الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قراءة ابن جبير، بنصب «عباد» ، و «أمثالكم» ، وتخفيف «إن» يجعلها بمعنى «ما» ، فنصب على خبر «ما» .
وسيبويه يختار فى «أن» المخففة التي بمعنى «ما» رفع الخبر، لأنها أضعف من «ما» .
والمبرد يجريها مجرى «ما» .
201-
إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ «طائف» : من قرأه «طيف» ، على «فعل» . جعله مصدر: طاف يطيف.
وقيل: هو مخفف من «طيّف» ، كميت 205- وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ وَلا تَكُنْ مِنَ الْغافِلِينَ «تضرعا» : مصدر وقيل: هو فى موضع الحال.
«الآصال» : جمع: أصل وأصل: جمع أصيل.
وقيل: الآصال: جمع أصيل، وهو العشى وقرىء بكسر الهمزة، جعل مصدر «أصلنا» أي: دخلنا فى العشى.
-
8- سورة الأنفال
1-
يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ «ذات بينكم» : أصل «ذات» ، عند البصريين: ذوات، فقلبت الواو ألفا، وحذفت لسكونها وسكون الألف بعدها، فبقى: ذات، ودل على ذلك قوله تعالى:(ذَواتا أَفْنانٍ) 55: 48، فرجعت الواو إلى أصلها.
وكل العلماء والقراء وقف على «ذات» بالتاء، إلا أبا حاتم، فإنه أجاز الوقف عليها بالهاء.
وقال قطرب: الوقف على «ذات» بالهاء حيث وقعت لأنها هاء تأنيث.
2-
إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زادَتْهُمْ إِيماناً وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ «وجلت قلوبهم» : مستقبل «وجل» : يوجل ومن العرب من يقول: ييجل، فيقلب من الواو ياء، ومنهم من يكسر الياء الأولى، ومنهم من يفتح الياء الأولى ويبدل من الثانية ألفا، كما قالوا: رأيت الزيدان، فأبدلوا من الياء ألفا، فتقول: يا جل.
5-
كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكارِهُونَ الكاف فى «كما» : فى موضع نصب، نعت لمصدر «يجادلونك» أي: جدالا كما.
وقيل: وهو نعت لمصدر دل عليه معنى الكلام تقديره: قل الأنفال ثابتة لله وللرسول ثبوتا كما أخرجك.
وقيل: هى نعت ل «حق» أي: هم المؤمنون حقا كما.
وقيل: الكاف، بمعنى الواو للقسم أي: وإن الأنفال لله والرسول والذي أخرجك.
وقيل: الكاف، فى موضع رفع التقدير: كما أخرجك ربك من بيتك بالحق بقوة الله، فهو ابتداء وخبره.
ويجوز أن يكون فى موضع رفع، نعتا ل «رزق» الآية: 4، فيكون نعتا بعد نعت أي: رزق يماثل الإخراج.
ويجوز أن يكون فى موضع رفع خبر مبتدأ محذوف أي: ذلك.
كما يجوز أن يكون فى موضع نصب متعلق بفعل أمر أي: امض كما أخرجك، كما تقول: افعل كما أمرك.
واخرج كما أخرجك وإلى هذا أشار قطرب.
ويجوز أن يكون أمر صلى الله عليه وسلم بإمضاء قسمة أمر الغنائم على كره من السائلين المساكين، كما أمر بإمضاء الخروج للقتال على كره من مفارقة بيوتهم، وإلى هذا المعنى أشار الفراء، فتكون الكاف فى موضع نصب على الحال أي: كرها كما أخرجت على كره من فريق.
وأما القسم، الذي ذكر، فهو قول أبى عبيدة لأن الناس يقولون: كما تصدقت على بالعافية لأتوبن، لأفعلن، ونحوه، فخرج القسم، وهو غريب.
فهذه تسعة أوجه.
7-
وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّها لَكُمْ
…
«وإذ يعدكم الله» : فى موضع نصب بفعل مضمر تقديره: واذكر يا محمد إذ يعدكم.
