المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌[كتاب اللعان] *******حلف الزوج على زنا زوجته أو نفي حملها اللازم - المختصر الفقهي لابن عرفة - جـ ٤

[ابن عرفة]

فهرس الكتاب

- ‌ باب فيما يثبت الوطء به [

- ‌ الأنكحة الفاسدة [

- ‌ باب في رعي الخلاف [

- ‌[باب في المتعة]

- ‌[باب الوليمة]

- ‌[كتاب الطلاق]

- ‌[باب طلاق الخلع]

- ‌[باب المطلق بالخلع]

- ‌[باب باطل الخلع]

- ‌[باب صيغة الخلع]

- ‌[باب في طلاق السنة]

- ‌[باب في شرط الطلاق]

- ‌[باب الأهل]

- ‌[باب لفظ الطلاق الصريح]

- ‌[باب الكناية الظاهرة]

- ‌[باب الكناية الخفية]

- ‌[باب شرط الاستثناء في الطلاق]

- ‌[باب فيما ينجز فيه الطلاق المعلق]

- ‌[باب المختلف في تنجيزه من الطلاق المعلق]

- ‌ باب التوكيل في الطلاق [

- ‌ باب الرسالة [

- ‌ باب التمليك [

- ‌[باب جواب المرأة في…التمليك]

- ‌[باب في صيغة التخيير]

- ‌[باب في الرجعة]

- ‌[كتاب الإيلاء]

- ‌[باب شرط المولي]

- ‌[كتاب الظهار]

- ‌[باب شرط المظاهر]

- ‌ باب صريح الظهار [

- ‌ باب الكناية الظاهرة في الظهار [

- ‌ باب الكناية الخفية في الظهار [

- ‌[باب العودة]

- ‌ باب كفارة الظهار [

- ‌[كتاب اللعان]

- ‌ باب شرط اللعان [

- ‌[باب شرط وجوب اللعان على الزوجة]

- ‌ باب في التوأمين [

- ‌[باب دليل براءة الرحم]

- ‌ باب فيما تجب فيه العدة [

- ‌[باب فيما تسقط به العدة]

- ‌[باب فيما تثبت به عدة الوفاة]

- ‌[كتاب الاستبراء]

- ‌[باب في استبراء الحرة في غير اللعان]

- ‌[باب المواضعة]

- ‌[باب في الإحداد]

- ‌[باب المفقود]

- ‌[كتاب الرضاع]

- ‌[باب ما يثبت به التحريم من الرضيع من موضعه]

- ‌[باب في النسبة الملغاة في الرضاع]

- ‌[باب النسبة الموجبة التحريم في الرضاع]

- ‌[باب في الغيلة]

الفصل: ‌ ‌[كتاب اللعان] *******حلف الزوج على زنا زوجته أو نفي حملها اللازم

[كتاب اللعان]

*******حلف الزوج على زنا زوجته أو نفي حملها اللازم له وحلفها على تكذيبه إن أوجب نكولها حدها بحكم قاض، فتدخل صور اختلاف لفظ اليمين لصحة تعلق الحكم بها وحلف من أبان زوجته.

ص: 360

وسماع ابن القاسم من قدم بعد موت زوجته فنفى ما ولدته لاعن، وقول ابن الحاجب يمين الزوج على زوجه بزنا أو نفي نسب ويمين الزوجة على تكذيبه يبطل طرده بحلفهما مرة، وأبطل عكسه بعان من لا يجب على زوجته فنفي ما ولدته لعان، وبلعان من أبان زوجته؛ لأن كونه زوجًا مجاز.

وجواب ابن عبد السلام بأنه حقيقة؛ لأنه في متعلق الحكم لا محكوم به يوجب بطلان طرده بحلف من ابتاع زوجته، فوطئها ونفى ما وضعته لستة أشهر من وطئها بيمين وحلفت على تكذيبه.

قلت: ويبطل طرده بلعان من نكلت زوجته عن تمام حلفها وعكسه بلعان من نفى ما ولدته امرأته في غيبته وقدم بعد موتها ولا نص في حكمه.

ابن عات: لاعن ابن الهندي، فعوتب فقال: أردت إحياء سنة، والحق إن كان لنفي نسب وجب، وإلا فالأولى تركه بترك سببه، فإن وقع صدقا وجب لوجوب دفع معرة القذف وحده ثم وجدت نحوه في سراج ابن العربي.

***********************

************* قالوا: وكذا إسلامه وفسقه لغو.

ص: 362

اللخمي: لو أسلمت تحت كافر أو تزوج مسلمة على القول أنه غير زنا فقذفها لاعن ولا تحد إن نكلت؛ لأنها أيمان كافر.

الصقلي عن أبي عمران: لو رضي الكافران بحكمنا فنكلت رجمت على قول عيسى لا على قول البغداديين: لفساد أنكحتهم.

وفيها: العبد كالحر وفي نكاحها الأول، وإن قذفها في النكاح الذي لا يقر على حال لاعن لثبوت النسب فيه.

المتيطي: أجاب أبو عمران الباجي بثبوته فيما دراء فيه الحد لشبهة النكاح، وإن لم تثبت الزوجية.

