المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌720 - أبو سفيان الأموي - المسند المصنف المعلل - جـ ٢٩

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌720 - أَبو سفيان الأُمَوي

- ‌721 - أَبو سلمى، راعي النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌722 - أَبو سليط البدري

- ‌723 - أَبو السمح، خادم النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌724 - أَبو السنابل بن بعكك، العبدري

- ‌725 - أَبو سود

- ‌726 - أَبو سيارة المتعي

- ‌ حرف الشين

- ‌727 - أَبو شريح الخُزاعي الكعبي

- ‌728 - أَبو شهم

- ‌ حرف الصاد

- ‌729 - أَبو صرمة الأَنصاري المازني

- ‌ حرف الطاء

- ‌730 - أَبو طريف الهذلي

- ‌731 - أَبو طلحة الأَنصاري

- ‌732 - أَبو طيبة الحجام

- ‌ حرف العين

- ‌733 - أَبو عامر الأشعري

- ‌734 - أَبو عبد الله

- ‌735 - أَبو عبد الرَّحمَن الجهني

- ‌736 - أَبو عبد الرَّحمَن الصُّنَابحي

- ‌737 - أَبو عبد الرَّحمَن الفهري

- ‌738 - أَبو عبس بن جبر

- ‌739 - أَبو عبيد مولى النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌740 - أَبو عُبَيدة بن الجَراح

- ‌741 - أَبو عسيب، أو أَبو عسيم

- ‌742 - أَبو عقبة الفارسي

- ‌743 - أَبو عقرب البكري

- ‌744 - أَبو عَمرو بن حفص بن المغيرة القرشي

- ‌745 - أَبو عَمرة الأَنصاري

- ‌746 - أَبو عنبة الخَولاني

- ‌747 - أَبو عياش الزرقي

- ‌ حرف الغين

- ‌748 - أَبو الغادية الجهني

- ‌749 - أَبو الغوث بن الحصين الخثعمي

- ‌ حرف الفاء

- ‌750 - أَبو فاطمة الأزدي

- ‌ حرف القاف

- ‌751 - أَبو قتادة الأَنصاري

- ‌حرف الكاف

- ‌752 - أَبو كاهل الأحمسي

- ‌753 - أَبو كبشة الأنماري

- ‌حرف اللام

- ‌754 - أَبو لبابة الأَنصاري

- ‌755 - أَبو لبيبة الأشهلي

- ‌756 - أَبو ليلى الأَنصاري

- ‌ حرف الميم

- ‌757 - أَبو مالك الأسلمي

- ‌758 - أَبو مالك الأشجعي

- ‌759 - أَبو مالك الأشعري

- ‌760 - أَبو محذورة الجُمحي المؤذن

- ‌761 - أَبو مسعود الأَنصاري البدري

- ‌762 - أبو مسعود الغفاري

- ‌763 - أَبو معقل الأسدي

- ‌764 - أَبو المعلى الأَنصاري

- ‌765 - أَبو موسى الأشعري

- ‌766 - أَبو مويهبة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌حرف النون

- ‌767 - أَبو النضر السلمي

- ‌768 - أَبو النعمان

- ‌769 - أَبو نملة الأَنصاري

- ‌حرف الهاء

- ‌770 - أَبو هاشم بن عُتبة القرشي

الفصل: ‌720 - أبو سفيان الأموي

‌720 - أَبو سفيان الأُمَوي

صخر بن حرب بن أُمية

(1)

13181 -

عن عُبيد الله بن عبد الله بن عُتبة بن مسعود، أن عبد الله بن عباس أخبره، أن أبا سفيان بن حرب أخبره؛