«أنّها لكم» : أن، بدل من إحدى، وهو بدل الاشتمال و «إحدى» ، مفعول ثان ل «يعد» ، وتقديره: وإذ يعدكم الله ملك إحدى الطائفتين وإنما قدرت حذف مضاف لأن الوعد لا يقع على الأعيان، وإنما يقع على الأحداث.
9-
إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ روى عن عاصم أنه قرأ: آلف، جعله جمع «ألف» ، جمع فعلا، على أفعل، كفلس، وأفلس. وتصديق هذه القراءة قوله «بِخَمْسَةِ آلافٍ» 3: 125، فآلاف جمع «ألف» ، لما دون العشرة، فهى واقعة على خمسة آلاف المذكورة فى آل عمران.
«مردفين» : من فتح الدال جعله حالا من الكاف والميم فى «ممدكم» ، أو نعت ل «ألف» تقديره:
متبعين بألف والهاء فى «جعله» تعود على «الألف» لأنه مذكر.
وقيل: تعود على «الإرداف» ودل عليه قوله «مردفين» .
وقيل: تعود على الإمداد، ودل عليه قوله «ممدكم» .
وقيل: تعود على قبول الدعاء ودل عليه قوله «فاستجاب لكم» .
وكذلك الهاء فى «به» يحتمل الوجوه كلها، ويحتمل أن يعود على «البشرى» لأنها بمعنى الاستبشار.
ومن كسر الدال فى «مردفين» جعله صفة ل «ألف» معناه: أردفوا بعدد آخر خلفهم، والمفعول محذوف، وهو «عدد» .
وقيل: معنى الصفة أنهم جاءوا بعد اليأس أردفوهم بعد استعانتهم.
حكى أبو عبيد: ردفنى، وأردفنى، بمعنى: تبعني، وأكثر النحويين على أن «أردفه» : حمله خلفه، و «ردفه» : تبعه، وحكاه النحاس عن أبى عبيد أيضا، فلا يحسن على هذا أن يكون صفة للملائكة، إذ لا يعلم من صفتهم أنهم حملوا خلفهم أحدا من الناس.
11-
إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعاسَ أَمَنَةً مِنْهُ
…
«أمنة» : مفعول من أجله.
12-
إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْناقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنانٍ «فوق الأعناق» أي: الرءوس، و «فوق» ، عند الأخفش: زائدة، والمعنى: اضربوا الأعناق قال المبرد: «فوق» : يدل على إباحة ضرب وجوههم لأنها فوق الأعناق.
«كلّ بنان» : يعنى: الأصابع وغيرها من الأعضاء.
13-
لِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشاقِقِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ
«ذلك بأنّهم» : ذلك، فى موضع رفع على الابتداء أو على أنه خبر ابتداء تقديره: الأمر ذلك أو: ذلك الأمر.
«ومن يشاقق الله» : من، شرط فى موضع رفع بالابتداء، والخبر:«فإن الله شديد العقاب» .
14-
ذلِكُمْ فَذُوقُوهُ وَأَنَّ لِلْكافِرِينَ عَذابَ النَّارِ «أن» : فى موضع رفع، عطف على «ذلكم» ، و «ذلكم» فى موضع رفع، مثل «ذلك» المتقدم، الآية: 13 وقال الفراء: «وأن للكافرين» : فى موضع نصب، على تقدير حذف حرف الجر، أي: وبأن للكافرين.
ويجوز أن يضمر: واعلم أن.
والهاء فى «فذوقوه» ترجع إلى «ذلكم» ، وذلكم: إشارة إلى القتل يوم بدر.
15-
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً فَلا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبارَ «زحفا» : مصدر، فى موضع الحال.
16-
وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفاً لِقِتالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلى فِئَةٍ فَقَدْ باءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْواهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ «متحرّفا، أو متحيزا» : نصب على الحال من المضمر المرفوع فى «يولهم» .
17-
فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللَّهَ رَمى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاءً حَسَناً إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ «منه بلاء» : الهاء فى «منه» : تعود على الظفر بالمشركين.
وقيل: على الرمي.
18-
ذلِكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكافِرِينَ «وأنّ الله» : أن، فى موضع نصب، على تقدير: ولأن الله.