موجبه: فيها: يجب بأحد وجهين مجتمع عليهما أن يدعي رؤية زناها كالمرود في المكحلة، ثم لم يطأها بعد ذلك أو ينفي حملا قبله استبراء، ولو قذفها بالزنا دون رؤية ولا نفي حمل، أو بنفي حمل دون استبراء فأكثر الرواة يحد ولا يلاعن.

ابن نافع: يلاعن ولا يحد، وقالهما ابن القاسم، وصوب اللخمي الأولى.

الباجي: هي المشهور، وفي لغو تعريضه ولعانه به قولا المعروف، ونقل الباجي مع عياض عن قذفها، وعلى المعروف في حدها به كأجنبي أو تأديبه.

نقل محمد: وقول أشهب مع ابن القاسم.

الشيخ عن محمد عن ابن عبد الحكم: لو صرح بعد تعريضه لاعن.

وفيها: من قال: وجدت مع امرأتي رجلا في لحافها، أو تجردت لرجل أو اضطجعت معه متجردين لم أسمع فيه شيئًا ولا لعان فيه، وإن لم تقم بقوله بينة أدب.

محمد: لو قاله لأجنبية حد، وكون قول ابن القصار: قذفها بوطء الدبر كالقبل مقتضى المذهب واضح.

ابن رشد: إن نفي حملًا لم يقر به وادعى استبراءً أو ادعى رؤية لا مسيس بعدها في غير ظاهرة الحمل، أو قال: ما وطئتها قط أو منذ وضعت أو منذ مدة كذا لما لا تلحق لمثله الأنساب لاعن اتفاقًا في الثلاثة.

والمختلف فيه أن يقذفها: ولا يدعي رؤية، وأن ينفي حملًا ولا يدعي استبراء وأن يدعي رؤية لا مسيس بعدها في بينة الحمل.

ص: 363

حكى الجلاب فيها ثلاث روايات: إيجاب الحد وإيجاب اللعان، وثبوت النسب وإيجاب اللعان، وسقوط النسب.

قلت: يأتي للخمي في قصر اللعان على ممكنة الحمل أحد قولي مالك، وثانيهما مع ابن القاسم.

الباجي: لو قال لها: رأيتك تزنين قبل أن أتزوجك حد اتفاقًا.

**************************************

والشيخ عن ابن القاسم مع ابن رشد عن ابن نافع فقط.

وفي سماع القرينين يلاعن الأعمى، يقول: سمعت الحس.

ابن رشد: هذا كقولها؛ لأن العلم يقع له من غير طريق من حس وجس، وهذا على حد قاذف زوجته وعلى لعانه الأعمى كالبصير.

قلت: صوب اللخمي رواية ابن القصار لا يلاعن إلا أن يقول: لامست فرجًا في فرجها.

فيها: يلاعن الأخرس بما يفهم عنه من إشارة أو كتاب.

وسمع أصبغ ابن القاسم مثله في الزوجة صماء بكماء.

ابن رشد: لأن الإشارة تقوم مقام الكلام عند عدمه.

وفيها: يلاعن الأعمى في الحمل بدعوى الاستبراء، وفي القذف؛ لأنه من الأزواج فيحمل ما تحمل.

قال غيره: بعلم يدله على المسيس، وقول ابن الحاجب: وقيل: يعتمد على ظنه كالأعمى على المشهور يقتضي أن قول الغير خلاف قول ابن القاسم، وحمله غير واحد على الفوق، وهو ظاهر قول ابن القاسم؛ لأنه من الأزواج، ومقتضى قول ابن الحاجب: وجود القول باعتماد غير الأعمى على ظنه؛ لا أعرفه.

وفي بعض نسخ ابن الحاجب: ويعتمد على اجتماع الاستبراء والرؤية على المشهور، وأنكر غير واحد وجود الشاذ لصحة نقل الاتفاق كما مر.

************************************

وسمع أصبغ ابن القاسم مثله في الزوجة صماء بكماء.

ص: 364

ابن رشد: لأن الإشارة تقوم مقام الكلام عند عدمه، وينتفي ما ولدته للعان الرؤية مع الاستبراء.

ابن رشد: إجماعًا.

وفي انتفائه بلعان الرؤية فقط طريقان:

ابن رشد: ثالثها: إن ولدته لستة أشهر منها لأولى روايتيها وأشهب مع عبد الملك وثانيتهما هذا على تفسير قولها ألزمه مرة ونفاه مرة ومرة نفاه، وإن كانت حاملًا بجعل نفاه مرة ومرة نفاه، وإن كانت حاملًا قولًا واحدًا ففي كل طرف قولان، وفي مجموعهما ثلاثة فسرت بثلاثة على أن معنى قوله نفاه، وإن كانت حاملًا؛ أي: بلعان آخر ففي طرف ثلاثة وفي آخر قولان.

