الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثاني في القراءة الشاذة " غير المتواترة
"
ويشتمل على المسائل التالية:
المسألة الأولى: في بيان القراءة المتواترة وغير المتواترة "الشاذة"
المسألة الثانية: أمثلة للقراءة غير المتواترة.
المسألة الثالثة: هل القراءة غير المتواترة حُجَّة؟
المسألة الرابعة: هل تصح الصلاة بالقراءة الشاذة؟
المسألة الأولى: في بيان القراءة المتواترة وغير المتواترة "الشاذة ":
القراءة المتواترة هي: كل قراءة ساعدها خط المصحف، مع
صحة النقل فيها، ومجيئها على الفصيح من لغة العرب.
فلا بد أن تجتمع في القراءة تلك الشروط الثلاثة الواردة في
التعريف، فإذا اختل أحد هذه الشروط الثلاثة، فإن القراءة تكون
غير متواترة، وهي: الشاذة.
والقراءة المتواترة هي: قراءة السبعة وهم: " نافع بن عبد الرحمن
الليثي المدني "، و " عبد اللَّه بن كثير المكي "، و " زيان بن العلاء،
أبو عمرو البصري "، و " عبد اللَّه بن عامر الشامي اليحصبي "،
و"عاصم بن أبي النجود الكوفي "، و " حمزة بن حبيب بن عمارة
الزيات الكوفي "، و " علي بن حمزة الكسائي النحوي ".
وكذلك قراءة الثلاثة على الصحيح وهم: " يعقوب بن إسحاق
الحضرمي "، و " خلف بن هشام بن ثعلب الأسدي "،
و (أبو جعفر يزيد بن القعقاع ".
***
المسألة الثانية: أمثلة للقراءة غير المتواترة، وهي: الشاذة:
1 -
قراءة عائشة وحفصة رضي الله عنهما
: " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى صلاة العصر ".
2 -
قراءة ابن عباس رضي الله عنهما
: " لا جناح عليكم أن تبتغوا فضلاً من ربكم في مواسم الحج ".
3 -
قراءة ابن عباس رضي الله عنهما
: " وأيقن أنه الفراق ".
4 -
قراءة ابن مسعود رضي الله عنه
فاقطعوا أيمانهما ".
5 -
قراءة ابن مسعود رضي الله عنه
متتابعات ".
6 -
قراءة أُبي بن كعب رضي الله عنه
نسائهم تربص أربعة أشهر فإن فاءوا فيهن ".
7 -
قراءة أُبي بن كعب رضي الله عنه
متتابعات ".
: " والسارق والسارقة
: " فصيام ثلاثة أيام
: " اللذين يؤلون من
: " فعدة من أيام أخر
***
المسألة الثالثة: هل القراءة غير المتواترة حُجَّة؟
لقد اختلف العلماء في ذلك على مذهبين:
المذهب الأول: أن القراءة غير المتواترة - الشاذة - حُجَّة، أي:
أنها تؤثر في الأحكام الفقهية نفياً وإثباتا.
ذهب إلى ذلك كثير من العلماء، ومنهم الإمام أبو حنيفة،
والإمام الشافعي في قول له، والإمام أحمد في رواية مشهورة عنه.
وهذا هو الصحيح عندي؛ لأن الناقل للقراءة الشاذة - وهو
الصحابي - أخبر أنه سمع ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم فالمنقول لا يخرج عن أمرين:
أولهما: إما أن يكون قرآنا.
ثانيهما: إما أن يكون خبراً عن صلى الله عليه وسلم.
فإن كان الأول - وهو كونه قرآنا - فيجب العمل به؛ لوجوب
العمل بكل ما جاء في القرآن الكريم.
وإن كان الثاني - وهو كونه خبراً عن النبي صلى الله عليه وسلم فيجب العمل به - أيضا - لأن خبر الواحد العدل الثقة قد اتفق العلماء على العمل
فالمنقول - على التقديرين - يجب العمل به، وكل ما وجب
العمل به فهو حُجَّة.
المذهب الثاني: أن القراءة غير المتواترة ليست بحُجَّة، أي: لا
تؤثر في الأحكام الفقهية.
ذهب إلى ذلك: الإمام مالك في رواية مشهورة عنه، وهو ظاهر
مذهب الشافعي، وهو رواية عن الإمام أحمد، وهو الذي صححه
الآمدي، وابن الحاجب، وابن السمعاني، والنووي.
دليل هذا المذهب:
استدل هؤلاء بقولهم: إن الناقل للقراءة الشاذة لا يخلو من أمرين:
أولهما: إما أن ينقلها على أنها من القرآن.
