المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌كتاب الأشربة 32 - عن أبي هريرة رضي الله عنه أن - المنهل الحديث في شرح الحديث - جـ ٤

[موسى شاهين لاشين]

الفصل: ‌ ‌كتاب الأشربة 32 - عن أبي هريرة رضي الله عنه أن

‌كتاب الأشربة

32 -

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن"

-[المعنى العام]-

يحذر الرسول صلى الله عليه وسلم من انتهاك حرمات الله وارتكاب الكبائر وينذر فاعلها بانسلاخه عن وصف المدح الذي يسمى به أولياؤه المؤمنون فيقول لا يزني الزاني حين يزني وهو كامل الإيمان ولا يشرب الخمر شاربها وهو متصف بهذا الوصف الحميد ولا يسرق السارق حين يسرق وعنده شيء من الحياء من الله ولا ينتهب نهبة يرفع الناس إليه أبصارهم فيها حين ينتهيها وهو مؤمن فبئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون

-[المباحث العربية]-

(لا يزني الزاني) وفي رواية "لا يزني" بدون كلمة الزاني وبها استدل بها ابن مالك على جواز حذف الفاعل والراجح أن الفاعل ضمير مستتر لا محذوف يعود على مفهوم من المقام أي الرجل أو المؤمن أو الزاني لا يزني وهل الجملة خبرية لفظا ومعنى أو خبرية لفظا إنشائية معنى الظاهر الأول

ص: 121

(وهو مؤمن) الجملة في محل النصب على الحال

(ولا يشرب الخمر) اختلف أهل اللغة في اشتقاق اسم الخمر على ألفاظ قريبة المعاني فقيل

سميت خمرا لأنها تخمر العقل أي تغطيه ومنه خمار المرأة لأنه يغطي رأسها وقيل مشتقة من المخامرة بمعنى المخالطة لأنها لتخالط العقل وقيل لأنها تركت حتى أدركت كما يقال خمر العجين أي بلغ إدراكه وهي مؤنثة كما قال أبو حنيفة وحكى الفراء جواز تذكيرها وفي مدلولها الشرعي خلاف بين الفقهاء فمذهب أبي حنيفة أن الخمر هي ماء العنب إذا غلا واشتد وقذف بالزبد وغيره لا يسمى خمرا إلا في حالة السكر بخلاف ماء العنب فإنه خمر سواء أسكر أو لم يسكر وأطلق مالك والشافعي وأحمد وعامة أهل الحديث الخمر على كل مسكر لحديث "كل مسكر خمر وكل مسكر حرام" ولقول ابن عمر على المنبر دون معارض

"أما بعد نزل تحريم الخمر وهي من خمسة أشياء العنب والتمر والعسل والحنطة والشعير والخمر ما خمر العقل" أهـ وحديث ابن عمر هذا لم يحصر الخمر في الخمسة إذ عمم بعد ذكرها بقوله "والخمر ما خامر العقل"

-[فقه الحديث]-

ظاهر الحديث إن الإيمان منفي عن مرتكبي هذه الكبائر وبه تعلق الخوارج فكفروا مرتكب الكبيرة عامدا عالما بالتحريم ولما كان هذا الظاهر معارضا بأحاديث أخرى صحيحة كالذي أخرجه البخاري ومسلم عن أبي ذر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "أتاني جبريل عليه السلام فبشرني أنه من مات من أمتك لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة" قال أبو ذر قلت وإن زنى وإن سرق قال رسول الله وإن زنى وإن سرق قلت وإن زنى وإن سرق قال "وإن زنى أو سرق" ثم قال في الرابعة "على رغم أنف أبي ذر" لما كان هذا التعارض أول أهل السنة حديث الباب بعدة تأويلات

ص: 122

منها أن المراد بالإيمان المنفي الإيمان الكامل فلفظ وهو مؤمن مراد منه وهو كامل الإيمان

ومنها أن المراد بالإيمان الحياء فقد ورد "الحياء شعبة من الإيمان" من إطلاق الكل وإرادة الجزء أو إطلاق الملزوم وإرادة اللازم والمعنى لا يزني الزاني حين يزني وهو مستحي إذ لو استحيا من الله تعالى حق الحياء واعتقد أنه حاضر مشاهد لحاله لم يرتكب هذا الفعل الشنيع

ومنها أنه من باب التغليظ والتهديد العظيم يعني أن هذه الخصال ليست من أفعال المؤمنين لأنها منافية لحالهم فلا ينبغي أن يتصفوا بها بل هي من صفات الكافرين كقوله تعالى {ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين} أي ومن تشبه بالكفار فلم يحج

ومنها إن فاعل ذلك يئول أمره إلى ذهاب الإيمان ويؤيده ما رواه ابن حبان مرفوعا "إن الخمر لا تجتمع هي والإيمان إلا وأوشك أحدهما أن يخرج صاحبه"

ومنها إن المراد من فعل ذلك مستحلا له أي لا يزني الزاني مستحلا زناه حين يزني وهو مؤمن

-[ويؤخذ من الحديث]-

1 -

إن الزنا والخمر والسرقة من الكبائر

2 -

التنفير والزجر عن ارتكاب المعاصي والآثام.

ص: 123