المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الرابع

- ‌الباب الثامن وجوه الاعراب فى القران

- ‌ 1- الاستفتاح

- ‌ 1- سورة الحمد

- ‌ 2- سورة البقرة

- ‌ 3- سورة آل عمران

- ‌ 4- سورة النساء

- ‌ 5- سورة المائدة

- ‌ 6- سورة الأنعام

- ‌ 7- سورة الأعراف

- ‌ 8- سورة الأنفال

- ‌ 9- سورة التوبة

- ‌ 10- سورة يونس

- ‌ 11- سورة هود

- ‌ 12- سورة يوسف

- ‌ 13- سورة الرعد

- ‌ 14- سورة إبراهيم

- ‌ 15- سورة الحجر

- ‌ 16- سورة النحل

- ‌ 17- سورة الإسراء

- ‌ 18- سورة الكهف

- ‌ 19- سورة مريم

- ‌ 20- سورة طه

- ‌ 21- سورة الأنبياء

- ‌ 22- سورة الحج

- ‌ 23- سورة المؤمنون

- ‌ 24- سورة النور

- ‌ 25- سورة الفرقان

- ‌ 26- سورة الشعراء

- ‌ 27- سورة النمل

- ‌ 28- سورة القصص

- ‌ 29- سورة العنكبوت

- ‌ 30- سورة الروم

- ‌ 31- سورة لقمان

- ‌ 32- سورة السجدة

- ‌ 33- سورة الأحزاب

- ‌ 34- سورة سبأ

- ‌ 35- سورة فاطر

- ‌ 36- سورة يس

- ‌ 37- سورة الصافات

- ‌ 38- سورة ص

- ‌ 39- سورة الزمر

- ‌ 40- سورة غافر (المؤمن)

- ‌ 41- سورة فصلت «حم السجدة»

- ‌ 42- سورة الشورى (حم عسق)

- ‌ 43- سورة الزخرف

- ‌ 44- سورة الدخان

- ‌ 45- سورة الجاثية

- ‌ 46- سورة الأحقاف

- ‌ 47- سورة محمد

- ‌ 48- سورة الفتح

- ‌ 49- سورة الحجرات

- ‌ 50- سورة ق

- ‌ 51- سورة الذاريات

- ‌ 52- سورة الطور

- ‌ 53- سورة النجم

- ‌ 54- سورة القمر

- ‌ 55- سورة الرحمن

- ‌ 56- سورة الواقعة

- ‌ 57- سورة الحديد

- ‌ 58- سورة المجادلة

- ‌ 59- سورة الحشر

- ‌ 60- سورة الممتحنة

- ‌ 61- سورة الصف

- ‌ 62- سورة الجمعة

- ‌ 63- سورة المنافقون

- ‌ 64- سورة التغابن

- ‌ 65- سورة الطلاق

- ‌ 66- سورة التحريم

- ‌ 67- سورة الملك

- ‌ 68- سورة القلم

- ‌ 69- سورة الحاقة

- ‌ 70- سورة المعارج

- ‌ 71- سورة نوح

- ‌ 72- سورة الجن

- ‌ 73- سورة المزمل

- ‌ 74- سورة المدثر

- ‌ 75- سورة القيامة

- ‌ 76- سورة الإنسان «الدهر»

- ‌ 77- سورة المرسلات

- ‌ 78- سورة النبأ

- ‌ 79- سورة النازعات

- ‌ 80- سورة عبس

- ‌ 81- سورة التكوير

- ‌ 82- سورة الانفطار

- ‌ 83- سورة المطففين «التطفيف»

- ‌ 84- سورة الانشقاق

- ‌ 85- سورة البروج

- ‌ 86- سورة الطارق

- ‌ 87- سورة الأعلى

- ‌ 88- سورة الغاشية

- ‌ 89- سورة الفجر

- ‌ 90- سورة البلد

- ‌ 91- سورة الشمس

- ‌ 92- سورة الليل

- ‌ 93- سورة الضحى

- ‌ 94- سورة الشرح

- ‌ 95- سورة التين

- ‌ 96- سورة العلق

- ‌ 97- سورة القدر

- ‌ 98- سورة البينة

- ‌ 99- سورة الزلزلة

- ‌ 100- سورة العاديات

- ‌ 101- سورة القارعة

- ‌ 102- سورة التكاثر

- ‌ 103- سورة العصر

- ‌ 104- سورة الهمزة

- ‌ 105- سورة الفيل

- ‌ 106- سورة قريش

- ‌ 107- سورة الماعون

- ‌ 108- سورة الكوثر

- ‌ 109- سورة الكافرون

- ‌ 110- سورة النصر

- ‌ 111- سورة المسد

- ‌ 112- سورة الإخلاص

- ‌ 113- سورة الفلق

- ‌ 114- سورة الناس

الفصل: ‌ 11- سورة هود

وقوله «ببدنك» أي: بدرعك التي تعرف بها ليراك بنو إسرائيل.

وقيل: معناه: بجثتك لا روح فيك، ليراك بنو إسرائيل.

98-

فَلَوْلا كانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَها إِيمانُها إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ

انتصب «قوم» على الاستثناء، الذي هو غير منقطع، على أن يضمر فى أول الكلام حذف مضاف تقديره:

فلولا كان أهل قرية آمنوا.

