المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[باب في المتعة] - المختصر الفقهي لابن عرفة - جـ ٤

[ابن عرفة]

فهرس الكتاب

- ‌ باب فيما يثبت الوطء به [

- ‌ الأنكحة الفاسدة [

- ‌ باب في رعي الخلاف [

- ‌[باب في المتعة]

- ‌[باب الوليمة]

- ‌[كتاب الطلاق]

- ‌[باب طلاق الخلع]

- ‌[باب المطلق بالخلع]

- ‌[باب باطل الخلع]

- ‌[باب صيغة الخلع]

- ‌[باب في طلاق السنة]

- ‌[باب في شرط الطلاق]

- ‌[باب الأهل]

- ‌[باب لفظ الطلاق الصريح]

- ‌[باب الكناية الظاهرة]

- ‌[باب الكناية الخفية]

- ‌[باب شرط الاستثناء في الطلاق]

- ‌[باب فيما ينجز فيه الطلاق المعلق]

- ‌[باب المختلف في تنجيزه من الطلاق المعلق]

- ‌ باب التوكيل في الطلاق [

- ‌ باب الرسالة [

- ‌ باب التمليك [

- ‌[باب جواب المرأة في…التمليك]

- ‌[باب في صيغة التخيير]

- ‌[باب في الرجعة]

- ‌[كتاب الإيلاء]

- ‌[باب شرط المولي]

- ‌[كتاب الظهار]

- ‌[باب شرط المظاهر]

- ‌ باب صريح الظهار [

- ‌ باب الكناية الظاهرة في الظهار [

- ‌ باب الكناية الخفية في الظهار [

- ‌[باب العودة]

- ‌ باب كفارة الظهار [

- ‌[كتاب اللعان]

- ‌ باب شرط اللعان [

- ‌[باب شرط وجوب اللعان على الزوجة]

- ‌ باب في التوأمين [

- ‌[باب دليل براءة الرحم]

- ‌ باب فيما تجب فيه العدة [

- ‌[باب فيما تسقط به العدة]

- ‌[باب فيما تثبت به عدة الوفاة]

- ‌[كتاب الاستبراء]

- ‌[باب في استبراء الحرة في غير اللعان]

- ‌[باب المواضعة]

- ‌[باب في الإحداد]

- ‌[باب المفقود]

- ‌[كتاب الرضاع]

- ‌[باب ما يثبت به التحريم من الرضيع من موضعه]

- ‌[باب في النسبة الملغاة في الرضاع]

- ‌[باب النسبة الموجبة التحريم في الرضاع]

- ‌[باب في الغيلة]

الفصل: ‌[باب في المتعة]

الإرث نفسه راجحا، وعلى صحة النكاح راجح، والله أعلم وبه التوفيق.

وقول ابن الحاجب ما فسخ قبل البناء فلا صداق وبعده المسمى؛ خلاف نصها في صريح الشغار، والنكاح على ان لا مهر، وقول غيرها يفسخ ما فسد لصداقه ففيه مهر المثل.

ابن شاس: ما أجمع على فساده فسخ ولو بنى، وما اختلف فيه إن فسد لعقده فسخ قبل البناء، وفي فسخه بعده خلاف كنكاح المريض والمحرم، وفيما فسد لصداقة ثالثها: المشهور قبل البناء لا بعده.

قلت: لابن محرز عن القاضي في حمل قول مالك بفسخه قبل البناء على الوجوب أو الاستحباب قولا متقدمي أصحابنا ومتأخريهم، وقول ابن الحاجب:"ما اختلف فيه إن كان بنص أو سنة او لحق الورثة كالمريض فكذلك" خلاف نقل ابن شاس في نكاح المريض، ونقل اللخمي كابن شاس.

وقوله أيضا: (إن كان لنص أو سنة) خلاف إطلاق الشيوخ، وظاهر الروايات الحكم في المختلف فيه مطلقا، ولأن وجود النص فيه والسنة بنفي القول بجوازه، وتعقبوا قوله نحو عقد الدرهمين بأن نصها: والمشهور في عقد الدرهمين عدم فساد العقد؛ لأن المشهور فيه تخيير الزوج في إتمام ثلاثة دراهم ولا تتخير في الفاسد، ويجاب بأنه على المشهور معروض للصحة والفساد بحسب اختياره الإتمام وعدمه، فذكر ابن الحاجب فاسدا من حيث فساده، وهو عدم اختياره الإتمام.

