الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الدعوة وبيعهم أنفسهم هينة سريعة من أجلها
3 -
اعتزازهم بحضور بيعة الرضوان
4 -
عرض الأتباع مشكلتهم على متبوعهم لعله أصوب منهم رأيا وبخاصة رسول الله صلى الله عليه وسلم
5 -
أن النبي صلى الله عليه وسلم مجاب الدعوة له المنزلة الرفيعة عند ربه
6 -
معجزة تكثير الماء على يديه صلى الله عليه وسلم قال الحافظ ابن حجر وقد وقع نبع الماء من بين أصابعه مرارا في الحضر والسفر صلى الله عليه وسلم
غزوة خيبر
62 -
عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال لما غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر أو قال لما توجه رسول الله صلى الله عليه وسلم أشرف الناس
على واد فرفعوا أصواتهم بالتكبير الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اربعوا على أنفسكم إنكم لا تدعون أصم ولا غائبا إنكم تدعون سميعا قريبا وهو معكم وأنا خلف دابة رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمعني وأنا أقول لا حول ولا قوة إلا بالله فقال لي يا عبد الله بن قيس قلت لبيك رسول الله قال ألا أدلك على كلمة من كنز من كنوز الجنة قلت بلى يا رسول الله فداك أبي وأمي قال لا حول ولا قوة إلا بالله
-[المعنى العام]-
عاد رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحديبية إلى المدينة في ذي الحجة فأقام بها بضع عشر ليلة وكان أهل خيبر من اليهود قد نكثوا عهدهم وخانوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وتمالئوا مع الأحزاب ضده صلى الله عليه وسلم كما فعل قريظة والنضير فكان لزاما تأمين الدعوة من غدرهم كما كان من العدالة تأديبهم
خرج إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في المحرم وصل إلى ديار خيبر ليلا وكان لا يغير على قوم حتى يصبح فلما أصبح وخرجت يهود إلى مزارعهم رأوا جيش رسول الله صلى الله عليه وسلم فعادوا وتحصنوا بحصونهم فأقام النبي صلى الله عليه وسلم محاصرا إياهم بضع عشرة ليلة فأصابتهم مخمصة شديدة فخرجوا وبدءوا القتال وانتهى اليوم الأول دون نصر لفريق ومال كل إلى عسكره بعد الغروب فلما أصبح الصباح تقاتلوا حتى الغروب دون نصر ومال كل إلى عسكره فلما أصبح الصباح أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم الراية أو اللواء لعلي بن أبي طالب ففتح الله به وكان النصر للمسلمين والتجأ اليهود إلى قصر من قصورهم وصالحوا النبي صلى الله عليه وسلم على أن يجلوا من خيبر وله الذهب والفضة والحلي ولهم ما حملت ركابهم على أن لا يكتموه شيئا ولا يغيبوا عنه في الأرض مالا لكنهم نكثوا ودفنوا كنوزا يخفونها فأطلعه الله عليها وأخرجها من خربة فعاقبهم بالنكث واستسلموا فسبى النساء والذرية وقرر إجلاءهم فقالوا دعنا في هذه الأرض نصلحها فأبقاهم عمالا بالأرض ليس لهم
فيها ملك ولهم شطر ما يخرج منها ثم قسم المال والسبي وعاد هو وأصحابه وفي طريق عودتهم حينما أشرفوا على واد رفعوا أصواتهم بالتكبير لا إله إلا الله الله أكبر وكانوا قد علموا أن يكبروا كلما علوا جبلا أو هبطوا واديا لكنهم رفعوا أصواتهم عاليا فقال لهم صلى الله عليه وسلم هونوا على أنفسكم وارفقوا بها وهدئوا من أصواتكم فإنكم تدعون الله وتكبرونه وهو ليس أصم ولا غائبا ولكنه سميع بصير يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور وهو معكم أينما كنتم وكان أبو موسى الأشعري قريبا من رسول الله صلى الله عليه وسلم يختفي عنه وراء ناقة فقال لا حول ولا قوة إلا بالله وسر رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا الذكر فناداه يا عبد الله بن قيس قال لبيك يا رسول الله قال حسنا قلت ألا أدلك على كنز من كنوز الجنة ونعيم كبير من نعيمها
قال بلى دلني يا رسول الله أفديك بأبي وأمي قال لا حول ولا قوة إلا بالله التي قلتها الساعة كنز من كنوز الجنة فاحرص عليها وادع إليها فهي تسليم وتفويض وخير ما يذكر به المسلم ربه التسليم والتفويض
-[المباحث العربية]-
(لما غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر) أي وعادوا وفي طريق عودتهم كبروا لأن أبا موسى الراوي لم يكن معهم إلا في طريق عودتهم
(أشرف الناس على واد) أي ارتقوا على جبل يشرف على واد منخفض والشرف المرتفع من الأرض
(اربعوا على أنفسكم) بهمزة وصل مكسورة فراء ساكنة فباء مفتوحة وحكى ابن التين في رواية كسر الباء أي ارفقوا ولا تجهدوا أنفسكم
