الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[باب في شرط الطلاق]
وشرط الطلاق: أهل ومحل والقصد مع اللفظ أو ما يقوم مقامه من فعل أو إشارة سبب، وجعل ابن شاس وابن الحاجب تابعين للغزالي الكل أركاناً له، يرد بأنها خارجة عن حقيقته، وكل خارج عن حقيقة الشيء غير ركن له.
[باب الأهل]
الأهل: الموقع شرطه الإسلام على المعروف.
اللخمي: وقال المغيرة يلزم الكافر طلاقه ويحكم به عليه، إن أسلم بعده احتسب به، ولو رضي الكافر المطلق بحكم الإسلام عليه، ففي لغوه لاعتبار صفته وحكمه بالفراق مجملاً دون الثلاث، ثالثها: بالثلاث، ورابعها: إن كان عقدة مخالفاً لشروط الصحة لم يلزمه شيء، وإن كان صحيحاً لزمه الطلاق، لابن الكاتب مع ابن أخي هشام، وغير واحد، والقابسي، وابن شبلون، والشيخ.
وفي ثالث نكاحها إن طلق نصراني زوجته في عدة إسلامها دونه ثم أسلم فيها فطلاقه لغو، أسلم في عدتها أو تزوجها بعدها.
اللخمي: يريد إن تركت حقها في الطلاق، فإن قامت به منع من رجعتها؛ لأن في الطلاق حقاً لله تعالى وحقاً لها، ولها منعه من رجعتها بعد تطليقتين إن تزوجها بعد إسلامه؛ لأنه حكم بين مسلم وكافر، كما لو وهبها نفسها أو ديناراً أو عبده المسلم نفسه، وفي ثاني عتقها إن أعتق نصراني عبده النصراني ثم أراد رده في الرق أو بيعه لم يمنع إلا أن يرضى أن يحكم عليه بحكم الإسلام، فيحكم بحريته.
**** كذلك: اللخمي: اختلف في طلاق من لم يحتلم، فقال مالك: لا يلزمه، وقال في مختصر ما ليس في المختصر: إن قال من ناهز الحلم إن تزوجت فلانة فهي طالق فتزوجها فرق بينهما، فطلاق فاقد العقل ولو بنوم لغو.
وسمع ابن القاسم جواب مالك عن مريض ذهب عقله وطلق امرأته، ثم أفاق فأنكر ذلك، وزعم أنه لم يكن يعقل ما صنع ولا يعلم شيئاً منه أنه يحلف ما كان يعقل ويترك وأهله، فأطلقه الباجي.
ابن رشد: إنما ذلك إن شهد العدول أنه يهذي ويختل عقله، وإن شهدوا أنه لم يستنكر منه شيء في صحة عقله، فلا يقبل قوله ولزمه الطلاق. قاله ابن القاسم في العشرة، وفي الأيمان بالطلاق منها ما طلق المبرسم في هذيانه وعدم عقله لم يلزمه.
وسمع أصبغ ابن القاسم فيمن سقي السيكران فحلف بعتق أو طلاق وهو لا يعقل شيئاً لا شيء عليه كالبرسام، وهو شيء لم يدخله على نفسه إذا كان إنما يسقاه ولا يعلمه، وقاله أصبغ، ولو أدخله على نفسه وشربه على وجه الدواء فأصابه ما بلغ ذلك منه فلا شيء عليه.
ابن رشد: قوله: (لا شيء عليه) صحيح لا اختلاف فيه؛ لأنه كالمجنون، وقوله:(إذا كان إنما يسقاه ولا يعلمه) فيه نظر؛ لأنه يدل على أنه لو شربه وهو يعلم أنه يفقد عقله، لزمه ما أعتق أو طلق وإن كان لا يعقل، وهذا لا يصح أن يقال به، وإنما ألزم من ألزم السكران طلاقه وعتقه؛ لأن معه بقية من عقله، لا؛ لأنه أدخل السكران على نفسه، وقول من قال لأنه أدخل السكر على نفسه غير صحيح، فإن كان سكر شارب السيكران كالسكر الخمر ويختلط به عقله كالسكران من الخمر فله حكمه، ويمكن أن
يفرق فيه بين أن يدخله على نفسه ليسكر به أو يسقاه وهو لا يعلم، وقاله ابن الماجشون وهو على قول ابن وهب أن السكران إنما ألزم الطلاق؛ لأنه أدخل السكر على نفسه.
وطلاق السكران: أطلق الصقلي وغير واحد الرويات بلزمه، وقال ابن رشد: إن كان لا يميز الأرض من السماء ولا الرجل من المرأة فهو كالمجنون اتفاقاً، ونحوه قول الباجي: إن كان لا يبقى معه عقل جملة لم يصح منه نطق ولا قصد لفعل، ولو علم أنه بلغ حد الإغماء لكان كالمغمى عليه.
ابن رشد: وأما السكران المختلط فطلاقه لازم، وقال محمد بن عبد الحكم: طلاقه لا يجوز، وذكره المازري رواية شاذة.
وطلاق ذي المرض المخوف: وإقراره به في صحته كالصحيح مطلقاً إلا أنها ترثه إن مات منه موتاً لا يرفع إرثها إياه إلا طلاقه ولو كان بائناً وقبله في الصحة رجعي لم يرتجعها منه ومات بعد عدتها لم ترثه، وفي الكافي قول بإرثها إياه بناء على اعتبار المآل أو تهمته حين أبانها، لما في الموطأ قضى به عثمان لإمرأة عبد الرحمن بن عوف.
قلت: لعانه إياها في مرضه كطلاقه.
اللخمي: لو كان العقد في صحته والحنث في مرضه ففي كونه كذلك ونفي إرثها، قولها ورواية المدنيين: إن قال لها في صحته إن دخلت الدار فأنت طالق، فدخلتها في مرضه عصياناً وخلافاً لم ترثه مع قول المغيرة: من حلف ليقضين فلاناً حقه، فمرض الحالف وحنث في مرضه، إن كان ملياً ورثته، وإن كان فقيراً طرأ له مال لم يعلم به لم ترثه، وهو أحسن، وعزا الباجي الأول لمشهور مذهب أصحابنا.
قال: وروى زياد بن جعفر لا ترثه.
قال المتيطي إثر هذا الكلام. قال أبو الحسن: فعلى القول الأول لا ترثه إذا خالعها في مرضه؛ لأنه أبين في البراءة من التهمة؛ لأنه باختيارها، وجعل ابن شاس وابن الحاجب الملاعن في المرض من ذلك بعيد؛ لأنها فيه غير مختارة لخوف حدها برميه ولعانه إلا أن يروى فيه خلافاً نصاً.
ولو طلق أمة أو ذمية فعتقت وأسلمت بعد العدة قبل موته ففي إرثهما إياه قولا محمد وابن الماجشون وعزاهما الباجي لسماع أصبغ ابن القاسم، وسحنون قال: ولابن
القاسم من مات فشهدت بينة أنه كان طلق امرأته البتة في صحته ورثته كمن طلق في مرضه؛ لأن الطلاق إنما يقع يوم الحكم، ولو وقع يوم القول كان فيه الحد إن أنكر الطلاق وأقر بالوطء.
قلت: سمع ابن القاسم من شهد عليه أنه طلق امرأته البتة وقد ماتت لا يرثها، ولو كان قد مات ورثته.
سحنون: معناه أن الشهود كانوا قياماً معه فلم يقوموا حتى مات.
ابن رشد: قول سحنون غير صحيح، لو كان كما قال لبطلت شهادتهم وورث كل منهما الآخر، وسبب وهم سحنون هو ما في المدونة من الأيمان بالطلاق ليحيى بن سعيد في شهود شهدوا على رجل بعد موته أنه طلق امرأته لا تجوز شهادتهم إن كانوا حضوراً ولامرأته الميراث، وكذا كان يقول يحيى بن سعيد: لو ماتت هي أن له الميراث لسقوط شهادتهم بحضورهم، ومعنى مسألة مالك أن الشهود كانوا غيبا، وكذا هو في رسم حمل صبياً من سماع عيسى من الأيمان بالطلاق، ومالك أحق بتبيين ما أراده، ووجه تفرقته هو أنه إذا كان الميت فلم يعذر إليه في شهادة الشهود، ولعله لو أعذر إليه فيهم لأبطل شهادتهم، فرأى لها الميراث؛ لأن الشهادة لا يحكم بها إلا بعد الإعذار، وإن كانت هي الميتة أمكن أن يعذر إليه، فإن عجز عن الدفع وجب الحكم بالطلاق يوم وقع فلم يكن له ميراث منها.
وقال محمد: إنما ورثته ولم يرثها؛ لأنه كالمطلق في المرض؛ لأن الطلاق وقع يوم الحكم، ولو لم يقع يوم الحكم كان فيه الحد.
قال أبو إسحاق: هو كلام فيه نظر؛ لأن الحاكم إنما ينفذ شهادة البينة وهي تقول: إن الطلاق وقع قبل الموت، وإنما درئ الحد للشبهة إما لنسيانه، وإما لإمكان أن يكون صادقاً في تكذيبه البينة، ولو كان الطلاق وقع بعد الموت لورثها هو أيضاً.
