا خلاف قولها في الولاء: من ورث عن عبده
خنازير سرحها.
قال: وإن لم تقبضه؛ فقال ابن القاسم وعبد الملك: إن شاء البناء؛ ودى مهر المثل وإلا فسخ دون غرم كالتفويض.
قال محمد: وقول ابن القاسم في الأسدية: قبضه قبل البناء؛ كعدمه إن شاء البناء؛ غرم مهر المثل، وإلا لزمته طلقة غلط.
وقال أشهب: يفسخ إن لم يبن إلا أن يعطيها ربع دينار؛ يريد: إن كان قبل البناء وقبضت ذلك، وكذا فسره في غير هذا الموضع.
وللبرقي عنه: يعطيها مهر المثل، وقول ابن القاسم وعبد الملك: هو المعمول به، فإن قبضت نصفه؛ بقي لها نصف مهر المثل، وكذا أقل أو أكثر؛ يريد: إن شاء البناء.
قلت: قائل؛ يريد: هو الشيخ، بينه الصقلي في نقله ما تقدم، وزاد: إنما يصح هذا في قول ابن القاسم: إن شاء، وإن لم يبن؛ فهو يقول: إن قبضت جميعه؛ لم يكن له أن يبني حتى يدفع مهر المثل، أو يفارق كالتفويض.
قلت: هذا قوله في الأسدية على ما تقدم، ومحمد إنما أجراه على قوله في الموازية الذي هو المعمول به عنده.
وذكر المتيطي قول الغير في المدونة: إن قبضته؛ فلا شيء لها غيره، بنى بها أولم يبن.
قال: وقاله ابن القاسم في الواضحة والأسدية والموازية، وعبد الملك في كتاب أبي الفرج.
قلت: وهذا خلاف ما تقدم للشيخ والصقلي عن ابن القاسم في الأسدية، وذكر المتيطي رواية البرقي عن أشهب ثم قال: قال ابن العطار: إن أسلم قبل البناء ومهرها خمر أو خنزير؛ أجبر على إعطائها مهر المثل، وقيل: أقل ما تستباح به، فقال ابن الفخار: هذا غلط، وذكر قولي ابن القاسم والموازية والمدونة.
وقال: لا يجير على مهر المثل بحال.
المتيطي: ما قاله ابن العطار هو نقل البرقي عن اشهب.
قلت: لا مهر في الفرقة باختيار أحدهما قبل البناء ولا متعة، وإن أسلمت قبل البناء، بانت، ولا مهر لها، وإن قبضته؛ ردته ولها المسمى من قبل البناء.
اللخمي: اختلف قول ابن القاسم: إن أسلمت نصرانية دون زوجها قبل البناء بعد قبضها الخمر، فقال في العتبية: تغرم قيمتها، ولو كانت قائمة وتكسى عليها.
وفي الواضحة: لا شيء عليها ولا نصفه، وأرى إن كانت قائمة أن ترد إليه؛ لأن يفسخ نكاحها بإسلامها؛ سقط ملكها عن المهر، وتعلق به ملك الزوج، وإن فاتت؛ غرمت قيمتها؛ لأن إسلامها يوجب ردها المهر لو كان دنانير أو سلعة، هذا قول مالك وابن القاسم في ثاني نكاحها، فوجب ردها قيمة الخمر؛ لأنها مما يملكه، وكذا إن كانت مجوسية أسلمت قبل البناء بعد قبضها الخمر، ولو أسلم وحده قبل البناء، وهي مجوسية نزعت الخمر منها وكسرت، فإن فاتت؛ لم تغرمها.
قلت: ظاهر قوله: وفي الواضحة: لا شيء عليها ولا نصفه؛ يقتضي أنه نص فيها، وكذا ذكره الصقلي، ولما ذكر ابن رشد قول ابن القاسم في سماع عيسى في كتاب التجارة بأرض الحرب.
قال: ولا يجب عليها شيء، وهو على حكاية أصل ابن حبيب، ورواية مطرف في نصراني استسلف من آخر خمرًا، ثم أسلم: أنه لا شيء عليه، وهو على أصل ابن حبيب في استهلاك مسلم خمر ذمي أنه لا شيء له عليه، فظاهر قول ابن رشد أنه تخريج لا نص له.
محمد: ولو وهبت له نفسها، وأسلما قبل البناء؛ رجعت لمهر المثل، وبعده لا شيء لها.
الشيخ: هذا خلاف المدونة.
الصقلي: بل ظاهرها كقول محمد.
وقال ابن حبيب: إن بنى؛ لزمه المهر المثل، والأخير في البناء؛ أي: الفراق.
ابن بشير: إن بنى تخرج فيها، ولأشهب: بربع دينار.
اللخمي: أرى أن لا شيء لها غيره لحق الله، والزائد تركته؛ فلا حق لها فيه.
وفيها: إن تزوج نصراني نصرانية على خمر أو خنزير أو بغير مهر أو شرطًا أن لا مهر وهم يستحلون ذلك فأسلمها؛ قال: لم أسمعه من مالك، وأحب إلي إن بنى بها أن لها في جميع هذا مهر المثل، إن لم تكن قبضت قبل البناء شيئًا، وإن قبضت قبل البناء ما
أصدقها؛ فلا شيء لها.
وإن أسلما قبل البناء؛ فله البناء إن أعطاها مهر مثلها، وإلا فرق بينهما، ولا شيء عليه، وفي حملها في عقدهما على أن لا مهر على قول ابن حبيب أو محمد ثالثها كتمانه.
الشيخ مع المتيطي عن أبي عمران والصقلي مع أبي حفص والمتيطي عن القابسي وعن ابن سعدون.
أبو حفص: لو أسلما قبل البناء، وقدمه باعت الخرم؛ فلا شيء له غير ثمنها إن بلغ ربع ديناء، وشرطها إياها؛ لعدم قبضها، ولو تحللت بيدها وقيمتها الآن ربع دينار؛ لم يكن لها.
قلت: ولفظ محمد وأكثر الشيوخ تصوير المسألة دون لفظ: (وهم يستحلونه)؛ يدل على كونه فيها طرديًا أو لا مفهوم له لقلته.
وقال ابن عبد السلام: شرط فيها في نكاحهما بخمر، وشبهه كونه أيستحلون النكاح بهذا، أو أسقطه ابن الحاجب، ورأى بعض الشيوخ: أنه مقصود لابن القاسم، وأنهم لو دخلوا، وهم لا يستحلونه لو حكوا على الزنا لا النكاح؛ فلا يثبت بالإسلام إلا أن يكونوا تمادوا عليه قبل الإسلام على وجه النكاح، وما قاله ظاهر إن وجد من الكفار من لا يستحل النكاح بالخمر وشبهه.
قلت: رده الشرط للنكاح بالخمر والخنزير بعيد؛ لشهرة تمولهم إياهما؛ بل ظاهره رده للنكاح بغير مهر، ومثله إسقاطه، والأمر في ذلك كله سواء، وقبوله قول هذا.
الشيخ: إن لم يكونوا يستحلونه؛ فهو زنا إلا أن يتمادوا عليه باسم النكاح عقلة إن حملا المسألة على دخولهما على غير الناكح لنص المدونة على ما نقيضه، ومتناقض إن حملاها على دخولهما على وجه النكاح لقوله: إن تمادوا على وجه النكاح؛ لم يكن زنا؛ لأن دخولهما عليه باسم أخذا في كونه ليس زنا من تماديهما عليه دون العقد عليه أو لا، ولا يشك من نظر، وأنصف إن ذكر يستحلونه لا مفهوم له؛ لأن عدم استعجال له لا يوجب كونه زنا في الإسلام، فأحرى في الكفر.
ابن الحاجب: والإسقاط مع الدخول كقبض الفاسد.
وقيل: مهر المثل، وإن دخلا.
قال ابن السلام: كلامه يوهم أن الخلاف موجود قبل البناء، ولا خلاف أنه مخير في الرد دون عزم أو البناء بمهر المثل.
قلت: إن فهم كقوله: وقبل مهر المثل على اللزوم؛ لزمه تهمة عنه في المهر الحر، وهو لم يتعقبه؛ بل حمله على حالة إرادة البناء المهر، وفي تركه دون غرم، فكذا هنا، وهي متقدم عن ابن حبيب.
الصقلي والشيخ عن محمد عن ابن القاسم: لو كان أصدقها ثمن خمر على رجل، فأسلما قبل قبضه منها قبضه، والنكاح ثابت.
عبد الملك: ولا يدخل بها حتى يعطيها ربع دينار، ولو كان أصدقها دينارين على رجل ثمن دينار؛ تبعت الغريم دينار فقط، وللزوج البناء، ولا شيء لها عليه، وكذا في الدراهم.
قلت: ظاهره: وإن لم يعطها ربع دينار.
قال: ولو كان أصدقها خمرًا بعضها مؤجل، فأسلما معًا، أو الزوج بعد البناء؛ فلا شيء لها، وقبله تتبعه من مهر المثل بقدر المؤجل منه مع المعجل.
الصقلي: هذا على أصله في الموازية، وقول الغير في المدونة، وعلى قول ابن القاسم فيها يكون إنما ما قاله قبل البناء بعده وقبله؛ يخير في تركها دون غرم والبقاء بمهر المثل.
