الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أو على النعت لهم، إذ لا يقصد قصد أشخاص بأعيانهم، فجروا مجرى النكرة، فجاز أن يكون «غير» نعتا لهم، ومن أصل «غير» أنها نكرة وإن أضيفت إلى معرفة، لأنها لا تدل على شىء معين.
وإن شئت خفضت «غير» على البدل من الهاء، أو نصبتها على الحال من الهاء والميم فى «عليهم» ، أو من «الذين» إذ لفظهما لفظ المعرفة.
وإن شئت نصبته على الاستثناء المنقطع عند البصريين.
ومنعه الكوفيون لأجل دخول «لا» .
وإن شئت نصبته على إضمار «أعنى» .
«عليهم» ، فى موضع رفع، مفعول لم يسم فاعله ل «المغضوب» ، لأنه بمعنى: الذين غضب عليهم ولا ضمير فيه، إذ لا يتعدى إلا بحرف جر، فلذلك لم يجمع.
«ولا الضّالين» : لا، زائدة للتوكيد، عند البصريين، وبمعنى «غير» عند الكوفيين.
ومن العرب من يبدل من الحرف الساكن، الذي قبل المشدد، همزة، فيقول: ولا الضألين، وبه قرأ أيوب السختياني.
-
2- سورة البقرة
1-
الم «آلم» : أحرف مقطعة محكية، لا تعرب إلا أن يخبر عنها أو يعطف بعضها على بعض. وموضع «ألم» نصب على معنى: اقرأ «آلم» .
ويجوز أن يكون موضعها رفعا على معنى: هذا آلم، أو ذلك، أو هو.
ويجوز أن يكون موضعها خفضا، على قول من جعله قسما.
والفراء يجعل «الم» ابتداء، و «ذلك» الخبر، وأنكره الزجاج.
2-
ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ «ذلك» ، فى موضع رفع على إضمار مبتدأ، أو على الابتداء وتضمر الخبر، و «ذا» اسم مبهم مبنى. والاسم عند الكوفيين الذال، والألف زيدت لبيان الحركة والتقوية. و «ذلك» ، بكماله، هو الاسم عند البصريين، وجمعه: أولاء.
واللام فى «ذلك» ، لام التأكيد، دخلت لتدل على بعد المشار إليه، وقيل: دخلت لتدل على أن «ذا» ليس بمضاف إلى «الكاف» ، وكسرت اللام للفرق بينها وبين لام الملك، وقيل: كسرت لسكونها وسكون الألف قبلها.
والكاف، للخطاب، لا موضع لها من الإعراب، لأنها لا تخلو أن تكون فى موضع رفع أو نصب أو خفض، فلا يجوز أن تكون فى موضع رفع، لأنه لا رافع قبلها، وليست «الكاف» من علامات المضمر المرفوع، ولا يجوز أن تكون فى موضع نصب، إذ لا عامل قبلها ينصبها، ولا يجوز أن تكون فى موضع خفض، لأن ما قبلها لا يضاف، وهو المبهم، فلما بطلت الوجوه الثلاثة علم أنها للخطاب لا موضع لها فى الإعراب.
«الكتاب» ، بدل من «ذا» ، أو عطف بيان، أو خبر «ذلك» .
«لا ريب فيه» : لا مرية، و «لا ريب» ، كاسم واحد، ولذلك بنى «ريب» على الفتح، لأنه مع «لا» كخمسة عشر، وهو فى موضع رفع خبر «ذلك» .
«هدى» : فى موضع نصب على الحال من «ذا» ، أو من «الكتاب» ، أو من المضمر المرفوع فى «فيه» ، والعامل فيه، إذا كان حالا من «ذا» أو من «الكتاب» ، معنى الإشارة، فإن كان حالا من المضمر المرفوع فى «فيه» ، فالعامل فيه معنى الاستقرار، و «فيه» ، الخبر، فتقف على هذا القول على «ريب» .
ويجوز أن يكون مرفوعا على إضمار مبتدأ، أو على أنه خبر «ذلك» ، أو على أنه خبر بعد خبر.
«المتقين» ، وزنه: المفتعلين، وأصله: الموتقين، ثم أدغمت الواو فى الياء فصارت ياء مشددة، وأسكنت الياء الأولى استثقالا للكسرة عليها، ثم حذفت لسكونها وسكون ياء الجمع بعدها.
3-
الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ «الذين يؤمنون بالغيب» : «الذين» فى موضع خفض نعت «للمتقين» ، أو بدل منهم، أو فى موضع نصب على إضمار:«أعنى» ، أو فى موضع رفع، أو فى موضع إضمار مبتدأ، أو على الابتداء والخبر.
«يقيمون» : أصله: يقومون، بعد حذف الهمزة، ثم ألقيت حركة الواو على القاف، وانكسرت وانقلبت الواو ياء، لسكونها أو لانكسار ما قبلها، ووزنه يفعلون، مثل: يؤمنون.
«الصّلاة» : أصلها: صلوة، دل عليه قولهم «صلوات» ، فوزنها فعلة.
5-
أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ «أولئك» : خبر «الذين» ، أو مبتدأ، إن لم يجعل «الذين» مبتدأ، والخبر «على هدى» .
«هدى» ، مقصور منصرف، وزنه «فعل» ، وأصله «هدى» ، فلما تحركت الياء وانفتح ما قبلها قلبت ألفا، والألف ساكنة والتنوين ساكن، فحذفت الألف لالتقاء الساكنين، وصار التنوين تابعا لفتحة الدال، فلا يتغير فى كل الوجوه، وكذلك العلة فى جميع ما كان مثله.
«أولئك» : اسم مبهم للجماعة، وهو مبنى على الكسر لا يتغير، وبنى لمشابهة الحروف، و «الكاف» للخطاب، ولا موضع لها من الإعراب، وواحد «أولئك» : ذاك، وإن كان للمؤنث فواحده:«ذى» ، أو:«تى» 6- إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ «سواء عليهم» : ابتداء، وما بعده من ذكر الإنذار خبره، والجملة خبر «إن» ، و «الذين» اسم «إن» ، وصلته:«كفروا» .
«أأنذرتهم» : الألف ألف تسوية، لأنها أوجبت أن الإنذار لمن سبق له فى علم الله الشقاء، أي: فسواء عليه الإنذار وتركه، سواء عليهم لا يؤمنون أبدا ولفظه (أ) لفظ الاستفهام، ولذلك أتت بعدها «أم» .
ويجوز أن يكون «سواء» خبر، وما بعده فى موضع رفع بفعله. هو «سواء» . ويجوز أن يكون خبر «أن» : لا يؤمنون.
7-
خَتَمَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَعَلى سَمْعِهِمْ وَعَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ «وعلى سمعهم» : إنما وحد ولم يجمع كما جمعت «القلوب» ، و «الأبصار» لأنه مصدر.
وقيل: تقديره: وعلى مواضع سمعهم.
«غشاوة» رفع بالابتداء، والخبر «وعلى أبصارهم» ، والوقف على «سمعهم» حسن. وقد قرأ عاصم بالنصب على إضمار فعل، كأنه قال: وجعل على أبصارهم غشاوة، والوقف على «سمعهم» يجوز فى هذه القراءة، وليس كحسنه فى قراءة من رفع.
8-
وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ «ومن النّاس» : فتحت نون «من» للقائها الساكن، وهو لام التعريف، وكان الفتح أولى بها من الكسر لانكسار الميم مع كثرة الاستعمال. وأصل «الناس» ، عند سيبويه: الأناس، ثم حذفت الهمزة، كحذفها فى «إلاه» ، ودخلت لام التعريف.
وقيل: بل أصله: ناس، لقول العرب فى التصغير: نويس.
قال الكسائي: هما لغتان.
«من يقول» : فى موضع رفع بالابتداء، وما قبله خبره.
و «يقول» وزنه: يفعل، وأصله:«يقول» ، ثم ألقيت حركة الواو على القاف، لأنها قد اعتلت فى «قال» .
«آمن» : المدة أصلها همزة ساكنة، وأصله أأمن، ثم أبدلت من الهمزة الساكنة ألفا لانفتاح ما قبلها «الآخر» : المدة، ألف زائدة، لبناء «فاعل» ، وليس أصلها همزة.
«وما هم بمؤمنين» : هم، اسم «ما» ، و «مؤمنين» الخبر، و «الباء» زائدة، دخلت عند البصريين لتأكيد النفي، وهى عند الكوفيين دخلت جوابا لمن قال: إن زيدا لمنطلق.
9-
يُخادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَما يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَما يَشْعُرُونَ «يخادعون اللَّه» : يجوز أن يكون حالا من «من» ، فلا يوقف دونه، ويجوز أن يكون لا موضع له من الإعراب فيوقف دونه.
10-
فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً، وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ بِما كانُوا يَكْذِبُونَ «فى قلوبهم مرض» : ابتداء وخبر.
«ولهم عذاب أليم» : ابتداء وخبر. و «أليم» ، فعيل بمعنى مفعول، أي: مؤلم.
«بما كانوا يكذبون» : الباء، متعلقة بالاستقرار، أي: وعذاب مؤلم مستقر لهم بكونهم يكذبون بما أتى به نبيهم. و «ما» والفعل مصدر. و «يكذبون» خبر كان.
11-
وَإِذا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قالُوا إِنَّما نَحْنُ مُصْلِحُونَ «وإذا قيل لهم» : إذا، ظرف، فمن النحويين من أجاز أن يكون العامل فيه «قيل» ، ومنهم من منعه، وقدر فعلا مضمرا، يدل عليه الكلام، يعمل فى «إذا» وكذلك قياس ما هو مثله.
ويجوز أن يكون العامل «قالوا» ، وهو جواب «إذا» .
و «قيل» ، أصلها: قول، على «فعل» ، ثم نقلت حركة الواو إلى القاف، فانقلبت الواو ياء لسكونها وانكسار ما قبلها.
«نحن مصلحون» : ابتداء وخبر، و «ما» فى «إنما» كافة ل «إن» عن العمل و «نحن» اسم مضمر مبنى، ويقع للاثنين والجماعة والمخبرين عن أنفسهم، وللواحد الجليل القدر.
12-
أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلكِنْ لا يَشْعُرُونَ «هم المفسدون» : ابتداء وخبر «إن» .
ويجوز أن تكون «هم» فاصلة لا موضع لها من الإعراب، أو: تكون توكيدا للهاء والميم فى «إنهم» ، و «المفسدون» الخبر.
13-
وَإِذا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَما آمَنَ النَّاسُ قالُوا أَنُؤْمِنُ كَما آمَنَ السُّفَهاءُ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهاءُ وَلكِنْ لا يَعْلَمُونَ «كما آمن» : الكاف، موضع نصب نعت لمصدر محذوف تقديره: قالوا أنؤمن إيمانا مثل ما آمن السفهاء وكذلك الكاف الأولى.
15-
اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ «يعمهون» : حال من المضمر المنصوب فى «يمدهم» .
16-
أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ وَما كانُوا مُهْتَدِينَ «اشتروا» : أصله «اشتريوا» ، فقلبت الياء ألفا. وقيل: أسكنت استخفافا. والأول أحسن، وأجرى على الأصول، ثم حذفت فى الوجهين، لسكونها وسكون واو الجمع بعدها، وحركت الواو فى «اشتروا» لالتقاء الساكنين. واختير لها الضم للفرق بين واو الجمع والواو الأصلية، نحو: استقاموا.
وقال الفراء: حركت بمثل حركة الياء المحذوفة قبلها.
وقال ابن كيسان: الضمة فى الواو أخف من الكسر، فلذلك اختيرت، إذ هى من جنسها.
وقال الزجاج: اختير لها الضم إذ هى واو جمع، فضمت كما ضمت النون فى «نحن» ، إذ هو جمع أيضا.
وقد قرىء بالكسر على الأصل.
وأجاز الكسائي همزها لانضمامها، وفيه بعد.
وقد قرئت بفتح الواو، استخفافا.
17-
مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً فَلَمَّا أَضاءَتْ ما حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُماتٍ لا يُبْصِرُونَ «أضاءت ما حوله» : ما، فى موضع نصب ب «أضاءت» . و «النار» فاعله، وهى مضمرة فى «أضاءت» .
«ولا يبصرون» : فى موضع الحال من الهاء والميم فى «تركهم» .
18-
صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ «صمّ» : مرفوع على إضمار مبتدأ، وكذلك ما بعده.
ويجوز نصب ذلك كله على الحال من المضمر فى «تركهم» ، وهى قراءة ابن مسعود وحفص.
ويجوز النصب أيضا على إضمار «أعنى» .
«فهم لا يرجعون» ابتداء وخبر فى موضع الحال أيضا من المضمر فى «تركهم» .
19-
أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّماءِ فِيهِ ظُلُماتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ مِنَ الصَّواعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكافِرِينَ «كصيّب» : أصله: صيوب، على وزن «فيعل» ، ثم أدغمت الواو فى الياء، ويجوز التخفيف فى الباء.
