الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب فضائل القرآن
1 -
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "لا حسد إلا في اثنتين رجل علمه الله القرآن فهو يتلوه آناء الليل وآناء النهار فسمعه جار له فقال ليتني أوتيت مثل ما أوتي فلان فعملت مثل ما يعمل ورجل آتاه الله مالا فهو يهلكه في الحق فقال رجل ليتني أوتيت مثل ما أوتي فلان فعملت مثل ما يعمل"
-[المعنى العام]-
الدنيا مزرعة الآخرة والكيس من استفاد منها وعمل لما بعد الموت والحكيم من نظر إلى من دونه قدرا في الدنيا فيحمد الله على حاله وإلى من فوقه دينا وتجارة أخروية فنافسه وسابقه وحرص على اللحاق به والزيادة عليه والحديث يرشد إلى ميدانين من ميادين الخير باعتبارهما أهم الميادين وكان غيرهما بجوارهما لا شيء ميدان قراءة القرآن والعمل به وميدان الإنفاق في سبيل الله فيقول لا غبطة محمودة ولا يليق بمسلم أن يتطلع إلى ما عند مسلم ولا أن يتمنى فضلا تفضل الله به على مسلم إلا في حالتين حالة رجل أو امرأة علمه الله القرآن فحفظه أو أجاد قراءته في المصحف فهو يشغل به وقته ويتلوه في ساعات الليل وفي ساعات النهار فإنه يحق للمسلم الذي يسمعه أن يتمنى أن يكون مثله وأن
يعمل مثل ما يعمل يحق للمسلم حينئذ أن يحاول وأن ينافس
الحالة الثانية حالة رجل أو امرأة آتاه الله مالا فجعله في يده لا في قلبه وابتغى به الدار الآخرة وأخذ ينفق منه في وجوه الإنفاق الشرعية صباح مساء فيحق للمسلم الذي يراه أن يتمنى مثله وأن يحاول الكسب الحلال والإنفاق مما يكتسب في سبيل الله
ففي الحالتين فضل كبير فضل قراءة القرآن وفضل الإنفاق في وجوه الخير وفي ذلك فليتنافس المتنافسون
-[المباحث العربية]-
(لا حسد إلا في اثنتين)"لا" نافية للجنس واسمها "حسد" مبني على الفتح في محل نصب وخبرها محذوف تقديره "محمود" أو مرخص به شرعا إلا في خصلتين وحالتين والمستثنى منه محذوف أي لا حسد في شيء من الأشياء أو في خصلة من الخصال إلا في خلصتين والمراد من الحسد الغبطة وهي تمني مثل ما عند الغير وهي محمودة شرعا بخلاف الحسد الذي هو تمني زوال نعمة الغير وهو محرم شرعا وإنما عبر عن الغبطة بالحسد للمشابهة بينهما من بعض الوجوه
(رجل) بالرفع والجر وهو على كل منهما قائم مقام المضاف المحذوف أي خصلة رجل فالرفع خبر مبتدأ محذوف أي إحداهما خصلة رجل والجر على البدلية من "اثنين" وذكر الرجل ليس للاحتراز عن المرأة وإنما ذكره للتمثيل فالحكم يعم النساء
(علمه الله القرآن فهو يتلوه) علمه قراءته حفظا أو قراءة والمراد العمل به مع التلاوة بدليل رواية ابن عمر "فهو يقوم به" وتلاوته أعم من أن تكون في صلاة أو في غير صلاة
(آناء الليل وآناء النهار) أي ساعات الليل وساعات النهار وليس المقصود استغراق جميع الأوقات بالقراءة حتى لا ينام أو لا يأكل أو لا
يشتغل بأمر دنياه بل المراد المبالغة في كثرة القراءة و"آناء" جمع "إنى" بكسر الهمزة وفتح النون منونة كأمعاء جمع معي
(فسمعه جار له) ذكر "جار" مبني على الغالب لأنه الذي يسمع في جميع أحواله غالبا
(ليتني أوتيت مثل ما أوتي فلان فعملت مثل ما يعمل) التمني للأمرين معا والغبطة في اجتماعهما