عياض: خمسة نفيه، ولحوقه إلا أن ينفيه بلعان آخر، ولحوقه ولا ينتفي به والأول إن ولد لستة وإلا فالثاني أو وإلا فالثالث لثاني روايتها وتأويل بعضهم أولاهما، وكتاب محمد مع تأويل بعضهم أولاهما وأصبغ مع عبد الملك وابن لبابة ففسرها بقولي الأول والرابع وغيره بهما وبالثاني، وعلى تأويل بعضهم قولها:(يلزمه) بقول محمد؛ أقوالها أربعة، الجلاب والبغداديون ورواية محمد علم الزوج بحملها وجهله سواء، وقصر ابن محرز الخلاف على جهله به، وأبعده ابن رشد.

وفي حمل قول المغيرة فيها فيمن قال: رأيت زوجتي تزني، وهو مقر بالحمل يلاعنها، فإن ولدت قبل ستة أشهر من ادعائه فالولد منه، وإن ولدته لستة أشهر فصاعدا فالولد للعان واعترافه ليس بشيء، فإن اعترف به بعد ذلك حد ولحق به على الأول أو الثاني أو على علمه به بعد الوضع لا يوم اللعان ثلاثة لعياض عن ابن رشد وابن محرز والصقلي، وعلى لحوقه لو قال: كنت استبرأتها ففي انتفائه بالأول أو بلعان ثان قولا أشهب مع ابن القاسم وأصبغ مع عبد الملك، وعلى الأول لو ادعاه وأكذب نفسه ففي الاستبراء ألحق به، وفي حده قولا ابن القاسم ومحمد.

اللخمي: لو لاعن للرؤية ونفي الحمل ثم استلحقه فالقولان، ويختلف لو أكذب نفسه في الرؤية دون نفي الحمل بالاستبراء هل يلحق به ويحد أو لا لحوق ولا حد؟

وفيها: من شهد على زوجته بالزنا مع ثلاثة لاعن وحد الثلاثة.

ص: 365

الصقلي عن ابن أبي زمنين: يبدأ الزوج باللعان، فإن التعنت حد الثلاثة، وإلا حدت دونهم، وقاله ابن الماجشون.

وروى محمد: لو رجمت ثم علم بذلك لم يحد الثلاثة، ولاعن الزوج وإن نكل حد، وله في كتاب الرجم إن نكل حد الأربعة، ولا دية على الإمام للقول بقبول شهادته.

وفي عدم إرثها الزوج مطلقًا أو إن علم تعمده الزور أو أقر بذلك قولا أصبغ ومالك.

******************************************* خمس سنين، ورابعها: الأول في الأمة والثاني في الحرة للباجي عن المشهور ورواية عبد الملك وابن زرقون عن المغيرة وابن حارث عن ابن حبيب عن ابن الماجشون وعزا الأول لأصبغ فقط، وعزا اللخمي الأولين للمغيرة أيضًا.

وفيها: إن اتفق الزوجان على نفي الولد انتفى بغير لعان وحدت الزوجة، ولو كان لها معه سنون، وقاله مالك والليث.

وقال أكثر الرواة: ورووا لا ينتفي إلا بلعان.

الصقلي: يلتعن الزوج دونها؛ لأنها مقرة بالزنا.

ابن حارث: بقول أكثر الرواة.

قال ابن القاسم في الرجم من المدونة.

اللخمي: به قال المغيرة وابن دينار وابن الماجشون وابن عبد الحكم، وبالأول قال أشهب وابن القاسم.

قال في الموازية: وكذا إن اعترفت بالزنا، وقالت هو من الزوج له نفيه بغير لعان وهذا إن أقامت على قولها حتى حدت، فإن رجعت لم ينتف إلا بلعان.

وعزاه الصقلي وابن محرز لابن القاسم وقالا عنه: إن رجعت قبل حدها: ولم يلتعن الزوج لم يحد؛ لأنها مقرة.

زاد ابن محرز عن ابن الكاتب: لا يقبل رجوعها بعد إقرارها لتعلق حق الزوج بإقرارها في نفي الولد عنه، كمن أقر بسرقة لرجل، ثم رجع يسقط عنه القطع لا الغرم، ولمحمد عن ابن القاسم ولو طلقها قبل البناء واتفقا على عدم المسيس فظهر بها بعد

ص: 366

موته حمل قالت: هو منه ورثه دونها، ولا يكمل صداقها ولا تحد.

محمد: الصواب تكميله، وإن كان الطلاق رجعيًا، ومات في العدة ورثته.

ابن القاسم: لو ظهر في حياته فأقر به لحقه وكمل المهر وله الرجعة، وإن تمادى على إنكاره لم ينتف عنه إلا بلعان، إن لا عن لم يكمل عليه المهر، ولا رجعة له.

وفي الرجم منها: من شهد عليها بالزنا منذ أربعة أشهر، وزوجها غائب فظهر بها حمل فأخرت حتى وضعته فقالت: هو للزنا؛ لأنه بعد استبراء فللزوج نفيه بغير لعان، وإن قالت: هو منه أو لم تسأل حتى رجمت لم ينفه إلا بلعان.

اللخمي: هذا خلاف، وقوله في الموازية، لأن البينة والإقرار بالزنا سواء على قوله في الموازية له ذلك في البينة بالزنا، ولو قالت: هو منه، وعلى أحد قولي مالك في المعترفة بالزنا وأنه ليس منه لا ينفيه في البينة بالزنا مع اعترافها أنه ليس منه إلا بلعان.