قال عبد الملك: ولو قبضت قبل إسلامها الخمر، وبقيت الخنازير؛ رجعت من مهر المثل بقدر ما بقي بما لم تقبضه.
وإسلامها وحدها قبل البناء فيه طرق:
ابن حارث: اتفقوا إن أسلمت مجوسية قبل البناء على قطع عصمة زوجها عنها.
زاد الصقلي: كان كتابيًا أو مجوسيًا، ولا رجعة له إن أسلم.
عياض: هو ظاهر تفرقتها إن زوج كنافي ابنة الطفلة المكاني، ثم أسلم الأب، وهي صغيرة؛ فسخ نكاحها، ولو زوج مجوسي ابن الطفل مجوسية، ثم أسلم الأب وابنه صغير؛ عرض على زوجة الصبي الإسلام.
اللخمي: اختلف إن أسلم عقب إسلامها نسقا قول: بانت منه.
وقال ابن القاسم في العتبية: إن لم يسلم مكانه؛ قال: رجعة، واختلف في هذا
الأصل إذا أطلق ثلاثاً نسقاً قبل البناء:
قيل: يلزم.
وقيل: واحدة فقط، وإذا استثنى بنية محددة بعد تمام اليمين.
قلت: مافي العتيبة هو سماعه.
وعيسى: إن أسلمت امرأة نصراني قبل بنائه إن لم يبن مكانه؛ فلا رجعة له.
ابن رشد: دليلها: أو أسلم مكانه بقي معها، وهو خلاف معلوم مذهب مالك وأصحابه أنه يفرق بينهما، ولو أسلم مكانه مالم يسلما معًا.
الباجي: إن أسلما قبل البناء معًا مثل إن بنى معًا مسلمين.
فقال في النوادر: هما على نكاحهما، وإن أسلمت دونه، فذكر ما في العتيبة وقال:
ويتخرج على قول محمد: أن الفرقة واقعة بنفس إسلامها.
قلت: فنقيض ما في العتيبة مبهم قائله عند اللخمي، ومعروف المذهب عن ابن رشد، ومخرج عند الباجي.
وظاهر نقله: أن معه إسلامهما إنما هي في زمن إيتانهما مسلمين، لا في زمن وقوعه منهما، خلاف ظاهر قول ابن رشد.
وللشيخ عن الموازية ما نصه: إن لم يبن بها؛ فبإسلامها تنقطع العصمة إلا أن يسلم معها يكون إسلامهما معًا.
أبو عمر: في إسلام أحدهما ثلاثة:
ابن القاسم: يعرض على الآخر الإسلام زوجًا كان أو زوجة إن أسلم، وإلا فرق بينهما.
أشهب وأصبغ: إسلامه قطع للعصمة.
وفيها: إن أسلمت؛ انقطعت، وإن أسلم؛ عرض عليها.
وفيها: الفرقة بإسلام أحد الزوجين؛ فسخ بغير طلاق.
اللخمي: اختلف إذا أسلم أحدهما:
فقال ابن القاسم في العتبية: إن أسلمت قبل إسلامه، ولم يسلم مكانه؛ فلا رجعة له، وهي طلقة بائنة.
وفي الموازية: إن أسلم على مجوسية أو أمة كتابية فطلق؛ لزمه طلاقه.
وقال أيضا: لا يلزمه.
وقول مالك: لا يقع طلاق إذا أسلمت أحسن؛ لأن طلاق الكافر لغو، وإن أسلم وهي مجوسية؛ فلا طلاق؛ لأنه لم يطلق إنما فعلا فعلاً أوجب الفرقة؛ كملك الزوجة زوجها.
ابن رشد: قوله في سماع عيسى هي طلقه بائنة خلاف قول مالك وأصحابه إلا قول ابن الماجشون: الفرقة بإسلام أحدهما فسخ بغير طلاق؛ وهو الصواب، وذكر دليل اللخمي كأنه لنفسه.
وفيها: إن أسلمت بعد البناء، وزوجها كان لم يعرض عليه إسلام إن أسلم في عدتها؛ فهو على عصمته، وإلا بانت منه.
ابن حارث: اتفاقًا.
زاد في الموازية: للسنة.
وفي موضع آخر: ولو كان عبدًا.
وسمع أصبغ ابن القاسم: إسلامه رجعة دون إحداث رجعة.
الشيخ والصقلي عن المختصر، واللخمي عن الموازية: لو خافت نصرانية أسلمت إسلام زوجها فأعطيته مالاً على أن لا يسلم حتى تنقضي عدتها، أو على أن لا رجعة له عليها، فهو أحق بها إن أسلم، ويرد ما أعطته.
زاد الشيخ عن المختصر: لو كان شرط أبوها عليه إن أسلم، فأمرها بيدها أو بيده؛ فهو ساقط، وقول ابن عبد السلام: إطلاق ابن الحاجب لفظ العدة على زمن الانتظار؛ فجاز إنما هو استبرأ على المشهور يوهم اختصاص ابن الحاجب فهذا الإطلاق، وقد تقدم أنه نصها، وهو نص أكثر ألفاظها، ونص البراذغي والشيخ والصقلي وغيرهم.
وفيها: طلاقه إياهما البتة قبل إسلامه لغو، ولو أسلم في عدتها.
قلت: تقدم قولا المغيرة وعلى بخلافه.
وفيها: إن أسلم على كتابية حرة؛ ثبت نكاحه، ولو بدار الحرب، أو كانت صغيرة زوجها منه أبوها، ولا خيار لها إن بلغت، ابن القاسم: ويكره وطؤه إياها بدار الحرب
بكراهة ملك نكاحه بدار الحرب؛ خوف أن يكون الولد على دين الأم.
قلت: مفهوم قولها زوجها أبوها؛ لغو لما تقدم.
ولو أسلم على مجوسية بعد بنائه إن أسلمت بقية زوجة، وإن أبت؛ ففي وقوع الصفقة حين إبايتها بعرضه عليها مدة أو ثلاثة ثالثها: إن أسلمت قبله.
وفيها: شهرًا أو بعده بقيت زوجة، ورابعها: إن أسلمت في عدتهما؛ بقيت لرواية عياض عن الموازية، ثم الصقلي عن ابن القاسم، وعياض عن الموازية مع سماع أبي زيد، ثم الصقلي عن ابن القاسم، وعياض عن الموازية، مع سماع أبي زيد، وابن أبي زمنين، والصقلي عن أحد قولي أشهب.
زاد الشيخ عن محمد عنه، وقال أيضًا: يعرض عليها الإسلام اليومين والثلاثة؛ حكاه بعض الشيخ لا أعرفه، وقد يتوهم وجوده في نقل الصقلي من لا يتأمله.
قلت: لذا عزا الشيخ والصقلي والباجي والمتيطي وعبد الحميد الثاني لأبي زيد عن ابن القاسم، والذي وجدت في التبية في سماع أبي زيد ما نصه: لو أسلم رجل وامرأته غير كتابيه، فعرض عليها الإسلام، فأبت، ثم أسلمت بعد ذلك؛ لم يكن له رجعتها إلا بنكاح جديد.
ابن رشد: هذا يبين قولها: إن الفرقة لا تقع بامتناعها من الإسلام إلا أن يعلم أكثر من شهر؛ إنما هو إذًا، فقيل: عن عرض الإسلام عليها.
وفي رفع عصمته عنها بإسلامه دونها: وبنى بها لوقت امتناعها الإسلام أو طول تأخر إسلامها.
ثالثها: مترفيه الثبوت بإسلامها، وأنها تكشف تقدم رفعها حين إسلامه.
الصقلي عن أشهب وابن رشد عن ظاهر قول ابن القاسم، ونقله منوعًا عليه ما يذكر في ظهاره.
ولو أسلم عليها قبل البناء؛ ففي كونها كذلك، ولزوم الفرقة حينئذ، فلا يعرض عليها الإسلام قولان لأخذ الصقلي من قول ابن القاسم فيها ذلك في أن الزوج الصغير المجوسي يسلم مع عياض عن نص ابن القاسم في الموازية، وروايته وعياض عن أشهب مع الصقلي عنه، وعن محمد، والشيخ عن أصبغ أيضًا.
وفيها: إن أسلم على المجوسية وقعت الفرقة إن عرض عليها الإسلام فأبت.
ابن القاسم: أرى إن طال ذلك انقطعت، ولو أسلمت؛ قلت: ثم الطول، قال: لا أدري، والشهر وأكثر منه قليل.
عياض: في بعض نصها: وأرى الشهرين، وتأولهما شيوخ إفريقية على الغفلة عن وقتها عمدة المدة لا على وقفها لها، وإن قول ابن القاسم كقول مالك: إن أبت الإسلام حين وقتها؛ فرق بينهما.
قلت: في النوادر عن الموازية: إن أسلم؛ حرمت عليه امرأته المجوسية إلا أن يسلم، فإن وقفت، ولو تفعل وقته الفرقة، فإن لم يوقف حتى يمضي مثل الشهر عند ابن القاسم، فقال أبوإبراهيم: هذا بخلاف رواية الشهر والشهرين.
اللخمي في الموازية: الشهران كثير.
