الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويجوز على قول الكوفيين أن يكون «يوم ينفع» مبنيا على الفتح، لإضافته إلى الفعل، فإذا كان كذلك احتمل موضعه النصب والرفع، على ما تقدم من التفسير، وإنما يقع البناء فى الظرف إذا أضيف إلى الفعل عند البصريين، إذا كان الفعل مبنيا، فأما إذا كان معربا فلا يبنى الظرف إذا أضيف إليه، عندهم.
«خالدين» : حال من الهاء والميم فى «لهم» ، و «أبدا» : ظرف زمان.
«رضى» : الياء فيها، بدل من واو، لانكسار ما قبلها لأنه من «الرضوان» .
-
6- سورة الأنعام
3-
وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّماواتِ وَفِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ ما تَكْسِبُونَ إن جعلت «وفى الأرض» متعلقا بما قبله وقفت على «وفى الأرض» ، ورفعت «يعلم» على الاستئناف أي:
وهو المعبود فى السموات وفى الأرض.
وإن جعلت «فى الأرض» متعلقا ب «يعلم» وقفت على «فى السموات» .
6-
أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ ما لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّماءَ عَلَيْهِمْ مِدْراراً
…
«كم» : فى موضع نصب «أهلكنا» لا ب «يروا» لأن الاستفهام وما أجرى مجراه وضارعه لا يعمل فيه ما قبله.
«مدرارا» : نصب على الحال من «السماء» .
10-
وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ «ما» : فى موضع رفع ب «حاق» وتقديره: عقاب ما كانوا أي: عقاب استهزائهم.
11-
قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ثُمَّ انْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ «عاقبة» : اسم كان و «كيف» خبر «كان» .
ولم يقل «كانت» لأن عاقبتهم بمعنى: مسيرهم، وإن تأنيث «العاقبة» غير حقيقى.
12-
قُلْ لِمَنْ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ قُلْ لِلَّهِ كَتَبَ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ «ليجمعنّكم» : فى موضع نصب، على البدل من «الرحمة» ، واللام لام القسم، فهى جواب «كتب» لأنه بمعنى: أوجب ذلك على نفسه ففيه معنى القسم.
«الذين» : رفع بالابتداء، و «فيهم لا يؤمنون» : ابتداء وخبر، فى موضع خبر «الذين» .
وأجاز الأخفش أن يكون «الذين» فى موضع نصب على البدل من الكاف والميم فى «ليجمعنكم» ، وهو بعيد، لأن المخاطب لا يبدل منه غير مخاطب، لا تقول: رأيتك زيدا، على البدل.
16-
مَنْ يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ وَذلِكَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ من فتح الياء وكسر الراء فى «يصرف» أضمر الفاعل، وهو الله جل وعز وأضمر مفعولا محذوفا تقديره:
من يصرف الله عنه العذاب يومئذ.
ومن ضم الياء وفتح الراء أضمر مفعولا لم يسم فاعله لا غير تقديره: من يصرف عنه العذاب يومئذ.
فهذا أقل إضمارا من الأول، وكلما قل الإضمار عند سيبويه كان أحسن.
19-
قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ أَإِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللَّهِ آلِهَةً أُخْرى
…
«شهادة» : نصب على البيان.
«ومن بلغ» : من، فى موضع نصب، عطف على الكاف والميم فى «لأنذركم» أي: وأنذر من بلغه القرآن.
وقيل: من بلغ الحلم.
20-
الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمُ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ «الذين آتيناهم» : الذين، مبتدأ، وخبره:«يعرفونه» .
«الّذين خسروا» : رفع على إضمار مبتدأ أي: هم الذين خسروا.
21-
وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآياتِهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ «من» : فى موضع رفع بالابتداء، وهى استفهام بمعنى التوبيخ، متضمنة معنى النفي تقديره: لا أحد أظلم
ممن افترى على الله كذبا، وأضمر خبر الابتداء، إلا إنه يحتاج إلى تمام لأن «ممن افترى على الله كذبا» تمام «أظلم» ، وكذلك «أفعل من كذا» حيث وقع، «من» وما بعدها، من تمام «أفعل» 23- ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قالُوا وَاللَّهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ من قرأ «تكن» ، بالتاء، أنث لتأنيث لفظ «الفتنة» ، وجعل، الفتنة، اسم «كان» .
وقيل: هى خبر «كان» ، و «أن» اسم «كان» ، وأنث «تكن» على المعنى لأن «أن» وما بعدها هو الفتنة فى المعنى لأن اسم «كان» هو الخبر فى المعنى إذ هى داخلة على الابتداء والخبر.
وجعل «أن» اسم «كان» هو الاختيار عند أهل النظر لأنها لا تكون إلا معرفة، لأنها لا توصف، فأشبهت المضمر، والمضمر أعرف المعارف، فكان الأعرف اسم «كان» أولى مما هو دونه فى التعريف إذ الفتنة إنما تعرفت بإضافتها إلى المضمر، فهى دون تعريف «أن» بكثير.
ومن قرأ «يكن» ، بالياء، ورفع «الفتنة» ، ذكّر لأن تأنيث الفتنة غير حقيقى لأن الفتنة يراد بها المعذرة، والمعذرة والعذر سواء، فحمله على المعنى، فذكّر ولأن الفتنة، هى القول فى المعنى، فذكر حملا على المعنى.
25-
وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ وَجَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذانِهِمْ وَقْراً وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا بِها حَتَّى إِذا جاؤُكَ يُجادِلُونَكَ يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هذا إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ «من» : مبتدأ، وما قبلة خبره، وهو «ومنهم» . ووحد «يستمع» لأنه حمله على لفظ «من» ، ولو جمع فى الكلام على المعنى، لحسن كما قال فى يونس «ومنهم من يستمعون إليك» الآية: 42 «أساطير» : واحدها: أسطورة وقيل: إسطارة وقيل: هى جمع الجمع، واحده: إسطار، وإسطار:
جمع: سطر، ولكنه جمع قليل، وأساطير: جمع كثير.
27-
وَلَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقالُوا يا لَيْتَنا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآياتِ رَبِّنا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ «ولا نكذّب بآيات ربّنا ونكون» : من رفع الفعلين عطفهما على «نرد» ، وجعله كله مما تمناه الكفار يوم القيامة، تمنوا ثلاثة أشياء: أن يردوا، وأن لا يكونوا قد كذبوا بآيات الله فى الدنيا، وتمنوا أن يكونوا من المؤمنين.
ويجوز أن يرفع «نكذب» و «نكون» على القطع، فلا يدخلان فى التمني وتقديره: يا ليتنا نرد ونحن لا نكذب، ونحن نكون من المؤمنين، رددنا أو لم نرد، كما حكى سيبويه: دعنى ولا أعود، بالرفع أي:
وأنا لا أعود، تركتنى أو لم تتركنى.
فأما من نصب الفعلين، فعلى جواب التمني لأن التمني غير واجب، فيكون الفعلان داخلين فى التمني، كالأول من وجهى الرفع والنصب، بإضمار «أن» حملا على مصدر «نرد» ، فأضمرت «أن» لتكون مع الفعل مصدرا، فتعطف الواو مصدرا على مصدر تقديره: يا ليت لنا ردا وانتفاء من التكذيب، وكونا من المؤمنين.
