المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[باب في صيغة التخيير] - المختصر الفقهي لابن عرفة - جـ ٤

[ابن عرفة]

فهرس الكتاب

- ‌ باب فيما يثبت الوطء به [

- ‌ الأنكحة الفاسدة [

- ‌ باب في رعي الخلاف [

- ‌[باب في المتعة]

- ‌[باب الوليمة]

- ‌[كتاب الطلاق]

- ‌[باب طلاق الخلع]

- ‌[باب المطلق بالخلع]

- ‌[باب باطل الخلع]

- ‌[باب صيغة الخلع]

- ‌[باب في طلاق السنة]

- ‌[باب في شرط الطلاق]

- ‌[باب الأهل]

- ‌[باب لفظ الطلاق الصريح]

- ‌[باب الكناية الظاهرة]

- ‌[باب الكناية الخفية]

- ‌[باب شرط الاستثناء في الطلاق]

- ‌[باب فيما ينجز فيه الطلاق المعلق]

- ‌[باب المختلف في تنجيزه من الطلاق المعلق]

- ‌ باب التوكيل في الطلاق [

- ‌ باب الرسالة [

- ‌ باب التمليك [

- ‌[باب جواب المرأة في…التمليك]

- ‌[باب في صيغة التخيير]

- ‌[باب في الرجعة]

- ‌[كتاب الإيلاء]

- ‌[باب شرط المولي]

- ‌[كتاب الظهار]

- ‌[باب شرط المظاهر]

- ‌ باب صريح الظهار [

- ‌ باب الكناية الظاهرة في الظهار [

- ‌ باب الكناية الخفية في الظهار [

- ‌[باب العودة]

- ‌ باب كفارة الظهار [

- ‌[كتاب اللعان]

- ‌ باب شرط اللعان [

- ‌[باب شرط وجوب اللعان على الزوجة]

- ‌ باب في التوأمين [

- ‌[باب دليل براءة الرحم]

- ‌ باب فيما تجب فيه العدة [

- ‌[باب فيما تسقط به العدة]

- ‌[باب فيما تثبت به عدة الوفاة]

- ‌[كتاب الاستبراء]

- ‌[باب في استبراء الحرة في غير اللعان]

- ‌[باب المواضعة]

- ‌[باب في الإحداد]

- ‌[باب المفقود]

- ‌[كتاب الرضاع]

- ‌[باب ما يثبت به التحريم من الرضيع من موضعه]

- ‌[باب في النسبة الملغاة في الرضاع]

- ‌[باب النسبة الموجبة التحريم في الرضاع]

- ‌[باب في الغيلة]

الفصل: ‌[باب في صيغة التخيير]

[باب في صيغة التخيير]

صيغته: فيها: اختاري أو اختاري نفسك، وروى محمد أو طلقي نفسك ثلاثا أو اختاري أمرك.

وفيها: إن قال اختاري أو اختاري نفسك، وقال: لم أرد الطلاق؛ بل أن تختاري أي ثوب أشتريه لك، فإن تقدم ما يدل على ذلك دين وإلا فهو البتات.

الباجي: غن قيد تخييره بما دون الثلاث فحكمه كالتمليك، وفي كراهته للزوج وإباحته.

نقل الباجي عن أبي بكر القاضي مع عبد الحق عن الشيخ عن بعض البغداديين قائلا: ككراهة إيقاع الثلاث، والباجي مع عبد الحق عن أبي عمران قائلا: ما علمت من كرهه إنما يكره للمرأة إيقاع الثلاث.

قُلتُ: تشبيهه بإيقاع الثلاث يوجب حرمته، وهو مقتضى قول اللخمي يمنع لمنع الزوج من إيقاع الثلاث وتوكيله عليه، فإن فعل انتزعه الحاكم من يدها ما لم توقع الثلاث، وفي قصره على الثلاث باختيارها نفسها، ولا مناكرة للزوج، ويسقط باختيارها زوجها كردها التخيير أو على واحدة بائنة، ورابعها: كالتمليك، وخامسها: الأول إن اختارت نفسها، وإن اختارت زوجها أو ردت الخيار فواحدة بائنة للمشهور، وعياض عن رواية ابن خويز منداد مع تأويله اللخمي عن حكاية ابن سَحنون عن أكثر

ص: 267

أصحابنا واختاره، وقول ابن الجهم مع ظاهر حكاية ابن سَحنون عن أكثر أصحابنا عند عياض، وظاهر قول سَحنون ورواية النقاش.

