المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[باب شروط الصداق] - المختصر الفقهي لابن عرفة - جـ ٣

[ابن عرفة]

فهرس الكتاب

- ‌[كتاب الجهاد]

- ‌[باب الرباط]

- ‌[باب الديوان]

- ‌[باب الأمان]

- ‌[باب ما يثبت به الأمان]

- ‌[باب المهادنة]

- ‌[باب الجزية المعنوية]

- ‌[باب الجزية الصلحية]

- ‌[باب الاستيمان]

- ‌[باب ما ملك من مال كافر]

- ‌[باب الفيء]

- ‌[باب في النفل]

- ‌[باب في السلب]

- ‌[باب الغلول شرعاً]

- ‌[كتاب النكاح]

- ‌[باب صيغة النكاح]

- ‌[باب ولاية عقد النكاح]

- ‌[باب في النكاح الموقوف]

- ‌[باب العاضل في النكاح]

- ‌[باب الكفاءة]

- ‌[باب مانع النسب في النسب]

- ‌[باب مانع الصهر]

- ‌[باب في تحريم الجمع في النكاح بين المرأتين]

- ‌[باب النكاح المحلل المطلقة ثلاثًا لمطلقها]

- ‌[باب نكاح المطلقة ثلاثًا]

- ‌[باب الرق المانع من النكاح وقتا ما]

- ‌[باب الخنثى]

- ‌[باب الجب]

- ‌ باب الخصي [

- ‌ باب العنين [

- ‌ باب الحصور [

- ‌ باب الاعتراض [

- ‌ باب عيب المرأة في النكاح [

- ‌[باب شروط الصداق]

- ‌[باب الشغار]

- ‌[باب الشرط الذي يبطل في النكاح]

- ‌[باب في نكاح التفويض]

- ‌[باب في نكاح التحكيم]

- ‌[باب المعتبر من مهر المثل]

- ‌[باب متى يسلم المهر الحال للزوجة]

- ‌[باب البراءة لمشتري الجهاز]

- ‌[باب فيما يوجب كل المهر للزوجة]

الفصل: ‌[باب شروط الصداق]

[باب شروط الصداق]

وشرطه: كونه منتفعًا به للزوجة متمولًا.

الباجي عن ابن مزين عن يحيى بن يحيى: من نكح بقرآن يقرؤه؛ فسخ قبل البناء وثبت بعده.

أبو عمر: روى ابن القاسم مثله.

قال ابن القاسم: وكذا من تزوج بقصاص؛ وجب له على امرأة.

وقال سحنون: النكاح جائز، وإن لم يدخل.

قلت: هو جار على قول أشهب: يجيز القاتل على الدية.

ويطلب كونه لا غرر فيه.

في نكاحها الأول: من نكح امرأة على أحد عبديه أيهما شاءت المرأة؛ جاز، وعلى أيهما شاء؛ لم يجز كالبيع.

قلت: لم يقع استثناء البائع النصف إلا هنا، ويمنع بما لا يملك، أو بذي غرر فيها كالخمر والخنزير والبعير الشارد والجنين والثمرة قبل بدو صلاحها.

قلت: يريد على البقاء.

اللخمي: إن نزل؛ ففي مضيه كنكاح التفويض يثبت فيه بمهر المثل، ويسقط بالطلاق وفسخه قبل البناء، ثالتها: وبعده لروايات ابن القصار مع القاضي قائلًا في حمل رواية الفسخ قبل البناء على الوجوب أو الاستحباب قولًا أصحابنا.

وسمع ابن القاسم: كراهة إنكاح مدين بخمسين دينارًا ممن هي له على أن

ص: 419

يؤخره بها.

ابن القاسم: هو حرام يفسخ قبل البناء، وبعده لها مهر المثل، ويرد المال لأجله.

ابن رشد: معنى قول مالك: أن الولي اشترط ذلك في العقد دون تسمية مهر فكرهه؛ إذ لا أثر له في فساد العقد؛ إذ لم يقع عليه المهر، فيمضي النكاح، ويسقط التأخير، وتكلم ابن القاسم على أنه زوجه بمهر مسمى على ذلك، فيكون التأخير فسادًا في المهر؛ لأنه حط منه بسببه، فوجب فسخه قبل البناء، ويكون فيه مهر المثل بعده، وظاهر قوله: مهر المثل سواء كان أقل من المسمى أو أكثر، ويأتي على المشهور في البيع والسلف أن يكون لها بعد البناء الأكثر من مهر المثل أو المسمى.

قلت: يرد بأن النكاح مبني على المكارمة.

قال: ويفسخ قبل البناء في كل حال، وقول بخلاف البيع والسلف الذي يثبت إن أسقط السلف مشترطه؛ لأنه بين المتبايعين، وليس هو هنا بين الزوجين.

وفيها: إن تزوجها على دار فلان، أو على أن يشتريها لها؛ فسخ قبل البناء وثبت بعده بمهر المثل.

وسمع ابن القاسم: من تزوج امرأة على أن يعتق أباها، فاشتراه فأعتقه، ثم طلقها قبل البناء؛ غرمت نصف قيمته، وجاز عتقه.

ابن القاسم: لا يجوز هذا النكاح؛ لأنه لم يصل إليها شئ من المهر، هو أعتقه، وله ولاؤه، ويفسخ إلا أن يبني، فيثبت بمهر المثل، ولا يرجع عليها بشئ، وأخبرني من أثق به عن مالك أنها تغرم نصف قيمته، وأخبرني بعض جلسائه عنه أن لا غرام عليها، والأول أحب إلي.