وقال محمد: إن عقل عنها شهرًا؛ فقد برئ منها.
وقول ابن عبد السلام ما نصه: قيل: خارج المدونة أقل من الشهر ليس بكثير لا أعرفه نصًا ومنطوقه مفهوم ما نتقله أبو إبراهيم، وغير مناقض لما في المدونة؛ لأن ما فيها أخص منه، ومفهومه خلاف الروايتين.
وللشيخ عن الموازية عن ابن القاسم: إن أسلم حر أو عبد على أمة نصرانية عرض عليها الإسلام إن أسلمت أو عتقت؛ ثبت نكاحها، وإلا فسخ بغير طلاقه، وإن عقل عن ذلك قدر الشهرين يرى منها.
أشهب: لا ينفسخ حتى تنقضي العدة.
ابن رشد: قول بعض القرويين: إنما يستخف في العقلة عنها الشهر على ما تقدم إن كان ذلك بعد البناء، وقبل البناء؛ إنما تبقى زوجة إن أسلمت بالقرب خلاف القياس؛ لأن العصمة قائمة، فأمر الله تعالى أن لا يمسك بها أما أن يحمل على الضرر أو على التراخي، وعليه حمله مالك، فخفف الشهر.
قلت: إنما هو فيها لابن القاسم، وعلى قول ابن أبي زمنين وقول القرويين ظاهره، ولو انقضت عدتها بوضع؛ وهو مقتضى قول ابن رشد في أن عدم البناء والبناء سواء.
وفي كتاب التجارة بأرض الأرض منها: إن أسلمت تحت نصراني، ولم يبن بها
وقربت غيبته؛ نظر السلطان حق به إسلامه قبلها وبعدها لغو، وإن بعدت؛ فسخ نكاحه دون طلاق، وما أن ينكح مكانها.
وإن بنى وبعدت؛ اعتدت، فإن قدم وأسلم بعد عتقها؛ بانت منه، وقبلها أهو أحق بها ما لم يبن بها غيره كعقود.
أبو عمر: لو ادعى أنه أسلم في عدتها؛ فعليه البينة إن أقامها؛ ثبت عليها، فإن نكحت؛ فأتت بالبناء.
وفي قولها بالعقد روايتان:
اللخمي عن ابن القاسم في التبية: لو قالت: حضنت بعد إسلامي ثلاث حيض، وقال زوجها: إنما أسلمت منذ عشرين ليلة؛ صدق، كمن أراد رجعة من قال: طلقتها أمس، وقالت: طلقني منذ شهرين، وحضت ثلاث حيض.
اللخمي: لأن الأصل كفرها، وعدم طلاقها، ولو أقر بإسلامها لما تنقضي فيه عدتها، وقال: أسلمت قبلها، أو في عدتها وكذبته؛ لم يصدق.
قلت: وكذا لو أصدقته قائلة: قد انقضت عدتي كدعواه الرجعة كذلك.
ومسألة العتبية في نوازل أصبغ نصها: قال أصبغ: قال ابن القاسم
…
إلى آخره.
ابن رشد: قول أصبغ هذا إطلاق قوله في مبتاع عبد حدث به جذام فقال: العهدة باقية إنما ابتعته منذ ستة أشهر.
قال البائع منذ عامين؛ صدق البائع، وهو خلاف إجماع أصحابنا في تمييز المدعي من المدعى عليه، ودعوى انقضاء العدة؛ كدعوى انقضاء العهدة، فيدخل قول كل منهما في الأخرى.
وروى عنه عبد الأعلى كقول سحنون: القول قول المبتاع.
وفيها: إن أسلمت قبل قدومها إلينا من دار الحرب أو بعده؛ فاستبراؤها ثلاث حيض إن أسلم زوجها فيها كان أملك بها إن أثبت أنها زوجته.
اللخمي: إن أسلمت قبل هجرتها أو بعدها، ثم قدم من زعم أنها زوجته، وصدقته صدقًا.
وقال ابن القاسم: إن أثبت أنها زوجته، وألغي إقرارهما وهما طارئان، ومعروف
قوله تصديق الطارئين دون بينة، لو طرأت امرأة، ثم من زعم أنها امرأته وصدقته صدقًا قد يحمل قوله على من هاجر من مكة؛ لأن أهلها كثير بالمدينة بخلاف غيرهم.
ابن شاس: إن طلقت، ثم أسلمت؛ فلا نفقة لها مدة التخلف؛ لأن الامتناع منها، وظاهر قول ابن الحاجب: إن سبق إسلامه؛ سقط عنه نفقة ما بينهما؛ أنه ولو كان ما بينهما غفلة عن وقفها خلاف ظاهر المذهب حيث يحكم ببقائها، وخلاف مفهوم قول ابن شاس.
وفي وجوب نفقة من أسلمت مدة عدتها على زوجها الكافر، سماع أصبغ ابن القاسم قائلاً: لأنه أحق بها ما دامت في العدة؛ كالمطلقة واحدة مع قول أصبغ: نزلت بالسلطان، فأرسل إلي فقضيت به.
ونقل ابن محرز عنه: أفتيته به، وسماعه عيسى قائلاً: لأن أمرهما فسخ لا طلاق، والسنة لا نفقه في الفسخ إلا أن تكون حاملاً فعليه نفقتها.
ابن أبي زمنين وابن رشد: سماع عيسى أظهر عند أهل النظر لما ذكر، ولأن النفقة إن وجبت للمتعة؛ فقد منعته منها بإسلامها، وإن وجبت للعصمة؛ سقطت أيضاً لارتفاعها بالفسخ، وكونه أحق بها إن أسلم في عدتها أمر لا يحمله القياس.
قلت: يرد بمنع وقوع الفسخ بنفس الإسلام؛ ولذا لا يحكم به حينئذ؛ بل به منضمًا لانقضاء العدة دون إسلامه، ونقل ابن بشير الخلاف في السكنى كالنفقة لا أعرفه، ونصها مع غيرها: خلافه.
وقول ابن الحاجب: إذا سبق؛ سقطت عنه نفقة ما بينهما، وإذا سبقت؛ فقولان يوهم أن القول بثبوتها مشروط بإسلامه، وليس كذلك حسبما مر في سماع أصبغ وعلته.
وفيها إن أسلمت، وهما ذميان، ففرق بينهما، فرفعت حيضتها ألها السكنى في قول مالك؟ قال: نعم؛ لأنها حين أسلمت كان له عليها الرجعة إن أسلم في عدتها، ويتبعه ما في بطنها، وإنما حبست من أجله، ولقول مالك على من فسخ نكاحه ذات محرم بعد بنائه سكناها، وإن كان فسخًا دون طلاق ومسألتك أقوى.
قلت: ظاهر تعليله بأن له الرجعة كسماع أصبغ، وظاهر ذكره السكنى دون النفقة كسماع عيسى.
ابن حارث: في كون عدة المجوسية تأبى الإسلام حيضة أو ثلاثًا؛ رواية أبي زيد عن ابن القاسم، وقول ابن ميسر.
قلت: تقدم نحوه لابن رشد.
وفيها: إن أسلم صبي عن ذمية أو مجوسية أتقع الفرقة بإسلامه في قول مالك؟.
قال: لم أسمعه منه، ولا تقع بينهما إلا أن يحتلم، وهو مسلم إلا أن تسلم امرأته؛ لأنه لو ارتد عن إسلامه؛ لم أقتله، وفي رواياتها بـ:(أو)، أو بـ:(الواو) بدلها، ثالثها: سقوطهما لعياض عن ابن وضاح مع الأكثر، وفي نسخة لابن أبي زمنين، وأول نقله مع ابن لبابة.
قال ابن اللباد مع فضل: الجواب عن المجوسية لا الذمية؛ لأنه عنها خطأ لصحة نكاح المسلم الكتابية.
أبو عمران: بل هو عنهما، فالأولى حربية، والثانية ذمية.
ابن لبابة وغير واحد: أو خطأ.
وفيها: الولد الصغير يتبع أباه في الدين، وأداء الجزية إن أسلم أبوه بعد أن زوجهمجوسية عرض عليها الإسلام، ولو أقرهم صغارًا حتى بلغوا اثنتي عشرة سنة، وشبه ذلك، فأبوا الإسلام؛ لم يجبروا.
وقال بعض الرواة: يجبرون وهم مسلمون، وهو أكثر مذاهب المدنيين، وإن كان الولد في إسلام الأب من أبناء اثني عشرة سنة أو ثلاث عشرة؛ ترك إلى بلوغه، إن بقي على دينه؛ لم يعرض له، وإن مات أبوه مسلمًا حينئذ؛ وقف إرثه على حاله حين بلوغه، ولو أسلم قبل احتلامه؛ وقف له؛ لأنه ليس بإسلام؛ إذ لو رجع إلى النصرانية أكره على الإسلام ولم يقتل.
وقوله: لا أسلم إذا بلغت؛ لغو، ولابد من وقفه.
وصفقة الإكراه، وتمام مسائل أولاد المرتد في كتابه إن شاء الله.
وكما منع كفر غير الكتابية نكاحها منع وطأها.