ويجوز الرفع، على أن يجعل «إلا» بمعنى: غير، صفة للأهل المحذوفين فى المعنى، ثم يعرب ما بعد «إلا» بمثل إعراب «غير» ، لو ظهرت فى موضعه.

وأجاز الفراء الرفع على البدل، كما قال:

وبلدة ليس بها أنيس

إلا اليعافير وإلا العيس

فأبدل من «أنيس» ، والثاني من غير الجنس، وهى لغة تميم، يبدلون وإن كان الثاني ليس من جنس الأول.

وأهل الحجاز ينصبون إذا اختلف، وإذا كان الكلام منفيا.

«يونس» : وقد روى عن الأعمش وعاصم أنهما قرآ بكسر النون والسين، جعلاه فعلا مستقبلا، من:

آنس، سمى به، فلم ينصرف للتعريف والوزن المختص به الفعل.

قال أبو حاتم: يجب أن يهمز، ويترك الهمز جاء وهو حسن.

وقد حكى أبو زيد فتح النون والسين، على أنه فعل مستقبل لم يسم فاعله، سمى به أيضا.

-‌

‌ 11- سورة هود

إذا جعلت «هودا» اسما للسورة، فقلت: هذه هود، لم ينصرف عند سيبويه والخليل، كامرأة سميتها بزيد، أو بعمر وأجاز عيسى صرفه لخفته، كما تصرف «هند» اسم امرأة، فإن قدرت حذف مضاف مع «هود» صرفته، تريد: هده سورة هود.

11-

إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ «الذين» : فى موضع نصب، على الاستثناء المتصل.

قال الفراء: هو مستثنى من «الإنسان» لأنه بمعنى: الناس.

ص: 211

وقال الأخفش: هو استثناء منقطع.

16-

أُولئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ ما صَنَعُوا فِيها وَباطِلٌ ما كانُوا يَعْمَلُونَ «باطل» : رفع بالابتداء، وما بعده خبره.

وقيل: الأجود عكس هذا التقدير، فيكون «باطل» : خبر، و «ما كانوا» : مبتدأ.

وفى حرف أبى وابن مسعود: «وباطلا» ، بالنصب، جعلا «ما» زائدة، ونصبا «باطلا» ب «يعملون» ، مثل (قَلِيلًا ما تَذَكَّرُونَ) 27: 12، و «قَلِيلًا ما تُؤْمِنُونَ» 69: 41 17- أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ وَمِنْ قَبْلِهِ كِتابُ مُوسى إِماماً وَرَحْمَةً

«ويتلوه شاهد منه» : الهاء، فى «يتلوه» : للقرآن فتكون الهاء على هذا القول فى «منه» :

لله جل ذكره، و «الشاهد» : الإنجيل أي: يتلو القرآن فى التقدم الإنجيل من عند الله، فتكون «الهاء» فى «قبله» : للإنجيل أيضا.

وقيل: الهاء، فى «يتلوه» : لمحمد عليه السلام فيكون «الشاهد» : لسانه، والهاء، فى «منه» :

لمحمد أيضا.

وقيل: للقرآن، وكذلك الهاء، فى «قبله» : لمحمد.

وقيل: الشاهد: جبريل عليه السلام والهاء فى «منه» ، على هذا القول: لله، وفى «من قبله» : لجبريل أيضا.

وقيل: الشاهد: إعجاز القرآن، والهاء فى «منه» ، على هذا القول: لله والهاء فى «يؤمنون به» :

لمحمد عليه السلام.

«إماما ورحمة» : نصب على الحال من «كتاب موسى» .

20-

أُولئِكَ لَمْ يَكُونُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَما كانَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِياءَ يُضاعَفُ لَهُمُ الْعَذابُ ما كانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَما كانُوا يُبْصِرُونَ «ما كانوا يستطيعون السّمع» : ما، ظرف، فى موضع نصب، معناها وما بعدها: أبدا:

وقيل: ما، فى موضع نصب على حذف حرف الجر أي: بما كانوا، كما يقال: جزيته ما فعل، وبما فعل.

وقيل: ما، نافية والمعنى: لا يستطيعون السمع لما قد سبق لهم.

ص: 212

وقيل: المعنى: لا يستطيعون أن يسمعوا من النبي، لبغضهم له ولا يفقهوا حجة، كما تقول: فلان لا يستطيع أن ينظر إلى فلان، إذا كان يثقل عليه ذلك.

22-

لا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ «لا جرم» ، عند الخليل وسيبويه، بمعنى: حقا، فى موضع رفع بالابتداء. و «لا جرم» : كلمة واحدة بنيت على الفتح فى موضع رفع والخبر: «أنهم» ، ف «أن» فى موضع رفع عندهما.

وقيل، عن الخليل: إنه قال: «أن» ، فى موضع رفع ب «جرم» بمعنى: بد، فمعناه: لا بد، ولا محالة.

قال الخليل: جىء ب «لا» ليعلم أن المخاطب لم يبتدىء كلامه، وإنما خاطب من خاطبه.

وقال الزجاج: «لا» : نفى لما ظنوا أنه ينفعهم.

