الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب الأضاحي
الأضاحي جمع أضحية وفيها أربع لغات بضم الهمزة وكسرها مع تشديد الياء وتخفيفها وضحية وجمعها أضاحي وأضحاة وجمعها أضحى كأرطاة أرطى وبه سمي يوم الأضحى وهي الشاة التي تذبح وكأن تسميتها اشتقت من اسم الوقت الذي تشرع فيه.
31 -
عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال قال النبي صلى الله عليه وسلم "من ضحى منكم فلا يصبحن بعد ثالثة وبقي في بيته منه شيء فلما كان العام المقبل قالوا يا رسول الله نفعل كما فعلنا عام الماضي قال كلوا وأطعموا وادخروا فإن ذلك العام كان بالناس جهد فأردت أن تعينوا فيها"
-[المعنى العام]-
في العام التاسع من الهجرة وقد قحط الناس وأصابهم الجهد والمشقة والضنك حرص المشرع الحكيم على البر بالفقراء فوق حرصه عليه في أيام الرخاء للفرق بين صعوبة الإحسان في الحالة الأولى وبسهولته في الحالة الثانية فقال صلى الله لأصحابه من ذبح منكم أضحية فلا يبقين في بيته من لحمها شيئا بعد ثلاث ليال من ذبحها بل يأكل ويتصدق بالباقي ولا يدخر منها شيئا لما بعد الثلاث واستجاب الصحابة وامتثلوا وجاء العام العاشر من الهجرة -وكان عام رخاء- وقد فهموا أن النهي في العام التاسع كان من
أجل الرأفة بالفقراء لظروف القحط ولهذا أعادوا سؤال رسول الله صلى الله عليه وسلم هل نفعل بأضحيتنا مثل ما فعلنا في العام الماضي ويباح لنا الادخار منها في هذا العام وكان ما توقعوه إذ قال لهم النبي صلى الله عليه وسلم كلوا منها وأطعموا البائس الفقير وأخروا ما يبقى فإنما نهيتكم في العام الماضي عن الادخار لما كان بالناس من جهد خشيت معه إرهاق الفقراء فأردت أن تعينوهم في هذه المحنة على الحياة
-[المباحث العربية]-
(فلا يصبحن) من أصبح التامة بمعنى دخل في الصباح والفعل مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد في محل جزم بلا الناهية
(بعد ثالثة) ثالثة صفة لموصوف محذوف أي بعد ليلة ثالثة من وقت الأضحية
(وفي بيته منه شيء) أي وفي بيته من المذبوح شيء من لحمه والجملة في محل النصب على الحال
(فلما كان العام المقبل) سنة عشر من الهجرة إذ النهي السابق كان سنة تسع وفعل "كان" تام والعام فاعل
(نفعل كما فعلنا) ما مصدرية وموصولة والعائد مفعول "فعلنا" محذوف والكاف اسم بمعنى مثل صفة لمصدر محذوف والتقدير نفعل فعلا مثل فعلنا أو مثل الذي فعلناه والكلام على تقدير همزة الاستفهام
(كلوا وأطعموا وادخروا) مفعول "أطعموا" محذوف تقديره الأهل والأصحاب والفقراء وادخروا أصله اذتخروا قلبت تاء الافتعال دالا ثم قلبت الذال دالا وأدغمت في الدال
(فإن ذلك العام) أي الماضي الواقع فيه النهي الفاء تعليلية
(كان بالناس جهد) أي مشقة يقال جهد عيشهم إذ اشتد وبلغ غاية المشقة وكانوا قد قحطوا وقل قوتهم
(فأردت أن تعينوا فيها) مفعول -تعينوا- محذوف أي تعينوا الفقراء والمجهدين وضمير "فيها" للمشقة المفهومة من الجهد أو يعود على السنة لأنها زمن الجهد
-[فقه الحديث]-
الكلام على الحديث يتناول النقاط التالية
1 -
آراء الفقهاء في حكم الأضحية وأدلتهم 2 - أراؤهم في المطالب بها
3 -
وفي وقتها
4 -
وفي القدر الذي يؤكل منها
5 -
والجمع بين الحديث وبين ما يوهم التعارض معه
6 -
حكم التصدق من الأضحية ومقداره
وإليك التفصيل
1 -
