الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
39-
فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى «الذكر والأنثى» : بدل من «الزوجين» ، و «جعل» : بمعنى: خلق، فلذلك تعدت إلى مفعول واحد 40- أَلَيْسَ ذلِكَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى «أن يحيى» : لا يجوز الإدغام فى الياءين، عند النحويين، كما لا يجوز إذا لم ينصب الفعل، لأنك لو أدغمت لالتقى ساكنان، إذ الثاني ساكن، والأول لا يدغم فى الثاني حتى يسكن، وكذلك كل حرف أدغمته فى حرف بعده لا بد من إسكان الأول، وقد أجمعوا على منع الإدغام فى حال الرفع، فأما فى حال النصب فقد أجازه الفراء، لأجل تحرك الياء الثانية، وهو لا يجوز عند البصريين، لأن الحركة عارضة ليست بأصل.
-
76- سورة الإنسان «الدهر»
1-
هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً «هل» : بمعنى: قد، والأحسن أن تكون «هل» على بابها للاستفهام، الذي معناه: التقرير، وإنما هو تقرير لمن أنكر البعث، فلا بد أن يقول: نعم قد مضى دهر طويل على الإنسان، فيقال له: فمن أحدثه بعد أن لم يكن، وكونه بعد عدمه، كيف يمتنع عليه بعثه وإحياؤه بعد موته، وهو معنى قوله:«وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولى فَلَوْلا تَذَكَّرُونَ» 56: 62 أي: فهلا تذكرون فتعلموا أن من أنشأ شيئا بعد أن لم يكن على غير مثال قادر على إعادته بعد موته.
2، 3- إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْناهُ سَمِيعاً بَصِيراً إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ إِمَّا شاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً «شاكرا، كفورا» : حالان من «الهاء» فى «فجعلناه» و «جعل» بمعنى «صير» ، فلذلك تعدت إلى مفعولين:«الهاء» ، و «سميعا» ، و «بصيرا» نعت ل «سميع» .
«إما» : للتخيير، ومعنى التخيير أن الله أخبرنا أنه اختار قوما للسعادة وقوما للشقاوة، فالمعنى: إما أن نجعله شقيا أو سعيدا، وهذا من أبين ما يدل على أن الله قدر الأشياء كلها وخلق قوما للسعادة، وبعملها يعملون، وقوما للشقاوة، وبعملها يعملون، فالتخيير هو: إعلام من الله لنا أنه يختار ما يشاء ويفعل ما يشاء، يجعل من يشاء شاكرا ويجعل من يشاء كفورا، وليس التخيير للإنسان أن يختار ما لم يقدّره الله عليه، ويشاء منه ما قد علم الله منه ما يختار، إذا اختار قبل أن يختار.
وقيل: هى حال مقدرة والتقدير: إما أن يحدث منه عند فهمه الشكر، فهو علامة السعادة، وإما أن يحدث منه الكفر، وهو علامة الشقاوة.
وذلك كله، على ما سبق فى علم الله فيهم.
وأجاز الكوفيون أن تكون «ما» : زائدة، و «إن» : للشرط.
ولا يجوز هذا عند البصريين، لأن التي للشرط لا تدخل على الأسماء، إذ لا يجازى بالأسماء إلا أن يضمر بعد «إن» فعلا، نحو قوله:«وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ» 9: 6، فأضمر «استجارك» بعد أن ورد عليه الثاني، فحسن حذفه، ولا يمكن إضمار فعل بعد «إن» هاهنا، لأنه يلزم رفع «شاكر» و «كفور» بذلك الفعل.
وأيضا فإنه لا دليل على الفعل المضمر فى الكلام.
وقيل: فى الآية تقديم وتأخير والتقدير: إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه إما شاكرا وإما كفورا فجعلناه سميعا بصيرا، فيكونان حالين من «الإنسان» على هذه.
4-
إِنَّا أَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ سَلاسِلَ وَأَغْلالًا وَسَعِيراً «سلاسلا، قواريرا» الآيتان: 15، 16، أصله كله يصرف، لأنه جمع، والجمع ثقيل، ولأنه لا يجمع، فخالف سائر الجموع، ولأنه لا نظير له فى الواحد، ولأنه غاية الجموع، إذ لا يجمع، فثقل فلم ينصرف.
فأما من صرفه من القراء، فإنها لغة لبعض العرب.
حكى الكسائي: أنهم يصرفون كل ما لا ينصرف، إلا: أفعل منك.
وقال الأخفش: سمعنا من العرب من يصرف هذا وجميع ما لا ينصرف.
وقيل: إنما صرفه لأنه وقع فى المصحف بالألف، فصرفه على الإتباع لخط المصحف، وإنما كتب فى المصحف بالألف، لأنها رؤوس الآي، فأشبهت القوافي والفواصل، التي يزاد فيها الألف للوقف.