(آتاه الله مالا) نكرة تفيد الشيوع فيقع على القليل والكثير وعلى أي ممول تجارة وزراعة وصناعة أقواتا وغير أقوات
(فهو يهلكه) أي ينفقه والتعبير بالإهلاك للإشارة إلى استنفاده كله والإسراف في الخير محمود
(في الحق) قيد للاحتراز عن التبذير المذموم
-[فقه الحديث]-
تخصيص هاتين الخصلتين بالذكر وحصر الخير فيهما ادعاء للإشارة إلى عظم أمرهما ومبالغة في فضلهما نعم هناك خصال لها من الفضل مثل ما لهاتين أو أكثر كالجهاد والتفقه في الدين مثلا لكن الحث على بعض الفضائل في بعض الأوقات روعي فيه المناسبات والظروف وحال المخاطبين ولذلك يقول الحافظ ابن حجر ولا يلزم من الحديث أفضلية المقرئ على الفقيه لأن المخاطبين بذلك كانوا فقهاء ولا يلزم كذلك أن يكون المقرئ أفضل ممن هو أعظم عناء في الإسلام كالمجاهد والمرابط والآمر بالمعروف والناهي عن المنكر لأن ذلك دائر على النفع المتعدي إلى الغير فمن كان حصوله عنده أكثر كان أفضل
-[ويؤخذ من الحديث]-
1 -
جواز الغبطة بمعنى تمني مثل ما عند الغير من غير تمني زواله عن الغير قال الحافظ ابن حجر فإن كان في الطاعة فهو محمود ومنه {وفي
ذلك فليتنافس المتنافسون} وإن كان في المعصية فهو مذموم
2 -
فضل قراءة القرآن
3 -
فضل الإنفاق في سبيل الله وفي الحق وفضل السخاء
4 -
ذم البخل والشح
5 -
المبالغة في الإنفاق في الحق لا تعد تبذيرا ولا تذم
6 -
الحض على هاتين الخصلتين
7 -
الحث على التنافس في الخيرات
8 -
استدل بالحديث على أن الغني القائم بحقوق المال أفضل من الفقير قال الحافظ ابن حجر نعم يكون أفضل بالنسبة إلى من أعرض ولم يتمن اهـ
وظاهر كلامه أنه لا يكون أفضل من الفقير إذا تمنى لكن حديث "ذهب أهل الدثور بالأجور" يفيد تفضيل الغني المنفق لماله في وجوه الخير على الفقير والله أعلم.
2 -
عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "إنما مثل صاحب القرآن كمثل صاحب الإبل المعقلة إن عاهد عليها أمسكها وإن أطلقها ذهبت"
-[المعنى العام]-
يقول الله تعالى {إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا} ويقول {سنقرئك فلا تنسى} بهاتين الآيتين أشار الله تعالى إلى صعوبة حفظ القرآن وصعوبة الاحتفاظ بهذا الحفظ وأشار إلى طريق المحافظة عليه بقوله {ورتل القرآن ترتيلا} وقوله {فاقرءوا ما تيسر من القرآن} حتى من يكون منا مرضى أو ضاربين في الأرض فطريق إمساك المسلم بما حفظ مداومة التلاوة وهذا الحديث يوضح ذلك المعنى بضرب المثل وتشبيه القرآن في صدر حافظه بالإبل المقيدة مادام القيد والتعاهد ظلت ممسكة وإن فك قيدها ولم تراقب انفلتت وذهبت وصاحب القرآن كذلك إن داوم على تلاوته واستذكاره ظل حافظا وإن غفل عن تلاوته وأهمل قراءته نسي ما حفظه وما أعظم مصيبة من حفظ آية ثم نسيها وما أشد خسران من نسي القرآن بعد حفظه نعوذ بالله من ذلك
-[المباحث العربية]-
(إنما مثل صاحب القرآن كمثل صاحب الإبل) الصاحب الملازم لذي ألف الشيء أو الذي يملكه و"إنما" أداة حصر ادعائي لأن لصاحب القرآن تشبيهات أخرى
(المعقلة) بضم الميم وفتح العين وتشديد القاف المفتوحة هي
