الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويجيب المبطلون لبيع الفضولي بأن الحديث واقعة عين لا يحتج بها فقد يكون عروة قد وكل بالشراء والبيع معا فليس من قبيل بيع الفضولي
-[ويؤخذ من الحديث]-
1 -
مشروعية السوم في البيع والشراء
2 -
أن الشرع لا يحدد الربح فقد ربح عروة هنا 100/ وأقره الرسول صلى الله عليه وسلم
3 -
منقبة عظيمة لعروة بن الجعد أو ابن أبي الجعد البارقي
4 -
وفيه علامة من علامات النبوة وهي دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لعروة فاستجيب له
فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ورضي عنهم ومن صحب النبي صلى الله عليه وسلم ورآه من المسلمين فهو من أصحابه
54 -
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال قال النبي صلى الله عليه وسلم لا تسبوا أصحابي فلو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه
-[المعنى العام]-
لا شك أن سب الصفوة من الناس وخيارهم ليس كسب العامة والسوقة ولا شك أن الجريمة في حق كبار القوم أعظم منها في صغارهم ولا شك أن الصحابة خير القرون على الإطلاق أيدوا وصدقوا وصدقوا ما عاهدوا الله عليه آووا ونصروا وأوذوا في سبيل الدعوة وتحملوا وأنفقوا في سبيل الله وضحوا درهمهم لا يعدله آلاف الدنانير من غيرهم والمد منهم لا يعدله مثل أحد ذهبا من غيرهم فكان فضلهم لا يدانيه فضل وكرامتهم لا تساميها كرامة
حفظ لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم جهادهم وصان لهم عرضهم وحذر من أن ينال أحد من أحدهم ولو كان واحدا منهم
لقد كان بين خالد بن الوليد وعبد الرحمن بن عوف شيء تشاحنا وتناولا غليظ القول فسب خالد بن الوليد عبد الرحمن بن عوف فعنف رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد وساق الحديث لا تسبوا أصحابي فإنهم قمة الناس حملوا لواء الدعوة ودافعوا عنها ونشروها وبذلوا في سبيلها النفس والنفيس لو أنفق آحاد الأمة مثل جبل أحد ذهبا ما بلغ في الأجر ما يبلغه أحدهم بإنفاقه حفنات من قمح أو شعير في سبيل الله بل ما بلغ أجر أحدهم في إنفاقه حفنتين اثنتين من الشعير فرضي الله عنهم وجزاهم عن الإسلام خيرا
-[المباحث العربية]-
(لا تسبوا أصحابي) الخطاب في الأصل موجه إلى خالد بن الوليد لسبه عبد الرحمن بن عوف والجمع ليشمل من على شاكلته فالنهي للصحابة أن يسب بعضهم بعضا
قال الحافظ ابن حجر وغفل من قال إن الخطاب بذلك لغير الصحابة ممن سيوجد من المسلمين المفروضين في العقل تنزيلا لمن
سيوجد منزلة الموجود للقطع بوقوعه قال ووجه التعقب عليه وقوع التصريح في نفس الخبر بأن المخاطب بذلك خالد بن الوليد وهو من الصحابة الموجودين إذ ذاك بالاتفاق أهـ
ونحن نقول إن الخطاب لكل من يتأتى خطابه أعم من أن يكون صحابيا أو من دونه إلى يوم القيامة فكأنه قال لا تسبوا معشر الناس أصحابي والمراد من أصحابي مطلق الصحبة ولسنا مع من يقول إن المراد به أصحاب مخصوصون سبقوا إلى الإسلام فهو كقوله تعالى {لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل} فكأنه قال يا خالد لا تسب كبار الصحابة ومتقدميهم فهذا القول يشعر مفهومه عدم النهي عن سب متأخري الصحابة فالأولى جعل الخطاب لكل من يتأتى خطابه وتعميم المراد من الصحابة
