المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[باب جواب المرأة في…التمليك] - المختصر الفقهي لابن عرفة - جـ ٤

[ابن عرفة]

فهرس الكتاب

- ‌ باب فيما يثبت الوطء به [

- ‌ الأنكحة الفاسدة [

- ‌ باب في رعي الخلاف [

- ‌[باب في المتعة]

- ‌[باب الوليمة]

- ‌[كتاب الطلاق]

- ‌[باب طلاق الخلع]

- ‌[باب المطلق بالخلع]

- ‌[باب باطل الخلع]

- ‌[باب صيغة الخلع]

- ‌[باب في طلاق السنة]

- ‌[باب في شرط الطلاق]

- ‌[باب الأهل]

- ‌[باب لفظ الطلاق الصريح]

- ‌[باب الكناية الظاهرة]

- ‌[باب الكناية الخفية]

- ‌[باب شرط الاستثناء في الطلاق]

- ‌[باب فيما ينجز فيه الطلاق المعلق]

- ‌[باب المختلف في تنجيزه من الطلاق المعلق]

- ‌ باب التوكيل في الطلاق [

- ‌ باب الرسالة [

- ‌ باب التمليك [

- ‌[باب جواب المرأة في…التمليك]

- ‌[باب في صيغة التخيير]

- ‌[باب في الرجعة]

- ‌[كتاب الإيلاء]

- ‌[باب شرط المولي]

- ‌[كتاب الظهار]

- ‌[باب شرط المظاهر]

- ‌ باب صريح الظهار [

- ‌ باب الكناية الظاهرة في الظهار [

- ‌ باب الكناية الخفية في الظهار [

- ‌[باب العودة]

- ‌ باب كفارة الظهار [

- ‌[كتاب اللعان]

- ‌ باب شرط اللعان [

- ‌[باب شرط وجوب اللعان على الزوجة]

- ‌ باب في التوأمين [

- ‌[باب دليل براءة الرحم]

- ‌ باب فيما تجب فيه العدة [

- ‌[باب فيما تسقط به العدة]

- ‌[باب فيما تثبت به عدة الوفاة]

- ‌[كتاب الاستبراء]

- ‌[باب في استبراء الحرة في غير اللعان]

- ‌[باب المواضعة]

- ‌[باب في الإحداد]

- ‌[باب المفقود]

- ‌[كتاب الرضاع]

- ‌[باب ما يثبت به التحريم من الرضيع من موضعه]

- ‌[باب في النسبة الملغاة في الرضاع]

- ‌[باب النسبة الموجبة التحريم في الرضاع]

- ‌[باب في الغيلة]

الفصل: ‌[باب جواب المرأة في…التمليك]

‌[باب جواب المرأة في

التمليك]

للقضاء قول وفعل، الأول: الصريح في الطلاق وعدده كطلقت نفسي ثلاثا وقبلت نفسي واخترت نفسي وحرمت عليك وبرئت منك وبنت منك، مدلولها ثلاث لا تصدق في إرادة غيرها، وكذا في جوابها بطلقتين، والمذهب له مناكرتها فيما زاد على الواحدة.

وفيها: ويحلف على ما نوى وإن لم تكن له نَّية حين ملكها فلا مناكرة له، زاد في سماع ابن القاسم إن رد اليمين عليها. قال: لا يحلف النساء في التمليك.

ابن رُشْد: اتفاقًا فيهما، وسمع عيسى ابن القاسم من ملك امرأته فقضت بالبتة فلم يناكرها وادعى أنه جاهل أن له ذلك وأراد مناكرتها حين علم ليس له ذلك، وسمعه أيضًا من ملكت فقالت قد قبلت ثم صالحها قبل أن تسأل؛ سئلت، فإن قالت أردت طلقتين أو ثلاثا بانت إلا أن يناكرها فله ذلك، ويحلف على ما نوى، وإن لم تكن في ملكه ويحلف وطلقة صلحه زائدة على طلاق تمليكه إن لم تبلع الثلاث، ولو قالت أردتها فلم يناكرها لم يرد عليها ما أخذ منها؛ لأن بصلحها علمنا أنها لم ترد الثلاث، فإن ادعت جهلا لم تعذر.

ابن رُشْد: قوله: (وتحلف على ما نوى) يريد: إن ناكرها ساعة قالت ذلك، فإن سكت حينئذ لم تكن له مناكرتها بعد ذلك، وليس عليه أن يحلف حتى؛ يريد: الرجعة قاله في المدنيَّة.

قُلتُ: وكذا نقل الباجي عن المذهب والصقلي عن محمد: يحلف مكانه في المدخول بها، وهذا أحسن لتحقيق حكم الإرث بالموت، وقول ابن عبد السلام: ولتحقيق النفقة

ص: 254

يرد بأنها حق عليه يكفي في وجوبها عليه إقراره.