فيها: لا توطأ غير الكتابية بملك حتى تسلم بأن تشهد أن لا إله إلا الله أو تصلي، قيل: إن لم تحض، ومثلها يوطأ أو لا أيطؤها قبل أن تسلم؟.
قال: لا، إن عرفت الإسلام حتى يجبرها عليه.
ابن محرز عن ابن الكاتب: الاحتياط عدم إباحتها بهذا الإسلام؛ لأنها لو رجعت عنه، لم تقتل، ولم تستحق به إرثًا، ولا تحرم به على زوج، وقد أنكر سحنون قول ابن القاسم هذا.
ابن عبد الرحمن قوله: إن عقلت.
قلت الإسلام لم يطأها، يدل على أنها إن تعقله؛ جاز أن يتلذذ بها، وهو دليل قول محمد: تجوز في عتق الرقاب.
ابن بشير: هذا تعويل على دليل الخطاب، ولا يعول عليه في أقوال الفقهاء.
قلت: هذا مجرد دعوى دليل نقيضها واضح، وأقوال الشيخ به معلومة، والحاصل: أن ابن القاسم اعتبر إسلام من عقل الإسلام من صغير في حيلة وطء الأمة المجوسية.
وفي وجوب البيع به على المالك الكافر قال: لقول مالك: إن بلغ، فرجع عن الإسلام؛ أجبر عليه.
وفي الصلاة عليه: إن مات وألغاه في إسلامه وتحته مجوسية قال: لأنه لو ارتد عن الإسلام قبل بلوغه؛ لم يقتل، وفي الإرث إلا أن يدوم أو يحدث حين بلوغه.
قال: لأنه لو رجع لكفره؛ أكره على الإسلام ولم يقتل.
وعزا ابن رشد في سماع أصبغ من كتاب الصلاة اعتبار إسلامه لمشهور قول ابن القاسم، ولغوه حتى يسلم بعد بلوغه لسحنون ولابن القاسم في ثالث نكاحها.
قلت: الحاصل لابن القاسم ثالثها: في اعتباره ولغوه ثالثها: وقف إسلامه حسًا أو حكمًا بإسلام أبيه لما يكشف حاله عند بلوغه، والحق أنه اضطراب منه لا ما تقدم في الذبائح من تكلف فرق بالمقتضي والمانع، وكما ألغى سحنون إسلامه؛ ألغى ردته إن كان مسلمًا فارتد.
قال عنه عبد الحميد: إن كان مسلمًا، فارتد فمات؛ ورثه ورثته المسلمون.
وله في المجموعة: إن أسلمت الصغيرة؛ وقعت الفرقة بإسلامها بينها وبين زوجها الكافر، كما يباع الصغير على سيده الكافر بإسلامه بخلاف إسلامه وتحته مجوسية.
وقال ابن عبدوس: كيف تقع الفرقة بإسلامها دون إسلامه، وقاله التونسي.
وقال ابن رشد: بقاؤها مسلمة تحت كافر ضرر عليها بخلاف عكسه، ومن أسلم على عشر نسوة أسلمن معه قبل بنائه بواحدة؛ اختار منهن أربعًا.
ابن حارث: اتفاقًا.
وفيها: ولو كن في عقد أو متأخرات.
اللخمي: يلزم على قول أشهب: من تزوج في شركه امرأة، ولم يبن بها؛ حرمت على أبيه وابنه وعليه أمها، أن من تزوج أمًا وابنة أو أختين أو أكثر من أربع، ثم أسلم؛ أن يلزمه العقد الأول ويفسخ الثاني، وفي غرمه لمن ترك نصف مهرها أو منابها في قسم مهرين عليهن، ثالثها: لا غرم، لغير واحد عن ابن حبيب ومحمد: ولها بناءً على أن تعيينه كطلاقه أو اعتبار ما يلزمه لو ترك جميعهن، أو كون الفرقة فسخًا أو جبرًا.
ابن رشد: الفرقة على الأخير بغير طلاق، وعلى غيره به، وعزا عياض لابن حبيب كونه بطلاق، وخرجه لابن القاسم من قوله فيمن أسلم على ذمية قبل البناء، ومهرها خمر أو خنزير، واختار تركها؛ أن فرقته بطلاق مع أنه مخير.
قلت: يرد بأن موجب تركها في الخمر ليس إلا اختياره، وهنا الزيادة على الأربع وبأنه في الخمر أقرب للصحة؛ لأنه لو بنى بها صح، وفي مسألة العشر لا يصح.
وفي صحة اختياره: لو كان مريضًا أو محرمًا، أو كانت المخير فيها أمة، وهو واجد للطول؛ لكونه كرجعة وامتناعه كابتداء؛ إشارة عبد الحميد لإجرائه على كون الفرقة فسخًا أو طلاقًا وفيه نظر، والأظهر الأول؛ لأنه ألغى فيه ركن النكاح أو شرطه، وهو رضى الزوجة والولي، فأحرى المانع، فلو مات، ولم يعين، فقال اللخمي على الأول:
لهن سبعة مهور بالسوية بينهن ثلاثة الست متعلق الترك، وأربعة الأربعة متعلق البقاء، وعلى الأخرين أربعة مهور بالسوية بينهن.
الصقلي: عن محمد: حظ إرث الزوجة بينهن بالسوية، ولمن لم يبن بها خمسا مهرها، ولمن بنى بها مهرها.
الصقلي: لأن الواجب بموته أربعة مهور يقسم بينهن بالسوية، وبناء المبني بها موجب مهرها، واستشكل بأن الواجب عليه بموته أربعة مهور تستحق المبني بها
أحدها الباقي ثلاثة لتسع غير المبني بها بالسوية بينهن لكل واحدة ثلث مهرها، ويجاب بكون انحصار الوجوب في الأربعة؛ إنما هو لمجرد العقد، والزائد عليها؛ إنما هو لزائد عليه وهو بناؤه بالمبني بها.
اللخمي: لو ثبتت أخوة من اختارهن فقال إسماعيل: إن طلق الحاكم عليه باقيهن؛ فله تمام الأربع منهن.
ابن الماجشون: ما لم يتزوجن.
ابن عبد الحكم: له ذلك ولو دخل بهن أزواجهن.
اللخمي: يريد: والفرقة بمجرد اختياره غيرهن، ولم يوقع على البواقي طلاقًا، ولو أوقعه عليهن قبل البناء أو بعده، وانقضت عدتهن فات اختياره منهن.
ابن عبد السلام: هذا يناقض نقلهم أن طلاقه بعضهن يعد اختيارًا، فعليه إذا طلق ستًا؛ لم يكن له التمسك بشيء من العشر.
قلت: هذا بناءً على أن معنى كلام اللخمي أنه طلق ستًا، وتماسك بأربع، ثم ثبت أخوتهن، وليس كذلك؛ بل معناه اختار أربعًا، ثم قال: الست طوالق، وهو كلام هو في الظاهر لغو؛ لأنه طلقهن بعد وقوع فرقتهن باختياره غيرهن، فلو لم تثبت أخوة الأربع؛ اتضح بقاؤهن زوجات، فلما ثبتت أخوتهن؛ امتنع تكميله على واحدة منهن شيئًا من الست؛ لأنه بان إعمال طلاقه فيهن؛ لظهور حرمة اختياره ما زاد على الواحدة مما اختار، وفرض ابن حارث المسألة في ظهور كون الأربع ذوات محارم منه.
الصقلي عن الشيخ: إن طلق منهن أربعًا غير معينات، أو كلهن قبل البناء؛ فلكل خمس مهرها، ولو طلق البتة واحدة مجهولة؛ بطل اختياره فيهن، ومعينة يوجب قصره على ثلاث.
الصقلي: قوله في المجهولة على قول المصريين، وعلى قول المدنيين: لو تعيينها، ويكمل عليها ثلاثًا.
قلت: كون الطلاق يوجب ما ذكر يبطل تعليل ابن بشير قول ابن حبيب بأن من خير بين شيئين؛ عد منتقلاً، وإلا أبطل اختياره، كما لو طلق منهن ستًا، ثم رأيت هذا التعقب لابن عبد السلام، وقد يجاب عنه بأنه إنما وجب كون المطلقة مختارة يجب عدها
في الأربع الواجبة له؛ لأن اختياره إياها تحقيقي وجودي؛ لأن قصده إياها بالطلاق الاختياري يدل على اختياره إياها بعصمة يتعلق بها طلاقه إياها، والمختارة للترك مع عد المخير منتقلاً اختيارها تقديري لا تحقيقي، ولا يجب من إيجاب أمر من حيث كونه محققًا شيئًا إيجابه إياه من حيث كونه مقدرًا كقول ولائها: من أعتق عبده عن امرأة للعبد حرة؛ فولاؤه لها بالسنة، ولا يفسخ نكاحه؛ لأنها لم تملكه، ولو كان ذلك بمال دفعته لسيد زوجها؛ فسخ نكاحه.
وقال أشهب: لا يفسخ؛ لأنها لم تملكه، وفي المذهب: لها نظائر.
ابن شاس: والاختيار بصريح اللفظ واضح، ومثله ما يستلزمه، كما لو طلق واحدة معينة، قاله ابن عبدوس: وكذا لو ظاهر أو آلي أو وطئ.