[باب في المتعة]

المتعة: ما يؤمر الزوج بإعطائه الزوجة لطلاقه إياها، المعروف أنها مستحبة يؤمر

ص: 47

بها، ولا يقضى بها، ولا يحاصص بها.

ابن زرقون في المبسوطة عن محمد بن مسلمة: هي واجبة يقضي بها لازمة، لا يأبى أن يكون من المحسنين، ولا من المتقين إلا رجل سوء.

قلت: ولأن رأي المتقدمين أن المؤمن والمتقي متساويان، والعموم مقدم على المفهوم على الأصح ونقله اللخمي ولم يعزه.

ابن بشير: رأي بعض أشياخي أن الصحيح وجوبها لاقتضاء لفظ حق الوجوب وأكده لفظ علي، وعزاه بعضهم لابن حبيب، وهي لكل مطلقة في عصمة لا ثلم فيها، ولا خيار على الزوج.

وفيها: لا متعة لمختلعة ولا مصالحة ولا ملاعنة، ولا مطلقة قبل البناء، وقد سمى لها، زاد ولا مفتدية ولا من اختارت نفسها لعتقها، زاد اللخمي: أو قامت بعيب ولا من فسخ نكاحها، ولو لعارض حدث، وقول الباجي: المفارقة عن مقابحة كالملاعنة خلاف ظاهر المذهب.

ابن رشد: ظاهر قول ابن القاسم إن طلق فيما يفسخ بطلاق قبل فسخه فلا متعة عليه.

اللخمي: إن فسخ لرضاع بأمر الزوج رأيت عليه المتعة، وإن اشترى زوجته لم

ص: 48

يمتعها لبقائها معه، ولو اشترى بعضها متعها، وفي متعة المخيرة، والمملكة نقل ابن رشد رواية ابن وهب، وقول ابن خويز منداد.

الصقلي: لمن اختارت نفسها لتزويج أمة عليها المتعة.

وفيها: الصغيرة وذات الرق والذمية كالكبيرة الحرة المسلمة.

اللخمي والباجي: والمولي القادر على الوطء كغيره.

ابن الحاجب: ليس للسيد منع عبده منها.

ابن محرز عن ابن وهب وأشهب: إن لم يمتعها حتى ارتجعها سقطت.

فضل: وعليه لا تجب في الطلاق الرجعي إلا بانقضاء العدة، وإن لم يمتعها حتى مضى لها وقت، وتزوجت متعها.

اللخمي: اختلف إن لم يمتعها حتى بانت، ثم تزوجها فظاهر قول ابن وهب وأشهب أن لا متعة.

ابن بشير: المنصوص أن لها المتعة واستقراء اللخمي غير صحيح؛ لأن هذا نكاح ثان.

أبو عمران: لو طلق بعد بنائه من نكاحها بتفويض وأنكر المسيس وادعته قضي لها بمهرها تحاسب منه بالمتعة، ولا يمكن كون المتعة أكثر من مهرها؛ لأنها على قدر حالها.

عبد الحق: إن دفع المهر على أنه أو بعضه متعة أجزأه، وإلا فهي باقية عليه، وقد يرجع جواب أبي عمران إلى هذا.

قلت: إن دفعه على ذلك نصا فلها طلبه بالمهر أو تمامه.

ابن رشد: وتبطل بموته، وفي وجوبها لوارثها إن ماتت، وسقوطها قولا ابن القاسم وغيره، وعزاه اللخمي وعبد الحق لأصبغ، وفيها: لمالك لا حد لها.

وفي كونها على قدر حالها أو حال الزوج، ثالثها: بقدر حالهما لأبي عمران وأبي عمر وابن رشد.

وفيها لابن عباس أعلاها خادم أو نفقة وأدناها كسوة، وإن اختلف الزوجان في قدر المهر ولا موت ولا طلاق قبل بناء ففيها القول قولها، ويخير الزوج في تمام ما ادعته وإلا تحالفا، وفسخ النكاح ولا شيء لها.