ويجوز الكسر على الاستئناف.
20-
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ «وأنتم تسمعون» : ابتداء وخبر، فى موضع الحال من المضمر فى «تولوا» ، ومثله:«وهم معرضون» الآية: 23 27- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَماناتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ «وتخونوا» : جزم على العطف على «لا تخونوا» .
وإن شئت كان نصبا على جواب النهى بالواو.
32-
وَإِذْ قالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ «هو» : فاصلة، تؤذن أن الخبر معرفة، أو قارب المعرفة.
وقيل: دخلت لتؤذن أن «كان» ليست بمعنى: وقع وحدث وأن الخبر منتظر.
وقيل: دخلت لتؤذن أن ما بعدها خبر، وليس بنعت لما قبلها.
وقال: الأخفش: «هو» : زائدة، كما زيدت «ما» .
وقال الكوفيون: «هو» : عماد.
34-
وَما لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ
…
«لا يعذّبهم» : «أن» ، فى موضع نصب تقديره: من أن لا يعذبهم.
وذكر الأخفش أن «أن» زائدة، وهو قد نصب بها، وليس هذا حكم الزائد.
«وهم يصدّون» ، ابتداء وخبر، فى موضع الحال من المضمر المنصوب فى «يعذبهم الله» .
35-
وَما كانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكاءً وَتَصْدِيَةً
…
«المكاء» : الصفير، وهو مصدر كالدعاء، والهمزة بدل من واو، لقولهم: مكا يمكو، إذا نفخ.
وقرأ الأعمش «وما كان صلاتهم» بالنصب، و «إلا مكاء وتصدية» ، بالرفع، وهذا لا يجوز إلا فى شعر عند ضرورة، لأن اسم «كان» هو المعرفة وخبرها هو النكرة، فى أصول الكلام والنظر والمعنى.
«وتصدية» : من صد يصد، إذا ضج، وأصله: تصدد، فأبدلوا من إحدى الدالين ياء، ومعناه:
ضجا بالتصفيق.
وقيل: هو من: صد يصد، إذا منع.
وقيل: هو من «الصدى» : المعارض لصوتك من جبل أو هواء فكان المصفق يعارض بتصفيقه من يريد فى صلاته، فالياء أصلية على هذا.
41-
وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ
…
«أنّما غنمتم» : ما، بمعنى، الذين، والهاء، محذوفة من الصلة تقديره: غنمتموه والخبر «فأن لله خمسه» . وعلة فتح «أن» فى هذا أنها خبر ابتداء محذوف تقديره: فحكمه أن لله خمسه.
وقيل: «أن» : مؤكد للأولى، وهذا لا يجوز، لأن «أن» الأولى تبقى بغير خبر، ولأن الفاء تحول بين المؤكد وتأكيده، ولا يحسن زيادتها فى مثل هذا الموضع.
42-
إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيا وَهُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوى وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَلَوْ تَواعَدْتُمْ لَاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعادِ وَلكِنْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْراً كانَ مَفْعُولًا لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ «أسفل» : نعت لظرف محذوف تقديره: والركب مكانا أسفل.
وأجاز الأخفش والفراء، والكسائي «أسفل» ، بالرفع، على تقدير محذوف من أول الكلام تقديره:
وموضع الركب أسفل منكم.
«من حىّ» : من أظهر الياءين جعل الماضي تبعا للمستقبل، فلما لم يجز الإدغام فى المستقبل، لأن حركته غير لازمة، يتنقل من رفع إلى نصب أو إلى جزم، أجرى الماضي مجراه، وإن كانت حركة لامه لازمة، على أن حركة لام الماضي قد تسكن أيضا لاتصالها بمضمر مرفوع، فقد صارت هى مثل «لام» المستقبل، فجرت فى الإظهار مجراه.
فأما من أدعم فللفرق بين ما تلزم لامه الحركة كالماضى، وما تلزم لامه حركة تتنقل، كالمستقبل فى قوله (وَأَنَّهُ يُحْيِ الْمَوْتى) 22: 6، هذا لا يجوز إدغامه، فأدغم الماضي لاجتماع المثلين، وحسن الإدغام للزوم الحركة «لامه» .