قال ابن رُشْد: وكذا كل من ناكر امرأته في طلاق بائن كالمملكة والمخيرة قبل البناء، ومن أعطت زوجها مالًا على أن يخيرها فتختار نفسها على القول أن له أن يناكرها؛ لأنها تبين بالواحدة.

وسمع ابن القاسم: من ملك امرأته فطلقت نفسها ثلاثا فقال لم أرد طلاقا، ثم يقول إنما أردت واحدة حلف ولزمته طلقة واحدة.

أَصْبَغ: هذا وهم من السامع لا تقبل نيته بعد قوله لم أرد شيئًا، والقضاء ما قضت والبتات.

ابن رُشْد: قول أَصبَغ فيما روى ابن القاسم "وهم" غير صحيح؛ بل الرواية في ذلك ثابتة وقع ذلك في رسم الطلاق في رسم الطلاق من سماع أشهب، ورسم الكبش من سماع يحيى، ومثله في رسم الكبش من سماع يحيى من الأيمان بالطلاق، والقول بهذا معروف جار على أصل اختلف فيه قول مالك، والقولان قائمان من كتاب اللعان منها وعتقها الأول، وقول أَصْبَغ على أحد قولي مالك، ولو أقام على قوله لم أرد طلاقا ويدعي شيئًا من أمرها غير الطلاق نظر إن بان كذبه ببساط كلامه لزم ما قضت، وإن بان صدقه بذلك حلف، ولم يلزمه طلاق، وإن فقد أو أمكن ما قال حلف على ما قال وكانت واحدة.

وفيها: إن شرط في نكاحها لها إن تزوج عليها فأمرها بيدها فتزوج فقضت بالثلاث فلا مناكرة له، زاد في الأيمان بالطلاق منها بنا بها أو لم يبن.

وسمع ابن القاسم في النكاح من تزوج امرأة بشرطه إن تزوج أو تسرر ما عاشت فكل من يتزوجها طالق البتة، ومن يتسرر حرة فطلقها البتة ثم تزوجها بعد زوج، ثم أراد أن يتزوج أو يتسرر فقامت عليه بشرطها لقوله فيه ما عاشت، فقال إنما أردت به ما دامت تحتي فله نيته.

ابن رُشْد: قوله هذا على أن اليمين على نيَّة الحالف وتنويته مع أن ذلك شرط في عقد النكاح خلاف أصله فيها فيمن شرط لامرأته أن أمرها بيدها إن تزوج عليها أنه ليس له أن يناكرها، وقوله:(ينوي) يريد مع يمينه، لما في سماعه من الأيمان بالطلاق أنه

ص: 255

يحلف في هذه المسألة إذا طاع بذلك فأحرى في الشرط وتنويته إياه مع أنه إنما تزوج عليها، وهي في عصمته بعد أن طلقها ثلاثا وتزوجها بعد زوج على أصله فيها في أن من شرط لامرأته طلاق الداخلة عليها تنحل عنه بخروج زوجته من عصمته بالثلاث، خلاف نقل ابن حبيب رواية مُطَرِّف، وقول ابن الماجِشُون وابن أبي حازم وغيره من كبار أصحاب مالك أنها لا تنحل عنه؛ لأن الشرط في اليمين في الداخلة وليس فيها، ولو حلف بهذه اليمين تطوعا دون استحلاف، ولا شرط كانت له نيته على ما في الأيمان بالطلاق منها، ولا يكون له على القول أن اليمين على نيَّة المحلوف له، وإن لم يكن مستحلفا ففي تنويته، ثالثها: في الطوع سمعه عيسى من تزوج امرأة على إن تزوج عليها فأمرها بيدها أو هي طالق أو أمر التي يتزوج عليها بيدها أو هي طالق، وقال لم أرد بالطلاق والتمليك إلا واحدة لم يقبل قوله في التي تحته والطلاق فيه البتة إن تزوج عليها، وقوله في طلاق الثانية مقبول؛ لأن التي تحته لا تبين منه إلا بالبتة إن قبل قوله لم تنتفع بشرطها والأخرى الداخلة تبينها.

ابن رُشْد: تعليله هذا يدل على أنه إن تزوج عليها قبل البناء فله أن يناكرها فيما زاد على الواحدة؛ لأن الواحدة تبينها، وكذا إن كان التمليك في الداخلة فلم يعلم حتى بنى بها فلها أن تقضي بالثلاث، ولا مناكرة له، وقول ابن عبد السلام قال في سماع عيسى: إن كان لم يبن بها طلقت نفسها واحدة ليس لها أكثر من ذلك؛ لأنها تبين بها يقتضي أنه نص لا مفهوم صفة، وتعليل ولم أجده في العتبيَّة نصًا.

