الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
]
باب فيما يثبت الوطء به [
ويثبت الوطء بخلوة البناء إن أقرا به اتفاقاً: وكذا لو أنكره وادعته، وهي ثيب أو بكر، وصوب اللخمي رواية ابن وهب، وابن أبي أويس ينظرها النساء، فإن رأين أثر افتضاض صدقت وإلا صدق.
وفيها: تصدق بالخلوة، ولو كانت محرمة أو حائضاً أو في نهار رمضان إذا كانت خلوة بناء.
اللخمي: يريد في غير الصالح المعروف بالخير إن أقرت بعلمه حيضها قبل ذلك، وقبول ابن عبد السلام تخريج بعضهم قبول قوله منه في اختلافهما في طلاقها طاهراً أو حائضاً واضح الرد بقيام مثبت قولها في المهر، وهي الخلوة وفقده في الطلاق.
وفي كون تصديقها بيمين أو دونها، ثالثها: إن لم تكن صغيرة، لابن رُشْدٍ في سماع أَصْبَغ عن مالك مع أصحابه، وأحمد بن المعذل قائلاً: لا وجه له إلا رعي القول بوجوبه بنفس الخلوة، ونقله.
قلت: حكى عبد الحق قول أحمد ولم يضعفه، وفي المقدمات عن بعض المتأخرين: لا يمين عليها مطلقاً.
ابن محرز: دلالة الخلوة على الوطء كدلالة القمط لصاحب العقد، والشبه في متاع الزوجين، والوصف في اللقطة، وفي كونها كشاهد واحد أو كبينة تامة خلاف.
وفي قبول قولها في خلوة الزيارة ثالثها: إن كانت في بيته، ورابعها: إن كانت ثيباً، وإلا نظرها النساء كما مر لابن رُشْد عن أحد قولي مالك مع الأخوين، وابن عبد الحكم، وأصبغ، وعيسى بن دينار، وابن القاسم مع أحد قولي مالك، ورواية القاضي، وعزا المتيطي الأول أيضاً لابن وهب كالمقدمات والثالث للمدونة. قال: وخامسها لابن خويز منداد القياس سقوط قولها والاستحسان قبوله بيمينها، وفي المقدمات عزو
الرابع لرواية ابن وهب، وعلى قبول إن كانت صغيرة.
قال ابن رشد: حلف الزوج وأدى نصف المهر إلى أن تبلغ فتحلف، وتأخذ النصف الثاني، فإن نكلت لم يحلف الزوج ثانية، وإن نكل أولاً غرم كل المهر، ولا يمين له عليها إن بلغت كصغيرة قام له شاهد بحقه.
وسمع عيسى ابن القاسم: من ظهر بامرأته بعد طلاقه إياها قبل البناء حمل زعمت أنه منه، وأنه كان يأتيها في أهلها لحق به حملها، ولا إرث لها، ولا تمام صداق.
ابن رشد: قوله: (في الحمل) صحيح إذا كان إتيانه إياها يمكن على قوله في المدونة، وقال محمد: الصواب أن لها تمام المهر والميراث إن مات قبل انقضاء العدة، وروى مثله زياد بن جعفر في المدنية، وهو على أصولهم في رفع التهمة بلحوق النسب، كقولهم في الملاعن يستلحق ولده بعد موته وله ابنة أو ولد أن له ميراثه مع الابنة أو الولد بخلاف استلحاقه إياه ولا ولد له ولا ابنة على ما في نوازل سحنون من كتاب الاستلحاق، وقول ابن القاسم هنا وفي المدونة أظهر إذ لا ضرر على المرأة في لحوق النسب بزوجها تسقط تهمتها على دعواها المنفعة بالإرث، وكمال المهر وسقوط حدها بالسنة، ولو وافقته بعد الخلوة على عدم مسيسه، ففيها لمالك إنما عليه نصف المهر إن لم يطل تلذذه بها.
المتيطي: إن كانت رشيدة صدقت، وإن كانت سفيهة ففي الواضحة: صدقت، ونحوه لعبد الملك في الثمانية، وقال مطرف: لا يقبل قولها لإسقاطها ما وجب لها، وقاله سحنون فيها وفي الأمة.
قلت: في ثالث نكاحها، وإرخاء الستور: إن أكذبته في دعوى المسيس في خلوة البناء فلها أخذه بكل المهر أو نصفه.
ابن رشد وغيره عن سحنون: ليس لها أخذه بجميعه حتى تكذب نفسها وتصدقه.
المتيطي: وقاله ابن الماجشون، أبو عمران: هو تفسير ابن رشد لما في رهونها لابن القاسم، ونحوه لأشهب.
عياض: أكثر الشيوخ على أنه وفاق، لقولها في إرخاء الستور: إن ادعى من لم يعلم له بزوجته خلوة مسيسها وأنكرته، وقد طلقها لها النفقة، والسكني إن صدقته لكنه لأشهب، وهو محتمل وبينهما فرق بديع، ولابن القاسم في كتاب الرهون في اختلاف المتبايعين في تأجيل الثمن، يؤخذ المشتري بما أقر به حالاً، إلا أن يقر بأكثر مما ادعى البائع فلا يكون له إلا ما ادعى.
ثم قال في قولها في إرخاء الستور: إن لم تصدقه فلا نفقة لها ولا كسوة، أخذ الشيوخ من هذه وفاق ابن القاسم لسحنون في المسألة المتقدمة وبينهما فرق، وهو أن المهر حق مجرد اعتراف لها به في ذمته والنفقة والكسوة من توابع العدة، ولا تجب عليها إلا باعترافها فكيف تطلبه بهما، وهي تكذبه وتتزوج غيره.
قلت: تقريره الفرق بين الإقرار بحق لا يوجب على المقر له حقا، ولا يستلزمه وبينه موجباً له، ومستلزماً له، فالحكم بالأول دون موافقة المقر له لا يوجب إضراره أو وجود ملزوم دون لازمه، والحكم بالثاني دون موافقته يوجب إضراره بها في الحكم عليها بالعدة، والحكم لها بالنفقة دون الحكم عليها بالعدة حكم بثبوت الملزوم دون لازمه، وكلاهما غير صحيح، والحكم لها بكمال المهر مع تكذيبه لا يلزمه شيء من الأمرين.
ويرد تمسكهم بمسألة الرهون بالفرق بين نفي المقر له ما أقر له به بمجرد دعوى نفيه فقط وبين نفيه بدعوى ثبوت مضادة، فالأول غير معارض لإقرار المقر فيجب الحكم بإقرار المقر لسلامته عن المعارض كبينة بإثبات حق عورضت ببينة بإثبات ضده، فإنه لا يحكم بها، بل بالتي هي أعدل فحكم لها بكل المهر بإقراره به دون موافقتها، لأن الصادر منها مجرد نفي ما أقر به، وعدم الحكم للبائع بالزائد مع إقرار المبتاع بذلك لنفي البائع ما أقر له به بما يناقض إقرار المقر، لأن المبتاع أقر به مؤجلاً مع المزيد عليه، والبائع نفاه بإثبات مضاده، وهو حلول أجله، وعلى وفقه على تصديقها إياه.
قال ابن رشد: من سبق منهما للرجوع لقول صاحبه صدق، إن سبقت بالرجوع لقوله وجب لها كل المهر دون يمين أقام على قوله أو نزع عنه، وإن سبق بالرجوع لقولها: سقط عنه نصفه، ولا يمين عليه أقامت على قولها، أو نزعت، وقيل لها أخذ ما أقر لها به، وإن أقامت على إنكارها، وهو أحد قولي سحنون في نوازله من كتاب الاستحقاق، وقيل: لا يحكم لها بما أقر لها به، ولو رجعت لقوله، وصدقته إلا أن يشاء. قاله ابن القاسم في سماع عيسى من كتاب الدعوى في الورثة، ولا فرق.
قلت: هو سماعه من ادعى على رجل مائة دينار وديعة فقال: بل هي قراض لك في ربحها خمسون فلم يقبلها استؤنى بها لعله يقبلها، فإن أبى تصدق بها، فإن مات فأحب وارثه أخذها فله ذلك إن أحب المقر دفعها إليه.
ابن رشد: في أخذه الخمسين دون رجوعه لتصديق المقر أو حتى يصدقه، ثالثها: هذا إن رضي المقر بدفعها له، لسحنون في كتاب الاستحقاق، ولأحد قوليه مع الآتي على ما لابن القاسم في الرهون منها، ولأشهب في إرخاء الستور منها، وظاهر قول ابن القاسم هنا فيه، وفي ارثه مع نص سماع عيسى من كتاب النكاح انتهى.