ابن رشد: قوله: فاشتراه؛ بدل أنه لم يكن في ملكه يوم عقد النكاح، ومعروف قوله: لا يجوز النكاح على عبد فلان، وجوزه هنا؛ إذا لم ير النكاح فاسدًا؛ لأنه أوجب للزوج الرجوع عليها إن طلق بنصف قيمته، وجوز العتق كنكاح صحيح؛ لأن الفاسد لصداقه لا يجب صداقه إلا بالبناء، فلو كان فاسدًا؛ لم يجب له عليها في طلاقة قبل البناء شئ؛ لأنه هو أعتقه، أو لا وجب له عليها كل ثمنه؛ لأنه لما أعتقه بأمرها، فكأنها قبضته وأعتقته.

ص: 420

وروى أبو عبيد عن مالك: أن النكاح على عبد فلان جائز، وإنما أجاز مالك نكاحه وإن لم تملكه المرأة ولا ولاءه؛ لأنه مال من أمواله بعد الشراء لو قالت: أعطيك مالًا على أن تعتقه ولك ولاؤه؛ جاز، وصح له أخذ المال، فهو لم يرض أن يخرجه عن ملكه إلا ببضعها، وإن لم تملكه طرفة عين، ولا وصل إليها شئ من المهر؛ فلا بأس به؛ لأنهم أجازوا أن تقول المرأة: أتزوجك على أن تعطي عبدك فلانًا، وإن لم تملكه، ولا وصل إليها منه شئ، وعلل ابن القاسم فساد النكاح بأنها لم يصل إليها من المهر شئ؛ إنما أعتقه وله ولاؤه، فعليه لو تزوجها على أن يعتق عنها أباها ويكون لها ولاؤه، ومنعه ابن الماجشون، ففي جوازه: ولو أعتقته عن نفسه، ونفيه: ولو على أن يعتقه عنها، ثالثهما: على أن يعتقه عنها لمالك وابن الماجشون وابن القاسم على أصله في فسخ نكاح من أعتقه ربه عن زوجته بمال أخذه منها.

ونقل ابن القاسم اختلاف قول مالك في رجوعه عليها في طلاقها بنصف قيمته؛ إنما هو في مسألة المدونة فيمن تزوجها على من يعتق عليها بدليل اختيار ابن القاسم قول مالك الأول كما قاله في المدونة؛ لأن مسألة العتبية لا يوجب ابن القاسم فيها للزوجة شيئًَا قبل البناء؛ لأنه نكاح فاسد، فوهم العتبي في سياقته عليها، ونكاحها على من يعتق جائز إتفاقًا، ويعتق عليها علمًا أو جهلًا أو أحدهما، بكرًا كانت أو ثيبًا.

قاله ابن حبيب، وهذا في البكر إن لم يعلم الأب أو الوصي، وإلا لم يعتق عليها.

وفي عتقه عليه قولان، وإن عتق عليها، ولم تعلم، وعلم الزوج؛ تبعته بقيمته؛ لأنه غار، وقيل: لا يعتق عليها إذا غرها، ويرد إليه، وتتبعه بقيمته أو نصفها إن طلقها قبل البناء، اختلف فيه قول ابن الماجشون.

ولابن كنانة: إن غرته هنا؛ فسخ قبل البناء، وثبت بعده ويعتق وتغرم له قيمته، ويغرم لها مهر مثلها، ولو علمت دون الزوج؛ لم تتبعه بشئ وله إن لم يعلم -علمت أم لا إن لم يكن لها مال- رد عتقه ليباع لجهازه، وأن يرجع في نصفه إن طلقها قبل البناء.

وفي كونه بمطلق من صنف غير موصوف جائزًا إبتداءً أو بعد وقوعه، أو إن خصص بجنس له رابعها: لا يجوز لقول التلقين: يجوز على وصف، أو عبد مطلق أو جهاز بيت مع ظاهر نقل عياض عن ابن القصار أنه كنكاح تفويض، وظاهرها

ص: 421

والصقلي عن ابن محرز عن سحنون، وغير واحد عن ابن عبد الحكم، وفي كون قول ابن محرز:(إن كان للنكاح جنس معتاد؛ جاز وإلا فسد) خامسًا نظر.

وكونه بمطلق من جنس اعم ممنوع لقول الشيخ عن محمد: نكاحها بعرض؛ لم يوصف من أي العروض يفسخ قبل البناء حتى يقول: بثوب كتان أو صوف، وإن لم يصفه؛ فلها الوسط، وكذا في اللؤلؤ، قاله ابن القاسم.

قلت: يريد: أنه يمنع بلؤلؤ غير موصوف مطلقًا لقولها: إن كاتبه بلؤلؤ غير موصوف؛ لم يجز لتفاوت الإحاطة بصفته، والكتابة أخف من النكاح في الغرر، وقول ابن حارث: اتفقوا فيمن تزوج امرأة على عبد أن لها عبدًا وسطًا خلاف نقله قول ابن عبد الحكم.

وفيها: قال مالك: إن تزوجها على خادم أو بيت؛ جاز، ولها خادم وسط والبيت الناس فيه مختلفون، للأعراب بيوت عرفوها وشورة عرفوها، وشورة الحضر لا تشبه شورة البادية.

قلت: فعلى بيت من بيوت الحضر قال: جائز إن كان معروفًا كما في البادية.