قال: وقوله: فسخت نكاحها؛ إعلام بأنه لا يختارها.
قلت: ومقدمات الوطء مثله لقول خيارها: نظره تلذذًا للأمة المشتراة بخيار اختيار، وفي كون الوطء اختيارًا بذاته، أو بشرط أن ينوي به ذلك نظر، وتفريق الصقلي بين شرطها في الرجعة، وعدمه في اختيار المشتراة بخيار؛ لأنه لو انقضى أمد العدة دون وطء بانت بخلاف أمد الخيار؛ يقوى شبهها بالمشتراة، والإيلاء إن كان مؤقتًا كقوله: والله لا أطؤها إلا بعد خمسة أشهر، أو إلا في بلد كذا؛ فواضح، وإلا ففيه نظر يحتمل الإلغاء؛ لأنه يكون في الأجنبية؛ فلا دلالة له على الزوجية والاعتبار؛ لأنه متمكن من إبقائها، ووطئها الأخص منه، فتخصيصه الامتناع عن الأخص دليل إرادته إثبات الأعم، وهو وجه دلالة الظهار لا ملزومية الظهار للزوجية؛ لأنه لا يعقله إلا فقيه مع شرط تقرر دلالة اللزوم باللزوم البين.
وأجاب ابن عبد السلام بأن الإيلاء في العرف لا يكون إلا في زوجة.
قال: بشرط تقرر العرف بذلك.
قلت: لا يحتاج إلى تقرر العرف به؛ لأن العرف العام في استعمال أداة السلب إنما هو فيما يقبل المسلوب، وهو المعبر عنه عندهم بالعدم المقابل للملكة؛ كقولك: زيد لا يبصر لا فيما لا يقبله، وهو المعبر عنه عندهم بالسلب المقابل للإيجاب؛ كقولك: الحائط لا يبصر، فقوله: والله لا وطئتها؛ دليل جعله إياها قابلة لوطئه، ولا سيما مع كون النفي
مقسمًا عليه، ولا تقبله إلا بكونها زوجة له.
ابن شاس: ولو أسلم على ثماني كتابيات، أسلم شطرهن، ومات قبل التعيين؛ فالمهر كما مر، ولا إرث لعدم تحقق إرثه أربع مسلمات؛ لاحتمال تركه إياهن، وكمن قال في زوجتيه: إحداهما طالق، ومات قبل التعيين، وإحداهما ذمية، ولو لم يختر حتى مات منهن ست؛ ففي تعيين الباقيات، وبقاء اختياره في الميتات قول ابن الحاج في نوازله محتجًا بأن ظاهر الحديث شرط خياره بحياتهن، ونقله عن بعض أصحابه من العدوة محتجًا بسفيه تزوج بغير إذن وصيه، فعلم بعد موت الزوجة؛ أنه مخير في إمضائه.
ابن رشد: مثلها من تزوج أربع مراضع، فأرضعتهن امرأه؛ له اختيار واحدة منهن، ويجب فراق سائرهن، وفي كونه بطلاق قولان، وفي غرمه على الأول لكل منهن نصف مهرها، أو ثمنه قولا ابن حبيب ومحمد، وعلى الثاني: لا شيء عليه، ولو فارق جميعهن؛ فلكل ثمن مهرها اتفاقًا.
قلت: يريد: والمرضعة أجنبية عنه لا توجب له نسبة من أرضعته؛ كامرأة أخيه ونحوها.
اللخمي عن الشيخ: عدم غرمه لابن القاسم.
زاد عبد الحق: في غير الموازية.
قلت: هو نص رضاعها: لا صداق للصبية على الزوج، ولا على التي أرضعتها ولو تعمدت، وتؤدب المتعمدة.
عبد الحق: قال ابن بكير: لا خيار له في المراضع؛ لثبوت أخوتهن، ويقال لمن خيره: إن لم يزل العقد بحاله؛ لزم ثبوته علا أختين، وإن انفسخ فيما زاد على الواحدة؛ لزم في غيرها، وإلا لزم الترجيح من غير مرجح.
وذكر عبد الحق عن ابن الكاتب عن بعض أصحابنا البغداديين مثل ما قال ابن بكير قال: والفرق بين هذا وبين من أسلم على عشرة نسوة؛ أنه إذا اختار أربعًا، فكأنه لم يسلم إلا عليهن بخلاف متزوج المراضع.
ابن الكاتب: وعلى هذا لو كن ثلاثًا أرضعتهن امرأة متعاقبات؛ ثبت على الأخيرة فقط؛ لأن أرضاعها الثانية صيرها مع الأولى أختين، ولو أرضعت واحدة، ثم الأخريين
معًا واحدة بثدي والأخرى بثدي؛ حرمن كلهن.
قلت: قولها: من تزوج صغيرة بعد صغيرة، فأرضعتهما أجنبية؛ فليختر إحداهما، ويفارق الأخرى، ولا يفسد عقد نكاحها، كما فسد عقد متزوج الأختين في عقد لفساد العقد فيهما وصحته في هاتين إشارة لرد ما قال ابن بكير؛ لأن مجرد عقد كل نكاح منهما مغاير له من حيث اجتماعهما ضرورة أن الشيء في نفسه ليس كما هو مع غيره، فعقد كل منهما من حيث مجرد ذاته باق على حليته، ومن حيث اجتماعه مع الآخر محرم بما حدث من الأرضاع، فوجب إزالته بتركه إحداهما؛ كمالك رغيفين يكفيه أحدهما حضره من وجبت مواساته بأحدهما فورًا.
وقول ابن بكير: يلزم الترجيح دون مرجح، يجاب بأن أراد في تعلق الحكم منع؛ لأنه متعلق بمتحد هو اجتماعهما أو الزائد على واحدة منهما، وإن أراد في تحصيل متعلق الحكم؛ رد بأنه بخيرة المكلف كالمواساة بأحد الرغيفين، وخصال الكفارات، وتماثل أقدار الزكوات، وقاعدة أصولية المخير فيه.
قلت: ما ذكره ابن رشد من الملازمة بين كون الفرقة بطلاق والغرم عزاه عبد الحق للقابسي قال: وقال بعض شيوخنا على قول ابن القاسم: الفرقة بطلاق؛ لأن الزوج هو الذي اختار الفسخ فيمن أراد تركه منهن، وليس كل موضع تكون الفرقة فيه بطلاق؛ يكون فيه الغرم، وما ذكره من الاتفاق في فراق كلهن، قاله عبد الحق، وزاد أبو حفص: يلزمه في كل واحدة طلقة.
قال: ولو اختار إحداهن وطلقها؛ كان عليه نصف المهر، ولا شيء للبواقي، ولا طلاق فيهن.
قلت: ظاهره اتفاقًا، وليس كذلك لا فرق بين اختياره إحداهن دون طلاق أو مع طلاقها.
عبد الحق والصقلي: لو مات قبل أن يختار؛ كان لهن مهر واحد بالسوية اتفاقًا.
قلت: يريد: أن لكل واحدة ربع مهرها، ونقله ابن عبد السلام بزيادة: والإرث بينهن كذلك، ولم أجده، وجريه على الإرث فيمن أسلم على عشر واضح أو أحروي لأصالة صحة عقد المراضع.
اللخمي: وعلى غرم الزوج في رجوعه بما غرم على التي أرضعتهن قولان من قولي ابن القاسم وأشهب في غرم بينة بطلاق قبل البناء رجعت بعد الحكم به، والأول أحسن.
قلت: عزا عبد الحق والصقلي الإجراء على قول ابن القاسم لابن الكاتب، وذكر اللخمي الغرم مطلقًا لا بقيد عمد التي أرضعتهن، وكلام ابن الكاتب مقيد به.
وقال ابن عبد السلام: وصف العمد لغو؛ لأن الخطأ والعمد في موجبات الضمان سواء.
قلت: إن أراد أن هذا هو المذهب في هذا الأصل المتكلم فيه؛ فليس كذلك.
قال الصقلي عن سحنون: اختلف أصحابنا في رجوع البينة بعد الحكم؛ فقال بعضهم: إنما تغرم في العمد دون الخطأ، وقال بعضهم: وفي الخطأ.
قلت: وهذا ظاهرها في كتاب السرقة، وتحقيق النقل إن كان الإتلاف مباشرة؛ فالعمد والخطأ سواء اتفاقً وإلا فقولان، ويرد تخريج اللخمي وابن الكاتب بأن سببية التي أرضعتهن للفراق بما هو مباح في ذاته؛ لأن إرضاع الآدميات مباح، والحكم بالفراق لأجله حكم بموجب حق، وفي البينة على العكس فيها؛ لأن قولها حرام؛ لأنه كذب مع المفسدة الناشئة عن تسببها في الحكم لكذب.
قال اللخمي: وعلى عدم الحكم بغرمه يختلف في غرم التي أرضعتهن بناءً على تعليل سقوطه عن الزوج بأنه حيل بينه وبين مبيعه مع إبطالها حقًا كان للرضيعة أو تعليل سقوطه عن الزوج ببقاء المبيع بيد بائعه.
قال ابن عبد السلام إثر كلام اللخمي هذا: وفي المدونة ما يدل على أن في هذا الأصل اختلافًا.