وقال الكوفيون: هو فعيل، أصله: صويب، ثم أدغم. ويلزمهم الإدغام فى: طويل، وعويل وذلك لا يجوز.
«فيه ظلمات» ، ابتداء وخبر مقدم، والجملة فى موضع النعت ل «الصيب» ، والكاف من «كصيب» فى موضع رفع عطف على الكاف فى قوله:«كمثل الذي» ، أو هى فى موضع رفع خبر لقوله «مثلهم» تقديره:
مثلهم مثل الذي استوقد نارا، أو مثل صيب.
وإن شئت أضمرت مبتدأ تكون الكاف خبره تقديره: أو مثلهم مثل صيب.
«يجعلون» : فى موضع الحال من المضمر فى «تركهم» أي: تركهم فى ظلمات غير مبصرين غير عاقلين جاعلين أصابعهم.
وإن شئت جعلت هذه الأحوال منقطعة عن الأول مستأنفة، فلا يكون لها موضع من الإعراب.
وقد قيل: إن «يجعلون» حال من المضمر فى «فيه» ، وهو يعود على «الصيب» كأنه قال: جاعلين أصابعهم فى آذانهم من صواعقه يعنى: الصيب.
«حذر الموت» : مفعول من أجله.
«واللَّه محيط» : ابتداء وخبر. وأصل: «محيط» : محيط، ثم ألقيت حركة الياء على الحاء.
20-
يَكادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصارَهُمْ كُلَّما أَضاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَإِذا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قامُوا وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصارِهِمْ إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ «يكاد البرق» : يكاد، فعل للمقاربة، إذا لم يكن معه نفى قارب الوقوع ولم يقع، نحو هذا، وإذا صحبه نفى فهو واقع بعد إبطاء، نحو قوله «فذبحوها وما كادوا يفعلون» الآية: 71 أي: فعلوا الذبح بعد إبطاء.
و «كاد» : الذي للمقاربة أصله: «كود» و «يكاد: يكود» ، فقلبت الواو ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها، كخاف يخاف.
«كلّما» : نصب على الظرف ل «مشوا» . وإذا كانت «كلما» ظرفا فالعامل فيها الفعل الذي هو جواب لها، وهو «مشوا» لأن فيها معنى الشرط، فهى تحتاج إلى جواب، ولا يعمل فيها «أضاء» لأنها فى صلة «ما» .
21-
يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ «يا أيّها النّاس» : أي، منادى مفرد مضموم. و «الناس» نعت له. ولا يجوز نصب «الناس» عند أكثر النحويين، لأنه نعت لا يجوز حذفه، فهو المنادى فى المعنى، كأنه قال: يا ناس.
وأجاز المازني نصبه على الموضع، كما يجوز: يا زيد الظريف، على الموضع.
22-
وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً..
«خليفة» : فعيلة بمعنى: فاعلة، أي: يخلف بعضهم بعضا.
23-
قالَ يا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمائِهِمْ قالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ ما تُبْدُونَ وَما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ «وأعلم ما تبدون» : يجوز أن يكون «أعلم» فعلا، ويجوز أن يكون اسما، بمعنى: عالم، فيكون «ما» فى موضع
خفض بإضافة «أعلم» إليها، كما يضاف اسم الفاعل. ويجوز تقدير التنوين فى اسم الفاعل، لكنه لا ينصرف، فيكون «ما» فى موضع نصب. والكلام فى «أعلم» الثانية كالكلام فى «أعلم» الأولى، كما تقول فى «هؤلاء حواج بيت اللَّه» فينصب «بيتا» يقدر التنوين فى «حواج» .
32-
قالُوا سُبْحانَكَ لا عِلْمَ لَنا إِلَّا ما عَلَّمْتَنا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ «سبحانك» منصوب على المصدر. والتسبيح: التنزيه للَّه من السوء. فهو يؤدى معنى: «نسبحك تسبيحا» أي: ننزهك ونبرئك.
«إنّك أنت العليم الحكيم» : إن شئت جعلت «أنت» فى موضع نصب تأكيدا للكاف، وإن شئت جعلتها مرفوعة، مبتدأة، و «العليم» خبرها، وهى وخبرها خبر «إن» . وإن شئت جعلتها فاصلة لا موضع لها من الإعراب، و «الحكيم» نعت ل «العليم» . وإن شئت جعلته خبرا بعد خبر «إن» .
34-
وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبى
…
«للملائكة» : هو جمع «ملك» وأصل «ملك» : مألك، ثم قلبت الهمزة فردت فى موضع اللام فصارت: ملاك. فأصل وزنه «مفعل» ، مقلوب إلى «معفل» . ثم ألقيت حركة الهمزة على اللام فصارت «ملك» ، فلما جمع رد إلى أصله بعد القلب. فلذلك وقعت الهمزة بعد اللام فى «ملائكة» ، ولو جمع على أصله قبل القلب لقيل:
مآلك، على مفاعل.
«إلّا إبليس» : إبليس، نصب على الاستثناء المنقطع، ولم ينصرف لأنه أعجمى معرفة.
وقال أبو عبيدة: هو عربى مشتق من «أبلس» ، إذا يئس من الخير، لكنه لا نظير له فى الأسماء، وهو معرفة فلم ينصرف لذلك.
35-
وَقُلْنا يا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلا مِنْها رَغَداً حَيْثُ شِئْتُما وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ «آدم» : أفعل، مشتق من الأدمة، وهو اللون، فلم ينصرف لأنه معرفة، وأصله الصفة، وهو على وزن الفعل.
وقيل: هو مشتق من أديم الأرض، وهو وجهها، وهذا بعيد لأنه يحتمل أن يكون وزنه فاعلا، كطابق.
يجب صرفه إذ ليس فيه من معنى الصفة شىء، و «أفعل» أصلها الصفة.
«رغدا» : نعت لمصدر محذوف تقديره: أكلا رغدا. وهو فى موضع الحال عند ابن كيسان. أعنى المصدر لمحذوف، وحذفت النون من «فتكونا» لأنه منصوب، جوابا للنهى.
ويجوز أن يكون حذف النون للجزم، فهو عطف على:«ولا تقربا» .
36-
فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطانُ عَنْها فَأَخْرَجَهُما مِمَّا كانا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ....
«بعضكم لبعض عدوّ» : ابتداء، وخبر منقطع من الأول. وإن شئت فى موضع الحال من الضمير فى اهبطوا» وفى الكلام حذف «واو» استغنى عنها للضمير العائد على المضمر فى «اهبطوا» ، تقديره: قلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو أي: اهبطوا وهذه حالكم. وإثباتها فى الكلام حسن، ولو لم يكن فى الكلام عائد لم يجز دف الواو. ولو قلت: لقيتك وزيد راكب، لم يجز حذف الواو فإن قلت: راكب إليك جاز حذف الواو وإثباتها.
37-
فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ فَتابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ «إنه هو التّواب الرّحيم» : هو، فى وجوهها بمنزلة «أنت» فى (إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ) الآية: 32 38- قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْها جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ «جميعا» ، حال من المضمر فى «اهبطوا» .
«فإمّا يأتينكم» : إما، حرف للشرط بجزم الأفعال، وهى «إن» التي للشرط زيدت معها «ما» للتأكيد، ودخلت النون المشددة للتأكيد أيضا فى «يأتينكم» ، لكن الفعل مع النون مبنى غير معرب.
«هدى» : فى موضع رفع بفعله «فمن تبع هداى» : من، اسم تام للشرط، مرفوع بالابتداء، يجزم ما بعده من الأفعال المستقبلة وجوابها، ويكون الماضي بعده فى موضع جزم.
39-
وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ «هم فيها خالدون» : ابتداء وخبر، فى موضع الحال من «أصحاب» ، أو من «النار» ، تقول: زيد ملك الدار وهو جالس فيها، فقولك «وهو جالس» حال من المضمر فى «ملك» ، أي: ملكها فى حال جلوسه فيها.
وإن شئت جعلته حالا من «الدار» لأن فى الجملة ضميرين: أحدهما يعود على «زيد» ، الآخر يعود على «الدار» فحسن الحال منهما جميعا لأجل الضمير.
ولو قلت: زيد ملك الدار وهو جالس، لم يكن إلا حالا من المضمر فى «ملك» لا غير، إذ لا ضمير فى الجملة يعود على «الدار» .
ولو قلت: ملك زيد الدار وهى مبنية، لم تكن الجملة إلا فى موضع الحال من «الدار» ، إذ لا ضمير يعود على المضمر فى «ملك» . فإن زدت «من ماله» ونحوه، جاز أن يكون حالا من المضمر ومن «الدار» ، فكذلك الآية لما كان فى قوله «هم فيها خالدون» ضميران جاز أن يكون حالا منهما جميعا، فقس عليها ما أشبهها، فإنه أصل يتكرر فى القرآن كثيرا.
وقد منع بعض النحويين وقوع الحال من المضاف إليه، لو قلت: رأيت غلام هند قائمة، لم يجز عنده، عامل يعمل فى الحال، وأجازه بعضهم لأن لام الملك مقدرة مع المضاف إليه. فمعنى «الملك» هو العامل فى، أو معنى الملازمة، أو معنى المصاحبة فعلى قول من منع الحال من المضاف إليه لا يكون «هم فيها خالدون» من النار، ومثله فى القياس:«أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون» .
40-
يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ «إسرائيل» : اسم معرفة أعجمى، ولذلك لم ينصرف.
«وأوفوا» : أصله «أوفيوا» ، على «أفعلوا» ، فردت حركة الياء على الفاء، وحذفت الياء لسكونها تكون الواو بعدها.
«أوف بعهدكم» : جزم لأنه جواب الأمر.
«وإيّاى فارهبون» : إيّاى، منصوب بإضمار فعل، وهو الاختيار لأنه أمر، ويجوز: وأنا فارهبون، على الابتداء والخبر، وهو بمنزلة قولك: زيد فاضربه لأن الياء المحذوفة من «فارهبون» كالهاء فى «اضربه» ، لكن يقدر الفعل الناصب ل «إياى» بعده تقديره: وإياى ارهبوا فارهبون. ولو قدرته قبله لا تصل به، فكنت تقول: فارهبون فارهبون.
41-
وَآمِنُوا بِما أَنْزَلْتُ مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ وَلا تَكُونُوا أَوَّلَ كافِرٍ بِهِ
…
«مصدقا» : حال من الهاء المحذوفة، من «أنزلت» تقديره: أنزلته لأن «ما» بمعنى «الذي» .
وإن شئت جعلته حالا من «ما» فى «بما» .
«أول كافر» : أول اسم لم ينطق به بفعل عند سيبويه، وزنه «أفعل» ، فاؤه واو وعينه واو، ولذلك لم يستعمل منه فعل، لاجتماع الواوات.
وقال الكوفيون: هو «أفعل» من «وأل» ، إذا لجأ، فأصله: أوأل، ثم خففت الهمزة الثانية بأن أبدل منها واو، وأدغمت الأولى فيها. وانتصب «أول» على خبر «كان» . و «كافر» نعت لمحذوف تقديره: أول فريق كافر، ولذلك جاء بلفظ التوحيد، والخطاب لجماعة. وقيل: تقديره: أول من كفر به.
42-
وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْباطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ
«وتكتموا الحق» : تكتموا، منصوب لأنه جواب النهى. وحذف النون على النصب والجزم فيه، فيما كان مثله. ويجوز أن يكون مجزوما عطفا على «تلبسوا» .
«وأنتم تعلمون» ابتداء وخبر فى موضع الحال من المضمر فى «ولا تلبسوا» .
43-
وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ «وأقيموا» : وزنه «أفعلوا» ، وأصله: أقوموا، فنقلت حركة الواو على الفاء فانكسرت، وسكنت الواو فانقلبت ياء لانكسار ما قبلها. والمصدر منه: إقامة. وعلته كعلة «استعانة» 45- وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّها لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخاشِعِينَ «واستعينوا» : قياسه فى علته مثل «نستعين» ، والهاء فى قوله «وإنها لكبيرة» تعود على، على الاستعانة.
ودل على «الاستعانة» قوله «واستعينوا» ، وقيل: بل تعود على «الصلاة» ، وهذا أبين الأقوال لقربها منها.
46-
الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ راجِعُونَ «إليه» الهاء، تعود على اللَّه جل ذكره. وقيل: بل تعود على «اللقاء» ، لقوله:«ملاقوا ربهم» .
48-
وَاتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً «واتقوا يوما» : يوما، مفعول ل «اتقوا» ، و «لا تجزى» وما بعده، من الجملة التي فى أولها «لا» ، كلها صفات ل «يوم» ، ومع كل جملة ضمير محذوف يعود على «يوم» ، ولولا ذلك لم تجز الصفة، تقديره: لا تجزى فيه، ولا تقبل منها شفاعة فيه، ولا يؤخذ منها عدل فيه، ولا هم ينصرون فيه.
