الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
غزوة مؤتة من أرض الشام
63 -
عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما يقول بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الحرقة فصبحنا القوم فهزمناهم ولحقت أنا ورجل من الأنصار رجلا منهم فلما غشيناه قال لا إله إلا الله فكف الأنصاري فطعنته برمحي حتى قتلته فلما قدمنا بلغ النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا أسامة أقتلته بعد ما قال لا إله إلا الله قلت كان متعوذا فما زال يكررها حتى تمنيت أني لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم
-[المعنى العام]-
في رمضان سنة سبع من الهجرة بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية بإمارة غالب بن عبد الله الليثي لتأديب بطن من بطون جهينة ولتأمين المسلمين في الأرض الإسلامية وكان في هذه السرية أسامة بن زيد فاجأت السرية القوم صباحا فقاتلتهم وراع المسلمين رجل من المشركين أوجع في الضرب وأكثر من قتل المسلمين ولكن الدائرة سرعان ما دارت على المشركين فانهزموا وفروا وتعقب أسامة ورجل من الأنصار هذا المشرك حتى أدركاه وأحاطا به فقال لا إله إلا الله لينجو من القتل وكان معلوما مشهورا أن من قالها عصم دمه وماله فكف الأنصاري عن الرجل لكن أسامة اعتقد أنه يخادع فقد أسرف في قتل المسلمين منذ قليل فقاتله بالسيف فاحتمى منه بشجرة فطعنه أسامة برمحه حتى قضى عليه وذهب البشير بخبر السرية إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وحدثه حديث أسامة وقتله الرجل فلما وصل أسامة إلى المدينة سأله رسول الله صلى الله عليه وسلم أقتلته يا أسامة بعد أن قال لا إله إلا الله قال إنه قالها خوفا من السلاح قال له هل شققت عن قلبه لتعلم أقالها من قلبه أم خداعا قال يا رسول الله أنه أوجع في القتل وقتل فلانا
وفلانا من المسلمين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وقتلته بعد أن قال لا إله إلا الله قال أسامة يا رسول الله استغفر لي قال وبم تجيب يوم القيامة إذا جاءت لا إله إلا الله تطالبك بحقها في حقن الدم والمال قال استغفر لي يا رسول الله قال وكيف تصنع بـ لا إله إلا الله إذا جاءت يوم القيامة أعاد أسامة طلب المغفرة وكرره لكن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يزد على قوله كيف تصنع بـ لا إله إلا الله إذا جاءت يوم القيامة وتمنى أسامة أنه لم يكن أسلم قبل ذلك اليوم ليغسل الإسلام الجديد ذنبه وحلف ألا يقاتل مسلما فلما جاءت الفتنة واستنفر علي أصحابه ومنهم أسامة أحجم أسامة عن مناصرة علي وأرسل إليه يقول لو كنت في شدق الأسد لأحببت أن أكون معك فيه ولكن أكره قتال
المسلمين
-[المباحث العربية]-
(بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الضمير لأسامة ومن كان معه من أفراد السرية
(إلى الحرقة) في رواية الحرقات بضم الحاء وفتح الراء بطن من جهينة يقيمون على مسافة نحو ستة وتسعين ميلا من المدينة بناحية نجد قيل سموا بذلك لواقعة كانت بينهم وبين بني مرة بن عوف فأحرقوا بني مرة بالسهام وأكثروا من قتلهم
(فصبحنا القوم) أي فاجأناهم وهجمنا عليهم في الصباح يقال صبحته إذا أتيته صباحا بغتة
(ولحقت أنا ورجل من الأنصار رجلا منهم) لم يقف الحفاظ على اسم الأنصاري أما الحرقي فقيل إن اسمه مرداس بن عمرو الفدكي وقيل مرداس بن نهيك الغزاوي والكلام معطوف على محذوف أي فهزمناهم فولوا هاربين
(فلما غشيناه) بفتح الغين وكسر الشين أي لحقنا به ووقفنا عليه كأنه تغطى بنا
(قال لا إله إلا الله) كناية عن الشهادتين وقيل إن هذه الشهادة وحدها كافية للمنع من القتل وبخاصة من مشرك
(فطعنته برمحي حتى قتلته) أي وما زلت أطعنه حتى قتل
(أقتلته بعد ما قال) الاستفهام للتقرير أي حمل المخاطب على الإقرار ويصح أن يكون للتهويل والعجب ويصح أن يكون للتوبيخ أي ما كان ينبغي
(قلت كان متعوذا) بضم الميم وفتح التاء والعين وكسر الواو المشددة أي ملتجئا إلى الكلمة من أجل العوذ والعصمة
(فما زال يكررها) أي يكرر أقتلته بعد ما قال لا إله إلا الله وفي رواية فما زال يكرر أفلا شققت عن قلبه وفي رواية أنه كرر كيف تصنع بلا إله إلا الله إذا جاءت يوم القيامة فيحتمل أنه صلى الله عليه وسلم كرر الألفاظ الثلاثة فنقل راو واحدة ونقل الآخر الأخرى
(حتى تمنيت أني لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم) في رواية حتى تمنيت أني أسلمت يومئذ والمعنى تمنيت أنه لم يتقدم إسلامي بل ابتدأت الإسلام الآن ليمحو عني هذا الذنب
-[فقه الحديث]-
قال ابن رشد: قتل أسامة الرجل ليس من العمد الذي فيه الإثم ولا من الخطأ الذي فيه الدية والكفارة وإنما هو عن اجتهاد تبين خطؤه ففيه لأسامة أجر واحد وإنما عنفه صلى الله عليه وسلم لتركه الاحتياط فإن الأحوط عدم قتله أهـ
ومما لا شك فيه أن أسامة اجتهد وتأول سواء قلنا إنه ظن أن الرجل قالها خوف السلاح فقط كما اعتذر هو بذلك أو قلنا كما قال الخطابي لعل أسامة تأول قوله تعالى {فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا} ولهذا سقط القصاص عنه باتفاق
أما من جهة الدية أو الكفارة فجمهور العلماء عن أن الدية والكفارة لا تسقط في مثل هذه الحالة لكن هل ألزمه الرسول صلى الله عليه وسلم إياها فسكت الرواة عنه أو لم يلزمه حيث كان ذلك قبل نزول آية الدية والكفارة وقال القرطبي يحتمل أنه لم يجب عليه شيء لأنه كان مأذونا له في أصل القتل فلا يضمن ما أتلف من نفس ولا مال كالخاتن والطبيب ثم قال ولم أر من اعتذر عن سقوط الكفارة فلعلها أيضا لم تكن شرعت
والتأويل وإن أسقط القصاص لم يسقط التوبيخ كما وقع ولا العقوبة الأخروية ولذا لم يقبل عذره
-[ويؤخذ من الحديث: ]-
1 -
أن الأحكام يعمل فيها بالظواهر والله يتولى السرائر
2 -
استدل به بعضهم على أن من تمنى أنه لم يكن أسلم قبل اليوم لا يكفر لأنه جازم بالإسلام في الحال والاستقبال وفي هذا الاستدلال نظر لأن أسامة لم يقصد التمني حقيقة وإنما قصد المبالغة في الخوف
3 -
جواز اللوم والتعنيف والمبالغة في الوعظ عند الأمور الهامة
4 -
قال القرطبي في تكريره صلى الله عليه وسلم وإعراضه عن قبول العذر زجر شديد عن الإقدام على مثل ذلك
5 -
أن لا إله إلا الله تعصم الدم
6 -
جواز المراجعة في العلم
7 -
حلم العالم على السائل