ص: 49

اللخمي: في تبدية الزوجة أو الزوج قول مالك ورواية الواقدي، وأن يقترعا أحسن.

المتيطي: إثر هذا الكلام قال أبو عمر: روى ابن وهب يحلف الزوج على ما ادعته الزوجة ويفسخ، وفي تقرر الفسخ بتمام حلفهما كاللعان، ووقفه على الحكم به قولا سحنون مع عبد الحق عن بعض شيوخه محتجا بمخالفة النكاح البيع للاحتياط وأبي حفص، ونقل اللخمي مع ابن سهل عن ابن حبيب: للزوج بعد حلفهما المقام على ما ادعته الزوجة أو الترك ولا شيء عليه، والمتيطي عن القاضيين، وعن المغيرة لكل منهما الرجوع لقول الآخر، ورجحه ابن محرز بأن أيمانهما لم توضع للفسخ، زاد اللخمي: وعليه إن طلقها ثلاثا قبل الفسخ لزمه.

قلت: وعلى الآخر يجري على اتباع الخلع الطلاق. قال: وعليه إن مات أحدهما توارثا، وهو أحسن إلا أن يكونا عقدا أن تحالفهما فسخ فيلزم ما التزم.

قلت: يكفي كون هذا من الزوج فقط.

ابن سهل: نقل بعض المختصرين عن ابن حبيب: تحلف الزوجة إن كانت ثيبا أو أبوها إن كانت بكرا، ثم للزوج الرضا بذلك أو يحلف، وينفسخ النكاح خلاف ما في الأصل.

قلت: لا يجوز لمختصر نقل خلاف ما في الأصل إلا ببيان أنه خلافه.

اللخمي: لو أتى أحدهما بما يشبه دون الآخر ففي حلفهما، وقبول قول ذي الشبه روايتان، وهذه أحسن؛ لأن الشبه دليل كشاهد، وفي كون نكولهما كحلفهما أو يكون القول قول المرأة قولان الأول أحسن، وفي كون الفسخ بطلاق أو دونه نقلا المتيطي.

عياض: ظاهرها بغير طلاق، وقد يقال بطلاق للخلاف في فسخه إثر التحالف أو يخير أحدهما.

المتيطي: الحالف المرأة إن كانت مالكة أمر نفسها أو من عقد عليها من أب أو وصي أو ولي إن كانت محجورة.

اللخمي: تحلف الزوجة أو الولي إن لم تعلم ما عقد لها به.

وسمع ابن القاسم: من زوج ابنته صبيا صغيرا برضى أبيه فمات فطلب أبو الزوجة

ص: 50

إرثها ومهرها، فقال أبو الصبي: ما أصدقت شيئًا إنما كان على وجه الصلة ليس له إلا الإرث إن لم يقم بينة، ولو شهد له شاهد واحد حلفت الجارية إن بلغت، وإلا أخرت حتى تبلغ، وتعرف ما تحلف عليه.

ابن رشد: قوله: (تؤخر حتى تبلغ) يريد: بعد حلف أبي الزوج، فإن نكل غرم ولا يمين عليها إن بلغت، وإن حلف أخرت حتى تبلغ فتحلف وتأخذ، فإن نكلت فلا شيء لها، ولا يحلف الأب ثانية.

محمد: وهذا بخلاف مبايعته لها ويقيم شاهدًا، هذا يحلف معه، فإن نكل غرم ما نكل لإتلافه بعدم توثقه؛ لأنه لا يبيع إلا بثمن معلوم والنكاح على التفويض يجوز فلم يتعد إنما عليه أن يشهد في أصل النكاح لا في التسمية.

محمد: وهذا ما لم يدع أبوها التسمية، فإن ادعاها مع الشاهد فقد ضيع؛ يريد: فيحلف ويستحق المهر لابنته، فإن نكل غرمه بعد حلف أبي الصبي، وظاهر الرواية أنه ادعى التسمية مع الشاهد فقول محمد خلافها، وسماع أبي زيد أن أهل المرأة يحلفون في الشروط التي ادعى الزوج أن أباه شرطها عليه، وهو صغير مثل قول محمد فهي مسألة فيها قولان، ومن هذا المعنى اختلافهم في الزوجين يختلفان في قدر المهر أو نوعه.