قلت: كذا وجدته في غير نسخة بزيادة فيه، وهو مشكل إذ ليس في السماع تخيير المقر إلا مع الوارث فقط، وسماع عيسى هو من تزوجت ولها ولد فولدت من هذا الزوج ولدا فمات الأول وطلب الزوج إرث ابنيه منه فزعمت أنها لم تلده، وأنه ولد كان لسيدها ترضعه، فأقام الزوج بينة أنه ابنها، ثبت إرث ابنه منه، فإن قالت بعد ذلك هو ابني لم يقبل قولها بعد إنكارها، وميراثها منه لكل من يرث الصبي ابنها وغيره.
ابن رشد: ليس للأم أن تستلحق ابنا، ولو لم يتقدم إنكارها إياه، ولا تستحق منه إرثاً باستلحاق، ولا ببينة بعد إنكارها، على هذا يحمل قوله، ولا يلتفت لما يدل عليه ظاهره من خلاف ذلك، وإذا بطل إرثها منه ورثه ورثته غيرها كمن لا أم له.
وقوله: (ميراثها منه لكل من يرثه ابنها وغيره) فيه نظر، لأن ابنها من الزوج أخ له لأمه فميراثه منه السدس فكيف يصح له أن يكون له من حظ أمه شيء فيرث أكثر من السدس، هذا غير صحيح، وإنما يصح قوله إن دخل الفريضة عول بميراث الأم ينتقض سدس ابنها، فإذا بطل ميراثها تم له سدسه إن ارتفع العول أو ما يجب له من
تمامه كما لو ترك أمه وأخوين لأم أحدهما ابن الزوج وأختين لأب قامت بذلك بينه، وتنكر الأم كون الميت ابنها فالفريضة على ثبوت إرثها من ستة تعول لسبعة يرجع سدس كل واحد من الأخوين للأم سبعاً، فإذا بطل إرثها بإنكارها سقط العول وعاد كل ذي حظ لحظه كاملاً لا وجه لقوله إلا هذا.
قلت: يبطل حصره صدق قوله فيما ذكر بصدقه بكونها ما ولدت الميت، وهي أمه، ثم عتقت، ثم ملكته ومات أو كان أعتقه أن للزوج وأختا الميت لأبيه، ولا وارث غيرهم ولا عاصب له بنسب فيهما.
وقوله: أولاً نص في سماع عيسى مع قوله "لا يلتفت لما يدل عليه ظاهره من خلاف ذلك" متناف لأن دلالة اللفظ على شيء نصا ينافي دلالة ظاهرة على خلافه.
وفيها: إن أقر بعد طلاقها بوطئها، ولم يعلم له بها خلوة وأكذبته فلها أخذه بكل المهر ولا عدة عليها.
الصقلي عن القابسي: من بني بمن نكحها بذي غرر وأنكر وطأها، وادعى غرم مهر مثلها، وفسخ نكاحه لإقراره بنفي موجب إمضائه، ولو ادعاه لم يفسخ ولو أكذبته. وفيها: إثر ذكر قبول قول الحائض والمحرمة، وكذلك قال مالك في المغصوبة تحتمل بمعاينة بينة، ثم تخرج فتقول وطئني غصباً، وهو ينكر فلها المهر، ولا حد عليهما.
اللخمي: إن ثبت وطؤه الحرة غصبا بإقراره أو بأربعة شهداء بمعاينة الوطء لزمه مهرها، وما دونهم لغو لأنهم قذفه ويصير الأمر بمجرد دعواها وشاهدان على إقراره.
قال محمد عن ابن القاسم: يجب بهما مهرها، لأن الشهادة وإن لم تتم في الحد على أحد القولين فالصحيح بقاء عدالتها لأنها لم تشهد بمعاينته وإن شهد واحد باعترافه حلفت واستحقت وفيه خلاف كشاهد بسرقة يشهد يسقط الحد، ويستحق المال بيمين.
قلت: ثبوت حلفها مع شاهد بإقراره إن كان نصاً فواضح، وإن خرجه على الشاهد بالسرقة رد بأن السرقة لا تبطل عدالته اتفاقاً، وفي سقوطها في الإقرار بالزنا خلاف حسبما ذكره.
قال: وإن شهدا بمعاينة غيبته عليها غصباً صدقت في الإصابة، واختلف في يمينها، ونفيها أحسن إلا أن تكون بكراً فينظرها النساء.
الصقلي في الموازية: وتحلف ويؤدب، وعزا ابن محرز حلفها لرواية ابن القاسم، وإن تجردت دعواها عن مطلق شهادة، فإن ادعته على صالح لا يليق به ذلك غير متعلقة به، فقال ابن رشد: لا خلاف أن لا شيء عليه، وأنها تحد للقذف والزنا إن ظهر بها حمل، ولو كانت من أهل الصون، وإن لم يظهر تخرج على الخلاف فيمن أقر بوطء أمة رجل ادعى شراءها منه أو وطء امرأة ادعى تزويجها فتحد على قول ابن القاسم ما لم يرجع عن قوله، ولا تحد على قول أشهب، وهو نص ابن حبيب، وكذا مجهول الحال في هذا الوجه إن كانت مجهولته أو لم تكن من أهل الصون، وإن كانت من أهل الصون، وهو مجهول الحال تخرج وجوب حدها لقذفه على قولين، ويحلف بدعواها على عدم حدها له، فإن نكل حلفت ووجب لها صداقها، وإن ادعته عليه متعلقة به، وهي ممن تبالي بفضيحة نفسها لم تحد للزنا، ولو ظهر بها حمل، وفي حدها لقذفه قول ابن القاسم، وحكاية ابن حبيب، ولا يمين لها عليه على الأول، ويحلف لها على الثاني إن نكل حلفت وثبت مهرها، وعزا اللخمي حدها لمالك أيضاً، ونفيه لعبد الملك.
قال: لما بلغت من فضيحة نفسها.
قال: والثالث لأصبغ إن جاءت تدمي لم تحد، وفرق بين البكر والثيب، وهو أحسن إن كانت ذا قدر، وفي الثيب إشكال، وأرى إن كانت معروفة بالخير لم تحد، وإن كانت لا قدر لها، ولا يعيرها ذلك حدت.
قلت: فيبقى ما بينهما على إشكاله.
قال: ولو كان الرجل من برز بالفضل والخير حدت على أي حال كانت من الموضع والقدر.
قال: وإن نقص بينة معاينة الإصابة عن الأربع، وكانت متعلقة به، وقضى بمهرها لم تحد، وإن كان ممن لا يشبهه ذلك، لأن الشهادة شبهة لها ما لم يكن ممن برز في الفضل فلا مهر لها، ولها شبهة في نفي الحد إن كانت من أهل الخير.
قلت: ظاهر قول ابن رشد في المقدمات والبيان أنه: إن كان ممن لا يليق به ذلك
لصلاحه فلا مهر لها عليه بمجرد الدعوى دون نكول منه حيث يجب حلفه عند قائله.
وقال ابن بشير: إن كانت تدمي في هذه الصورة ففي وجوب المهر قولان لتقابل القرائن.
ابن رشد: وإن كانت لا تبالي بفضيحة نفسها، وأتت متعلقة بمن لا يليق به لصلاحه حدت له قولاً واحداً، وإن كان مجهول الحال، وهي ممن تبالي بفضيحة نفسها لم تحد له، وإن لم تبال بها تخرج في حدها له قولان، وإن ادعته على من يشار له بالفسق غير متعلقة به لم تحد له، ولا لزنى إلا أن يظهر بها حمل، ولا مهر لها وينظر فيه الإمام فيسجنه، ويستخبر عن أمره فيفعل بما ينكشف من أمره، فإن لم ينكشف له من أمره شيء أحلفه، فإن نكل حلفت وثبت مهر مثلها، وإن ادعته متعلقة به تدمي إن كانت بكراً لم تحد له ولا لزنى، وإن ظهر بها حمل.
وفي وجوب المهر لها ثالثها: إن كانت حرة ولا شيء للأمة، لرواية أشهب وجوب ما نقص الأمة فأحرى مهر مثل الحرة، وسماع عيسى ابن القاسم قائلاً: ولو كان أشد من عبد الله الأزرق في زمنه، وابن الماجشون، وزاد اللخمي في قول ابن القاسم: ويؤدب الرجل أدباً موجعاً.
