الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثاني في هل الدليل شامل للقطعي والظني
؟
اختلف في ذلك على مذهبين:
المذهب الأول: أن الدليل عام وشامل لما يفيد القطع، ولما يفيد
الظن.
ذهب إلى ذلك كثير من العلماء.
وهو الصحيح عندي؛ لذلك عرفنا الدليل بما يعم القطعي والظني
كما سبق.
ودل على ذلك أمور ثلاثة:
الأول: أن حقيقة الدليل هي: ما أرشد إلى الشيء المطلوب،
وإذا كان الأمر كذلك فقد يرشدك مرة إلى العلم، ومرة إلى الظن،
وعلى هذا فيستحق اسم الدليل في الحالين.
الثاني: أن اللَّه عز وجل قد أوجب العمل بما يفيد الظن كما
أوجب العمل بما يفيد القطع، ولم يفرق بينهما في ذلك، فلزم أن
يكون ما يفيد الظن دليلاً، كالذي يفيد القطع.
الثالث: أن العرب لم تفرق - في كلامها - بين ما يوجب العلم
وبين ما يوجب الظن في إطلاق اسم الدليل، فلزم من ذلك التسوية
بينهما.
المذهب الثاني: أن الدليل اسم خاص لما يفيد القطع، أما ما يفيد
الظن فيسمى أمارة.
وذهب إلى ذلك كثير من العلماء، ومنهم: الغزالي، والآمدي،
وفخر الدين الرازي، والقرافي، وابن عقيل، والطوفي.
وقالوا: إن هذا اصطلاح لنا لإعطاء كل لفظ ما يفيده، ولا
مشاحة ولا حجر في الاصطلاح، ولا يلزم من كون العرب
لا تعرفه: منعه عرفاً.
جوابه:
يجاب عن ذلك بجوابين:
الجواب الأول: أن هذا الاصطلاح لكم في التفريق بينهما منع منه
أمور:
أولها: أننا لما نظرنا إلى حقيقة الدليل وجدنا أنها لم تفرق بينهما.
ثانيهما: أن الشارع لم يفرق بينهما في العمل.
ثالثها: أن العرب لم تفرق بينهما في كلامها.
الجواب الثاني: أن هذا الاصطلاح في التفريق بينهما يمكن أن يقبل
لو كان معمولاً به، ولكن - بعد تتبع واستقراء - كتب أصحاب
المذهب الثاني وجدناهم لا يلتزمون بهذا الاصطلاح، حيث إنهم
يسمون ما يفيد الظن دليلاً، ولا يفرقون بينه وبين ما يفيد القطع في
الإطلاق.
ولهذا قلت في كتابي " الخلاف اللفظي عند الأصوليين ": إن
الخلاف لفظي لا ثمرة له.
تنبيه: الدليل يطلق على البرهان، والأمارة، والآية، والحُجَّة،
والبيِّنة؛ لأنها - كلها - ترشدنا إلى مطلوب خبري.