سمع عيسى ابن القاسم في بعض روايات العتبية: إن كان قبل البناء فالقول قول الأب أو الولي إن كانت بكرًا ويحلف إذ ليس لها الرضى بالمهر، فإن أعطى الزوج ما حلفت عليه، وإلا حلف وانفسخ النكاح، وإن كان بعد البناء فالقول قول الزوج في عدد المهر، وإن كان في نوعه تحالفًا، وردت إلى مهر مثلها؛ يريد: ويغرم الأب أو الوصي الزيادة لتركه الإشهاد.

قال فضل: وكذا قال أصبغ في سماعه بعد أن حكى عن ابن القاسم: أن البكر هي التي تحلف فمن أوجب على الأب الإشهاد على تسمية المهر قبل البناء رأى عليه أن يحلف مع الشاهد؛ لأنه إن لم يحلف غرم لتركه الإشهاد، ومن لم يوجب عليه الإشهاد على ذلك رأى اليمين على الجارية، وهو الذي في الرواية. ولو قال الأب: زوجتها بتفويض، وادعت أن أبا الصبي فرض لها بعد ذلك وأتت عليه بشاهد حلفت دون أبيها اتفاقًا، ولو ادعى الأب التسمية بعد البناء، وهي أكثر من مهر المثل وأتى بشاهد

ص: 51

أحلف معه دونها اتفاقًا، وكذا لو باع لابنه سلعة بأكثر من قيمتها فجحد المشتري الشراء والسلعة قائمة وأتى الأب بشاهد تخرج فيها قولان:

أحدهما: أن الأب يحلف لتركه التوثق، فإن نكل غرم لابنه الثمن.

والثاني: أن الابن يحلف إن شاء إذ لم يجب على الأب الإشهاد إلا عند دفع السلعة، ولو دفعها للمشتري فجحده وجب حلفه مع الشاهد اتفاقًا؛ لأنه ضيع بترك الإشهاد، فإن نكل غرم الثمن على القول أنه يحلف إذا لم يدفع السلعة والقيمة على القول بأن الابن هو الذي يحلف، وكذا القول في المأمور يوكل على بيع السلعة فيجحد المشتري وللمأمور شاهد واحد، وإن كان للابن شاهد بحق لم يله الأب لم يكن عليه أن يحلف مع الشاهد لابنه، واختلف إن كان الابن صغيرًا فأراد أن يحلف ويستحق له حقه فقال ابن كنانة ذلك له؛ لأنه يمونه وليس ذلك لأحد غيره من أم أو وصي وأنكره ابن القاسم.

وفيها: إن اختلفا فيه بعد البناء أو بعد الطلاق قبل البناء صدق مع يمينه، فإن نكل حلفت وأخذت ما ادعت، وكذا إن ماتت قبل البناء فادعى ورثتها تسمية والزوج تفويضًا صدق مع يمينه وله الميراث.

المتيطي: هذا المشهور في اختلافهما فيه بعد البناء. وقال أبو عمر: وروى ابن وهب يتحالفان، ولها مهر المثل ويثبت النكاح، وإن اختلفا في نوعه قبل البناء فللخمي ما تقدم لابن رشد تحالفا وتفاسخا، وإن اختلفا فيه بعده ففي ثبوته بما قال الزوج أو بمهر المثل ما لم يزد على ما ادعته، وما لم ينقص عما ادعاه، ثالثها: إن ادعى ما تصدقه النساء، وإن ادعى غير ذلك كالخشب والجلود وادعت جاريته أو عبده أو داره أو جنانه وشبهه مما يتزوج به النساء فالقول قولها إ، كانت قيمة ذلك مثل ما تتزوج به فأثل، وإن ادعيا ما يشبه في الصنفين فالقول قوله، وإن كان لا يشبه أن يتزوج بواحد منهما تحالفا وتفاسخا ولها مهر المثل، للخمي عن ابن القصار ولظاهر نقله عن معروف المذهب وعن أصبغ.