قُلتُ: ففي كون التمليك بشرط في عقد النكاح كغيره أو لا مناكرة فيه، ثالثها: إن قضت قبل البناء بها لتخريج ابن رُشْد من سماع ابن القاسم أن الشرط في النكاح على نيَّة الزوج والمشهور، ودليل سماع عيسى ابن القاسم.

اللخمي: إن طلقت المشترطة أمرها بيدها في عقد نكاحها نفسها بشرطها طلقة واحدة بعد البناء ففي كونها رجعية أو بائنة معروف المذهب، ونقل الشيخ عن سَحنون.

اللخمي: بناء على وقف البينونة بغير الثلاث على العوض وعدمه؛ لأن شرطها طلاقها إنما هو؛ لأن تملك نفسها، وأرى حمل اختيارها قبل البناء على واحدة، وقول ابن

ص: 256

القاسم إن طلقت بعد البنا واحدة جاز، وكانت رجعية على خلاف معروف المذهب في التمليك بالثلاث أنها إن قضت بواحدة سقط ما بيدها.

ولو شرطت غن تزوج عليها فأمر الثانية بيدها فالقضاء بواحدة؛ لأنه لها قبل البناء لوقفه على إسقاط ما بيدها إن بنى قبل إعلامها كان متعديا.

قال ابن القاسم في الموازيَّة: ولها أن تطلق بالثلاث وليس ذلك ببناء؛ يريد: أنه فاسد. قال: وإن طلقت واحدة فله الرجعة، وقال في العتبيَّة لا رجعة لمن بنى بزوجته حائضًا إن طلقها فعليه لا يكون لها القضاء إلا بواحدة والأول أبين، ولو قال إن تزوجت عليك فأنت طالق أو التي أتزوج إن جعل الطلاق في الثانية بانت بواحدة؛ لأنه قبل البناء، وإن جعله في الأولى ففي كونه البتة أو واحدة رجعية، ثالثها: بائنة لابن القاسم مع ابن وَهْب وأشهب قائلا: لأن شرطها الطلاق وهو واحدة، وتخريج اللخمي على قول سَحنون.

وزيادتها على الواحدة: بعد استقلال جوابها بها لغو في التمليك المطلق وقبله.

فيها: إن ملكها قبل البناء ولا نيَّة له فطلقت نفسها واحدة ثم واحدة ثم واحدة إن نسقتهن لزمته الثلاث إلا أن تنوي واحدة كطلاقه إياها، وتمليكه بلفظ التكرار يثبته لها في القضاء إن بقي المحل أو تجدد ما لم تسقطه أو توقف.

فيها: إن قال أنت طالق كلما شئت فلها القضاء مرة بعد مرة لا يزول ما بيدها إلا أن ترده أو توطأ طوعا أو توقف فلا قضاء لها بعد ذلك، وإن قال أمرك بيدك أمرك بيدك أمرك بيدك فله مناكرتها، ولو نوى بذلك الثلاث وقضت بواحدة فله الرجعة.

وسمع ابن القاسم: من قال لامرأته: أمرك بيدك، فقالت، قد قبلت، ثم قال: أمرك بيدك، فقالت: قد قبلت، ثم قال: أمرك بيدك، فقالت: قد قبلت، سئلت إن أرادت الطلاق فهي ثلاث.

ابن رُشْد: إن قال لم أنو شيئًا فواضح، وإن قال لم أرد إلا وحدة فروى محمد ثلاث، واختار قبول قوله ويحلف وقاله له عبد الملك.

محمد: ولو أجابت فقالت قد طلقت فكرر وكررت كذلك لكان ماضيا أي بالثلاث، وهذا بناء على مذهبه في قول المملكة طلقت نفسي أنها واحدة ولا تسأل،

ص: 257

وعلى قول ابن القاسم أنها تسأل لاحتمال أن تريد الثلاث، فيحتمل أن ينوي الزوج في أنه أراد التكرار لتبين ما أرادت فتكون واحدة على هذا التأويل، وروى محمد من ملك امرأته فقالت كم ملكتني فقال ملكتك مرة ومرة ومرة ففارقته ليس بثلاث إذا حلف أنه ما ملكها إلا واحدة.

التونسي: فيه إشكال؛ لأنه أبان بقوله مرة ومرة ومرة أنه ملكها ثلاثا مرار فيجب لكل تمليك طلقة فتكون ثلاثا إلا ان يكون قصد إلى حكاية الألفاظ أنها ثلاث مرات أراد بها تمليكا واحدًا فينوى، وجوابها بالكناية مدلوله كالزوج.

فيها: من ملك امرأته فقالت قد خليت سبيلك فهي ما نوت، فإن لم تنو في ثلاث لقول ملك ذلك في الرجل يقوله لامرأته وجوابها بمحتمل الطلاق وعدمه.