والقياس أن لا ترثه كما لا يرثها؛ لأن الإعذار يجب لهما معاً، فكلما لا يرثها وإن لم يعذر إليها لا ترثه وإن لم يعذر إليه، وهو قول سحنون ويحيى ابن عمر.
المتيطي: قول ابن إسحاق معترض بأنه يلزم عليه أن لو شهد أربعة على رجل بالزنا وأنكرها أنه يسقط عنه الحد لإمكان صدقه وهذا لا يقوله أحد.
وذكر الأبهري المسألة على ما تقدم من التفرقة بين موته وموتها، وقال: يحتمل أن يكون معنى المسألة أنه طلقها في مرضه ثلاثاً فترثه ولا يرثها.
قلت: يرد تعقبه على أبي إسحاق بأن الشبهة عنده هي مجموع ما ذكر، وإمكان نسيانه حنثه في زوجته.
وسمع ابن القاسم من شك في حنثه في يمينه بالطلاق فوقف عنها واستفتى ثم بان له حنثه، تعتد من حين وقف عنها لا من حين بان حنثه.
قيل لابن القاسم: فإن ماتت قبل ذلك. قال: ينظر فإن كان يحنث في يمينه لم ترثه وإلا ورثته.
ابن رشد: قوله: (تعتد من حين وقف) صحيح لا اختلاف فيه؛ لأن الطلاق وقع عليه يوم حنثه لا يوم بان، وقوله:(إن كان يحنث لم ترثه وإلا ورثته) في بعض الكتب لم ترثه ولم يرثها ليس بخلاف لما تقدم والفرق بينهما أن الرجل في هذه لم يزل مقراً على نفسه بما أوجب عليه الطلاق، فوجب أن لا ميراث بينهما بعد وقوع الطلاق، والمسألة الأولى هو منكر لشهادة الشهود فوجب الإعذار إليه.
وسمع عيسى ابن القاسم: من أقر لقوم أنه بارأ امرأته، ثم زعم أنه كان مازحاً ولم يبارئ، وأنكرت هي أن يكون بارأته إن شهد عليه بإقراره بانت منه بواحدة ولا رجعة له إلا بنكاح جديد، وإن مات أحدهما في عدتها ورثته ولم يرثها.
ابن رشد: قوله في الميراث لا يصح بوجه لقوله: إذا شهد عليه بإقراره بانت منه بواحدة ولا رجعة له عليها، فقوله: ولا رجعة له عليها يدل أن الشهادة كانت عليه في حياته، فإذا حكم عليه في حياته بأنها بائنة منه وجب أن لا ميراث بينهما، ولو كانت الشهادة عليه بعد موته لوجب على ما تقدم في سماع ابن القاسم أن ترثه ولا يرثها.
وفيها: لا تجوز الوصية المطلقة في المرض وإن تزوجت أزواجاً؛ لأنها ترثه، وإن قتلته في مرضه خطأ بعد طلاق فالدية على عاقلتها وترث من ماله دونها، وإن قتلته عمداً لم ترث من ماله وقتلت به، فإن عفي عنها على مال لم ترث منه.
وفيها: لو يرفع إرثها إياه نكاحها غيره، ولو تعدد ولو طلقها كل منهم في مرضه ورثت الجميع ولو كانت زوجاً لغيرهم.
وصحته بعده تصيره كطلاق صحيح ولو كرره في مرض آخر، ما لم ترفعه رجعة أو نكاح، فالمعتبر ما بعده في صحة أو مرض.
وفيها: من قتل على ردته في مرضه لم يرثه ورثته ولا زوجته إذ لا يتهم أحد بردة على منع إرث.
اللخمي: إن قتل على ردته لم يورث إطلاقاً، ولو عاجله الموت؛ فثالثها: إن لم يتهم، لها، ولنقل ابن شعبان والموازية قال: إن ورثه بعيد ومن يعلم أن بينه وبينه عداوة حين إرثه، وإن مات بعد إسلامه ورثه ورثته غير الزوجة على قول ابن القاسم: ردته طلاق، وترثه على قول أشهب وعبد الملك إن إسلامه يوجب بقاءها زوجة دون طلاق.
قلت: الأظهر أن ترثه زوجته على قول ابن القاسم أيضاً؛ لأنه مطلق في المرض ورافع تهمته قتله والفرض نفيه لإسلامه.
اللخمي: لو طلقها في مرضه ثلاثاً لم ارتدت ثم تابت ثم مات من مرضه لم ترثه، وجعل التونسي الطلاق عليه في مرضه بجنون أو جذام كالردة واضح إلا أن في الحكم عليه به في مرضه نظراً والصواب تأخيره ونقل ابن عبد السلام عنه أن النشوز منها في المرض كالردة مشكل إذ لا أثر للنشوز في الفرقة.
ابن محرز: لم يذكر في الكتاب لو كان لعانه بولد نفاه هل ينتفي في مرضه؟ والصواب نفيه، ولا تهمة في النسب لصحة استلحاقه في مرضه.
وفيها: المفلوج وصاحب حمى الربع والأجذم والأبرص والمقعد وذو الخراج والقروح إن أرقده ذلك وأضناه وبلغ به حد الخوف عليه، فله حكم المريض وما لم يبلغ ذلك منه فله حكم الصحيح.
الباجي: صفة الخوف ما رواه ابن عبد الحكم ما أقعد صاحبه عن الدخول والخروج، وإن كان جذاماً أو برصاً أو فالجاً وليس اللقوة والريح والرمد إذا صح البدن كذلك، وكذا ما كان من الفالج والبرص والجذام يصح معه بدنه ويتصرف.
محمد: لم يختلف قول مالك وأصحابه في أن الزحف في الصف كالمرض.
قلت: فآخر المتطاول وأوله إن اعتقبه الموت مخوف، واختلف إن طال مرضه بعد طلاقه ثم مات، فمقتضى قول مالك فيها "إن تزوجت أزواجاً كلهم يطلقها في مرضه، ثم تزوجت آخر والذين تزوجوها أحياء أنها ترث جميعهم" أنه مخوف، ومثله قول القاضي: السل مخوف ولم يفرق بين طول وقصر، وقال ابن الماجشون: المتطاولة كالسل والربع
والطحال والبواسير ما تطاول منها كصحة، وإن مات قبل طوله فمخوف وهو أحسن.
وقال عياض بعد ذكر أخذ اللخمي من تعدد الأزواج: إن المتطاول مخوف قد يتفق هذا في المدة القريبة فإن جميعهم لم يبن بها، واتفق مرض جميعهم أو يكون الأول تركها حاملاً فولدت للغد ونحوه، ثم تزوجها آخر فمرض لأمد قريب، ثم ثالث مات بخرج، وكذا حتى اتفق في أيام يسيرة أو بأنه فرض مسائل تكلم عليها إن اتفقت، وفي كون الخروج لسفر أو غزو كمرض قولان لسماع ابن القاسم مع أول قولي ابن وهب، وثانيهما مع سماع عبد الملك ابن القاسم، وفي كون ركوب البحر كالمرض، ثالثها: حال الهول فيه، لابن رشد عن ظاهر نقل سحنون عن مالك فيها ورواية ابن القاسم فيها، ودليل سماع عبد الملك رواية ابن القاسم.
ابن رشد: وهو أظهرها، والذي تجمح به دابته مثله يدخله ما يدخل راكب البحر حال الهول من الخلاف، والحبس للقتل صبراً كالمخوف اتفاقاً، وكذا الأسير في أول أمره قبل أن يستحكم أسره على ما حكاه ابن حبيب وهو تفسير لسماع أبي زيد.
ابن رشد: ركوب البحر في موضوع الغالب فيه السلامة كركوب البحر الميت والنيل ودجلة كالصحة، وفي غيره قولان.
وفيها: قلت: إن قرب لضرب حد أو قطع يد أو رجل فطلق امرأته فضرب أو قطعت يده فمات من ذلك أترثه؟ قال: لم أسمع فيه شيئاً إلا أن مالكاً قال: فيمن يحضر الزحف أو يحبس للقتل كالمريض فضرب الحد، وقطع اليد إن خيف منه الموت كما خيف على الحاضر للقتال فهو كالمريض.
عياض: عارضها بعضهم بأنه لو خيف موته من حده لم يقم عليه، وأجيب بأن هذا لم يقصد الكلام عليه وقيل لعله فعله من يراه من الحكام أو من فعله جهلاً، وأجاب القابسي بأن الخوف عليه بعد إقامته، وهذا إحالة للمسألة لوجهين: الأول: أنه قال في المسألة لضرب حد، والثاني: قياس ابن القاسم لها على حاضر الزحف ولو كان كما قال كان مريضاً لم يختلف فيه، وقال الشيخ: إن الخوف المذكور خوف الجزع كما يحضر حاضر الزحف وهذا أولى، ولو كان قطع حرابة أقيم مع الخوف عليه.
وفيها: من طلق في مرضه قبل البناء ثم تزوجها قبل صحته فلا نكاح لها إلا أن يدخل بها فيكون كمن نكح في المرض وبنى فيه.
عبد الحق عن بعض القرويين: يفسخ ولو بنى وليس كما قيل يثبت بالبناء كالنكاح بالغرز؛ لأن هذا المهر إنما هو في الثلث ولا يعلم ما يحمله منه فهو غير مستقر، ونكاح الغرر المهر فيه ثابت وهو ظاهر لفظ الكتاب، كمن نكح في المرض وبنى فيه، وربع دينار ثابت للمرأة من رأس المال تحاصص به غرماءه، والذي في الثلث ما زاد عليه.