المتيطي: وعلى التحالف وردها لمهر المثل ففي ثبوت النكاح وفسخه رواية ابن وهب مع المعروف من المذهب ونقل ابن الجلاب.

ص: 52

قال بعض الموثقين: ولم أره لغيره.

اللخمي: لو كان أبواها ملكًا للزوج، وقال: تزوجتك على ابيك، وقال: على أمي، تحالفا وتفاسخا، وعتق الأب عليه لإقراره بحريته، وكذا إن نكلا، وإن حلف ونكلت عتق عليها، وإن نكل وحلفت عتق الأب عليه والأم عليها.

وإن اختلفا في دفع المهر: ففيها: القول قولها وقول وارثها قبل البناء وبعده القول قول الزوج أو وارثه.

اللخمي: إن كان دخول هداء.

قال ابن القاسم: مع يمينه، وقال ابن الماجشون: إن كان قريبا، وجاءت بلطخ حلف، وإن طال فلا يمين.

عياض: هذا فيما ادعى دفعه قبل البناء من معجل أو مؤجل وما ادعى دفعه منهما بعد البناء لم يصدق فيه إذ صار كسائر الديون.

اللخمي: ولابن القاسم في العتبية إن ادعى الزوج أنه صالح امرأته عن خادم مهرها على دنانير دفعها لها إن أنكرت صلحه فهو مدع، وإن أقرت به قبل البناء صدق؛ يريد: إذا بنى، ولو اتفقا على أن الصلح بعد البناء صدقت.

وفيها: إن قال ورثته في المدخول بها دفعه أو لا علم لنا فلا شيء عليهم، فإن ادعى ورثتها علمهم حلفوا ما يعلمون أنه لم يدفعه، ولا يمين على غائب، ومن يعلم أنه لا علم عنده.

وسمع القرينان: من بنى بزوجته، ثم مات فطلبت مهرها. قال: على ورثته اليمين ما نعلم بقي عليه مهر حتى مات.

ابن رشد: أوجب حلفهم على العلم، وإن لم تدع ذلك عليهم خلاف ما في نكاحها الثاني لا يمين عليهم إلا أن تدعي علمهم، وخلاف ما في كتاب الغرر منها في التداعي في وقت موت الجارية الغائبة المبيعة على الصفة، فإن نكلوا عن اليمين حلفت المرأة أنها لم تقبض مهرها واستوجبته لا على أن الورثة علموا أنها لم تقبض، وهذه يمين ترجع على غير ما نكل عنه الورثة لها نظائر كثيرة، ويختلف في توجه هذه اليمين إذا لم تحقق المرأة ذلك على الورثة؛ لأنها يمين تهمة، ولا يختلف في رجوعها على الزوجة لمعرفتها بما

ص: 53

تحلف عليه كما يختلف في رجوع يمين التهمة.

وسمع عيسى رواية ابن القاسم: من تزوج بخمسين نقدًا وخمسين لسنة فانقضت، ثم بنى بها فطلبت الخمسين فقال أديتها قبل البناء صدق وحلف.

ابن رشد: هذا قول ابن حبيب ومثله في ثاني نكاحها وعليه فلها إذا حل قبل البناء منعه منها حتى يدفعه إليها، وعلى قول يحيى بن يحيى إن أعسر به فله البناء وتتبعه به؛ لا يصدق في دعواه دفعه، والقول قولها مع يمينها.