«أن هرقل أرسل إليه في ركب من قريش، وكانوا تجارا بالشام، في المدة التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ماد فيها أبا سفيان وكفار قريش، فأتوه وهم بإيلياء، فدعاهم في مجلسه، وحوله عظماء الروم، ثم دعاهم ودعا بترجمانه، فقال: أيكم أقرب نسبا بهذا الرجل، الذي يزعم أنه نبي؟ فقال أَبو سفيان: فقلت: أنا أقربهم نسبا، فقال: أدنوه مني، وقربوا أصحابه فاجعلوهم عند ظهره، ثم قال لترجمانه: قل لهم: إني سائل هذا عن هذا الرجل، فإن كذبني فكذبوه، فوالله، لولا الحياء من أن يأثروا علي كذبا لكذبت عنه، ثم كان أول ما سألني عنه أن قال: كيف نسبه فيكم؟ قلت: هو فينا ذو نسب، قال: فهل قال هذا القول منكم أحد قط قبله؟ قلت: لا، قال: فهل كان من آبائه من ملك؟ قلت: لا، قال: فأشراف الناس يتبعونه أم ضعفاؤهم؟ فقلت: بل ضعفاؤهم، قال: أيزيدون أم ينقصون؟ قلت: بل يزيدون، قال: فهل يرتد أحد منهم سخطة لدينه بعد أن يدخل فيه؟ قلت: لا، قال: فهل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟ قلت: لا، قال: فهل يغدر؟ قلت: لا، ونحن منه في مدة لا ندري ما هو فاعل فيها، قال: ولم تمكني كلمة أدخل فيها شيئًا غير هذه الكلمة، قال: فهل قاتلتموه؟ قلت: نعم، قال: فكيف كان قتالكم إياه؟ قلت: الحرب بيننا وبينه سجال، ينال منا وننال منه، قال: ماذا يأمركم؟ قلت: يقول: اعبدوا الله وحده، ولا تشركوا به شيئا، واتركوا ما يقول

⦗ص: 6⦘

آباؤكم، ويأمرنا بالصلاة، والصدق، والعفاف، والصلة،

(1)

قال البخاري: صخر بن حرب بن أُمية والد معاوية، أَبو سفيان، الأُمَوي، القرشي، له صحبة. «التاريخ الكبير» 4/ 310.

ص: 5

فقال للترجمان: قل له: سألتك عن نسبه؟ فذكرت أنه فيكم ذو نسب، فكذلك الرسل تبعث في نسب قومها، وسألتك: هل قال أحد منكم هذا القول؟ فذكرت أن لا، فقلت: لو كان أحد قال هذا القول قبله، لقلت: رجل يأتسي بقول قيل قبله، وسألتك: هل كان من آبائه من ملك؟ فذكرت أن لا، قلت: فلو كان من آبائه من ملك، قلت: رجل يطلب ملك أبيه، وسألتك: هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟ فذكرت أن لا، فقد أعرف أنه لم يكن ليذر الكذب على الناس ويكذب على الله، وسألتك: أشراف الناس اتبعوه أم ضعفاؤهم؟ فذكرت أن ضعفاءهم اتبعوه، وهم أتباع الرسل، وسألتك: أيزيدون أم ينقصون؟ فذكرت أنهم يزيدون، وكذلك أمر الإيمان حتى يتم، وسألتك: أيرتد أحد سخطة لدينه بعد أن يدخل فيه؟ فذكرت أن لا، وكذلك الإيمان حين تخالط بشاشته القلوب، وسألتك: هل يغدر؟ فذكرت أن لا، وكذلك الرسل لا تغدر، وسألتك: بما يأمركم؟ فذكرت أنه يأمركم أن تعبدوا الله، ولا تشركوا به شيئا، وينهاكم عن عبادة الأوثان، ويأمركم بالصلاة، والصدق، والعفاف، فإن كان ما تقول حقا، فسيملك موضع قدمي هاتين، وقد كنت أعلم أنه خارج، لم أكن أظن أنه منكم، فلو أني أعلم أني أخلص إليه لتجشمت لقاءه، ولو كنت عنده لغسلت عن قدمه، ثم دعا بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي بعث به دحية إلى عظيم بصرى، فدفعه إلى هرقل، فقرأه، فإذا فيه: بسم الله الرَّحمَن الرحيم، من محمد عبد الله ورسوله، إلى هرقل عظيم الروم، سلام على من اتبع الهدى، أما بعد: فإني أدعوك بدعاية الإسلام، أسلم تسلم، يؤتك الله أجرك مرتين، فإن توليت فإن عليك إثم الأريسيين، و {يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئًا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون} .

ص: 6

قال أَبو سفيان: فلما قال ما قال، وفرغ من قراءة الكتاب، كثر عنده الصخب، وارتفعت الأصوات، وأخرجنا، فقلت لأصحابي، حين أخرجنا: لقد أمر أمر ابن أبي كبشة، إنه يخافه ملك بني الأصفر، فما زلت موقنا أنه سيظهر، حتى أدخل الله علي الإسلام.