قال ابن رُشْد: كقولها: قد قبلت وقبلت أمري أو اخترت أو شئت أو رضيت تسأل عما أرادت، ويقبل ويجري على حكمه، وجوابها بما يحتمل الثلاث وما دونها.

ابن رُشْد: ألفاظه ثلاث الأول طلقت نفسي في كونها تسأل، ولو بعد المجلس في التمليك والتخيير، فإن لم تنو عددا فثلاث، وسؤالها كذلك إن لم تنوه فواحدة، ثالثها: لا تسأل وهي واحدة إلا أن تقول في المجلس نويت ثلاثا، ورابعها: لا تسأل وهي ثلاث إلى أن تقول نويت واحدة، وخامسها: الثالث في التمليك وفي التخيير تسأل إن قالت ثلاثا صدقت، وإن قالت أقل أو لم أنو شيئًا أو افترقا قبل سؤالها سقط خيارها لابن القاسم فيها، وغيره ولابن القاسم في الواضحة وأَصْبَغ وغيره وللثلاث في التمليك والواحدة في التخيير حكماهما في مناكرة الزوج وسقوط حقها في التخيير.

الثاني: قولها أنا طالق لا تسأل فيهما، وهي واحدة فيهما إلا أن تقول في المجلس نويت ثلاثا فيسقط التحريم بالواحدة ويناكر الزوج في الثلاث في التمليك لا أحفظ فيه نص خلاف، الثالث: قولها اخترت الطلاق، مقتضى الأصول تسأل فيهما لاحتمال الألف واللام الجنس فتكون ثلاثا والعهد للطلاق السياء تكون طلقة، فإن لم تنو شيئًا كانت ثلاثا على قول أَصْبَغ في الواضحة وقول ابن القاسم في المدَوَّنة، وقولها طلقت نفسي ولا نيَّة لها أنها ثلاث ووحدة على قول ابن القاسم في الواضحة في طلقت نفسي واحدة، ويحتمل كون الألف واللام للعهد في الطلاق الذي ملكت إياه فتكون ثلاثا.

ص: 258

قُلتُ: قوله: (ويحتمل

إلخ) إن أراد به تقرير قولها ولا تسأل فواضح معنى بعيد في اللفظ، وإن أراد به تقرير لزوم الثلاث فبعيد إذ لا تحقيق دلالة المحتمل. قال: وكان ابن زَرْب يتوقف عن جواب هذه المسألة إذ لم يجد لها في المدَوَّنة والعتبيَّة شفاء إلى إن وجد في زعمه ما دله على أنها واحدة إلا أن يريد الثلاث، وهو اختلاف ابن القاسم وابن وَهْب فيمن حلف غريمه بالطلاق ليقضينه حقه لأجل، فقال صاحب الحق: أردت ثلاثا، وقال الغريم أردت واحدة. قال: فلو لم تقع اللفظة إلا على الثلاث عند ابن القاسم لما قال القول قول صاحب الحق ولقال هي ثلاث.

قال صاحب الحق: إنه نواها أو لم ينوها ولو لم يقع إلا على الثلاث عند ابن وَهب لما قال القول قول الغريم، ولا دليل له في ذلك؛ لأن اللفظة قد يراد بها الواحدة، وقد يراد بها الثلاث على ما بيناه، فجعلها ابن القاسم ثلاثا على نيَّة المحلوف له، وجعلها ابن وَهْب على نيَّة الحالف، ولا إشكال مع وجود النيَّة بواحدة أو ثلاث إنما الإشكال عند عدمها والصحيح على قول ابن القاسم في المدَوّضنة ما ذكرته، واستدل بقوله تعالى:(الطَّلاقُ مَرَّتَانِ)[البقرة: 229] ولا دليل له فيها، واستدلاله بحديث زبراء. قالت: هو الطلاق ثم الطلاق ثم الطلاق ففارقته ثلاثا له وجه. قال: فإن قيل لم لا تكون في التخيير ثلاثا بقولها اخترت الطلاق ولا نيَّة لها إذ لا خيار لها إلا في الثلاث.

قيل: يلزم في قولها في التخيير طلقت نفسي، ولا نيَّة لها أنها ثلاث إذ لا خيار لها في الثلاث وهو محال.

قال ابن رُشْد: ليس هو بمحال.

أَصْبَغ: يرى أنها ثلاث في التمليك فكيف بالخيار، وقاله ابن القاسم في المدَوَّنة.

وسمع ابن القاسم جواب مالك عن رجل بدوي قال: لامرأته أمرك بيدك، فقالت: التمسوا لي شقتي فأخذتها من البيت، ثم ذهبت لأهلها وارتحل عنها إلى سفر ولم يقل شيئًا وأرادت بنقلتها الطلاق ولم تقل شيئًا، ما أرى هذا إلا فراقا.