وأصل معنى «جرم» : كسب، من قولهم. فلان جارم أهله أي: كاسبهم ومنه سمى الذنب: جرما لأنه اكتسب.

فكان المعنى عندهم: لا ينفعهم ذلك ثم ابتدأ فقال: جرم أنهم فى الآخرة هم الأخسرون أي: كسب ذلك الفعل لهم الخسران فى الآخرة، ف «أن» من «أنهم» ، على هذا القول: فى موضع نصب ب «جرم» .

وقال الكسائي: معناه: لا صد ولا منع عن أنهم فى الآخرة، ف «أن» فى موضع نصب على قوله أيضا، بحذف حرف الجر.

27-

فَقالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ ما نَراكَ إِلَّا بَشَراً مِثْلَنا وَما نَراكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَراذِلُنا بادِيَ الرَّأْيِ وَما نَرى لَكُمْ عَلَيْنا مِنْ فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كاذِبِينَ انتصب «بادى» على الظرف أي: فى بادى الرأى، هذا على قراءة من لم يهمز.

ويجوز أن يكون مفعولا به حذف معه حرف الجر، ومثله:(وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ) 7: 154 وإنما جاز أن يكون «فاعل» ظرفا، كما جاز ذلك فى «فعيل» ، نحو: قريب، و «فاعل» ، و «فعيل» يتعاقبان، نحو: راحم ورحيم، وعالم وعليم وحسن ذلك فى «فاعل» لإضافته إلى الرأى، والرأى يضاف إليه المصدر، وينتصب المصدر معه على الظرف، والعامل فى الظرف «اتبعك» ، فهو من: بدا يبدو، إذا ظهر.

ويجوز فى قراءة من لم يهمز أن يكون من «الابتداء» ، ولكنه سهل الهمزة.

ص: 213

ومن قرأه بالهمز، أو قدر فى الألف أنها بدل من همزة، فهو أيضا نصب على الظرف والعامل فيه أيضا «اتبع» والتقدير: عند من جعله من «بدا يبدو» : وما اتبعك يا نوح إلا الأراذل فيما ظهر لنا من الرأى كأنهم قطعوا عليه فى أول ما ظهر لهم من رأيهم لم يتعقبون بنظر، إنما قالوا بما ظهر لهم من غير يقين.

والتقدير، عند من جعله من «الابتداء» فهمز: ما اتبعك يا نوح إلا أراذل فى أول الأمر أي: ما نراك فى أول الأمر اتبعك إلا الأراذل.

وجاز تأخر الظرف بعد «إلا» وما بعدها من الفاعل ثم صلته، لأن الظروف يتسع فيها ما لا يتسع فى المفعولات فلو قلت فى الكلام: ما أعطيت أحدا إلا زيدا درهما، فأوقعت اسمين مفعولين بعد «إلا» لم يجز لأن الفعل لا يصل ب «إلا» إلى اسمين، إنما يصل إلى اسم واحد، كسائر الحروف ألا ترى أنك لو قلت:

مررت بزيد عمرو، فتوصل الفعل إليهما بحرف واحد، ولم يجز، فأما قولهم: ما ضرب القوم إلا بعضهم بعضا فإنما جاز لأن «بعضهم» بدل من «القوم» ، فلم يصل الفعل بعد «إلا» إلا إلى اسم واحد.

28-

قالَ يا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآتانِي رَحْمَةً مِنْ عِنْدِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوها وَأَنْتُمْ لَها كارِهُونَ «فعمّيت عليكم» : من خففه من القراء حمله على معنى: فعميتم على الأخبار التي تأتيكم، وهى الرحمة، فلم تؤمنوا بها، ولم تعم الأخبار نفسها عنهم إنما عموا هم عنها، فهو من المقلوب، كقولهم: أدخلت القلنسوة فى رأسى، وأدخلت القبر زيدا، فقلب جميع هذا فى ظاهر اللفظ لأن المعنى لا يشكل ومثله قوله تعالى (فَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ) 14: 47 وقيل: معنى «فعميت» ، لمن قرأ بالتخفيف: فخفيت فيكون غير مقلوب على هذا، وتكون الأخبار التي أنت من عند الله خفى فهمها عليهم، لقلة مبالاتهم بها وكثرة إعراضهم عنها.

فأما معناه، على قراءة حفص وحمزة والكسائي، الذين قرءوا بالتشديد والضم على ما لم يسم فاعله: فليس فيه قلب، ولكن الله عماها عليهم لما أراد بهم من الشقوة، يفعل ما يشاء سبحانه، وهى راجعة إلى القراءة الأولى، لأنهم لم يعموا عنها حتى عماها الله عليهم.

وقد قرأ أبى، وهى قراءة الأعمش:«فعماها عليكم» أي: عماها الله عليكم، فهذا شاهد لمن ضم وشدد.

ص: 214

31-

وَلا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ وَلا أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَنْ يُؤْتِيَهُمُ اللَّهُ خَيْراً

«تزدرى أعينكم» : أصل «تزدرى» : تزترى، فالدال مبدلة من تاء لأن الدال حرف مجهور.

مقرن بالزاي لأنها مجهورة أيضا، والتاء مهموسة فقاربت الزاى، وحسن البدل لقرب المخرجين والتقدير:

تزدريهم أعينكم، ثم حذف «الإضمار» لطول الاسم.