ابن محرز: قال سحنون لها تفسير ووجد له في موضع آخر أنه يفسخ قبل البناء لتهمته أن يعطيها ماله بغير شيء، فإن بنى بها استحقت مهر مثلها في ثلثه ولم يكن لفسخه معنى.
قال شيخنا أبو الحسن: ولها ربع دينار في رأس ماله وبقية مهر مثلها في ثلثه.
قال المذاكرون: وإنما فسد النكاح وإن كان الميراث ثابتاً لها بطلاقها في المرض للغرر في المهر هل هو في رأس ماله أو في ثلثه، ولو تحمل به غيره في عقده كان صحيحاً.
ولما ذكر الصقلي إنكار بعض القرويين قول سحنون بمضيه بالبناء واحتجاجه بغرر احتمال كونه في الثلاث أو رأس المال.
قال: إلا أن يكون له مال مأمون في ثلثه أضعاف المهر فيصح قول سحنون.
قال: وقال أبو عمران: لو حمل أجنبي المهر لم يفسخ النكاح بثبوت المهر في مال الأجنبي والإرث بالنكاح الأول، ولو كان على وجه الحمالة لكان كمسألة الكتاب؛ لأن الأجنبي إنما يطالب بالمهر في عدم الزوج.
الصقلي: يجب أن يثبت؛ لأن المهر ثابت على كل حال.
[باب ****]
**** وهو العصمة، وشرطه مقارنة إنشائه تحقيقاً أو تقديراً لامتناع وجود حال دون محل.
فيها مع غيرها: لو قال لأجنبية أنت طالق أو طالق غداً فتزوجها قبله لم يلزمه، إلا أن يريد إن تزوجتك، وكذا أنت طالق إن كلمت فلاناً فكلمه بعد تزوجها.
وفيها: إن نكحتك فأنت طالق فتزوجها لزم طلاقها، ولها نصف المسمى، فإن بنى ولم يعلم فعليه صداق واحد لا صداق ونصف كمن وطئ بعد حنثه ولم يعلم وليس عليها عدة وفاة إن مات إنما عليها ثلاث حيض.
وسمع أبو زيد: كتب صاحب الشرطة لابن القاسم فيمن دخل بامرأة حلف بطلاقها البتة إن تزوجها، فكتب إليه لا تفرق بينهما، بلغني عن ابن المسيب أن رجلاً قال حلفت بطلاق فلانة إن تزوجتها.
قال: تزوجها وإثمك في رقبتي، وزعم أن المخزومي ممن حلف أبوه على أمه بمثل هذا.
ابن رشد: مشهور المذهب أن يفرق بينهما على كل حال وإن دخلا، ومراعاة ابن القاسم في الخلاف شذوذ.
أبو عمر: بمثل رواية أبي زيد عن ابن القاسم أفتى ابن وهب، وقال: نزلت بالمخزومي، فأفتاه مالك بذلك، وقال محمد بن عبد الحكم، وحكي عن ابن القاسم أنه توقف فيه في آخر أيامه.
وقال: وكان عامة مشايخ أهل المدينة لا يرون به بأساً، وروي عنه صلى الله عليه وسلم في نحو هذا
القول أحاديث من وجوه كثيرة إلا أنها عند المحدثين معلولة، ومنهم من صحح بعضها، ولم يرو عنه صلى الله عليه وسلم ما يخالفها، أحسنها ما خرج قاسم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا طلاق إلا من بعد نكاح"، وروي:"لا طلاق بل نكاح"، وروي:"لا طلاق فيما لا تملك".
قلت: في أحكام عبد الحق: أبو داود عن مطر الوراق عن عمرة بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم قال" "لا طلاق إلا فيما تملك، ولا عتق إلا فيما تملك، ولا بيع إلا فيما تملك، ولا وفاء نذر إلا فيما تملك".
قال البخاري: هذا أصح شيء في الطلاق قبل النكاح، وذكر وكيع عن ابن أبي ذئب عن محمد بن المنكدر عن عطاء بن أبي رباح عن جابر بن عبد الله يرفعه:"لا طلاق قبل النكاح". أخرجه أبو محمد وهكذا رويته من طريق وكيع.
قلت: ولم يتعقبه ابن القطان وفي إلمام الشيخ الحافظ تقي الدين ابن دقيق العيد، وعن المسور بن مخرمة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لا طلاق قبل نكاح، ولا عتق قبل ملك". أخرجه ابن ماجة من حديث هشام بن سعد وقد أخرج له مسلم.
اللخمي: في مختصر ما ليس في المختصر سأل نافع مولى ابن عاصم مالكاً فقال: حلفت بطلاق كل امرأة ما كانت أمي حية، فأمره مالك أن يتزوج.
قلت: هذا نص في جواز ذلك ابتداء، وقال ابن عبد السلام: قال الباجي: المشهور من المذهب إذا وقع هذا النكاح لا يفسخ، وقال ابن رشد: هذا شذوذ.
قلت: ما ذكره عن الباجي لم أجده، إنما وجدت له ما نصه عقب ذكره رواية ابن وهب فتوى مالك للمخزومي ما نصه: وليس هذه الرواية بمشهورة، والمشهور عن رواية أبي زيد عن ابن القاسم في العتبية لا يفسخ أن وقع. انتهى.
قلت: فكأن الباجي فهم من رواية ابن وهب أنها على جوازه ابتداء فذكر ما تقدم، وفرق بين المشهور من رواية ابن القاسم وبين المشهور من المذهب، واختلفت عبارتهم في نقل أبي زيد عن ابن القاسم، فنقلها اللخمي وابن رشد وغيرهما على أن إمضاءه بالدخول وكذا هو في العتبية، ونقله أبو عمر والباجي وابن زرقون على أنه بالعقد، ففي جواز نكاح المحلوف بطلاقها على تزويجها للحالف، ومنعه مع مضيه بالعقد أو بالبناء، رابعها: يفسخ أبداً، وخامسها: الوقف للخمي عن رواية مختصر ما ليس في المختصرن ولأبي عمر مع الباجي عن سماع أبي زيد ابن القاسم، وللخمي مع ابن رشد عنه والمشهور وأبي عمر عن آخر قولي ابن القاسم، وعلى المشهور إن عم الفساد دون قيد لم يلزمه للحرج.
ابن بشير: هذا نصوص المذهب، وخرج بعضهم لزومه من رواية عموم اللزوم فيمن قال كل ثيبة أتزوجها حر أو بعد قوله كل بكر كذلك ورد بأن العموم المقصود أشد من عموم آل الأمر إليه.
قلتك هذا اعتراف بتصور العموم في صورة التفصيل والحق منعه، أما اللفظ الأول فواضح، وأما الثاني فكذلك ضرورة عدم تناوله بعض الجنس وهو متعلق اللفظ الأول، وعلة الإسقاط على هذه الرواية إنما هي المشقة الناشئة عن اللفظ العام وهي هنا عن لفظ خاص فلم توجد العلة بحال، ولو علق التحريم بما يبقى كثيراً لزم، ولا تدخل الزوجة إلا إن بانت وشملها اللفظ.
وفيها: طلاق من قال كل امرأة أتزوجها إلا من الفسطاط أو إن لم أتزوج من الفسطاط فكل امرأة أتزوجها طالق؛ لازم، وفي قوله إلا من بقرية كذا، لقريةٍ صغيرة
ليس فيها ما يتزوج ساقط كمن استثنى يسيراً في لزومه، لو استثنى واحدة مطلقاً، وسقوطه لو استثنى عشراً، ثالثها: إن كانت الواحدة تحل له في الحال، لابن رشد عن ابن الماجشون وسماع يحيى ابن القاسم ومُطَرَّف، وعزا الباجي الثاني لرواية المصريين. قال والعدد اليسير كالعشرة ونحوها أو قبيلة أو قرية وهم قليل.
قال: ولعيسى عن ابن القاسم أنه لا يحد في ذلك والقليل الذي ليس فيه سعة للنكاح، وعزا هو واللخمي قولي الأخوين لروايتيهما. قالا عن ابن الماجشون إن تزوجها في عدة من غيره وبنى بها سقطت يمينه لحرمتها.
قلت: فموتها أحرى. اللخمي عنه: ولو كانت صغيرة تبلغ حد النكاح لما يبلغه عمره لزمت يمينه باستثنائها. وله عن ومُطَرَّف: لو كانت حين يمينه أيما فتزوجت سقطت يمينه.
قال: فرأى مالك في هذا القول لزومه؛ لأن الواحدة تعفه ويمنع من أخرى توسعاً لا ضرورة، ويلزمه إن عم أن لا تباح له إلا واحدة إلا أن يضطر لأخرى.
قلت: يرد بأن العموم يمنع تعلق اليمين ابتداء، وقول ابن بشير إن استثنى بلداً غير متسع أو قبيلة قليلة، ففي لزوم يمينه قولان، وعلى اللزوم لو استثنى واحدة أجنبية ففي عدم لزومه، ثالثها: ما دامت متزوجة، أو إذا تزوجت- يقتضي قولاً باللزوم في اليسير دون الواحدة خلاف مقتضى نقل الثلاثة.