قال: وقال في المدونة: ينظر السلطان، ولو نظرها النساء فقلن هي عذراء، فقال أشهب: لا شيء لها، وهذا كأحد قولي مالك في دعوى البكر المسيس في إرخاء الستر ينظرها النساء فيعمل على قولهن.
وقال أصبغ: لا يرجع لقولهن، والأول أحسن لظهور كذبها، ولتهمتها أن تلطخ نفسها بدم أو تلطخ من لا يشبه ذلك، وقد يحملها عليه من يريد أذاه إن كانت لا قدر لها، وكذا إن بان أنها غير حديثة الافتضاض وأتت تدمي.
قلت: ظاهر قول اللخمي أولاً أن الخلاف بعد وقوع نظر النساء لا في ابتداء نظرهن، وظاهر تشبيهه لها بمسألة إرخاء الستور أنه في ابتداء نظرهن وفي رجمها نحو هذا.
ابن رشد: وإذا وجب لها المهر بدعواها مع بلوغها فضيحة نفسها، ففي لزوم حلفها قول ابن القاسم ورواية أشهب والأول أصح.
زاد في البيان عن ابن القاسم في الموازية كقول أشهب.
اللخمي: أرى إن كانت بكراً تدمي لها قدر أن تأخذه دون يمين، وإن كانت ثيباً أو بكراً لا قدر لها أخذته بيمين، وإن كانت ثيباً لا قدر لها ولا يعرها ذلك فلا شيء ويحلف الرجل، وإن كان مجهول الحال فلا مهر وأحلف، فإن نكل حلفت واستحقته.
اللخمي: إن أتت متعلقة برجل، وظهر بها حمل لما يشبه كونه عن تلك الدعوى لم تحد، وإن كان متقدماً عنها حدت للزنا والقذف إن لم تكن حدت له.
وقال ابن وهب وغيره: إن لم يذكر الغصب قبل ظهور الحمل حدت للزنا، وأرى أن لا تحد لقصدها الستر رجاء عدم الحمل، فإذا ظهر ذكرت سببه فدعواها هذا شبهة تسقط حدها، وقال غير واحد من أهل العلم قول عمر رضي الله عنه في إقامة الحد بالحمل إنما هو إذا لم تدع استكراها لما روي عنه أن امرأة ادعته في حمل ظهر بها، وقالت: كنت نائمة فما أيقظني إلا رجل ركبني، فأمر برفعها إليه في الموسم وناس من قومها فسألها فأخبرته، فسأل قومها فأثنوا عليها خيراً فتركها وكساها وأوصى بها خيراً.
قلت: ظاهر قولهم سقوط الحد بمجرد دعوى الإكراه، وما به احتجاجهم إنما هو فيمن هو من أهل الخير لا في الخير لا في مجهول الحال فضلاً عن غيره، والحق أن ثبوت الحد بظهور الحمل مع قولهم بلحوق الولد بالإنزال في الوطء دون الفرج متناقض، وقول ابن عبد السلام بعد قوله يكفي في بينة احتمال المغصوبة اثنان:"وفي العتبية ما ظاهره أنه لابد من أربعة وليس بصحيح" ليس بصحيح وقعت أول سماع القرينين فيمن أتت متعلقة برجل لم يذكر فيها بينة بحال، ووقعت في سماع عيسى من كتاب القذف ونصها: سئل عن شهيدين شهدا على ثلاثة نفر بغصب امرأة ذهبوا بها إلى الصحراء، فادعت أنهم وطئوها، ثم أبرأت بعضهم.
قال: تحلف وتأخذ من كل من ادعت عليه صداقا.
وفي السماع المذكور قال أصبغ: قلت له: المغتصبة التي يجب لها الصداق على من اغتصبها هل يجب ذلك بشهادة رجلين؟ قال: لا يجب ذلك عليه إلا بما تجب به الحدود وذلك أربعة شهداء وإلا كانوا قذفه.
سحنون: قال لي ابن القاسم: لو شهد رجلان أنهما رأيا رجلا اغتصب امرأة
أدخلها منزلاً غاب عليها، فادعت أنه أصابها، وأنكر ذلك الرجل حلفت واستوجبت صداق مثلها.
ابن رشد: يثبت اغتصابه لها، ومغيبه عليها بشهادة شهيدين على رواية سحنون هذه، ومعنى قوله في رواية أصبغ على معاينة الوطء، وذلك بين من قوله، وإلا كانوا قذفه يجلدون الحد.
قلت: ولقوله أول السماع عن شهيدين شهدا على ثلاثة نفر.
ومسمى المهر في ملك الزوجة بالعقد الصحيح كله أو نصفه، ويكمل بالموت، ثالثها: كله غير مستقر يستقر نصفه بالطلاق وكله بالموت، للخمي مع غيره عن عبد الملك، وابن القاسم مع مالك، وابن رشد عن مقتضى المذهب مبطلاً الأول بأنه لو وجب به لما سقط بالردة كوجوبه بالدخول، وللثاني باستحقاقها كله بموته والموت لا يوجب شيئاً.
قلت: يرد الأول بأن الردة قبل البناء كاستحقاق أحد العوضين مع الاتفاق على ملكهما بعقد البيع الصحيح، والثاني بأن الموت إن كان لا يوجب شيئاً فلا يوجب استقراراً، ومنع إيجابه لأنه إيجاب شرعي لا عقلي، فجائز كونه به لدورانه معه، والدوران طريق شرعي، وطلاقه قبل بنائه يوجب له نصفه وفسخه قبله ولو لموجب حدث بعد صحبته يسقط كله.
اللخمي: إن طلق في فاسد مختلف فيه قبل النظر فيه بنائه فثبوت نصف المهر على ثبوت طلاقه، ونفيه على نفيه لرعي الخلاف ولغوه، ولمحمد عن أشهب: من مات قبل البناء في فاسد لمهره لزمه كل المهر وورثته، ولو طلق قبل البناء فلا شيء عليه.
قلت: هذا بعينه ذكره ابن رشد عن أصبغ قال: فجعله كنكاح تفويض على قول من جعل فيه مهر المثل بالموت، وليس معروفاً من مذهبنا.
اللخمي: وفي ثبوت نصفه بفرقة ردته على أنها فسخ قول مالك في المبسوط، وإنكاره عبد الملك: والأول أحسن، لأن ترك المبيع منه، في الموازنة إن قتل الأمة ربها قبل البناء فله مهرها، وعليه للحرة مهرها إن قتلت نفسها قبل البناء لقولها: إن باع الأمة ربها بحيث لا يقدر الزوج على جماعها فله مهرها، وأرى أن لا شيء لها ولا
للسيدة لأن المنع منهما.
قلت: احتجاجه بمسألة الأمة خلاف قول عياض، معناه أن مشتريها سافر بها حيث يشق على الزوج لضعفه، ولو عجز عن الوصول إليها لظلم مشتريها وأنه لا ينتصف منه لم يكن على الزوج المهر، ووجب رده له من بائعها إن قبضه، وبقى النكاح بحاله متى قدر على الوصول للزوجة دفع المهر، وقاله أبو عمران، ولم يقيد الصقلي مسألة الأمة بشيء، ولم يذكر عليها كلام أبي عمران، وذكره في آخر فصل العجز عن المهر، وحكم طلاق العيب مر في فصله.
وما حدث في المهر من زيادة بولادة مثله: وفي كون غلته ثمرة أو غيرها أو هبة مال له، وهو عبد أو أمة للزوجة أو بينهما.
قول عبد الملك وابن القاسم مع مالك بناء على ملكها بالعقد كله أو بعضه، وفي رهونها عقد النكاح يوجب لها كل المهر، وعلى المشهور ترجع بنفقة السقي، والعلاج على حظه فيه من الثمرة لا في ذمته.
اللخمي: قول ابن حبيب ترجع بنفقة الثمرة لا بما أنفقت على العبد، وترد نصف الغلة لا وجه له، ويختلف إن أنفقت على صغير ى غلة له أو دابة لا تركب أو شجر لا يطعم، وانتقل كل ذلك بنفقتها، ولم تأخذ غلة هل للزوج نصفه، ويدفع النفقة أو يكون فوتا، فعلى قول ابن مسلمة من استحق صغيراً كبر عند مشتريه، وأنفق عليه ليس له أخذه، بل قيمته يوم اشترى فالزوج أحرى لأنه وضع يده عليه، ولو أنفقت على العبد أو الأمة في صنعة تعلماها ففي رجوعها على الزوج بنصف النفقة، وسقوطها رواية المبسوط، وقول محمد، وأرى لها الأقل من نصفها أو نصف ما زاد ثمنها.