فأما من رفع «نكذب» ونصب «ونكون» ، فإنه رفع «نكذب» على أحد الوجهين الأولين: إما أن يكون داخلا فى التمني فيكون كمعنى النصب، أو يكون وقع على الثبات والإيجاب كما تقدم أي: ولا نكذب، رددنا أو لم نرد، ونصب «يكون» على جواب التمني على ما تقدم، فيكون داخلا فى التمني.
28-
بَلْ بَدا لَهُمْ ما كانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ «وإنّهم لكاذبون» : دل على تكذيبهم أنهم إنما أخبروا عن أنفسهم بذلك ولم يتمنوه لأن التمني لا يقع جوابه التكذيب فى الخبر.
وقال بعض أهل النظر: الكذب لا يجوز وقوعه فى الآخرة، إنما يجوز وقوعه فى الدنيا، وتأويل قوله تعالى «وإنهم لكاذبون» أي: كاذبون فى الدنيا، فى تكذيبهم الرسل وإنكارهم البعث، فيكون ذلك خطابه، للحال التي كانوا عليها فى الدنيا.
وقد أجاز أبو عمرو وغيره وقوع التكذيب لهم فى الآخرة، لأنهم ادعوا أنهم لو ردوا لم يكذبوا بآيات الله، وأنهم يؤمنون، فعلم الله ما يكون لو كان كيف كان يكون وأنهم لو ردوا لم يؤمنوا وكذبوا بآيات الله، فأكذبهم الله فى دعواهم.
31-
قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقاءِ اللَّهِ حَتَّى إِذا جاءَتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً قالُوا يا حَسْرَتَنا عَلى ما فَرَّطْنا فِيها وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزارَهُمْ عَلى ظُهُورِهِمْ أَلا ساءَ ما يَزِرُونَ «بغتة» : مصدر فى موضع الحال، ولا يقاس عليه عند سيبويه لو قلت: جاء زيد إسراعا، لم يجز.
«ما يزرون» : ما، نكرة فى موضع نصب ب «ساء» ، وفى «ساء» ضمير مرفوع تفسيره ما بعده، كنعم، وبئس.
وقيل: «ما» : فى موضع رفع ب «ساء» .
32-
وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلا تَعْقِلُونَ «الدار» : مبتدأ، و «الآخرة» نعت ل «الدار» ، و «خير» هو خبر الابتداء.
وقد اتسع فى «الآخرة» فأقيمت مقام الموصوف، وأصلها الصفة قال الله تعالى:(وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ) الضحى: 4 فأما من قرأ «ولدار» بلام واحدة، وأضافها إلى «الآخرة» ، فإنه لم يجعل «الآخرة» صفة ل «دار» ، وإنما «الآخرة» صفة لموصوف محذوف تقديره: ولدار الساعة الآخرة، ثم حذفت «الساعة» وأقيمت الصفة.
مقام الموصوف، فأضيفت «الدار» إليها.
فالآخرة والدنيا، أصلهما الصفة، لكن اتسع فيهما فاستعملتا استعمال الأسماء، فأضيف إليهما.
33-
قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآياتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ «يكذّبونك» : من شدده حمله على معنى: ينسبونك إلى الكذب كما يقال: فسقت الرجل وخطأته، إذا نسبته إلى الفسق والخطأ.
وأما من خففه، فإنه حمله على معنى: لا يجدونك كاذبا كما يقال: أحمدت الرجل وأبخلته، إذا أصبته بخيلا أو محمودا.
وقد يجوز أن يكون معنى التخفيف والتشديد سواء، كما يقال: قللت وأقللت وكثرت وأكثرت، بمعنى واحد.
40-
قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُ اللَّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ «قل أرأيتكم» : الكاف والميم، للخطاب، لا موضع لها من الإعراب، عند البصريين. وقال الفراء:
لفظها منصوب، ومعناها معنى مرفوع.
وهذا محال، لأن الناهي الكاف فى «رأيتك» ، فكان يجب أن يظهر علامة جمع فى التاء وكان يجب أن يكون فاعلان لفعل واحد، وهما لشىء واحد ويجب أن يكون قولك: رأيتك زيدا ما صنع؟ معناه: أرأيت نفسك زيدا ما صنع؟ لأن الكاف هو المخاطب، وهذا الكلام محال فى المعنى ومناقض فى الإعراب والمعنى لأنك تستفهم عن نفسه فى صدر السؤال، ثم ترد السؤال عن غيره فى آخر الكلام، وتخاطب أولا ثم تأتى بغائب آخرا، ولأنه يصير ثلاثة مفعولين ل «رأيت» وهذا كله لا يجوز، لو قلت: رأيت عالما بزيد، كانت الكاف فى موضع نصب لأن تقديره: رأيت نفسك عالما بزيد، وهذا كلام صحيح قد تعدى «رأيت» إلى مفعولين لا غير.
48-
وَما نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ فَمَنْ آمَنَ وَأَصْلَحَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ «إلّا مبشّرين ومنذرين» : حالان، من «المرسلين» .
«فمن آمن» : من، مبتدأ، والخبر:«فلا خوف عليهم» .
52-
وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ما عَلَيْكَ مِنْ حِسابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَما مِنْ حِسابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ «بالغداة» : إنما دخلت الألف واللام على «غداة» ، لأنها نكرة، وأكثر العرب بجعل «غدوة» نكرة.
«من حسابهم من شىء» : «من» ، الأولى، للتبعيض، والثانية زائدة و «شيء» فى موضع رفع اسم «ما» ، ومثله:«وما من حسابك عليهم من شيء» .
«فتطردهم» : نصب، لأنه جواب النفي، و «فتكون» ، جواب النهى فى قوله «ولا تطرد الذين» .
53-
وَكَذلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهؤُلاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنا أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ «ليقولوا» : هذه لام «كي» ، وإنما دخلت على معنى: إن الله جل ذكره قد علم ما تقولون قبل أن تقولوا، فصار: إنما فتنوا ليقولوا على ما تقدم فى علم الله، فهو على سبيل الإنكار منهم، وقيل: بل على سبيل الاستحياء، وقالوا: أهؤلاء الذين من الله عليهم؟.
54-
وَإِذا جاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآياتِنا فَقُلْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءاً بِجَهالَةٍ ثُمَّ تابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ إن من فتح «أن» فى الموضعين جعل الأولى بدلا من الرحمة، بدل الشيء، من الشيء، وهو هو، فهى فى موضع نصب ب «كتب» ، وأضمر الثانية خبرا، وجعلها فى موضع رفع بالابتداء، أو بالظرف تقديره:
فله أن ربه غفور له أي: فله غفران ربه. ويجوز أن يضمر مبتدأ، وبجعل «أن» خبره، تقديره: فأمره أن ربه غفور له، أي: فأمره غفران ربه، ومثله فى التقدير والحذف والإعراب:(فَأَنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ) التوبة: 63 وقد قيل: «أن» من: «فأنه» تكرير، فتكون فى موضع نصب ردا على الأول، كأنها بدل من الأول.