المشدودة بالعقال وهو الحبل الذي يشد في ركبة البعير بعد ثني الساق على الفخذ قاعدا وبه لا يستطيع القيام
(إن عاهد عليها أمسكها وإن أطلقها ذهبت) وفي رواية لمسلم "إن تعاهدها صاحبها فعقلها أمسكها وإن أطلق عقالها ذهبت" تعاهد الإبل وعقل الإبل قد يراد به إحداث ذلك بعد أن لم يكن وقد يراد به استمرار ذلك وتعاهد القرآن كذلك قد يرد به إنشاء القراءة والحفظ وقد يراد به استمرار القراءة ومداومة الحفظ والظاهر -مع صحة الأمرين- أن المراد هنا الاستمرار لذا وضع البخاري الحديث تحت عنوان باب استذكار القرآن وتعاهده أي طلب ذكره وتجديد العهد بملازمته وهذه الجملة بيان لوجه الشبه
والتشبيه في الحديث تشبيه مركب بتشبيه القرآن بالإبل وقارئه بصاحب الإبل وتشبيه المذاكرة والتلاوة بمداومة العقل والحفظ بالإمساك والنسيان بالإطلاق ويصح أن يكون تشبيه تمثيل أي تشبيه هيئة صاحب القرآن مع القرآن من حيث التعاهد أو عدمه بهيئة صاحب الإبل مع الإبل من هذه الحيثية بجامع الإمساك عند التعاهد والانفلات عند الإهمال
-[فقه الحديث]-
قال القاضي عياض ألف التلاوة أعم من أن يألفها صاحب القرآن نظرا من المصحف أو عن ظهر قلب فإن الذي يداوم على ذلك يذل له لسانه ويسهل عليه قراءته فإذا هجره ثقلت عليه القراءة وشقت عليه اهـ
ويؤكد هذا المعنى حديث البخاري "استذكروا القرآن فإنه أشد تفصيا أي تفلتا من صدور الرجال من النعم"
وقال ابن بطال هذا الحديث يوافق الآيتين قوله تعالى {إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا} وقوله تعالى {ولقد يسرنا القرآن للذكر} فمن أقبل عليه بالمحافظة والتعاهد يسر له ومن أعرض عنه تفلت منه اهـ
-[ويؤخذ من الحديث]-
1 -
ضرب الأمثال لإيضاح المقاصد وتشبيه المعقول بالمحسوس لزيادة التمكن في النفس
2 -
الإشارة إلى صعوبة حفظ القرآن وصعوبة استمرار إمساكه مما يوحي بالمشقة المؤدية إلى زيادة الأجر
3 -
الحض على المحافظة على القرآن بدوام دراسته وتكرار تلاوته
3 -
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "يخرج فيكم قوم تحقرون صلاتكم مع صلاتهم وصيامكم مع صيامهم وعملكم مع عملهم ويقرءون القرآن لا يجاوز حناجرهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ينظر في النصل فلا يرى شيئا وينظر في القدح فلا يرى شيئا وينظر في الريش فلا يرى شيئا ويتمارى في الفوق"
-[المعنى العام]-
يحذر صلى الله عليه وسلم من المراءاة بقراءة القرآن وبالعبادات وينبه إلى أن الأساس استقرار الإيمان في القلوب ويوجه الأمة إلى عدم الاغترار بالمظاهر ويتنبأ عن طريق الوحي بقوم يخرجون في مستقبل الزمان يبالغون في الصلاة والصيام والأعمال الخيرية ظاهرا ويقرءون القرآن كثيرا درجة أن الصحابي العابد لو رآهم لاحتقر عبادته نفسه بالنسبة لعبادتهم لاحتقر صلاته بالنسبة لصلاتهم واحتقر صيامه بالنسبة لصيامهم واحتقر قراءته للقرآن بالنسبة لقراءتهم لكن أعمالهم تلك مع كثرتها ومبالغتها هيكل وشكل وصورة لا حقيقة لها فأذكارهم لا تتجاوز ألسنتهم وقراءتهم لا تتجاوز حناجرهم لأنها لم تنبع من إيمان قلبي فمثل عبادتهم تلك كمثل السهم الذي يخترق الصيد ويخرج بسرعة لشدة سرعته لا يعلق به شيء من الصيد حتى الدم لا يكاد يرى فيه يحس الصائد أنه رجع من رميته صفر اليدين ينظر في أجزاء سلاحه لعله يجد شيئا من الصيد ينتفع به فلا يجد وهكذا هؤلاء الناس يخرجون من مظاهر الطقوس التي مارسوها من غير قبول ومن غير أجر أو ثواب