قلت: فعلى شوار بيت؟

قال: نعم، إن كان معروفًا عند أهل البلد، وإن لم يضرب لذلك أجلًا، وفي كون المراد بالبيت الشورة أو المبنى طريقا عياض مع ابن محرز، وظاهر نقل الصقلي عن أبي عمران: يجوز على بيت يبنيه لها إن كان ببقعة معينة في ملكه ووصف بناءه وقدره.

ابن محرز: لا يجوز على بيت مضمون يبنيه؛ إذ لابد من ذكر موضعه، فيصير المضمون معينًا.

الشيخ: لا يجوز على بيت مضمون يبنيه.

الصقلي: لأنه يصير إلى السلم في معين، وهو ظاهر الواضحة، وفي الموازية خلافه، ولو تزوجها بنصف عرصه له على أن يبنيها لها بناءً تواصفاه؛ ففي جوازه فتوى ابن رشد على قول ابن القاسم بجواز البيع والإجارة في المبيع، وقول بعض الأندلسيين.

قلت: ولا يمنع على قول سحنون بمنع البيع والإجارة في المبيع؛ لأن النكاح أخف في البيع.

ص: 422

ولابن فتوح: إن تزوجها بعرصه على أن عليه بناءها ولم يبينه؛ فعليه أن يبني لها دارًا وسطًا من دور مثلها، وتم النكاح، وعلى المشهور سمع عيسى ابن القاسم: يقضي بوسط الصنف فيها لمالك به حالًا، وليس للزوج دفع قيمته إلا باختيارها، وسمع ابن القاسم من نكحت بأرؤس اشتري لها الإماء لا العبيد، وليس فيه سنه إلا ما جرى عليه عمل الناس، وسمع من نكحت بأرؤس دون ذكرها من حمران ولا سودان؛ فلها نصف القيمتين.

سحنون: إن كان رقيق البلد من أحدهما قضي به وإلا فكما قال: ويقضي بالإناث لا الذكور.

ابن رشد: إنما يقضي بنصف القيمتين إن كان رقيق نكاح البلد الصنفين والمهر عبد أو ثلاثة، ففي الثلاثة عبدان من الصنفين، ونصف قيمة واحد من أحدهما، وباقيها من الآخر، كما لو كان رأسًا واحدًا، والقيمة يوم عقد النكاح، ولو طلق، سمعه عيسى من ابن القاسم، والأشبه لزومه عبدان من الصنفين شركة بينهما لسماع أصبغ ابن القاسم: من قطع أنملة رجل عليه عشرة من الإبل بأسنان الدية يشركه المقطوع فيها بقدر دية الأنملة، ثم يتقاسمان أو يبيعان، والقيمة في ذل جارية على قولهم في الخطأ في الزكاة تجب عليهم شاة.

اللخمي: إن تزوجت بعبد لم يصفاه، وطلقها قبل البناء، فروى محمد وابن حبيب عن مالك وأصحابه: لها نصف قيمة عبد وسط يوم العقد.

اللخمي: وليس بحسن، وأرى عليه عبدًا على الصفة يكون بينهما ليس كمن وهب نصف دينار لمن هو عليه هذا يقضي عليه بنصف قيمته دراهم؛ لأن الأغراض تختلف في العبد لا في الدينار.

قلت: يرد بأنها لا تختلف في آحاد الدنانير والدراهم لا فيما بين الدنانير والدراهم.

وسمع عيسى ابن القاسم: من نكحت على رأسين بمائة كل رأس بخمسين، ثم غلت الرقيق كل رأس بمائة إن ذرت الخمسون صفة للرأس، كصفة معلومة في البيع والسلم؛ لزمت الصفة، غلت الرقيق أو رخصت، وإن ذكرت كي لا تزول غلت الرقيق أو رخصت؛ فالزوج كوكيل على الشراء بخمسين ليس عليه غيرها.

ص: 423

ابن رشد: أمرهم على العدد حتى يعلم قصدهم الصفة.

وفي رسم مرض من سماعه: إن سموا للرؤوس ثمنًا؛ لم يعتبر الوسط، والمرأة مخيرة في أخذه بالأرؤس على تلك التسمية، أو بها دون الأرؤس إلا أن يحضرها على التسمية قبل تخييرها التسمية؛ فلا خيار لها كوكيل على شراء شئ لموكله نهاه عنه قبله لا بعده، ولو طلقها قبل البناء؛ فلها نصف التسمية من الثمن، ولا يجبر الزوج على رأس بتلك التسمية يكون بينهما، قاله ابن حبيب عن مالك وأصحابه.

قال: ولم أعلمهم اختلفوا فيه إلا ما لأصبغ في المرأة الدنية يسمى لها في الثياب ثمن رفيع.

اللخمي: إن كانوا يسمون الثمن تجملًا، ففي لزوم الوسط من المثمون، ولزوم الشراء بالثمن قولًا أصبغ إن سمى الرداء بعشرين دينارًا للسمعة أعطى الوسط وغيره.

وفيها: إن تزوجها على غائب من دار أو أرض أو غنم؛ جاز إن وصف، وإلا فسخ قبل البناء ومضى بعده بمهر المثل.

زاد في سماع أصبغ ابن القاسم: وله البناء إن قرب المهر، وإلا فلا كالشراء.

فيها: وإن هلك العبد؛ فلها قيمته.

ابن رشد: يريد: ما لم يتفاحش بعده، وفي حده خلاف.

قال فضل: إجازته.