قلت: ففي نفيه دون لعان في ثبوت زناها بإقرارها أو ببينة، ثالثها: إن وافقته على نفيه لتخريج اللخمي على قول ابن القاسم في الموازية وتخريجه على أحد قولي مالك مع أكثر الرواة ولها، ولو اتفقا على نفيه قبل البناء ففي انتفائه بغير لعان تخريج اللخمي على قول مالك وابن القاسم، ونقله عن ابن الماجشون؛ وصوب الأول.

ابن رشد: نفيه باتفاقهما يأتي على أن من ادعى رؤية لا مسيس بعدها في ظاهرة الحمل لا يلحقه الولد؛ وهو شذوذ.

قلت: يرد بأن نفيه في ظهور الحمل أبعد منه في اتفاقهما لوضوح مكذب نفيه، وهو ظهور الحمل، ونفيه في اتفاقهما.

وفيها: إن ولدت ولدًا ميتًا أو مات بعد الولادة، ولم يعلم به الزوج لغيبة أو غيرها فنفاه إذ علمه لاعن؛ لأنه قاذف، ومن قامت عليه بينة أنه أقر بولد لاعن منه، وهو منكر لحق به الولد وحد، ومن نفى ولدًا بلعان، ثم ادعاه بعد موته عن مال، فإن كان لولده ولد حد ولحق به، وإن لم يترك ولدًا حد، ولم يرثه.

قلت: ظاهره ولو كان الولد بنتا، وذكر بعض المغاغربة عن أحمد بن خالد أنه قال: إن كان بنتا لم يرث معها بخلاف إقرار المريض لصديق ملاطف إن ترك بنتا صح إقراره؛ لأنه ينقص قدر إرثها.

ص: 367

ابن حارث: اتفقوا فيمن لاعن ونفى الولد، ثم مات الولد عن مال وولد فأقر الملاعن به أنه يلحقه ويحد، وإن لم يترك ولدًا لم يلحقه، واختلف في الميراث فقول ابن القاسم فيها يدل على وجوب الميراث، وهو قوله إن لم يترك ولدًا لم يقبل قوله لتهمته في الإرث، وإن ترك ولدا قبل قوله؛ لأنه نسب يلحق.

وروى البرقي عن أشهب: أن الميراث قد ترك لمن ترك؛ ولا يجب له ميراث، وإن ترك ولدًا، وذكر أبو إبراهيم عن فضل إن كان المال يسيرًا قبل قوله.

قلت: ظاهرها مع غيرها أنه يحد باستلحاقه الولد مطلقًا، وللشيخ عن محمد: إن كان لاعن للرؤية فقط أولها ولنفي الولد لم يحد وإن كان لإنكار الولد وحده حد، ونقله الباجي ولم يتعقبه بشيء، وهو عندي خلاف ظاهرها، وما ذكره ابن حارث من الاتفاق على عدم استلحاقه إن كان الولد قد مات مثله لابن المواز وابن القاسم وأصبغ، وقال أبو إبراهيم وغيره من الفاسيين: إنما يتهم إن لم يكن له ولد في ميراثه فقط، وأما نسبه فثابت باعترافه.

وقال ابن الحاجب: لو استلحقه ميتا حد، وقيل: إن كان للميت ولد.

ابن عبد السلام: ظاهره مشكل؛ لأنه يقتضي إن لم يكن له ولد حد مستلحقه، وإن كان فقولان، وإنما مراده إن كان له ولد صح استلحاقه وورثه وحد، وإن لم يكن له ولد فقولان: أحدهما ما تقدم، والثاني لا لحقوق ولا إرث ويحد.

قلت: هذا يقتضي ثبوت القول بإرثه مطلقًا ولا أعرفه، والمشكل في كلام ابن الحاجب اقتضاؤه وجود القول بلغو الاستلحاق ونفي الحد إن لم يكن ولد؛ لأن ظاهر ما تقدم من أقوالهم ثبوت حده مطلقًا.

وفيها: من نفى ولدا بلعان، ثم زنت زوجته بعد ذلك، ثم أقر بالولد لحق به، ولم يحد وصارت زانية.

وسمع عيسى ابن القاسم من قدم من غيبته سنين فوجد امرأته ولدت أولادًا وأنكرهم، فقالت: هم منك كنت تأتيني سرًا لم يبرأ منهم ومن الحد إلا بلعان.

ابن رشد: هذا إن أمكن إتيانه إليها سرًا كمسألة المدونة في دعواها ذلك قبل البناء.

ص: 368

قلت: مثله في الجلاب هي معنى قول ابن الحاجب يكفي في الأولاد لعان واحد، وكذا في الزنا والولد.