-[المباحث العربية]-
(يخرج فيكم) الخطاب قيل للصحابة على معنى أن الموصوفين سيخرجون إلى الوجود في عصر الصحابة ولو عند آخر صحابي على معنى لو فرض ورأيتموهم بينكم حقرتم صلاتكم
وقيل الخطاب للأمة أي يخرج فيكم معشر المسلمين قوم تحقرون معشر العابدين صلاتكم
(تحقرون صلاتكم مع صلاتهم) أي تعدون صلاتكم بالنسبة لظاهر صلاتهم قليلة
(وعملكم مع عملهم) أي وعملكم الصالح أي عبادتكم مع عبادتهم
فهو من عطف العام على الخاص ليتناول غير الصلاة والصيام من العبادات
(ويقرءون القرآن لا يجاوز حناجرهم) أي يقرءون بتجدد وكثرة قراءة بالألسنة والحروف التي لا تصل إلى القلب والحناجر جمع حنجرة وهي الحلقوم والبلعوم وهو طرف المريء مما يلي الفم وفي رواية "لا يجاوز تراقيهم ولا تعيه قلبهم"
(يمرقون من الدين) أي يخرجون من أعمالهم الدينية الظاهرية
(كما يخرج السهم من الرمية) بفتح الراء وكسر الميم وتشديد الياء فعيلة بمعنى مفعولة، أي الصيد المرمي. شبه مروقهم من الدين بالسهم الذي يصيب الصيد فيدخل فيه ويخرج منه ومن شدة سرعة خروجة لقوة الرامي لا يعلق به من جسد الصيد شيء
(ينظر في النصل فلا يرى شيئا) فاعل "ينظر" للرامي المعلوم من المقام والنصل بفتح النون وسكون الصاد حديدة السهم وسنه
(وينظر في القدح فلا يرى شيئا)"القدح" بكسر القاف وسكون الدال عود السهم قبل أن يراش ويتصل
(وينظر في الريش فلا يرى شيئا) الريش هو ما يلصق على السهم ليحمله في الهواء كما يحمل الطائر وهو يشبه الأجنحة التي توضع في مقدمة الصاروخ
(ويتمارى في الفوق) أي ويتشكك الرامي في وجود أثر من الصيد في "الفوق" وهو بضم الفاء الجزء المشقوق من رأس السهم حيث يركب في الوتر
-[فقه الحديث]-
ذهب بعض العلماء إلى أن الحديث يشير إلى الخوارج اعتمادا على رواية للبخاري في كتاب استتابه المرتدين في باب قتل الخوارج تربط الحديث بالحرورية والحق أنها إن ربطت بهم لا تمنع من وجود طوائف
غيرهم فيها الصفات الواردة في الحديث وفي هذا الزمان كثير ممن يتصفون بهذه الصفات
وقد قال الحافظ ابن حجر في تصويرهم أن قراءتهم لا يرفعها الله ولا يقبلها وقيل لا يعملون بالقرآن فلا يثابون على قراءته فلا يحصل لهم إلا سرده وقال النووي المراد أنهم ليس لهم فيه حظ إلا مروره على لسانهم لا يصل إلى حلوقهم فضلا عن أن يصل إلى قلوبهم لأن المطلوب تعقله وتدبره بوقوعه في القلب وحكى القرطبي عن قراءتهم هذه أن المراد منها الحذق في التلاوة أي يأتون به على أحسن أحواله نطقا أو أنهم يواظبون على تلاوته أو هو كناية عن حسن الصوت به وهذه وجوه احتقار الآخرين لقراءة أنفسهم
-[ويؤخذ من الحديث: ]-
علم من أعلام النبوة وإخبار عما حدث في المستقبل من وجود هذه الطائفة
2 -
التحذير من المراءاة بالقرآن
3 -
التنبيه إلى عدم الاغترار بالمظاهر
4 -
الحث على قراءة القرآن بقلب واع وتدبر
5 -
ذم النفاق والمراءاة بالعبادة.