اللخمي: اختلف في قوله اختاري أمرك أو ملكتك أمرك.

قال محمد: في اختاري أمرك هي ثلاث لا ينوى، وقال ابن شعبان: فيها وفي ملكتك أمرك سواء يقبل أنه أراد واحدة، وهو أحسن.

قُلتُ: هو نص سماع يحيى ابن القاسم، ولو قضت المدخول بها بطلقة، فقال اللخمي عن محمد: إن رضيها الزوج كانت رجعية، وإلا ففي سقوط خيارها وبقائه، ثالثها: تجب بها الثلاث للمشهور مع الأكثر وأشهب مع الشيخ عن روايتهن واللخمي عن عبد الملك وصوب الثاني، وفيها: قضاؤها بطلقتين كالواحدة.

وسمع يحيى ابن القاسم: إن قالت طلقت نفسي واحدة بائنة فليس بشيء إنما لها القضاء بالبتة أو المقام.

ابن رُشْد: القياس ان تكون ثلاثا كما يكون في التمليك ثلاثا إلا أن يناكرها، وكقوله هو ذلك ابتداء وكذا لعيسى عن ابن القاسم في المدنيَّة إن قالت طلقت نفسي واحدة بائنة أنها ثلاث ولا يناكرها وأنه إن ملكها واحدة بائنة فهي ثلاث إلا أن يناكرها.

اللخمي: لابن القاسم في الموازيَّة إن قالت أردت باخترت نفسي الصلح فهو صلح لا يراجعها إلا بنكاح جديد.

قُلتُ: سمع أَصْبَغ ابن القاسم إن ملكها فقالت: اخترت أمري، فقيل ما أردت فقالت الصلح فتفرقا على ذلك فلا يراجعها إلا بنكاح جديد، وإن خيرها فقالت مثل ذلك فهو صلح إن كان رضي بذلك.

قيل له إنما ظن أن ذلك يلزمه. قال قد رضيا فهو صلح.

أَصْبَغ: هذا على رأي من يرى قولها اخترت أمري، ولم يسم الصلح وأراد به شيئًا وأنا لا نراه؛ لأن قولها اخترت أمري في الخيار والتمليك فراقا؛ لأنه جوابا له الكلام إلى آخر قول أَصْبَغ.

ابن رُشْد: إنما ألزمه الصلح بقوله ذلك في التمليك والتخيير لرضى الزوج به، ولو

ص: 268

لم يرضه لم يلزمه شيء فيهما؛ لأنه لا يرى قولها اخترت أمري طلاقا، هذا ظاهر الرواية، ومعنى ذلك إن قالت أردت الصلح أو رضيت به، وإن قالت: أردت بذلك الذي اخترت طلقة الصلح أو طلاق الصلح لا نبغى أن لا يكون في التخيير شيئًا، وأن يكون له مناكرتها في التمليك كقولها اخترت واحدة بائنة، ونوقض قولها يسقط خيارها إن طلقت واحدة فقط بقولها إن قالت اخترت نفسي إن دخلت على ضرتي أنها توقف الآن فتقضي أو ترد، ولذا قال ابن أبي زَمَنَيْن ضعف سَحنون هذا الجواب، وقال: هذا قطع لخيارها.

ويجاب بأن اختيارها الواحدة إبطال لما بيدها لعدولها عنه لما لا يستلزمه واختيارها نفسها إأن دخلت عليها ضرتها ليس إبطالا لمالا بيدها لعدولها عنه لما يستلزمه من حيث ذاته؛ لأن الشيء مقيدا بصفة مستلزم لحقيقته من حيث ذاتها، ولعله مراد عبد الحق بقوله: رأى ابن القاسم أنها أجابت بالفراق إلا أنه علقته بصفة وهي دخول ضرتها، فلما لم يكن لها شرطها رجعت لأمرها، ورأيت في بعض تعاليق أبي عمران إن غفل حتى دخلت عليها ضرتها لزمها الفراق.