(فلو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا) أي أنفق مثل جبل أحد ذهبا في سبيل الله وهذا التعبير مبالغة لا واقع له إذ من المستحيل امتلاك مثل أحد ذهبا فضلا عن إنفاقه
(ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه) أي ما بلغ في الدرجة والثواب وعظم الأجر ما يبلغه إنفاق أحدهم مدا من الشعير أو التمر ولا نصف المد والمد حفنة بحفنة الرجل المعتدل
-[فقه الحديث]-
اسم صحبة النبي صلى الله عليه وسلم مستحق لمن صحبه أو رآه من المسلمين وإن كان العرف يخص الصحبة ببعض الملازمة وهذا هو الراجح في تعريف الصحابي فلا يشترط فيه أن يكون الرائي وقت الرؤية مميزا فإنهم ذكروا في الصحابة مثل محمد بن أبي بكر الصديق وقد ولد قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بثلاثة أشهر وأيام ومع هذا فأحاديث هذا الضرب مراسيل لا يقبلها حتى من يقبل مراسيل الصحابة
وفضيلة الصحبة وردت في أحاديث كثيرة منها في الصحيح خير
أمتي قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم
…
وسبب التفاوت في الأجر بينهم وبين غيرهم ما يقارن الأفضل من مزيد الإخلاص وصدق النية وعظم موقع ما أنفقوا حيث ضيق اليد وشدة الاحتياج ثم إن إنفاقهم كان في نصرة النبي صلى الله عليه وسلم وذلك غير حاصل بعد وفاته والنهي عن سب الصحابة مقصود به التشديد في الحرمة والجريمة وإلا فسب عامة المؤمنين حرام ثم إن النهي يشمل عموم الصحابة فيدخل فيهم من لابس الفتنة ومن لم يلابس الفتنة لأن من لابس الفتنة كان مجتهدا متأولا وحتى من كان منهم غير مجتهد وغير متأول على سبيل الفرض يحرم سبه لأن الخطأ لا يلغي الفضيلة
ومذهب الجمهور من العلماء أن من سب الصحابة يعزر ولا يقتل وقال بعض المالكية يقتل وقال بعض المحققين إن كان سبهم والطعن فيهم مخالفا للأدلة القطعية فهو كفر كقذف عائشة رضي الله عنها وإن لم يكن كذلك فهو بدعة وفسق
-[ويؤخذ من الحديث: ]-
1 -
فضيلة الصحابة على غيرهم
2 -
أن العمل الصالح الواحد يختلف أجره باختلاف الفاعل وباختلاف المكان والزمان والظروف المحيطة
3 -
توجيه الأحكام والتدليل عليها بما يقنع السامع والمكلف
4 -
جواز التعليق على المستحيل العادي كإنفاق جبل من ذهب للمبالغة وتقريب المعاني
55 -
عن عائشة رضي الله عنها أن امرأة من بني مخزوم سرقت فقالوا من يكلم فيها النبي صلى الله عليه وسلم فلم يجترئ أحد أن يكلمه فكلمه أسامة بن زيد فقال إن بني إسرائيل كان إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق الضعيف قطعوه لو كانت فاطمة لقطعت يدها
-[المعنى العام]-
كان قطع يد السارق معلوما للعرب فلما جاء الإسلام أقره شريعة بقوله تعالى {والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالا من الله والله عزيز حكيم}
وكانت امرأة من بني مخزوم تستعير أمتعة وحليا من أناس ثم لا تردها فإذا طولبت بها جحدتها بعد أن تبيعها وتأخذ ثمنها ولما أحست أن بعض الناس قد اكتشفوا حالها فلم يعودوا يعيرونها لجأت إلى الاستعارة باسم أناس لهم وضعهم وهم لا يعرفون فتقول مثلا إن بنت فلان أو امرأة فلان تطلب منكم كذا وكذا عارية مردودة فتعطي فتبيع ويطالب الناس الذين أخذت العارية باسمهم فيفاجأون ويفزعون وقادها هذا السلوك المنحرف إلى أن سرقت قطيفة فيها حلي فرفع أمرها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم سألها فأنكرت فقال اذهبوا إلى دارها فذهبوا فأتوا بالمسروق فاعترفت