وقيل: التقدير: لا تجزيه نفس، فجعل الظرف مفعولا على السعة، ثم حذف الهاء من الصفة، وحذف الهاء أحسن من حذف «فيه» ، ولولا تقدير هذه الضمائر لأضفت «يوما» إلى «تجزى» كما قال (يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ) 77: 35، و (يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ) 82: 19، وهو كثير، فإذا أضفته فلا يكون ما بعده صفة له، ولا يحتاج إلى تقدير ضمير محذوف. وقد أجمع القراء على تنوينه.
49-
وَإِذْ نَجَّيْناكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ يُذَبِّحُونَ أَبْناءَكُمْ «وإذ» : فى موضع نصب، عطف على «نعمتى» الآية: 47 أي: واذكروا إذ نجيناكم وكذلك قوله تعالى (وَإِذْ فَرَقْنا بِكُمُ الْبَحْرَ) الآية: 50: أي: اذكروا إذ فرقنا.
يعدد سبحانه عليهم نعمه المتقدمة على آبائهم «آل فرعون» ، فرعون، معرفة أعجمى، فلذلك لا ينصرف. و «آل» أصله: أهل، ثم أبدل من «الهاء» همزة، فصارت: آل، ثم أبدل من الهمزة ألفا، لانفتاح ما قبلها وسكونها، فإذا صغرته رددته إلى أصله،
فقلت: أهيل. وحكى الكسائي: أويل وإذا جمعته قلت: أألون. فأما «الآل» الذي هو السراب، فجمعه:
أأوال، على «أفعال» .
«يسومونكم» : فى موضع الحال من «آل» .
«يذبحون» : حال من «آل» أيضا. وإن شئت من المضمر فى «يسومون» ، وكذلك:«ويستحيون نساءكم» .
51-
وَإِذْ واعَدْنا مُوسى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظالِمُونَ «موسى» : «مفعل» ، من «أوسيت» ، وقيل: هو من: «ماس يميس» ، ويفتح السين فى الجمع السالم فى الوجهين، عند البصريين، لتدل على الألف المحذوفة.
وقال الكوفيون: إن جعلته «فعلى» ضممت «السين» فى الرفع وفى الجمع، وكسرتها فى النصب والخفض، كقاض.
«أربعين ليلة» : تقديره: تمام أربعين، فهو مفعول ثان.
«ثم اتخذتم العجل من بعده» : المفعول الثاني ل «اتخذتم» محذوف تقديره: ثم اتخذتم العجل من بعده إلها.
«وأنتم ظالمون» : ابتداء وخبر، فى موضع الحال من المضمر فى «اتخذتم» ، وكذا:«وأنتم تنظرون» 12: 50، فى موضع الحال من المضمر فى «اتخذتم» .
53-
وَإِذْ آتَيْنا (انظر الكلام على «إذ» فى الآية السابقة) 54- وَإِذْ قالَ مُوسى (انظر الكلام على «إذ» فى الآية السابقة) 55- وَإِذْ قُلْتُمْ يا مُوسى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً
…
«جهرة» : مصدر، فى موضع الحال من المضمر فى «قلتم» .
58-
وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْها حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَداً وَادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطاياكُمْ....
«رغدا» : مثل الأول (الآية: 35) .
«سجدا» : حال من المضمر، فى «ادخلوا» .
(م 2- الموسوعة القرآنية ج 4)
«حطّة» : خبر ابتداء محذوف تقديره: سؤالنا حطة، أو: رغبتنا، ونحوه.
وقيل: هو حكاية أمروا بقولها، مرفوعة، فحكوها، ولو أعلمت «القول» لنصبت.
«خطاياكم» : جمع: خطية. وسيبويه يرى أنه لا قلب فيه، ولكنه أبدل من الهمزة الثانية، التي هى لام الفعل، ياء: ثم أبدل منها ألفا، فوزنه، عند سيبويه: فعائل، محولة: من «فعايل» .
وقال الفراء: «خطايا» : جمع: خطية، بغير همز، كهدية وهدايا.
61-
وَإِذْ قُلْتُمْ يا مُوسى لَنْ نَصْبِرَ عَلى طَعامٍ واحِدٍ فَادْعُ لَنا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِها وَقِثَّائِها وَفُومِها وَعَدَسِها وَبَصَلِها قالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُوا مِصْراً فَإِنَّ لَكُمْ ما سَأَلْتُمْ «يخرج لنا ممّا تنبت الأرض» : المفعول. محذوف، تقديره: يخرج لنا مأكولا. وقيل: المفعول هو «ما» ، و «من» زائدة.
«من بقلها» : بدل من «مما» بإعادة الخافض، ف «من» الأولى للتبعيض، والثانية للتخصيص.
فى قول ابن كيسان.
«الذي هو أدنى» : قيل: الألف، بدل من همزة، وهو من الدناءة، فالألف على هذا فى «أدنى» بدل من همزة وقيل: هو من «الدون» . وأصله: «أدون» ، ثم قلبت وقيل: هو من «الدنو» أي: أقرب فيكون من: دنا يدنو.
«مصرا» : إنما صرفت لأنها نكرة. وقيل: لأنها اسم للبلد، فهو مذكر.
وقال الكسائي: صرفت لخفتها.
«ما سألتم» : فى موضع نصب. اسم «إن» .
62-
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالنَّصارى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ....
«من آمن» : من، رفع بالابتداء، وهى الشرط.
«فلهم» : جواب الشرط، وهو خبر الابتداء، والجملة خبر «إن» .
ويجوز أن يجعل «من» بدلا من «الذي» ، فيبطل الشرط لأن الشرط لا يعمل فيه ما قبله، ويكون الفاء فى «فلهم» .
دخلت لجواب الإبهام، كما تدخل مع «الذي» ، يقول: إن الذي يأتيك فله درهم، وقال اللَّه جل ذكره (قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ) 63: 8، فلا بد من محذوف يعود على «الذين» من خبرهم، إذا جعلت «من» مبتدأه، تقديره: من آمن منهم.
63-
وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ وَرَفَعْنا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ «ما آتيناكم» : العائد على «ما» محذوف، تقديره: ما آتيناكموه. و «ما» منصوبة ب «أخذوا» ، بمعنى:«الذي»
64-
ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ فَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَكُنْتُمْ مِنَ الْخاسِرِينَ «فلولا فضل اللَّه» : فضل، مرفوع بالابتداء، والخبر محذوف تقديره: فلولا فضل اللَّه عليكم تدارككم ولا يجوز إظهاره عند سيبويه، استغنى عن إظهاره لدلالة الكلام عليه.
«لكنتم» : جواب «لولا» .
65-
وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ «خاسئين» : خبر ثان ل «كان» . وإن شئت جعلته نعتا ل «قردة» . وقيل فى جعله نعتا لقردة عدولا عن الأصول، إذ الصفة جمع لمن يعقل والموصوف لما لا يعقل. وإن شئت حالا من المضمر فى «كونوا» .
66-
فَجَعَلْناها نَكالًا لِما بَيْنَ يَدَيْها وَما خَلْفَها وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ «فجعلناها» : تعود «الهاء» على «القردة» .
وقيل: بل تعود على «المسخة» التي دل عليها الخطاب. وقيل: بل تعود على «العقوبة» التي دل عليها الكلام.
وكذلك الاختلاف فى الهاء فى «يديها» و «خلفها» .
68-
قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما هِيَ قالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ لا فارِضٌ وَلا بِكْرٌ عَوانٌ..
«لا فارض» : يجوز رفعه على إضمار مبتدأ أي: لا هى فارض. ويجوز أن يكون نعتا للبقرة، ومثله:
«ولا بكر» ، ومثله:«لا ذلول» الآية: 71.
«عوان» : رفع على إضمار مبتدأ، أي: هى عوان. ويجوز أن يكون نعتا للبقرة. وعلى إضمار مبتدأ، أحسن.
69-
قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما لَوْنُها «ادع لنا ربّك» : لغة بنى عامر فى «ادع لنا» كسر العين، لسكونها وسكون الدال قبلها، كأنهم يقدرون أن العين لام الفعل فيجزمونها، وهو فعل مجزوم عند الكوفيين، ومبنى عند البصريين.
«يبين لنا ما لونها» : ما، استفهام، مرفوع بالابتداء. و «لونها» الخبر. ولم يعمل فيها «يبين» إذ الاستفهام لا يعمل فيه ما قبله. ولو جعلت «ما» زائدة نصبت «لونها» ، كما قال تعالى «أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ» 28: 28، فخفضت «الأجلين» بإضافة «أي» إليهما. و «ما» زائدة.
70-
قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما هِيَ....
«إن البقر تشابه علينا «إن شاء اللَّه» ، إن شرط، وجوابها، «إنّ» وما عملت فيه وقال المبرد: الجواب محذوف.
71-
قالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ لا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ وَلا تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لا شِيَةَ فِيها قالُوا الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ....
«تثير: الأرض» : تثير، فى موضع الحال من المضمر فى «ذلول» .
«ولا تسقى الحرث» : فى موضع النعت للبقرة وإن شئت جعلته خبر ابتداء محذوف أي: وتسقى الحرث.
«مسلّمة» : خبر ابتداء، محذوف أي: وهى مسلمة.
«لاشية فيها» : خبر ثان ل «هى» المضمرة.
وإن شئت جعلت «لاشية فيها» فى موضع النعت ل «بقرة» ، وكذلك «مسلمة» .
وأصل «شية» : وشية، ثم حذفت الواو، كما حذفت فى «يشى» ، ونقلت كسرة الواو إلى الشين.
«الآن جئت بالحقّ» : الآن، ظرف للزمان الذي أنت فيه، وهو مبنى لمخالفته سائر ما فيه الألف وإذ دخلتا فيه لغير عهد ولا جنس.
وقيل: أصل «الآن» . أوان، ثم أبدلوا من الواو ألفا، وحذفت إحدى الألفين لالتقاء الساكنين.
73-
فَقُلْنا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِها كَذلِكَ يُحْيِ اللَّهُ الْمَوْتى....
«كذلك يحيى اللَّه الموتى» : الكاف، فى موضع نصب، نعت لمصدر محذوف.
74-
ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ فَهِيَ كَالْحِجارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجارَةِ لَما يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهارُ وَإِنَّ مِنْها لَما يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْماءُ وَإِنَّ مِنْها لَما يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ «لما يتفجر، لما يشقق، لما يهبط» : ما، فى ذلك كله، فى موضع نصب ب «إن» واللامات، لا مات والجار والمجرور خبر «إن» .
75-
75 أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ ما عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ «أن يؤمنوا لكم» : أن، فى موضع نصب تقديره: فى أن يؤمنوا، فلما حذف الخافض تعدى الفعل فنصب.
وقال الكوفيون: «أن» ، فى موضع خفض بإضمار الخافض المقدر فيه، وكذلك الاختلاف فى «أن» حيث وقعت إذا حذف معها حرف الجر.
«يسمعون كلام اللَّه» : يسمعون، خبر «كان» ، و «منهم» نعت ل «فريق» .
ويجوز أن يكون «منهم» الخبر، و «يسمعون» نعت ل «فريق» «وهم يعلمون» : ابتداء وخبر، فى موضع الحال من المضمر فى «يحرفون» .
76-
وَإِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قالُوا آمَنَّا وَإِذا خَلا بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ قالُوا أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِما فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ أَفَلا تَعْقِلُونَ «ليحاجّوكم» : اللام، لام «كى» ناصبة للفعل بإضمار «أن» ، وهى لام الجر التي تدخل فى الأسماء.
و «أن» المضمرة والفعل مصدر. فهى داخلة فى اللفظ على الفعل وفى المعنى على الاسم وبنو العنبر يفتحون لام «كى» ، وبعض النحويين يقول: أصلها الفتح.
78-
وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لا يَعْلَمُونَ الْكِتابَ إِلَّا أَمانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ «ومنهم أمّيّون» : ابتداء وخبر.
«لا يعلمون» : نعت ل «أميين» .
«إلا أمانىّ» استثناء ليس من الأول.
«وإن هم إلا يظنّون» : إن، بمعنى «ما» ، وما بعده ابتداء وخبر، و «إلا» تحقيق النفي. وحينما رأيت «إن» مكسورة مخففة، وبعدها «إلا» ف «إن» بمعنى «ما» .
79-
فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هذا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ
…
«فويل للذين» : ابتداء وخبر. ويجوز نصب «ويل» على معنى: ألزمهم اللَّه ويلا.
و «ويل» : مصدر لم يستعمل منه فعل، لأن فاءه وعينه من حروف العلة، وهو ما يدل على أن الأفعال مشتقة
من المصادر ولو كان المصدر مشتقا من الفعل- على ما قال الكوفيون- لم يوجد لهذا المصدر فعل، يشتق منه، «ومثله:«ويح» ، و «ويس» .