وفيها: قلت: إن قال لها اختاري في أن تطلقي نفسك تطليقة واحدة، وفي أن تقيمي، فقالت اخترت نفسي أيكون ثلاثا. قال: نزلت بالمدينة، فقال مالك له آلله ما أردت بقولك ذلك إلا واحدة. قال: والله ما أردت إلا واحدة. قال: هي واحدة.

قُلتُ: ما المسألة التي سئل مالك عنها. قال هي رجل قال لامرأته اختاري في واحدة فأجابه بما أخبرتك.

عياض: ظاهر قول ابن القاسم أنهما سواء، وعليه تأولها الشيخ وغيره واختصرها ابن أبي زَمضنَيْن زاد: قال ابن القاسم: ولا يمين عليه، وتأول آخرون أنهما مفترقان، وهو ظاهر كلام محمد لرفع الاحتمال بقوله تطليقه، بخلاف إذا لم يسمهما كقوله تطليقة ولم يقل واحدة.

قُلتُ: في النوادر روى محمد: إن قال: اختاري واحدة حلف ما أراد إلا طلقة، وكذا قوله اختاري في أن تطلقي نفسك واحدة أو تقيمي.

محمد: لو بين فقال في أن تطلقي نفسك من الطلاق واحدة أو من الثلاث واحدة

ص: 269

ولم يحلف إنما حلفه مالك فيما احتمل أن يريد به مرة واحدة.

ابن حبيب عن أَصْبَغ: إن قال اختاري في ثلاث فلها الخيار بواحدة من ثلاث أبين، ولو لم يقل "في" ولا "من" فاختارت أقل من ثلاث لم يلزمه شيء.

ابن سَحنون: عنه لها في قوله اختاري في ثلاث أو في الثلاث الخيار بثلاث أو أقل، ولو قال "من" لم يكن لها إلا بالأقل منها.

اللخمي: في اختاري تطليقتين، لها القضاء بهما إن قضت بواحدة لم يلزمه شيء، ومن تطليقتين لها القضاء بواحدة فقط، وفي تطليقتين فيها إنما لها القضاء بهما إن قضت بواحدة لم يلزمه شيء.

ابن سَحنون: لها القضاء بوحدة.

اللخمي: يحتمل أن يريد الخيار في القضاء أو الترك أو الخيار في العدد، فإن قضت بواحدة سئل إن قال أردت في العدد لزمتن الواحدة، وإن قال في القضاء حلف ولها استئناف الخيار؛ لأنها تقول ظننت أنه أراد في العدد، وقال في الثمانية: إن قال ملكتك قضت بما شاءت، وفي الواضحة: إن قضت بواحدة فلا شيء لها والأول أحسن؛ لأن ملكتك يقتضي أن لها تتصرف وتصرف المالك بخلاف قوله طلقي نفسك ثلاثا ليس لها مخالفة أمره.

عياص: ما في الواضحة لأَصْبَغ قال مع عبد الحق، وفي كتاب ابن القصار: إن قال طلقي نفسك ثلاثا فطلقت واحدة، أو طلقي واحدة فطلقت ثلاثا لم يكن لها شيء.

الشيخ: روى الأخوان: من قال طلقي نفسك واحدة فطلقت ثلاثا أنها واحدة، وإن قال: ثلاثا فطلقت واحدة فلا شيء لها.

أَصْبَغ: لا شيء لها فيهما وروى مُطَرِّف إن ملكها في واحدة فقضت بالبتة فلا شيء لها؛ لأنها لا تتبعض، وقال المغيرة في البتة كقول مالك في الثلاث، وقال أَصْبَغ: لا شيء لها فيهما، ونقل ابن حارث عن ابن القاسم كرواية الأخوين مع ابن حبيب كأَصْبَغ، وعن ابن الماجِشُون كالمغيرة.

