الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب الشركة
باب الشركة في الطعام والنهد والعروض
الشركة بفتح الشين مع كسر الراء وسكونها ويجوز كسر الشين وسكون الراء وهي في اللغة الاختلاط وفي الشرع ثبوت الحق في شيء لاثنين فأكثر على جهة الشيوع وقد تحدث قهرا كالإرث وبالاختيار كالشراء ونحوه
والنهد بفتح النون وكسرها مع سكون الهاء هو إخراج القوم نفقاتهم على قدر عددهم وخلطها عند المرافقة في السفر وقد يكون في الحضر قال البخاري ولم ير المسلمون في النهد بأسا بأن يأكل هذا بعضا وهذا بعضا مجازفة والعروض جمع عرض بسكون الراء وهو المتاع ويقابله النقد
1 -
عن أبي موسى قال قال النبي صلى الله عليه وسلم إن الأشعريين إذا أرملوا في الغزو أو قل طعام عيالهم بالمدينة جمعوا ما كان عندهم في ثوب واحد ثم اقتسموه بينهم في إناء واحد بالسوية فهم مني وأنا منهم
-[المعنى العام]-
يمتدح الرسول صلى الله عليه وسلم الأشعريين لتراحمهم وإيثار بعضهم بعضا وبأنهم إذا نفد زادهم ولم يبق عند بعضهم إلا القليل سواء كانوا مسافرين أو مقيمين في هذه الحالة الضنكة التي تحرص فيها النفس على ما عندها
وتعض على ما تحت يدها بالنواجذ يجمعون ما عندهم ويخلطونه كأنه مال واحد ويجتمعون عليه كأنهم رجل واحد يتناولون منه كل حسب حاجته منه إن فعلهم هذا من الإسلام بل إن الإسلام هو فعلهم ولو اقتدى بهم المسلمون في أيامنا ما غلا طعام وما عز مطلوب ولكنه الشره وحب النفس سيطر على مشاعرنا فما نكاد نسمع بقلة استيراد متاع حتى نتكالب على شرائه ونتسابق في تخزينه حتى ينعدم من السوق وينعم بالإسراف فيه قلة بينما يعاني الكثير آلام الحرمان
-[المباحث العربية]-
(إن الأشعريين) جمع أشعري بتشديد الياء نسبة إلى الأشعر قبيلة من اليمن ويروى إن الأشعرين بدون ياء النسب
(إذا أرملوا) أي إذا فنى زادهم من الإرمال وهو فناء الزاد وإعواز الطعام وأصله من الرمل كأنهم لصقوا بالرمل من القلة كما قال تعالى {أو مسكينا ذا متربة} أي لصقت يده بالتراب لفقره
(في إناء واحد) في بمعنى الباء أي قسموا بإناء واحد حتى يأخذ كل واحد منهم مقدار نصيب الآخر وأكد هذا بقوله بالسوية
(فهم من) ي الضمير المجرور للرسول صلى الله عليه وسلم أي الأشعريون متصلون بي وكلمة من هذه تسمى اتصالية والمراد من هذه الجملة كما قال النووي المبالغة في اتحاد طريقهما واتفاقهما في طاعة الله تعالى وقيل المراد فعلوا فعلى في المواساة
-[فقه الحديث]-
-[ويؤخذ من الحديث]-
استحباب خلط الزاد في السفر والحضر وليس المراد من قسمته ما عرف عند الفقهاء بل المراد إباحة البعض للبعض بموجوده
2 -
فضيلة الإيثار والمواساة
3 -
منقبة عظيمة للأشعريين قبيلة أبي موسى الأشعري بسبب إيثارهم ومواساتهم بشهادة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم لهم وتشريفهم بإضافتهم إليه
4 -
جواز تحديث الرجل بمناقبه لأن المحدث بهذا الحديث أبو موسى الأشعري ولم ينكر عليه أحد
5 -
استدل به بعضهم على جواز هبة المجهول ظنا منه أن أخذ البعض من مال البعض هبة والحق أن الهبة تمليك والتمليك غير الإباحة وأيضا لا تكون الهبة إلا بالإيجاب والقبول وكل ما يدل عليه الحديث المواساة والإباحة
2 -
عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: مثل القائم على حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة فأصاب بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها فكان الذين في أسفلها إذا استسقوا من الماء مروا على من فوقهم فقالوا لو أننا أخرقنا في نصيبنا خرقا ولم نؤذ من فوقنا فإن تركوهم وما أرادوا هلكوا جميعا وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعا
-[المعنى العام]-
شبه الرسول صلى الله عليه وسلم حالة المحافظ على حدود الله ومنها الأمر بالمعروف