وفيها: إن قال كل امرأة أتزوجها إلى ثلاثين سنة أو أربعين فهي طالق لزمه إن أمكن أن يحيى لما ذكر، فإن خشي العنت ولم يجد ما يتسرر به فله أن يتزوج ولا شيء عليه، ولو ضرب أجلاً يعلم أنه لا يبلغه أو قال إلى مائتي سنة لم يلزمه.
الباجي عن ابن الماجشون: التعمير في ذلك تسعون عاماً، ولمحمد عن ابن القاسم العشرون عاماً كثير له أن يتزوج.
أصبغ: بعد تصبر وتعفف.
ابن وهب وأشهب: لا يتزوج في ثلاثين وإن خاف العنت.
مالك: يتزوج فيها إن خاف العنت.
أبو زيد عن ابن القاسم: إن قدر فيها على التسري فلا يتزوج، وكذا إن لم يجد إلا
أن يخاف العنت.
اللخمي عن مالك في غلام له عشرون سنة حلف سنة ستين ومائة أن كل امرأة يتزوجها إلى سنة مائتين طالق تلزمه يمينه، والقياس أن لا شيء عليه؛ لأنه عم معترك العمر ووقت الشبيبة الذي يحتاج إليه فيهن وأرى أن لو قال كل امرأة أتزوجها بعد ثلاثين سنة أو أربعين وهو ابن عشرين أن يلزمه لإبقائه الزمن الذي يحتاج إليه فيه، وعم زمناً لا يلحقه فيه مشقة.
ولو وقته بحياة غيره، ففي سقوطه رواية ما ليس في المختصر، ونقل اللخمي ولو قال لزوجته كل من أتزوجها عليك في حياتك وبعد وفاتك طالق، ففي لزومه مدة حياتها ولغوه مطلقاً، ثالثها: لحقها لا لحق الله لابن القاسم وأشهب واللخمي.
ولو قال يترك ففي لزمه كعليك ولغوه نقلاه عن ابن القاسم ومحمد.
ولو قال كل من أتزوجها بأرض الإسلام طالق، فإن لم يقدر على دخول أرض الحرب فلا شيء عليه، وإن قدر ففي لزومه قولاً ابن القاسم وأصبغ.
ابن رشد: كالقولين في استثناء قرية صغيرة، ولو قال حر كل حرة أتزوجها طالق ففي لزومه قول ابن القاسم قائلاً؛ لأنه أبقى الإماء، وقول محمد لا يلزمه إن كان ملياً على القول بالطول.
والمعروف إن خشي العنت من لزمته يمينه تزوج وتقدم ما يعذر فيه من المدة، ابن حارث: اختلف إن خشي العنت فروى ابن القاسم فيها: يتزوج، وقال لقمان بن يوسف: أنكر سحنون قوله إلا أن يخشى العنت.
ابن حبيب: كان مالك دهره يقول لا يتزوج ولو خشي العنت فأخذ بهذا أهل المدينة وهو قول ابن هرمز، ثم قال قبل موته بيسير إن خشي العنت تزوج فأخذ بهذا المصريون.
وفيها مع غيرها: حيث لزم لتعلقه بجزئي لم يتكرر بتكرر تزويجه إلا بلفظ يقتضي تكرره، وإن تعلق بكلي تكرر في أشخاص أفراده بتكرر تزويجه لتعلق الطلاق في الأول بالذات وهي محل الحكم، وفي الثاني بالوصف وهو علة الحكم.
ابن رشد: لم يختلف قول ابن القاسم أنه لا يتكرر في إن تزوجت فلانة فهي طالق،
ثم قال: وقيل يتكرر عليه وهو الآتي على قول مالك في مسألة الوتر.
قلت: تقدم رده في النذور.
ابن حارث: اتفقوا في إن تزوجت فلانة فهي طالق على عدم تكرر اليمين فيها.
وفيها: إن قال لامرأة كلما تزوجتك فأنت طالق ثلاثا عاد عليه الطلاق أبدا كلما تزوجها، وإن قال إن تزوجتك أبدا أو إذا أو متى ما فإنما يحنث بأول مرة إلا أن ينوي أن متى ما مثل كلما فتكون مثلها، وإن خص قبيلة أو بلدة كقوله كل امرأة أتزوجها من مصر أو من همدان أو مصر أو الشام فهي طالق، فتزوج منها امرأة طلقت عليه، ثم كلما تزوجها أبدا ولو بعد ثلاث طلقت عليه، لأنه لم يحلف على عينها، وسمع عيسى مثله وزاد: ولو قال بنات فلان أو أخواته أو فخذا. قال مبهماً لم ينص أسماءهن رجعت عليه اليمين أبدا، ولو تزوجها بعد عشرين زوجاً، ولو قال إن تزوجتك أو أخواتك فلا ترجع عليه اليمين فيها وترجع في أخواتها، وسمعه أيضاً إن قال إن تزوجتك أبدا فأنت طالق البتة فتزوجها؛ يحنث وإن تزوجها بعد زوج فلا شيء عليه.
ابن رشد: لا خلاف أنه لا ترجع عليه في المرأة المعينة ولو قال إن تزوجتك أبدا، وإنما يفترق التأييد من عدمه في الطلاق فأنت طالق أبدا ثلاث.
ولو قال إن تزوجت فلانة فهي طالق أبدا، فقال ابن القاسم هي ثلاث، ووقف فيها غيره، وقيل: واحدة لاحتمال رجوع التأبيد إلى التزويج وهو دليل قولها في إرخاء الستور، ومثله قول ابن القاسم في عتقها في القائل إن دخلت الدار فكل مملوك أملكه أبدا حر رد التأبيد للدخول، ورده أشهب للملك، وتتكرر اليمين في إن تزوجت من فخذ كذا أو بلد كذا أو إلا وقت كذا اتفاقاً، ولو قال من بنات فلان بعينه ولم يسمهن ويمكن إحصاؤهن ومعرفتهن؛ في رجوع اليمين عليه فيهن قولان قائمان من المدونة فيمن يوصي لأخواله وأولادهم.
قلت: عزاهما اللخمي لابن القاسم وكتاب ابن سحنون وصوبه ابن بشير. قالوا في إن تزوجت فلانة أبدا لا يتكرر عليه، وحملوا التأبيد على قصد الامتناع لا على تكرير اليمين واللفظ محتمل، ولا يبعد أن يجري فيه الخلاف، وقول ابن الحاجب لو تكرر التزويج في واحدة تكرر الطلاق وإلا لم يكن حرجاً في كل امرأة.
قال ابن عبد السلام: بيان الملازمة أنه يمكن إذا عم أن يتزوج امرأة فتطلق عليه، ويمكنه بعد هذه الطلقة أن يتزوجها فلا تطلق عليه لعدم التكرار.
قلتك فيه نظر من وجهين: الأول: إن مطلق هذا التقرير يوجب تكرر الطلاق في المعينة، والمذهب خلافه حسبما تقدم.
الثاني: من نظر وأنصف علم أن ما أتى به ليس بياناً للملازمة بحال؛ لأن حاصله أن عدم التكرار ملزوم لعدم التكرار وهذا بديهي غير مفيد، والمطلوب بيان ملزومية عدم التكرار لعدم المشقة الموجبة سقوط اليمين، وتقريرها بأن عدم التكرار يوجب يسر رفع لزوم عموم الطلاق الذي هو مناط سقوط اليمين وذلك بتزويجه امرأة؛ لأن على عدم التكرار يباح له تزويجها ولا تطلق عليه، فيرتفع عموم التحريم الموجب للمشقة؛ يرد بأن إباحة الواحدة لا ترفع المشقة كاستثنائها، لا يقال قدرته على ذلك في غيرها تكثر عدد ما يباح له بخلاف استثناء عدد يسيرن لأنا نقول توقف إباحة العدد الكثير على تزويجه إياه مشقة واضحة، فبطل كون عدم التكرار يرفع المشقة الموجبة لسقوط اليمين.
اللخمي: اختلف إن عير امرأة وضرب أجلاً وسمى بلداً وقال لزوجته إن تزوجت عليك فقال محمد: من قال لامرأة إن تزوجتك عشرين سنة فأنت طالق، طلقت عليه مرة فقط، وكذا إن تزوجت فلانة بمصر أبداً، وقال ابن القاسم تطلق عليه كلما تزوجها بمصر وإن حنث فيها مراراً وتزوجت أزواجاً كقوله إن تزوجت فلانة في هذه السنة فهي طالق، والأول أقيس كعموم يمينه في الزمان والمكان؛ لأن فائدة التقييد بأحدهما صرف تعلق يمينه بغير المذكور من زمان ومكان، ولو قال إن تزوجت فلانة على زوجتي ففي تكرره قولان لابن القاسم مع عبد الملك قائلاً؛ لأنه قصد عدم الجمع بينهما، ومحمد قائلاً لا يعجبني قول عبد الملك، ولو قال كل بكر أتزوجها طالق بعد قوله كل ثيب كذلك، فثالثها: يلزمه الأول فقط لسماع عيسى رواية ابن القاسم مع الباجي عن رواية ابن وهب، ونقل ابن بشير وسماع عيسى ابن القاسم مع الشيخ عن أكثر الرواة.