***********************************************

وعليه روى اللخمي: إن قضت بواحدة لزمت. قال: وقال أَصْبَغ لا تلزمه

ص: 270

وكلاهما غير بين وأرى أن لا يلزم مع عدم النيّضة منهما أو من أحدهما إلا واحدة؛ لأن اختيار النفس لا يتضمن عددًا؛ بل البينونة بنفسها، ويصح بطلقة ويختلف إن خيرها قبل البناء، ولم تعلم إلا بعده، فعلى عدم ملكه الرجعة لفساد بنائه لا يقضى إلا بوحدة كمن لم يبن بها، وعلى ملكه الرجعة كالمخيرة بعد البناء.

عبد الحق: عن أبي عمران: لو طلق المملكة قبل قضائها، ثم تزوجها بعد عدتها أو خالعها قبل قضائها ثم تزوجها في العدة سقط ما بيدها، ولو كانت قيدت تمليكها بقولها قبلت؛ لأنه لو طلقها بعد العدة في الأولى، وفيها في الثانية لم يلزم طلاقها فلا تكون هي أقوى منه.

قُلتُ: يرد بما لو جن قبل قضائها كان لها القضاء، ولو طلقها حينئذ لم يلزم، والأظهر أن سقوط ما بيدها فيهما لدلالة رضاها بالعقد عليها ثانيا على تركه كتمكينها له نفسها، وسمع عيسى رواية ابن القاسم من قالت له امرأته خيرني أو ملكني ولك عشرة دنانير فأخذها وفعل وتواجبا ثم بدا لها قبل الإشهاد فلا رجوع لها في العشرة، تقضي أو تقيم إن اختارت نفسها كانت البتة، وإن قضت في التليك ولم ينكر عليها في مجلسها لم تحل إلا بعد زوج، وإن قال لم أرد إلا واحدة حلف وقبل قوله وكانت طلقة بائنة، وإن أراد الصلح على ما ذكرت فهي إن بدا لها قبل الإشهاد، وكذا وقع الصلح فذلك لها ولا غرم عليها ولا طلاق على الزوج.

ابن رُشْد: لا خلاف أنه لا رجوع لها على الزوج في العشرة قضت أو ردت، واختلف قول مالك في تحول التخيير والتمليك بذلك عن سنتهما، فرأى مرة أنهما يحولان به تقع الطلقة فيهما بائنة للخلع وللزوج مناكرتها في الخيار كالتمليك، وهو قول ابن القاسم في هذه الرواية وأبقاهما مرة على سنتهما فلا تقضي في التخيير إلا بالثلاث، ولا مناكرة فيه للزوج، ويناكرها في التمليك والطلقة فيه رجعية، وهو الآتي على ما في سماع ابن القاسم في رسم سعد، وأما إن تداعيا إلى الصلح وتراضيا عليه وأجاب بعضهما بعضا إليه فلكل منهما أن يرجع عنه ما لم يقع الصلح ويمضياه على أنفسهما، فإن وقع لم يكن لواحد منهما أن يرجع عنه ولزمهما التشاهد عليه، ومضى هذا في أول رسم من سماع ابن القاسم، وهو الذي يأتي على ما في المدَوَّنة، وتقدم جوابها بالكناية.

ص: 271

*** والنص: فيها: إن أجابت بألفاظ ظاهرة المعاني كقولها اخترت نفسي أو قبلت نفسي أو طلقت نفسي منك ثلاثا أو بنت منك أو بنت مني فهو البتات ولا تسأل.

ابن رُشْد في أول مسألة من سماع أَصْبَغ: لا خلاف في قولها اخترت نفسي أنها ثلاث ولا تسأل عما أرادت بذلك، وقال ابن بشير قولها اخترت نفسي لا خلاف منصوص أنه يقتضي الثلاث، ووقع لأشهب ما يدل على أنه كقولها قبلت نفسي وفيه قولان.

قيل: محتمل يرجع فيه إلى تفسيرها، الثاني أن يقتضي الطلاق.