وفيه بعد، لان «من» إن كانت موصولة بمعنى «الذي» وجعلت «فأنه» بدلا من «أن» الأولى بقي الابتداء، وهو «من» بغير خبر، وإن كانت «من» للشرط، بقي الشرط بغير جواب، مع أن ثبات الفاء يمنع من البدل، لأن البدل لا يحول بينه وبين المبدل منه شىء غير الاعتراضات، والفاء ليست من الاعتراضات، فإن جعلت «الفاء» زائدة، لا يجوز، لأنه يبقى الشرط بغير جواب وإن جعلت «أن» الثانية بدلا من الأولى، فأما الكسر فيهما فعلى الاستئناف، أو على إضمار، والكسر فيهما بعد الفاء أحسن لأن الفاء يبتدأ بما بعدها فى أكثر الكلام، والكسر بعدها حسن.
55-
وَكَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ «ولتستبين سبيل» : من قرأ بالتاء ونصب «السبيل» ، جعل التاء علامة خطاب واستقبال، وأضمر اسم «النبي» فى الفعل.
ومن رأ بالتاء ورفع «السبيل» رفعه بفعله حكى سيبويه: استبان الشيء، واستبنته أنا.
فأما من قرأ بالياء ورفع «السبيل» فإنه ذكّر «السبيل» ، لأنه يذكر ويؤنث، ورفعه بفعله.
ومن قرأ بالياء ونصب «السبيل» أضمر اسم «النبي» فى الفعل، وهو الفاعل، ونصب «السبيل» ، لأنه مفعول به.
واللام فى «ولتستبين» متعلقة بفعل محذوف تقديره: ولتستبين سبيل المجرمين فصلناها.
56-
قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ
…
«أن» : فى موضع نصب على حذف الخافض تقديره: نهيت عن أن أعبد.
57-
قُلْ إِنِّي عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَكَذَّبْتُمْ بِهِ
…
«وكذّبتم به» : الهاء، تعود على «البينة» ، وذكّرها لأنها بمعنى البيان.
58-
قُلْ لَوْ أَنَّ عِنْدِي ما تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ لَقُضِيَ الْأَمْرُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالظَّالِمِينَ «أن» : فى موضع رفع بفعله، على إضمار فعل
59-
وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُها إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ ما فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُها وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُماتِ الْأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يابِسٍ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ «من ورقة» : من، زائدة للتأكيد، أفادت العموم و «ورقة» : فى موضع رفع ب «تسقط» وكذلك: «ولا حبة» .
ويجوز رفع «حبة» على الابتداء، وكذلك:«ولا رطب ولا يابس» .
وقد قرأ الحسن، وابن أبى إسحاق بالرفع فى «رطب ولا يابس» ، على الابتداء، والخبر:«إلا فى كتاب مبين» .
62-
ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ أَلا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحاسِبِينَ «مولاهم» : بدل من اسم الله، و «الحق» نعت ل «مولاهم» .
وقرأ الحسن «الحق» ، بالنصب، على المصدر، أو على:«أعنى» .
63-
قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً لَئِنْ أَنْجانا مِنْ هذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ «تضرّعا» : مصدر وقيل: حال، بمعنى: ذوى تضرع.
65-
قُلْ هُوَ الْقادِرُ عَلى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآياتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ «شيعا» : مصدر وقيل: حال 69- وَما عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَلكِنْ ذِكْرى لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ «ولكن ذكرى» : فى موضع نصب على المصدر، أو فى موضع رفع على الابتداء، والخبر محذوف:
تقديره: ولكن عليهم ذكرى.
70-
وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِباً وَلَهْواً وَغَرَّتْهُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا وَذَكِّرْ بِهِ أَنْ تُبْسَلَ نَفْسٌ بِما كَسَبَتْ
…
«أن تبسل» : أن، فى موضع نصب مفعول من أجله أي: لئلا تبسل، ومخافة أن تبسل.
71-
قُلْ أَنَدْعُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا يَنْفَعُنا وَلا يَضُرُّنا وَنُرَدُّ عَلى أَعْقابِنا بَعْدَ إِذْ هَدانَا اللَّهُ كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّياطِينُ فِي الْأَرْضِ حَيْرانَ لَهُ أَصْحابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى ائْتِنا قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدى وَأُمِرْنا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعالَمِينَ «حيران» : نصب على الحال، ولكن لا ينصرف، لأنه كغضبان.
72-
وَأَنْ أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَاتَّقُوهُ وَهُوَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ «أن» : فى موضع نصب، بحذف حرف الجر تقديره: وبأن أقيموا.
وقيل: هو معطوف على معنى «لنسلم» الآية: 71، لأن تقديره: لأن نسلم.
وقيل: هو معطوف على معنى «ائتنا» الآية: 71، لأن معناه: أن ائتنا.
73-
وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَيَوْمَ يَقُولُ كُنْ فَيَكُونُ قَوْلُهُ الْحَقُّ وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ «يوم يقول» : انتصب «يوم» على العطف على الهاء فى «اتقوه» الآية: 72 أي: واتقوا يوم يقول.
ويجوز أن يكون معطوفا على «السموات» أي: خلق السموات وخلق يوم يقول.
وقيل، هو منصوب على: اذكر يا محمد يوم يقول.
«كن فيكون» أي: فهو يكون، فلذلك رفعه، وفى «يكون» اسمها، وهى تامة لا تحتاج إلى خبر، ومثلها:«كن» ، والضمير، هو ضمير «الصور» الذي ذكره بعده، يراد به التقديم قبل «فيكون» .
وقيل: تقدير المضمر فى «فيكون» : فيكون جميع ما أراد.
وقيل: «قوله» هو اسم «فيكون» ، و «الحق» نعته.
وقيل: «قوله» : مبتدأ، و «الحق» : خبره.
«يوم ينفخ فى الصور» : يوم، بدل من «ويوم يقول» .
وقيل: الناصب له «الملك» أي: له الملك فى يوم ينفخ فى الصور.
«عالم الغيب» : نعت ل «الذي» ، أو رفع على إضمار مبتدأ أي: هو عالم الغيب، ويجوز رفعه حملا على المعنى، أي: ينفخ فيه عالم الغيب، كأنه لما قال «يوم ينفخ فى الصور» ، قيل: من ينفخ فيه؟ قيل: ينفخ فيه عالم الغيب.
وقرأ الحسن، والأعمش «عالم» ، بالخفض، على البدل من الهاء فى «له» .
74-
وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْناماً آلِهَةً إِنِّي أَراكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ من نصب «آزر» جعله فى موضع خفض بدلا من الأب، كأنه اسم له.
وقد قرأ يعقوب وغيره بالرفع على النداء، كأنه قال: آزر، نعتا له تقديره: يا معوج الدين تتخذ أصناما آلهة؟
75-
وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ «وليكون» : اللام، متعلقة بفعل محذوف، تقديره: وليكون من الموقنين أريناه الملكوت.
80-
وَحاجَّهُ قَوْمُهُ قالَ أَتُحاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدانِ وَلا أَخافُ ما تُشْرِكُونَ بِهِ إِلَّا أَنْ يَشاءَ رَبِّي شَيْئاً وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ «أتحاجّونى» : من خفف النون فإنما حذف الثانية التي دخلت مع الياء، التي هى ضمير المتكلم، لاجتماع المثلين مع كثرة الاستعمال، وترك النون، التي هى علامة الرفع، فيه فتح لأنه قد كسرها لمجاورتها الياء وحقها الفتح، فوقع فى الكلمة حذف وتغيير.
