الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الأول في تعريف الدليل
أولاً: الدليل لغة هو:
المرشد إلى المطلوب، ومنه: دليل القافلة، حيث إنه مرشدهم
إلى الطريق، وهو عام للناصب، والذاكر، وما به الإرشاد.
ثانيا: الدليل اصطلاحا هو:
ما يمكن التوصل بصحيح النظر فيه إلى مطلوب خبري.
شرح التعريف وبيان محترزاته:
المراد بقولنا: " ما " اسم موصول، وهو راجع إلى شيء،
والتقدير: " الشيء الذي يمكن التوصل بصحيح النظر فيه.. ".
وأتى بلفظ: " ما يمكن التوصل " للاحتراز عن التوصل بالفعل.
أى: أن ذكر الإمكَان في التعريف للتنبيه على أن الدليل من حيث
هو دليل لا يعتبر فيه التوصل بالفعل، بل يكفي إمكان التوصل.
فالدليل هو الذي يصح أن يستدل به، ويسترشد به، ويتوصل به
إلى المطلوب، وإن لم يتوصل به أحد، ولو كان اللَّه عز وجل خلق
جماداً، ولم يستدل به أحد على أن له محدثا: لكان دليلاً وإن لم
يستدل به أحد، فالآية والحديث تسمى أدلة وإن لم يستدل بهما
أحد، فالدليل دليل لنفسه وإن لم يستدل به.
ولو قلنا: " ما توصلنا بصحيح النظر فيه إلى مطلوب " للزم من
ذلك خروج كل دليل لم ينظر فيه أحد.
والمراد بقولنا: " بصحيح النظر ": بيان وجه دلالة هذا الدليل
على المدلول.
والنظر هو: الفكر في حال المنظور فيه.
وخرج بهذه العبارة: النظر الفاسد؛ لأن النظر الفاسد لا يمكن أن
يتوصل به إلى مطلوب خبري؛ لأنه لا يصلح أن يكون آلة للتوصل
إلى شيء.
وقولنا: " مطلوب خبري " أي: ما يخبر به، وهو التصديق،
فيكون المطلوب التصوري خارجا عن هذا التعريف مثل: الأحوال
الشارحة، والحدود، والرسوم.
والمراد بالوصول إلى ذلك المطلوب الخبري: علمه، أو ظنه.
فعلى هذا: يكون الدليل عاماً وشاملاً لما يفيد القطع، والظن.