81-
بَلى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ «بلى من كسب سيّئة» : بلى، بمنزلة «نعم» ، إلا أن «بلى» لا تكون إلا جوابا لنفى قد تقدم، و «نعم» لا تكون إلا جوابا لإيجاب تقدم. و «الهاء» فى «أحاطت به» تعود على «من» وقيل: تعود على «الكسب» .
و «من» رفع بالابتداء، وهى شرط. و «أولئك» ابتداء ثان و «أصحاب النار» خبره والجملة خبر عن «من» ، و «هم فيها خالدون» ، ابتداء وخبر فى موضع الحال من «أصحاب» ، أو من «النار» ، على اختلاف فى ذلك.
83-
وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً وَذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً
…
«لا تعبدون إلا اللَّه» : تقديره، عند الأخفش: أن لا تعبدوا، فلما حذفت «أن» ارتفع الفعل.
وقيل: هو قسم معناه: واللَّه لا تعبدون.
وهو «فى موضع الحال من، بنى إسرائيل» أي: أخذنا ميثاقهم موحدين. ومثله فى جميع وجوهه:
«لا تسفكون» (الآية: 84) .
«إحسانا» : مصدر أي: أحسنوا إحسانا.
وقيل: هو مفعول، بمعنى: استوصوا بالوالدين إحسانا.
«وقولوا للناس حسنا» : تقديره: قولوا ذا حسن، فهو مصدر.
ومن فتح «الحاء والسين» جعله نعتا لمصدر محذوف، تقديره: قولا حسنا.
وقيل: إن القراءتين على لغتين، يقال: الحسن والحسن، بمعنى. فهما جميعا نعتان لمصدر محذوف.
85-
ثُمَّ أَنْتُمْ هؤُلاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقاً مِنْكُمْ مِنْ دِيارِهِمْ تَظاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسارى تُفادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْراجُهُمْ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَما جَزاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يُرَدُّونَ إِلى أَشَدِّ الْعَذابِ وَمَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ
«ثم أنتم هؤلاء» أنتم، مبتدأ، وخبره «تقتلون أنفسكم» و «هؤلاء» فى موضع نصب، بإضمار أعنى.
وقيل: «هؤلاء» بمعنى «الذين» ، فيكون خبرا ل «أنتم» ، وما بعده صلته.
وقيل: «هؤلاء» ، منادى، أي: يا هؤلاء. ولا يجيزه سيبويه وقيل: «هؤلاء» خبر «أنتم» ، و «تقتلون» حال من «هؤلاء» لا يستغنى عنها، وكما أن نعت المبهم لا يستغنى عنه، فكذلك حاله.
وقال ابن كيسان: أنتم، ابتداء، و «تقتلون» الخبر. ودخلت» هؤلاء» لتخص به المخاطبين، إذ نبهوا على الحال التي هم عليها مقيمون.
«تظاهرون» : من خفف حذف إحدى التاءين، والمحذوفة هى الثانية، عند سيبويه، وهى الأولى عند الكوفيين.
«أسارى» . أجاز أبو إسحاق فتح الهمزة، مثل: سكارى ومنعه أبو حاتم. وأجاز المبرد: أسراء وهى فى موضع نصب على الحال من المضمر المرفوع فى «يأتوكم» .
«وهو محرم عليكم إخراجهم» : هو، كناية عن الخبر والحديث، مبتدأ، و «الإخراج» ، مبتدأ ثان.
و «محرم» خبره، والجملة خبر «هو» ، وفى «محرم» ضمير المفعول الذي لم يسم فاعله يعود على، «الإخراج» .
وإن شئت رفعت «محرما» بالابتداء. ولا ضمير فيه، وإخراجهم «مفعول لم يسم فاعله، يسد مسد خبر «محرم» ، والجملة خبر «هو» .
وإن شئت جعلت «هو» يعود على «الإخراج» ، لتقدم ذكر «يخرجون» ، و «محرم» خبره، و «إخراجهم» بدل من «هو» .
ولا يجوز أن يكون «هو» فاصلة، إذ لم يتقدم قبلها شىء، وهذا مثل قوله «قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ» الإخلاص: 1، أي: الأمر الحق اللَّه أحد.
«فما جزاء» : ما، استفهام، رفع بالابتداء، و «جزاء» وما بعده خبره.
وإن شئت جعلت «ما» نفيا.
«ويوم القيامة» : ظرف منصوب ب «يردون» .
89-
وَلَمَّا جاءَهُمْ كِتابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِما مَعَهُمْ وَكانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكافِرِينَ
و «لما جاءهم كتاب» : جواب «لما» محذوف، تقديره: نبذوه، أو: كفروا به.
وقيل: «كفروا به» المذكور، جواب «لما» الأولى والثانية.
90-
بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِما أَنْزَلَ اللَّهُ بَغْياً أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ
…
«بئسما اشتروا به أنفسهم» : ما، فى موضع رفع ب «بئس» ، و «أن يكفروا» بدل من «ما» ، و «أن» فى موضع رفع.
وقيل: «أن» بدل من الهاء فى «به» ، وهى موضع خفض.
وقيل: هى فى موضع رفع على إضمار مبتدأ.
وقال الكوفيون: «بئس» و «ما» اسم واحد فى موضع رفع.
وقال الأخفش: «ما» نكرة، موضعها نصب على التفسير.
وقيل: «ما» نكرة، و «اشتروا به أنفسهم» نعت ل «ما» ، و «أن» فى موضع رفع بالابتداء، أو على إضمار مبتدأ، كما تقول: بئس رجلا ظريفا زيد.
وقال الكسائي: الهاء فى «به» تعود على «ما» المضمرة، و «ما» الظاهرة موضعها نصب، وهى فكرة تقديره: بئس شيئا ما اشتروا به.
«بغيا أن ينزل» : بغيا، مفعول من أجله، وهو مصدر، و «أن» فى موضع نصب، بحذف حرف الخفض منه تقديره: بأن ينزل اللَّه.
91-
..... وَيَكْفُرُونَ بِما وَراءَهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً لِما مَعَهُمْ
…
«مصدقا» : حال من «الحق» ، مؤكدة، ولولا أنها مؤكدة ما جاز الكلام، كما لا يجوز: هو زيد قائما لأن «زيدا» قد يخلو من القيام، وهو زيد بحاله و «الحق» لا يخلو أن يكون مصدقا لكتاب اللَّه.
94-
قُلْ إِنْ كانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ «خالصة» : خبر كان وإن شئت نصبتها على الحال من «الدار» ، وجعلت «عند اللَّه» خبر «كان» .
«إن كنتم صادقين» : شرط، وما قبله جوابه..
96-
وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلى حَياةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَما هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذابِ أَنْ يُعَمَّرَ....
«وما هو بمزحزحه من العذاب أن يعمّر» : هو، كناية عن «أحد» ، وهو مبتدأ، و «أن يعمر» فى موضع رفع لأنه فاعل رفعته ب «مزحزح» ، و «الجملة خبر «هو» .
ويجوز أن يكون «هو» كناية عن التعمير، مبتدأ، و «أن يعمر» بدلا من «هو» ، و «بمزحزحه» خبر الابتداء.
وأجاز الكوفيون أن يكون «هو» مجهولا مبتدأ، بمعنى الحديث والأمر، وما بعده ابتداء وخبره فى موضع خبر «هو» .
ودخول الباء فى «بمزحزحه» يمنع من هذا التأويل لأن المجهول لا يفسر إلا بالجمل السالمة من حروف الخفض.
100-
أَوَكُلَّما عاهَدُوا عَهْداً نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يُؤْمِنُونَ «أو كلّما» : الواو، عند سيبويه، واو عطف دخلت عليها ألف الاستفهام.
وقال الأخفش: «الواو» زائدة.
وقال الكسائي: هى «أو» حركت الواو منها. ولا قياس لهذا القول.
كلما» على الظرف، والعامل فعل دل عليه «نبذه» .
101-
وَلَمَّا جاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِما مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ كِتابَ اللَّهِ وَراءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لا يَعْلَمُونَ «كأنهم» : الكاف، حرف تشبيه لا موضع لها من الإعراب. وموضع الجملة موضع رفع نعت ل «فريق» .
102-
وَاتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ عَلى مُلْكِ سُلَيْمانَ وَما كَفَرَ سُلَيْمانُ وَلكِنَّ الشَّياطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَما أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبابِلَ هارُوتَ وَمارُوتَ وَما يُعَلِّمانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّما نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُما ما يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَما هُمْ بِضارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ ما يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَراهُ ما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ وَلَبِئْسَ ما شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ «يعلمون النّاس» : هو فى موضع حال من «الشياطين» ، أو من المضمر فى «كفروا» ، وهو أولى وأحسن أي: كفروا فى حال تعليمهم السحر للناس.
وإن شئت جعلته خبرا ثانيا ل «لكن» ، فى قراءة من شدد النون.
وإن شئت جعلت «يعلمون» بدلا من «كفروا» لأن تعليم السحر كفر فى المعنى «وما أنزل على الملكين» : ما، فى موضع نصب، عطف على «واتبعوا ما» .
وقيل: هى حرف ناف أي: لم ينزل على الملكين ببابل شىء.
«فيتعلمون» : معطوف على «يعلمان» .
وقيل: تقديره: فيأتون فيتعلمون. ولا يجوز أن يكون جوابا لقوله «فلا تكفر» .
وقيل: هو معطوف على «يعلمون» . ومنع هذا أبو إسحاق وأحسنه أن يكون ف «يتعلمون» مستأنفا.
«لمن اشتراه» : من، فى موضع رفع بالابتداء، وخبره «ماله فى الآخرة من خلاق» ، و «من خلاق» مبتدأ، و «من» زيدت لتأكيد النفي، و «له» خبر الابتداء، والجملة خبر «من» ، واللام لام الابتداء، وهى لام التوكيد، يقطع ما بعدها مما قبلها، ولا يعمل ما قبل اللام فيما بعدها، كحرف الاستفهام، وكالأسماء التي يجزم بها فى الشرط، وإنما يعمل فى ذلك ما بعده. ومنه قوله «وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ» 26: 27، ف «أي» نصب ب «ينقلبون» لا ب «سيعلم» .
103-
وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ «ولو أنّهم آمنوا» : أن، فى موضع رفع بفعل مضمر تقديره: ولو وقع إيمانهم و «لو» حقها أن يليها الفعل، إما مضمرا وإما مظهرا لأن فيها معنى الشرط، والشرط بالفعل أولى وكذلك قوله «وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ» 9: 6، ف «أحد» مرفوع بفعل مضمر تقديره: وإن استجارك أحد من المشركين استجارك، وكذلك عند البصريين «إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ» 84: 1، و «إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ» 81: 1، و «إِذَا السَّماءُ انْفَطَرَتْ» 82: 1، وشبه ذلك، كله مرفوع بفعل مضمر لأن، «إذا» فيها معنى المجازاة، فهى بالفعل أولى، فالفعل مضمر بعدها، وهو الرافع للاسم، وهو كثير فى القرآن، ولا بد ل «لو» من جواب مضمر أو مظهر، وإنما لم تجزم «لو» ، على ما فيها من معنى الشرط، لأنها لا تجعل الماضي بمعنى المستقبل، فامتنعت من العمل، والجواز لذلك.
«لمثوبة» : مبتدأ، و «خير» خبره، واللام جواب «لو» .
104-
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا راعِنا وَقُولُوا انْظُرْنا
…
«راعنا» : فى موضع نصب بالقول، ومن نونه جعله مصدرا أي: لا تقولوا رعونة.
105-
ما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ «من خير من ربكم» : من خير، فى موضع رفع، مفعول لم يسم فاعله ب «ينزل» ، و «من» زائدة لتأكيد النفي.
و «من ربكم» : من، لابتداء الغاية، متعلقة ب «ينزل» .
106-
ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها «ما ننسخ من آية أو ننسها» : ما، شرط، فهى فى موضع نصب ب «ننسخ» ، و «من» زائدة للتأكيد وموضع آية «نصب» ب «ننسخ» ، «أو ننسها» عطف على «ننسخ» ، «نأت» جواب الجزاء.
108-
أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْئَلُوا رَسُولَكُمْ كَما سُئِلَ مُوسى مِنْ قَبْلُ «كما سئل موسى» : الكاف، فى موضع نصب نعت لمصدر محذوف تقديره: سؤالا كما.
109-
وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ
…
«كفّارا» : مفعول ثان ل «يردونكم» .
وإن شئت حالا من الكاف والميم فى «يردونكم» .
«حسدا» : مصدر.
«من عند أنفسهم» : من، متعلقة ب «حسدا» ، فيجوز الوقوف على «كفارا» ، ولا يوقف على «حسدا» .
وقيل: هى متعلقة ب «ود كثير» ، فلا يوقف على «كفارا» ، ولا على «حسدا» .
111-
وَقالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كانَ هُوداً أَوْ نَصارى
…
«هودا» : جمع: هائد» ، وهو التائب.
وقال الفراء: «هود» أصله: «يهودى» ثم حذف ولا قياس يعضد هذا القول.