اصبغ بالمدينة: ففي إفريقية غلط؛ لن ابن مزين حكى عنه: إنما يجوز بالمدينة فيما بمصر، وبمصر فيها بإفريقية، وقاله ابن حبيب.

الباجي: روى ابن حبيب: لا خير فيه بإفريقية بما في المدينة.

ابن رشد: وحد القرب كالبيع ثلاثة أيام ونحوها.

أصبغ: الأربعة والخمسة.

وقال ابن حبيب: له البناء في بعيد الغيبة، ويستحب تقديمه ربع دينار.

قلت: في تهذيب عبد الحق عن ابن القاسم: لا يبني في بعيد الغيبة، ولو قدم ربع دينار كان سماه مع الغائب؛ لن النقد في الغائب لا يجوز.

عبد الحق: في قوله نظرً؛ لأن الممنوع فيه شرط النقد لا الطوع به فكذا البناء.

ص: 424

قلت: ظاهره: أنه فهم كلام ابن القاسم على منع البناء، ولو كان غير مشترط، وظاهر قوله في السماع: كالشراء أنه مثله إنما يمنع بشرط.

ابن رشد: قوله: إن هلك العبد؛ فهو منه؛ يريد: قرب أو بعد على ما اختاره في ضمان الغائب.

وقوله: لها قيمته على أصله في العرض المهر يستحق.

وعلى سماع أشهب: لها مهر المثل.

وفي العشرة ليحيى: مصيبة المهر من المرأة بالعقد بخلاف البيع.

وزاد: لو ماتوا قبل النكاح؛ انفسخ، ويلزم عليه إن استحق المهر العرض قبل البناء؛ انفسخ النكاح، وكذا إن مات العبد الغائب المهر بعد العقد قبل قبضه على أن المصيبة من الزوج.

ابن بشير: إن قريبت غيبته؛ صح البناء، وإن توسطت؛ ففي صحته بشرط النقد قولان.

قلت: فالأقوال أربعة، ولفضل: قول ابن القاسم: إن تزوجت بعبد غائب، فمات بعد العقد فسخ النكاح بعيد؛ بل الواجب قيمته.

ابن محرز: الصواب: يخيره في غرم قيمته؛ ليتم نكاحه وفسخه.

قلت: فالأقوال ثلاثة.

وفيها: إن نكحها على عبد موصوف؛ لم يضرب له أجلًا جاز حالًا كقول مالك: إن نكحها على عبد؛ لم يصفاه ولم يؤجلاه، كان عليه عبد وسط حال.

وروى صاحب الكفي: من نكح بمهر لغير أجل فسخ قبل البناء، وثبت بعده بمهر المثل.

ابن عبد السلام عن بعضهم: إن كان مع حال وأجل؛ لم يجزه لتعارض احتمال كونه مع أحدهما، فحصلت الجهالة، وأظن في أحكام ابن سهل خلافه فينظر فيها.

قلت: ما نقله عن بعضهم لا أعرفه، ولم أجد في احكام ابن سهل مثله، ولا خلافة وتوجيهه بما ذكر لغو على المشهور؛ لأن ما معه من حال يقابل الأجل، فيجب اعتبار حكم نفسه، وهو الحلول على رواية أبي عمر.

ص: 425

وفيها: إن تزوجها بدنانير بعينها غائبة؛ لم يجز إلا أن يشترط بدلها إن تلفت كالبيع، ولو حضرت ونقدها؛ جاز فيهما.

بعض القرويين: إنما يلزم شرط البدل إن شرط قبض السلعة.

قال محمد: وهو تفسير.

زاد محمد: وإن لم يشترط بدلها؛ جاز البيع ووقفت السلعة حتى تقبض الدنانير.

المتيطي: وعليه يجب منع الزوج البناء حتى تقبض.

قلت: قول غيره فيها يجوز البيع دون شرط البدل والحكم يوجبه؛ جار في النكاح، وظاهرها مع غيرها فساد النكاح بمعين غير معلوم ولا موصوف.

وأجاب ابن رشد القاضي ابن مسرة فيمن نكح على دار بقرية كذا، وتكسير ثلث مدي نصفه في أرضه البيضاء، ونصفه في زيتون والتكسير بقرية الزوج مجهول: بجواز النكاح ما لم يكونا جاهلين بصفة ما ذكر، وهم على العلم به حت يثبت جهلهم، فيفسخ قبل البناء، ويثبت بعده بمهر المثل، وعدم كتب علمهم بذلك تقصير لا يوجب فسادًا، فيعرف تكسير مبذر المدى بأرض تلك القرية، ويكسر كل ما للزوج بها حين عقد نكاحه، فتكون شريكة للزوج بذلك الجزء ما بلغ في كل أرضه بها جيدها ورديئها سقيها، وبعلها على الإشاعة، وكذا فيما له من الزيتون، وأما الدار التي ساق لها، ولم تعين في كتاب الصداق، ولم تحد فيه، فإن كان له بالقرية دار على صفة ما ذكر في كتاب الصداق قضى بها لها، وإلا لزمه لها قيمة دار بالقرية المذكورة على صفة ما ذكر في كتاب الصداق في أوسط مواضع القرية.