وسمع عيسى ابن القاسم في كتاب العدة: من أنفقت على جارية مهرها في أدبها ما زاد في ثمنها أضعافه، وطلقت قبل البناء لزوجها نصفها دون غرم شيء من نفقتها.
ابن رشد: في المبسوط لابن وهب: ترجع عليه بما أنفقت في تعليم الخير، ورواه أبو صالح عن محمد بن خالد، وكذا في الاستحقاق يريد: ما لم تكن النفقة أكثر مما زادت قيمتها فيسقط الزائد، لأنها لو لم تزد قيمتها بما أنفقت عليها لم ترجع عليه بشيء من النفقة إذ لم ينتفع بذلك.
قلت: فما جعله اختياراً له جعله ابن رشد تقييداً وهو الأظهر.
قال: وما أنفقت في طب مرضها الأظهر لا رجوع لها به لأنه وإن انتفع بطبها فهو مستهلك إذ لم يزد ذلك في قيمتها.
قلت: الأظهر إن كان لزوال عيب حدث بها كبياض بعينها، ونحوه رجوعها عليه.
ابن رشد: اتفقوا على أن لا رجوع لها بنفقة ضروري طعامها وشرابها إلا أن تكون صغيرة فكبرت، فقيل لها: الرجوع بها، وإن كانت اغتلت منها غلة.
قيل: نفقتها فيها، والقياس رجوعها بالنفقة على كل حال على أنهما شريكان، وعلى أن الغلة لهما، والمصيبة منها لا ترجع بنفقة ضروري طعامها وشرابها ونفقة تعليمها الخير، وطب مرضها يجري على الخلاف في الرجوع بالسكني والعلاج.
في الموطأ عن مالك: أنه بلغه أن عمر بن عبد العزيز كتب في خلافته إلى بعض عماله أن كل ما اشترط المنكح من كان أبا أو غيره من حباء أو كرامة فهو للمرأة إن ابتغته.
قال مالك: ما اشترطه الأب في إنكاح ابنته من حباء له فهو لابنته ولزوجها شطره إن طلقها قبل البناء.
قلت: روى أبو داود عن ابن جريح عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أيما امرأة نكحت على صداق أو حباء أو عدة قبل عصمة النكاح فهو لها، وما كان بعد عصمة النكاح فهو لمن أعطيه وأحق ما أكرم عليه الرجل ابنته أو أخته)، ولم يتعقبه ابن القطان على عبد الحق، وذكر أبو عمر هذا السند عن عبد الرزاق.
وسمع يحيى ابن القاسم: نحلة من تزوج امرأة وليها الحق فيها للزوجة إن
اشترطها الولي لها أخذها منه أو تركها لا رجوع فيها للزوج على واحد منهما، لأنها من المهر، لو طلقها قبل البناء تبع الولي بنصف النحلة، وتبعته الزوجة بنصفها، ونحلته وليها أو بعض أختانه إن لم تكن على إنكاحها، ولا عدة عاملة عليها كشرط، وإنما هي شكر للمنحول أو صلة قبل النكاح ومودة فلا حق للزوجة فيها ولا للزوج رجوع فيها.
ابن رشد: إن كانت عند الخطبة، فإن تم العقد فهي للزوجة وإلا فللزوج الرجوع بها، وإن كانت عند العقد بشرط فهي كالمهر.
ابن حبيب: إن أجازتها المرأة لوليها، ثم طلقت قبل البناء الزوج المنحول بنصفها أبا كان أو غيره كانت الزوجة ممن يولي عليها أو لا، ولها إتباع وليها بنصفها إن كانت ممن يولي عليها، وإنما رأى للزوج إتباع المنحول بنصفه بعد أن أجازته الزوجة، وهو ليس له إتباع الموهوب له المهر بنصفه بعد قبضه، لأنه رآه كمن تزوج امرأة على أن يهب عبده لفلان.
ابن عات: حكي ابن مسعدة الحجازي ما اشترط من لحم جزور، ونحوه لازم وهو للزوجة.
قال غيره: ونصفه للزوج إن طلق قبل البناء، وإن بني لزم المرأة أن تصنع به طعاماً، لأنه عرف الناس وعليه يشترطونه، وهو إن طلق قبل البناء كالمهر ويلزمها في العصفر صبغ ثيابها به لأنه على ذلك شرط.
ابن رشد: وإن كانت بعد عقد النكاح على غير شرط فلا رجوع فيها لزوجة ولا زوج.
الباجي: قال مالك في المدنية: ما اشترط بعد العقد فهو لمشترطه دون الزوجة ولا شيء للزوج فيه، ولو طلق قبل البناء.
زاد محمد وابن حبيب: ولو كان الحباء قائماً.
ابن حبيب: إن فسخ النكاح بأمر غالب فقال مالك: يرجع الزوج بما وجد منه قائماً يريد: لأنه هبة من أجل النكاح كالهبة للبيع، وفي ثاني نكاحها من تزوج بمهر
مسمى، ثم زادها فيه طوعاً فلم تقبضه حتى مات أو طلق قبل البناء لزمه نصف ما زاد في الطلاق، وسقط كله في الموت.
القاضي: قال الأبهري وغيره من أصحابنا بوجوب ما زاد في الموت، لأنه كالمهر، وإلا لما تشطر بالطلاق.
الصقلي: ولو كانت كالهبة لم يثبتها البناء، لأن الهبة لا تستقر إلا بالقبض، بل هي كهبة للبيع بعده كثمنه إن قبضت، ثم ردت السلعة بعيب ردت مع ثمنها.
وفي الجلاب بعد ذكره قول ابن القاسم بسقوطه بالموت، والقياس عندي أن يجب لها الزيادة.
ابن بشير: في بطلانه بالموت قولان بناء على أن الملحق بالعقد كمنفصل عنه أو واقع فيه.
قلت: وجه معروف المذهب ورد إشكال البغداديين أن الزيادة إنما صدرت من الزوج مقيدة بحكم المهر لا هبة مطلقة فاعتبر فيها حكم المهر عملاً بقصد الزوج، إذ هو حق له في حياته، فكان له نصفها في الطلاق، واعتبر فيها بعد موته حكم الهبة لحق الورثة.
وسمع عيسى ابن القاسم: من أهدى لمن أملك بها هدية، ثم طلقها أو طلقت عليه بعد النفقة قبل بنائه فلا شيء له فيها، وإن أدركها بعينها.
وفي فسخ نكاحه لفساده، ولو كان يثبت بالبناء هو أحق بها إن لم تفت أو بما وجد منها كمن أثاب من صدقة ظن أن ذلك يلزمه، وإن زادت، ونمت فليس له إلا قيمتها يوم أعطاها، والقياس أنها له بزيادتها، والقيمة عندي أعدل.
أصبغ: إن بني في النكاح المفسوخ فلا شيء له، ولو أدركها قائمة، لأن النكاح الذي أعطى عليه تم له ببنائه، وإنما الجواب على فسخه قبل بنائه، ولو كانت العطية بعد البناء، ثم فسخ بحدثانه ردت له، ولو فسخ بعد سنتين فلا شيء له، ولو أدركها بعينها، لان ما أعطى له قد ناله، وهذا رأيي.
ابن رشد: قوله: (في طلاقه باختياره) واضح، وقوله:(في الطلاق بعد النفقة) هو على أصله في إيجابه نصف المهر فيه، وعلى قول ابن نافع الذي لا يراه فيه ويرى الطلاق
بعدم النفقة كفرقة الجذام والجنون يرجع في هديته إن كانت قائمة، وقال اللخمي في قوله في الطلاق بعدم النفقة نظر، لأنه مغلوب على الفراق.