ابن حارث: اتفقوا على لزم الأول ولم يحك ابن رشد والباجي واللخمي غير
الأول والأخير، زاد اللخمي وأن لا شيء عليه أحسن؛ لأنه عم النساء.
قلت: هذا حسن إن قالهما في فور واحد.
ولو قال آخر امرأة أتزوجها طالق ففي لغوه ولزومه قولا ابن القاسم ومحمد مع سحنون، وعليه يوقف عن الأولى حتى يتزوج غيرها فتحل له، وكذا الثانية والثالثة، زاد سحنون: ولمن وقف عنها رفعه لعدم وطئه لقدرته عليه بتزوج ثانية ولها بثالثة ولها برابعة.
ابن رشد: لابن الماجشون نحوه وقال: إن ماتت من وقف عنها وقف ميراثه منها إن تزوج ثانية أخذه، وإن مات قبل أن يتزوج رد لورثتها، وإن طلق عليه بالإيلاء فلا رجعة له لعدم بنائه.
الشيخ، إن مات في الوقف قبل بنائه لم ترثه ولها نصف المهر فقط، ولا عدة لوفاة.
ابن رشد: قول ابن القاسم على قياس روايته فيها فيمن قال لامرأته أن لم تكوني حاملاً فأنت طالق أنها تطلق عليه حين قال ذلكن إذ لا يدري هل هي حامل أم لا؟ ولا يستأني لعلم ذلك وكذا هنا لما كانت يمينه توجب تعجيل طلاقه كل امرأة يتزوجها، إذ لا يدري هل هي آخر امرأة يتزوجها أم لا ولا يستأني لعلم ذلك؛ وجب أن لا يلزمه شيء لأجل العموم، وقول سحنون على قياس قول مالك في مسألة الحمل أنه يستأنى بها ليعلم هل بها حمل أم لا، فإن ماتت قبل تعيين ذلك لم يرثها لشكه في طلاقها، وإن مات هو استؤني بها؛ إن بان حملها ورثته وإلا لم ترثه.
قلت: لا يلزم من عدم الاستيناء في مسألة الحمل عدمه في مسألة آخر امرأة؛ لأن الحمل مغيب ليس وجوده بمستند لمستقل من فعل الحالف وهو تزويجه غيرها، وهذا يرد إجراء قول ابن القاسم في مسألة آخر امرأة، ويوجب كون إجراء قول سحنون فيها على مسألة الحمل أحروياً، واعترض ابن دحون قول سحنون بأن قال: إذا وقف عن وطء الأولى ثم تزوج لم يكن له أن يطأ الأولى حتى يطأ الثانية، كمن قال أنت طالق إن لم أتزوج عليك بالوطء بعد النكاح يبر، وليس له وطء الثانية إذ لا يدري أنها آخر امرأة يتزوجها فهو ممنوع من وطء الثانية حتى يتزوج ثالثة، وكذا يلزم في الثالثة والرابعة فلا يتم له وطء البتة.
ابن رشد: هذا اعتراض غير صحيح وهل فيه الشيخ على رسوخ علمه وثاقب ذهنه، ولا معصوم من الخطأ إلا من عصمه الله تعالى؛ لأن المسألة ليست كمسألة من قال أنت طالق عن لم أتزوج عليك، وإنما هي كمسألة من قال إن تزوجت عليك فأنت طالق؛ لأنه لم يطلق إلا على الثانية لا الأولى فوجب أن تطلق بأقل ما يقع عليه اسم زواج، وهو العقد على قولهم الحنث يدخل بأقل الوجوه، والبر إنما يكون بأكمل الوجوه.
قلت: الأظهر ما قاله ابن دحون، وبيانه أن تزويج الثانية إما أن يوجب طلاقاً أو عدم وقوعه بيمين به، والأول باطل اتفاقاً فتعين الثاني، وكل تزويج يوجب عدم وقوع طلاق بيمين مشروط بالبناء فيه أصله الحالف بالطلاق ليتزوجن، وقول ابن رشد:"فوجب أن تطلق بأقل ما يقع عليه اسم زواج" وهم؛ للاتفاق على أن التزويج في المسألة لا يوجب طلاقاً ما لم يتيقن كونه آخراً، والفرض عدم تيقنه، وإنما يقع في عدم تيقنه بحكم الإيلاء.
الشيخ عن الموازية: إن قال آخر أنثى أتزوجها طالق إلا واحدة؛ يريد تطليق ما يلي الآخرة، إن تزوج امرأة وقف عنها، ثم إن تزوج ثانية وقف عنها مع الأولى إذ لا يدري من يلي الآخرة منهما إن مات، فالمطلقة الأولى وإن تزوج ثم مات فالمطلقة الثانية لا الأولى، ولو قال فالتي تلي التي تلي الآخرة طالق حتى تكون ثالثة منها أمسك عنهن حتى يتزوج رابعة فتحل له الأولى إن مات في هذه الحالة فثانية الأولى هي المطلقة، ولو قال أول امرأة أتزوجها طالق، فتزوج امرأة بانت منه، ولها نصف الصداق وسقطت يمينه.
وعن مالك وابن القاسم من قال كل امرأة أتزوجها من البادية لا أنظر إليها طالق فعمي، لا أحب تزويجه من البادية ولا من خرجت منها فسكنت بغيرها أربعة عشر سنة كما لو كان بصيراً.
قلت: الأظهر أن كمال وصفها له من ذي خبرة بالجمال يبيح تزويجه إياها لعجزه عن نظرها.
قال: ولو قال كل امرأة أتزوجها لا أنظر إليها طالق فعمي رجوت أن لا شيء
عليه، وكذا حتى ينظر إليها فلان فمات فلان.
محمد: إن مات فلا يتزوج حتى يخشى العنت ولا يجد ما يبتاع به أمة.
قلت: هذا يوجب لزوم الطلاق المعلق بعموم تزويج كل امرأة.
ابن حبيب عن الأخوين في الذي قال حتى أراها له أن يتزوج من كان رآها قبل أن يعمى واليمين باقية عليه فيمن لمن يكن رأى.
قلت: ينبغي شرط اعتبار تقدم الرؤية بقرب لا تتغير فيه صفتها، وقوله اليمين باقية عليه فيمن لم يكن رأي ظاهره ولو قل عدد من كان رآه، وهو خلاف قوله أولاً رجوت أن لا شيء عليه، ولو قال كل من أتزوج من قرطبة أو من القيروان طالق ولا نية في الغاية، ففي قصره على مسافة وجوب الجمعة أو عدم قصر المسافر، ثالثها: على القرية وأرباضها، ورابعا: في حد ما لا يقصر فيه الخارج ويتم عند وصوله، وخامسها في جميع عملها.
الشيخ عن ابن القاسم وابن حبيب مع ابن الكنانة وابن الماجشون وأصبغ قائلاً إن تزوج من حيث إذا برز لم يقصر حتى يجاوزه لم أفسخه، وأحب أن يتجاوز إلا ما لا يجب منه الجمعة، وسحنون قائلاً لو تزوج من العلوين لم يلزمه شيء.
قلت: هي منها على قدر خمسة وعشرين ميلاًن وابن رشد عن أصبغ وابن كنانة.
قلت: إنما نقل ابن حارث عنه مثل ما نقل الشيخ، ولفظه قال ابن كنانة: إن لم تكن له نية لم يتزوج في شيء من عمل المدينة مما يقع عليه اسمها حتى يبلغ إلى ما يجب فيه الإقصار.
الشيخ عن الموازية: من حلف بطلاق من يتزوج بمصر فله أن يتزوج من غيرها مصرية مقيمة بغيرها إلا أن ينوي: لا يتزوج مصرية أو يحلف لا يتزوج مصرية فيحنث.
قال مالك: وله أن يتزوج بمصر غير مصرية يريد في هذا.
الشيخ: سمع عيسى ابن القاسم عن بعض أهل العلم من حلف لأتزوج بمصر لا بأس أن يتزوج مصرية بغير مصر وإن كانت مقيمة بمصر.
قلت: ومثله فتوى ابن رشد لمن قال كل امرأة أتزوجها بقرطبة طالق ولم يزد على ذلك أن يعقد عليها بغير وطنه من البلاد ويرجع بها لسكناه بها بقرطبة.
وسمع عيسى ابن القاسم من قال كل امرأة أتزوجها بالمدينة طالق لا بأس أن يواعدها بالمدينة إذا تزوجها بغيرها.
ابن رُشْد: لأن المواعدة ليست بعقد ولا يدخلها الخلاف فييمن واعد في العدة وتزوج بعدها؛ لأن النكاح في العدة محرم بالقرآن والإجماع، والمواعدة فيها مكروهة بنصه صلى الله عليه وسلم، وحلف الزوج بطلاق من يتزوج وإن خص مختلف في لزومه.
قُلتُ: قوله: (لا يدخلها الخلاف) يرد بنقل الشيخ على بن حبيب ما نصه: رأي المواعدة ببلد الحلف توجب الحنث، وقاله من أرضى، وسهل فيه بعض الناس، ولا يعجبني. قال الشيخ: وله في الحالف لا تزوج بالأندلس كما ذكرنا عن الكتابين. قال: وإن نوى كراهية نساء الأندلس لجفائهن فلا يتزوج أندلسية حيثما كانت، وله نكاح غيرهن بالأندلس، وإن لم تكن له نيَّة فلا يتزوج بالأندلس مصرية ولا غيرها، وله نكاح أندلسية بغير الأندلس، ولو كانت بالأندلس م ينبغ أن يعقد نكاحها بغير الأندلس مع وليها وإلا الأب في البكر، ولو أشهد عليها وليها غير الأب بالأندلس بضاها بالحالف لم يجز عقده بغيرها لبعد ما بين رضاها ورضى الزوج، إنما يجوز ما كان بقرب ذلك وفوره.