ومن شدد أدغم النون الأولى فى الثانية، وله نظائر.
ومن زعم أن الأولى هى المحذوفة، فإنما استدل على ذلك بكسرة النون الباقية، وذلك لا يجوز، لأن النون الأولى علامة الرفع من الأفعال لغير جازم ولا ناصب.
وقيل: إن الثانية هى المحذوفة دون الأولى، لأن الاستقبال إنما يقع بالثاني، ويدل عليه أيضا قولهم فى
«ليتنى» : ليتى، فيحذفون النون التي هى مع الياء.
«علما» : نصب على التفسير.
82-
الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ «الذين» : مبتدأ، و «أولئك» : بدل من «الذين» ، ابتداء ثان، و «الأمن» : ابتداء ثالث، أوثان، و «لهم» : خبر «الأمن» ، و «الأمن» وخبره خبر:«أولئك» ، و «أولئك» وخبره: خبر «الذين» .
«وهم مهتدون» : ابتداء وخبر.
83-
وَتِلْكَ حُجَّتُنا آتَيْناها إِبْراهِيمَ عَلى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجاتٍ مَنْ نَشاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ من نون «درجات» أوقع «نرفع» على «من» ، ونصب «درجات» على الظرف، أو على حذف حرف الجر تقديره: إلى درجات، كما قال «وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجاتٍ» 2: 253 ومن لم ينون نصب «درجات» ب «نرفع» على المفعول به، وأضافها إلى «من» .
84-
وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنا وَنُوحاً هَدَيْنا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ وَسُلَيْمانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسى وَهارُونَ وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ «كلّا هدينا» : نصب «كلا» ب «هدينا» ، وكذلك:«ونوحا هدينا» و «داود» ، وما بعده عطف على «نوح» .
والهاء فى «ذريته» تعود على «نوح» ، ولا يجوز أن تعود على «إبراهيم» ، لأن بعده:«ولوطا» ، وإنما كان فى زمن إبراهيم، فليس هو من ذرية إبراهيم. وقد قيل: أنه كان ابن أخى إبراهيم وقيل:
ابن أخته.
86-
وَإِسْماعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطاً وَكلًّا فَضَّلْنا عَلَى الْعالَمِينَ «اليسع» : هو اسم أعجمى معرفة، والألف واللام فيه زائدتان. وقيل: هو فعل مستقبل سمى به ونكر، فدخله حرفا التعريف.
ومن قرأه بلامين جعله أيضا اسما أعجميا على «فيعل» ، ونكره فدخله حرفا التعريف وأصله: ليسع والأصل فى القراءة الأخرى: «يسع» .
فأصله على قول من جعله فعلا مستقبلا سمى به: يوسع، حذفت الواو كما حذفت فى «يعد» ، ولم تعمل الفتحة فى السين لأنها فتحة مجتلبة أوجبتها العين، وأصلها الكسر، فوقع الحذف على الأصل.
89-
أُولئِكَ الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ فَإِنْ يَكْفُرْ بِها هؤُلاءِ فَقَدْ وَكَّلْنا بِها قَوْماً لَيْسُوا بِها بِكافِرِينَ «ليسوا بها بكافرين» : الباء الأولى متعلقة ب «كافرين» ، والثانية دخلت لتأكيد النفي، وهو خبر «ليس» .
90-
أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرى لِلْعالَمِينَ «فبهداهم اقتده» : الهاء، دخلت لبيان حركة الدال، وهى هاء السكت.
فأما من كسرها فيمكن أن يكون جعلها هاء الإضمار، أضمر المصدر. وقيل: إنه شبه هاء السكت بهاء الإضمار، فكسرها وهذا بعيد.
91-
وَما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قالُوا ما أَنْزَلَ اللَّهُ عَلى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتابَ الَّذِي جاءَ بِهِ مُوسى نُوراً وَهُدىً لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَراطِيسَ تُبْدُونَها وَتُخْفُونَ كَثِيراً وَعُلِّمْتُمْ ما لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلا آباؤُكُمْ قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ «من شىء» : شىء، فى موضع نصب، و «من» : زائدة للتأكيد والعموم.
«نورا وهدى» : حالان من «الكتاب» ، أو من الهاء فى «به» ، وكذلك:«يجعلونه» : حال من «الكتاب» . و «تبدونها» : نعت ل «قراطيس» والتقدير: تجعلونه فى قراطيس، فلما حذف الحرف انتصب.
«وتخفون» : مبتدأ، لا موضع له من الإعراب.
«يلعبون» : حال من الهاء والميم فى «ذرهم» .
92-
وَهذا كِتابٌ أَنْزَلْناهُ مُبارَكٌ مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى وَمَنْ حَوْلَها وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَهُمْ عَلى صَلاتِهِمْ يُحافِظُونَ «مصدّق الّذى» : نعت ل «كتاب» ، على تقدير حذف التنوين من «مصدق» ، لالتقاء الساكنين.
و «الذي» : فى موضع نصب ب «مصدق» .
وإن لم يقدر حذف التنوين كان «مصدق الذي» خبرا بعد خبر، و «الذي» : فى موضع خفض.
«ولتنذر» : اللام، متعلقة بفعل محذوف تقديره: لتنذر أم القرى أنزلناه.
93-
وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَوْ قالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَنْ قالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ ما أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَوْ تَرى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَراتِ الْمَوْتِ وَالْمَلائِكَةُ باسِطُوا أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ بِما كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آياتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ «ومن قال سأنزل» : من، فى موضع خفض، عطف على «من» فى قوله:«ممن افترى» .
«والملائكة باسطو أيديهم» : ابتداء وخبر، فى موضع الحال من «الظالمين» ، والهاء والميم فى «أيديهم» للملائكة والتقدير: والملائكة باسطو أيديهم بالعذاب على الظالمين يقولون لهم: أخرجوا أنفسكم، «والقول» مضمر ودل على هذا المعنى قوله فى موضع آخر:«يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبارَهُمْ» 8: 15 ومعنى قوله «أخرجوا أنفسكم» أي: خلصوا أنفسكم اليوم مما حل بكم، فالناصب ل «يوم» : أخرجوا وعليه يحسن الوقف.
وقيل: الناصب له «تجزون» ، فلا يوقف عليه ويبتدأ به، وجواب «لو» محذوف تقديره: ولو ترى يا محمد حين الظالمين فى غمرات الموت لرأيت أمرا عظيما.
94-
وَلَقَدْ جِئْتُمُونا فُرادى كَما خَلَقْناكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ ما خَوَّلْناكُمْ وَراءَ ظُهُورِكُمْ وَما نَرى مَعَكُمْ شُفَعاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكاءُ لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنْكُمْ ما كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ فى موضع نصب على الحال من المضمر المرفوع فى «جئتمونا» ، ولم ينصرف، لأن فيه ألف التأنيث.
وقد قرأ أبو عمرو، وحيوة، بالتنوين، وهى لغة لبعض بنى تميم.
والكاف، من «كما» فى: موضع نصب، نعت لمصدر محذوف تقديره: ولقد جئتمونا منفردين انفرادا مثل حالكم أول مرة.