114-
وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَساجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعى فِي خَرابِها أُولئِكَ ما كانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوها إِلَّا خائِفِينَ «أن يذكر فيها اسمه» : أن، فى موضع نصب. بدلا من «مساجد» ، وهو بدل الاشتمال.
وقيل: هو مفعول من أجله.
«إلا خائفين» : حال من المرفوع فى «يدخلونها» .
117-
وَإِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ «فيكون» : من نصبه جعله جوابا لكن فيه بعد فى المعنى.
ومن رفعه قطعه على معنى: فهو يكون. (وانظر: الآية: 40 من سورة النحل) .
118-
…
كَذلِكَ قالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ
كذلك نصب فى موضع نعت لمصدر محذوف، أي: قولا مثل ذلك قال الذين من قبلهم.
ويجوز أن يكون فى موضع رفع على الابتداء، وما بعد ذلك الخبر.
«مثل قولهم» : نصب ل «قال» . وإن شئت جعلته نعتا لمصدر محذوف.
119-
إِنَّا أَرْسَلْناكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلا تُسْئَلُ عَنْ أَصْحابِ الْجَحِيمِ «بشيرا ونذيرا» . حال من الكاف فى «أرسلناك» .
121-
الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ أُولئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ «الذين» ، مبتدأ، وخبره «أولئك يؤمنون به» ، و «يتلونه» حال من «الكتاب» ، أو من المضمر المنصوب فى «آتيناهم» ، ولا يجوز أن يكون الخبر «يتلونه» لأنه يوجب أن يكون كل من أوتى الكتاب يتلوه حق تلاوته، وليس هم كذلك، إلا أن تجعل «الذين أوتوا الكتاب» : الأنبياء، فيجوز ذلك.
«حق تلاوته» : مصدر، أو نعت لمصدر محذوف، وهو أحسن.
123-
وَاتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً
…
«واتّقوا يوما لا تجزى» : مثل الأول فى حذف الضمير من النعت، متصلا أو منفصلا (وانظر الآية: 48) 126- وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هذا بَلَداً آمِناً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَراتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ قالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلى عَذابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ «من آمن منهم باللَّه» : من، بدل من «أهله» ، بدل بعض من كل.
«قال ومن كفر» : من، فى موضع نصب، «أي» : وأرزق من كفر فأمتعه.
ويجوز أن يكون من الشرط، وينصبها بفعل مضمر بعدها، أي: ومن كفر أرزق، و «فأمتعه» جواب الشرط، ارتفع لدخول الفاء.
ويجوز أن يكون «من» رفعا بالابتداء، و «فأمتعه» خبره والكلام شرط أيضا وجواب 130- وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْراهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْناهُ فِي الدُّنْيا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ «إلّا من سفه نفسه» : أي: فى نفسه، فنصب لما حذف حرف الجر.
وقيل: معنى «سفه» : جهل وضيع، فتعدى فنصب «نفسه» .
وقال الفراء: نصب «نفسه» على التفسير.
«وإنّه فى الآخرة لمن الصّالحين» : فى، متعلقة بمضمر تقديره: وإنه صالح فى الآخرة لمن الصالحين. ولا يحسن تعلق «فى» «بالصالحين» ، لأن فيه تقديما، وأصله على موصول.
وقيل: قوله: «فى الآخرة» بيان، فيقدم على ذلك.
وقيل: الألف واللام فى «الصالحين» ليستا بمعنى «الذي» ، إنما هما للتعريف، فحسن تقدم حرف الجر عليه، وهو متعلق به، وإن كان مقدما.
133-
أَمْ كُنْتُمْ شُهَداءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قالَ لِبَنِيهِ ما تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قالُوا نَعْبُدُ إِلهَكَ وَإِلهَ آبائِكَ إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ إِلهاً واحِداً وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ «وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق» : إله، بلفظ الواحد، فيحتمل أن يكون واحدا.
و «إبراهيم» بدل منه، و «إسماعيل وإسحاق» عطف عليه.
ويحتمل نصب «إبراهيم» على إضمار «أعنى» ، ويعطف عليه ما بعده. وهى أسماء لا تنصرف للعجمة والتعريف.
وجمع «إبراهيم» و «إسماعيل» : براهيم، وسماعيل. وقيل: براهمة، وسماعلة. والهاء بدل من ياء.
وقال المبرد: جمعها: أباره، وأسامع، وأباريه، وأساميع. فأما إسرائيل. فجمعه: أساريل.
وقال الكوفيون: أسارلة، وأساريل.
«إلها واحدا» : بدل من «إلهك» . وإن شئت جعلته حالا منه.
134-
تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَها ما كَسَبَتْ وَلَكُمْ ما كَسَبْتُمْ وَلا تُسْئَلُونَ عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ «تلك أمّة قد خلت» : ابتداء وخبر. و «قد خلت» نعت ل «أمة» ، وكذلك «لها ما كسبت» نعت ل «أمة» أيضا. ويجوز أن يكون منقطعا لا موضع له من الإعراب.
135-
وَقالُوا كُونُوا هُوداً أَوْ نَصارى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ «بل ملّة إبراهيم حنيفا» : انتصب «ملة» على إضمار فعل تقديره: بل نتبع ملة و «حنيفا» حال من «إبراهيم» لأن معنى «بل نتبع ملة إبراهيم» : بل نتبع إبراهيم.
وقيل: انتصب على إضمار «أعنى» ، إذ لا يقع الحال من المضاف إليه.
138-
صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عابِدُونَ «صبغة اللَّه» : بدل من «ملة إبراهيم» .
وقيل: هو منصوب على الإغراء أي: اتبعوا صبغة اللَّه أي: دين اللَّه.
«صبغة» : نصب على التمييز.
143-
…
وَإِنْ كانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ
…
«وإن كانت لكبيرة» : كبيرة، «خبر» ، واسم «كان» مضمر فيها أي: وإن كانت التولية نحو المسجد الحرام لكبيرة. و «إن» بمعنى «ما» ، «واللام» بمعنى «إلا» .
147-
الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ «الحقّ من ربك» : أي: هو الحق، أو هذا الحق، فهو خبر ابتداء.
وإن شئت رفعته بالابتداء وأضمرت الخبر، تقديره: الحق من ربك يتلى عليك، أو يوحى إليك، ونحوه.
148-
لِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيها فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ
«ولكل وجهة» : وجهة، مبتدأ، و «لكل» الخبر أي: ولكل أمة قبلة هو موليها.
«هو موليها» : ابتداء وخبر أي: اللَّه موليها إياهم. فالمفعول الثاني ل «مولى» محذوف. وقوله «هو» ضمير، اسم اللَّه جل ذكره. وقيل: هو ضمير «كل» أي: هو موليها نفسه.
فأما قراءة ابن عامر «هو مولاها» فلا يقدر فى الكلام حذف لأن الفعل قد تعدى إلى مفعولين فى اللفظ، أحدهما: مضمر قام مقام الفاعل، مفعول لم يسم فاعله، يعود على «هو» ، والثاني: هو «الهاء والألف» ، يرجع على الوجه.
وقيل: إنها على المصدر، أي مولى التولية.
واللام فى «لكل» تتعلق ب «مولى» ، وهى زائدة كزيادتها فى «ردف لكم» 27: 27، أي: ردوفكم.
«وهو» ضمير «فريق» ، كأنه قال: الفريق مولى لكل وجهة، أي: مولى كل وجهة هذا التقدير على قول من جعل الهاء للمصدر.
151-
كَما أَرْسَلْنا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آياتِنا وَيُزَكِّيكُمْ
…
«كما أرسلنا» : الكاف، فى موضع نصب، نعت لمصدر محذوف تقديره: اهتداء مثل ما أرسلنا، وإما ما مثل ما أرسلنا، لأن قبلها «يهتدون» (الآية: 150) ، وقبلها «ولأتم» (الآية: 150) ، فتحملها على مصدر أيهما شئت.
وإن شئت جعلتها نعتا لمصدر: «فاذكرونى» (الآية: 152) ، وفيه بعد لتقدمه.
وإن شئت جعلت «الكاف» فى موضع نصب على الحال من «الكاف والميم» فى «عليكم» .
154-
وَلا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتٌ بَلْ أَحْياءٌ وَلكِنْ لا تَشْعُرُونَ «أموات بل أحياء» : ارتفعا على إضمار مبتدأ أي: هم أموات بل هم أحياء.
158-
إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَإِنَّ اللَّهَ شاكِرٌ عَلِيمٌ «فلا جناح عليه أن يطّوّف بهما» : قرأ ابن عباس، رضى اللَّه عنه: فلا جناح عليه أن يطاف بهما، وأصله «يطتوف» على وزن «يفتعل» ، ثم أبدل من تاء الافتعال طاء، وأدغم الطاء فيها، وقلب الواو ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها.
«ومن تطوّع» : يحتمل أن تكون «من» للشرط، فموضع «تطوع» جزم معناه، الاستقبال، وجواب الشرط «فإن اللَّه شاكر عليم» .
ويحتمل أن تكون «من» بمعنى: الذي، فيكون «تطوع» فعلا ماضيا على بابه، ودخلت الفاء فى «فإن» لما فى «الذي» من معنى الإبهام. وهذا على قراءة من خفف الطاء، فأما من شددها وقرأ بالياء، ف «من» للشرط لا غير، والفعل مجزوم به.
161-
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَماتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ «أولئك عليهم لعنة اللَّه» : لعنة، مبتدأ، و «عليهم» خبره، «والجملة خبر «أولئك» .
وقرأ الحسن: عليهم لعنة اللَّه والملائكة والناس أجمعون، عطف «الملائكة» و «الناس» على موضع اسم «اللَّه» لأنه فى موضع رفع تقديره: أولئك لعنهم اللَّه، كما تقول: كرهت قيام زيد وعمرو وخالد لأن «زيدا» فى موضع رفع.
162-
خالِدِينَ فِيها لا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذابُ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ «خالدين» : حال من المضمر فى «عليهم» ، وكذلك. «لا يخفف عنهم العذاب» ، هو حال من المضمر فى «خالدين» ، وكذلك:«ولا هم ينظرون» ، هو ابتداء وخبر فى موضع الحال من المضمر فى «خالدين» ، أو من المضمر فى «عنهم» .
وإن شئت جعلت «لا يخفف» وما بعده منقطعا من الأول، لا موضع له من الإعراب..
163-
وَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ «وإلهكم إله واحد» : ابتداء وخبر، ف «إلاه» بدل من «إلهكم» أي: معبودكم معبود واحد، كما تقول: عمرو شخص واحد.
165-
وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْداداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذابِ «يحبونهم» : فى موضع الحال من المضمر فى «يتخذ» ، والمضمر عائد على «من» ، فوحد على لفظ «من» وجمع فى «يحبون» ، رده على معنى «من» .
وإن شئت جعلته نعتا ل «أنداد» .
وإن شئت جعلته فى موضع رفع نعتا ل «من» ، على أن «من» نكرة.
وإنما حسن هذا كله لأن فيه ضميرين: أحدهما يعود على الأنداد» ، والآخر على «من» ، و «من» هو الضمير فى «يتخذ» .
«كحبّ اللَّه» : الكاف، فى موضع نصب، نعت لمصدر محذوف أي: حبا مثل حبكم اللَّه.
«أن القوة للَّه» : أن، موضع نصب ب «يرى» ، على قراءة من قرأ بالياء و «يرى» بمعنى «يعلم» ، وسدت «أن» مسد المفعولين.
وإن شئت جعلت «يرى» من رؤية العين، فتكون «أن» مفعولا به، وجواب «لو» محذوف، تقديره: لندموا، أو: لخسروا، ونحوه.
فأما من قرأ «ترى» بالتاء، فهو من رؤية العين، ولا يجوز أن يكون بمعنى «علمت» لأنه يجب أن يكون مفعولا ثانيا، والثاني فى هذا الباب هو الأول، وليس الأمر على ذلك، والخطاب للنبى- صلى الله عليه وسلم «الذين ظلموا» مفعول «ترى» ، و «أن» مفعول من أجله.
وقيل: «أن» ، فى موضع نصب على إضمار فعل دل عليه، لأنها تطلب الجواب، فجوابها هو الناصب ل «لأن» تقديره:
ولو ترى يا محمد الذين ظلموا حين يرون العذاب لعلمت أن القوة للَّه، أو لعلموا أن القوة للَّه. والعامل فى «إذ» :«يرى» ، وإنما جاءت «إذ» هنا، وهو لما مضى، ومعنى الكلام لما يستقبل لأن أخبار الآخرة من اللَّه جل ذكره كالكائنة
الماضية، لصحة وقوعها وثبات كونها على ما أخبر به الصادق، لا إله إلا هو، فجاز الإخبار عنها بالماضي، إذ هى فى صحة كونها كالشىء الذي قد كان ومضى، وهو كثير فى القرآن.
166-
إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبابُ «إذ تبرأ» : العامل فى «إذ» : «شديد العذاب» (الآية: 165) أي: حين نبرأ.