اللخمي: إن أخذت بالمهر رهنا ثم سلمته صدق الزوج مع يمينه في دفعه ولو قبل البناء، ولو اختلفا بعد البناء والرهن بيدها ففي قبول قوله مع يمينه أ، قولها مع يمينها قولا سحنون ويحيى بن يحيى وهو أبين، كمن باع سلعة وسلمها وبيده رهن القول قول البائع، وإن أخذت به جميلًا، وأقرت بقبضه واختلف الزوج والحميل في دفعه واتفقا على أنها قبضت مائة فقط؛ لأن الدفع كان بحضرتهما أو أرسلا به رسولًا صدق الزوج مع يمينه، فإن نكل حلف الحميل وأغرم الزوج ولا يمين على الزوجة، وإن دفع كل منهما في غيبة الآخر، فإن أقرت الزوجة للزوج حلفت للحميل، فإن نكلت حلف وأغرمها ولا مقال بين الرجلين، وإن أقرت للحميل صدق الزوج؛ لأنه يقول ما قبضت ما اشتريت حتى دفعت ما علي ويحلف يمينين أنه دفع لها، وللحميل ما علم دفعه قبل دفعه شيئًا إن نكل عن يمين الزوجة حلفت ما قبضت منه شيئًا وغرمه الزوج للحميل، وإن نكلت برئ الزوج وغرمت للحميل، وإن حلف لها ونكل عن حلفه للحميل حلف الحميل أنك تعلم دفعي لها قبل دفعك ورجع عليه، فإن نكل فلا شيء على الزوج، وإن قالت ما قبضت من واحد منهما شيئًا، ولم يبن وادعيا دفع مائة فقط حلفت يمينًا واحدة وأغرمت الزوج إلا أن يكون معسرًا فيغرم الحميل، وإن ادعى كل منهما؛ دفع مائة بغير محضر الآخر حلفت لكل منهما، إن حلفت للحميل دون الزوج حلف وبرئ ولا شيء عليه للحميل إن لم يدع عليه العلم، وإن حلفت للزوج دون الحميل حلف واتبع الزوج؛ لأن يمينها للزوج توجب غرمه لها المهر، ويمين الحميل عند نكولها توجب أن الحميل هو الدافع بالحمالة فوجب أن يرجع عليه، وإن نكلت هي والزوج وحلفت للحميل غرم لها الزوج ولا شيء للحميل، وإن حلفت لهما وادعى

ص: 54

الحميل علم الزوج أنه دفعه عنه بوجه جائز حلف الزوج، فإن نكل حلف الحميل ورجع عليه.

ولابن حبيب: إن قال حامل المهر بعد البناء أنها قبضت منه أو زعم الحميل أنها قبضته من الزوج صدق مع يمينه، وسئل الزوج، فإن زعم أن الحامل برئ أو قال في الحمالة إني برئت منه صدق مع يمينه، وإن قال في الوجهين ما قبضت الزوجة شيئًا لم يلزم الحامل، ولا الزوج في الحمل شيء، ويلزمه في الحمالة دون الحميل، وإن قال الحميل دفعته إليها وأكذبه الزوج برئ الحميل، ولا رجوع له على الزوج إلا ببينة، ويغرمه الزوج لها بإقراره.

وسمع عيسى ابن القاسم من تحمل بمهر، ثم ادعى هو والزوج دفعه بعد البناء صدق مع يمينه.

سحنون: الرهن كالحميل يبرئه البناء فيه.

ابن رشد: يحلف الحميل أنه ما علم أنه بقي لها قبل زوجها شيء من مهرها، وإنما يجب حلفه إن غاب الزوج أو حضر مقرًا أنه لم يدفعه، وهو عديم؛ لأنه يتهم لزوجته على الحميل فالقول قوله، ولو ادعى الزوج الدفع أو كان مليًا، وأقر بعدم الدفع فلا شيء على الحميل لسقوط الحمالة بيمين الزوج إن ادعى الدفع أو بإقراره إن كان مليًا، وقول سحنون صحيح إن كان الرهن في عقد النكاح لا عند الدخول؛ لأن لها منعه البناء حتى يدفع مهرها ارتهنت به رهنا أم لا، فلا أثر للرهن هذا معروف المذهب في قبول قول الزوج بعد البناء، ولما ذكره الباجي قال: قال إسماعيل القاضي: هذا ببلد عرفه تعجيل النقد عند البناء وما لم يكن عرفه كذلك فالقول قول الزوجة، وقال القاضي: هذا إن لم يثبت ذلك في صداق ولا كتاب، وإن ثبت في صداق فليس القول قول الزوج، والأول أظهر، وذكر ما تقدم من سماع عيسى على أنه من سماع يحيى، ولم يقيد قول سحنون فيه، وزاد في آخره قال مالك: وليس يكتب في الصدقات براءة.

ولما ذكر ابن شاس قول إسماعيل قال القاضي أبو الحسن: ينبغي أن يكون هذا هو الصحيح. قال: وقال القاضي أبو الوليد: إنما ذلك مبني على أن العادة في معظم البلاد؛ بل في جميعها أن معجل الصداق لا يتأخر عن البناء، وهذا أظهر مما تقدم.