(إنكم لا تدعون أصم ولا غائبا) الجملة تعليلية حاصرة لأن رفع الصوت إنما يحتاجه الأصم الذي لا يسمع الصوت المنخفض والبعيد الذي تحول المسافة بين مخرج الصوت وبينه فخفض الصوت صالح لمن اتصف بالصفتين السمع والقرب وأطلق على التكبير دعاء من جهة أنه بمعنى النداء لكون الذاكر يريد إسماع من ذكره والشهادة له
(وهو معكم) جملة حالية لتأكيد معنى القرب لأن القرب أمر نسبي فالبعيد قريب بالنسبة لمن هو أبعد
(وأنا خلف دابة) المتكلم أبو موسى الأشعري راوي الحديث ودواب الغزو الناقة والفرس لكنهم لما كانوا عائدين غانمين للبقر وغيرها من الدواب جاز أن يراد بالدابة البقرة مثلا
(لا حول ولا قوة إلا بالله) لعل أبا موسى قالها تسليما بأن رفع الصوت من الله وخفضه من الله ومعناها لا تحويل للعبد عن معصية الله إلا بعصمة الله ولا قوة له على طاعة الله إلا بتوفيق الله وقيل المعنى لا حيلة للإنسان في أمر ما ولا قدرة له على فعل ما إلا بأمر الله وقدرته فهي كلمة استسلام وتفويض وإن العبد لا يملك من أمره شيئا وليس له حيلة في دفع شر ولا قوة في جلب الخير إلا بإرادة الله
(لبيك يا رسول الله) أي إجابة لك بعد إجابة يا رسول الله
(ألا أدلك على كلمة من كنز من كنوز الجنة) من الأولى بيانية كأنه قال على كلمة أي كنز من كنوز الجنة والكلمة تطلق على الواحدة وعلى الكثير من الكلام حتى على الخطبة الطويلة والكنز في الأصل المال الكثير النفيس المدخر وأطلق على الحوقلة كنز لمشابهتها الكنز في عزتها ونفاستها وعظيم فائدتها فالمراد أنها من ذخائر الجنة أو من محصلات نفائس الجنة وقال النووي المعنى أن قولها يحصل ثوابا نفيسا يدخر لصاحبه في الجنة
(لا حول ولا قوة إلا بالله) هذه الجملة مقصود لفظها مبتدأ خبره محذوف أو خبر لمبتدأ محذوف أو في موضع جر بدل من كنز أو في موضع نصب بتقدير أعني
-[فقه الحديث]-
ذكر البخاري هذا الحديث هنا في الغزوات ثم ذكره في كتاب
الدعوات تحت عنوان وهو السميع البصير قال ابن بطال غرض البخاري الرد على من قال إن معنى سميع بصير عليم ويلزم من ذلك أن يسويه بالأعمى الذي يعلم أن السماء خضراء ولا يراها وبالأصم الذي يعلم أن في الناس أصواتا ولا يسمعها ولا شك أن من سمع وأبصر أدخل في صنعة الكمال ممن انفرد بأحدهما دون الآخر فصح أن كونه سميعا بصيرا يفيد قدرا زائدا على كونه عليما وكونه سميعا بصيرا يتضمن أنه يسمع بسمع ويبصر ببصر ولا فرق بين إثبات كونه سميعا بصيرا وبين كونه ذا سمع وبصر وهذا قول أهل السنة قاطبة أهـ
وقد يعترض على صنيع البخاري من حيث إن الحديث لا نص فيه على البصير وقد صور الكرماني هذا الاعتراض بقوله لو جاءت الرواية لا تدعون أصم ولا أعمى لكانت أظهر في المناسبة للترجمة والعنوان وأجاب عن الاعتراض بقوله لكنه لما كان الغائب كالأعمى في عدم الرؤية نفي لازمه ليكون أبلغ وأشمل أهـ
-[ويؤخذ من الحديث]-
1 -
وصف الله تعالى بالقرب وفي ذلك يقول الله تعالى {وإذا سألك عبادي عني فإني قريب}
2 -
عدم مشروعية رفع الصوت بالتكبير أو الدعاء رفعا يجهد النفس ويشق عليها
3 -
من اعتراض الحديث على رفع الصوت بالتكبير لا على أصل التكبير شرع التكبير عند الصعود إلى المكان المرتفع وقد جاء استحباب ذلك صريحا في حديث كان صلى الله عليه وسلم إذا قفل من غزو أو حج أو عمرة يكبر على كل شرف من الأرض ثلاث تكبيرات يقول لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير آيبون تائبون عابدون لربنا حامدون صدق وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده
قال العلماء ومناسبة التكبير عند الصعود أن الاستعلاء والارتفاع
محبوب للنفوس لما فيه من استشعار الكبرياء فشرع لمن تلبس به أن يذكر الله تعالى وأنه أكبر من كل شيء
4 -
قال ابن بطال في هذا الحديث نفي الآفة المانعة من السمع والآفة المانعة من النظر وإثبات كونه سميعا بصيرا يستلزم أن لا تصح أضداد هذه الصفات عليه
5 -
ما كان عليه صلى الله عليه وسلم من حرصه على أمته وشفقته عليهم مصداقا لقوله تعالى {لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم}
6 -
فضيلة الذكر بلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وقد أخرج الحاكم إذا قال العبد لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم قال الله أسلم عبدي واستسلم