اللخمي عن ابين القاسم: إن قال اختاري نفسك فقالت قبلت أو رضيت أو شئت أو فعلت، سئلت كقولها قبلت امرأ واخترتا، وقال ابن عبد الحَكم: في فعلت هي ثلاث ولا تسأل، وكذا على قوله شئت أو اخترت وفعلت وهو أحسن؛ لأنه جواب بامتثالها ما جعل لها، وفي الموازيَّة: إن قالت تركتك أو اخرج عني أو لا يدخل علي إلا بإذن سئلت.

اللخمي: قولها تركتك فراق ولا تسأل فيه عن إرادة الفراق وتسأل عن عدده.

محمد: من قال لامرأته أتحبين أن أفارقك. قال: ما شئت. قال: شئت، ثم قال إنما شئت حبسك، هو فراق ويحلف ما أراد إلا واحدة.

قُلتُ: انظر تحليفه على واحدة مع قوله لم يرد طلاقا، ولعل مراده أنه يحلف ما أراد أكثر من واحدة وتقدم نحوه، وإن قال أمرك بيدك فاذهبي. قالت: قد ذهبت.

قال محمد: هو فراق، ولو لم يقل فاذهبي، فقالت ذهبت سئلت ما أرادت، وقال ابن القاسم: تسأل فيهما.

اللخمي: وهو أشبه؛ لأنه معنى قوله اذهبي فانظر في ذلك، وقولها ذهبت امتثال لقوله، ولو كان قوله اذهبي طلاقا لزم دون جوابها.

وفيها قلت: إن قال اختاري أباك أو أمك. قال: قال مالك من قال لامرأته لكثرة ما تستأذنه للحمام اختاريني أو الحمام، او لكثرة ما تستأذنه لغرفة جيرانها تغزل عندهم اختاريني أو الغرفة، إن لم يرد بذلك طلاقا فلا شيء عليه فكذا مسألتك.

ابن القاسم: معنى قوله إن أراد به الطلاق فهو الطلاق، وإن اختارت الشيء الذي

ص: 272

خيرها فيه، فإن لم تختره فلا شيء لها: وقال مالك: إن قال لها أكثرت الذهاب إلى الحمام اختاريني أو الحمام، فقالت: اخترت الحمام، سئل عن نيته إن أراد طلاقها فهو الطلاق، وإن لم يرده فلا شيء عليه.

اللخمي: إن أراد الطلاق ولم ينو عددا لزمه الثلاث، وإن قال: نويت واحدة ففي لزوم الثلاث أو واحدة قولا ابن القاسم وأَصْبَغ مع اللخمي وهو أشبه، ولو أبانها بعد تخييرها قبل قضائها فتزويجه إياها يسقط خيارها إن كان باختيارها وإلا لم يسقط كالأمة والبكر.

قُلتُ: الأظهر أن جواز نكاحه إحداهما كقول ثالث نكاحها من وطاء أمة بملك لم يعجبني أن يتزوج أختها إذ لا يجوز أن يتزوج إلا حيث يجوز له الوطء، وهذه اشد إذ قد قيل: عقده على الأخت يحرم فرج الأمة فيصح الوطء بنفس العقد، وليس كذلك في المخيرة.

الباجي عن ابن حبيب عن ابن الماجِشُون: من قال: لختنته إن تكاريت لابنتك وخرجت بها من القرية فأمرها بيدك فتكارت لها لتخرجها، فأبي وبدا له، فله ذلك ولا شيء عليه، وهذا يدل على أن له الرجوع ما لم يوجد شرط التمليك، وألظهر لزوم ذلك بالعقد، ومعناه عندي أن له الرجوع في السب بأن تمنع أمها الخروج بها، ولو أخرجتها لزمه التمليك، وتقدم كون غير الزوجة كالزوجة في انقطاع ما بيده بانقضاء المجلس.

اللخمي: من ملك أمر زوجته غيرها فغاب ببعد، وقد أشهد أنه على حقه فللزوج رفع ذلك إلى الحاكم لينزعه منه.

قُلتُ: قال ابن شاش: قيل: يسقط ما بيده وينتقل للزوجة؛ لأنه كالنائب عنها.