وقيل: إنما صرفه من صرفه لأنه جمع كسائر الجموع، وجمعه بعض العرب، فصار كالواحد فانصرف كما ينصرف الواحد، ألا ترى إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم لحفصة: إنكم لأنتن صواحبات يوسف، فجمع «صواحب» بالألف والتاء، كما يجمع الواحد، فصار كالواحد فى الحكم، إذ قد جمع كما يجمع الواحد، فانصرف كما ينصرف الواحد.
وحكى الأخفش: مواليات فلان، فجمع «موالى» ، فصار كالواحد.
5، 6- إِنَّ الْأَبْرارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كانَ مِزاجُها كافُوراً عَيْناً يَشْرَبُ بِها عِبادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَها تَفْجِيراً انتصب «عينا» ، على البدل من «كافورا» .
وقيل: على البدل من «كأس» ، على الموضع.
وقيل: على الحال من المضمر، فى «مزاجها» .
وقيل: بإضمار فعل أي: يشربون عينا، أي: ماء عين، ثم حذف المضاف.
وقال المبرد: انتصب على إضمار: «أعنى» .
11-
فَوَقاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً «اليوم» : نعت ل «ذلك» ، أو: بدل منه.
12، 13- وَجَزاهُمْ بِما صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً مُتَّكِئِينَ فِيها عَلَى الْأَرائِكِ لا يَرَوْنَ فِيها شَمْساً وَلا زَمْهَرِيراً «جنة وحريرا» : نصب ب «جزاهم» ، مفعول ثان والتقدير: دخول جنة ولبس حرير، ثم حذف المضاف فيهما.
«متكئين» : حال من الهاء والميم فى «جزاهم» ، والعامل فيه «جزى» ، ولا يعمل فيه «صبروا» ، لأن الصبر فى الدنيا كان، والاتكاء والجزاء فى الآخرة.
وكذلك موضع «لا يرون» ، نصب أيضا على الحال، مثل:«متكئين» أو على الحال من المضمر فى «متكئين» ، ولا يحسن أن يكون «متكئين» صفة ل «جنة» ، لأنه يلزم إظهار الضمير الذي فى «متكئين» ، لأنه جرى صفة لغير من هو له.
14-
وَدانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلالُها وَذُلِّلَتْ قُطُوفُها تَذْلِيلًا «دانية» : نصب على العطف على «جنة» ، وهو نعت قام مقام منعوت تقديره: وجنة دانية.
وقيل: دانية: حال، عطف على «متكئين» ، أو: فى موضع «لا يرون» ، و «الظلال» : رفع ب «دانية» ، لأنه فاعل بالدنو.
وقد قرئ «ودانيا» ، بالتذكير، وذكرّ للتفرقة.
وقيل: لتذكير الجمع.
ويجوز رفع «دانية» على خبر «الظلال» مبتدأ، والجملة فى موضع الحال من الهاء والميم، أو من المضمر فى «متكئين» ، إذا جعلت «لا يرون» حالا منه.
ويجوز «ودان» ، بالرفع والتذكير، على الابتداء والخبر، ويذكّر على ما تقدم.
17، 18- وَيُسْقَوْنَ فِيها كَأْساً كانَ مِزاجُها زَنْجَبِيلًا عَيْناً فِيها تُسَمَّى سَلْسَبِيلًا انتصب «عينا» على البدل من «كأس» ، أو على إضمار «يسقون» أي: يسقون ماء عين ثم حذف المضاف، أو على إضمار:«أعنى» .
«تسمى سلسبيلا» ، فى «تسمى» : مفعول لم يسم فاعله، مضمر، يعود على «العين» ، و «سلسبيلا» :
مفعول ثان، وهو اسم أعجمى نكرة، فلذلك انصرف.
20-
وَإِذا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيماً وَمُلْكاً كَبِيراً «رأيت» ، الأول: غير معدى إلى مفعول، عند أكثر النحويين، و «ثم» : ظرف مكان.
وقال الفراء والأخفش: «ثم» : مفعول به ل «رأيت» قال الفراء: تقديره: لرأيت ما ثم، ف «ما» : المفعول، فحذفت «ما» ، وقام «ثم» مقام «ما» .
ولا يجوز عند البصريين حذف الموصول وقيام صلته مقامه.
21-
عالِيَهُمْ ثِيابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَساوِرَ مِنْ فِضَّةٍ وَسَقاهُمْ رَبُّهُمْ شَراباً طَهُوراً «عاليهم» ، من نصبه، فعلى الظرف بمعنى: فوقهم.
وقيل: هو نصب على الحال من المضمر فى «لقاهم» الآية: 11، أو من المضمر فى:«جزاهم» الآية: 12، الهاء والميم.
«ثياب» : رفع ب «عاليهم» ، إذا جعلته حالا، وإن جعلته ظرفا رفعت «ثيابا» بالابتداء، و «عاليهم» :
الخبر، وفى «عاليهم» : ضمير مرفوع.
وإن شئت: رفعت بالاستقرار، ولا ضمير فى «عاليهم» ، لأنه يصير بمنزلة فعل مقدم على فاعله.