قُلتُ: إن قيل شرطه القرب مشكل على أصل المذهب إذ ليس من شرط توكيل المرأة وليها على إنكاحها فويته حسبما دلت عليه مسئل المدونَّة وغيرها.
قُلتُ: الفرق بين إذنها في العقد عليها لرجل وبين توكيلها إياه على العقد عليها له أن الأول جزء من ماهية عقد النكاح لأنها فيه مساوية للولي والزوج في لزومه إياه بنفس صدوره مالم يرده قائله، والثاني غير لازم لها؛ لأن لها عزله عنه بنفس صدورها منها قبل رد قائله إياه، والمعتبر صدق وصف سبب الطلاق بعد اليمين حين إنشاء عقد النكاح لا قبله، ولو دام بعده في اعتباره بعدهما قبل البناء خلاف.
وفيها: لو قال كل امرأة أتزوجها من الموال طالق وتحته منهن امرأة لم تطلق عليه فإن طلقها ثم تزوجها طلقت عليه.
قُلتُ: يريد بخلاف الرجعة، وظاهره ولو لم يكن بنى بها، ابن حارث: اتفقوا فيمن قال كل أمرأة مسلمة أتزوجها طالق أنه يلزمه لبقاء الكتابيات، ولو تزوج كتابية
فأسلمت قبل البناء ففي لزوم طلاقها، نقل ابن عبد الحَكم عن ابن وَهْب: يخلي سبيلها، وعن أشهب لا شيء عليه.
قُلتُ: فلو تزوجها قبل يمينه ثم أسلمت بعدها ففي جري قول ابن وَهْب نظر، الأظهر عدمه، وفي سماع عبد الملك عن أشهب: من قال إن كلمت فلانا فكل امرأة أتزوجها بمصر طالق، فتزوج ثم كلمه لا شيء عليه، وإنما عليه الحنث فيما يتزوج بعد كلامه.
ابن رُشْد: هذا خلاف قول عتقها الأول فيمن قال: إن كلمت فلانا فكل عبد أمكه من الصقالبة حر، أن كل عبد يملكه بعد حلفه من الصقالبة حر إن كلمه، إلا أن يريد إن كلمت فلانا فكل عبد أملكه بعد حنثي من الصقالبة حر فله نيته، وليس أحد القولين من وجهة اللفظ بأظهر من الآخر لتساوي احتمال معناهما، فإن كانت له نيَّتة صدق فيها ولو كانت عليه بينة، فوجه قوله لا يلزمه طلاق فيما تزوج قبل حنثه مراعاة القول بأن لا شيء عليه فيما يتزوج قبل حثنه ولا بعده، ووجه قولها الاحتياط للعتق، وإن لم يكن في ملكه يوم حلف من الصقالبة شيء فهو دليل على إرادته الملك فيما يستقبل.
وفيها: إن قال إن لم اتزوج من الفسطاط فكل امرأة اتزوجها طالق لزمه الطلاق فيما يتزوج من غيرها، اللخمي عن سَحنون: لا يحنث فيما يتزوج من غير الفسطاط ويوقف عنها كمن قال إن لم أتزوج من الفسطاط فامرأتي طالق والأول أشبه؛ لان لا قصد القائل أن كل امرأة يتزوجها قبل أن يتزوج من الفسطاط طالق.
ابن محرز: أحسب لمحمد مثل قولها، ابن بشير هما على الخلاف في الأخذ بالأقل فيكون مستثينا أو بالأكثر فيكون مؤليا، وقول ابن الحاجب بناء على أنه بمعنى من غيرها أو تعليق محقق، يريد أن معناه على الأول حملية وعلى الثاني شرطية، وتقريرهما بما تقدم من لفظ اللخمي واضح، وسمع عيسى رواية ابن القاسم من قال لامرأة إن لم أنكحك فكل امرأة أنكحها عليك طالق لا شيء عليه، ومن قال لأمراة كل امرأة أنكحها غيرك طالق فهو كمن قال كل امرأة أنكحها عليك طالق.
ابن رُشْد: قول مالك قوله لامرأة كل امرأة أنكحها غيرك طالق، مثل قوله إن لم
أنكحك فكل امرأة أنكحها طالق، هو مثل قوله في الأيمان بالطلاق منها وفيه نظر؛ لأن قوله لها كل امرأة أنكحها عليك طالق نص لا يحتمل التأويل في أنه حرم على نفسه نكاح كل النساء سواها، فلا يلزمه شيء لا ستثنائه أمرأة واحدة على أصل المذهب خلاف قولي ابن الماجشون ومُطَرِّف، وقوله:(إن لم انكحك فكل أمرأة أنكحها طالق) كلام محتمل ظاهره يقتضي أنه إنما أوجب طلاق كل امرأة ينكحها قبلها، فعلى هذت يلزمه الطلاق إذا أراد أن يتزوج بعدها ما شاء من النساء، وإليه ذهب ابن عبدوس وسَحنون واختفا فيما يتزوج قبلها، قال ابن عبدوس لزمه فيها الطلاق ساعة تزوجها، وقال سَحنون يوقف عنها حتى ينظر هل يتزوجها أم لا؟ فإن طلبت الوطء ضرب له أجل الايلاء وحكم عليه بحكمه إن تزوجها في أجل الإيلاء بر وانحل عنه الإيلاء، وكذلك إن مات؛ لأنه يصير بموتها قد امتنع من نكاح جميع النساء دائما، ولم يلتفت مالك لمقتضى ظاهر لفظه.
وفيها: إن وكل من حلف بطلاق من يتزوج من موضوع خاص من يزوجه توكيلا دون حظر عليه، فزوجه من محل حلفه لزمه العقد والطلاق ونصف المهر، وو نهاه عن محل يمينه لم يلزمه نكاح.
ابن حبيب: إن ذكر له محل يمينه فقط لزمه النكاح وغرم الوكيل نصف المهر.
الصقلي عن الشيخ: إن نهاه عن محل حلفه لم يلزمه نكاح ولا طلاق.
قُلتُ: في جريها على شراء الوكيل على شراء عبد أبا الموكل عالما أنه أبوه نظر لتشوف الشرع للحرية، وقال عياض: إن أقام على يمينه وإعلامه بينة لم يلزم واحدا منهما شيء وم ينعقد نكاح.
وتعدد موجب طلاق التعليق يوجب تعده: كمن قال إن تزوجت فلانة فهي طالق، ثم قال في قرية هي من نسائها كل امرأة أتزوجها من قرية كذا تلك القرية طالق، ثم تزوجها لزمته فيها طلقتان.
عبد الحق: فائدة اعتبار عدة الطلاق مع تكرره فيها ولو بعد زوج لزوم نصف الصداق في الطلاق غير الزائد على الثلاث قبل زوج.
وشرط اعتبار المحل أيضا مقارنته سبب الطلاق، فيها مع غيرها: لو حلف
بطلاقها ثلاثا لا أكلت هذا الرغيف، فأكلته أو بعضه بعد أن أبانها بدون الثلاث ثم تزوجها فلا شيء عليه، ولو أكت بقيته بعد أن تزوجها ولو بعد زوج حنث مالم يكن أبتها بالثلاث وكذا الظهار، ولو قال كل امرأة أتزوجها عليك طالق ففي اختصاصه بعصمة التعلق روايتان، لها مع سماع ابن القاسم، وللصقلي عن رواية ابن وَهْب مع أصبغ وأشهب وابن رُشْد عن رواية ابن حبيب ورواية مُطَرِّف، وعن ابن الماجشون وابن أبي حزم وغيرهما من كبار أصحاب مالك.
اللخمي: بناء على اعتبار القصد أو ظاهر اللفظ، ولو تزوج غيرها بعد بينونتها بدون الثلاث ثم تزوجها ففي طلاق غيرها، ثالثها: إن كان ذلك في عقد النكاح لها بزيادة ولو ادعى نية، ولأشهب ورواية مُطَرِّف وتضعيف ابن عبد السلام روايتها بظاهر قول إيلائها أن التقييد بالعصمة إنها هو في المحلوف بطلاقها لا في غيرها لقولها من قال زينب طالق واحدة أو ثلاثا إن وطئت عزة، فطلق زينب واحدة، فإن انقضت عدتها فله وطء عزةـ، ثم إن تزوج زينب بعد زوج أو قبله عاد مؤليا في عزة، فإن وطئها بعد ذلك أو في عدة زينب حنث في زينب، ولو طلقها ثلاثا ثم نكحها بعد زوج لم يعد عليه في عزة إيلاء لزوال طلاق ذلك الملك، كمن حلف بعتق عبد له ألا يطأ امرأة فمات العبد فقد سقط اليمين، ولو طلق عزة ثرثا ثم تزوجها بعد زوج وزينب عنده عاد موليا ما بقي من طلاق زينب شيء، كمن آلى أو ظاهر ثم طلق ثلاثا ثم تزوجها بعد زوج فذلك يعود عليه أبدا، نقله بعض من تقدنه من الفارسيين، وفرق بين المسألتين بأن الإيلاء مخالف للطلاق بأنه يلزم في الاجنبية ولا يزول الملك والطلاق لا يلزم في الاجنبية ويزول بالملك.