«لقد تقطّع بينكم» : من رفع «بينكم» جعله فاعلا ل «تقطع» ، وجعل «البين» بمعنى: الوصل تقديره: لقد تقطع وصلكم أي: تفرق.
وأصل «بين» : الافتراق، ولكن اتسع فيه فاستعمل اسما غير ظرف، بمعنى الوصل.
فأما من نصبه فعلى الظرف، والعامل فيه ما دل عليه الكلام من عدم وصلهم فتقديره: لقد تقطع وصلكم بينكم، ف «وصلكم» المضمر، هو الناصب ل «بين» .
وقد قيل: إن من نصب «بينكم» جعله مرفوعا فى المعنى ب «تقطع» ، لكنه لما جرى فى أكثر الكلام منصوبا تركه على حاله وهو مذهب الأخفش، فالقراءتان على هذا بمعنى واحد.
96-
فالِقُ الْإِصْباحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْباناً ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ «والشّمس والقمر» : انتصب على العطف على موضع «الليل» ، لأنه فى موضع نصب.
وقيل: بل على تقدير: «وجعل» .
فأما من قرأ «وجعل الشمس» ، فهو عطف على اللفظ والمعنى.
«حسبانا» : قال الأخفش: معناه: «بحسبان» ، فلما حذف الحرف نصب.
وقيل: إن «حسبانا» : مصدر: حسب الشيء حسبانا والحساب، هو الاسم.
98-
وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ «فمستقرّ ومستودع» : رفع بالابتداء، والخبر محذوف أي: فمنكم مستقر ومنكم مستودع.
ومن فتح القاف، كان تقديره: فلكم مستقر أي: مستقر فى الرحم ومستودع فى الأرض.
وقيل: المستودع: ما كان فى الصلب.
وقيل: «مستقر» ، معناه: فى القبر.
وعلى قراءة من كسر القاف، فممكن هذه المعاني.
99-
وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجْنا بِهِ نَباتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنا مِنْهُ خَضِراً نُخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُتَراكِباً وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِها قِنْوانٌ دانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهاً وَغَيْرَ مُتَشابِهٍ انْظُرُوا إِلى ثَمَرِهِ إِذا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذلِكُمْ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ «وجنّات من أعناب» : من نصب «جنات» عطفها على «نبات» ، وقد روى الرفع عن عاصم، على معنى: ولهم جنات، على الابتداء ولا يجوز عطفه على «قنوان» ، لأن «الجنات» لا تكون من النخل.
«انظروا إلى ثمره» : من قرأ بفتحين، جعله جمع: ثمرة، كبقرة وبقر، وجمع الجمع على: ثمار، مثل إكام.
ومن قرأه بضمتين جعله أيضا جمع: ثمرة، كخشبة وخشب.
وقيل: هو جمع، كأنه جمع: ثمار، كحمار وحمر وثمر: جمع: ثمار وثمر: جمع، ثمرة.
100-
وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَناتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يَصِفُونَ «الجن» : مفعول أول ب «جعل» و «شركاء» : مفعول ثان مقدم واللام فى «لله» متعلقة ب «شركاء» .
وإن شئت جعلت «شركاء» مفعولا أول، و «الجن» بدلا من «شركاء» ، و «الله» فى موضع المفعول الثاني، واللام متعلقة ب «جعل» .
وأجاز الكسائي رفع «الجن» على معنى: هم الجن.
105-
وَكَذلِكَ نُصَرِّفُ الْآياتِ وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ وَلِنُبَيِّنَهُ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ «وكذلك نصرّف» : الكاف، فى موضع نصب، نعت لمصدر محذوف تقديره: ونصرف الآيات تصريفا مثل ما تلونا عليك.
«وليقولوا درست» : اللام، متعلقة بمحذوف تقديره: «وليقولوا درست صرفنا الآيات ومثله:
«ولنبينه» .
ومعنى «درست» ، فى قراءة من فتح التاء: تعلمت وقرأت ومن أسكنها، فمعناه: انقطعت وانمحت ومن قرأ بالألف، فمعناه: دارست أهل الكتاب ودار سوك.
108-
وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ
…
«عدوا» : مصدر، وقيل: مفعول من أجله.
109-
وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لَئِنْ جاءَتْهُمْ آيَةٌ لَيُؤْمِنُنَّ بِها قُلْ إِنَّمَا الْآياتُ عِنْدَ اللَّهِ وَما يُشْعِرُكُمْ أَنَّها إِذا جاءَتْ لا يُؤْمِنُونَ «أنها» : من فتح «أن» جعلها بمعنى: لعل.
وحكى الخليل عن العرب: أتيت السوق أنك تشترى لنا شيئا أي: لعلك؟
و «ما» : استفهام، فى موضع رفع بالابتداء وفى «يشعركم «ضمير» الفاعل يعود على «ما» ، والمعنى:
وأي شىء يدريكم إيمانهم، إذا جاءتهم الآية، لعلها إذا جاءتهم لا يؤمنون؟ ففى الكلام حذف دل عليه ما بعده، والمحذوف هو المفعول الثاني ل «يشعركم» يقال: شعرت بالشيء: دريته.
ولو حملت «أن» على بابها، لكان ذلك عذرا لهم، لكنها بمعنى «لعل» .
وقد قيل: إن «أن» منصوبة ب «يشعركم» ، «لكن» لا «زائدة فى قوله» لا يؤمنون، والتقدير:
وما يشعركم بأن الآية إذا جاءتهم يؤمنون، وهو خطاب للمؤمنين، يعنى أن الذين اقترحوا الآية من الكفار لو أتتهم لم يؤمنوا، ف «أن» هو المفعول الثاني ل «يشعر» ، على هذا القول، ولا حذف فى الكلام.
110-
وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصارَهُمْ كَما لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ «أوّل مرّة» : نصب على الظرف، يعنى: فى الدنيا.
111-
وَلَوْ أَنَّنا نَزَّلْنا إِلَيْهِمُ الْمَلائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتى وَحَشَرْنا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا ما كانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ «قبلا» : من كسر القاف وفتح الباء، نصبه على الحال، من المفعول، وهو بمعنى: معاينة، أو عيانا أي: يقابلونه.
وكذلك من قرأ بضم القاف والباء، هو نصب على الحال أيضا، بمعنى: مستقبلا، أو بمعنى: قبيل قبيل.
«إلّا أن يشاء الله» أن، فى موضع نصب على الاستثناء المنقطع.
112-
وَكَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَياطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ ما فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَما يَفْتَرُونَ «شياطين الإنس» : نصب من المبدل من «عدوا» ، أو: على أنه مفعول ثان ل «جعل» .
«غرورا» : نصب على أنه مصدر، فى موضع الحال.
114-
أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَماً وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتابَ مُفَصَّلًا وَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ «حكما» : نصب على البيان أو على الحال، و «أبتغى» معدى إلى غيره.
«بالحق» : فى موضع نصب على الحال من المضمر فى «منزل» ، ولا يجوز أن يكون مفعولا ل «منزل» لأن «منزلا» قد تعدى إلى مفعولين، أحدهما بحرف جر، وهو «من ربك» ، والثاني مضمر فى «منزل» ، وهو الذي قام مقام الفاعل، فهو مفعول لم يسم فاعله يعود على «الكتاب» .
115-
وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلًا لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ «صدقا وعدلا» : مصدران.