قُلتُ: الظهر جريها على مسألة كتاب الخيار وقد تقدمت، ولابن رُشْد في نوازل سَحنون من كتاب الإيلاء ما نصه: حكى محمد عن ابن القاسم أن الأمر يرجع بيدها في بعيد الغيبة، ولم يأخذ به؛ لأنه يبعد ان يرجع بيدها ما جعله الزوج بيد غيرها غيرها.

اللخمي: ولو كان حين ملكه غائبا كتب له إن قرب يقضي أو يرد، وإن بعد فروى محمد: لا يقربها ويضرب لها أجل الإيلاء من يوم ترفعه إن لم يقدم طلق عليها الإيلاء.

ص: 273

محمد: إن قدم في عدته فقضى بطلاق لزم مع طلقة الإيلاء، وإن لم يقض به فله الرجعة، وقال مالك أيضًا: يرجع الأمر إليها.

اللخميك يريد: إن كان لا يرجى قدومه في الأجل، واختلف قوله في هذا الأصل هل يجعل الطلقة؛ لن الصبر لا يفيد، وهو مضرة عليها، او لا يجعل رجاء انتقالها إلى الصبر؟ وإن طلق بالإيلاء فلها منعه الرجعة؛ لنه ممنوع من الإصابة، وغن انقضت العدة لم يجز أن يتزوجها؛ لأنه ممنوع منها حتى يقدم، ولا يجوز تزويج من لا يحل وطئها ولا المتعة بها.

قُلتُ: في قوله: لها منعه الرجعة نظر لاحتمال ثبوت موت الغائب قبل انقضاء العدة فيسقط ما بيده فتتم رجعته دون وطء لانتفاء موجب منعه قبل انقضاء العدة كقول إيلائها إن حلف ألا يطأها ثمانية أشهر، فوقف لأربعة أشهر فلم يف فطلق عليه ثم ارتجع، فإن انقضت الأربعة الأخرى قبل تمام العدة، ولم يمس فرجعته ثابتة وإلا فلا، وفي نوازل سَحنون من الإيلاء: من جعل امرأته بيد رجل غائب عزل عنها، وضرب له أجل الإيلاء إن حل قبل علم حال الغائب طلق عليه، فإن ارتجع فذلك له، فإن علم ان الغائب أبى طلاقه ثبتت رجعته، وإن طلق عليه كانت ثانية وله أيضًا في ذلك الرجعة لا تكفي رجعته الأولى، وإن انقضت عدة طلقة الإيلاء قبل أن يعلم ما صنع الغائب بانت منه.

قُلتُ: فقد نص سضحنون على أن له الرجعة.

ابن رُشْد: مثل قول سضحنون، وروى محمد عن مالك وابن القاسم وفيئة هذا الإيلاء هي أن يعلم ما عند الغائب، وإن طلق عليه كانت طلقة ثانية، وارتجع إن شاء كما يرتجع غير المولي تصح رجعته بالقول دون وطء، وقول ابن عبد السلام في القول بضرب أجل الإيلاء في المنع بسبب اليمين نظر؛ لن أصول المذهب تدل على أن شرط ضرب الأجل أن يكون الامتناع من الوطء بسبب يمين اقتضت ذلك ولا يمين هاهنا، يرد بمنع حصر ضرب أجل الإيلاء في المنع بسبب اليمين؛ بل في المنع بسبب من الزوج ولو كان غير يمين، ولذا قال ابن رُشْد في المسألة: غنما يعزل عن امرأته؛ لأنه جعل طلاقها بيد غيره حتى يعلم ما عنده، ولما كان الامتناع من الوطء بسببه دخل عليه الإيلاء إن طلبت المرأة المسيس.

ص: 274

الشيخ عن الموازيَّة: لو أراد من ملكه الزوج أمر امرأته طلاقها فلها منعه إن أبى منعه الإمام، وسقط ما بيده ولو سبق فراقه لزم.

محمد: هذا إن كانت سألت الزوج ذلك، وأراد سرورها بذلك، وإلا فلا منع لها عليه، وقاله مالك فيمن جعل امرها بيد أبيها.

وسمع ابن القاسم: من خير امرأته قبل البناء، ولم تحض فاختارت فهو طلاق، وإن بلغت في حالها؛ يريد: مبلغ التي توطأ فيما ظننت.