ويجوز أن يكون العامل فعلا مضمرا أي: اذكر يا محمد إذ تبرأ. وهو مثل الأول فى وقوع «إذ» لما يستقبل، ومعناه الذي وضعت له الماضي.
167-
وَقالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَما تَبَرَّؤُا مِنَّا كَذلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمالَهُمْ حَسَراتٍ عَلَيْهِمْ وَما هُمْ بِخارِجِينَ مِنَ النَّارِ «كما تبرءوا منا» : الكاف، فى موضع نصب، نعت لمصدر محذوف تقديره: تبريا مثل ما تبرءوا منا.
ويجوز أن يكون فى موضع نصب على الحال من المضمرين فى «تبرءوا» تقديره: فنتبرأ منهم مشبهين تبرئهم منا.
«كذلك يريهم اللَّه أعمالهم حسرات» : الكاف، فى موضع رفع على خبر ابتداء محذوف تقديره: الأمر كذلك، فيحسن الوقوف عليها والابتداء بها، على هذا.
وقيل: الكاف فى موضع نصب نعت لمصدر محذوف تقديره: رؤية مثل ذلك يريهم اللَّه، فلا تقف عليها ويبتدأ بها. و «حسرات» نصب على الحال لأن «يريهم» من رؤية البصر، وهو حال من الهاء والميم فى «يريهم» ، ولو كان من «العلم» لكان «حسرات» مفعولا ثالثا.
168-
يا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلالًا طَيِّباً..
«حلالا طيّبا» : هو نعت لمفعول محذوف أي: كلوا شيئا حلالا طيبا من المأكول الذي فى الأرض.
وقيل: هو مفعول «كلوا» .
وقيل: حال من «مما فى الأرض» .
170-
وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا ما أَنْزَلَ اللَّهُ قالُوا بَلْ نَتَّبِعُ ما أَلْفَيْنا عَلَيْهِ آباءَنا أَوَلَوْ كانَ آباؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ «أو لو كان آباؤهم» : الواو، واو عطف، والألف، للتوبيخ، ولفظها لفظ الاستفهام وجواب «لو» محذوف تقديره: أو لو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون يتبعونهم على خطئهم وضلالتهم؟.
(م 3- الموسوعة القرآنية ج 4)
171-
وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِما لا يَسْمَعُ إِلَّا دُعاءً وَنِداءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَعْقِلُونَ «إلا دعاء ونداء» : نصب ب «يسمع» .
«صمّ» : رفع على إضمار مبتدأ أي: هم صم.
173-
إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَما أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ «إنّما حرّم عليكم الميتة» : ما، كافة ل «إن» عن العمل، ونصبت «الميتة» وما بعدها ب «حرم» .
ولو جعلت «ما» بمعنى «الذي» لأضمرتها مع «حرم» ، ولرفعت «الميتة» وما بعدها على خبر «إن» .
«غير باغ» : نصب على الحال من المضمر فى «اضطر» ، «وباغ» و «عاد» بمنزلة: قاض.
175-
أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى وَالْعَذابَ بِالْمَغْفِرَةِ فَما أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ «فما أصبرهم» : ما، موضع رفع بالابتداء، وما بعدها خبرها ويحتمل أن تكون استفهاما، وأن تكون تعجبا، يعجّب اللَّه المؤمنين من جزاء الكافرين على عمل يقربهم إلى النار وكذلك معنى الاستفهام.
177-
لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمالَ عَلى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقابِ وَأَقامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذا عاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْساءِ وَالضَّرَّاءِ..
«ليس البر أن تولوا» : البر، اسم «ليس» ، و «أن تولوا» الخبر. ومن نصب «البر» جعل «أن تولوا» اسم «ليس» .
«ولكن البر من آمن باللَّه» : من خفف: النون من «لكن» فالتقدير: ولكن البر بر من آمن، ثم حذف المضاف، و «والبر» الأول هو الثاني.
وقيل: التقدير: ولكن ذو البر من آمن، ثم حذف المضاف أيضا.
ومن شدد النون من «لكن» نصب «البر» ، والتقديرات على حالها.
وإنما احتيج إلى هذه التقديرات ليصح أن يكون الابتداء هو الخبر، إذ الجثث لا تكون خبرا عن المصادر، لا المصادر خبرا عنها.
«على حبّه» ، الهاء، تعود على المؤمن المعطى للمال، والمفعول محذوف أو: على حبه المال.
وقيل: «الهاء» تعود على «المال أي: آتى المال على حب المال فأضيف المصدر إلى المفعول، كما تقول:
عجبت من أكل زيد الخبز.
وقيل: «الهاء» تعود على «الإيتاء» أي: وآتى المال على حب الإيتاء.
فإذا كانت «الهاء» ل «المؤمن» جاز أن ينصب «ذوى القربى» بالحب أي: على حب المؤمن ذوى القربى.
وفى الأوجه الأخر تنصب «ذوى القربى» ب «آتى» .
وقيل: «الهاء» تعود على «اللَّه» جل ذكره أي: وآتى المال على حب اللَّه، وعاد الضمير على «اللَّه» لتقدم ذكره فى «آمن باللَّه» .
«والموفون» : عطف على المضمر فى «آمن» ، فى قوله «من آمن» .
«وقيل: ارتفعوا على إضمار «فهم» : على المدح للمضمرين، والمدح داخل فى الصلة.
«والصّابرين» : نصب على إضمار «أعنى» ، أو على العطف على «ذوى القربى» ، فإذا عطفتهم على «ذوى» لم يجز أن يرفع «والموفون» إلا على العطف على المضمر فى «آمن» ، ولا يرفع على العطف على «من» لأنك تفرق بين الصلة والموصول فتعطف «والموفون» على المضمر فى «آمن» ، فيجوز أن يعطف «والصابرين» على «ذوى» ، فإن نصبت «الصابرين» على «أعنى» ، جاز عطف «والموفون» على «من» ، وعلى الضمير فى «آمن» ، وأن ترفع على:«وهم» .
178-
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ فِي الْقَتْلى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثى بِالْأُنْثى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ
…
«فمن عفى له من أخيه شىء» : الهاء، فى «له» تعود على «من» ، و «من» اسم القاتل، وكذلك الهاء فى «أخيه» ، والأخ ولى المقتول، و «شىء» يراد به الدم.
وقيل: «من» اسم المولى والأخ، هو القاتل، و «شىء» يراد به الدية وترك القصاص، فنكر «شىء» لأنه فى موضع «عفو» ، و «عفو» نكرة.
180-
كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ «الوصيّة للوالدين» : الوصية، رفع بالابتداء، والخبر محذوف، أي: فعليكم الوصية، ويبعد رفعها ب «كتب» ، لأنها تصير عاملة فى «إذا» ، ف «إذا» فى صلة الوصية، فقد قدمت الصلة على الموصول، والمفعول الذي لم يسم فاعله ل «كتب» مضمر دلت عليه الوصية تقديره: كتب عليكم الإيصاء إذا حضر، فالإيصاء عامل فى «إذا» ، و «كتب» جواب لها، و «إذا» وجوابها جواب الشرط فى قوله «إن ترك خيرا» .
وقد قال الأخفش: إن «الفاء» مضمرة مع الوصية، وهى جواب الشرط، كأنه قال: فالوصية للوالدين.
فإن جعلت «الوصية» اسما غير مصدر جاز رفعها ب «كتب» ، ولا يجوز أن يكون «كتب» عاملا فى «إذا» لأن الكتاب لم يكتب على العبد وقت موته، بل هو شىء قد تقدم فى اللوح المحفوظ، فالإيصاء هو الذي يكون عند حضور الموت، فهو العامل فى «إذا» .
وأجاز النحاس رفع «الوصية» ب «كتب» ، على أن تقدرها بعد لفظ الموت، وتجعلها وما بعدها جوابا للشرط، فتنوى لها التقديم.
وهذا بعيد، لا يجوز أن يكون الشيء فى موضعه فتنوى به غير موضعه وأيضا فإنه ليس فى الكلام ما يعمل فى «إذا» ، إذا رفعت الوصية ب «كتب» . وفيه نظر.
«حقّا» : مصدر، ويجوز فى الكلام الرفع على معنى: هو حق.
181-
فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ ما سَمِعَهُ فَإِنَّما إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ الهاء فى قوله «فمن بدله» ، وما بعدها من الهاءات الثلاث، يعدن على الإيصاء إذ الوصية تدل على الإيصاء.
وقيل: يعدن على الكتب لأن «كتب» تدل على «الكتب» .
183-
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ «كما كتب على الذين من قبلكم» : الكاف، فى موضع نصب، نعت لمصدر محذوف تقديره: كتبا كما كتب على الذين أو: صوما كما كتب.
ويجوز أن يكون فى موضع نصب على الحال من «الصيام» تقديره: كتب عليكم الصيام مشبها لما كتب على الذين من قبلكم.
ويجوز أن يكون فى موضع رفع نعت للصيام، إذ هو عام اللفظ لم يأت بيانه إلا فيما بعده.
فإذا جعلت «الكاف» نعتا للصيام نصبت «أياما معدودات» بالصيام لأنه كله داخل فى صلته، ولا يجوز نصب «أيام معدودات» بالصيام على الأوجه الأخر التي فى الكاف لأنك تفرق بين الصلة والموصول، إذ الكاف وما بعدها لا تكون داخلة فى صلة «الصيام» ، و «أياما» إذا نصبتها بالصيام، هى داخلة فى صلة الصيام، فقد فرقت بين الصلة والموصول، ولكن تنصب «أياما» ب «كتب» ، تجعلها مفعولا على السعة.
فإن جعلت نصب «الأيام» على الظرف، والعامل فيها «الصيام» ، جاز جميع ما امتنع، إذا جعلت «الأيام» مفعولا بها لأن الظروف يتسع فيها وتعمل فيها المعاني، وليس كذلك المفعولات.
وفى جواز ذلك فى الظروف اختلاف.
184-
أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ
…
«فعدة» : رفع بالابتداء، والخبر محذوف تقديره: فعليه عدة.
ولو نصب فى الكلام جاز، على تقدير: فليصم عدة.
«فدية» : رفع بالابتداء، والخبر محذوف، تقديره: فعليه فدية.
ومن نون جعل «طعام» بدل من «فدية» ، ومن لم ينون أضاف «الفدية» إلى «طعام» .
185-
شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى وَالْفُرْقانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كانَ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلى ما هَداكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ «شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن» : شهر رمضان، رفع بالابتداء. و «الذي أنزل فيه القرآن» خبره. ومن نصبه فعلى الإغراء أي: صوموا شهر رمضان، ويكون «الذي» نعته. ولا يجوز نصبه ب «تصوموا» لأنك تفرق بين الصلة والموصول بخبر، وهو «خير لكم» .
والهاء فى قوله «أنزل فيه القرآن» يرجع على «شهر رمضان» ، على معنيين:
أحدهما: أن يكون المعنى: الذي أنزل القرآن إلى سماء الدنيا جملة فيه، فيكون «فيه» ظرفا لنزول القرآن.
والثاني: أن يكون المعنى: الذي أنزل القرآن بفرضه، كما تقول قد أنزل اللَّه قرآنا فى عائشة، رضى اللَّه عنها، فلا يكون «فيه» ظرفا لنزول القرآن، إنما يكون معدى إليه الفعل بحرف، كقوله تعالى (واهجروهن فى المضاجع)
النساء: 34 أي: من أجل تخلفهن عن المضاجع، فليس «فى المضاجع» ظرفا للهجران، إنما هو سبب للهجران معناه: واهجروهن من أجل تخلفهن عن المضاجعة معكم.
«هدى للنّاس وبينات» : حالان من «القرآن» .
«فمن شهد منكم الشهر» : الشهر، نصب على الظرف، ولا يكون مفعولا به لأن «الشهادة» بمعنى الحضور فى المصر والتقدير: فمن حضر منكم المصر فى الشهر.
ولتكملوا العدّة» أي: ويريد اللَّه لتكملوا العدة.
وقيل: المعنى: ولتكملوا العدة فعل ذلك، فاللام متعلّقة بفعل مضمر فى أول الكلام، أو فى آخره.
186-
وَإِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ «دعوة» : خبر ثان ل «إن» ، و «قريب» خبر أول.
187-
أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إِلى نِسائِكُمْ هُنَّ لِباسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِباسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتابَ عَلَيْكُمْ وَعَفا عَنْكُمْ
…
«ليلة الصّيام الرّفث» : ليلة، ظرف للرفث، وهو الجماع، والعامل فيه «أحل» ، و «الرفث» مفعول لم يسم فاعله.
«وأنتم عاكفون فى المساجد» : ابتداء وخبر فى موضع الحال من المضمر فى «ولا تباشروهن» .
188-
وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ وَتُدْلُوا بِها إِلَى الْحُكَّامِ
…
«وتدلوا بها إلى الحكّام» : جزم على العطف على «تأكلوا» .