وإن شئت جعلتهما مصدرين فى موضع الحال، بمعنى: صادقة وعادلة.
117-
إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَنْ يَضِلُّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ «من يضلّ» : من، رفع بالابتداء، وهى استفهام، و «يضل عن سبيله» : الخبر.
وقيل: «من» فى موضع نصب بفعل دل عليه «أعلم» ، وهو بمعنى: الذي تقديره: وهو أعلم أعلم من يضل ويبعد أن ينصب «من» ب «أعلم» ، لبعده من مضارعة الفعل» ، والمعاني لا تعمل فى المفعولات كما تعمل فى الظروف، ويحسن أن يكون فعلا للمخبر عن نفسه، لأنه بلفظ الإخبار عن الغائب، ولا يحسن أن يكون «أفعل» بمعنى: فاعل: إذ لم يحسن أن يكون فعلا، وإنما يكون «أفعل» بمعنى فاعل، إذا حسن أن يكون فعلا للمخبر عن نفسه، ولا يحسن تقدير حذف حرف الجر، لأنه من ضرورات الشعر، ولا تحسن فيه الإضافة، لأن «أفعل» لا يضاف إلا إلى ما هو بعضه، إلا أن يكون بمعنى: فاعل، فتحسن إضافته لما ليس هو بعضه.
119-
وَما لَكُمْ أَلَّا تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ ما حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ
…
«ألّا تأكلوا» : أن، فى موضع نصب بحذف حرف الجر و «ما» استفهام فى موضع رفع بالابتداء، وما بعدها خبرها تقديره: وأي شىء لكم فى أن لا تأكلوا مما ذكر اسم عليه.
«إلّا ما اضطررتم إليه» : فى موضع نصب على الاستثناء.
122-
أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ وَجَعَلْنا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُماتِ لَيْسَ بِخارِجٍ مِنْها كَذلِكَ زُيِّنَ لِلْكافِرِينَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ «أو من كان ميتا» : من، بمعنى «الذي» رفع بالابتداء والكاف فى «كمن» : خبره وفى «كان» اسمها، يعود على «من» ، و «ميتا» : خبر «كان» .
«كمن مثله» : مثله، مبتدأ و «فى الظلمات» : خبره والجملة صلة «من» وتقديره: كمن هو فى الظلمات.
«ليس بخارج منها» : فى موضع نصب على الحال من المضمر المرفوع فى قوله «فى الظلمات» .
«كذلك زين» : الكاف، فى موضع نصب نعت لمصدر محذوف تقديره: تزيينا مثل ذلك أي: زين للكافرين عملهم.
123-
وَكَذلِكَ جَعَلْنا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكابِرَ مُجْرِمِيها لِيَمْكُرُوا فِيها وَما يَمْكُرُونَ إِلَّا بِأَنْفُسِهِمْ وَما يَشْعُرُونَ «مجرميها» : فى موضع نصب ب «جعلنا» ، مفعول أول، وتجعل «أكابر» مفعولا ثانيا، كما قال تعالى:
(أَمَرْنا مُتْرَفِيها)
17: 16 أي: كثرناهم وكما قال: (وَأَتْرَفْناهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) 13: 33 أي: نعمناهم.
«ليمكروا فيها» : اللام، لام كى، ومعناها: أنه لما علم الله أنهم يمكرون صار المعنى: أنه إنما زين لهم ليمكروا، إذ قد تقدم فى علمه وقوع ذلك منهم.
125-
فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّما يَصَّعَّدُ فِي السَّماءِ كَذلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ «ضيّقا» : مفعول ثان ل «جعل» ، و «حرجا» : نعت له.
وإن شئت مفعولا أيضا، على التكرير، كما جاز أن يأتى خبر ثان فأكثر لمبتدأ واحد، وكذلك يجوز مفعولان فأكثر فى موضع مفعول واحد وإنما يكون هذا فيما يدخل على الابتداء والخبر تقول: طعامك حلو حامض فهذه ثلاثة أخبار عن الطعام، معناها: طعامك جمع هذه الطعوم.
فإن أدخلت على المبتدأ فعلا ناصبا لمفعولين، أو «كان» ، أو «أن» ، انتصبت الأخبار كلها، وارتفعت
كلها على خبر «أن» ، تقول: ظننت طعامك حلوا حامضا مرا، وكذلك «كان» ، فما كان فى الابتداء جاز فيما يدخل على الابتداء.
وكذلك «جعل» تدخل على الابتداء، كأنه كان قبل دخولها: صدره ضيق حرج ف «ضيق» و «حرج» :
خبر بعد خبر، فلما دخلت نصبت المبتدأ وخبره.
هذا على قراءة من قرأ بكسر الراء، لأنه جعله اسم فاعل كدنف، وفرق ومعنى «حرج» ، كمعنى:
ضيق كدر، لاختلاف لفظه للتأكيد.
فأما من فتح الراء، فهو مصدر وقيل: هو جمع: حرجة، كقصبة وقصب.
«كأنّما يصّعّد فى السّماء» : الجملة فى موضع نصب على الحال، من المضمر المرفوع فى «حرج» ، أو فى «ضيق» .
«كذلك يجعل الله» : الكاف، فى موضع نصب، نعت لمصدر محذوف تقديره: جعلا مثل ذلك يجعل الله.
126-
وَهذا صِراطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيماً قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ «مستقيما» : نصب على الحال من «صراط» ، وهذا الحال يقال لها: الحال المؤكدة لأن صراط الله لا يكون إلا مستقيما، فلم يؤت بها لتفرق بين حالتين، إذ لا تغيير لصراط الله عن الاستقامة أبدا، وليست هذه الحال كالحال فى قولك: هذا زيد راكبا لأن «زيدا» قد يخلو من الركوب فى وقت آخر إلى ضد الركوب، وصراط الله لا يخلو من الاستقامة أبدا، وهذا هو الفرق بين معنى الحال المؤكدة ومعنى الحال المفرقة بين الأفعال التي تختلف وتتبدل.
128-
وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً يا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْإِنْسِ وَقالَ أَوْلِياؤُهُمْ مِنَ الْإِنْسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنا قالَ النَّارُ مَثْواكُمْ خالِدِينَ فِيها إِلَّا ما شاءَ اللَّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ «يوم» : منصوب بفعل مضمر، معناه. واذكر يا محمد يوم نحشرهم.
وقيل: انتصب ب «قول» مضمر.
«جميعا» : نصب على الحال من الهاء والميم، فى «نحشرهم» .
«إلّا ما شاء الله» : ما، فى موضع نصب على الاستثناء المنقطع، فإن جعلت «ما» لمن يعقل، لم يكن منقطعا.
130-
امَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آياتِي وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا
…
«يقصّون» : فى موضع رفع على النعت ل «رسل» ومثله: «وينذرونكم» .
131-
ذلِكَ أَنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرى بِظُلْمٍ وَأَهْلُها غافِلُونَ.
«ذلك» ، فى موضع رفع، خبر ابتداء محذوف تقديره: والأمر ذلك.
وأجاز الفراء أن يكون «ذلك» فى موضع نصب نعت، على تقدير: فعل الله ذلك و «أن» فى موضع نصب، تقديره: لأن لم يكن، فلما حذف الحرف انتصب.