سَحنون: لها الخيار وإن لم تبلغ؛ لأنه هذا الذي جعل ذلك لأبيها.

ابن رُشْد: القائل "يريد" هو ابن القاسم، ولمالك في رسم بع من سماع عيسى لزوم طلاقها، وغن لم تبلغ مبلغ أن توطا إن عقلت وعرفت ما ملكت فيه، ومثله لابن القاسم في سماع أبي زيد من كتاب النكاح، فتفسيره هذا القول مالك ضعيف، إذ الموجود له ولمالك خلافه، ولو كانت صغيرة لم تعقل معنى الخيار والطلاق لاستؤني بها حتى تعقل. قاله ابن القاسم في سماع أبي زيد في النكاح، وهو مفسر لقول مالك هنا، وقول سضحنون لها الخيار، وإن لم تبلغ يحتمل أن يريد ،غن لم تبلغ المحيض أو إن لم تبلغ أن توطأ إن بلغت مبلغا تعقل فيه معنى الطلاق والخيار، فليس قوله بخلاف لقول مالك ومن تأول عليه انه أراد أن لها الخيار، وإن لم تبلغ ما تعرف فيه معنى الطلاق فقد أبعد.

قُلتُ: هو ظاهر قول اللخمي اختلف إن خيرها وهي صغيرة فاختارت نفسها، فذكر قول مالك وابن القاسم. قال: وقال أشهب وعبد الملك ذلك خيار، وإن كانت صغيرة، وهذا بين إن كانت ممن يعقل مثل ذلك، وإن كانت لا تعرف الصلاح من الفساد، وأما أن كانت صغيرة وهو أبين إن كانت ممن يعقل مثل ذلك، وإن كانت لا تعرف الصلاح والفساد، وأما إن كانت لها السنتان والثلاث فليس قضاؤها بشيء، ولابن القاسم في العتبيَّة: من تزوج صغيرة على إن تزوج عليها فأمرها بيدها فتزوج عليها، إن عرفت الطلاق والخيار خيرت وإلا استؤني بها حتى تعرف، ولو تزوجها على أن أمر من يتزوج عليها بيدها فتزوج عليها، وهي صغيرة لا تعقل فسخ النكاح؛ يريد: لأنه موقوف لمنع الزوج منها إلى مدة تعقل فيها، وعلى قول أشهب وعبد الملك يجوز

ص: 275

النكاح ولها الخيار الآن، ولعبد الملك في المجموعة أو خيرها وهي في عقلها ثم غمرت لم يجر قضاؤها حينئذ، وغن خيرها، وهي مغمورة فاختارت جاز قضاؤها لأنها في حد رضي قضاؤها فيه.

قُلتُ: زاد الشيخ في النوادر إثر هذا الكلام: وكذا لو ملك صبيا أمر امرأته جاز قضاؤه إن كان يعقل ما جعل له، وما يجيب به، فإن كان يخلط في كلامه، ولا يعقل جعل له لم يجزه.

قُلتُ: قوله في المغمورة خلاف قوله في الصبي.

زاد الشيخ عن ابن سَحنون: عنه إن جعل أمرها بيد صبي أو امرأة أو ذمي فطلق عليه لزمه.

*************

فيها: إن قال لها إذا جاء غد فقد خيرتك، وقفت إلا أن تقضي أو ترد، وإن ملكها إلى أجل فلها أن تقضي مكانها.

الشيخ عن الموازيَّة: إن ملكها إلى سنة ثم وطئها وجهلا زال ما بيدها، ولو قال إن قدم أبي لم يزل ذلك وطئه قبل قدوم أبيه، وله في آخر الباب عن ابن حبيب عن أَصْبَغ إن جعل أمرها بيدها إلى أجل أو بيد غيرها فلا يقطعه الوطء، وقاله ابن الماجِشُون وبه أقول.

قال أَصْبَغ: بخلاف المملكة إلى غير أجل، وابن القاسم يساوى بينهما.