وكانت من بيت كبير وأسرة عريقة والعرب الشرفاء يسيء إلى قبيلتهم
كلها أن يقال فيهم سارق واحد فضيحة كبرى لبني مخزوم أن تقطع يد امرأة منهم لكن ماذا يفعلون إنهم خائفون حتى من مكالمة رسول الله صلى الله عليه وسلم في شأنها هيبة وإجلالا فليبحثوا عن وسيط وشفيع مقبول الرجاء فوجدوا الحبيب بن الحبيب أسامة بن زيد فطلبوا منه أن يشفع ليعفو عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن يدفعوا الفداء ويرضوا الخصماء واستجارت المرأة بأم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم وجاء أسامة يشفع فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم غضبا شديدا وعنف أسامة ورماه بالجهل كيف تشفع في حد من حدود الله ثم نادى بلالا يا بلال قم فخذ بيدها فاقطعها فقام فقطعها ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الناس فخطب فيهم وقال إن بني إسرائيل كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الوضيع أقاموا عليه الحد فأهلكهم الله بظلمهم والذي نفسي بيده لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطع محمد يدها أما المرأة فقد تابت توبة خالصة واستضافتها يوم القطع امرأة أسيد بن حضير وآوتها بعد أن قطعوا يدها وصنعت لها طعاما وغضب أسيد من زوجته لعطفها عليها فشكاها لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم رحمتها رحمها الله وظل رسول الله صلى الله عليه وسلم يرحمها ويصلها
-[المباحث العربية]-
(أن امرأة من بني مخزوم) اسمها على الصحيح فاطمة بنت الأسود بن عبد الأسد بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم
(سرقت) قطيفة وقيل حليا وقيل كانت تستعير المتاع وتجحده وسمي بذلك سرقة لشبهه بالسرقة وسيأتي مزيد إيضاح في فقه الحديث
(فقالوا من يكلم النبي صلى الله عليه وسلم معطوف على محذوف أي فرفع أمرها للنبي صلى الله عليه وسلم أو فأتي بها للنبي
(فيها) أي في أمرها والشفاعة عنده أن لا يقطع يدها أي في العفو عنها
(فلم يجترئ أحد أن يكلمه) أي يشفع عنده فيها أن لا تقطع إما
عفوا وإما فداء ويجترئ بسكون الجيم وكسر الراء يفتعل من الجرأة بضم الجيم ويجوز فتح الجيم والراء مع المد والجرأة الإقدام
(فكلمه أسامة بن زيد) وكانوا يسمونه حب رسول الله صلى الله عليه وسلم بكسر الحاء أي محبوبه لما يعرفون من منزلته عنده لأنه كان يحب أباه قبله وأمه أم أيمن حاضنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان يجلسه على فخذه صلى الله عليه وسلم بعد أن كبر وأبوه زيد بن حارثة استشهد في غزوة مؤتة أما أسامة فمات في المدينة سنة أربع وخمسين وفي رواية فكلمه فزبره أي أغلظ في القول حتى نسبه إلى الجهل
(فقال إن بني إسرائيل) في رواية أنه صلى الله عليه وسلم قام في الناس خطيبا فقال إنما أهلك من كان قبلكم
…
إلخ ويحتمل أنه قال ذلك لأسامة ثم قام يخطب في الناس
(كان إذا سرق فيهم الشريف تركوه) اسم كان ضمير الحال والشأن
(وإذا سرق فيهم الضعيف قطعوه) في رواية الوضيع والشريف يقابل الضعيف والوضيع لما يستلزم الشرف من الرفعة والقوة