ونوقض قولها ولو ادعى نيَّة بقولها من قال كل امرأة أتزوجها ما عاشت فلانة طالق لزمه كانت فلانة تحته أم لا، فإن كانت تحته فطلقها فإن نوى بقوله ما عاشت ما دامت تحتي فله نيته، وإن لم تكن له نيَّة لم يتزوج ما بقيت إلا أن يخشى العنت.
ويفرق بمخالفة دعوى النيَّة ظاهر القصد في مسألة كل امرأة أتزوجها عليك وموافقته إياه في مسألة ما عاشت.
وقول أبي إبراهيم قال ابن رُشْد: "معنى هذه المسألة أنه قامت عليه بذلك بينة فلم
ينوه، وتلك لم تقم عليه بنية "لم أذكره الآن لابن رُشْد إلا ما في أجوبته فيمن له مطلقة فتزوج امرأة أخرى كتب في صداقها متى راجع مطلقته فلانة فهي طالق، ولم يقل متى راجعها على فلانة ثم طلق التي تزوج أو ماتت وأراد مراجعة الأولى، وقال م تكن له نيَّة أو قال أردت ما دامت الثانية زوجة.
قال ابن رُشْد: لا يصدق فيما ادعاه من النيَّة إذا طلب بما أشهد به على نفسه وله نيته فيما بينه وبين الله تعالى، وتقدم في الأيمان والنذر عن الصقلي في مسألة ما عاشت أنه ينوي ولو قامت عليه بينة وهو رسم نص الأسمعة والروايات.
سمع ابن القاسم من شرط لامرأة في عقد نكاحها كل امرأة يتزوجها ما عاشت طالق البتة ثم طلقها البتة ثم تزوجها بعد زوج ثم أراد أن يتزوج، فقامت بشرطها لقوله فيه ما عاشت فقال: إنما أردت بذلك ما كنت تحتي.
قال مالك: ينوي. ابن القاسم: وقاله قبل هذا بسنين.
ابن رُشْد: جوابه هذا على أن اليمين على نيَّة الحالف وتنويته إياه مع أنه شرط عليه في عقد النكاح خلاف أصله في المدونَّة من شرط لامرأته أن أمرها بيدها إن تزوج عليها ليس له مناكرتها.
وقوله: (ينوى) يريد مع يمينه، كذا في سماع ابن القاسم في الأيمان بالطلاق في هذه المسألة إذا طاع بذلك دون شرط فهذه أحرى في وجوب اليمين، وتنويته إياه مع أنه إنما تزوج عليها وهي في عصمته بعد أن طلقها ثلاثا ونكحت غيره على أصله في المدَوَّنه أن من شرط لامرأته طلاق الداخلة عليها تنحل عنه اليمين بخروج زوجته عن عصمته بالثلاث خلاف واية ابن حبيب ومُطَرِّف وقول ابن الماجشون وابن أبي حازم من أن اليمين لا تنحل عنه؛ لان الشرط في اليمين في الداخلة وليس فيها، ولو حلف بهذه تطوعا لكانت له نيته على ما في الأيمان بالطلاق من المدَوَّنة، ولا يكون له على القول بأن اليمين على نيَّة المحلوف له ففي تنويته، ثالثها: في الطوع لا في الشرط.
قُلتُ: ظاهر غزو ابن رُشْد رواية ابن حبيب ومُطَرِّف لابن الماجشون وغيره دون قوله، ومثله في كتاب الإيلاء مع ذكره مسائل المدوَّنة دليل صحة فرق بعض الفارسيين، وأن المدَوَّنة لا اختلاف فيها، ومسألة عود اليمين بعتق عبد بعد شرائه أو إرثه بعد بيعه
تقدمت في الأيمان والنذور.
والمعتبر في قدر الطلاق حال المطلق يوم نفوذه لا يوم عقده، ابن سَحنون عن أبيه وأشهب إن قال عبد: أنت طالق إن فعلت كذا ففعله بعد عتقه بقيت له طلقتان، وروى محمد معها إن طلق عبد واحدة ثم عتق بقيت لو واحدة فقط، كحر طلق طلقة ونصف طلقة.
محمد: ذو رق كالعبد في طلاقه.
ابن القاسم: لو طلقها طلقتين ثم ثبت عتقه قبل طلاقه فله الرجعة في العدة، فإن انقضت بقيت له طلقة علم أن طلاق العبد طلقتان أو لا كمن طلق واحدة وظن أنها تحرم عليه إن لم ينو البتات أو تلفظ به، ولشرط المحل حين النفوذ كان قول العبد لزوجته الأمة لأبيه أنت طالق بوم موت أبي لغوا.
قُلتُ: ما لم يمت مرتداً.
*********
…
وشرطه تعلقه بلفظ يدل على الطلاق أو غيره معه.
فيها: إن أراد أن يلفظ بأحرف الطلاق فلفظ بغيرها غلطاً، كقوله أنت حرة أو
أخرجي أو تقنعي أو كلي فلا شيء عليه حتى ينوي أنها بما يلفظ به طالق، فيلزمه فسبق اللسان لغو إن ثبت وإلا ففي الفتيا فقط.
ابن شاس: قوله لزوجته التي اسمها طالق يا طالق لغو، ولو كان اسمها طارق فقال زل لساني فكذلك، وسمع أضبغ ابن القاسم: من قال لامرأته يا مطلقة لم يرد طلاقا إنما أراد أنها في كثرة الكلام كالمطلقة فلا شيء عليه.
أصبغ: أو على وجه التكسير لها أو أنها طلقت مرة ولو كان فيها خير ما طلقت.
ابن رُشْد: إن كان لشيء من ذلك سبب فلا إشكال أنه لا شيء عليه، وإن قاله ابتداء دون سبب ولا نيَّة له ففي هذا الكتاب احتمال، والأظهر منه لزوم الطلاق.
ولو قال أردت الكذب لا الطلاق لم يلزمه ولو كانت عليه بينة.
وفيها: إن قال لزوجته أنت طالق البتة، وقال أردت واحدة فزل لساني بلفظ البتة فهي ثلاث، سَحنون: وكانت عليه بينة لذل لم ينوه مالك.
عياض: هو من كلامه ونقله عن مالك كما نزراه ولم ينكره عليه ابن القاسم.
قُلتُ: ليس نقله عن مالك في المدَوَّنة متأخر عن ذلك.
عياض: اختلف ابن نافع وغيره عن مالك في قبول قوله في الفتيا، وفيها لابن القاسم إن قال لها أنت طالق وقال نويت من وثاق ولم أرد طلاقا ولا بينة عليه وجاء مستفتيا فهي طالق، ولو كانت في وثاق فقال مُطَرِّف يقبل.
عياض: في حملها على قوله طريقان، الشيخ عن الموازبة: من قال لامرأته كنت طلقتك البتة ولعبده كنت أعتقك ولم يكن فعل، فقال أبو الزناد لا شيء عليه في الفتيا، وقال مالك: يلزمه كمن قال أنت طالق أو أنت حر لا يرد طلاقا ولا عتقا، وقاله ربيعة وابن شهاب.
ربيعة: إلا أن يأتي بعذر بين، مالك: ومن اعتذر في شيء سئل فيه بأنه حلف بطلاق أو عتق ولم يحلف فلا شيء عليه في الفتيا، ومن حكى يمين غيره بالبتة فقال امرأتي طالق البتة، وإنما أرد أن يقول قال فلان، فإن ذكر ذلك نسقا فلا شيء عليه، وفي سماع أصبغ قال أشهب: من قال لامرأته قد شاء الله أن أطلقك، أو لعبده أن أعتقك لا
شيء عليه إلا أن يريد به عتقا أو طلاقا هذا من الكاذبين على الله، ولو قال قد شاء الله أنك طالق كانت طالقا.
وسمع أصبغ ابن القاسم: من أفتى في يمين امرأته بأنها قد بانت، فقال لها وللناس بانت مني ثم علم أن لا شيء عليه لا ينفعه وبانت منه.
ابن رُشْد: قاله أشهب أيضاً، ولابن حبيب عن مالك لا شيء عليه، وقال سَحنون إن قاله على وجه الإخبار بما قيل له فلا شيء عليه، وإن قاله يريد به الطلاق طلقت عليه، والذي أقول أنه إن كان ما أفتى به محالفا للإجماع لا وجه له في الاجتهاد فلا شيء عليه، وإن كان قول قائل أو له وجه في الاجتهاد ومفتيه به من أهل الاحتهاد لزمه طلاقه؛ لأن إخباره به التزام له فيرد الاختلاف إلى هذا، وكل هذا أتى مستفتيا ولو حضرته البينة في قوله بانت مني، ثم قال إنما قُلتُه لأني أفتيت لم يقبل قوله إلا بينة أنه أفتي به فيصدق مع يمينه.
وايقاع الطلاق لازم اتفاقاً: وهزل إطلاق لفظه عليه المعروف لزومه.