ابن رشد: وقوله في الفسخ يرجع فيها إن كانت قائمة، لأن ما أهدى عليه لما جل وجب بطلان الهدية كقول سحنون في جامع البيوع فيمن وضع من ثمن سلعة باعها بسبب خوف المبتاع تلفها أو الوضيعة فيها فسلم من ذلك له الرجوع بما وضع، وسماع يحيى في الإيمان بالطلاق فيمن يؤخر بالحق بسبب فلا يتم له السبب، ولابن القاسم في الدمياطية لا يرجع بها، ولو كان النكاح صحيحاً ووجد بالزوجة عيب رد فردها قبل البناء لكان له الرجوع بهديته، على قولها في الصرف: من وهب مبتاع سلعته هبة لأجل بيعها منه فردها عليه بعيب رجع عليه بالهبة، خلاف قول سحنون لا يرجع بالهبة، وهو على أن الرد بالعيب نقض بيع، ومسألة الثواب في الصدقة التي نظر بها لا تشبهها، لأن معناها أنه أعطى ما ظن وجوبه عليه، ثم علم عدمه عليه، واختلف في هذا ولها نظائر منها: من أنفق على مطلقة ظنها حاملاً وعلى زوجة ظن نكاحها صحيحاً، وفرق ابن القاسم في الدمياطية بينهما فقال: في هدية الإملاك إذا وجد النكاح مفسوخاً لا يرجع بها ويرجع بالنفقة، ولرعي هذا القول استحسن في السماع إن نمت أن تكون له القيمة لا الهبة بنمائها، إذ القياس أن له النماء كما عليه النقض، وإن بني فلا شيء له في الهدية قبل لبناء، ولو كانت قائمة.
وسمع ابن القاسم: هدية العرس التي يعمل بها الناس ويختصمون فيها إن عرف ذلك من شأنهم، وهو عملهم لم يطرح عنهم إلا أن يتقدم فيه السلطان.
قال ابن القاسم في كتاب عيسى: قال مالك قبل ذلك: لا يقضى بها، وهو أحب إلى ولأنها تبطل بموت أحدهما.
ابن رشد: قال هنا هدية العرس، وفي سماع عيسى نفقة العرس، ومراده بنفقة العرس هدية العرس التي جرى العرف بها عند الأعراس، وقول بعض الشيوخ: مراده بهدية العرس التي اختلف قول مالك في القضاء بها وليمة العرس متعلقاً بما في سماع عيسى غير صحيح، لأن مذهب مالك أن الوليمة مندوب إليها لا واجبة إلا وجوب السنن، وهي لا يقضي بها ولا حق فيها للزوجة، ودليل كونها غير الوليمة قوله في
السماع إلا أن يتقدم فيه السلطان، ولا يجوز أن يتقدم في الوليمة فينهي عما أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وتقدمه في الهدية: هو أن يعهد إلى الناس أن لا هدية لزوجة على زوجها إلا بشرطها عليه، والقياس على وجوب القضاء بها. إذا حكم للعرف بحكم الشرط. كونها كالمهر يجب عليه نصفها بالطلاق وجميعها بالبناء أو بموت أحدهما، ومالك أبطلها بالطلاق أو بموت أحدهما حسبما قاله في سماع عيسى ووجه قوله أنه حكم لها بحكم الصلة المراد بها عين الموصول.
قلت كقولها في هبة عبد الحضانة والكفالة لمن يرادان له.
ابن رشد: وحكم لها ابن حبيب بحكم المهر فقال: يقضى بها ويرجع إن طلق بنصفها ما لم تفت، فإن فاتت فلا شيء له، يريد: فاتت بسلف أو إنفاق أو استمتاع على أصله فيما استمتعت به من مهرها قبل الطلاق إذا طلق قبل البناء، وأما هدية الإملاك فلا يقضى بها، وليس له منها شيء في الطلاق، ولو أدركها قائمة، ولا فرق بينهما إلا من جهة العرف، فلو انتقل، انتقل الحكم.
ابن سهل: سئل ابن عتاب عن الهدية التي يرسل بها الأزواج للزوجات قبل البناء كالخفين والجوربين ونحوهما، أيقضى بها على الزوج إن طلب بها وامتنع؟ قال: يقضى بها على قدرها وقدره وقدر المهر، وليس عليها، ولا على أبي البكر أن يثيبه بشيء، ولا يقضي عليه بالعرس، والأجرة المتعارفة عندهم ويؤمر بها، ولا يجبر، والصواب عندي القضاء عليه بالوليمة لقوله صلى الله عليه وسلم لعبد الرحمن بن عوف:(أولم ولو بشاة) مع العمل عند الخاصة والعامة، ولا يقضي عليه بأجرة الماشطة على الجلوة، ولا بأجرة ضاربة دف
ولا كبر، ثم ذكر سماع ابن القاسم في الهدية، وسماع عيسى فيها، وسماع أصبغ مساقاً واحداً، يفهم منه أن الهدية في سماع أصبغ وما قبله واحدة، وقد تقدم لابن رشد التفرقة بينهما للعرف وهو الصواب.
وأجاد المتيطي في نقله من كلام ابن سهل سماعي ابن القاسم وعيسى، ولم يذكر معها سماع أصبغ.
وأجاب ابن رشد عما تخرجه الزوجة أو وليها في شورتها من ثياب باسم الزوج كالقفارة والحشو والقميص والسراويلات، وربما لبسه الزوج بعد بنائه بيسير الأيام أو كثيرها، ولم يلبسه، ثم تطلب الزوجة أو وليها أخذ تلك الثياب، ويقولون: هي عارية على وجه الزينة لا العطية إن كان فيها عرف جري بالبلد، واستمر عليه العمل حكم به، وإلا فالقول قول المرأة أو وليها أنها عارية أو على وجه التزيين.
اللخمي: للزوجة التصرف في مهرها بالبيع والصدقة والهبة اتفاقاً.
وفيها: يجوز للزوجة صنعها في مالها إن حمله ثلثها، وهي ممن يجوز أمرها، وما وهبت من مهرها أو أعتقت أو تصدقت فعليها نصف قيمته يوم فعلته للزوج إن طلقها قبل بنائها، وقال بعض الرواة، يوم قبضته لأنها أملك به من زوجها لو مات كان للزوج البناء بها ولا شيء عليه.
ابن شاس: والتدبير كالعتق.
قلت: هو مقتضى قواعد المذهب في البيع الفاسد والخيار وغير ذلك، وعزا محمد قول بعض الرواة لعبد الملك وقال: لا يعجبنا وهو بناء على أن الطلاق أبان بقاء ملك الزوج نصفه أو أنشأه.
وسمع القرينان من باعت عبدها المهر، ثم طلقت فعليها نصف ثمنه.
ابن رشد: هذا على القول: إن مات ثم طلقت فلا شيء عليها، وأن الغلة بينهما، وأن عليها في هبته وعتقه القيمة يومهما، وهو قول ابن القاسم وروايته فيها وقول القرينين وروايتهما، وعلى قول الغير فيها القيمة يوم القبض والغلة لها وحدها فعليها في بيعه القيمة يوم القبض، وعلى سماع القرينين يرجع عليها بنصف قيمته إن مات بيدها. وفيها: ولا يرد الزوج عتقها، ولو كانت معسرة، لأنها إن كانت معسرة يوم العتق،
وقد علم فتركه ذلك رضي، ولو قام حينئذ رده إن شاء إن زاد على ثلثها ولم يعتق منه شيء، فإن طلقها قبل البناء فله نصفه.
قال مالك: يعتق عليه، وبلغني قوله في الزوجة يعتق عليها، ولا أدري هل يرى أن يقضي عليها بذلك أم لا؟ وأرى أن لا يقضى عليها به، ولا ينبغي لها ملكه
ابن رشد: في سماع سحنون من المكاتب في سقوط عتقها إياه والقضاء به عليها، ثالثها: تؤمر به ولا تجبر، لأشهب وأصبغ مع الأخوين وابن القاسم
قلت: رد استدلاله فيها على منع رد الزوج عتقها بمنع حصر حاله فيما ذكر بجواز كونه كان جاهلاً عتقها، ويجاب بأن البحث بعد طلاقه منضما لدلالة قوله على أن فعلها على الجواز حتى يرد لا على العكس، ولو وهبت مهرها أجنبياً ثم طلقت قبل البناء، فلابن رشد في رسم القضاء من سماع أصبغ في الكفالة في فوته بالهبة فيلزم الزوج دفعه له، ويتبع الزوجة بنصفه، ولا تتبع الزوجة الأجنبي بشيء، ووقف فوته على قبضه الأجنبي، وإن لم يقبضه اختص الزوج بنصفه منه، ثالثها: لا يفوت إلا باستهلاكه الأجنبي فيرد للزوج نصفه منه إن لم تفت، ورابعها: لا تصح هبتها نصف الزوج بحال فيسترده الزوج منها، وترجع الزوجة به على الأجنبي، وخامسها إن كانت موسرة دفعه الزوج للأجنبي، ورجع به عليها، وإن كانت معسرة اختص الزوج به لبعض الرواة في ثاني نكاحها، والثاني والثالث لغيره ولمحمد عن ابن القاسم وله في ثاني نكاحها، والقياس كون هذا الخلاف إنما هو على القول بملكها بالعقد كل المهر، وعلى القول بملكها به نصفه لا تجوز الهبة بحال، فقول ابن القاسم عليه، وقول بعض الرواة على الأول
عبد الحق: قول ابن القاسم برعي عسرها ويسرها يوم الطلاق يوجب لغو اعتبار حمل ثلثها الهبة، وعلى اعتبار غيره يسرها يوم الهبة يجب اعتبار حمله إياها.