في ثالث نكاحها: من بنى بأم تزوجها بعد ابنتها قبل بنائه بها؛ حرمتا عليه أبداً، ولا مهر للبنت، وإن كان الفسخ من قبله؛ لأنه لم يتعمده، فمفهومه لو تعمده غرمه.
وفي رضاعها: لا غرم على عامدة إرضاع الصغيرتين.
قلت: يريد: أنهما متناقضان، وليس كذلك؛ لأن عمد الزوج قارنه تهمته على إسقاط ما يجب عليه من نصف المهر لفراقها، وهذه التهمة منتفية في التي أرضعت.
وسمع عيسى ابن القاسم: من استلحق أمتيه بعد أن زوجهما من رجل؛ لحقا به وفسخ نكاح الأخيرة.
عيسى: إن جهلت أو تزوجهما في عقد واحد؛ فسخا، وتزوج من شاء منهما بعد استبرائها.
ابن رشد: ولمن بنى بها مهرها.
قلت: ويعاقب أبوهما إن لم يعذر بجهل كحديث إسلامه، ولكا ذكر ابن الحاجب عدم الإرث فيمن أسلم على نسوة بعضهن ذميات قال: بخلاف من طلق إحدى زوجتيه، وهو نصها في الأيمان بالطلاق.
قال ابن القاسم عن بعض أهل العلم: من بنى بإحدى زوجتيه دون الأخرى، وطلق إحداهما، وجهلت ومات قبل مضي العدة؛ للمبني بها مهرها، وثلاثة أرباع الإرث، وللأخرى ثلاثة أرباع مهرها، وربع الإرث.
عياض: صح عن ابن أبان وأكثر الرواة قولها: ولو لم تعلم المطلقة، وسقط لابن وضاح، وقال: طرحه سحنون وهو صحيح في المختلطة.
ابن خالد: هو جيد على مذهبهم؛ وإنما طرح سحنون من المختلطة قوله: فشك الشهود؛ لأن الشهادة كذا ساقطة إن قلت: في هذا وقبوله عياض نظر؛ إذ لا فرق بين (لم تعلم المطلقة) و (شك الشهود)؛ إذ لا يثبت طلاق إحداهما إلا بخبر غير مدع، والخبر به شهادة بطلاق معينة غير معينة للبينة، ومجموعهما يستلزم شك الشهود.
قلت: لا يستلزمه لجواز أن تشهد البينة بطلاق معينة منهما عند الحاكم، ثم نسى عينها، وماتت البينة، أو شهدت البينة بقول الزوج مخبرًا: طلقت إحدى زوجتي فاطمة بنت، ومات قبل ذكر أبيها، وكلاهما مسمى بفاطمة، واستشكلها أبو حفص، ثم قال: لعله يريد أنهم شهدوا أنه قال: إحدى امرأتي طالق، ثم مات، ولم يقل: نويت هذه.
قلت: فيه نظر؛ لأن مقتضى المذهب في فقد النية أصلاً أو وقوعًا كنسيانها في إحداهما طالق طلاقهما معًا.
وسمع عيسى: ابن القاسم: من أوصى بثلاثة أفراس فقال: لفلان الفرس الفلاني وخيروا فلانًا في الباقيين، والباقي لفلان، فعمي عن الشهود الفرس المسمى؛ يعطى من
سمي له ثلث كل فرس.
ابن رشد: أجاز شهادة البينة مع شكهم في الفرس المسمى مثل قوله في الأسدية من كتاب الأيمان بالطلاق فيمن طلق إحدى امرأتيه ولم تدر: لأن البينة شكت في أن المطلقة المبني بها أم الأخرى؟ مثل سماع أصبغ ابن وهب خلاف مشهور قول ابن القاسم.
ووجه الصقلي وغيره قولها في المهر والإرث: بتسليم الوارث لغير المبني بها نصف مهرها، وتداعيا في الثاني فشطر، وبتسليمها للأخرى نصف الإرث، وتداعتا في باقيه فشطر.
ابن القاسم: ولو مات بعد العدة، أو كان الطلاق ثلاثًا؛ فكما مر، والإرث بينهما بالسوية.
الصقلي: بدعوى كل منهما.
اللخمي: لو علمت المطلقة دون المبني بها؛ فللباقية ما كان للأخرى، والقضاء فيما تنازعتا فيه، أو إحديهما مع الوارث بعد أيمانهما، ومن نكل اختص الحالف بما نازعه فيه مهرًا وإرثًا.
أبو حفص: إن ادعت علمها أن المطلقة المبني بها؛ حلفت على دعواها بتًا، والوارث على نقيضها بتًا إن ادعاه بتًا، فإن ادعت العلم والوارث الجهل؛ حلفت واستحقت كل المهر؛ لأن مدعي اليقين يقضي له على من لا علم له، فإن نكلت؛ حلف الوارث على عدم علمه، ولها نصف المهر فقط، ونكولهما جاهلين أو عالمين كحلفهما.
اللخمي: ولو جهلت المطلقة والمبني بها؛ فكل ما كان لهما مهرًا وإرثا بينهما بالسوية، وعدة الوفاة على كل منهما علمت المطلقة، وجهلت المبني بها، أو بالعكس إن كان الطلاق رجعيًا، ولم تنقض العدة، فإن انقضت وعلمت المطلقة؛ فقد انقضت عدتها، وإن جهلت؛ فعليهما عدة الوفاة، فإن كان الطلاق ثلاثًا، وعلمت المطلقة؛ فعدتها ثلاث حيض من يوم الطلاق، وعلى الأخرى عدة الوفاة، وإن جهلت ومات قبل مضي ثلاث حيض؛ فعليهما عدة الوفاة؛ لاحتمال زوجية كل منهما على البدلية وثلاث حيض؛ لاحتمال مقابلها كذلك.
الصقلي: في كتاب ابن سحنون: لو كانت إحداهما بتفويض وجهلت، والمطلقة مجهولة؛ فللمبني بها نصف مسماها ومهر المثل.
الصقلي: وللأخرى ثلاثة أثمان المسمى؛ لأن الواجب لها مسمى لها ثلاثة أرباع المهر لما مر، ثم احتمال كونها مفوضًا لها يسقطها فشطرت والإرث كما مر.
قلت: ظاهره: أن هذا التوجيه للصقلي، وهو في النوادر لسحنون، وهو قائل المسألة بتمامها لابنه.
قال: وفيه لو عرفت المسمىلها، وجهلت المبني بها؛ فالإرث بينهما، وللمسمى لها سبعة أثمان مهرها؛ لثبوت نصفه دائمًا، وباقيه في ثلاثة أحوال وسقوطه في حال.
الصقلي: يثبت لها غير مطلقة مبنيًا بها وغير مبني بها، ومطلقة مبينًا بها لا مطلقة غير مبني بها.
قال: لمن لم يسم لها نصف مهر مثلها؛ لأنه يثبت في حالين، ويسقط في حالين.
الصقلي: يثبت لها مبنيًا بها مطلقة وغير مطلقة، لا غير مبني بها مطلقة وغير مطلقة، فإن جهلت المسمى لها أيضًا؛ كان مالهما -وهي معلومة- بينهما أيضًا، فإن كان نصف مهر هذه ثلاثين ونصف مهر هذه عشرين؛ فالخمسون مع سبعة أثمان المهر بينهما.
قلت: هذا في جملة من نسخ الصقلي، والصواب ما في النوادر، ونصه: نصف الخمسين بينهما مع سبعة أثمان المسمى.
قلت: يريد: ولكل منهما مما أقيم مقام مهر المثل ما يجب لها منه بقدر مهر مثلها؛ فلذات الأربعين عشرة، ولذات الستين خمسة عشر، ومن أسلم عن أم وابنتها، ولم يبن بواحدة منهما؛ ففي تخييره في إحداهما مطلقًا، ولزوم الأولى مطلقًا ثالثها: تحرم الأم وتثبت البنت، ورابعها: يفارقهما، ثم يتزوج البنت إن شاء، وخامسها: إن تزوجهما في عقد واحد، وإلا فارق الثانية فقط لها، ولتخريج اللخمي المذكور فيمن أسلم على عشر.
والصقلي عن أشهب مع اللخمي عنه وعن مالك، والصقلي مع اللخمي عن الغير وعبد الحق عن بعض شيوخه عنه قائلاً: ولا يكون عنده أشد حالاً من المسلم إذا
فعل ذلك.
قلت: يرد بأن معيتهما في إسلامه عليهما كمعيتهما في عقد.
محمد: وذكر لنا عن أشهب: تحرم الأم بالعقد على البنت في الشرك، وتحرم على أبيه وابنه.
وعنه: لو فارق زوجته في الشرك قبل أن يمسها، ثم نكحها أبوه أو ابنه، ثم فارقها أو مات عنها، ثم نكحها الأول، وأسلم عليها إن تلذذ بها الثاني؛ حرمت عليهما، وإلا فعلى الثاني فقط.
وفيها: لو بنى بهما؛ حرمتا أبدًا، ولو بنى بإحداهما؛ ففي ثبوته عليها، وحرمتهما إن كانت الأم وإلا فارقهما، وتزوجها إن شاء مطلقًا، ثالثها: هذا إن كان تزوجهما في عقد، وإلا ثبت عليهما، ورابعها: إن كانت الأولى وإلا فارقهما لها وللغير فيها، والتخريج على نقل عبد الحق في الأولى، ومقتضى تخريج اللخمي لأشهب.