ابن رُشْد: إن لم تجب المملكة بشيء، وفعلت ما يشبه الجواب مثل أن تنتقلأو تنقل متاعها أو تخمر رأسها سئلت إن قالت لم أرد طلاقا صدقت. قاله ابن القاسم في المجموعة، واختلف إن أرادت الفراق ولا نيَّة لها، ففي العشرة ليحيى عن ابن القاسم

ص: 259

أنها ثلاث، وهو ظاهر قول مالك في هذه الرواية: لا أرى ذلك إلا فراقا؛ لأن الفراق في المدخول بها ثلاث، وقال محمد هي واحدة، فلو سكت ولم ينكر فعلها حتى افتراقا من المجلس، فقال محمد: تسأل إن قالت أردت ثلاثا فللزوج مناكرتها بنية يدعيها وقت التمليك ويحلف.

قال أَصْبَغ: يمينين يمينًا أنه لم يعلم أن ما فعلته يلزمه به البتة ولا رضي بذلك، ويمينا أنه نوى واحدة، وقال محمد: يجمع ذلك في يمين واحدة، وفي العشرة ليحيى عن ابن القاسم سكوته عن انتقالها دون سؤاله إياها في المجلس عن ما يريد بانتقالها يوجب بتاتها بكل حال ولا يناكرها إن أرادت الثلاث، ولا تصدق وإن قالت أردت واحدة، وقول ابن القاسم هذا على قياس قوله إن أردت بانتقالها الفراق دون نيَّة في عدد الطلاق أنها ثلاث، وقول محمد أنها تسأل أيضًا بعد الافتراق صحيح على قياس قوله إن أرادت بانتقالها الفراق ولا نيَّة لها في عدد الطلاق أنها واحدة، وقوله يحلف أنه لم يعلم أن ما فعلته يلزمه به البتة ولا رضي بذلك فليس بملتئم على أصله أنها تسأل، فإن لم تكن لها نيَّة فهي واحدة.

وفيها مع غيرها: وطئه إياها طوعا يزيل ما بيدها، وإن ملك أمرها أجنبيًا فخلى بينه وبينها، وأمكنه منها زال ما بيده.

قُلتُ: فمجرد التمكين دون وطء كالوطء.

وفيها: إن أشهد أنه خيرها ثم وطئها قبل أن تعلم فلها الخيار إذا علمت ويعاقب الزوج، كما لو شرط إن تزوج عليها أو تسرر فأمرها بيدها ففعل ذلك، وهي لا تعلم لم يطأها حتى يعلمها، فإن وطئها قبل علمها فلها الخيار.

ابن رُشْد: إن قيدت قضاءها بمحتمل غير غالب كاخترت نفسي إن دخلت على ضرتي، أو إن قدم فلان ففي بقاء أمرها تقضي أو ترد، وسقوطه قولا ابن القاسم فيها وسَحنون.

كإن حاضت فلانة تكون طالقا على قول ابن القاسم، وعلى قول أشهب تقضي أو ترد.

**** أنه لابد لا يكون في المدة التي يمكن أن تبلغها كاخترت نفسي إذا هل

ص: 260

الهلال، وبما يعلم أنه لا يكون كاخترت نفسي إن مسست السماء إسقاط لما بيدها.

قُلتُ: الجاري على قول سَحنون في أنت طالق إن شاء هذا الحجر لزوم قضائها. قال: وجوابها بما ليس من معنى الطلاق كقولها أنا أشرب الماء وأنا أضرب عبدي يسقط ما بيدها ولا تصدق في إرادتها به طلاقا، ولو فوضت الأمر لغيرها كقولها شئت إن شاء فلان أو فوضت أمري إليه، فقيل: ذلك جائز إن كان حاضرًا أو قريب الغيبة، ففي سماع عيسى مثل ثلاثة أيام، وفي الواضحة لابن القاسم مثل اليوم وشبهه، وإن بعدت غيبته رجع أمرها إليها، وقال أَصْبَغ: لا ينتقل أمرها لغيرها ولو كان حاضرًا، وهو جار على رواية علي في كتاب الخيار منها.

قُلتُ: هي قول مالك فيها: من تزوج امرأة على إن نكح أو تسرر أو خرج بها من بلدها فأمرها بيد أمها فماتت الأم إن كانت أوصت بما كان لها من ذلك إلى أحد فذلك له.

ابن القاسم: فإن لم توصي فكأني رأيت مالكًا رأى ذلك للابنة، وقال ذلك لها، ولم أتثبته منه، وروى علي عن مالك أن ذلك لا يكون بيد أحد غير من جعله الزوج بيده؛ لأنه يقول لم أكن أرضى أن يكون إلا بيده لنظره وقلة عجلته.