وقد انفرد الفراء بجواز الإدغام فى المستقبل، ولم يجزه غيره.
43-
إِذْ يُرِيكَهُمُ اللَّهُ فِي مَنامِكَ قَلِيلًا
…
«إذ يريكهم» : العامل فى «إذ» : فعل مضمر تقديره: واذكر يا محمد إذ يريكهم.
44-
وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلًا
…
«وإذ يريكموهم» : عطف على «إذ» الأولى، ورجعت الواو مع ميم الجمع مع المضمر لأن المضمر يرد المحذوفات إلى أصولها.
وأجاز يونس حذف الواو مع المضمر، أجاز «يريكهم» ، بإسكان الميم وبضمها من غير واو والإثبات أحسن وأفصح، وبه أتى القرآن.
47-
وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بَطَراً وَرِئاءَ النَّاسِ
…
«بطرا» : مصدر فى موضع الحال والبطر: أن يتقوى بنعم الله على المعاصي.
48-
وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ وَقالَ لا غالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جارٌ لَكُمْ «جار» : تجمع على: أجوار، فى القليل، وجيران، فى الكثير، وعلى: جيرة.
50-
وَلَوْ تَرى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبارَهُمْ وَذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ «يضربون» : فى موضع نصب على الحال من «الملائكة» ولو جعلته حالا من «الذين كفروا» لجاز.
ولو كان فى موضع «يضربون» : ضاربين، لم يجز، حتى يظهر الضمير لأن اسم الفاعل إذا جرى صفة أو حالا أو خبرا أو عطف على غير ما هو له، لم يجز أن يستتر فيه ضمير فاعله، ولا بد من إظهاره لو قلت: رأيت معه امرأة ضاربها غدا والساعة، فرفعت «ضاربها» على النعت للمرأة، لم يجز حتى تقول: ضاربها هو لأن الفعل ليس لها، فإن نصبت على النعت ل «رجل» جاز ولم تحتج إلى إظهار الضمير لأن الفعل له، فإن كان فى موضع «ضاربها» : يضربها، جاز على الوجهين.
51-
ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ «أن» : فى موضع خفض عطف على «ما» فى قوله «بما قدمت» .
وإن شئت: فى موضع نصب على حذف الخافض تقديره: وبأن الله.
وإن شئت: فى موضع رفع عطف على «ذلك» ، أو على: إضمار «ذلك» .
52-
كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَفَرُوا بِآياتِ اللَّهِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقابِ «آل فرعون» : الكاف ف «كدأب» ، فى موضع نصب، نعت لمصدر محذوف تقديره: فعلنا بهم ذلك فعلا مثل عادتنا فى آل فرعون إذ كفروا. والدأب: العادة، ومثله الثاني (الآية: 54) ، إلا أن الأول للعادة، فى التعذيب، والثاني للعادة فى التغيير وتقدير الثاني: غيرنا بهم لما غيروا تغييرا مثل عادتنا فى آل فرعون لما كذبوا.
58-
وَإِمَّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلى سَواءٍ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْخائِنِينَ «فانبذ إليهم» : المفعول محذوف تقديره: فانبذ إليهم العهد وقاتلهم على إعلامك لهم.
وفى صدر الآية حذف آخر تقديره: وإما تخافن من قوم، بينك وبينهم عهد، خيانة فانبذ إليهم ذلك العهد أي: رده عليهم إذا خفت نقضهم العهد، وقاتلهم على إعلام منك لهم، وهذا من لطيف معجز القرآن واختصاره، إذ قد جمع المعاني الكثيرة الأوامر والأخبار فى اللفظ اليسير.
59-
وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا إِنَّهُمْ لا يُعْجِزُونَ «يحسبنّ» : من قرأه بالتاء جعله خطابا للنبى- صلى الله عليه وسلم لتقدم مخاطبته فى صدر الكلام و «الذين» مفعول أول، و «سبقوا» فى موضع المفعول الثاني.