وكان ابن الناظور، صاحب إيلياء، وهرقل، سقفا على نصارى الشام، يحدث أن هرقل حين قدم إيلياء، أصبح يوما خبيث النفس، فقال بعض بطارقته: قد استنكرنا هيئتك، قال ابن الناظور: وكان هرقل حزاء ينظر في النجوم، فقال لهم حين سألوه: إني رأيت الليلة، حين نظرت في النجوم، ملك الختان قد ظهر، فمن يختتن من هذه الأمة؟ قالوا: ليس يختتن إلا اليهود، فلا يهمنك شأنهم، واكتب إلى مدائن ملكك فيقتلوا من فيهم من اليهود، فبينما هم على أمرهم، أتي هرقل برجل أرسل به ملك غسان، يخبر عن خبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما استخبره هرقل قال: اذهبوا، فانظروا أمختتن هو أم لا؟ فنظروا إليه، فحدثوه أنه مختتن، وسأله عن العرب، فقال: هم يختتنون، فقال هرقل: هذا ملك هذه الأمة قد ظهر، ثم كتب هرقل إلى صاحب له برومية، وكان نظيره في العلم، وسار هرقل إلى حمص، فلم يرم حمص حتى أتاه كتاب من صاحبه، يوافق رأي هرقل على خروج النبي صلى الله عليه وسلم وأنه نبي، فأذن هرقل لعظماء الروم في دسكرة له بحمص، ثم أمر بأَبوابها فغلقت، ثم اطلع فقال: يا معشر الروم، هل لكم في الفلاح والرشد، وأن يثبت ملككم، فتبايعوا هذا النبي؟ فحاصوا حيصة حمر الوحش إلى الأَبواب، فوجدوها قد غلقت، فلما رأى هرقل نفرتهم، وأيس من الإيمان، قال: ردوهم علي، وقال: إني قلت مقالتي آنفا أختبر بها شدتكم على دينكم، فقد رأيت، فسجدوا له، ورضوا عنه، فكان ذلك آخر شأن هرقل»

(1)

.

(1)

اللفظ للبخاري (7).

ص: 7

- وفي رواية: «عن عُبيد الله بن عبد الله بن عُتبة، عن عبد الله بن عباس، رضي الله عنهما، أنه أخبره؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كتب إلى قيصر يدعوه إلى الإسلام، وبعث بكتابه إليه مع دحية الكلبي، وأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يدفعه إلى عظيم بصرى ليدفعه إلى قيصر، وكان قيصر لما كشف الله عنه جنود فارس، مشى من حمص إلى إيلياء شكرا، لما أبلاه الله، فلما جاء قيصر كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال حين قرأه: التمسوا لي هاهنا أحدا من قومه لأسألهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال ابن عباس: فأخبرني أَبو سفيان بن حرب، أنه كان بالشام، في رجال من قريش، قدموا تجارا في المدة التي كانت بين رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وبين كفار قريش، قال أَبو سفيان: فوجدنا رسول قيصر ببعض الشام، فانطلق بي وبأصحابي، حتى قدمنا إيلياء، فأدخلنا عليه، فإذا هو جالس في مجلس ملكه، وعليه التاج، وإذا حوله عظماء الروم، فقال لترجمانه: سلهم أيهم أقرب نسبا إلى هذا الرجل الذي يزعم أنه نبي؟ قال أَبو سفيان: فقلت: أنا أقربهم إليه نسبا، قال: ما قرابة ما بينك وبينه؟ فقلت: هو ابن عمي، وليس في الركب يومئذ أحد من بني عبد مناف غيري، فقال قيصر: أدنوه، وأمر بأصحابي فجعلوا خلف ظهري عند كتفي، ثم قال لترجمانه: قل لأصحابه: إني سائل هذا الرجل عن الذي يزعم أنه نبي، فإن كذب فكذبوه، قال أَبو سفيان: والله، لولا الحياء يومئذ من أن يأثر أصحابي عني الكذب، لكذبته حين سألني عنه، ولكني استحييت أن يأثروا الكذب عني، فصدقته، ثم قال لترجمانه: قل له: كيف نسب هذا الرجل فيكم؟ قلت: هو فينا ذو نسب، قال: فهل قال هذا القول أحد منكم قبله؟ قلت: لا، فقال: كنتم تتهمونه على الكذب قبل أن يقول ما قال؟ قلت: لا، قال: فهل كان من آبائه من ملك؟ قلت: لا، قال: فأشراف الناس يتبعونه أم ضعفاؤهم؟ قلت: بل ضعفاؤهم، قال: فيزيدون أم ينقصون؟ قلت: بل يزيدون، قال: فهل يرتد أحد سخطة لدينه بعد أن يدخل فيه؟ قلت: لا، قال: فهل يغدر؟ قلت: لا، ونحن الآن منه في مدة، نحن نخاف أن يغدر، قال أَبو سفيان: ولم يمكني كلمة أدخل