ذهب الشافعي وأحمد إلى أن الأضحية لا تجب لكنها مندوب إليها من فعلها كان مثابا ومن تخلف عنها لا يكون آثما استدلالا بما رواه الستة غير البخاري "من رأى هلال ذي الحجة منكم وأراد أن يضحي فليمسك عن شعره" فالتعليق على الإرادة ينافي الوجوب وقال مالك لا يتركها فإن تركها فبئس ما صنع إلا أن يكون له عذر وقال أبو حنيفة تجب على الحر المقيم المسلم الموسر استدلالا بما رواه البخاري "من ذبح قبل أن يصلي فليعد مكانها أخرى ومن لم يذبح فليذبح" وبما رواه ابن ماجه "من كان له سعة ولم يضح فلا يقربن مصلانا" فمثل هذا الوعيد لا يلحق بترك غير الواجب وهذا كله في حق غير النبي صلى الله عليه وسلم أما النبي فكانت واجبة عليه
2 -
واختلفوا فيمت يطالب بالأضحية فقال الشافعي هي سنة على
جميع الناس رجالا ونساء وعلى المسافر وعلى الحاج بمنى وقال مالك لا أضحية على المسافر ولا يؤمر بتركها إلا الحاج بمنى وقال أبو حنيفة لا تجب على المسافر أضحية
3 -
وأجمعوا على أن من ذبح قبل الصلاة فعليه الإعادة استحبابا عند من استحب الأضحية ووجوبا عند من أوجبها لأنه ذبح قبل وقتها واختلفوا فيمن ذبح بعد الصلاة وقبل ذبح الإمام فذهب مالك والشافعي إلى أنه لا يجوز لأحد أن يذبح قبل الإمام أي قبل مقدار الصلاة والخطبة وقال أبو حنيفة بالجواز
4 -
ومدلول حديث الباب أنه لا بأس بالأكل والادخار من الأضحية بدون تحديد بزمن والأكل ليس بواجب إلى هذا ذهب جمهور العلماء وفقهاء الأمصار ومنهم الأئمة الأربعة وذهب جماعة من الظاهرية إلى تحريم لحوم الأضاحي بعد ثلاث احتجاجا بما رواه مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال "لا يأكل أحدكم من لحم أضحيته فوق ثلاثة أيام"
5 -
قال ابن التين اختلف في النهي الوارد في الحديث فقيل على التحريم ثم طرأ النسخ بالإباحة وقيل للكراهة فيحتمل النسخ من باب نسخ السنة بالسنة ويحتمل بقاء الكراهة إلى اليوم وقال آخرون كان التحريم لعلة فلما زالت تلك العلة زال الحكم وبهذا يتضح عدم التعارض بين حديث الباب وبين الحديث الذي استدل به الظاهرية إذ كان مورده عاما معينا لحالة خاصة، نعم يبقى إشكال بينه وبين ما رواه الترمذي عن عائشة أنها سئلت أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن لحوم الأضاحي فقالت لا وأجيب بأن مرادها نفي نهي التحريم لا مطلق النهي أو أن مرادها نفي النهي عن الأكل بالكلية أي لم ينه صاحبها عن أن يأكل منها وقد اختلف الأصوليون في الأمر الوارد بعد الحظر كقوله "كلوا" بعد النهي السابق أهو للوجوب أم للإباحة وعلى القول بأنه للوجوب حقيقة بالإجماع هنا مانع من الحمل عليه -إذ لا خلاف بين سلف الأمة وخلفها في عدم الحرج على المضي بترك الأكل من أضحيته اللهم إلا ما ورد عن ابن حزم- ومحل
كونه للوجوب حيث لا قرينة تصرفه عن حقيقته
6 -
وقد استدل بإطلاق الحديث "أطعموا" على أنه لا تقييد في القدر الذي يجزئ من الإطعام والجمهور على أن التصدق من الأضحية سنة وقال بعض العلماء يجب التصدق منها وهو الصحيح عند الشافعية والواجب مقدار ما يصدق عليه اسم اللحم ولو قليلا بشرط أن يكون نيئا وألا يكون قديدا
هذا ومن البدع المنكرة خضب الاكف بدماء الأضاحي أو غيرها وتلطيخ الأبواب والجدران بها
-[ويؤخذ من الحديث: ]-
1 -
جواز الاستفسار والمراجعة فيما أشكل من الأحكام
2 -
جواز الأكل والطعام والادخار من الأضحية
3 -
أنه يجوز للحاكم أن يلزم لمحكومين بغير الواجب عليهم لمصلحة المجتمع.