وفيها: لابن القاسم: إن ترك البنت؛ لم يعجبني أن يتزوجها ابنه.
قلت: ولا يناقضها قولها: إن تزوج مسلم أمًا وابنتها، ولم يبن بواحدة منهما؛ فارقهما، وتزوج من شاء منهما؛ لأن الإسلام عليهما أقرب للصحة لتخييره فيهما.
وقول ابن الحاجب: لا يتزوج ابنه أو أبوه من فارقها؛ عام في الأم والبنت تركهما أو إحداهما، فإن أراد الكراهة؛ فهو ما تقدم، وظاهره الحرمة ولا أعرفه، ورده ابن عبد السلام بما تقدم عنها.
وبنقل اللخمي عن محمد عن ابن القاسم وأشهب: إن مات كافر عن زوجة لم يمسها أو فارقها؛ لم تحرم على أبيه وابنه، وليس ذلك بنكاح حتى يسلم عليه.
قلت: ومثله قولها: قيل: فذمي أو حربي تزوج امرأة، فماتت قبل أن يمسها، فتزوج أمها، ثم أسلما جميعًا؛ فلم يذكر جوابًا، وأتى بنظير يدل على جواز النكاح وثباته، وهو إسلام المجوسي على أم وابنتها.
وفي الرد على ابن الحاجب بهذه المسألة ومسألة محمد تعقب؛ لأن ما أسلم عليه أقرب للصحة حسبما مر، فإن قلت: فالقياس المعبر عنه البراذغي (بقيل) إذاً أحروي فما وجه قوله: قيل؟.
قلت: لإيهام المساواة بين ما سئل عنه والنظير المقتضية كراهة نكاح ابنه أو أبيه من عقد عليها في الكفر، ومات أو طلق، وليس كذلك لما مر من الفرق بين عقد الكفر دون إسلام عليه ومعه، ورده أيضًا بأن قال: لو انتشرت حرمة المصاهرة بين المتروكة وأبيه وابنه بسبب العقد المتقجم؛ لانتشرت بينه وبين أم من تركها، واللازم باطل والملازمة ظاهرة، وفيه نظر.
قلت: ما ذكره من دليل التلازم هو على مشهور المذهب من عدم حرمة الأم، فيكون نقل ابن الحاجب منافيًا للمشهور؛ لأن منافي اللازم مناف ملزومه، وفي قوله على هذا بعد قوله الملازمة ظاهرة نظر، نعم يمكن القدح في الملازمة بأن يقول: لا يلزم من حرمة المتروكة على أبيه وابنه حرمة أمها عليه؛ كحرمة المصاهرة في غير هذه الصورة؛ لأن موجب حرمتها على أبيه وابنه، وهو نفس وصف جواز بقائه على نكاحها بسابق عقده عملاً بالمناسبة، وهذا الوصف يمتنع إيجابه حرمة أمها عليه؛ لمنافاته لحرمة أمها عليه، وبيان منافاته لها أنه كلما حرمت أم المتروكة عليه؛ لزمه البقاء على نكاح المتروكة لصيرورته، كما لو أسلم عليها وحدها لمتقدم نقل اللخمي عن المذهب: أن من أسلم على من يصح نكاحه إياها؛ كان نكاحه لازمًا؛ كعقد صحيح الإسلام، فكلما حرمت أم المتروكة؛ لزمه البقاء عليها، فلزوم البقاء عليها لازم حرمة أمها عليها؛ لكن جواز البقاء على المتروكة ينافي وجوبه ضرورة منافاة الجواز الوجوب، فجواز البقاء على المتروكة ينتفي لازم تحريم أمها عليها، ومنافي لازم الشيء مناف له، فجواز البقاء على المتروكة ينافي حرمة أمها، ومنافي الشيء يمتنع كونه موجبًا له.
وفيها عقب ذكر تخيير من أسلم على عشر: وكذلك الأمر في الأختين.
المتيطي: عن أبي الفرج عن ابن الماجشون: يفسخ نكاحها.
قلت: فيلزمه في العشر، ولم يقله لمتقدم قوله في العشر: إن بان كون الأربع أخوات اختار من الست، وجري قول ابن بكير وابن الكاتب في المراضع واضح في الأختين، وكون إسلام المجوسي كغيره واضح، ذكره ابن الحاجب بعد ما تقدم كتكرار.
وإسلام الحربي على كتابية تقدم.
الإحرام: يحرم على المحرم نكاحه وإنكاحه ويوجب فسخه.
أبو عمر: في تأبيد حرمتها عليه؛ كالنكاح في العدة روايتان، المشهور الثانية.
الباجي: وسفارته في النكاح ممنوعة إن سفر فيه وعقده غيره، أو سفره فيه لنفسه، وأكمل عقده بعد التحلل؛ فلم أر فيه نصًا، وأرى أنه أساء ولا يفسخ، ويتخرج على قول أصحابنا فيمن خطب في العدة، وعقد بعدها القولان.
قلت: المنع في العدة أشد.
قال: وإن خطب في عقد النكاح، وعقد غيره، فكما مر.
وروى أشهب: إساءة من حضر العقد.
وقال أشهب: لا شيء عليه.
وفي الموطأ والموازية والجلاب: له رجعة امرأته في العدة.
أبو عمر: اتفاقًا من فقهاء الأمصار.
الباجي: روي عن أحمد: منعها.
ابن عبد السلام: لا يبعد تخريجه في المذهب من حرمتها، ووجوب الإشهاد على رجعتها.
قلت: الاتفاق على ثبوت الإرث بينهما ينفيه، وحرمتها لا ترتفع برجعتها؛ بل حرمة الإحرام أشد؛ لعدم القدرة على رفعها.
الجلاب وأبو عمر: وله شراء الجواري.
ابن عبد السلام: لا يبعد منعه على ما مال إليه بعض شيوخ المذهب فيمن تراد للفراش: أنها فراش بنفس العقد.
قلت: يرد بأن مظنة وقوع الوطء في الزوجة أقوى لحقها فيه، وهو مظنة الطلب والطلب مظنة الإجابة، وبأن النكاح خاص بالوطء، وإليه أشار في الجلاب بقوله: لأنه لا ينكح إلا من يحل له وطؤها، ويجوز أن يملك من لا يحل له وطؤها.
قلت: وبقوة فراش الزوجة؛ لأنه لا ينفى ولدها إلا بلعان بخلاف الأمة العلية.
الشيخ عن ابن حبيب عن مالك وأصحابه: يفسخ نكاحه ولو طال، وولدت
الأولاد في فسخه بطلاق روايتان، اختار ابن الماجشون الأولى للخلاف فيه.
قلت: الثانية: سماع عيسى ابن القاسم.
ابن رشد: هي إحدى قولي مالك فيها، واختاره سحنون، وهو القياس على أصل المذهب أنه نكاح لا يجوز، وما لا يجوز لا ينعقد، فكان الأولى أن يكون فسخًا؛ إذ لا يفسخ إلا ما عقد، واختار ابن القاسم كونه بطلاق.
قلت: الأظهر: الأولى: إن كان بعد تلذذ ينشر الحرمة.
الشيخ عن محمد: روى ابن القاسم: من نكح بعد رمي جمرة العقبة قبل الإضافة؛ فسخ بغير طلاق، ثم قال: بطلاق، وقاله ابن القاسم: ومن أفاض ونسي الركعتين، فإن نكح بالقرب؛ فسخ بطلقة، وإن تباعد؛ جاز نكاحه.
ونقله ابن رشد وقال: القرب بحيث يمكنه أن يرجع، فيبتدئ طوافه، ولو تزوج بالقرب، فلم يعلم بذلك حتى بعد جدًا على الخلاف فيمن تزوج مريضًا، فلم يعلم بذلك حتى صح، ولا يدخل هذا الخلاف فيمن تزوج محرمًا، فلم يعلم بذلك حتى حل، حكى الفرق بين الموضعين أبو إسحاق.
الشيخ عن محمد: لو نسي الإضافة، وطاف للوداع، وخرج وأبعد، ثم نكح؛ جاز نكاحه لإجزاء طواف وداعه.
وسمع ابن القاسم: من وطئت قبل الإضافة؛ عليها العمرة والهدي، فإن تزوجت؛ فسخ نكاحها حتى تعتمر وتهدي، ثم تتزوج، فإن كان بنى بها؛ لم يتزوجها حتى يستبرئها بثلاث حيض.
ابن رشد: جعلها كمن تزوجت قبل بلوغها بلدها قبل تمام إضافتها وهو بعيد؛ لأن هذه باقية على إحرامها، والتي وطئت قبل الإضافة حلت بإضافتها، وعليها الهدي فقط في قول جل العلماء، ورأى مالك: عليها العمرة مع الهدي بإحرام جديد؛ فهي قبله
حلال، وإلا لما ارتدفت عليها العمرة، فإنها نكحت، وهي حلال؛ فلا يفسخ نكاحها، ويلزم على فسخه جزاء ما قتلت من صيد وهو بعيد.