ابن عبد السلام: انظر لو قذف زوجاته الأربع أو نفى أولادهن هل يلاعن لعانا واحدا لجميعهن كحده للأجنبيات في القذف حدًا واحدًا؟

قلت: في المقدمات اختلف فيمن قذف أربع نسوة له في كلمة واحدة؛ فقال أبو بكر الأبهري: لا أعرفها منصوصة، ومقتضى مذهبنا أن يلاعن لكل واحدة؛ لأن اللعان بمنزلة الشهادة، ولو أتى بالشهود لزم أن يقيم الشهادة على كل واحدة منهن منفردة، ويحتمل أن يجزئه لعان واحد كقذفه جماعة في كلمة واحدة وعلى الظهار إذا ظاهر منهن بكلمة واحدة تجزئه كفارة واحدة، ثم قالا: حكى الإصطخري عن إسماعيل القاضي أن جماعة ادعت على رجل دينًا فحلفه لهم يمينا واحدة فعليه يكتفي بلعان واحد لجميعهن.

قلت: في قوله لزم أن يقيم الشهادة على كل واحدة منهن منفردة نظر؛ لأن ظاهر المذهب أن البينة إذا قالت: تشهد برؤية زنا فلانة وفلانة وفلانة وفلانة ووصفت كما يجب فإن شهادتها تامة، وهذا هو معنى لعان واحد أن يقول الزوج أشهد بالله الذي لا إله إلا هو لقد رأيت فلانة وفلانة وفلانة وفلانة زنين ويصف كما يجب، وتتخرج المسألة على الخلاف في تعدد الصيعان في تعداد المصراة، ويأتي لابن القاسم فيمن قذف زوجتيه فقامت عليه إحداهما ما ظاهره أن لعانا واحدا يكفيه.

وفي لعانه لنفي حمل ظاهر وتأخيره لوضعه خوف انفشاشه معروف المذهب وقول ابن الماجشون، وضعفه محمد لقضائه صلى الله عليه وسلم بلعان عويمر وهي حامل، ورده اللخمي بأنه ادعى رؤية ولاعن خوف أن يكون حملًا فوجد اللعان لقذفها بالرؤية، وإنما الخلاف إن لم تكن رؤية أو كانت ولم تقم بقذفها، والتعجيل ليس بحق عليه فهو يؤخر رجاء أن لا يصح أو تسقطه أو تلده ميتًا فيستغنى عن ذكر ذلك؛ لأن الناس يستعظمونه، وإن كان عاميًا فعذره أبين؛ لأن نفيه عند العامي يوجب حده، ويجهل أن له أن يلاعن، وضعفه ابن العربي وابن شاس بترتيب الشارع عليه حكم النفقه والرد بالعيب وغيرهما.

ابن عات: عن الباجي لا يلاعن لنفي الحمل إلا بعد ثبوته بشهادة امرأتين، وعلى

ص: 369

المشهور فيها مع غيرها لو انفش بعد لعانه لم تحل له أبدا إذ لعلها أسقطته وكتمته.

الباجي: لو انفش لم تحل له أبدا. قاله محمد: لأن حكم اللعان قد ثبت فلا يزول بما بان من الكذب كما لو أقر بالحمل.

ابن عبد السلام: ظاهر تعليل المدونة أنه لو تحقق أنه انفش بحيث لا يشك فيه مثل أن تلازمها بينة ولا تفارقها إلى أقصى أمد الحمل لوجب أن ترد إليه؛ لأن الغيب قد صدقهما جميعا، وكذا نص عليه ابن عبد الحكم، وقال بعض الشيوخ: إنه ظاهر المدونة.

قلت: من أنصف علم أن فرضه ملازمة البينة للمرأة بحيث لا تفارقها أقصى أمد الحمل وأقله أربعة أعوام محال عادة، وتقدم في صلاة الخسوف أنه ليس من شأن الفقهاء التكلم في خوارق العادات، وما عزاه لابن عبد الحكم وبعض الشيوخ لا أعرفه، ومفهوم قولها لعلها أسقطته يرده منطوق قولها في كتاب الرجم إن شهد على امرأة بالزنا أربعة عدول، فقالت: أنا عذراء أو رتقاء ونظر إليها النساء فصدقنها لم ينظر إلى قولهن وأقيم عليها الحد؛ لأنه قد وجب، واختار اللخمي أنها لا تحد ولا يلزم منه رفع التحريم بانفشاش الحمل؛ لأن الحد يدرأ بالشبهة والتحريم لا يرتفع بها.

المتيطي: لا يحد الزوج بانفشاش الحمل.

قال في سماع أصبغ: لو رفع الحد لبطل اللعان وكانت امرأته وليس الأمر كذلك، فتأمل قوله في استدلاله وليس الأمر كذلك يقتضي الاتفاق عليه، وقال المتيطي: إثر قوله لعلها أسقطته.

قال ابن القاسم: ولأن مالكًا قال فيمن رد جارية بعيب الحمل، ثم انفش لا يرتفع الحكم بالرد.

************* في آخر استبرائها، من قال: كنت أطأ في الفرج وأعزل، فأتت بولد لما يجيء به النساء من يوم وطئها لزمه.

الشيخ عن الموازية: من أنكر حمل امرأته بالعزل لم ينفعه، وكذا كل وطء في موضع يمكن وصول المني منه للفرج، وكذا في الدبر قد يخرج منه للفرج ونحوه، مفهوم قول استبرائها إن قال البائع: كنت أفخذ ولا أنزل وولدها ليس مني لم يلزمه.