32-

قالُوا يا نُوحُ قَدْ جادَلْتَنا فَأَكْثَرْتَ جِدالَنا

«نوح» : اسم النبي- صلى الله عليه وسلم انصرف لأنه أعجمى خفيف.

وقيل: هو عربى من: «ناح ينوح» .

وقد قال بعض المفسرين: إنما سمى «نوحا» لكثرة نوحه على نفسه.

36-

وَأُوحِيَ إِلى نُوحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ فَلا تَبْتَئِسْ بِما كانُوا يَفْعَلُونَ «من» : فى موضع رفع ب «يؤمن» .

40-

حَتَّى إِذا جاءَ أَمْرُنا وَفارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيها مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَما آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ «ومن آمن» : من، فى موضع نصب على العطف على «اثنين» ، أو على «أهلك» و «من» فى قوله:

«إلا من سبق» فى موضع نصب على الاستثناء من «الأهل» .

41-

وَقالَ ارْكَبُوا فِيها بِسْمِ اللَّهِ مَجْراها وَمُرْساها إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ «مجراها» : فى موضع رفع على الابتداء، و «مرساها» : عطف عليه، والخبر:«بسم الله» والتقدير:

بسم الله إجراؤها وإرساؤها.

ويجوز أن يرتفعا بالظرف لأنه متعلق بما قبله، وهو «اركبوا» .

ويجوز أن يكون «مجراها» ، فى موضع نصب على الظرف على تقدير حذف ظرف مضاف إلى «مجراها» ، بمنزلة قولك: آتيك مقدم الحاج أي: وقت مقدم الحاج فيكون التقدير: بسم الله وقت إجرائها وإرسائها.

وقيل: تقديره فى النصب: بسم الله فى موضع إجرائها، ثم حذف المضاف، وفى التفسير ما يدل على نصبه على الظرف.

ص: 215

قال الضحاك: كأن يقول: وقت جريها: بسم الله، فتجرى، ووقت إرسائها: بسم الله، فترسى.

والباء فى «بسم الله» متعلقة ب «اركبوا» ، والعامل فى «مجراها» إذا كان ظرفا، معنى الظرف فى بسم الله ولا يعمل فيه «اركبوا» لأنه لم يرد: اركبوا فيها فى وقت الجري والرسو إنما المعنى: سموا اسم الله وقت الجري والرسو والتقدير: اركبوا الآن متبركين باسم الله فى وقت الجري والرسو.

وإذا رفعت «مجراها» بالابتداء وما قبله خبره، كانت الجملة فى موضع الحال من الضمير فى «فيها» لأن فى الجملة عائدا يعود على الهاء، فى «فيها» ، وهو الهاء لأنهما جميعا للسفينة، ويكون العامل فى الجملة، التي هى حال، «ها» فى «فيها» ، ولا يجوز أن تتعلق الباء ب «اركبوا» ، مع كونها فى موضع الحال المقدرة: متبركين باسم الله، مع كون مجراها ومرساها بسم الله.

والذي ذكره سهو، لأن كل جار ومجرور وقع حالا إنما يتعلق بمحذوف، كما أنهما كذلك إذا أوقعا صفة وخبرا قد يصح تعلق الباء فى «بسم الله» بنفس «اركبوا» ، كما ذكر، لما يثبت من معنى الفعل، ولا يحسن أن تكون هذه الجملة فى موضع الحال من المضمر فى «بسم الله» ، إن جعلته خبرا ل «مجراها» ، فإنما يعود على المبتدأ، وهو «مجراها» ، وإن رفعت «مجراها» بالظرف لم يكن فيه ضمير، والهاء فى «مجراها» إنما تعود على «الهاء» فى «فيها» .

فإذا نصبت «مجراها» على الظرف عمل فيه «بسم الله» ، فكانت الجملة فى موضع الحال من المضمر فى «اركبوا» ، على تقدير قولك: خرج بثيابه، وركب بسلاحه ومنه قوله:«وَقَدْ دَخَلُوا بِالْكُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا بِهِ» 5: 61، فقولك: بثيابه، وبسلاحه، وبالكفر، وبه، كلها فى موضع الحال فكذلك «بسم الله مجراها» فى موضع الحال من المضمر فى «اركبوا» ، إذا نصبت «مجراها» على الظرف تقديره: اركبوا فيها متبركين باسم الله فى وقت الجري والرسو فيكون فى «بسم الله» ضمير يعود على المضمر فى «اركبوا» ، وهو ضمير المأمورين، فتصح الحال منهم لأجل الضمير الذي يعود عليهم، ولا يحسن على هذا التقدير أن تكون الجملة فى موضع نصب على الحال، إنما هو ظرف ملغى وإذا كان ملغى لم يعتد بالضمير المتصل به، وإنما يكون «مجراها» من جملة الحال، لو رفعته بالابتداء.

ولو أنك جعلت الجملة فى موضع الحال من الهاء فى «فيها» ، على أن تنصب «مجراها» على الظرف، لصار التقدير: اركبوا فيها متبركة باسم الله فى وقت الجري، وليس المعنى على ذلك لأنه لا يدعى على السفينة بالتبرك، إنما التبرك لركابها.