(لو كانت فاطمة) فاطمة بالنصب خبر كانت واسمها ضمير يعود على السارقة وفي رواية لو فاطمة ويقدر فعل بعد لو لأنه لا يليها إلا الأفعال أو يقدر لفظ أن لتساير الرواية الأخرى وحذف أن مع لو كثير
-[فقه الحديث]-
في بيان المسروق أخرج ابن ماجه لما سرقت المرأة القطيفة من بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أعظمنا ذلك فجئنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم نكلمه
…
وفي رواية مرسلة أنها سرقت حليا ويمكن الجمع بينهما بأن الحلي كانت في القطيفة
لكن جاء عند مسلم وأبي داود أن المرأة كانت تستعير المتاع وتجحده وعند النسائي أنها استعارت حليا على ألسنة ناس كوسيطة لهم
فباعته وأخذت ثمنه وقد أثارت هذه الرواية إشكالا فقهيا هل يقطع في جحد الوديعة قال بالإيجاب وأخذ بالظاهر أحمد في أشهر روايتيه وانتصر له ابن حزم وذهب الجمهور إلى أنه لا يقطع في جحد العارية إذ لا قطع على خائن ولا مختلس ولا منتهب
وأجابوا بأن رواية سرقت أرجح ولو أنها قطعت في جحد العارية لوجب قطع كل من جحد شيئا إذا ثبت عليه
وقد اختلف العلماء في جواز الشفاعة في أصحاب الذنوب فقال ابن عبد البر لا أعلم خلافا أن الشفاعة في ذوي الذنوب حسنة جميلة ما لم تبلغ السلطان وذكر الخطابي وغيره عن مالك أنه فرق بين من عرف بأذى الناس ومن لم يعرف فقال لا يشفع للأول مطلقا سواء بلغ الإمام أم لا وأما من لم يعرف بذلك فلا بأس أن يشفع له ما لم يبلغ الإمام وعن عائشة مرفوعا أقيلوا ذوي الهيئات زلاتهم إلا في الحدود كما اختلفوا هل يجوز للإمام أن يعفو أو لا يجوز يقول ابن عبد البر على السلطان أن يقيم الحد إذا بلغه وعند أبي داود وأحمد وصححه الحاكم عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من حالت شفاعته دون حد من حدود الله فقد ضاد الله في أمره وأخرج الطبراني عن عروة بن الزبير لقي الزبير سارقا فشفع فيه فقيل له حتى يبلغ الإمام فقال إذا بلغ الإمام فلعن الله الشافع والمشفع وبسند صحيح أن ابن عباس وعمارا والزبير أخذوا سارقا فخلوا سبيله فقيل لابن عباس بئسما صنعتم حين خليتم سبيله
وعند الدارقطني من حديث الزبير مرفوعا اشفعوا ما لم يصل إلى الولي فإذا وصل فعفا فلا عفا الله عنه
-[ويؤخذ من الحديث: ]-
1 -
منع الشفاعة في الحدود إذا بلغت الوالي
2 -
تمسك بالحديث من أوجب إقامة الحد على القاذف إذا بلغ الإمام ولو عفا المقذوف وهو قول الحنفية وقال مالك والشافعي وأبو يوسف
يجوز العفو مطلقا ويدرأ بذلك الحد
3 -
وفيه دخول النساء مع الرجال في حد السرقة
4 -
وفيه ترك المحاباة في إقامة الحد على من وجب عليه
5 -
وفيه منقبة عظيمة لأسامة
6 -
وأن فاطمة عليها السلام عند أبيها في أعظم المنازل لأنه ما خصها بالذكر إلا لأنها أعز أهله عنده ولأنه لم يبق من بناته حينئذ غيرها فأراد المبالغة في إثبات الحد على كل مكلف
7 -
وفيه جواز ضرب المثل بالكبير القدر للمبالغة في الزجر عن الفعل
8 -
وفيه الاعتبار بأحوال من مضى من الأمم ولا سيما من خالف أمر الشرع
9 -
وفيه جواز الشفاعة فيما يقتضي التعزيز
10 -
وفيه ما كان عليه الصحابة من تهيبهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وإجلاله
11 -
وفيه أن الإسلام يسوي بين أفراده على اختلاف منازلهم في القضاء