فقال ابن مسرة: أين يقع هذا من قول ابن حبيب النكاح بأرض لزوج لا يذكر موضعها، ولا حدودها ولا ذرعها، ولا يعرف مبلغها، ولا توصف بحالها يفسخ قبل البناء، ويثبت بعده بمهر المثل، وسواء أصدقها أرضًا وسكت، أو قال: أرضًا لزوج بقرية كذا، أو قال: أرضًا لزوج يختارها إن كانت في قرية فلانة إلا أن يقول: أرضًا للزوج في قرية فلانة، ولم يقل: تختارها، فإن عرفت أرضه في تلك القرية أو عرفها أبوها وهي بكر؛ جاز، وكانت شريكة له في أرض قريته بأرض زوج إن كانت أرضه ثلاثة أزواج؛ فلها ثلثها، كذا روى أصبغ وغيره عن مالك.

ص: 426

ابن رشد: قول ابن حبيب: إلا أن يقول: أرضًا لزوج في قرية فلانة؛ معناه: إلا أن يقول: أرضًا لزوج من أرضي بقرية فلانة؛ لأن الاستثناء لأقرب مذكور.

قلت: قول ابن رشد: معناه: إلخ؛ تقييد للمستثني بزيادة (لي) الدالة على ملك الزوج.

وقوله: لأن؛ الاستثناء لأقرب مذكور؛ فظاهره تعليل للتقييد، وهو غير مناسب له، فيجب كونه تعليلًا؛ لصحة الكلام المدعى تقييده بتقرير نفي ما يوهم بطلانه، وهو استثناء غير مذكور؛ لأن قول ابن حبيب: غلا أني قول إلخ؛ هو نفس القول الثاني المعبر عنه بقوله أو قال: أرضًا لزوج بقرية كذا؛ فصار كقولنا: ما جاءني زيد ولا عمرو ولا أعمامي إلا عمرًا إن رد الاستثناء للثاني؛ بطل، وللأخير صح، فيجب له لقربه.

ابن رشد: فمذهبه إن قال: أرضًا لزوج من أرضي بقرية فلانة؛ فلم يجز إن قال: تختارها، ولو تساوت في الطيب، وجاز إن لم يقله، وكانت شريكة بقدر ذلك من أرضه، ولو اختلفت في الطيب على أصله في منع شراء ثوب يختاره من ثبات إلا أن تتخذ صفة الثياب في الجودة؛ لأن الأرض، وإن ستوت الأغراض تختلف في نواحيها، ومنه منع الغير في كتاب كراء الأرضين: كراء الأرض بالذرع، ولو استوت، ويتخرج في النكاح بأرض تختارها المرأة من أرض الزوج، وهي مختلفة للطيب والكرم، وهي على صفة واحدة من سقي أو نضح أو بعل.

لابن القاسم قولان:

الجواز: من إجازته في كتابة الخيار شراء ثوب يختاره من ثياب، وإن كان بعضها أفضل من بعض إن كانت على سرد واحد.

والمنع: من قوله في كتاب الدور والأرضين: كراء الأرض بالأذرع لا يجوز إن كانت مختلفة، ويقوم اختلافه أيضًا من اختلاف قوله في قسم الأرض: إن اختلفت في الطيب والكرم، وإن اختلفت في السقي بالعين والنضح والبعل؛ لم يجز النكاح بأرض زوج منها تختارها إلا على قول ابن أبي سلمة، وعلى أنها لا تختارها جائز استوت أو اختلفت.

قلت: في فتوى ابن رشد نظر من وجهين:

ص: 427

الأول: أن في السؤال النص على أن تكسير مبذر المدي في القرية مجهول؛ ومعناه: أن قدر مساحته مجهول، وإذا كان مجهولًا؛ كان النكاح على قدر مجهول، وهذا يوجب فسخه قبل البناء.

الثاني: قوله: إن لم يكن بالقرية دار؛ لزمته القيمة إن أخذه، فالنكاح على هذا التقدير وقع على دار ليست في ملكه، فيصير كمن نكح على دار فلان، وهذا يجب فسخه قبل البناء، وإن حملها على أنها مضمونه؛ فكذلك حسبما مر فتأمله.

فتعقب ابن مسرة: إن أراد به هذا فواضح، على أنه بعيد من لفظه، وإلا فقيه نظر.

وابن عات: سئل ابن زرب: عن من تزوج امرأة على دار يقيمها في قريته إن كانت له أرض بقيمتها فيها جاز النكاح، وبنى لها دارًا متوسطة، وإن كان لا أرض له لم ينفذ النكاح بخلاف النكاح على خادم ولا خادم له؛ لأن التسليف يجوز في الخدم لا في الدور.

وروى محمد: يجوز بدين على رجل، ولا يبني حتى يقتضي ثلاثة دراهم، وقال أيضًا: له البناء، وإن لم تقبض شيئًا؛ لنه حق لها بيعه.

اللخمي: شرطه دينار يسر المدين، وعدم امتناعه من القضاء بالغًا ربع دينار إن كان حالًا، أو بلوغ قيمة ذلك إن كان مؤجلًا.

وللشيخ عن ابن سحنون: لو برئ مجروح امرأة بموضحة او منقلة؛ ففي جواز نكاحه إياها بالأرش، وكراهته قولًا أصحابنا، فإن طلقها قبل البناء؛ تبعها بنصف الأرش، ولو لم يطلقها، وانتقض جرحه، ونزي فيه ومات، فإن أقسم ورثته لمن جرحه مات؛ وجبت ديته على عاقلتها، وأخذت هي منها، أو من صلب ماله دية الموضحة أو المنقلة، وترث من ماله دون ديته، وإن لم يقسموا؛ سقط عنها الأرش، وصارت كمن تزوجته بدين له عليها ومات، ولو تزوجها، وهو مريض على أرض الضربة، وما يحدث عنها ومات؛ لم يجز؛ لأنه نكاح مريض لا إرث لها ولا مهر، فإن اقتسموا أخذوا الدية من عاقلتها، وإلا فعقل الموضحة أو المنلقة في مالها.