133-
وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ ذُو الرَّحْمَةِ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَسْتَخْلِفْ مِنْ بَعْدِكُمْ ما يَشاءُ كَما أَنْشَأَكُمْ مِنْ ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ «كما أنشأكم» : الكاف، فى موضع نصب، نعت لمصدر محذوف، تقديره: استخلافا مثل ما أنشأكم.
134-
إِنَّ ما تُوعَدُونَ لَآتٍ وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ «إن ما» : ما، بمعنى: الذي، اسم «إن» . والهاء، محذوفة مع «توعدون» تقديره توعدونه، فحذفت لطول الاسم، و «لآت» : خبر «إن» ، واللام: لام توكيد.
135-
قُلْ يا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ إِنِّي عامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ تَكُونُ لَهُ عاقِبَةُ الدَّارِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ إن جعلت «من» استفهاما، كانت فى موضع رفع بالابتداء، وما بعدها خبرها، والجملة فى موضع نصب ب «تعلمون» .
وإن جعلتها بمعنى: خبر، كانت فى موضع نصب ب «تعلمون» .
136-
وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعامِ نَصِيباً فَقالُوا هذا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهذا لِشُرَكائِنا فَما كانَ لِشُرَكائِهِمْ فَلا يَصِلُ إِلَى اللَّهِ وَما كانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلى شُرَكائِهِمْ ساءَ ما يَحْكُمُونَ «ساء ما يحكمون» : ما، فى موضع رفع ب «ساء» .
137-
وَكَذلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلادِهِمْ شُرَكاؤُهُمْ لِيُرْدُوهُمْ
…
من قرأ «زين» بالضم، على ما لم يسم فاعله، رفع «قتل» على أنه مفعول لم يسم فاعله، وأضافه إلى «الأولاد» ، ورفع «الشركاء» حملا على المعنى، كأنه قيل: من زين لهم؟ قال: شركاؤهم وأضيفت «الشركاء» إليهم لأنهم هم استحدثوها وجعلوها شركاء لله، تعالى عن ذلك، فباستحداثهم لها أضيفت إليهم.
ومن قرأ هذه القراءة ونصب «الأولاد» وخفض «الشركاء» ، فهى قراءة بعيدة، وقد رويت عن ابن عامر ومجازها على التفرقة بين المضاف والمضاف إليه بالمفعول، وذلك لا يجوز عند النحويين إلا فى الشعر وأكثر ما يأتى فى الظروف.
وروى عن ابن عامر أنه قرأ بضم الزاى من «زين» ، ورفع «قتل» ، وخفض «الأولاد» و «الشركاء» ، وفيه أيضا بعد ومجازه أن يجعل «الشركاء» بدلا من «الأولاد» فيصير «الشركاء» اسما للأولاد، لمشاركتهم لآباءهم فى النسب والميراث والدين.
138-
وَقالُوا هذِهِ أَنْعامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ لا يَطْعَمُها إِلَّا مَنْ نَشاءُ بِزَعْمِهِمْ وَأَنْعامٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُها وَأَنْعامٌ لا يَذْكُرُونَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا افْتِراءً عَلَيْهِ سَيَجْزِيهِمْ بِما كانُوا يَفْتَرُونَ «من نشاء» : من، فى موضع رفع ب «يطعم» .
«افتراء» : مصدر.
139-
وَقالُوا ما فِي بُطُونِ هذِهِ الْأَنْعامِ خالِصَةٌ لِذُكُورِنا وَمُحَرَّمٌ عَلى أَزْواجِنا وَإِنْ يَكُنْ مَيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكاءُ سَيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ «ما فى بطون» : رفع بالابتداء، وخبره «خالصة» ، وإنما أنث الخبر لأن ما فى بطون الأنعام أنعام فحمل التأنيث على المعنى ثم قال «ومحرم» فذكر، حمله على لفظ «ما» ، وهذا نادر لا نظير له وإنما يأتى
فى «من» و «ما» حمل الكلام على اللفظ أولا، ثم على المعنى بعد ذلك، وهذا أتى اللفظ أولا محمولا إلى المعنى، ثم حمل على اللفظ بعد ذلك وهو قليل.
وقيل: أنث على المبالغة، كرواية وعلامة.
وقد قرأ قتادة «خالصة» ، بالنصب على الحال من المضمر المرفوع فى قوله «فى بطون» ، وخبر «ما» :
«لذكورنا» ، لأن الحال لا يتقدم على العامل، عند سيبويه وغيره، إذا كان لا ينصرف ولو قلت: زيد قائما فى الدار، لم يجز وقد أجازه الأخفش.
ويجوز أن يكون «خالصة» بدلا من «ما» ، بدل الشيء من الشيء وهو بعضه، و «لذكورنا» الخبر.
وقرأ الأعمش «خالص» بغير هاء، رده على لفظ «ما» ، ورفعه، وهو ابتداء ثان، و «لذكورنا» : الخبر، والجملة خبر «ما» .
«وإن يكن ميتة» : من نصب «ميتة» ، وقرأ «يكن» بالياء، رده على لفظ «ما» ، وأضمر فى «يكن» اسمها، و «ميتة» خبرها تقديره: وإن يكن ما فى بطونها ميتة.
ومن نصب «ميتة» ، وقرأ «تكن» بالتاء، أنث على تأنيث الأنعام التي فى البطون تقديره: وإن تكن الأنعام التي فى بطونها ميتة.
ومن رفع «ميتة» جعل «كان» بمعنى: وقع وحدث، تامة لا تحتاج إلى خبر.
وقال الأخفش: يضمر الخبر، تقديره عنده: وإن تكن ميتة فى بطونها.
140-
قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلادَهُمْ سَفَهاً بِغَيْرِ عِلْمٍ
…
«سفها» : مصدر.
وإن شئت مفعولا من أجله.
141-
وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفاً أُكُلُهُ
…
«والنّخل والزّرع» : عطف على «جنات، و «مختلفا» : حال مقدرة أي: سيكون كذلك، لأنها فى أول
خروجها من الأرض لا أكل فيها، فتوصف باختلاف الطعوم لكن اختلاف ذلك يكون فيها عند إطعامها، فهى حال مقدرة أي: سيكون الأمر على ذلك، فأنت إذا قلت: رأيت زيدا قائما، فإنما أخبرت أنك رأيته فى هذه الحال، فهى حالة واقعة غير منتظرة فإذا قلت: خلق الله النخل مختلفا أكله، لم تخبر أنه خلق فيه أكل مختلف اللون والطعم، وإنما ذلك شىء ينتظر أن يكون فيه عند إطعامه، فهى حال منتظرة مقدرة، وكذلك إذا قلت:
رأيت زيدا مسافرا غدا، فلم تره فى حال سفره، إنما هو أمر تقدره أن يكون غدا، وهذا هو الفرق بين الحال الواقعة، والحال المقدرة والمنتظرة، والحال المؤكدة التي ذكرت فى قوله «صِراطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيماً» 6: 126 فهذه ثلاثة أحوال مختلفة المعاني، وفى القرآن منه كثير، ومنه قوله تعالى:(لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللَّهُ آمِنِينَ) 48: 27 ف «آمنين» : حال مقدرة منتظرة ومثله كثير.