4 -
عن أبي موسى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "المؤمن الذي يقرأ القرآن ويعمل به كالأترجة طعمها طيب وريحها طيب والمؤمن الذي لا يقرأ القرآن ويعمل به كالتمرة طعمها طيب ولا ريح لها ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن كالريحانة ريحها طيب وطعمها مر ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن كالحنظلة طعمها مر أو خبيث وريحها مر"
-[المعنى العام]-
لما كان فضل القرآن عظيما عملا به وقراءة لدرجة قال حكيمهم من أراد أن يسمع الله فليقرأ القرآن ومن أراد أن يناجي الله فليقم إلى الصلاة وورد في الحديث القدسي "من شغله القرآن عن ذكري وعن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين"
لما كان الأمر كذلك كان الناس أمام هذه السوق الأخروية أربعة أصناف قارئ عامل وعامل غير قارئ وقارئ غير عامل وغير قارئ وغير عامل والحديث يشبه كل صنف من هذه الأصناف الأربعة بنوع من أنواع النبات تقريبا للأذهان وتوضيحا للمعاني فالمؤمن الذي يقرأ القرآن ويعمل بما جاء فيه مثله مثل الأترجة الفاكهة النضرة الجميلة الناعمة الصفراء اللون التي تسر الناظرين ذات الرائحة الطيبة والطعم اللذيذ وذات الفوائد الكثيرة للبدن فهي حسنة ظاهرا والباطن نافعة لمن يتناولها ولمن يقرب منه فيراها أو يشمها وكذلك قارئ القرآن العامل به حسن الظاهر والباطن نافع نفسه ونافع من يسمعه أو يراه والمؤمن الذي يعمل بما جاء
به القرآن ولا يقرؤه مثله مثل التمرة حلوة في حقيقة طعمها نافعة لآكلها لكنها لا تنفع من بجواره لأنها لا رائحة لها ولا متعة في منظرها
والمنافق الذي يقرأ القرآن مثله مثل الريحانة ريحها طيب تعطر ما حولها وطعمها مر لا تمتع آكلها
والمنافق الذي لا يقرأ القرآن خبيث الباطن قبيح الظاهر مثله مثل الحنظلة لا يستلذ بها متناولها ولا يتمتع بها من يجاوره لأن طعمها مر أو خبيث وريحها قبيح جعلنا الله من المؤمنين الصادقين القارئين العاملين
-[المباحث العربية]-
(كالأترجة) بضم الهمزة وسكون التاء وضم الراء وتشديد الجيم المفتوحة وقد تخفف الجيم ويزاد قبلها نون ساكنة فاكهة شبيهة بالبرتقال إلا أنها أكبر ولونها يميل إلى الصفرة أكثر
(طعمها طيب وريحها طيب) ربط الطعم في الحالات الأربع بصفة الإيمان وربط الريح بالقراءة
قيل لأن الإيمان ألزم للمؤمن من القرآن إذ يمكن حصول الإيمان بدون القراءة وكذلك الطعم ألزم للجوهر من الريح فقد يذهب ريح الجوهر ويبقى طعمه
ثم قيل الحكمة في تخصيص الأترجة بالتمثيل دون غيرها من الفاكهة التي تجمع طيب الطعم والريح كالتفاحة لأنه يتداوى بقشرها ويستخرج من حبها دهن له منافع وفيها أيضا من المزايا كبر جرمها وحسن منظرها ولين ملمسها وفي أكلها مع الالتذاذ طيب رائحة ودباغ معدة وجودة هضم ولها منافع أخرى قاله الحافظ ابن حجر
(الذي لا يقرأ القرآن ويعمل به)"يعمل" معطوف على "لا يقرأ" لا على "يقرأ"
(طعمها مر أو خبيث) شك من الراوي
(وريحها مر) استشكلت هذه الرواية بأن المرارة من أوصاف الطعوم فكيف يوصف بها الريح وأجيب بأن ريحها لما كان كريها استعير له وصف المرارة قاله الحافظ ابن حجر وحاصله أنه شبه خبث الرائحة بمرار الطعم بجامع النفور والتقزز في كل واستعيرت المرارة للخبث على سبيل الاستعارة التصريحية وفي رواية للبخاري "ولا ريح لها" وللحنظلة حقيقة ريح خبيث فرواية "لا ريح لها" محمولة على نفي الريح الطيبة
-[فقه الحديث]-
-[ويؤخذ من الحديث]-
1 -
فضل قراءة القرآن والحث عليه
2 -
ضرب المثل لتقريب المعاني وتثبيتها في النفوس
3 -
أن الهدف من قراءة القرآن تدبره والعمل به لا مجرد النطق بألفاظه
4 -
تحقير أمر المنافق لعدم استفادته من أعماله التي ظاهرها العبادة