وفيها: من تزوجت على قلال خل بأعيانها، فوجدتها خمرًا كمن تزوجت على مهر وجدت به عيبًا؛ ترده وتاخذ مثله إن كان يوجد مثله وإلا فقيمته.

ص: 428

أبو حفص وعبد الحق: إنما لم يفسخ النكاح بخلاف البيع؛ لثبوت أثر العقد بحرمة الصهر.

قلت: يتخرج القول بفسخه على ما في استحقاق المهر.

ابن رشد: في رسم العشور من سماع عيسى: إن نكحها بعبد، وأحدها يعلم أنه حر؛ فسخ قبل البناء، وثبت بعده بمهر الثل، وعزاه اللخمي لسحنون نصًا.

عياض: في رجوعها بمثلها أو قيمته، ثالتها: إن دخلا على الكيل؛ فمثلها وإلا فقيمتها، ورابعها: إن قضت الأغراض فيها كالعين؛ فمثلها وإلا فقيمتها، وخامسها لابن عبد الحكم: مهر مثلها، وعورض بقوله في العبد المهر: يستحق بحرية لها قيمته.

ابن محرز: لا معنى لقول سحنون؛ لأنه جزاف يعرف قدره، فقوله فيه: خلاف قول ابن القاسم: أنه كمكيل وفاق لقول محمد: فاسد شراء الطعام جزافًا يفوت بحوالة الأسواق.

عبد الحق عن أبي عمران: ووفاق لقوله: من استحق ما اشتراه بصبرة جزافًا فاتت بعد معرفة كيلها؛ رجع بقيمتها لا مثلها، وعلى الأول قال ابن محرز: إن طهرت بالغسل؛ ملئت خلًا، وإلا عبرت بالماء، وغرم مثله خلًا.

أبو حفص: ومعناها: أنها حاضرة مطينة عقد عى صفتها؛ لأن تطيينها عذر، واستشكل عياض تصويرها، ثم قال: لا وجه لصورتها إلا أن يكونا رآياها فظناها خلًا بما شبه عليهم، أو اطلعا على بعضها، وحملا على ذلك بقيتها، أو كانت معفصة، وحلها يفسدها، فاستغنى بالإطلاع على بعضها.

قلت: مقتضى هذين الجوابين: أن المطلع على كونه خمرًا بعضها لا كلها، ولفظ المسألة ظاهر، أو نص في أنه كلها.

وكلام الشيخين يدل على عدم وقوفهما على نقل العتبي عن أصبغ.

قوله: قلت لابن القاسم: إتباع قلال خل مطينة لا يدرى ما فيها ولا ملؤها.

قال: إن مضى عليه عمل الناس؛ أجزته، كأنه لا يرى به بأسًا، وتمامها في شراء الغائب.

اللخمي: لو تزوجها بقلال على أنها خمر، فظهر كونها خلًا؛ ثبت النكاح إن

ص: 429

رضياه، كما لو نكحها على أنها في العدة، فظهر كونها في غيرها، ولمن شاء منهما فسخه؛ لحجته بظهور خلاف المعقود به، ولا حجة لهما في العدة؛ لأنها حق لله لا لأحدهما.

وما عقد بخمر ونحوه، او غرر في مضيه بالعقد، وفسخه مطلقًا ثالث روايات القاضي مع ابن القصار: ما لم يبن.

القاضي: في حمل الأخيرة على الوجوب أو الاستحباب قولًا أصحابنا، والمشهور الثالثة، ولو دعي الزوج في هذا النكاح للبناء أو النفقة لظن صحته فأنفق، ثم اطلع عليه، ففسخ، فقال بعض الأندلسيين: يرجع عليها بما أتفق، ولها فيمن ابتاع دارًا على أن ينفق على البائع حياته، وقال عبد الله بن الوليد: لا يرجع عليها؛ لأن فسخه غير واجب.

قلت: ويرد بأن الفرض الحكم بفسخه، ومراعاة الخلاف مع الحكم بنقيضه لا يصح، والأظهر جريها على الخلاف في النفقة لحمل فانفش.

وفيها: تردد المرأة ما قبضت من عبد أبق ونحوه، وما فات بيدها بتغير بدن أو سوق؛ ضمنت قيمة ما يقوم، ومثل ماله مث إن زالت عينه أو تغيرت.

اللخمي عن ابن حبيب: إن عثر عيه قبل البناء؛ فالضمان من الزوج وله نموه، كما لو طلق في الصحيح، وإن بنى بها؛ ضمنته وعليها قيمته.

اللخمي: يريد: لما أسقط الطلاق في صحيح النكاح ضمان النصف؛ أسقط الفسخ ضمان الكل، والأول أحسن؛ لأن المطلق مختار.

قلت: قال ابن حبيب في الواضحة عقب ذكره قول ابن القاسم: خالفه أصحابه وقالوا: لا ضمان عليها، ولابن رشد في آخر مسألة من رسم الجواب من سماع عيسى: معلوم المذهب، ومنصوصه: أن ما فسد لصداقة لا شئ للمرأة فيه إلا بالبناء، ولأصبغ: من تزوج بغرر، ومات قبل البناء لها عليه مهر مثلها، وإن طلق؛ فلا شئ عليه، فراعى التسمية الفاسدة، وجعله كنكاح تفويض على قول من رأى وجوب المهر فيه بالموت، وليس بمعروف في مذهبنا.