⦗ص: 9⦘

فيها شيئًا أنتقصه به لا أخاف أن تؤثر عني غيرها،

ص: 8

قال: فهل قاتلتموه، أو قاتلكم؟ قلت: نعم، قال: فكيف كانت حربه وحربكم؟ قلت: كانت دولا وسجالا، يدال علينا المرة وندال عليه الأخرى، قال: فماذا يأمركم به؟ قال: يأمرنا أن نعبد الله وحده لا نشرك به شيئا، وينهانا عما كان يعبد آباؤنا، ويأمرنا بالصلاة، والصدقة، والعفاف، والوفاء بالعهد، وأداء الأمانة، فقال لترجمانه، حين قلت ذلك له: قل له: إني سألتك عن نسبه فيكم؟ فزعمت أنه ذو نسب، وكذلك الرسل تبعث في نسب قومها، وسألتك: هل قال أحد منكم هذا القول قبله؟ فزعمت أن لا، فقلت: لو كان أحد منكم قال هذا القول قبله، قلت: رجل يأتم بقول قد قيل قبله، وسألتك: هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟ فزعمت أن لا، فعرفت أنه لم يكن ليدع الكذب على الناس ويكذب على الله، وسألتك: هل كان من آبائه من ملك؟ فزعمت أن لا، فقلت: لو كان من آبائه ملك قلت: يطلب ملك آبائه، وسألتك: أشراف الناس يتبعونه أم ضعفاؤهم؟ فزعمت أن ضعفاءهم اتبعوه، وهم أتباع الرسل، وسألتك: هل يزيدون، أو ينقصون؟ فزعمت أنهم يزيدون، وكذلك الإيمان حتى يتم، وسألتك: هل يرتد أحد سخطة لدينه بعد أن يدخل فيه؟ فزعمت أن لا، فكذلك الإيمان حين تخلط بشاشته القلوب لا يسخطه أحد، وسألتك: هل يغدر؟ فزعمت أن لا، وكذلك الرسل لا يغدرون، وسألتك: هل قاتلتموه وقاتلكم؟ فزعمت أن قد فعل، وأن حربكم وحربه تكون دولا، ويدال عليكم المرة وتدالون عليه الأخرى، وكذلك الرسل تبتلى وتكون لها العاقبة، وسألتك: بماذا يأمركم؟ فزعمت أنه يأمركم أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا، وينهاكم عما كان يعبد آباؤكم، ويأمركم بالصلاة، والصدق، والعفاف، والوفاء بالعهد، وأداء الأمانة، قال: وهذه صفة النبي، قد كنت أعلم أنه خارج، ولكن لم أظن أنه منكم، وإن يك ما قلت حقا، فيوشك أن يملك موضع قدمي هاتين، ولو أرجو أن أخلص إليه، لتجشمت لقيه، ولو كنت عنده لغسلت قدميه، قال أَبو سفيان: ثم دعا بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقرئ، فإذا فيه: بسم الله

⦗ص: 10⦘

الرَّحمَن الرحيم، من محمد عبد الله ورسوله، إلى هرقل عظيم الروم، سلام على من اتبع الهدى، أما بعد: فإني أدعوك بدعاية الإسلام، أسلم تسلم، وأسلم يؤتك الله أجرك مرتين، فإن توليت فعليك إثم الأريسيين، و {يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم أن لا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئًا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون} .

ص: 9

قال أَبو سفيان: فلما أن قضى مقالته، علت أصوات الذين حوله من عظماء الروم، وكثر لغطهم، فلا أدري ماذا قالوا، وأمر بنا فأخرجنا، فلما أن خرجت مع أصحابي وخلوت بهم، قلت لهم: لقد أمر أمر ابن أبي كبشة، هذا ملك بني الأصفر يخافه، قال أَبو سفيان: والله، ما زلت ذليلا مستيقنا بأن أمره سيظهر، حتى أدخل الله قلبي الإسلام، وأنا كاره»

(1)

.