وسمع أبو زيد ابن القاسم: من قال لرجل كلما جاء شهر وكلما حاضت امرأتي حيضة فأمرها بيدك أنه، يوقف من جعل ذلك بيده فإن طلق ثلاثا جاز ذلك، وإن أبى أن يطلق سقط ما بيده، ولا رجوع للزوج قبل وقفه.

ابن رُشْد: مساواته بين كلما جاء شهر أو كلما حاضت امرأتي على أصله في مساواة تعجيل الطلاق وبين قوله امرأتي طالق كلما جاء شهر أو كلما حاضت حيضة، ولا مناكرة للزوج في ذلك لقوله كلما، وعلى قول من رأى كلما حاضت امرأتي حيضة فهي طالق أنه يلزمه طلقة إن كانت أمة وطلقتان إن كانت حرة يكون للزوج المناكرة إن طلق المملك ثلاثا في الحرة وطلقتين في الأمة، وعلى قول أشهب لا توقف في قوله أمرها

ص: 276

بيدك كلما حاضت حيضة، ولا يكون بيده شيء حتى تحيض، وكذا كلما حاضت ما يقي من طلاق ذلك الملك شيء، ولا يسقط حق المملكة في ذلك الوطء؛ لأنه على مذهبه كمن قال فعلت فلانة كذا فأمرها بيدها.

وفي مختصر ما ليس في المختصر: من ملك امرأته أمرها أو رجلاً أجنبيًا لأجل لا قضاء لواحد منهما حتى يأتي الأجل وللزوج الوطء في الأجل، والمشهور تعجيل التوقيف في ذلك كالطلاق، وأن الوطء بعلم المملك يسقط حقه، وقال أَصْبَغ: لا يسقطه، وقيل: يسقط إن كان المملك الزوجة، ولا يسقطه إن كان أجنبيًا. قاله ابن الماجِشُون وابن حبيب.

وروى اللخمي: من قال: لامرأته إذا جاء غد فأمرك بيدك وقفت الآن فتقضي إلا أن يصيبها قبل ذلك فيسقط ما بيدها؛ يريد: إن علمت أن لها الخيار الآن، وإن جهلت ذلك لم يسقط ما بيدها، وعلى أحد قولي مالك في جواز التأجيل لا قضاء لها قبل الغد.

قلت لابن حارث: من طلق إلى وقت يأتي بكل حال عجل اتفاقًان، وفي النوادر عن المجموعة قال: من أنكح رجلاً على إن غاب سنة فأمرها إلى، فغابها فطلق عليه واعتدت وتزوجت، ثم قدم فأقام بينة أنه قدم إليها قبل السنة. قال: ترد إليه، وكذا لو شرط إن لم يبعث النفقة إلى وقت كذا فأمرك بيدك، فجاء الوقت فطلبت ذلك بالبينة عندك فطلقت فلها أن تنكح، ولا تنتظر لما عسى أن له حجة، فإن قدم فأقام بينة أنه كان ينفق سقط التمليك، ونزعت من الآخر، ونقلها اللخمي من المجموعة معزوة لابن القاسم بزيادة نزعت من الآخر وإن دخل. قال: يريد؛ لأن هذا تعدًّ من المرأة كمن علمت برجعة زوجها لها ثم تزوجت، وكمن باع سلعة ثم تعد أو باعها من آخر، ولو ثبت أنه بعث بالنفقة فأمسكها من بعثت معه، ولم يعلمها كان الطلاق ماضيًا ولم ترد، ولو أثبت رجل دينا على غائب فبيعت له داره ثم قدم فأثبت أنه كان قضاه لم يرد البيع إذا فات، وإن كان القائم بالبيع متعديا؛ لأن التعدي على الذمة فبيع ذلك ناشاء من التعدي والتعدي في الزوجة على عين المبيع فأشبه ما غصبت عينه، ثم بيع بياعات بوجه شبهة فلا يقطع ذلك حق صاحبه، وقال ابن شاش في مسألة المملكة بالغيبة فرقوا بين أن تعلم بقدومه أولا، فإن علمت فسخ نكاح الثاني، وإن لم تعلم جرى على الخلاف

ص: 277