ويجوز أن يكون «تدلوا» منصوبا، تجعله جوابا المنهي بالواو.
189-
يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَواقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِها وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقى
…
«ولكنّ البرّ من اتّقى» : مثل الأول فى جميع وجوهه (الآية: 175 فأما قوله «وليس البر بأن تأتوا» فلا يجوز فى «البر» إلا الرفع، لدخول التاء فى الخبر.
196-
وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ
…
«فما استيسر من الهدى» : ما، فى موضع رفع بالابتداء أي: فعليه ما استيسر.
ويجوز أن يكون فى موضع نصب، على تقدير: فليهد ما استيسر.
197-
الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ
…
«الحج أشهر معلومات» : ابتداء وخبر، وفى الكلام حذف مضاف، فيكون الابتداء هو الخبر فى المعنى تقديره: أشهر الحج أشهر معلومات، ولولا هذا الإضمار لكان القياس نصب «أشهر» على الظرف، كما تقول: القيام اليوم، والخروج الساعة.
«فلا رفث ولا فسوق» : من نصب فعلى التبرية، مثل: لا ريب فيه ومن رفع جعل «لا» بمعنى «ليس» ، وخبر «ليس» محذوف أي: ليس رفث فيه.
198-
لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ فَإِذا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرامِ وَاذْكُرُوهُ كَما هَداكُمْ
…
«عرفات» : أجمع القراء على تنوينه لأنه اسم لبقعة، وقياس النحو أنك لو سميت امرأة ب «مسلمات» لتركت التنوين على حاله ولم تحذفه لأنه لم يدخل فى هذا الاسم فرقا بين ما ينصرف وما لا ينصرف، وإنما هو كحرف من الأصل. وحكى سيبويه أن بعض العرب تحذف التنوين من «عرفات» ، لما جعلها اسما معرفة حذف التنوين، وترك التاء مكسورة فى النصب والخفض.
وحكى الأخفش والكوفيون فتح التاء من غير تنوين فى النصب والخفض، أجروها مجرى هاء التأنيث، فى: فاطمة، وعائشة.
«كما هداكم» : الكاف، فى موضع نصب، نعت لمصدر محذوف، أي: هديا كهديكم 200- فَإِذا قَضَيْتُمْ مَناسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آباءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً
…
«كذكركم آباءكم» : الكاف، فى موضع نصب نعت لمصدر محذوف، أي: ذكرا كذكركم.
ويجوز أن تكون الكاف فى موضع الحال من المضمر فى «فاذكروا» أي: فاذكروه مشبهين ذكركم آباءكم «أو أشد ذكرا» : أشد، فى موضع خفض عطف على «كذكركم» .
ويجوز أن يكون منصوبا على إضمار فعل تقديره: واذكروه ذكرا أشد ذكرا من ذكركم لآبائكم، فيكون نعتا لمصدر فى موضع الحال أي: اذكروه مبالغين فى الذكر له.
203-
وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُوداتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقى
…
«لمن اتقى» : اللام، متعلقة «بالمغفرة» ، أي: المغفرة لمن اتقى المحرمات.
وقيل: لمن اتقى الصيد.
وقيل: تقديره: الإباحة فى التأخير والتعجيل لمن اتقى.
وقيل: الذكر لمن اتقى.
204-
وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلى ما فِي قَلْبِهِ وهو ألد الخصام «ألد الخصام» : هو جمع «خصم» . وقيل: هو مصدر «خاصم» .
208-
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً
…
«كافة» : نصب على الحال من المضمر فى «ادخلوا» ، ومعناه: لا يمنع أحد منكم من الدخول أي: يكف بعضكم بعضا من الامتناع.
211-
سَلْ بَنِي إِسْرائِيلَ كَمْ آتَيْناهُمْ مِنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ
…
«كم آتيناهم» : كم، فى موضع نصب بإضمار فعل بعدها تقديره: كم أتينا آتيناهم.
«من آية» : فى موضع المفعول الثاني ل «آتيناهم» ، ويجوز أن يجعل «كم» مفعولا ثانيا ل «آتيناهم» .
وإن شئت جعلتها فى موضع رفع على إضمار عائد تقديره: كم آتيناهموه، وفيه ضعف لحذف الهاء، وهو بمنزلة قولك: أيها أعطيتكه، فترفع.
والاختيار: النصب بإضمار فعل بعد «أي» ، تقديره: أيها أعطيتك، ويصح الرفع مع حذف الهاء، ولم يجزه سيبويه إلا فى الشعر، ولا يجوز أن يعمل «سل» فى «كم» لأن الاستفهام لا يعمل فيه ما قبله، فالرفع فى «كم» بعيد، لحذف الهاء، ولا يعمل فى «كم» ما قبلها، وهو «سل» لأن لها صدر الكلام، إذ هى استفهام، ولا يعمل ما قبل الاستفهام فيه، وإنما دخلت «من» مع «كم» ، وهى استفهام، للتفرقة بينهما وبين المنصوب.
و «كم» : اسم غير معرب لمشابهته الحروف لأنه يستفهم به كما يستفهم بالألف، ولو حذفت «من» نصبت «آية» على التفسير، إذا جعلت «كم» مفعولا ثانيا ل «آتينا» .
213-
كانَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ بَغْياً بَيْنَهُمْ
…
«مبشّرين ومنذرين» : حالان من «النبيين» .
«بغيا بينهم» : مفعول من أجله.
214-
أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْساءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ «أن تدخلوا الجنة» : أن، فى موضع المفعولين ل «حسب» .
«حتى» : كتبت بالياء، لأنها أشبهت «سكرى» ، وقد أمالها نصير عن الكسائي، ولا تكتب إلا بالياء، ولا تكتب «أما» بالياء قياسا على «حتى» لأنها «أن» ضمت إليها «ما» .
«يقول الرسول» : من رفع «يقول» فلأنه فعل قد ذهب وانقضى، وإنما نخبر عن الحال التي كان عليها الرسول فيما مضى، فالفعل دال على الحال التي كانوا عليها فيما مضى، ف «حتى» داخلة على جملة فى المعنى، وهى لا تعمل فى الجمل.
ويجوز فى الكلام أن ترفع وتخبر عن الحال التي هى الآن، وذلك مثل قولك: مرض حتى لا يرجونه أي:
مرض فيما مضى حتى هو الآن لا يرجى، فتحكى الحال التي هو عليها، فلا سبيل للنصب فى هذا المعنى، ولو انتصبت لا نقلب المعنى وصرت تخبر عن فعلين قد مضيا وذهبا، ولست تحكى حالا كان عليها، وتقديره: أن تحكى حالا كان النبي عليها فتقديره: وزلزلوا حتى قال الرسول، كما تقول: سرت حتى أدخلها: أي: كنت سرت فدخلت، فصارت «حتى» داخلة على جملة، وهى لا تعمل فى الجمل، فارتفع الفعل بعدها، ولم تعمل فيه.
فأما وجه من نصب، فإنه جعل «حتى» غاية، بمعنى:«إلى أن» ، فنصب بإضمار «أن» : وجعل قول الرسول غاية لخوف أصحابه لأن «زلزلوا» معناه: خوفوا، فمعناه: وزلزلوا إلى أن قال الرسول فالفعلان قد نصبا.
«ألا إن نصر الله قريب» : قريب، خبر «إن» ، ويجوز «قريبا» تجعله نعتا لظرف محذوف أي: مكانا قريبا، ولا يثنى ولا يجمع فى هذا المعنى ولا يؤنث فإن قلت: هو قريب منى، تريد المكان، لم تثن، ولم تجمع، ولم تؤنث، فإن أردت النسب ثنيت وجمعت وأنثت.
215-
يَسْئَلُونَكَ ماذا يُنْفِقُونَ قُلْ ما أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ «يسألونك ماذا ينفقون» : ما، استفهام، ولذلك لم يعمل فيها «يسألونك» ، فهى فى موضع رفع بالابتداء.
و «ذا» بمعنى «الذي» ، وهو الخبر، والهاء، محذوفة من «ينفقون» لطول الاسم لأنه صلة «الذي»
تقديره: يسألونك أي شىء الذي ينفقونه. وإن شئت جعلت «ما» و «ذا» اسما واحد، فتكون «ما» فى موضع نصب ب «ينفقون» ، ولا تقدرها محذوفة، كأنك قلت: يسألونك أي شىء ينفقونه.
«ما أنفقتم» : ما، شرط، فى موضع نصب ب «أنفقتم» ، وكذلك «وما تفعلوا» ، والفاء، جواب الشرط فيهما 217- يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ قُلْ قِتالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَإِخْراجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ
…
«قتال فيه» : بدل من «الشهر» ، وهو بدل الاشتمال.
وقال الكسائي: هو مخفوض على التكرير، تقديره عنده: عن الشهر عن قتال.
وكذا قال الفراء، وهو مخفوض بإضمار «عن» .
وقال أبو عبيدة: هو مخفوض على الجوار.
«وصدّ عن سبيل الله» : ابتداء.
«وكفر، وإخراج» عطف على «صد» ، و «أكبر عند الله» خبره.
وقال الفراء: وصد وكفر، عطف على «كبير» : فيوجب ذلك أن يكون القتال فى الشهر الحرام كفرا، وأيضا فإن بعده «وإخراج أهله منه أكبر عند الله» ، ومحال أن يكون إخراج أهل المسجد الحرام عند الله أكبر من الكفر بالله.
وقيل: إن «الصد» مرفوع بالابتداء، و «كفر» عطف عليه، والخبر محذوف تقديره: كبيران عند الله لدلالة «كبير» الأول عليه ويجب على هذا القول أن يكون: إخراج أهل المسجد الحرام منه عند الله أكبر من الكفر وإخراجهم منه إنما هو بعض خلال الكفر.
«والمسجد الحرام» : عطف على «سبيل الله» أي: قتال فى الشهر الحرام كبير، وهو صد عن سبيل الله، وعن المسجد.
وقال الفراء: «والمسجد» معطوف على «الشهر الحرام» وفيه بعد لأن سؤالهم لم يكن عن المسجد الحرام، إنما سألوه عن الشهر الحرام: هل يجوز فيه القتال؟ فقيل لهم: القتال فيه كبير الإثم، ولكن الصد عن سبيل
الله، وعن المسجد الحرام، والكفر بالله، وإخراج أهل المسجد الحرام منه، أكبر عند الله إثما من القتال فى الشهر الحرام. ثم قيل لهم: والفتنة أكبر من القتل أي: والكفر بالله الذي أنتم عليه أيها السائلون أعظم إثما من القتل فى الشهر الحرام الذي سألتم عنه وأنكرتموه فهذا التفسير يبين إعراب هذه الآية.
219-
يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُما أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِما وَيَسْئَلُونَكَ ماذا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ «ماذا ينفقون قل العفو» : هو مثل الأول، إلا أنك إذا جعلت «ذا» بمعنى «الذي» رفعت المفعول لأن «ما» فى موضع رفع بالابتداء، فجوابها مرفوع مثلها، وأضمرت «الهاء» مع «ينفقون» تعود على الموصول، وحذفتها لطول الاسم.
وإذا جعلت «ما» و «ذا» اسما واحدا، فى موضع نصب ب «ينفقون» نصبت «العفو» لأنه جواب «ما» .
فوجب أن يكون إعرابه مثل إعرابها، ثم تضمرها.
220-
فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْيَتامى قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخالِطُوهُمْ فَإِخْوانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ
…
«فى الدنيا والآخرة» : فى، متعلقة ب «يتفكرون» ، فهى ظرف للتفكر تقديره: يتفكرون فى أمور الدنيا والآخرة وعواقبها.
وقيل: فى، متعلقة ب «يبين» الآية: 219 تقديره: كذلك يبين الله لكم الآيات فى أمور الدنيا والآخرة لعلكم تتفكرون. و «الكاف» من «كذلك» فى موضع نصب، نعت لمصدر محذوف أي: تبيينا مثل ذلك يبين الله لكم الآيات.
«المفسد من المصلح» : اسمان شائعان، ولم تدخل الألف واللام فيهما للتعريف، إنما دخلت للجنس، كما تقول:
أهلك الناس الدينار والدرهم، وكقوله تعالى (إن الإنسان لفى خسر) العصر: 2، لم يرد دينارا بعينه، ولا درهما بعينه، ولا إنسانا بعينه، إنما أراد هذا الجنس، كذلك معنى قوله «المفسد من المصلح» أي: يعلم هذين الصنفين.
224-
وَلا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ «أن تبروا» : أن، فى موضع نصب على معنى: فى أن تبروا، فلما حذف حرف الجر تعدى الفعل.
وقيل: كراهة أن.
وقيل: لئلا أن.
وقال الكسائي: موضع «أن» خفض على إضمار الخافض، ويجوز أن يكون موضعها رفعا بالابتداء، والخبر محذوف تقديره: أن تبروا وتتقوا وتصلحوا بين الناس أولى وأمثل.