ص: 216

ولو جعلت «مجراها» و «مرساها» فى موضع اسم فاعل، لكانت حالا مقدرة، ولجاز ذلك، ولجعلتها فى موضع نصب على الحال من «اسم الله» ، وإنما كانت ظرفا فيما تقدم من الكلام، على أن تجعل «مجراها» فى موضع اسم فاعل.

فأما إن جعلت «مجراها» بمعنى: جارية و «مرساها» بمعنى: راسية، فكونه حالا مقدرة حسنا.

فأما من فتح الميم وضمها فى «مجراها» :

فمن فتح، أجرى الكلام على: جرت مجرى، ومن ضم، أجراه على: أجراها الله مجرى.

وقد قرأ عاصم الجحدري «مجريها ومرسيها» ، بالياء، جعلهما نعتا لله جل ذكره.

ويجوز أن يكونا فى موضع رفع على إضمار مبتدأ أي: هو مجريها ومرسيها.

42-

وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبالِ وَنادى نُوحٌ ابْنَهُ وَكانَ فِي مَعْزِلٍ يا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنا وَلا تَكُنْ مَعَ الْكافِرِينَ «معزل» : من كسر الزاى، جعله اسما للمكان، ومن فتح فعلى المصدر.

«يا بنى» : الأصل فى «بنى» ثلاث ياءات: ياء التصغير، وياء بعدها، هى لام الفعل، وياء بعد لام الفعل، وهى ياء الإضافة، فلذلك كسرت لام الفعل لأن حق ياء الإضافة فى المفردات أن يكسر ما قبلها أبدا، فأدغمت ياء التصغير فى لام الفعل لأن حق ياء التصغير السكون، والمثلان من غير حذف: المد واللين، إذا اجتمعا، وكان الأول ساكنا، لم يكن بد من إدغامه فى الثاني، وحذفت ياء الإضافة لأن الكسرة، تدل عليها، وحذفها فى النداء هو الأكثر فى كلام العرب لأنها حلت محل التنوين، والتنوين فى المعارف لا يثبت فى النداء، فوجب حذف ما هو مثل التنوين وما يقوم مقامه، وهو ياء الإضافة، وقوى حذفها فى مثل هذا اجتماع الأمثال المستقلة مع الكسر، وهو ثقيل أيضا.

وقد قرأ عاصم بفتح الياء، وذلك أنه أبدل من كسرة لام الفعل فتحة، استثقالا لاجتماع الياءات مع الكسرة، فانقلبت ياء الإضافة ألفا، ثم حذفت الألف كما تحذف ياء، فبقيت الفتحة على حالها، وقوى حذف الألف لأنها عوض مما تحذف فى النداء، وهو ياء الإضافة.

وقد قرأ ابن كثير فى غير هذا الموضع فى لقمان» 13، 16، 17، بإسكان الياء والتخفيف: وذلك أنه حذف ياء الإضافة للنداء، فبقيت ياء مكسورة مشددة، والكسرة كياء، فاستثقل ذلك فحذف لام الفعل، فبقيت ياء التصغير ساكنة.

ص: 217

43-

قالَ سَآوِي إِلى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْماءِ قالَ لا عاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ وَحالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ العامل فى «اليوم» هو: «من أمر الله» تقديره: لا عاصم من أمر الله، و «لا عاصم» : فى موضع رفع بالابتداء، و «من أمر الله» : الخبر، و «من» : متعلقة بمحذوف تقديره: لا عاصم مانع من أمر الله اليوم.

ويجوز أن يكون «من أمر الله» صفة ل «عاصم» ، ويعمل فى «اليوم» ، وتضمر خبرا ل «عاصم» .

ولا يجوز أن يتعلق «من» ب «عاصم» ، ولا ينصب «اليوم» ب «عاصم» ، لأنه يلزم أن ينون «عاصما» ، ولا يبنى على الفتح لأنه يصير ما تعلق به وما عمل فيه من تمامه، ونظيره:(لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ) 12: 92 «إلّا من رحم» : من، فى موضع نصب على الاستثناء المنقطع، و «عاصم» على بابه تقديره: لا أحد يمنع من أمر الله لكن من رحم الله فإنه معصوم.

وقيل: «من» : فى موضع رفع، على البدل من موضع «عاصم» ، وذلك على تقديرين:

أحدهما: أن يكون «عاصم» على بابه فيكون التقدير: لا يعصم اليوم من أمر الله إلا الله.

وقيل: إلا الراحم، والراحم، هو الله جل ذكره.

والتقدير الثاني: أن يكون «عاصم» بمعنى: معصوم فيكون التقدير: لا معصوم من أمر الله اليوم إلا المرحوم.

46-

قالَ يا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ فَلا تَسْئَلْنِ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ «إنه عمل غير صالح» : الهاء، تعود على «السؤال» أي: إن سؤالك إياى أن أنجى كافرا عمل غير صالح.

وقيل: هو من قول نوح لابنه، وذلك أنه قال له «اركب معنا ولا تكن مع الكافرين» : إن كونك مع الكافرين عمل غير صالح فيكون هذا من قول نوح لابنه، متصلا بما قبله.