قلت: ظاهر نصها خلافه، وهو قلت: إن وهبت مهرها لأجنبي فدفعه الزوج إليه
والمرأة ممن تجوز هبتها وثلثها يحمل ذلك فطلقها الزوج قبل البناء أيرجع على الموهوب له بشيء في قول مالك. قال: لا يرجع عليه في رأيي بشيء ويرجع على المرأة، لأنه دفع ذلك لأجنبي، فإن كانت موسرة يوم الهبة فذلك جائز على الزوج ولو كره، وإن كانت معسرة فقد أنفذه الزوج حين دفعه إليه.
قلت: إلا أنه في لفظ السائل وفيه نظر، وكثيراً ما يعتبره البراذعي فيختصره كأنه من لفظ المجيب لاعتقاده اعتباره، ولأنه من لفظ أسد أو سحنون.
وفيها: ما اشترت منه بمهرها كمهرها، ولو لم يصلح لجهازها ونقص.
أبو عمران: يعني أنها بينت للزوج أنها تشتري ذلك منه بمهرها.
المتيطي عن بعض القرويين: هذا جيد إن كان بعد افتراقهما من مجلس قبض المهر، ولو اشترى ثمنه ذلك في المجلس ما افتقر إلى بيان أنه بالمهر.
ابن حارث: ما اشترت به مما يصلح لجهازها، ولو من غير الزوج كمهرها اتفاقاً، ولو اشترت من زوجها به داراً ففي كونها كذلك أو إنما يرجع عليها إن طلقها بنصف المهر لا بنصفها قولا مالك فيها وعبد الملك.
المتيطي عن بعض القرويين: رأيت إسماعيل القاضي يحمل شراءها ذلك من الزوج على التخفيف إلا أن يتبين قصدها الشراء منه كغيرة للرغبة في المشتري فيرجع عليها بنصف المهر.
ابن القصار: هذا بناء على رواية أنهما شريكان في المهر وعلى مراعاة العرف في ذلك.
قلت: ونقل ابن شاس تقييد إسماعيل بلفظ.
قال القاضي أبو الحسن: هذا إن كان على وجه التخفيف عن الزوج، وإلا فهو كالأجنبي فيه.
ابن القصار: وظاهرة أن الأصل حمله على غير التخفيف حتى يثبت التخفيف، وظاهر لفظ المتيطي عكسه، ولفظ الصقلي كالمتيطي.
وفيها لمالك: من تزوج امرأة على أبيها أو ذي رحم محرم عتق عليها ساعته، وله عليها نصف قيمته إن طلقها، ولم أسمع منه شيئاً إن كانت معسرة وأرى أن لا رد له
لعتقه، ولا يتبعه بشيء كقول بشيء كقول مالك في ذي دين علم بعتق مدينه المعسر عبده فسكت، ولم يقم برده، وأخبرني بعض جلساء مالك أنه استحسن عدم رجوع الزوج على المرأة بشيء، وأحب إلى قوله الأول أن يرجع بنصف قيمته.
اللخمي: إن علمت أنه أبوها دونه رجع عليها، وفي عكسه لا يرجع عليها، واختلف في رجوعها عليه في الموازنة إن غرها.
وفي المبسوط: ترجع عليه بقيمته وبنصفها إن طلق، وأجاز في القراض منها للبائع أن يعلم ذلك لندب الولد إلى شراء أبيه ليعتقه، وإن علما جميعاً أو جهلاً، ثم علما رجع عليها واستحسن مرة عدم رجوعه، وإن جهلا فهو أبين في عدم الرجوع كهلاكه بأمر من الله، وإن ثبت رجوعه فوجدها معسرة لم يرد عتقه، لأنه عتق أوجبته الأحكام ليس كابتداء عتق.
قلت: تعليله عدم رده بأنه عتق أوجبته الأحكام، يرد بقولها مع غيرها من ابتاع أباه وعليه دين رد عتقه للدين، وقيل: يباع عليه له، والصواب تعليله بقول رهونها من استهلك مهر أمته قبل البناء، ثم أعتقها، ثم طلقها الزوج قبل البناء، ولا مال للسيد لم يرد عتقها لأن الدين إنما لزم السيد حين طلقت لا يوم عتقت.
وقال الباجي إثر مسألة الكتاب: وكذا لو أهرها عبداً يكون لغيره لا مهر لها غيره جاز كالبيع.
ابن زرقون: يريد كقولها أتزوجك على أن تهب عبدك لفلان، وكذا نص عليه ابن حبيب، قال: وإن طلقها قبل البناء رجع في نصف العبد، وإن فات بيد الموهوب تبعه بنصف قيمته ولا يتبع المرأة بشيء، وجعله محمد كالحباء.
قال فضل: إن مات العبد، ثم طلقها فمصيبته من الزوجين.
وفيها: إن جني على العبد المهر، ثم طلقها الزوج قبل بنائه فالأرش بينهما، ولو جني وهو بيد الزوج، ولا طلاق فالخيار في فدائه لها دون الزوج، فإن طلقها فهو لكل منهما في نصفه، فإن طلقها بعد فدائها إياه بالأرش فأقل لم يأخذ نصفه إلا بنصفه، ولو فدته بأزيد منه فلا شيء عليه مما زادته، ولو أسلمته والأرش ليس أقل من قيمته فلا شيء عليها، وإن كان أقل فله فداء نصفه، وجده فات ففي غرمها له نصف المحاباة
قولا محمد واللخمي محتجا بقولها ليس على فداؤها وأخاف عوده لذلك.
ابن عبد الرحمن: لو باعته بأقل من قيمه تبعها بنصف المحاباة بخلاف إسلامها إياه في أرش أقل من قيمته، لأن بيعه بمجرد اختيارها، وهي في الجناية مضطرة لخوف عودة للجناية، وذكر لأبي عمران فأصغى إليه عبد الحق أظن الشيخ يقول: إن باعته بمحاباة فلا رجوع للزوج في نصفه، ولو كان قائماً، وفي الجناية يرجع فيه، وفرق بما ذكر.
والرواية في البيع إنما عليها نصف الثمن ما لم تحاب وليس فيها إن حابت وهو قائم هل يرجع فيه، وما المانع من ذلك كالجناية، لأنه باب معاوضة ولا يصح فرقه بخوف عودة إلا في جنايته عمداً لا خطأ، وفرق الصقلي بين رجوعه عليها بنصف المحاباة في بيعها إياه لا في إسلامها إياه بها في الجناية بأنه في البيع، لأنه لا يقدر على رد نصفه، لأنها باعته وقت كان بيعها جائزاً فأتلفت عليه بعض ثمن نصفه، ولم تتلف عليه في الجناية شيئاً لأنها باعته وقت كان بيعها جائزاً، لأنه على خياره في نصفه وفداؤها إياه لا يجب عليها كشرائها إياه، وهذا أبين مما فرق به غير هذا.
وضمان ما لا يغاب عليه من مهرها مع نقل اللخمي عن المذهب منها، ولو هلك بيد الزوج قبل قبضها إياه ففيها له البناء، ولا مهر عليه.
اللخمي: إن ادعت تلفه صدقت، وكذا إن ادعت موته في غير جماعة، ولا تصدق إن كانت في حضر أو سفر في جماعة.
قلت: كقولها من ابتاع حيواناً أو رقيقاً بخيار فقبضه، ثم ادعى إباق الرقيق وانفلات الدواب أو سرقتها، وهو بموضع لا يجهل صدق مع يمينه إلا أن يأتي دليل كذبه، وإن ادعى موتها بموضع لا يجهل صدق مع يمينه إلا أن يأتي دليل كذبه، وإن ادعى موتها بموضع لا يخفى فيه ذلك سئل عنه أهله، لأن الموت لا يخفي ولا يقبل غلا العدول، فإن لم يعلم ذلك أحد بالموضع ضمنه، وإن لم يعرف كذبه صدق بيمينه.