قال ابن القاسم: وإن أوصت الأم إلى رجل، ولم يذكر ما كان لها في ابنتها لم يكن للوصي ولا للابنة من ذلك شيء.

عياض: اختلف هل قول ابن القاسم وفاق لما فهمه عن مالك وأنهما وجهان، وهو قول أكثرهم، وقيل: هو خلاف وبينهما في الوجهين.

وسمع عيسى ابن القاسم في النكاح: من زوج أمته على إن تزوج عليها أو تسرى فأمرها بيد مولاها، فهلك فأمرها بيد ورثته أو وصيه إن كان ورثته صغارًا لا بيدها.

ابن رُشْد: لأن الشرط في الأمة إن جعل بيد مولاها ورث بخلاف الحرة؛ لأن الأمة تملك، فإذا جعل بيد مولاها فمولاها كل من انتقل إليه الملك بميراث، وكذا كل مشيئة في ملك فهي تورث، ولو جعل الأمر بيد غير مولاها فهلك لم يكن بيد ورثته من ذلك شيء ورجع الأمر إليها؛ لأن الشرط إنما أخذ لها على رواية ابن القاسم في كتاب الخيار، وإن كان لم يتبين ذلك منه، ولو أوصى بذلك لأحد جازت وصيته بذلك. قاله مالك فيها، وبعد هذا في رسم استأذن قال: ولو قيدت القبول كقولها قبلت لأنظر في

ص: 261

أمري كان بيدها، وإن انقضى المجلس اتفاقًا حتى توقف.

وسمع ابن القاسم: من ملك امرأته فقالت قبلت لأنظر في أمرين فقال ليس ذلك لك، أو قال فانظري، أو قال انظري الآن وإلا فلا شيء لك.

قال مالك: ذلك بيدها حتى يوقفها السلطان.

ابن رُشْد: كان يمضي لنا في هذا عند من أدركنا من الشيوخ أنها مبينة لما في المدَوَّنة وأن ذلك لها على القول أنها ليس لها القضاء إلا في المجلس حتى يقفها السلطان، وأن المسألة تخرج من الخلاف إذا قالت ذلك بحضرة الزوج، ولم ينكر عليها، كقوله أمرك بيدك تنظرين لنفسك، وإن انقضى المجلس، ولو رد قولها لجرت على القولين، ولو قال: أمرك بيدك على أن تقضي في المجلس هذا أو تردى لم يكن لها قضاء بعدة اتفاقًا، فقوله بانقضئه بالمجلس؛ لأنه رأى مواجهتها بالتمليك يقتضي جوابها في المجلس كالمبايعة، لو قال: رجل لآخر بعتك سلعتي بعشرة إن شئت فلم يقل أخذتها بذلك حتى انقضى المجلس لم يكن له شيء اتفاقًا، وقوله بعدم انقضائه به؛ لأنه رأى التمليك خطيرًا يحتاج لنظر وروية بخلاف البيوع، وإذا وقفها الإمام بعد انقضاء المجلس فقالت أخرني أرى رأيي واستشير، فليس لها ذلك إنما ذلك في مجلسه على ما في سماع أشهب في الولي يوقف فيسأل أن يؤخر يرى رأيه، وما في سماعه من كتاب الشفعة في الشفيع يسأل أن يؤخر ليرى رأيه.

وقال بعض المتأخرين: يؤخر لذلك ثلاثة أيام على رواية ابن عبد الحَكم في الشفيع، ولحديث المصراة أنه بالخيار ثلاثا ليرى رأيه في الأخذ والرد، وقوله صلى الله عليه وسلم لعائشة لما خيرها:"وما عليك ألا تعجلي حتى تستأمري أبويك" يحتمل كونه إعلاما

ص: 262

بما هو من حقها أو بما طاع به لها.

قُلتُ: بعض المتأخرين هو اللخمي، وتخريجه على الشفعة رده ابن عبد السلام بأن المشتري غير مخاطب للشفيع والزوج مخاطب للمرأة، والخطاب يقتضي الجواب الحالي أحسن، ويرد بأن العصمة لا تقبل التأخير في احتمال حلها لملزومية الخيار وشبه نكاح المتعة.

قُلتُ: اختيار ابن القاسم قوله الأول انقضاءه بانقضاء المجلس وعليه جماعة الناس، الشيخ لأشهب في المجموعة: إنما قال مالك: لها ذلك بعد المجلس مرة ثم رجع إلى أن مات.

الباجي: وروى يحيى بن يحيى القول الأول في الموطأ وهو آخر من روى عنه، وهذا يدل أن مالكًا كان يترجح فيه، وأخذ أبو علي بن خيران بقوله الثاني.