- وفي رواية: «عن عُبيد الله بن عبد الله بن عُتبة، قال: حدثني ابن عباس، قال: حدثني أَبو سفيان من فيه إلى في، قال: انطلقت في المدة التي كانت بيني وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فبينا أنا بالشام، إذ جيء بكتاب من النبي صلى الله عليه وسلم إلى هرقل، قال: وكان دحية الكلبي جاء به، فدفعه إلى عظيم بصرى، فدفعه عظيم بصرى إلى هرقل، قال: فقال هرقل: هل هاهنا أحد من قوم هذا الرجل، الذي يزعم أنه نبي؟ فقالوا: نعم، قال: فدعيت في نفر من قريش، فدخلنا على هرقل، فأجلسنا بين يديه، فقال: أيكم أقرب نسبا من هذا الرجل، الذي يزعم أنه نبي؟ فقال أَبو سفيان: فقلت: أنا، فأجلسوني بين يديه، وأجلسوا أصحابي خلفي، ثم دعا بترجمانه، فقال: قل لهم: إني سائل هذا عن هذا الرجل، الذي يزعم أنه نبي، فإن كذبني، فكذبوه، قال أَبو سفيان: وايم الله، لولا أن يؤثروا علي الكذب لكذبت، ثم قال لترجمانه: سله كيف حسبه فيكم؟ قال: قلت: هو فينا ذو حسب، قال: فهل كان من آبائه ملك؟ قال: قلت: لا، قال: فهل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟ قلت: لا، قال: أيتبعه أشراف الناس أم ضعفاؤهم؟ قال: قلت: بل ضعفاؤهم، قال: يزيدون،

⦗ص: 11⦘

أو ينقصون؟ قال: قلت: لا، بل يزيدون، قال: هل يرتد أحد منهم عن دينه بعد أن يدخل فيه سخطة له؟ قال: قلت: لا، قال: فهل قاتلتموه؟ قال: قلت: نعم، قال: فكيف كان قتالكم إياه؟ قال: قلت: تكون الحرب بيننا وبينه سجالا، يصيب منا ونصيب منه، قال: فهل يغدر؟ قال: قلت: لا، ونحن منه في هذه المدة لا ندري ما هو صانع فيها،

(1)

اللفظ للبخاري (2940 و 2941).

ص: 10

قال: والله ما أمكنني من كلمة أدخل فيها شيئًا غير هذه، قال: فهل قال هذا القول أحد قبله؟ قلت: لا، ثم قال لترجمانه: قل له: إني سألتك عن حسبه فيكم؟ فزعمت أنه فيكم ذو حسب، وكذلك الرسل تبعث في أحساب قومها، وسألتك: هل كان في آبائه ملك؟ فزعمت أن لا، فقلت: لو كان من آبائه ملك، قلت: رجل يطلب ملك آبائه، وسألتك عن أتباعه: أضعفاؤهم أم أشرافهم؟ فقلت: بل ضعفاؤهم، وهم أتباع الرسل، وسألتك: هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟ فزعمت أن لا، فعرفت أنه لم يكن ليدع الكذب على الناس، ثم يذهب فيكذب على الله، وسألتك هل يرتد أحد منهم عن دينه بعد أن يدخل فيه سخطة له؟ فزعمت أن لا، وكذلك الإيمان إذا خالط بشاشة القلوب، وسألتك: هل يزيدون أم ينقصون؟ فزعمت أنهم يزيدون، وكذلك الإيمان حتى يتم، وسألتك: هل قاتلتموه؟ فزعمت أنكم قاتلتموه، فتكون الحرب بينكم وبينه سجالا، ينال منكم وتنالون منه، وكذلك الرسل تبتلى، ثم تكون لهم العاقبة، وسألتك: هل يغدر؟ فزعمت أنه لا يغدر، وكذلك الرسل لا تغدر، وسألتك: هل قال أحد هذا القول قبله؟ فزعمت أن لا، فقلت: لو كان قال هذا القول أحد قبله، قلت: رجل ائتم بقول قيل قبله، قال: ثم قال: بم يأمركم؟ قال: قلت: يأمرنا بالصلاة، والزكاة، والصلة، والعفاف، قال: إن يك ما تقول فيه حقا، فإنه نبي، وقد كنت أعلم أنه خارج، ولم أك أظنه منكم، ولو أني أعلم أني أخلص إليه لأحببت لقاءه، ولو كنت عنده لغسلت عن قدميه، وليبلغن ملكه ما تحت قدمي، قال: ثم دعا بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأه: فإذا فيه: بسم الله الرَّحمَن الرحيم، من محمد رسول الله،