وسمع عيسى ابن القاسم: من قبض ما ابتاعه بخيار من عبد أو حيوان أو ارتهنه أو ابتاعه لغيره ببلد آخر فادعى هلاك ذلك في حاضرة حيث الناس والجيران، فإن لم يعلم أحد منهم ما ادعى من موت ضمنه، وإن ادعى موته بفلاة لم يضمنه، وإن ادعى
إباقه صدق.
ابن رشد: تسويته بين المرتهن، ومن إتباع ذلك لغيره يدل على أن لا فرق بين المرتهن والمودع فيما لا يغاب عليه.
وقوله: (إن لم يعلم أحد منهم موت ما ذكر) يدل على أن السلطان يستخبر الجيران، ولا يكلفه البينة على ذلك، وفي رسم سن من سماع ابن القاسم من الرواحل والدواب تكليفه البينة على ذلك، وفي المدونة دليل القولين، ولم تشترط هنا عدالة من يسأل من الجيران.
وفيها: لا يقبل إلا العدول فقيل: ليس باختلاف، ومعنى هذا السماع إن لم يكن في الجيران عدول، ومعنى ما في المدونة: إن كان فيهم عدول، وقيل: اختلاف فإن لم يأت بالعدول ضمن على ما فيها، والذي أقول أنه ليس باختلاف، ومعناه أن السلطان لا يلزمه أن يسأل إلا يشاء فإن سأل وفي الموضع عدول لم يسأل إلا العدول، فإن قالوا نعلم موت ما ادعى موته بعينه، قبل قوله دون يمين، وإن قالوا: نعلم موت عبد عنده، ولا نعلم أنه العبد الذي ادعى موته صدق بيمينه، وإن قالوا: لا نعلم شيئاً ضمن، وإن قالوا: نعلم موت ما ادعى موته أو موت عبد عنده لا نعلم أنه الذي ادعى موته صدق في الوجهين مع يمينه، وكذا إن لم يرد السلطان أن يسأله وكلفه البينة فأتى ببينة عدول أو غير عدول إن لم يكن بالموضع عدول، وإن كان به عدول لم يعتبر غيرهم بحال.
وقوله: (إن ادعى موته بفلاة لم يضمنه) معناه مع يمينه.
قلت: وكل هذا يجزئ في المهر، وسمع القرينان: من تزوج بعبد بعينه فمات بيده ضمنته الزوجة إن مضت عهدته، ولو طلقها بعد موته تبعها بنصف قيمته يوم قبضه.
أشهب: لا يتبعها بشيء، وقاله ابن نافع وهو ول مالك.
ابن رشد: سماع أشهب العهدة في العبد المهر خلاف سماع سحنون.
ابن القاسم في العيوب، وظاهر زكاتها الأول، ونكاحها الثاني، وضمانها: العبد يموت بيد الزوج لا أعلم فيه خلافاً، وهو يقضي بصحة القول أن كل الغلة لها، ويلزم
على قول مالك: "إن مات بيدها تبعها الزوج بنصف قيمته "أن يتبعها بنصفه إن مات بيده، وإن كان لا يوجد لهم.
وفيها: إن نكحها بعرض بعينه فضاع بيده ضمنه؛ إلا أن يعلم ذلك فيكون منها.
ابن حارث: إن تلف بينة، ثم طلقها لم تضمن نصفه اتفاقًا.
قُلتُ: يتخرج على ضمانها العبد ضمانه.
وسمع أَصْبَغ ابن القاسم: ما أصدقت من عين ضمنته إلا أن يعرف تلفه بينة بغير ضيعة منها فلا تضمنه.
أَصْبَغ: هي ضامنة بكل حال، ولو قامت بينة بذلك، وليس العين كالعرض، العين المضمونة ساعة تستوفيها، ومال من مالها، والزكاة واجبة عليها.
فيها: لو طلقها بعد زكاتها إياها سنين لم يكن عليه من زكاتها شيء، ولو اشترت جهازًا بأمرٍ ظاهر معروف أو منسوب، ثم سرق أو تلف لم تغرمه كما لو أصدقها ذلك بعينه.
ابن الماجِشُون: كل ما يضمنه المستعير تضمنه المرأة إن أصدقته إلا أن تقوم بينة بهلاكه وعليها خلفه من مالها إن لم تقم بينة بهلاكه لم يفرق.
ابن الماجِشُون: كل ما يتضمنه المستعير تضمنه المرأة إن أصدقته إلا أن تقوم بينة بهلاكه وعليها خلفه من مالها إن لم تقم بينة بهلاكه لم يفرق.
ابن الماجِشُون بين عرض وعين، وكل ما لا يضمنه المستعير لا تضمنه.
ابن رُشْد: تسوية.
ابن الماجِشُون: بين العين، وما لا يغاب عليه من عرض على ما تأوله العُتْبِيّ تفسير لقول ابن القاسم وهو على قوله وروايته أن الزوجين في المهر شريكان وعلى قياس قول غير ابن القاسم كل الغلة لها تضمن ما يغاب عليه، ولو قامت بتلفه ببينة كسماع أشهب في العبد، ولم تعجب.
ابن حبيب: تفرقة أَصْبغ بين العبد، وما يغاب عليه من العروض على أنها أظهر من قول ابن القاسم؛ لأنها لو باعت العرض الذي أصدقت بعين أو عرض، ثم طلقها كان له نصف ما باعته به، ولو صرفت العين أو اشترت بها عرضًا لغير جهازها؛ ثم طلقها لم يكن له إلا نصف العين فكما لها ربح العين عليها ضمانها، وظاهر قول ابن الماجِشُون أنها ضامنة للعين بخلاف العرض كقول أَصْبَغ خلاف تأويل العتبي؛ لأنه
مثله في العارية، ومستعير العين ضامن لها، ولو قامت بينة بتلفها؛ لأن ربحها له، واستدلال أَصْبَغ بالزكاة لا يلزم.
ابن القاسم: لأن الآتي على مذهبه أن ما أدت من زكاة العين وقامت به البينة؛ كما تلف ببينة.
قُلتُ: رده استدلال أَصْبَغ بما ذكر يرد بنقل الصقلي عن محمد عن ابن القاسم: إن كان غنما زكتها رجع بنصفها ناقصة، ولو كانت مائتي درهم فزكتها رجع بمائة كاملة.
الصقلي عن محمد عن عبد الملك: لو لم يطلقها وادعت تلف ما يغاب عليه وطلبها أن تتجهز بالمهر لم يلزمها؛ لأنه مالها ولا تضمن مالها، وعليها اليمين وبالطلاق يصير مالاً له.
وقال عبد الملك في العتبيَّة: عليها خلفه من مالها إن لم تقم بهلاكه بينة فتشتري به جهازها.
اللخمي: الأول أحسن وأصل استمتاع الرجل مكارمة، ورأى مرة أنه صار بالعادة كالشرط، وقول ابن الحاجب: ما يغاب عليه ممن هو في يده، فإن قامت بينة فقولان وقبله ابن عبد السلام، وقال: سقوط الضمان مثل قول ابن القاسم في الرَّهن والعارية، وثبوته مثل قول أشهب في ذلك.
قُلتُ: ومثله قول ابن بشير لو هلك المهر، وهو مما لا يعرف بعينه فهو ممن هو في يده إلا أن تقوم على هلاكه بينة فقولان، ومقتضى قولها وجوب القول بضمان الزوج ما هلك بيده من ذلك ولا أعرفه، ومقتضى ما تقدم من قول ابن رُدْ:"ضمان الزوجة العبد يموت بيد الزوج لا أعلم فيه خلافًا" نفي الخلاف فيما هلك بيد الزوج مما يغاب عليه بينة، وجعل ابن بشير الخلاف فيما لا يعرف بعينه، وهو أخص مما يغاب عليه، ومثله لفظ ابن شاس، وعزا القول بالضمان لأَصْبَغ ونفيه لمحمد، وقولاهما إنما ذكرهما الصقلي واللخمي وابن رُشْد وغيرهم في المهر العين فقط.