قلت: لعله يلزمه.
قال: وفي الموازية: إن تزوجت ودخلت، وقد نسيت بعض إفاضتها؛ فسخ نكاحها، ولها المسمى وتعتد بثلاث حيض، وترجع على إحرامها؛ لتمام إفاضتها، وتعتمر وتهدي، فإن تزوجها في الثلاث حيض؛ حرمت عليه أبدًا، وتوقف محمد في حرمتها عليه لا في حرمتها على غيره إن تزوجها فيها.
قلت: وجه فسخ نكاحها أن إيجاب العمرة في هذا الأصل؛ إنما هو ليأتي المفسد بطواف في إحرام لا فساد فيه يتمم حجه؛ كأنه متصل به حكمًا.
وفي الجلاب والكافي: لا يتزوج المحرم، ولا يتزوج حلالاً حتى يفيض.
قلت: يريدان: ويركع أو يطول حسبما مر.
قالا: وفي العمرة حتى تسعى.
قلت: هذا هو الواجب، والمستحب حتى يحلق أو يقصر؛ كلبس المخيط في الرجل.
في الموازية: إن أمر حلال من يزوجه، فزوجه بعد إحرامه؛ فسخ.
قلت: الأظهر إن كانت الزوجة ببلد بعيد عن الزوج بحيث ينقضي إحرامه قبل الاجتماع بها عادة جوازه، وعدم فسخه.
والمرض: اللخمي: غير المخوف أو أول طويله؛ كالسل والجذام كصحة، ومخوف أشرف من به على الموت يمنع نكاحه ومخوف غيرهما.
قلت: في جواز نكاح من به مطلقًا أو لضرورة؛ كحاجته لمن يقوم به أو ممن لا ترثه أمة أو متابية، رابعها: هذا إن كان المهر ربع دينار أو حمله غيره، وخامسها: أو بإذن وارثه، وسادسها: منعه مطلقًا للخمي عن مطرف، ورواية ابن المنذر وأبي مصعب واختياريه والمشهور.
قلت: لم أجد في سنن ابن المنذر عن مالك إلا المنع.
الشيخ عن محمد: اتفق مالك وأصحابه على فسخه ما لم يصح، وعلى المشهور في
صحته بصحته اختيار ابن القاسم رجوع مالك لصحته عن فسخه.
قال: وأمرني بمحوه، وسمع أشهب: فسخه.
العتبي: واختارع سحنون، وقال أصبغ: لم أزل أقوله، وقاله أشهب، ورواه ابن وهب، وليست رواية ابن القاسم بشيء.
ابن رشد: الأظهر ما اختاره ابن القاسم؛ لأن منعه إنما هو خوف موته، وقد بان عدمه، وقياسه على نكاح المحرم، ووقت نداء الجمعة؛ يرد بأن المنع فيهما لنفس الإحرام والوقت لا لأمر بان عدمه.
وقول اللخمي: يحسن الخلاف إن علما أن حكمه سقوط الإرث والمهر في الثلث ميل لصحته إن جهلا ذلك.
قال: وعلى صحته بصحته إن علم به في مرضه، ففي فسخه ملطقًا أو قبل البناء ثالثها: فسخه استحباب لمحمد وابن كنانة وابن القصار وهو أحسنها.
قلت: فيضاف للستة سابعها.
ابن حارث: اتفقوا على أنه لا يجوز نكاح المريض، ولو أذن ورثته فيه؛ لاحتمال إرثه غيرهم، ولو شهدت بينة بنكاحه صحيحًا، وبينة به مريضًا مرض المنع، ففي تقديم بينة المرض أو الصحة ثالثها: تهاتر ترجح التي هي أعدل لابن حريز عن أبي القاسم بن خلف الجيري مع مفهوم قول ابن زرب وأصبغ بن سعيد وعبد الرحمن بن أحمد بن بقي بن مخلد.
وفيها مع غيرها: إن فسخ قبل البناء؛ فلا مهر.
وبعده قال اللخمي: إن كانت هي المريضة؛ فلها المسمى من رأس ماله، وإن كان مريضًا؛ ففي استحقاقها المسمى، أو مهر المثل نقلا ابن محرز عن عبد الملك مع رواية القرينين، والصقلي عن رواية الموازية، وعبد الحق عن ابن حبيب، وعن سحنون عن ابن القاسم مع ابن محرز عن محمد وابن عبدوس.
وفي ثاني نكاحها: إن دخل؛ فمهرها في ثلثه.
زاد في الأيمان بالطلاق: إن زاد على مهر مثلها؛ سقط ما زاد.
عياض: فسرها أبو عمران بالأقل منهما في رواية ابن باز وابن خالد.
قال سحنون: غلط ابن القاسم في هذه الرواية، وقاله ابن القاسم في ثاني نكاحها.
قال أبو عمران: إنما تعلق يعني سحنون بقوله: لها صداقها؛ ففهم منه المسمى، واختلف قول ابن القاسم فيه، وفي كون المهر في الثلث أو رأس ماله ثالثها: هذا في ربع دينار لمعروف المذهب مع قول عبد الحق في بعض تعاليق أبي عمران: أجمع عليه أصحابنا والقابسي عن المغيرة، واختياره مع قول عبد الحق: هذا الذي حفظت من شيوخنا، وهو حسن؛ إذ لا يستباح بضع بأقل منه، وكالسيد يفسخ نكاح عبده بعد بنائه يترك لزوجته ربع دينار، والسيد أحرى من الورثة.
وقال أبو عمران: لا أدري من أين نقل القابسي عن المغيرة؟ الذي رأيت في كتاب المغيرة أنه من الثلث.
عبد الحق عن ابن حبيب: ويدخل فيما لم يعلم به.
الصائغ عن عبد الملك: كل المسمى في الثلث مبدأ، وفي الأيمان بالطلاق منها لها مهر المثل مبدأ على الوصايا.
ابن القاسم: الوصايا العتق وغيره.
الصقلي: روى محمد: لا يبدأ عليه إلا مدبر الصحة، وقال مرة: ولا مدبر الصحة، وليس بشيء، ولسحنون عن ابن القاسم: إن زاد المسمى على المثل؛ بدئ مهر المثل على الوصايا، وعلى مدبر الصحة، وسقط الزائد، وقيل: يحاصص به الوصايا.
الصقلي: من منع توارثهما أثبت الزائد؛ لأنه وصية لغير وارث، ومن أثبت إرثها منه أسقطه؛ لأنه وصية لوارث.
قلت: هذا نص منه بوجود القول بإرثها منه، وظاهر قول ابن رشد في سماع
القرينين الاتفاق على أنها لا ترثه، سمعا: من نكح وهو مريض، فماتت لا يرثها، كيف يرثها ولا ترثه؟.
ابن رشد: قوله: لا يرثها؛ إنما يأتي على قول سحنون: ما غلبا على فسخه لا إرث فيه؛ لأن بموتها انتفت علة فساده، وتعليله بأنها لا ترثه غير بين؛ إذ قد يطرأ على النكاح ما يمنع إرث أحدهما دون الآخر، كمن خالع في مرضه ترثه ولا يرثها.
قلت: اقتصاره على تعليله بهذا دون منع الحكم الذي به علل، وهو قوله: لا ترثه؛ دليل على عدم ثبوت خلافه عنده، ونقضه بخلع المريض يرد بأنه لعارض عرض لنكاح صحيح، ونكاح المريض فاسد بأصله.
وللتونسي: وأطنه في شرح الموازية تعقب قول ابن القاسم بأن المهر إن عد كثمن فمن رأس المال وإلا سقط؛ لأنه عطية قصد أنها من رأس المال فتبطل.
قال ابن عبد السلام: أجيب بأن الزائد كذلك فيبطل، ومهر المثل من حيث كونه عوضًا كثمن، ومن حيث كونه لا عن عوض مالي كعطية، فتوسط فيه بجعل من الثلث.
قلت: في قول التونسي: وإلا سقط؛ لأنه عطية قصد أنها من رأس المال، فتبطل وقبوله ابن عبد السلام نظر؛ لأن قصد كونها من رأس المال إن كان قبض؛ فالفرض عدمه، وإن كان بمجرد قعله في المرض، أو المعاوضة عليه بغير مالي، فظاهر المذهب أن مجرد ذلك لا يوجب القصد من رأس المال لقولها في السلم الثالث: محاباة المريض في بيعه وشرائه في ثلثه، ومثله في أول عتقها: من اتباع في مرضه عبدًا بمحاباة فأعتقه؛ العتق مبدى على محاباته، لأنه وصية، ونحوه في الوصايا الأول والحبس، وغير موضع واحد منها ومن غيرها.
محمد: لو أصدقها في مرضه جاريه فماتت بيدها؛ لم تضمنها.
ابن محرز: لأنه إن بنى بها، فهي مهرها وإلا ضمنتها ضمان المهر المستحق بالبناء، وما تستحقه به إن هلك؛ لم تضمنه إن طلقها، فكذا في الفسخ؛ لثبوت كونها مهرًا إن بنى بخلاف مهر الغرر؛ لأنها لا تستحقه بالبناء الواجب لها به مهر المثل، هذا على أن الواجب