أبو عمر: المشهور المعمول به الأول.

الباجي: وهذا إن لم تجب بشاء، ولو قالت: أمري فذلك بيدها حتى توقف أو تمكن من نفسها في قولي مالك معًا.

قُلتُ: للشيخ عن الموازيَّة: إنما لها القضاء بالمجلس في قول مالك القديم إلا أن تقول قبل الافتراق قبلت أو رضيت أو اخترت ونحوه مما يعلم أنها لم تدع ما بيدها، ولا يدري أهو فراق أو ترك لما بيدها، فلا يزيل ما بيدها إلا إيقاف السلطان أو تمكنه من نفسها، ولو قال لها الزوج: لا أفارقك حتى يتبين فراقك أو ردك لم يكن له ذلك إلا بتوقيف السلطان، وكذا سمع ابن القاسم، وفي المجموعة للمغيرة: إن قالت قبلت أستشير أبي أو ذا الرأي من أهلي وانتهت إلى الحاكم ألزمها أن تقضي مجلسها أو تدع إلا أن يرى لذلك وجها فيمن لم تبعد غيبته.

قُلتُ: ظاهر كلام الباجي وما في الموازيَّة أن تغييرها كلامها بالتأخير يوجب بقاء حقها بعد المجلس على القولين معًا، ولو طلبها الزوج بالتعجيل خلاف ما تقدم لابن رُشْد أنه إن طلبها بالتعجيل دخلها القولان.

الباجي: هذا إن خاطبها بالطلاق ولو أرسل به إليها فلم تجب وانصرف عنها الرسول، فروى محمد: ذلك بيدها إلا أن يطول الزمان، ويظهر منها ما تفعله الراضية.

ص: 263

الباجي: والصواب أن يدخله القولان.

اللخمي: اختلف إن خيرها، وهي غائبة فقيل ذلك بيدها بعد المجلس إذ ليس ثم من تجاوبه ولا يطلبها بجواب، وهو أحسن، كمن قال: إن تزوجت فلانة فأمرها بيدها فلم تقض بحضرة العقد، أو إن غبت عنك سنة فأمرك بيدك فيغيب عنها سنة.

قُلتُ: كذا وجدته في غير نسخة منها عتيقة بذكر اختلف، ثم ذكره قولاً واحدًا فقط، والخلاف فيها منصوص تقدم في فائدة ذكره، ولها التلوم في فصل الشروط.

وفيها: إن قال اختباري اليوم كله فمضى اليوم، ولم تختر فلا خيار لها القول مالك إن خيرها فلم تختر حتى افترقا من مجلسهما فلا خيار لها، كذا إن مضى الوقت الذي جعل الخيار إليه، وأما قوله الآخر فلها الخيار، وإن مضى ذلك الوقت.

عياض: قوله: (ليس لها أن تختار بعد مضيه) ذهب كبار الشيوخ أن هذا على قوليه معًا، وقيل: تتخرج على القولين.

قُلتُ: اقتصار عياض على ما نقل، وعدم ذكره استدلال ابن القاسم إلى آخره محل بالعلم بدلالة قول ابن القاسم على تخريج المسألة على قولي مالك، ولذا قال إسماعيل القاضي: قياسها ابن القاسم على من ملك امرأته تمليكا مطلقًا لا يشبه؛ لأن من قيده بوقت لم يجعل لها بعده شيئًا، ولعبد الحق عن الشيخين أبي محمد وأبي الحسن لا خيار لها بعد اليوم على قولي مالك معًا. قال: وقول ابن القاسم في المدَوَّنة بين أن اختلاف قولي مالك جار فيها، وقال أبو بكر بن عبد الرحمن على القول: أن لها القضاء بعد المجلس لا مناكرة للزوج بعد مجلس قضائها اتفاقًا.

**** فيها: أن يعقد معها قدر ما يرى الناس أنها تختار في مثله، إن وثب حين ملكها؛ يريد: قطع ذلك عنها لم ينفعه، وفيما ينقضي به اختلاف ففيها إذا قامت من مجلسها فلا شيء لها بعد ذلك، وفي موضع آخر أما ما كان من طول المجلس، وذهاب عامة النهار، وعلما أنهما تركا ذلك فلا قضاء لها.

عياض: كل هذا وفاق وعامة النهار إنما هو في لفظ السائل لا أنه شرط على ما نبه عليه بعض المختصرين، وقول أشهب لها ذلك ما أقاما في المجلس وفاق، ثم قال عن بعضهم بعد انقضاء المجلس بالافتراق بالأجسام أو بالخروج عن ما كانا فيه أو بطوله

ص: 264

وذهاب عامة النهار قولان، وهو ظاهر الواضحة.