ص: 370

اللخمي: إن أصاب بين الفخذين وشبهه لزمه الولد ولا يلاعن ولا يحد، لأن نفيه لظنه أن لا يكون عن وطئه حمل.

الباجي: إثر ذكره ما في الموازية يبعد وجود الولد من الوطء في غير الفرج، ولو صح ما حدت امرأة بحملها ولا زوج لها، لجواز كونه من وطء في غير الفرج.

عياض: الشبه في نفي النسب وقطعه لغو، لحديث:(فإن جاءت به) في اللعان.

اللخمي: إن قال: لم أجدها عذراء فلا لعان ولا حد، لأن العذرة تذهب بالقفزة ومن غير شيء.

وفيها: من أنكر لون ولده لزمه ولم يلاعن، وذلك عرق نزعه.

اللخمي: نزوعه أن يكون بعض أجداده ولو بعد أسود، وانظر لو كان الأبوان أسودين قدما من الحبشة فولدته أبيض، هل ينفيه بذلك، لأنه لا يظن أنه كان في آبائه أبيض.

قلت: لا يلزم من نفي الظن نفي مطلق الاحتمال، وهو مدلول قوله صلى الله عليه وسلم:(لعله عرق نزع) وقو ابن عبد السلام إثر قول اللخمي: المعنى لا يمكن أن يقال هنا: لعله نزعه عرق واضح بطلانه ضرورة إمكانه.

الشيخ عن الموازية: من قال: وطئت أمتي وأنزلت، ولم أبل حتى وطئت امرأتي فكسلت لزمه ولدها ولا يلاعن، وفي قذفها من قال في ولد امرأته منه لم تلد به، وقالت: ولدته، فإن أقر به قبل ذلك لزمه، ولم يلاعن وليس بقاذف، وإن لم يقربه قط، ولم يعلم بحمله لزمه إلا أن ينفيه بلعان، فإن نكل عن اللعان لزمه ولم يحد، كمن قال لرجل: لست لأمك.

أبو عمران: قال: التقطته، وقال: ولدته صدقت إلا أن تقيم بينة أنها لم تلده

ص: 371

فلا يلحقه.

قلت: يريد بينة بالتقاطه، إذ الشهادة على النفي لغو، وفي البينة بالتقاطها إياه نظر لقول مالك فيها: إن ادعى اللقيط ملتقطه لم يلتحق به إلا أن يكون لدعواه وجه، كمن عرف أنه لا يعيش له ولد، فزعم أنه رماه لسماعه إذا طرح الجنين عاش، ونحوه مما يدل على صدقه، ونفي الزوج حمىً أو ولداً لا يمكن منه عادة مقبول واجب دون قوله.

ابن القصار: هذا قول الجميع فيما لا يمكن لقصوره غير سقط عن ستة أشهر من يوم عقد الزوج، وفيما لا يمكن لعد إمكان المسيس عادة عندنا كالشافعي وألحقه به أبو حنيفة.

قال: قال أبو حنيفة: لو عقد عليها بحضرة الحاكم، ثم طلقها بحضرته عقب العقد فأتت بولد لستة أشهر من وقت العقد لحق به.

ولو تزوج بالمشرق امرأة بالمغرب فأتت بولد لستة أشهر من وقت العقد لحقه، ولو كان بينهما مسافة لا يمكن أن يلتقيا لبعدهما.

وفيها: لا لعان في قذف الصبي امرأته الكبيرة، إذ لا حد عليه في قذفه، ولأنه لا يلحقه ولد إن كان.

وفي الموازية: إن ظهر بزوجته حمل حدت ولا لعان فيه، ولا في نفي حمل امرأة المجبوب أو خصي لا يولد له، والولد لزنى ويلتعن في رميها وإلا حد، وإن اختلف في الخصي فقيل: يولد له، وقال آخرون: لا يولد له فلابد من اللعان، ويلتعن العنين والشيخ الزمن في الرؤية بلا شك، وفي نفي الحمل، لأنها تقول: يطؤني.

اللخمي: قال ابن حبيب في المجبوب: إن كان مقطوع الأنثيين والذكر لم يلحق به ولا يلاعن، وتعتد زوجته لوفاته دون طلاقه، وإن بقيت يسرى أنثييه وبعض عسيبه فهو كالسليم.

وفيها: من قذف امرأته وكانت وطئت غصبا التعن.

قال غيره: إن قذفها برؤية غير الغصب تلاعنا جميعا، فإن غصبت فاستمرت حاملاً لم ينتف الولد إلا بلعان ولا تلتعن هي، إذ تقول: إن لم يكن منك فهو

ص: 372

من الغصب.

محمد: هذا إن عرف غصبها بأن ترى متعلقة به تدمي أو غلب عليها وإلا لزمها اللعان، وقول الغير تفسير وقاله بعض الفاسيين، ونقل ابن عبد السلام أنه خلاف لا أعرفه.