اللخمي: هبة الزوجة مهرها لزوجها، ولو قبل البناء جائزة لقوله تعالى:} فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً {الآية] النساء: [4. ويؤمر الزوج إن وهبته إياه قبل البناء أن لا يبني حتى يقدم ربع دينار خوف أن يكونا عقدا على طرحه، ولئلا يتذرع
للنكاح بغير مهر، وعزاه الصقلي للموازية بلفظ: جبر على دفع ربع دينار قبل البناء، وأغرق شهود بلدنا في رعي هذه الذريعة فامتنعوا من الشهادة في هبتها مهرها لزوجها، ولو بعد البناء.
المتيطي وابن فتحون: ويذكر في عقد الهبة قبول الزوج ذلك، وهو معنى الحيازة فيه إن لم تكن قبضته، ولو سقط ذكر قبوله وماتت قبل أن يشهد الزوج بالقبول بطلت الهبة على قول ابن القاسم، وحكى أشهب أنها نافذة، وبقول ابن القاسم العمل.
وفيها: إن وهبت جائزة الأمر مهرها لزوجها، وطلقها قبل البناء لم يرجع عليها بشيء، ولو وهبته نصفه فله الربع عليها إن قبضته أو لها عليه إن لم تقبضه، وكذا هبتها ستين من مائة أو أربعين وقبضت ما بقي إنما عليه نصف ما قبضت.
عبد الحميد: هذا إن كانت الهبة ليست لأجل الزوجية وإرادة بقائها فلا ترجع عليه في طلاقها بشيء، وإن كانت لإرادة البقاء للزوجية فسارع فطلقها فلها الرجوع بها، ووقع مثله عند محمد.
وقال أبو الفرج في الزاهي: إن وهبت مهرها لزوجها قبل البناء، ثم طلقها تبعها بنصفه كما لو وهبته أجنبيًا.
أبو حفص: هبتها مهرها لزوجها، وهي عين إن لم تغب عليه لم يرجع عليها بشيء إن طلقها، وإن غابت عليه فإن سمت عند هبتها له أنه مهرها فكذلك، وإن لم تسمه، وإنما وهبته دنانير قدر مهرها فقط رجع عليها بنصف المهر إن طلقها.
المتيطي وابن فتحون: إن كانت الهبة بعد العقد على ألا يتزوج عليها، ولا يتسرى ولا يخرجها من بلدها تمت له ما أقام على شرطه، وله مخالفة شرطه فترجع عليه بما وضعته، ويكتب في شرطه قبل تاريخه أنه ليس له حين العقد زوجة غير ذات الشرط خوف أن يكون له زوجة تزوجها قبل هذا الشرط؛ فلا تدخل فيه ولا يحتاج في السرية إلى ذلك؛ لأن التسري أمر مؤتنف إلا على قول سَحنون بأن الشرط لا يلزم فيمن تقدم من السراري.
اللخمي في إرخاء الستور: إن أعطته مالاً على إمساكها ففارقها بالقرب فلها الرجوع في عطيتها، وإن فارقها بعد طول يرى أنه غرضها فلا رجوع لها، وإن طال ولم
ير أنه غرضها فله من العطية بقدر ذلك فيما يرى.
وقال مالك: إن أسقطت مهرها عنه على ألا يتزوج عليها فطلقها بالحضرة رجعت عليه، وإن طلقها بعدما يرى أنه لم يطلقها لمكان ذلك لم ترجع عليه بشيء من ذلك.
أَصْبَغ: إلا أن يكون الطلاق بحدثان العطية ليمين نزلت، ولم يتعمد ولم يستأنف يمينًا فلا شيء عليه، وأرى أن ترجع في عطيتها، وإن كان الطلاق ليمن حنث فيها؛ لأن ما أسقطت مهرها له لم يتم لها، ولو أعطته على ألا يتزوج عليها فتزوج رجعت، ولو تأخر تزويجه.
وفي إرخاء الستور منها إن صالحته أو بارأته على المتاركة أو خالعته على إن أعطته عبدًا أو مالاً قبل البناء لم تتبعه بنصف المهر، وإن قبضته ردته، وإن قالت: طلقني على عشرة دنانير، ولم تقل من مهري ففعل تبعته بنصفه.
اللخمي: إن قالت اخلعني أو طلقني على عشرة دنانير ففعل قبل البناء؛ ففي رجوعها عليه بنصف مهرها مطلقًا، أو إن قالت:"طلقني" ولا ترجع في "اخلعني"،
ثالثها: تختص بما قبضته كله أو بعضه ولا شيء للزوج سوى الخلع، وإن لم تقبض شيئًا فلا شيء لها لأشهب وابن القاسم وأَصْبَغ والأول أحسن؛ لأن لفظ اخلعني وفارقني وتاركني إنما يقتضي سقوط العصمة فقط، ولو اقتضى المال سقط المهر بعد البناء وسائر ديونها عليه، ولو قالت قبل البناء: اخلعني على عبدي أو ثوبي ففي سقوط مهرها قولا ابن القاسم وأشهب.
المتيطي: لو طلقها على مال من عندها، وانعقد النص على أن تدفع كذا وكذا من مالها أو على عبدها فلان لم تتبعه بنصف مهرها إن لم تقبضه، ولو قبضته ففي ردها إياه إليه قولا ابن القاسم وابن حبيب، ولو لم يبينا أنه من عندها ولا من المهر ففي رجوعها بنصفه وسقوطه، ثالثها: هذا إن لم تكن قبضته، وإن قبضته اختصت به دونه لأشهب ومالك مع أكثر أصحابه وابن حبيب عن أَصْبَغ.
قُلتُ: نقله قول ابن القاسم مع فرضه المسألة في الطلاق خلاف ما تقدم من نصها ونقل اللخمي، لكن في النوادر عن الموازيَّة إن صالحته قبل البناء على دنانير أعطته، ولم تقل من مهري لم تتبعه منه بشيء وترد إليه ما قبضته منه، قاله مالك وكل أصحابه إلا
أشهب. قال: ترجع بنصفه في الصلح، وكذا لو كان ذلك على إن طلقها.
محمد: أما هذه فترجع بخلاف الصلح والخلع المبهم.
ابن الماجِشُون: قال المغيرة وغيره كقول مالك.
وقال مالك: لو قالت قبل البناء: طلقني على عشرة من مالي اتبعته بنصف مهرها. وقال محمد بن عبد الله بن الحكم: إن قال زوج البكر لأبيها قبل البناء أقلني في النكاح فأقاله لزمه طلقة، ولا شيء لها من المهر، ولو كان الأب قبضه لزمه رده.
وفيها: إن قالت له: طلقني على عشرة من مهري ففعل فلها نصف الباقي، ولو لم تقبضه.
ابن الحارث: اتفاقًا. قال: ولو قالت: أخالعك على كذا وكذا، ولم تقل من مهري بعد البناء ففي وجوب المهر لها، ولو لم تقبضه أو إن قبضته وإلا فلا شيء لها منه قولا ابن عبدوس مع محمد بن نصر بن حصرم وعبد الله بن سهل وابن سحنون مع المتيطي عنه مع ابن عبد الحكم، ولو خالعها بعد البناء على رد جميع ما أصدقها فطلب النقد، وقالت: إنما أردت الكالئ فقط ففي قبول قولها أو قوله نقلا المتيطي رواية ابن عبد الرحمن قائلاً: لو وجب رد النقد لغرمته بعد فوته باللبس وهو بعيد، وقول القابسي قائلاً: وتغرمه إن استهلكته.
الباجي: إن خالعها على أن ولدت منه فعليها نفقة الولد في حوليه؛ فقال مالك: لا نفقة حمل لها ولا مهر.
وقال المغيرة: لها نفقة الحمل لا المهر.
ابن زرقون: معناه أنها لم تكن قبضته، ولو قبضته لم ينزع منها.
وفيها: يجوز عفو الأب عن نصف المهر في طلاق البكر قبل البناء. قال تعالى:} أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ {] البقرة: [237، وهو أب البكر وسيد الأمة، وقوله تعالى:} إِلَاّ أَنْ يَعْفُونَ {] البقرة: [237، وهي المرأة الثيب.
المتيطي: الثيب الصغيرة كالبكر، وفي كون عفو ولي الصغيرة نظرًا كأبيها ولغوه مطلقًا، ثالثها: ولو عفا عن أكثر من نصفه للمتيطي عن رواية ابن نافع وروايتها وعن أَصْبَغ، واستحسن إسماعيل الأولى، واستحسنها سَحنون مرة، وأنكرها أخرى، ولم