ص: 55

وقيد اللخمي قولها مع سماع ابن القاسم ورواية محمد بقبول دعوى الزوج التفويض بوقوع النكاح عندهما بتسمية وتفويض، ومن عادتهم التسمية فقط لم يصدق الزوج منهم.

ابن شاس: لو ادعت ألفين بعقدين في يومين ببينة عليهما لزما، وقدر تخلل طلاق، وفي تقديره بعد البناء فعلى الزوج إثباته قبله ليسقط عنه نصف المهر أو قبله فعلى المرأة إثباته بعده ليثبت لها كله خلاف سببه هل المستقر بالعقد كله أو نصفه؟

قلت: مقتضى المذهب أنه قبله؛ لأن الزوج بعد الطلاق غارم والأصل عدم البناء والقول قول الزوج فيهما اتفاقًا، ولو قلنا بوجوب كله بالعقد؛ لأن الطلاق منضمًا لما ذكرناه يبطله.

واختلاف الزوجين في متابع البيت: فيها: إن اختلفا فيه، ولو بعد الفراق قضي بما يعرف النساء للمرأة وبغيره للرجل؛ لأن البيت بيته بعد أيمانهما.

ابن حارث: اتفاقًا فيما يختص بأحد صنفيهما، وفي غيره في كونه للزوج أو بينهما بعد أيمانهما قولان لها مع سماع ابن وهب وله مع المغيرة، وفي سماع يحيى ابن القاسم عن رواية ابن وهب في كتاب العدة مثل قولها وفيه: والإبل والبقر والغنم للرجال إلا ما قامت عليه بينة أنه للمرأة، أو كان الرجل معروفًا معها بالفقر، وهي معروفة بالغنى ينسب ملك ذلك إليها، ويذكر أنه لها فاشيًا بالسماع، وقول عدول الجيران فهو للمرأة، وإن لم تكن شهادة قاطعة.

ابن رشد: في كون القول قول الزوج فيما ادعياه من متاع البيت مطلقًا وقسمه بينهما، ثالثها: ما هو من شأن النساء للمرأة وغيره للرجل، ورابعها: ما ليس مختصا بأحدهما بينهما بعد أيمانهما في الجميع، لمحمد بن مسلمة، وابن وهب في المبسوط، ولها ولابن وهب في العتبية مع المغيرة وابن القاسم، وعن سحنون ما هو من متاع النساء للمرأة دون يمين، وقال الفضل: رأيت لابن عبدوس بخطه عن ابن القاسم ما هو من متاع النساء للمرأة دون يمين وكذا الرجل فيما هو من متاع الرجال، وهذا الخلاف في اليمين إنما يصح في اختلاف ورثة الزوجين أو ورثة أحدهما مع الآخر دون تحقيق دعوى، كقول ورثة الزوج للمرأة فيما هو مختص بها احلفي أن المتاع متاعك؛ لأن

ص: 56

مورثنا مات عنه وأنت مدعية، وكذا ورثة المرأة مع الزوج وظاهر قول ابن وهب في هذا السماع كقول سحنون، وهذا الخلاف على الخلاف في يمين التهمة فيه قولان مشهوران، وأما قبول قول أحد الزوجين فيما يختص به وزوجه يكذبه، ويدعيه فلابد من يمينه في ذلك كنص ابن حبيب والمدونة، وغيرهما فلا اختلاف فيه.

قلت: ظاهر قول سحنون وابن عبدوس عن ابن القاسم: أنه في الزوجين أنفسهما وتكذيب أحد الزوجين الآخر في ذلك لا ينفي قوله دون يمين بناء على أن العرف كشاهدين لا كشاهد واحد حسبما مر من الخلاف في قبول قول المرأة في المسيس مع إرخاء ستر الهداء، وعليه حمله اللخمي وعبد الحق والصقلي وعبد الحميد وغير واحد.

وفيها: المعروف للنساء مثل الطست والتور والمنارات والقباب والحجال والأسرة والفرش والوسائد والمرافق والبسط وجميع الحلي، والمعروف للرجال السيف والمنطقة والرقيق ذكورًا وإناثًا والخاتم.