اللخمي: إن نفاه لغصب ببينة فكثبوت زناها، إن قال: ليس مني كنت استبرأت، اختلف قول ابن القاسم في نفيه بغير لعان، وعلى اللعان يلاعن الزوج فقط إن نكل لم يحد ولم تلاعن لإمكان أنه من الغصب، وأرى أن لا ينفي إلا بلعان كما لو كانت أمة أو نصرانية.

قلت: البينة بالغصب تقوي نفيه بغير لعان ولا بينة في الأمة والكتابية.

قال: وإن لم يثبت الغصب إلا باتفاقهما.

قال محمد: يتلاعنان، تقول المرأة أن قد غصبت على نفسي ويفرق بينهما، وإن نكلت رجمت، ولا وجه لرجمها، لأن الزوج لم يثبت لعانه إلا غصبها، فلا لعان عليها كثبوت غصبها ببينة، ولو لاعنت لم يفرق بينهما، لأنها إنما أثبتت بلعانها غصبا، ولها أن تقول في أربع شهادات أنه من الصادقين أو لقد صدق.

قلت: قبل التونسي قول محمد وساقه مساق تفسير المذهب.

اللخمي: ولو ادعى طوعها وادعت غصبها فعلى قول ابن القاسم تحد، لأنها أقرت بالإصابة وادعت الغصب، ولا لعان على الزوج، وعلى أشهب: لا تؤخذ بغير ما أقرت يلاعن الزوج، أن نكل لم يحد للاختلاف في قبول قوله، وإن لاعن حلفت لقد غصبت وبرئت، سواء ظهر بها حمل أم لا، لأنها ذات زوج قادرة على أن تنسبه إليه، وإن ادعى غضبها وأنكرت إصابتها التعنا على قول محمد، والصواب أن لا لعان عليها، لأنه إنما أثبت بالتعانه عليها غصبا، فإن نكل عن اللعان مع ثبوت الغصب ببينة أو تصادقهما لم يحد، وكذا إن ادعى الغصب وأنكرت أن يكون أصابها أحد لم يحد الزوج، لأن محمل قوله الشهادة لا التعريض.

عبد الحق: إن تصادقا على الغصب لم ينتف الولد إلا بلعان بخلاف اتفاقهما على زناها عند ابن القاسم، لأن حدها في إقرارها بالزنا ينفي تهمتها، وفي الغصب لا تحد.

ص: 373

ولو رجعت التي أقرت بالزنا قبل حدها صارت مثل هذه، والتي تدعي أنها غصبت، وهي تحت زوج لا تحد فيما ظهر بها من حمل، لأنها لو شاءت ألحقته بزوجها بخلاف التي لا زوج لها لا تصدق في الغصب إلا إن صاحت حين نزل بها وبلغت فضيحة نفسها، وقال في تهذيبه: روى ابن عبد الحكم: إن أنكر حملها واتفقا على غصبها قالت في لعانها: ما زنيت وغلبت على نفسي.

وقال ابن القاسم في لعان المغتصبة: تقول: أشهد بالله إني لمن الصادقين ما زنيت ولا أطعت، ونحوه للتونسي قال: وإذا لاعنها ونفى الولد، ولم يكن عليها لعان لظهور الغصب بقيت زوجة على الأشهر أن الفرقة إنما هي بتمام لعانهما.

وفيها: إن قذف الحر زوجته، فقال: رأيتها تزني وهي ممن لا تحمل لصغر أو كبر، لاعن إن كانت الصغيرة قد جومعت، وإن لم تبلغ المحيض، وكذا في قذفهما إن كانتا حرتين مسلمتين ليزيل حد قذفه، وتلتعن الكبيرة لا الصغيرة إذ لا تحد إن نكلت أو أقرت.

اللخمي: إن كانت في سن من لا تطيق الوطء فلا شيء عليه، لأن قذفه إياها لغو إذ لا يلحقها به معرة وإن كانت في سن من تطيقه، فقال ابن القاسم

فذكر ما تقدم. قال: وعلى قول ابن الماجشون لا حد في قذف الأنثى إن لم تبلغ، لا يحد ولا يلاعن، وعلى قول مالك إنما اللعان لنفى الحمل يحد ولا يلاعن، وإن كانت في سن من يخشى حملها له أيلاعن إن ادعى رؤية اتفاقاً، ويجب على قول مالك:(يحد قاذفها) لا على قول عبد الملك: (لا يحد) وعليه إن لاعن فظهر بها حمل لم يلحقه ولا عنت، إن نكلت حدت حد البكر لإمكان أن يكون بلوغها بعد إصابة الزوج وقبل الإصابة التي رماها بها، ولو لم يقم لقذفها حتى ظهر حملها لزمه اللعان اتفاقاً، إن نكل حد ولزمه الولد، وإن لا عن لزمها اللعان، إن نكلت حدت حد البكر.

قلت: هذا خلاف سماع أبي زيد ابن القاسم: من تزوج وصيفة لم تبلغ وتطيق الوطء، فقال: رأيتها تزني ولا عن خوف حملها، إن ظهر بها حمل لم يلحقه، ولا لعان عليها إن لا عن قبل أن تبلغ المحيض ثم بلغته، إلا أن يريد بلغته بغير هذا الحمل، ولم

ص: 374

يتكلم ابن رشد على هذا بشيء. قال: وإن كانت قعدت عن المحيض وادعى رؤية تلاعنا على قول ابن القاسم وأحد قولي مالك، وعلى قوله: إنما اللعان لنفي الحمل يحد ولا يلاعن.