⦗ص: 12⦘

إلى هرقل عظيم الروم، سلام على من اتبع الهدى، أما بعد: فإني أدعوك بدعاية الإسلام، أسلم تسلم، وأسلم يؤتك الله أجرك مرتين، فإن توليت فإن عليك إثم الأريسيين، و {يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم أن لا نعبد إلا الله} إلى قوله:{اشهدوا بأنا مسلمون} ، فلما فرغ من قراءة الكتاب، ارتفعت الأصوات عنده، وكثر اللغط، وأمر بنا فأخرجنا، قال: فقلت لأصحابي حين خرجنا: لقد أمر أمر ابن أبي كبشة، إنه ليخافه ملك بني الأصفر، فما زلت موقنا بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سيظهر، حتى أدخل الله علي الإسلام».

ص: 11

قال الزُّهْري: فدعا هرقل عظماء الروم، فجمعهم في دار له، فقال: يا معشر الروم، هل لكم في الفلاح والرشد آخر الأبد، وأن يثبت لكم ملككم؟ قال: فحاصوا حيصة حمر الوحش إلى الأَبواب، فوجدوها قد غلقت، فقال: علي بهم، فدعا بهم، فقال: إني إنما اختبرت شدتكم على دينكم، فقد رأيت منكم الذي أحببت، فسجدوا له، ورضوا عنه

(1)

.

- رواية أبي يَعلى، جاء مطلعها مرسلا، هكذا: «عن عُبيد الله بن عبد الله بن عُتبة بن مسعود؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كتب إلى قيصر، يدعوه إلى الإسلام، فبعث بكتابه مع دحية الكلبي، وأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يدفعه إلى عظيم بصرى، ليدفعه إلى قيصر، فدفعه عظيم بصرى إلى قيصر، فكان قيصر، لما كشف الله عنه جنود فارس، نذر أن يمشي من حمص إلى إيلياء، بما أبلاه الله في ذلك، فلما جاء قيصر كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال حين قرأ: التمسوا، هل هاهنا من قومه أحد لنسألهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قال ابن عباس: فأخبرني أَبو سفيان بن حرب، أنهم كانوا بالشام» الحديثَ.

أخرجه عبد الرزاق (9724) عن مَعمَر. و «أحمد» (2370) قال: حدثنا يعقوب، قال: حدثنا ابن أخي ابن شهاب. وفي 1/ 263 (2371) قال: حدثنا يعقوب، قال: حدثنا أبي، عن صالح بن كَيْسان. وفي (2372) قال: حدثناه عبد الرزاق، عن

⦗ص: 13⦘

مَعمَر. و «البخاري» 1/ 8 (7) و 4/ 54 (2978) و 9/ 76 (7196)، وفي «الأدب المفرد» (1109)، وفي «خلق أفعال العباد» (517) قال: حدثنا أَبو اليمان الحكم بن نافع، قال: أخبرنا شعيب. قال البخاري 1/ 8 (7): رواه صالح بن كَيْسان، ويونس، ومَعمَر، عن الزُّهْري.

(1)

اللفظ للبخاري (4553).