والنهي عن المنكر والذي يقع في الذنوب أو لا يأمر بالمعروف ولا ينهى عن المنكر بقوم اقتسموا سفينة سكنوها بطريق القرعة فأصاب بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها فكان الأسفلون إذا أرادوا ماء مروا على من فوقهم فيتأذى سكان العلو من الخروج ومن رشاش الماء، ومن الحركة وقت الراحة وغير ذلك من أنواع المضايقات وأحس سكان الأسفل بأذاهم ورغبوا في تفاديه ففكروا تفكيرا سقيما فكروا لو أنهم خرقوا السفينة من الأسفل لاستطاعوا أن يحصلوا على الماء دون إلحاق الأذى بإخوانهم سكان العلو وما خطر ببالهم أن ذلك الخرق مهما صغر كفيل بإغراق السفينة وإهلاك الجميع وبدءوا في إخراج مشروعهم إلى عالم الوجود فأخذ أحدهم بفأسه وشرع ينقر وسمعه الأعلون فنزلوا فقالوا ما لك؟ قال تأذيتم بنا في مرورنا عليكم ولا بد لنا من الماء فإن تركوه يخرق هلكوا جميعا وإن منعوه نجا ونجوا جميعا وهكذا من يقيم حدود الله تحصل له ولغيره النجاة وأما من يهملها أو يقع فيها فله الهلاك للعاصي بمعصيته وللساكت بالرضى بها وعدم إنكاره لها
-[المباحث العربية]-
(مثل القائم على حدود الله) أي المستقيم على أمر الله وعلى ما منع من مجاوزته ويقال القائم بأمر الله الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر
(استهموا على سفينة) أي اقترعوا فأخذ كل واحد منهم سهما أي نصيبا منها
(فكان الذين في أسفلها) في بعض الروايات الذي في أسفلها بإفراد الموصول ويؤول موصوفه بالفريق
(فإن تركوهم) الضمير المرفوع لمن فوق أي إن ترك الذين سكنوا الأعلى الذين تحتهم وإن شرطية جوابها جملة هلكوا
(وما أرادوا) الواو بمعنى مع وما موصولة والعائد محذوف أو مصدرية
(هلكوا جميعا) الضمير في هلكوا للفريقين العلوي والسفلي
(وإن أخذوا على أيديهم) كناية عن منعهم من تنفيذ إرادتهم من الخرق
(نجوا ونجوا جميعا) الضمير الأول لأهل العلو والثاني لأهل السفل وصح العكس وجميعا حال على التأويل
وفي الحديث تمثيل شبهت فيه الهيئة الحاصلة من انتباه الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر وحيلولته بين مريد الذنب وبين اقترافه بالهيئة الحاصلة من سكنى قوم أعلى سفينة وقوم أسفلها ورغبة الأسفلين في خرقها ومنع الأعلين لهم بجامع النجاة في كل نجاة الآمرين والطائعين من عقاب الله ونجاة سكان السفينة المريدين للخرق والمانعين لهم من الغرق كذلك يقال في الحالة الثانية شبهت الهيئة الحاصلة من إهمال المسلم أمر المقدم على الذنب حتى يقع فيه بالهيئة الحاصلة من إهمال ساكني أعلى سفينة أمر ساكني أسفلها مريدي خرقها حتى ينفذوا الخرق بجامع الهلاك في كل هلاك المسلم الذي لم يأمر بالمعروف بسبب تقصيره وهلاك المذنب بسبب ذنبه هلاكهما بعقاب الله وهلاك سكان السفينة المهملين والخارقين بالغرق والغرض من هذا التمثيل الحث على إنكار المنكر والعمل على منعه قبل وقوعه
-[فقه الحديث]-
-[ويؤخذ من الحديث]-
1 -
جواز ضرب الأمثال
2 -
جواز القرعة لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يذم المستهمين في السفينة ولم يبطل فعلهم بل رضيه وضرب به مثلا لمن نجا من الهلكة في دينه قال ابن بطال: القرعة سنة لكل من أراد العدل في القسمة بين الشركاء والفقهاء متفقون على القول بها ولم يخالف في ذلك إلا بعض الكوفيين وقالوا لا
معنى لها لأنها تشبه الأزلام التي نهى الله عنها وحكي عن أبي حنيفة أنه جوزها وقال هي في القياس لا تستقيم ولكنا نترك القياس في ذلك للآثار والسنة فقد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا خرج أقرع بين نسائه كما أقرعت الأنصار سكنى المهاجرين
3 -
أنه يجب على الجار أن يصبر على شيء من أذى جاره خوف ما هو أشد
4 -
أنه ليس لصاحب السفل أن يحدث على صاحب العلو ما يضر به
5 -
أنه لصاحب العلو منعه من الضرر
6 -
تعذيب العامة بذنوب الخاصة وباستحقاق العقوبة بترك النهي عن المنكر مع القدرة كما حكى الله عن سبب أخذ بني إسرائيل بالعذاب بقوله {كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه} ويقول سبحانه {واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة}
7 -
وفيه جواز قسمة العقار المتفاوت بالقرعة وإن كان فيه علو وسفل