ومن قرأه بالياء جعله للكفار، ففيه ضميرهم، لتقدم ذكرهم فى قوله:(الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) الآية: 55، وفى قوله (ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لا يَتَّقُونَ) الآية: 56، و (لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ) الآية: 57
وقوله «إليهم» الآية: 58، فالمفعول الأول مضمر، و «سبقوا» فى موضع الثاني تقديره: لا يحسبن الذين كفروا أنفسهم سبقوا.
وقيل: «أن» مضمرة مع «سبقوا» ، فسدت مسد المفعولين، كما سدت فى قوله:(أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا) الآية 29: 2 تقديره: ولا يحسبن الذين كفروا أن سبقوا.
قال سيبويه فى قوله: (أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ) الآية 29: 64 أن تقديره: أن أعبد، ثم حذفت «أن» فرفع الفعل.
وقيل: الفاعل، فى قراءة من قرأ بالياء، هو النبي- عليه السلام فيكون مثل قراءة التاء، و «الذين كفروا» و «سبقوا» : مفعولا «حسب» .
وقيل: فاعل «حسب» مضمر فيه تقديره: ولا يحسبن من خلفهم الذين كفروا سبقوا، ف «الذين كفروا» و «سبقوا» : مفعولا «حسب» .
ومن فتح «أنهم لا يعجزون» جعل الكلام متعلقا بما قبله تقديره: سبقوا لأنهم، ف «أن» فى موضع نصب بحذف حرف الجر معناه: ولا تحسبن الذين كفروا فاتوا الله لأنهم لا يفوتون الله.
ومن كسر «إن» فعلى الابتداء والقطع.
60-
وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِباطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ
…
«به» : الهاء، تعود على «ما» .
وقيل: على «الرباط» .
وقيل: على الإعداد.
«والقوة» : هى الرمي، وقيل: هى الحصون، وقيل: ركوب الخيل.
و «رباط الخيل» ب: الإناث.
«وآخرين من دونهم» : منصوب: على «عدو الله» .
64-
يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ «من» : فى موضع نصب على العطف، على معنى الكاف فى «حسبك» لأنها فى التأويل فى موضع نصب لأن معنى «حسبك الله» : يكفيك الله، فعطفت «من» على المعنى.
وقيل: «من» ، فى موضع رفع، عطف على اسم الله- عز وجل أو على الابتداء، وتضمر الخبر أي:
ومن اتبعك من المؤمنين كذلك.
وقيل: فى موضع رفع عطف على «حسب» : لقبح عطفه على اسم الله، لما جاء من الكراهة فى قول المرء:
ما شاء الله وشئت، ولو كان ب «الفاء» و «ثم» لحسن العطف على اسم الله- جل ذكره.
68-
لَوْلا كِتابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيما أَخَذْتُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ «كتاب» : رفع بالابتداء، والخبر المحذوف تقديره: لولا كتاب من الله تدارككم، وهو ما تقدم فى اللوح المحفوظ من إباحة الغنائم لهذه الأمة.
وقيل: هو ما سبق أن الله لا يعذب إلا بعد إنذار.
وقيل: هو ما سبق أن الله يغفر الصغائر لمن اجتنب الكبائر.
وقيل: هو ما سبق أن الله يغفر لأهل بدر ما تقدم من ذنوبهم وما تأخر «لمسّكم» : جواب «لولا» .
69-
فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلالًا طَيِّباً وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ «حلالا طيّبا» : حال من المضمر فى «فكلوا مما» .
71-
وَإِنْ يُرِيدُوا خِيانَتَكَ فَقَدْ خانُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ «خيانة» : تجمع على: خياين، وأصل «الياء» الأولى: الواو لأنه من: خان يخون، إلا أنهم فرقوا بالياء بينه وبين جمع: خائنة وخوائن.
72-
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ، بَعْضٍ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهاجِرُوا ما لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهاجِرُوا
…
«من ولايتهم» : من فتح الواو، جعله مصدر «الولي» يقال: هو الولي، ومولى بين الولاية، بالفتح.
ومن كسر الواو، جعله مصدر ل «وال» ، يقال: هو وال بين الولاية.
وقد قيل: هما لغتان فى مصدر «الولي» .