ثانيهما: أو أنه ينقلها على أنها ليست من القرآن.
فإن كان الأول - وهو أنه نقلها على أنها من القرآن - فهذا باطل؛ اللَّه - تعالى - قد كلَّف رسوله أن يبلِّغ القرآن مجموعة من الأُمَّة
تقوم الحُجَّة بقولهم، ويحصل بخبرهم العلم القطعي، فليس للنبي
صلى الله عليه وسلم أن يناجي بأي آية من القرآن واحداً من الأُمة.
فإذا ثبت ذلك: فإن ما نقله هذا الواحد يكون خطأ وباطلاً؛ نظراً
لوروده عن واحد، وعلى هذا فلا يحتج به.
وإن كان الثاني - وهو أنه نقلها على أنها ليست من القرآن -
فيحتمل في ذلك احتمالين هما:
الاحتمال الأول: أنه قد أورد هذا المنقول في معرض البيان لما
اعتقده مذهبا، فقد يكون اعتقد التتابع - مثلاً - حملاً لهذا المطلق
في كفارة اليمين على المقيد بالتتابع في الظهار.
الاحتمال الثاني: أن يكون قد أورد هذا المنقول استناداً إلى خبر قد
سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم.
وإذا تطرق الاحتمال إلى الدليل بطل به الاستدلال.
جوابه:
نجيب عن ذلك: بأن الاحتمال الأول - وهو كونه نقل ذلك بيانا
لمذهبه الخاص - بعيد جداً؛ لأن الصحابة الذين بذلوا النفس
والنفيس لإعلاء كلمة اللَّه تعالى، والذين اختارهم اللَّه لصحبة نبيه،
ولحمل هذه الشريعة إلى من بعدهم لا يظن بواحد منهم أن يجعل
رأيه ومذهبه الخاص به قرآنا، أو أنه يلبس فى ذلك، فهذا الاحتمال
باطل لا شك في ذلك.
فإذا بطل هذا الاحتمال: تعين الاحتمال الثانى وهو: أن هذا
الناقل قد أورد هذا المنقول استناداً إلى خبر سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم، والخبر يجب العمل به.
بيان نوع هذا الخلاف:
الخلاف في هذه المسألة خلاف معنوي؛ لأنه أثر في بعض المسائل
الفقهية، ومنها:
1 -
هل يجب التتابع في صيام كفارة اليمين؟
أصحاب المذهب الأول - وهم القائلون: إن القراءة الشاذة
حُجَّة - قالوا: إنه يجب التتابع مستدلين بقراءة ابن مسعود - رضي
الله عنه -: " فصيام ثلاثة أيام متتابعات ".
أما أصحاب المذهب الثاني - وهم القائلون: إن القراءة الشاذة
ليست بحُجَّة - فقالوا: لا يجب التتابع.
2 -
هل النفقة تجب على كل ذي رحم محرم؟
أصحاب المذهب الأول قالوا: إن النفقة تجب على كل ذي رحم
محرم محتجين بقراءة ابن مسعود رضي الله عنه: " وعلى
الوارث ذي الرحم المحرم مثل ذلك ".
أما أصحاب المذهب الثاني فقالوا: إن النفقة لا تجب إلا على
الوالدين والمولودين.
***
المسألة الرابعة: هل تصح الصلاة بالقراءة الشاذة؟
اختلف في ذلك على مذهبين:
المذهب الأول: أنها لا تصح الصلاة بالقراءة الشاذة.
وهو مذهب كثير من العلماء.
وهو الصحيح؛ لأن الصلاة لا تصح إلا بقرآن، والقرآن لا يكون
إلا متواتراً، وهذه القراءة لم يثبت أنها قرآن، وهي خارجة عن
الوجه الذي ثبت به القرآن، فلا تصح القراءة بها.
المذهب الثاني: أنه تصح الصلاة بالقراءة الشاذة.
ذهب إلى ذلك أبو حنيفة، وهو إحدى الروايتين للإمام مالك
وأحمد.
واستدل هؤلاء بقولهم: إن الصحابة كانوا يقرأون بهذه الحروف
في الصلاة، وكان بعضهم يصلي خلف أصحاب هذه القراءات.
جوابه:
نجيب عن ذلك بأن هذه دعوى تحتاج إلى دليل جزئي، وعلى
فرض ثبوت ذلك فقد يكون ذلك قد ثبت ذلك قبل العرضة الأخيرة،
وقبل إجماع الصحابة على المصحف العثماني، فيكون ذلك منسوخاَ
إما بالعرضة الأخيرة، أو بإجماع الصحابة على المصحف العثماني.