الشيخ في الموازيَّة عن ابن القاسم: من قال لامرأته قد وليتك أمرك إن شاء الله فقالت فارقتك إن شاء الله وهما لاعبان لا يريدان طلاقا فلا شيء عليهما ويحلف، وإن أراد الطلاق على اللعب لزمه.
وفيها من قال زوجتي فلانة، فقال وليها المستقل فعلت، فقال لا أرضى نكاحه يلزمه لا كالبيع؛ لأن ابن المسيب قال:((ثلاث ليس فيهمن لعب هزلهن جد، النكاح والطلاق والعتاق)) فقال اللخمي: قال ابن القاسم هزل الطلاق لازم، وأرى إن قام دليل الهزل لم يلزمه طلاق، وسمع ابن القاسم من قال له رجل ما هذه المرأة. قال مولاتي أزوجكها.
قال: نعم، ففعل، ثم خرج فكان يهزل لا طلاق عليه إلا أن ينويه.
ابن القاسم: ويحلف ما أراده ويؤدب.
ابن رُشْد: لم يلزمه أو طلاقا مع أنه زوجها بعد قوله إنها مولاته، ومن قولها أن بيع الرجل زوجته طلقة بائنة كذا لهما في سماع زونانٍ من هذا الكتاب وسماع عيسى من الحدود وسماع يحيى من العتق.
قُلتُ: إنما في سماع زونان لابن القاسم فقط، وفي سماع يحيى قال سَحنون: كان مالك يقول تطلق عليه، وفي سماع عيسى عنهما معا قال: وعن مالك أنها ثلاث وهو قول أصبغ وأحد قولي ابن عبد الحَكم وتزويجه إياها كبيعه. قاله محمد. فإنما لم يلزماه الطلاق من أجل أنخ زجها هازلا فقولهما نحو رواية الواقدي، وما في سماع أبي زيد من كتاب النكاح: أن النكاح لا يجب بالعزل وإيجاب ابن القاسم حلفه تفسير لقول مالك ومثله لعيسى في كتاب العتق إن حلف ترك مع زوجته، وإن نكل جرى على الخلاف فيمن شهد عليه شاهد بطلاق فنكل، وعن ابن القاسم فيمن زوج امرأته تحرم عليه بالثلاث بنى بها أم لا، وهو على قياس القول بأن تزويج الرجل امرأته بتات وأن هزل النكاح جد، وعلى قول من لا يرى بيع الرجل امرأته طلاقا، وهو سماع زونانِ ابن وَهْب وأحد قولي ابن عبد الحَكم، فبين أن لا طلاق عليه في هذه المسألة.
نقل ابن الحاجب القول الثالث بلغو هزل الطلاق مطلقاً لا بقيد قيام دليله، ولم يحك ابن رُشْد في لزوم طلاق الهزل خلافا، وذكر ابن القاسم فيها قول سعيد استظهاراً لنتيجة اجتهاده لا أنه دليله؛ لعدم حجية قول التابعي، إنما الخلاف في قول الصحابي وإلا لزم كونه مقلدا لسعيد.
وروى الترمذي عن أبي هريرة رواية قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ثلاثة جدهن جد وهزلهن جد، النكاح والطلاق والرجعة))، قال: هذا حديث حسن غريب، ولم يحك ابن العربي في لزوم طلاق الهزل وعتقه خلافا، ونقل الخلاف فيه مطلقاً دون تفصيل كون الهزل في إيقاعه أو إطلاق لفظه عليه قصور لما مر في نقل الشيخ.
ابن شاس: إن لقن الأعجمي لفظ الطلاق وهو لا يفهمه لم يلزمه.
ابن شاس: من قال يا عمرة فأجابته حفصة، فقال أنت طالق يحسبها عمرة طلقت، وفي طلاق حفصة خلاف.
وسمع ابن القاسم جواب مالك عن سكران أتى باب دار فأغلق صاحب الدار بابه فزعزعه، وكانت له امرأة حرة فقل هي طالق طالق، فقال له صحاب الدار حرمت عليك، فقال إن كانت حراما فهي حرام، فقال له ويحك طلقت منك، فقال: إن كانت طالق أراها بانت منه.
ابن رُشْد: معناها أنه أتى باب دار ظنه دار فأغلقه ربه فظن هو أن زوجته هي التي أغلقته دونه، فقال هي طالق فخاطبه صاحب الدار بما تقدم فرأى مالك بينونتها بقوله أولا طالق طالق مع قوله إن كانت طالقا فهي طالق، لزمته طلقتان بقوله أولا والثالثة بقوله أخيراً ولو يلزمه شيء في قوله إن كانت حراما فهي حرام؛ لأنها لم تكن حراما، وإيجابه الطلاق بقوله هي طالق طالق وهو يشير إلى رب الدار يظن أن امرأته معارض لما في سماع عيسى بعد هذا مثل ما في أول سماعه من كتاب النكاح والقولان في هذا قائمان من قولها في العتق في مسألة ناصح ومرزوق.
وسمع عيسى ابن القاسم من مرت به امرأة في ظلمة ليل فوضع يده عليها فقال لها أنت طالق إن وطئتك الليلة وهو يرى أنها زوجته، فإذا هي غير امرأته ووطئها قبل علمه، لا حنث عليه؛ لأنه وطاء غير امرأته.
ابن رُشْد: هذه معارضة لما تقدم في سماع ابن القاسم ومخالفة لأولى سماع عيسى من كتاب النكاح فيه. قال ابن القاسم: من سأل أهل امرأته أن يدخلوها عليه فأدخلوا عليه جارية امرأته وامرأته ثيب، وسألوه الكف عن وطئها، فقال: أن أنا أطأ امرأتي الليلة فكل مملوك لي حر إن وطئتها الليلة، وهو يشير إلى الجارية يظنها امرأته، ثم وطئها تلك الليلة رقيقة أحرار.
ابن رُشْد: قوله رقيقة أحرار خلاف قوله في الذي مرت به امرأته في ظلمة الليل.
قُلتُ: حاصل نقل ابن شاس لزوم طلاق المنوية وفي المخاطبة خلاف، وحاصل زعم ابن رُشْد أن قوله في مسألة السكران خلاف قول مسألة ظلمة الليل أن طلاق المنوية خلافا، وهو زعمه من المناقضة بينهما ليس كذلك، وبيانه أن قوله في مسألة السكران بناء على إضافته للحكم للمنوي لا للمخاطب، وقوله في مسألة ظلمة الليل محتمل لكونه بناء على إضافته للمنوي أو للمخاطب، وهذا لأن قوله فيها لا شيء
عليه لازم على الأمرين معاً، أما على إضافة الحكم للمنوي وهي امرأته فظاهر أن لا شيء عليه؛ لأن ما التزمته من الطلاق معلق على الوطء وهو لم يطأ المنوية بحال، وأما على إضافته إلى المخاطب أو المشار إليه فظاهر أيضاً؛ لأن المشار إليها غير امرأته وهي غير قابلة للطلاق وإنما يتم له ذلك لو كانت المرأة المشر إليه امرأة أخرى غير امرأته المنوية، وظاهر قوله والرواية أنها أجنبية، وقول ابن الحاجب لو قال: يا عمرة فأجابته حفصة فقال أنت طالق يحسبها عمرة فأربعة يقتضي وجود القول بطلاقهما وبقائهما وطلاق عمرة دون حفصة وعكسه ولا أعرف منها نصا، إلا ما تقدم لابن شاس والأسمعة، وزعم ابن رُشْد فيها والمسألة جارية على مسألة كتاب العتق حسبما أشار إليه ابن رُشْد وهو من قال يا ناصح قف، فأجابه مرزوق، فقال أنت حر ففي عتقهما مطلقاً ورقهما، ثالثهما: إن قامت عليه بينة وإلا فالمنادى فقط، ورابعها: المخاطب فقط، للصقلي عن أصبغ قائلاً كما أوقع الطلاق على أحد امرأتيه يظنها الأخرى وعن نقل ابن سَحنون، ولابن القاسم وأشهب فيها ونقل ابن شاس لزوم طلاق المنوية مطلقاً دون المحاطبة خامس.
الشيخ عن الموازيَّة: من قال أنت طالق على أن بقول ثلاثة أو البتة ثم سكت عن ذلك في يمين أو غيرها لم يلزمه الثلاث حتي يريد بقوله طالق الثلاث.
الشيخ عن العتبي: سمع ابن القاسم من حلف بطلاق لا كلم فلانا وبدا كلامه على أن بقول أولا أبداً، فبدا له وقال شهراً موصولا بيمينه دون صمت ذلك له.
وطلاق المكره وسائر فعله في نفسه لغو: والخلاف في الفعل وشرط التورية وما به الإكراه تقدم في الأيمان.
الشيخ عن أصبغ: من حلف دراءة عن ولده لزمته يمينه، إنما يعذر في الدراءة عن نفسه وفي بعض التعاليق عن أبي القاسم اللبيدي إنكار قول أصبغ، وقال أي إكراه أشد من رؤية الإنسان ولده يعرض عليه أنواع العذاب، وقال ابن شاي: التخويف بقتل الولد إكراه، فحمله ابن عبد السلام على خلاف المنقول في المذهب فذكر قول أصبغ، والأظهر أنه ليس بخلاف؛ لأن الأمر النازل بالولد قد يكون ألمه مقصورا عليه، وقد