وقيل: الهاء فى «أنه» تعود على ابن نوح، وفى الكلام حذف مضاف تقديره: إن ابنك ذو عمل غير صالح.

ص: 218

فأما «الهاء» فى قراءة الكسائي، فهى راجعة على «الابن» ، بلا اختلاف لأنه قرأ «عمل» بكسر الميم وفتح اللام، ونصب «غيرا» .

50-

وَإِلى عادٍ أَخاهُمْ هُوداً قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُفْتَرُونَ يجوز رفع «غيره» على النعت أو البدل، من موضع «إله» .

ويجوز الخفض على النعت أو البدل من لفظ «إله» ، وقد قرىء بهما.

ويجوز النصب على الاستثناء.

52-

وَيا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً

«مدرارا» : حال من «السماء» ، وأصله الهاء، والعرب تحذف الهاء من «مفعال» على طريق النسب.

64-

وَيا قَوْمِ هذِهِ ناقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً

«آية» : نصب على الحال من «الناقة» .

66-

فَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا نَجَّيْنا صالِحاً وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ «يومئذ» : من فتح الميم من «يوم» ، فذلك لإضافته إلى غير متمكن، وهو «إذ» .

ومن كسر الميم أعرب وخفض لإضافته «الخزي» إلى «اليوم» ، فلم يبنه.

67-

وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيارِهِمْ جاثِمِينَ إنما حذفت التاء من «أخذ» لأنه قد فرق بين المؤنث، وهو الصيحة، وبين فعله، وهو «أخذ» بقوله الذين ظلموا» ، وهو مفعول «أخذ» ، فقامت التفرقة مقام التأنيث. وقد قال فى آخر السورة فى قصة شعيب وأخذت» الآية: 84، فجرى التأنيث على الأصل ولم يعتد بالتفرقة.

وقيل: إنما حذفت التاء، لأن تأنيث «الصيحة» غير حقيقى، إذ ليس لها ذكر من لفظها.

وقيل: إنما حذف التاء، لأنه حمل على معنى الصياح، إذ الصيحة والصياح، بمعنى واحد، وكذلك العلة كل ما شابهه.

ص: 219

69-

وَلَقَدْ جاءَتْ رُسُلُنا إِبْراهِيمَ بِالْبُشْرى قالُوا سَلاماً قالَ سَلامٌ فَما لَبِثَ أَنْ جاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ «سلاما» : انتصب على المصدر.

وقيل: هو منصوب ب «قالوا، كما تقول: قلت خيرا لأنه لم يحك قولهم، وإنما «السلام» بمعنى: قولهم فأعمل فيه، كما تقول: قلت حقا، لمن سمعته يقول: لا إله إلا الله، فلم تذكر ما قال، إنما جئت بلفظ تحقق قوله، فأعملت فيه القول، وكذلك «سلام» فى الآية، إنما هو معنى ما قالوا، ليس هو لفظهم بعينه فيحكى.

ولو رفع، لكان محكيا، وكان قولهم بعينه.

فالنصب أبدا فى هذا وشبهه مع «القول» إنما هو معنى ما قالوا لا قولهم بعينه، والرفع على أنه قولهم بعينه حكاه عنهم.

«سلام» : رفعه على الحكاية «لقولهم» ، وهو خبر ابتداء محذوف، أو مبتدأ تقديره: قال: هو سلام، أو: أمرى سلام، أو: عليكم سلام، فنصبها جميعا يجوز على ما تقدم، ورفعهما جميعا يجوز على الحكاية والإضمار.

«فما لبث أن» : أن، فى موضع نصب على تقدير حذف حرف تقديره: فما لبث عن أن جاء.

وأجاز الفراء أن يكون فى موضع رفع ب «لبث» ، تقديره عنده: فما لبث مجيئه أي: ما أبطأ مجيئه بعجل، ففى «لبث» ، على القول الأول، ضمير إبراهيم، ولا ضمير فيه على القول الثاني.

وقيل: «ما» بمعنى «الذي» ، وفى الكلام حذف مضاف تقديره: فالذى لبث إبراهيم قدر مجيئه بعجل أراد أن يبين فيه قدر إبطائه ففى «لبث» ضمير الفاعل، وهو إبراهيم ايضا.

71-

وَامْرَأَتُهُ قائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ وَمِنْ وَراءِ إِسْحاقَ يَعْقُوبَ ومن رفع «يعقوب» جعله مبتدأ، وما قبله خبره، والجملة، فى موضع نصب على الحال المقدرة من المضمر المنصوب فى «بشرناها» ، فيكون «يعقوب» داخلا فى البشارة.

ويجوز رفع «يعقوب» على إضمار فعل، تقديره: ويحدث من وراء إسحاق يعقوب فيكون «يعقوب» على هذا القول غير داخل فى البشارة.

ص: 220

ومن نصب «يعقوب» جعله فى موضع خفض على إضمار العطف على إسحاق، لكنه لم ينصرف للتعريف والعجمة، وهو مذهب الكسائي.