والرضي بالحمل يمنع نفيه ففيها: من ثبت ببينة أو إقرار أنه رأى حمل امرأته ولم ينكره ثم أنكره لم يكن له ذلك وحد إن كانت حرة مسلمة.

الباجي: قيامه بعد علمه بيوم لغو.

القاضي: إلا أن يكون له عذر.

اللخمي عن ابن القصار: إن سكت حتى وضعته، وقال: رجوت أنه ربح، قبل قوله إلا أن يجاوز ثلاثة أيام، أو يقبل التهنئة به لحديث المصراة.

قلت: يرد بأن ضرر لحوق ولد بغير أبيه أشد من ضرر التصرية، ولأن حفظ الأنساب أكد من حفظ الأموال، وبه يمنع جريها على قولها من رأى حمل أمة ابتاعها سليمة منه، فتوانى في ردها.

أبو عمر: أجمعوا أن من بان له حمل ولم ينكره ثم نفاه لحق به وحد إلا أبا حنيفة والثوري.

قلت: هذا خلاف قول ابن القصار.

الباجي عن محمد وابن حبيب عن ابن الماجشون: إن ادعى رؤية قديمة، ثم قام الآن بها حد، ولم يقبل.

قلت: ظاهرة، ولو قال: لم أمسها بعد رؤيتها.

وقال اللخمي: لم يختلف المذهب إن رآها وسكت، ولم يذكر ذلك إلا بعد مدة أو ظهور الحمل إلا أنه لم يصب بعد الرؤية أن له أن يلاعن، ومن قال له أبو زوجته عند سفره بعد مباراتها: أقم لها حميلا بنفقة حملها، فظاع أجنبي بحملها بحضرته، ثم قدم بعد وضعها فأنكره في حده لاقتضاء رضاه بالحمالة الإقرار بالحمل، ثالثها: القياس حده

ص: 375

ولا يبعد سقوطه استحساناً لدرء الحد بالشبهة لأبي عمران والمتيطي مع ابن سهل عن بعض الأندلسيين وأبي بكر بن عبد الرحمن قائلين، ويلاعن.

وروى اللخمي: من طلق امرأته فقالت: إني حامل، فقال استأجر امرأة تكون معها، لأنها غير مأمونة، فجعل معها امرأة فاستمرت، فقال: كنت اعترضت عنها ولا أعلم أنه كان مني إليها شيء فاحتجوا بأنهم جعلوا معها أمينة. قال جهلت ذلك، إن لم يأتوا بالبينة لاعن، وإن جاءوا بها لحقه الولد، ولا حد عليه، لأنه ما نفى ولدا ولا قال رأيتها تزني، إنما قال: ما أعلم أني أصبتها وقد تحمل المرأة ولا يبلغ ذلك منها.

قلت: هو سماع القرينين في طلاق السنة.

ابن رشد: معناه أن الزوج غير مقر أنه قال: اعترضت عنها ولا أعلمه كان مني إليها شيء، وإنما ادعى ذلك عليه وهو منكر، ويدعي أنه لا شك أنه لم يصبها، فرأى مالك ثبوت الشك عليه في ذلك، بهذا القول يلحق الولد به، وهو صحيح كمن ادعى على رجل فشهد عليه أنه قال: لا أدري من جرحني أن قوله يبطل، ويلزم عليه في المودع يدعي رد الوديعة، فيشهد عليه أنه قال: لا أدري أكنت رددتها أم لا، أن لا يصدق في الرد إلا أن يفرق بين الحقوق واللعان، لأنه أغلظ منها، وقد تعقب التونسي قول مالك هذا، وقال: ينبغي أن يلاعن مع تماديه على الشك كمن شك هل له على رجل مائة ثم تيقنها، أن شكه لا يسقط توجه اليمين على المدعي عليه. قال: إلا أن يقال إقراره بالشك رجوعه عنه إلى إقرار يدعيه بخلاف إنكاره أن يكون قال ذلك، ويجعل إنكاره للشك كتماديه عليه وليس ببين، وما نظرتها به من المسائل أشبه من التي نظرها هو به، وقول مالك صحيح وقول مالك لا حد عليه إلى آخره، قوله بعيد، لأنه بإنكاره الوطء قاذف، فإذا لم يصدق في إنكاره ولا مكن من اللعان وجب حده ومن رجع لإقراره بالقذف بعد إنكاره لإقامتها ببينة به، ففي لعانه وعدمه فيحد قولا ابن القاسم وغيره فيها، وخرج عليهما ابن محرز من ادعى عليه دين فجحده فقامت به بينة بقضائه، وعزا الصائغ هذا التخريج لجماعة من المذاكرين، وللصقلي إثر قول ابن القاسم قال في الموازية بخلاف الحقوق.

قلت: لدرء الحدود بالشبهات، وفي قذفها من قال لامرأته في ولدها منه لم تلديه،

ص: 376