142-
وَمِنَ الْأَنْعامِ حَمُولَةً وَفَرْشاً كُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ «حمولة وفرشا» : نصب على العطف على «جنات» أي: وأنشأ من الأنعام حمولة وهى الكبار المذللة ذات الطاقة على حمل الأثقال، و «فرشا» ، وهى الصغار.
143-
ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحامُ الْأُنْثَيَيْنِ نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ «ثمانية أزواج» : قال الكسائي: نصب «ثمانية» بإضمار فعل تقديره: أنشأ ثمانية.
وقال الأخفش: هو بدل من «حمولة وفرشا» . الآية: 142 وقال على بن سليمان: هو نصب بفعل مضمر تقديره: كلوا لحم ثمانية أزواج، فحذف الفعل والمضاف، وأقام المضاف إليه، وهو الثمانية، مقام المضاف، وهو لحم.
وقيل: هو منصوب على البدل من «ما» ، فى قوله «كلوا مما رزقكم» الآية: 142، على الموضع.
«آلذكرين» نصب ب «حرم، و «أم الأنثيين» عطف على «آلذكرين» ، و «ما» عطف أيضا عليه فى قوله «أما اشتملت» .
145-
قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ «يطعمه» : قرأ أبو جعفر: بتشديد الطاء وكسر العين وتخفيفها، وأصلها: يتطعمه، على وزن يفتعله، ثم أبدل من الباء طاء، وأدغم فيها الطاء الأولى.
«إلا أن يكون ميتة» : من قرأ «يكون» بالياء، ونصب «ميتة» ، أضمر فى «كان» اسمها تقديره:
إلا أن يكون المأكول ميتة، أو ذلك ميتا.
ومن قرأ «تكون» بالتاء، ونصب «ميتة» . أضمر «المأكول» .
وقرأ أبو جعفر: «إلا أن تكون» بالتاء، بالرفع، جعل «كان» بمعنى: وقع وحدث، و «أن» : فى موضع نصب، على الاستثناء المنقطع.
وكان يلزم أبا جعفر أن يقول: «أو دم» ، بالرفع، وكذلك ما بعده لكنه عطفه على «أن» ولم يعطفه على «ميتة» .
ومن نصب «ميتة» عطف، «أو دما» وما بعده، عليها.
«فإنّه رجس» : اعتراض بين المعطوف والمعطوف عليه، يراد به التأخير بعد «أو فسقا» :
«أو فسقا» ، عطف على «لحم خنزير» وما قبله.
«غير باغ» : نصب على الحال من المضمر المرفوع فى «اضطر» .
146-
…
حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُما إِلَّا ما حَمَلَتْ ظُهُورُهُما أَوِ الْحَوايا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ذلِكَ جَزَيْناهُمْ بِبَغْيِهِمْ وَإِنَّا لَصادِقُونَ «أو ما» : ما، فى موضع رفع، عطف على «ظهورهما» ، و «ما» فى قوله «إلا ما حملت» : فى موضع نصب على الاستثناء من «الشحوم» .
«الحوايا» : واحدها: حوية وقيل: حاوية وقيل: حاوياء، مثل:«نافقاء، و «الحوايا» فى موضع رفع، عند الكسائي، على العطف على «الظهور» ، على معنى: وإلا ما حملت الحوايا.
وقال غيره: هى فى موضع نصب، عطف على «ما» ، فى قوله:، إلا ما حملت» .
«ذلك جزيناهم» : ذلك، فى موضع رفع على إضمار مبتدأ التقدير: الأمر ذلك ويجوز أن يكون فى موضع نصب ب «جزيناهم» .
147-
فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ رَبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ واسِعَةٍ وَلا يُرَدُّ بَأْسُهُ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ أصل «ذو» : ذوى، مثل: عصى، ولذلك قال فى التثنية:«ذَواتا أَفْنانٍ» 55: 48 150- قُلْ هَلُمَّ شُهَداءَكُمُ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ هذا.
«هلمّ» ، أصله: ها المم، فألقيت حركة الميم الأولى على اللام، وأدغمت فى الثانية، فلما تحركت اللام استغنى عن ألف الوصل، فاجتمع ساكنان: ألف الهاء ولام الميم لأن حركتها عارضة، فحذفت ألفها لالتقاء الساكنين، فاتصلت الهاء باللام مضمومة، وبعدها ميم مشددة، فصارت: هلم، كما هى فى التلاوة لما تغير معناها واستعملت بمعنى: تعال وبمعنى: ائت.
151-
قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلا تَقْرَبُوا الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ «ألّا تشركوا» : أن، فى موضع نصب بدل من «ما» فى قوله «أتل ما» ، ويجوز أن يكون فى موضع رفع، على تقدير ابتداء محذوف تقديره: هو أن لا تشركوا.
«ذلكم وصّاكم» : ابتداء، وخبره.
153-
وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ
…
«وأنّ هذا» : أن، فى موضع نصب على تقدير حذف حرف الجر أي: لأن هذا.
ومن كسرها جعلها مبتدأة.
ومن فتح وخفف جعلها مخففة من الثقيلة، فى موضع نصب، مثل الأول.
«مستقيما» : حال من «صراطى» ، وهى الحال المؤكدة.
154-
ثُمَّ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ تَماماً عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ
…
«تماما» : مفعول من أجله، أو مصدر.
«على الذي أحسن» : من رفع «أحسن» أضمر «هو» مبتدأ، و «أحسن» خبره والجملة صلة «الذي» : ومن فتح جعله فعلا ماضيا، وفيه ضمير يعود على «الذي» تقديره: تماما على المحسن.
وقيل: لا ضمير فى «أحسن» ، والفاعل محذوف. والهاء محذوفة تقديره: تماما على الذي أحسنه الله إلى موسى من الرسالة.
156-
أَنْ تَقُولُوا إِنَّما أُنْزِلَ الْكِتابُ عَلى طائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنا وَإِنْ كُنَّا عَنْ دِراسَتِهِمْ لَغافِلِينَ «أن تقولوا» : أن، فى موضع نصب مفعول من أجله.
«وإن كنّا عن دراستهم لغافلين» : أن، مخففة من الثقيلة، عند البصريين، واسمها مضمر معها تقديره: وإنه كنا.
وقال الكوفيون: «إن» بمعنى «ما» واللام، بمعنى: إلا تقديره: وما كنا عن دراستهم إلا غافلين.
158-
هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها
…
«لا ينفع» : قرأ ابن سيرين بالتاء، على ما يجوز من تأنيث المصدر وتذكيره لأن الإيمان، الذي هو فاعل «ينفع» : مصدر.
وقيل: إنما أنث «الإيمان» لاشتماله على النفس.
160-
مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزى إِلَّا مِثْلَها وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ «فله عشر أمثالها» : من أضاف «عشرا» فمعناه: عشر حسنات أمثال حسنة ومن نون «عشرا» ، وهى قراءة الحسن، وابن جبير، والأعمش، قدره: حسنات عشر أمثالها، وهو كله ابتداء، والخبر:«له» ، ويزيد الله فى التضعيف ما يشاء لمن يشاء، والعشر هى أقل الجزاء، والفضل بعد ذلك لمن شاء الله.
161-
قُلْ إِنَّنِي هَدانِي رَبِّي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ دِيناً قِيَماً مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ «دينا قيما» : انتصب «دينا» ب «هدانى» مضمرة، دلت عليها «هدانى» الأولى.