وهو ضعيف عند سيبويه والأخفش إلا بإعادة الخافض، لأنك فرقت بين الجار والمجرور بالظرف، وحق المجرور أن يكون ملاصقا للجار، والواو قامت مقام حرف الجر، ألا ترى أنك لو قلت: مررت بزيد فى الدار وعمرو وحق الكلام: مررت بزيد وعمرو فى الدار، وبشرناها بإسحاق ويعقوب من ورائه.

وقيل: «يعقوب» : منصوب محمول على موضع «وإسحاق» وفيه بعد أيضا، للفصل بين حرف الجر والمعطوف بقوله «ومن وراء إسحاق» ، كما كان فى الخفض و «يعقوب» فى هذين القولين داخل فى البشارة.

وقيل: هو منصوب بفعل مضمر دل عليه الكلام تقديره: من وراء إسحاق وهبنا لها يعقوب، فلا يكون داخلا فى البشارة.

72-

قالَتْ يا وَيْلَتى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهذا بَعْلِي شَيْخاً إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ انتصب «شيخ» على الحال من المشار إليه، فالعامل فى الحال الإشارة والتنبيه، ولا تجوز هذا الحال إلا إذا كان المخاطب يعرف صاحب الحال، فتكون فائدة الإخبار فى الحال الإشارة، فإن كان لا يعرف صاحب الحال صارت فائدة الإخبار إنما هى فى معرفة صاحب الحال، ولا يجوز أن تقع له الحال، لأنه يصير المعنى: إنه فلان فى حال دون حال، ولو قلت: هذا زيد قائما، لمن لم يعرف زيدا، لم يجز لأنك تخبر أن المشار إليه هو «زيد» فى حال قيامه، فإن زال عن القيام لم يكن «زيدا» .

وإذا كان المخاطب يعرف «زيدا» بعينه، فإنما أفدته وقوع الحال منه، وإذا لم يكن يعرف عينه، فإنما أفدته معرفة عينه، فلا يقع منه حال، لما ذكرنا.

والرفع فى «شيخ» ، على أنه خبر مبتدأ محذوف أي: هذا بعلى هو شيخ أو «بعلى» بدل من المبتدأ، و «شيخ» : خبر أو يكونا معا خبرين.

74-

فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْراهِيمَ الرَّوْعُ وَجاءَتْهُ الْبُشْرى يُجادِلُنا فِي قَوْمِ لُوطٍ مذهب الأخفش والكسائي أن «يجادلنا» فى موضع «جادلنا» ، لأن جواب «لما» يجب أن يكون ماضيا، فجعل المستقبل مكانه، كما كان جواب الشرط أن يكون مستقبلا فيجعل فى موضعه الماضي.

وقيل: المعنى: أقبل يجادلنا، فهو حال من إبراهيم عليه السلام.

ص: 221

78-

وَجاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِنْ قَبْلُ كانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ قالَ يا قَوْمِ هؤُلاءِ بَناتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ «هنّ أطهر لكم» : ابتداء وخبر، لا يجوز عند البصريين غيره.

وقد روى أن عيسى بن عمر قرأ «أطهر» ، نصب «أطهر» على الحال، وجعل «هن» فاصلة، وهو بعيد ضعيف.

«ضيفى» : أصله المصدر، فلذلك لا يثنى ولا يجمع.

81-

قالُوا يا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُها ما أَصابَهُمْ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ «إلّا امرأتك» : قرأه ابن كثير وأبو عمرو: بالرفع، على البدل من «أحد» ، وأنكر أبو عبيد الرفع على البدل، وقال: يجب على هذا أن يرفع ب «يلتفت» ، ويجعل «لا» للنفى لأنه يصير المعنى، إذا أبدلت «المرأة» من «أحد» ، وجزمت «يلتفت» على النهى: أن المرأة أباح لها الالتفات وذلك لا يجوز ولا يصح فيه البدل إلا برفع «يلتفت» ، ولم يقرأ به أحد.

وقال المبرد: مجاز هذه القراءة، أن المراد بالنهى المخاطب، ولفظه لغيره، كما تقول لخادمك: لا يخرج فلان فقط، النهى لفلان، ومعناه للمخاطب، فمعناه: لا تدعه يخرج، فكذلك معنى النهى إنما هو ل «لوط» : أي: لا تدعهم يلتفتون إلا امرأتك وكذلك قولك: لا يقم أحد إلا زيد معناه: انههم عن القيام إلا زيدا.

فأما النصب فى «امرأتك» فعلى الاستثناء، لأنه نهى وليس بنفي، ويجوز أن يكون مستثنى من قوله «فأسر بأهلك إلا امرأتك» ، ولا يجوز فى «المرأة» على هذا إلا النصب، إذا جعلتها مسثناة من «الأهل» ، وإنما حسن الاستثناء بعد النهى لأنه كلام تام، كما أن قولك: جاءنى القوم، كلام تام ثم تقول: إلا زيدا، فتستثنى وتنصب.

87-

قالُوا يا شُعَيْبُ أَصَلاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ ما يَعْبُدُ آباؤُنا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوالِنا ما نَشؤُا إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ «أو أن نفعل فى أموالنا ما نشاء» : من قرأه بالنون فيهما، عطفه على مفعول «نترك» ، وهو «ما» ولا يجوز عطفه على مفعول «تأمرنا» ، وهو «أن» لأن المعنى يتغير.