قُلتُ: ذكر الباجي لفظ ذهاب عامة النهار على أنه من قول مالك في المدَوَّنة وساق قول أشهب مساق الخلاف، وهو ظاهر لفظ النوادر.

قال في الموازيَّة: إن طال المجلس عامة النهار أو خرجا إلى غير ذلك زال ما بيدها، وقال أشهب: ذلك بيدها ما أقاما في المجلس، واحتج بحديث عمر ما داما في المجلس.

قُلتُ: خروجها مما كانا فيه بذكرهما عوارض الإقامة من حال نفقة أو كسوة أو سكنى واضح في سقوط ما بيدها، وبغيره.

قال الشيخ لابن سَحنون: عنه لو خيرها وهي في فريضة صلاة فأتمتها فهي على حظها، وكذلك كانت في نافلة أتمتها أربع ركعات، وإن زادت حتى تبلغ ما يرى أنها به تاركته قد تستشير رأيها في أكثر من عشر ركعات، ولو خيرها فدعت بطعام فأكلته أو امتشطت أو اختضبت في مجلسها فهي على حقها.

الباجي عن سَحنون: إن امتشطت أو سكتت أو عملت عملا لم يقطع خيارها، وفيه نظر؛ لأن ترك ما كانا فيه قد يكون بالأعمال والنوم وطول المجلس، وعلى رواية بقائه بعد المجلس يوقفها الحاكم، وإن لم يطلبه الزوج لقولها في أنت طالق إن شئت ذلك لها، وإن افترقا ما لم توطأ، وأرى أن توقف فتقضي أو ترد، ومثله قول أبي عمر على أن لها القضاء بعد المجلس فله رفعها إلى الحاكم لتوقع أو تسقط إن أبت أسقط الحاكم تمليكها، ولما ذكر اللخمي قولي مالك في انقضائه بالمجلس قال: ويختلف على هذا في وقف الزوج لها على الأول يوقفها الآن وعلى الآخر لا يوقفها، ولها أن تفارق وترى رأيها، وفي النوادر لأَصْبَغ: إن رضيت بالخلوة وإرخاء الستر أو إغلاق باب فزعم أنه وطئها زال ما بيدها.

قُلتُ: ظاهره دون يمين، وفي إيلائها إن خلا بزوجته بعد رجعته إياها من طلاقها بالإيلاء في عدتها، وقال بعدها وطئتها فيها وأكذبته صدق مع يمينه.

عبد الحق: ابن حبيب: إن قالت عجل علي ولم نجلس ما أختار في مثله أو قالت وطئني كرها فالقول قوله فيهما.

اللخمي: إن اختلفا في الطوع والإكراه في القبلة صدقت بخلاف الوطء.

ص: 265

وسمع عيسى قول ابن القاسم وروايته، من ملك امرأته وقال بعد افتراقهما أسقطت ما جعلت لها، وقالت: بل اخترت نفسي صدقت، وكذا من ملك عبده العتق.

ابن رُشْد: هذا قولها في إرخاء الستور منها، وقال أشهب: القول قول الزوج، وهذا الخلاف مبني على أصل اختلف فيه قول ابن القاسم، وهو تصديق المأمور بإخلاء ذمته في دعواه إخلائها أو تعمير ذمة المأمور، وقال أشهب لا يصدق في ذلك، وقتال ابن القاسم في السلم الثاني منها لا يصدق، وقال في الوكالات منها في مسألة اللؤلؤ يصدق، وإنما تصدق المرأة والعبد مع أيمانهما إن نكلا حلف الزوج والسيد وبقيت الزوجة في العصمة والعبد في الرق خلاف قول أَصْبَغ لا أيمان عليهما، وقوله: لأن نكولهما وحلفهما سواء معناه نكولهما كأيمانهما إذ لا ترجع عنده اليمين عليهما بنكولهما، وعلى انقضائه بالمجلس لو قال أمرك بيدك إن شئت، أو أنت طالق إن شئت في كونه يفوت بانقضاء المجلس، وكونه تفويضًا لا ينقطع به، ثالثها: في أمرك بيدك، ورابعها: عكسهن لابن محرز عن قولي ابن القاسم ومالك وعياض عن أبي التجا عن ابن القاسم.

وفي كون إذا كان واختصاصها بالتفويض نقل عياض وروايتي الشيوخ، وبالثانية قال أَصْبَغ: وفي الأيمان بالطلاق منها أنت طالق إن شئت أو إذا شئت فذلك لها، وإن افترقا حتى يوقف أو يتلذذ منها طائعة وكانت "إذا" عند مالك أشد من "إن" ثم سوى بينهما.

[باب

]

جعل الزوج إنشاء الطلاق ثلاثا حكما أو نصا عليها حقا لغيره.

ص: 266