قلت: في النوادر: قال محمد: قال أشهب: من نكح بثمرة؛ لم يبد صلاحها إن طلق قبل البناء؛ لزمه الطلاق، ولا مهر عليه، وعليه في الموت مهر المثل، وهذا غلط، وقال

ص: 430

أصبغ: لا مهر لها ولها الميراث.

قلت: وهذا خلاف نقل ابن رشد عن أصبغ.

الشيخ عن الموازية: من نكح بثمرة قبل بدو صلاحها على جدها بلحًا؛ جاز، فإن تأخرت حتى جدتها بسرًا أو رطبًا أو تمرًا؛ مضى النكاح، وإن لم يبن وردت الثمرة، ولها قيمة البلح مجدودًا يوم النكاح ونصفها إن طلقها قبل البناء، وترد مكية ما أكلته، فإن جهلت؛ فقيمته.

اللخمي: إن كانت قائمة أخذها الزوج، ولا شئ عليها؛ لأنها دخلت على جدها بلحًا، فجدتها رطبًا؛ فلم تزده إلا خيرًا، بخلاف ما لو تزوجت بها على البقاء، والشأن جدها يابسة، فجدتها قبل يبسها؛ لزمتها قيمتها، ولو كانت موجودة؛ لأن جدها قبل يبسها فساد.

قال بعض شيوخ عبد الحق: ضمانها مهر الفاسد؛ لعقده كالنكاح الفاسد؛ لأنه إذا فات؛ ثبت في المسمى، وإن قامت بينة بهلاكه من غير سببها؛ لم تضمنه.

ومهر الفاسد لصداقة يضمنه مطلقًا؛ لأنه إن فات مضي بمهر المثل لا بالمسمى، ولو تزوجها بفاسد مع صحيح كخمر أو آبق وربع دينار؛ ففي فسخه وصحته برضى الزوجة بما يصح به فقطـ، أو يدفع الزوج الآبق بعد حصوله، أو باتفاقهما على ما يجوز بدل ما لا يجوز نقلًا المتيطي قولهم: مذهب مالك يقتضي فسخه.

وقول أصبغ: زاد الشيخ عنه لو نكحها بربع دينار مع آبق أو جنين، فلم يفسخ حتى حضر الآبق وولد الجنين، فإن رضيت بالربع الدينار؛ صح وإلا فسخ إلا أن يدفع لها الزوج ما زال غرره، وإن فيه لمغمزًا؛ لكنه قول أصحابنا، والقياس فسخه إن لم يبن.

واستحقاق المهر إن علم الزوجان موجبه حين العقد، ككونه مغصوبًا أو حرًا؛ فسخ النكاح قبل البناء، ومضى بعده بمهر المثل، وإلا ففي كونه كذلك مطلقًا، أو إن لم تكن للزوج شبهة فيه ثالثهما: إن غرها بحريته، ورابعها: يفسخ في هذا بعد البناء للتخريج على نقل فض عن ابن القاسم مع ابن رشد عن يحيى: فسخ النكاح بهلاك المهر الغائب بعد العقد قبل قبضها إياه، والمشهور.

ونقل ابن حار عن ابن الماجشون وعن سحنون مع أصحابه، وسمع عيسى ابن

ص: 431

القاسم: من نكح بمال استتجر أو قرض به أو سرقة؛ لم يفسخ نكاحه.

سحنون: وكذا بعبد لجاره أو غصبه، ولو لم يبن بخلاف الحر؛ لأنه لو مات لم تضمنه، وتضمن المغصوب، ولو كانت عالمة بغصبه؛ لفسخ قبل البناء، وثبت بعده بمهر المثل.

أصبغ: قال ابن القاسم: لا يفسخ في الحر ولا في المغصوب، ولو تعمده ولم يبن.

أصبغ: وكذا لو علمت حريته وجهلها الزوج، ولو علماها؛ فسخ قبل البناء، وثبت بعده بمهر المثل، وفي رجوعها لاستحقاق مهرها العبد بقيمته أو بمهر مثلها ثالثها: إن استحق بملك، وفي الحر بمهر مثلها، ورابعها: ترجع بمثله، وخامسها: بالأقل من قيمته أو مهر المثل للمشهور، وسماع أشهب مع تصويبه.

ابن رشد: ونقله عن سحنون واللخمي عن مختصر ابن شعبان مع ابن كنانة وقول اللخمي: لو قيل؛ لكان وجهًا.

وفي منعها نفسها حتى يعطيها ما يجب لها عليه مطلقًا، أو ما لم ترض بتمكينه إياها مطلقًا، وسقوط منعها إياه، رابعها: الثاني إن غرها، وخامسها: لها منعة حتى تقبض ربع دينار لابن رشد عن أول احتمالي شماع القرينين، وثانيهما مع قوله: نحى إليه محمد، وظاهر سماع عيسى عند الشيوخ، ونقل ابن رشد ومحمد.

وقال في سماع القرينين بعد ذكره الثلاث الأول: الخلاف عندي إنما هو إذا لم يغرها، وإن غرها لعلمه أنه مسروق، فمن حقها منعه حتي يعطيها مهرها على ما قاله بعد هذا؛ كالمكاتب يقاطع سيده على شيء وديعة عنده أنه يرد في الرق.