ص: 222

ومن قرأ «ما تشاء» بالتاء، كان «أو أن نفعل» معطوفا على مفعول «تأمرك» ، وهو «أن» ، بخلاف الوجه الأول.

89-

وَيا قَوْمِ لا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقاقِي أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ ما أَصابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صالِحٍ وَما قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ «شقاقى» : معناه: مشاققتى، وهو فى موضع رفع ب «يجرمنكم» .

91-

قالُوا يا شُعَيْبُ ما نَفْقَهُ كَثِيراً مِمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَراكَ فِينا ضَعِيفاً وَلَوْلا رَهْطُكَ لَرَجَمْناكَ وَما أَنْتَ عَلَيْنا بِعَزِيزٍ «ضعيفا» : حال من الكاف فى «نراك» ، لأنه من رؤية العين.

93-

وَيا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ إِنِّي عامِلٌ سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذابٌ يُخْزِيهِ وَمَنْ هُوَ كاذِبٌ وَارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ «من يأتيه» : من، فى موضع نصب ب «تعلمون» ، وهو فى المعنى مثل:(وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ) 22: 220 أي: يعلم هذين الجنسين، كذلك المعنى فى الآية: فسوف تعلمون هذين الجنسين.

وأجاز الفراء أن يكون «من» استفهاما، فيكون فى موضع رفع وكون «من» الثانية، موصولة على البدل، على أن الأولى موصولة أيضا، وليست باستفهام.

«ما دامت السّموات» : ما، فى موضع نصب تقديره: وقت دوام السموات.

108-

وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ عَطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ «إلا ما شاء ربك» : ما، فى موضع نصب، استثناء ليس من الأول.

«وأما الّذين سعدوا» : قرأ حفص والكسائي وحمزة: بضم السين، حملا على قولهم: مسعود، وهى لغة قليلة شاذة، وقولهم «مسعود» إنما جاء على حذف الزائد، كأنه من، «أسعده الله» ولا يقال: سعده الله فهو مثل قولهم: أجنه الله، فهو مجنون، فمجنون، أتى على «جنة الله» ، وإن كان لا يقال وكذلك «مسعود» أتى على «سعده الله» ، وإنك ان لا يقال.

وضم السين فى «سعدوا» ، بعيد عند أكثر النحويين، إلا على تقدير: حذف الزائد، كأنه قال: وأما الذين أسعدوا.

ص: 223

111-

وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمالَهُمْ إِنَّهُ بِما يَعْمَلُونَ خَبِيرٌ «وإنّ كلّا لمّا» : من شدد «إن» أتى بها على أصلها وأعمالها فى كل واللام فى «لما» لام تأكيد، دخلت على «ما» ، وهى خبر «إن» ، و «ليوفينهم» جواب القسم تقديره: وإن كلا لخلق أو لبشر ليوفينهم.

ولا يحسن أن تكون «ما» زائدة، فتصير اللام داخلة على «ليوفينهم» ، ودخولها على لام القسم لا يجوز.

وقد قيل: إن «ما» زائدة، لكن دخلت لتفصيل بين اللامين اللتين تتلقيان القسم: وكلاهما مفتوح، وتفصل بينهما ب «ما» .

فأما من خفف «إن» فإنه خفف استثقالا للتضعيف، وأعملها فى «كل» مثل عملها مشددة، واللام مشددة، واللام فى «لما» على حالها.

فأما تشديد «لما» فى قراءة عاصم وحمزة وابن عامر فإن الأصل فيها «لمن ما» ثم أدغم النون فى الميم، فاجتمع ثلاث ميمات فى اللفظ، فحذفت الميم المكسورة وتقديره: وإن كلا لمن خلق ليوفينهم ربك.

وقيل: التقدير: لمن ما فتح الميم فى «من» فتكون «ما» زائدة، وتحذف إحدى الميمات لتكون الميم فى اللفظ على ما ذكرنا فالتقدير: لمن ليوفينهم.

وقد قيل: إن «لما» ، فى هذا الموضوع: مصدر «لمّ» ، أجرى فى الوصل مجراه فى الوقف وفيه بعد لأن إجراء الشيء فى الوصل مجراه فى الوقف إنما يجوز فى الشعر.

وقد حكى عن الكسائي أنه قال: لا أعرف وجه التثقيل فى «لما» .

وقد قرأ الزهري «لما» ، مشددة منونة، مصدر «لمّ» .

ولو جعلت «إن» فى حال التخفيف بمعنى «ما» ، لرفعت «كلا» ، ولصار التشديد فى «لما» على معنى «إلا» ، كما قال:(إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْها) 86: 4، بمعنى: ما كل نفس إلا عليها، على قراءة من شدد «لما» ، وفى حرف أبى:«وإن كل لنوفينهم» ، «إن» بمعنى:«ما» .

وقرأ الأعمش: «وإن كل لما لنوفينهم» ، يجعل «إن» بمعنى «ما» ، و «لما» بمعنى:«إلا» ، ويرفع «كل» بالابتداء فى ذلك كله، و «ليوفينهم» : الخبر.

وقد قيل: إن «ما» : زائدة، فى قراءة من خفف، و «لنوفينهم» : الخبر.

ص: 224