ص: 12

وفي 1/ 19 (51) و 3/ 180 (2681) و 4/ 45 (2940 و 2941)، وفي «خلق أفعال العباد» (520) قال: حدثنا إبراهيم بن حمزة، قال: حدثنا إبراهيم بن سعد، عن صالح بن كَيْسان. وفي 4/ 19 (2804) و 4/ 101 (3174)، وفي «خلق أفعال العباد» (518) قال: حدثنا يحيى بن بُكير، قال: حدثنا الليث، قال: حدثني يونس. وفي 6/ 35 (4553) قال: حدثني إبراهيم بن موسى، عن هشام، عن معمر (ح) وحدثني عبد الله بن محمد، قال: حدثنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا مَعمَر. وفي 8/ 4 (5980) قال: حدثنا يحيى، قال: حدثنا الليث، عن عُقيل. وفي 8/ 58 (6260) قال: حدثنا محمد بن مقاتل، أَبو الحسن، قال: أخبرنا عبد الله، قال: أخبرنا يونس. وفي «خلق أفعال العباد» (519) قال: حدثنا عبد الله، قال: حدثنا الليث، قال: حدثنا يونس. وفي (521) قال: حدثنا عَمرو بن زُرارة، قال: حدثنا زياد، عن ابن إسحاق. قال البخاري (522): رواه معمر، وهلال بن رداد، عن الزُّهْري. و «مسلم» 5/ 163 (4630) قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي، وابن أبي عمر، ومحمد بن رافع، وعَبد بن حُميد، قال ابن رافع، وابن أبي عمر: حدثنا، وقال الآخران: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا مَعمَر. وفي 5/ 166 (4631) قال: وحدثناه حسن الحُلْواني، وعَبد بن حُميد، قالا: حدثنا يعقوب، وهو ابن إبراهيم بن سعد، قال: حدثنا أبي، عن صالح. و «أَبو داود» (5136) قال: حدثنا محمد بن يحيى، قال: حدثنا عبد الرزاق، عن مَعمَر. و «التِّرمِذي» (2717) قال: حدثنا سويد، قال: حدثنا عبد الله، قال: حدثنا يونس. و «النَّسَائي» في «الكبرى» (5827 و 8794 و 10998) قال: أخبرنا أَبو داود سليمان بن سيف، قال: حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد، قال: حدثنا أبي، عن صالح. و «أَبو يَعلى» (2616 و 2617) قال: حدثنا سويد بن سعيد، قال: حدثنا الوليد بن محمد الموقري. و «ابن حِبَّان» (6555) قال: أخبرنا ابن قتيبة، بعسقلان، قال: حدثنا ابن أبي السري، قال: حدثنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا مَعمَر.

ص: 13

تسعتهم (مَعمَر بن راشد، وابن أخي ابن شهاب، وصالح بن كَيْسان، وشعيب بن أبي حمزة، ويونس بن يزيد، وعُقيل بن خالد، وابن إسحاق، وهلال بن رداد، والوليد بن محمد)

⦗ص: 14⦘

عن ابن شهاب الزُّهْري، قال: أخبرني عُبيد الله بن عبد الله بن عُتبة بن مسعود، أن عبد الله بن عباس أخبره، فذكره

(1)

.

- قال التِّرمِذي: هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ، وأَبو سفيان اسمه: صخر بن حرب.

• أخرجه عبد الرزاق (9846) قال: أخبرنا معمر. و «البخاري» 4/ 44 (2936) قال: حدثنا إسحاق، قال: أخبرنا يعقوب بن إبراهيم، قال: حدثنا ابن أخي ابن شهاب. و «أَبو داود» (5136) قال: حدثنا الحسن بن علي، قال: حدثنا عبد الرزاق، عن مَعمَر.

كلاهما (معمر، ومحمد بن عبد الله بن مسلم، ابن أخي ابن شهاب) عن ابن شهاب الزُّهْري، قال: أخبرني عُبيد الله بن عبد الله بن عُتبة بن مسعود، أن عبد الله بن عباس، رضي الله عنهما، أخبره؛

«أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كتب إلى قيصر، وقال: فإن توليت فإن عليك إثم الأريسيين»

(2)

.

- وفي رواية: «أن النبي صلى الله عليه وسلم ، كتب إلى هرقل: من محمد رسول الله، إلى هرقل عظيم الروم، سلام على من اتبع الهدى»

(3)

.

مختصر، ليس فيه:«أَبو سفيان»

(4)

.

(1)

المسند الجامع (5212 و 6892)، وتحفة الأشراف (4850 و 5846)، وأطراف المسند (2872 و 3549).

والحديث؛ أخرجه ابن أبي عاصم في «الآحاد والمثاني» (488: 493)، وأَبو عَوانة (6726: 6737)، والطبراني (7269: 7273)، والبيهقي 9/ 177 و 10/ 130، والبغوي (3316).

(2)

اللفظ للبخاري.

(3)

اللفظ لأبي داود.

(4)

المسند الجامع (6894 و 6895)، وتحفة الأشراف (5853).

والحديث؛ أخرجه البيهقي 10/ 130.

ص: 13

• أَبو سلمة المخزومي

اسمه عبد الله بن عبد الأسد، تقدم في حرف العين.

ص: 14