الصقلي: يريد: خاتم الفضة.

قلت: ما لم يعلم من الرجل مخالفة السنة في تختمه بالذهب، فإن كان شكل الخاتم للصنفين مختلفًا كعرفنا فواضح، إلا كان مشتركا، وقول اللخمي: إناث العبيد يشبه كونهن لهما جميعًا خلاف نصها، ووفاق عرفنا.

وفي النوادر عن الواضحة: المصليات مما للنساء والمصحف مما لهما، وكذا البقر والغنم والرمك وجميع الحيوان والأطعمة والأدم والثمار، وما يدخر من المعاش.

الشيخ: لعله يريد بالدواب والرمك والبقر والغنم ما كان سائمة غير المراكب مما يأوي لدور البوادي.

ابن رشد: المعتبر عرف كل بلد.

قلت: مع اعتبار الصنف؛ لأن عادة الحضر ببلدنا تونس خلاف عادة الأندلس بها، وخلاف عادة البربر، والبدو بها، ويشكل الأمر إذا كان أحدهما من صنف والآخر من صنف آخر وتعارض موجب الاختصاص، كالأسرة من شأن الرجل للأندلسيين، ومن شأن النساء في الحضريين فتصير من المشترك.

وفيها: الدار للرجل؛ لأن عليه أن يسكن المرأة.

ص: 57

ابن رشد: عرفنا في ذوات الأقدار أن المرأة تخرج الدار، فلو اختلفا فيها عندنا كان القول قول المرأة، وكذا حفظت عن شيخنا ابن رزق.

الشيخ عن ابن حبيب: الخص للرجل كالدار.

وفيها: ذو الرقو الكافرة كغيرهما.

المتيطي عن ابن القاسم: وكذا الكافران إن ترافعا إلينا؛ لأنها مظلمة تظالموا بها.

وفيها: إن كانت مظلمة كفى فيها رفع المظلوم فقط خلاف قوله ترافعا.

وفيها: كون الدار للزوج أو الزوجة سواء، وأصناف الماشية، وما في المرابض من خيل وبغال وحمير لمن حاز ذلك.

أبو حفص: ما كان منها بيد راع فهو لمن أقر به له؛ لأن يد الراعي كيد المقر له من وجه الحيازة لا شهادة ولا خبر.

قلت: ولو ادعت درعا ونحوه فقال الزوج هو لفلان وديعة عندي، صدق دون يمين؛ لأنه حائزه لقولها إن البيت بيته، وقاله ابن رشد.

وفيها: من أقام بينة فيما يعرف للآخر أنه له قضي له به، وما ولي الرجل شراءه من متاع النساء ببينة أخذه بعد حلفه ما اشتراه إلا لنفسه، إلا أن يكون لها أو لوارثها بينة أنه اشتراه لها، وما وليت شراءه من متاع الرجال ببينة فهو لها وورثتها في اليمين والبينة بمنزلتها إلا أنهم إنما يحلفون أنهم لا يعلمون أن الزوج اشترى هذا المتاع الذي يدعي من متاع البيت، وتحلف المرأة في ذلك على البتات وورثة الرجل بهذه المنزلة.

عبد الحق: في لزوم حلف المرأة في استحقاقها ما أقامت البينة بشرائها إياه من متاع الرجال قولا بعض شيوخنا محتجًا بأنها كالرجل قائلًا: إنما سكت فيها عن يمينها لذكره في الرجل، وبعض شيوخ شيوخنا مفرقًا بأن الرجال قوامون على النساء لا العكس.

اللخمي: عن سحنون إنما يختص الرجل بما اشتراه من متاع النساء بالبينة على شرائه لنفسه لا على مطلق شرائه، إنما يشتري للنساء الرجال.

قلت: ومقتضاه سقوط يمينها فيما اشترته من متاع للرجال.

أصبغ: لو قال الزوج في رداء ادعته: كتانه لي وهي عملته؛ صدق؛ لأنه لو ادعاه قبل قوله فيكون له بقدر كتانه وللمرأة أو لورثتها بقدر قيمة عملها، ولمالك في

ص: 58