وإذا رفعت «ثيابا» بالابتداء، ف «عاليهم» : بمنزلة فعل مؤخر عن فاعله، ففيه ضمير.
ومن أسكن الياء فى «عاليهم» رفعه بالابتداء، و «ثياب» : الخبر، و «عالى» : بمعنى الجماعة، كما قال:«سامِراً تَهْجُرُونَ» 23: 67، فأتى بلفظ الواحد يراد به الجماعة، وكذلك قال «فَقُطِعَ دابِرُ الْقَوْمِ» 6: 45، فاكتفى بالواحد عن الجمع.
ويجوز أن يكون «ثياب» رفعا ب «عاليهم» ، لأن «عاليا» اسم فاعل، فهو مبتدأ، و «ثياب» : فاعل يسد مسد خبر «عاليهم» ، فيكون «عالى» ، على هذا القول، مفردا لا يراد به الجمع، كما تقول: قائم الزيدون، فتوحد، لأنه جرى مجرى حكم الفعل المتقدم فوحد، إذ قد رفع ما بعده، وهو مذهب الأخفش و «عاليهم» : نكرة، لأنه يراد به الانفصال، إذ هو بمعنى الاستقبال، فلذلك جاز نصبه على الحال، ومن أجل أنه نكرة منع غير الأخفش رفعه بالابتداء.
«خضر وإستبرق» : من خفض جعله نعتا ل «سندس» ، و «سندس» : اسم للجميع.
وقيل: هو جمع، واحده: سندسة، وهو ما رق من الديباج.
ومن رفعه جعله نعتا ل «ثياب» .
ومن رفع «وإستبرق» عطفه على «ثياب» ، ومن خفض عطفه على «سندس» ، و «إستبرق» : ما غلظ من الديباج، ومن رفعه جعله نعتا ل «ثياب» .
وإستبرق: اسم أعجمى نكرة، فلذلك انصرف، وألفه ألف قطع فى الأسماء الأعجمية.
وقد قرأ ابن محيصن بغير صرف، وهو وهم، أن جعله اسما، لأنه نكرة منصرفة.
وقيل: بل جعله فعلا ماضيا من «برق» ، فهو جائز فى اللفظ بعيد فى المعنى.
وقيل: إنه فى الأصل فعل ماض، على «استفعل» ، من: برق، فهو عربى من «البريق» ، فلما أسمى به قطعت ألفه، لأنه ليس من أصل الأسماء أن تدخلها ألف الوصل، إنما دخلت فى أسماء متعلقة مغيرة عن أصلها معدودة لا يقاس عليها.
23-
إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنْزِيلًا «نحن» : فى موضع نصب، على الصفة لاسم «إن» ، لأن المضمر يوصف بالمضمر، إذ هو بمعنى التأكيد لا بمعنى
التحلية، فلا يوصف بالمظهر، لأنه بمعنى التحلية، والمضمر مستغنى عن التحلية، لأنه لم يضمر إلا بعد أن عرف بحلية، وهو محتاج إلى التأكيد ليتأكد الخبر عنه.
ويجوز أن يكون «نحن» فاصلة: لا موضع لها من الإعراب، و «نزلنا» : الخبر.
ويجوز أن يكون «نحن» رفعا بالابتداء، و «نزلنا» : الخبر، والجملة: خبر «إن» .
24-
فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً «أو» : للإباحة أي: لا تطع هذا الضرب.
وقال الفراء: «أو» ، فى هذا: بمنزلة «لا» أي: لا تطع من أثم ولا من كفر، وهو معنى الإباحة التي ذكرنا.
وقيل: «أو» ، بمعنى:«الواو» ، وفيه بعد.
27-
…
وَيَذَرُونَ وَراءَهُمْ يَوْماً ثَقِيلًا «وراء» بمعنى: قدام وأمام، وجاز ذلك فى «وراء» لأنها بمعنى التواري فيما توارى عنك، فما هو أمامك وقدامك وخلفك، يسمى: وراء، لتواريه عنك. و «يوما» : مفعول ب «يذرون» .
30-
وَما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً «أن» : فى موضع نصب على الاستثناء، أو: فى موضع خفض على قول الخليل، بإضمار الخافض، وعلى قول غيره:
فى موضع نصب، إذا قدرت حذف الخافض تقديره: إلا بأن يشاء الله.
31-
يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً «والظالمين» : نصب على إضمار فعل أي: ويعذب الظالمين أعد لهم عذابا، لأن إعداد العذاب يؤول إلى العذاب، فلذلك حسن إضمار «ويعذب» ، إذ قد دل عليه سياق الكلام.
ولا يجوز إضمار «أعد» ، لأنه لا يتعدى إلا بحرف، فإنما يضمر فى هذا وما شابهه فعل يتعدى بغير حرف.
مما يدل عليه سياق الكلام وفحوى الخطاب.
وفى حرف عبد الله: «وللظالمين أعد لهم» .