ومعنى سماع عيسى في الغرور: أنه إذا كان بنى بها؛ لم يمنع منها إن رضيت قوله فيه: إن قاموا على المرأة في مهر أسلفوه الزوج، أو باعوه هي أولى منهم ودينهم في ذمته؛ يدل على أن لمن أحاط الدين بماله التزوج، والنفقة على الزوجة من أموال غرمائه، وهو دليل قولها: ليس له أن يتزوج في المال الذي فلس فيه؛ ومعناه: إن تزوج ما يشبه مناكحه، وأصدقها ما يشبه مثله، وللغرماء أخذ ما زاد على ما يشبهه، وتتبعه الزوجة به.

وسمع القرينان: من اكتسب مالًا حرامًا، فتزوج به أخاف والله أنه مضارع للزنى ولا أقوله.

ص: 432

المتيطي عن فضل: إن استحق ما أصدقه عن الزوج غيره، فغن لم يبن؛ فليس على الغير قيمته إلا أن يشاء، وخير الزوج في فسخه، ولا غرم عليه، وبقائه بغرمها، وبعد البناء يلزمه غرمها.

قلت: والفسخ بطلاق.

وسمع عيسى ابن القاسم: من نكح بمال ولد ولده، أو ولده الكبير؛ فالولد أحق به من الزوجة إن لم يفت، وإن فات بأكلها أو لبسها إياه؛ غرمته، ولو لم تعلم وإلا فلا غرم عليها.

ابن رشد: اتفاقًا، ويسر الأب كعدمه، وفي كون ولده الصغير، والأب معسر كذل، وكونها أحق به، ولو لم تقبضه، ولم يبن بها ثالثها: إن قام بقرب قبضها إياه كاليومين عن مطرف، وسماع عيسى ابن القاسم، وسماعه أصبغ، ومطرف مع روايته، وعلى الثاني: قال ابن رشد: عن ابن القاسم: يتبع الابن أباه بقيمته يوم تزوج به لا يوم دفعه لها، ولو كان الأب موسرًا؛ فهي أحق به.

الباجي عن ابن حبيب وابن رشد: اتفاقًا.

زاد الباجي عن ابن حبيب: هذا ما لم يتقدم الإمام إليه ألا يتزوج بمال ابنه، فإن تقدم إليه به؛ فابنه أحق به ولو بنى.

ابن رشد: واجاز أصبغ كل فعل الأب في مال ابنه هبًة وصدقًة وإصداقًا وعتقًا في القيام والفوت والعسر لقوله صلى الله عليه وسلم: "أنت ومالك لأبيك"؛ وظاهره: الكبير كالصغير المتيطي، وقاله أشهب في رواية ابن أبي جعفر.

وعيب المهر: الموجب لمتباعه؛ رده يوجب لها، وفيما يرجع به إن ردته أقوال المستحق.

وفيها: إن فات المعيب عندها؛ رجعت بقيمة عيبه، وإن حدث به عندها عيب.

ص: 433

مفسد؛ فلها رده وما نقصه، وحبسه وأخذ قيمة العيب القديم.

عبد الحميد: اعترض من لقيت قوله: ردت ما نقصه العيب الحادث؛ لأنه لغو، والواجب رجوعها بباقي القيمة عن العيب الحادث.

عياض: في قوله: رجعت بالقيمة؛ تساهل، كيف ترد قيمة وتأخذ قيمة؟

فقال بعضهم: كلامه في حكم الرد بالعيب لا في صفة المطالبة.

وفيها: إن استحق من الدار المهر ما فيه ضرر؛ فلها حبسها، وأخذ قيمة ما استحق ورد بقيتها واخذ قيمتها.

قلت: ظاهره: ولو كان المستحق معينًا لا شائعًا بخلاف البيع؛ لأن المنتقل إليه فيه معلوم؛ وهو الثمن، وفي النكاح مجهول؛ وهو القيمة.

المتيطي: في بعض رواياتها: تحبس ما بقي، وترجع بقيمة ما استحق، وطرح سحنون (بقيمة)، وقال: أخاف كون الثمن مجهولًا.

وفيها: وإن استحق أيسرها كبيت أو تافه؛ رجعت بقيمته فقط، وكذا العروض والأرض، ويسير المستحق من العبد والأمة ككثيره.

قلت: وكذا يسير ما يفسده قسمه كالجبة والقميص، وتمامه في الاستحقاق.

وسمع عيسى ابن القاسم: من نكحت بجنان على أنه عشرة فدادين، فوجد خمسة؛ ثبت نكاحها وإن لم تبن، وتبعته بقيمة المسة الناقصة.

ابن رشد: يريد: إن رضيت بالجنان، ولها رده، وتتبعه بقيمة جمعية؛ لأن ما نقص كمستحق.

أبو صالح وابن لبابة: القياس تخييرها في رده، وتتبعه بمهر المثل، أو تمسكه وتتبعه بنصفه على أن ذلك لا يوجد لهم.

ابن رشد: ليس كما قالاه؛ بل وجد في سماع القرينين: وعلى هذا لو وجدت به أكثر من عشرة فدادين شركها الزوج في الزيادة.

وعن مالك: شرط الأذرع في الأرض كصفة إن ظهرت زيادة؛ فهي للمبتاع، وإن ظهر نقص كان كعيب، وهذا الخلاف قائم من اول كتاب تضمين الصناع نص في سماع عيسى بجامع البيوع.

ص: 434