229-
الطَّلاقُ مَرَّتانِ فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً إِلَّا أَنْ يَخافا أَلَّا يُقِيما حُدُودَ اللَّهِ
…
«الطّلاق مرّتان» : ابتداء وخبر تقديره: عدة الطلاق الذي تجب بعده الرجعة مرتان.
«فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان» : ابتداء والخبر محذوف تقديره: فعليكم إمساك ومثله:
«أو تسريح بإحسان» . ولو نصب فى غير القرآن لجاز.
«إلّا أن يخافا» : أن، فى موضع نصب، استثناء ليس من الأول.
«أن لا يقيما» : أن، فى موضع نصب لعدم حرف الجر تقديره: من أن لا يقيما، أو: بأن لا يقيما، أو: على أن لا يقيما.
231-
…
وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِراراً لِتَعْتَدُوا
…
«ضرارا» : مفعول من أجله.
232-
وَإِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْواجَهُنَّ
…
«أن ينكحن» : أن فى موضع نصب ب «تعضلوهن» أي: لا تمنعوهن نكاح أزواجهن.
233-
…
لا تُضَارَّ والِدَةٌ بِوَلَدِها وَلا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوارِثِ مِثْلُ ذلِكَ
…
«لا تضارّ والدة» : مفعول لم يسم فاعله. و «تضار» بمعنى: تضر ويجوز «أن ترتفع بفعلها على أن يكون «تضار» بمعنى «تفاعل» وأصله: تضارر، ويقدر مفعول محذوف تقديره: ولا تضار والدة بولدها أباه، ولا يضار مولود له بولدها أمه.
«وعلى الوارث مثل ذلك» أي: على وارث المولود أن لا يضار أمه.
وقيل: معناه: وعلى الوارث الإنفاق على المولود.
234-
وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً
…
«والذين يتوفوّن منكم» . الذين، مبتدا.
وفى تقدير خبر الابتداء اختلاف، لعدم ما يعود على المبتدأ من خبره:
قال الأخفش: «يتربصن» الخبر، وفى الكلام حذف العائد على المبتدأ تقديره: يتربصن بأنفسهن بعدهم.
أو بعد موتهم، ثم حذف، إذ قد علم أن التربص إنما يكون بعد موت الأزواج.
وقال الكسائي: تقدير الخبر: يتربص أزواجهم.
وقال المبرد: التقدير: ويذر أزواجهم أزواجا يتربصن بأنفسهن.
وقيل: الحذف إنما هو فى أول الكلام تقديره: وأزواج الذين يتوفون منكم يتربصن بأنفسهن.
وقيال قول سيبويه: إن الخبر محذوف، تقديره: وفيما يتلى عليكم الذين يتوفون منكم، مثل:(والسارق والسارقة) المائدة: 38 235-
…
وَلكِنْ لا تُواعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفاً وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكاحِ
…
«ولكن لا تواعدوهنّ سرّا» أي: على سر أي: على نكاح.
فإن جعلته من السر، الذي هو الإخفاء، كان نصبه على الحال من المضمر فى «تواعدوهن» ، وتقديره: ولكن لا تواعدوهن النكاح متسارين، لا مظهرين له.
«إلّا أن تقولوا قولا معروفا» : أن، فى موضع نصب، استثناء ليس من الأول.
«ولا تعزموا عقدة النّكاح» أي: على عقدة، فلما حذف الحرف نصب، كما تقول: ضرب زيد الظهر والبطن أي: على الظهر وعلى البطن.
وقيل: «عقدة» ، منصوب على المصدر، و «تعزموا» بمعنى: تعقدوا.
236-
…
مَتاعاً بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ «متاعا» : نصب على المصدر. وقيل: حال.
237-
…
فَنِصْفُ ما فَرَضْتُمْ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ
…
«فنصف ما فرضتم» : نصف، مبتدأ، والخبر محذوف تقديره: فعليكم نصف ما فرضتم.
ولو نصب فى الكلام جاز، على معنى: فأدوا نصف ما فرضتم.
240-
وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً وَصِيَّةً لِأَزْواجِهِمْ مَتاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْراجٍ
…
«والّذين يتوفّون منكم» : الذين: رفع بالابتداء، والخبر محذوف تقديره: يوصون وصية.
وإن رفعت «وصية» ، فتقديره: فعليهم وصية، برفع «وصية» بالابتداء، و «عليهم» المضمر، خبرها، والجملة خبر «الذين» .
«متاعا» : مصدر، عند الأخفش وحال، عند المبرد، على تقدير: ذوى متاع.
«غير إخراج» : نصب «غير» على المصدر، عند الأخفش تقديره: لا إخراجا، ثم جعل «غير» موضع «لا» ، فإعرابها بمثل إعراب ما أضيفت إليه، وهو «الإخراج» .
وقيل: «غير» ينصب بحذف الجار، كأن تقديره: من غير إخراج فلما حذف «من» انتصب انتصاب المفعول به.
وقيل: انتصب على الحال من الموصين المتوفين تقديره: متاعا إلى الحول غير ذوى إخراج أي: غير مخرجين لهن.
241-
وَلِلْمُطَلَّقاتِ مَتاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ «حقّا على المتّقين» : حقا، مصدر، و «على» متعلقة بالفعل المضمر الناصب ل «حق» .
245-
مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ
…
«من ذا الّذى يقرض الله» : من، مبتدأ. و «ذا» خبر. و «الذي» نعت ل «ذا» ، أو بدل منه، ومثله:«من ذا الذي يشفع عنده» الآية: 255، ولا يحسن أن تكون «ذا» و «من» اسما واحدا، كما كانت مع «ما» لأن «ما» مبهمة، فزيدت «ذا» معها، لأنها مبهمة مثلها، وليس «من» كذلك فى الإبهام.
«قرضا» : اسم للمصدر.
«فيضاعفه له» : من رفعه عطفه على ما فى الصلة، وهو «يقرض» ، ويجوز رفعه على القطع مما قبله.
ومن نصبه حمله على العطف بالفاء على المعنى دون اللفظ، فتنصبه ووجه نصبه له أنه حمله على المعنى فأضمر بعد الفاء «أن» ليكون مع الفعل مصدرا، فيعطف مصدرا على مصدر، فلما أضمر «أن» نصبت الفعل.
ومعنى حمله على المعنى. أن معنى «من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا» : من يكن منه قرض يبيعه أضعافا، فلما كان معنى صدر الكلام المصدر، جعل الباقي المعطوف بالفاء مصدرا، ليعطف مصدرا على مصدر، فاحتاج إلى إضمار «أن» ليكون مع الفعل مصدرا، فنصبت الفعل فالفاء عاطفة للترتيب على أصلها فى باب العطف.
ولا يحسن أن يجعل «فيضاعفه» ، فى قراءة من نصب، جواب الاستفهام بالفاء لأن «القرض» ليس مستفهما عنه، إنما الاستفهام عن فاعل، ألا ترى أنك لو قلت: أزيد يقرضنى فأشكره؟ لم يجز النصب على جواب الاستفهام، وجاز على الحمل على المعنى، كما مر فى تفسير الآية لأن الاستفهام لم يقع على «القرض» إنما وقع
على «زيد» . ولو قلت: أيقرضني زيد فأشكره؟ جاز النصب على جواب الاستفهام لأن الاستفهام، عن «القرض» وقع.
وقد قيل: إن النصب فى الآية على جواب الاستفهام محمول على المعنى لأن «من يقرض الله» و «من ذا الذي يقرض الله» سواء فى المعنى، والأول عليه أهل التحقيق والنظر والقياس.
246-
أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسى إِذْ قالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنا مَلِكاً نُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ أَلَّا تُقاتِلُوا قالُوا وَما لَنا أَلَّا نُقاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ
…
«نقاتل» : جزم لأنه جواب الطلب، ولو رفع فى الكلام لجاز، على معنى: ونحن نقاتل. فأما ما روى عن الضحاك وابن أبى عبلة أنهما قرءا بالياء، فالأحسن فيه الرفع لأنه نعت ل «ملك» ، وكذلك قرءا.
ولو جزم على الجواب لجاز، فالجزم مع النون أجود، والرفع يجوز والرفع مع الياء أجود، والجزم يجوز.
«أن لا تقاتلوا» : أن، فى موضع نصب خبر «عسى» ، فهى وما بعدها مصدر لا يحسن اللفظ به بعد «عسى» لأن المصدر لا يدل على زمان محصل، و «عسى» تحتاج إلى أن يؤتى بعدها بلفظ المستقبل، ولا تستعمل «عسى» إلا مع «أن» إلا فى شعر.
«وما لنا أن لا نقاتل» : أن، فى موضع نصب على حذف الخافض تقديره: وما لنا فى أن لا تقاتل.
وقال الأخفش: «أن» ، زائدة.
247-
وَقالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طالُوتَ مَلِكاً «ملكا» : نصب على الحال، من «طالوت» .
248-
وَقالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسى وَآلُ هارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ.
«فيه سكينة من ربّكم» : ابتداء وخبر، فى موضع الحال من «التابوت» أيضا.
«تحمله الملائكة» : فى موضع الحال من «التابوت» أيضا.
249-
فَلَمَّا فَصَلَ طالُوتُ بِالْجُنُودِ قالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ فَلَمَّا جاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ قالُوا لا طاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجالُوتَ وَجُنُودِهِ قالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ «إلّا من اغترف» : من، فى موضع نصب على الاستثناء من المضمر فى «يطعمه» .
«كم من فئة قليلة غلبت» : كم، فى موضع رفع بالابتداء، و «غلبت» خبرها 251-
…
وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ.
«ببعض» : فى موضع المفعول.
252-
تِلْكَ آياتُ اللَّهِ نَتْلُوها عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ «نتلوها» : فى موضع الحال، من «آيات الله» .
253-
تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجاتٍ
…
«تلك الرسل فضلنا» : ابتداء، و «الرسل» عطف بيان، و «فضلنا» ، وما بعده، الخبر.
«منهم من كلم الله» : من، ابتداء، و «منهم» الخبر، والهاء محذوفة من «كلم» أي: كلمه الله.
و «تلك» : اسم مبهم، والتاء، هو الاسم، واللام دخلت لتدل على بعد المشار إليه، والكاف، للخطاب، لا موضع لها من الإعراب.
«درجات» أي: إلى درجات، فلما حذف «إلى» نصب.
254-
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْناكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خُلَّةٌ وَلا شَفاعَةٌ وَالْكافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ «لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة» : كل هذه الجمل فى موضع النعت المذكور «ليوم» والفتح والرفع فى هذا بمنزلة «فلا رفث ولا فسوق» الآية: 197، إذ هو كله أصله الابتداء والخبر، والجملة فى موضع النعت ل «يوم» .
255-
اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ
…
«الله لا إله إلا هو» : ابتداء وخبر، وهو بدل من موضع «لا إله» . وحقيقته أن «الله» مبتدأ، و «لا إله» ابتداء ثان، وخبره محذوف أي: الله لا إله معبود إلا هو، و «إلا هو» بدل من موضع «لا إله» ، والجملة خبر عن «الله» ، وكذلك قوله «لا إله إلا الله» فى موضع رفع بالابتداء. والخبر محذوف، و «إلا الله» بدل من موضع «لا إله» ، وصفة له على الموضع.
وإن شئت جعلت «إلا الله» خبر «لا إله» ، ويجوز النصب على الاستثناء.
«القيّوم» : هو «فيعول» من «قام» وأصله: «قيوم» ، فلما سبقت الياء الواو، والأول ساكن، أبدل من الواو ياء، وأدغمت الياء فى الياء، وكان الرجوع إلى الياء أخف من رجوع الياء إلى الواو.
وهو نعت ل «الله» ، أو خبر بعد خبر، أو بدل من «هو» ، ورفع على إضمار مبتدأ ومثله «الحي» .
ولو نصب فى غير القرآن لجاز على المدح.
«سنة» : أصله: وسنة، ثم حذفت الواو، كما حذفت فى «يسن» ، ونقلت حركة الواو إلى السين «من ذا الذي يشفع» : مثل «من ذا الذي يقرض» الآية: 245.
256-
لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى لَا انْفِصامَ لَها وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ «الطّاغوت» : هو اسم، يكون للواحد والجمع، ويؤنث ويذكر، وهو مشتق من «طغى» ، لكنه مقلوب، وأصله:«طغيوت» مثل: «جبروت» ، ثم قلبت الياء فى موضع الغين، فصار «طيغوتا» ، فانقلبت الياء ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها، فصار: طاغوتا فأصله «فعلوت» مقلوب إلى «فلعوت» .
وقد يجوز أن يكون أصل لامه واوا، فيكون أصله:«طغووت» لأنه يقال: طغى يطغو، وطغيت وطغوت ومثله فى القلب والاعتلال والوزن: حانوت لأنه من: حنا يحنو، فأصله: حنووت، ثم قلب وأعل. ولا يجوز أن يكون من «حان يحين» لقولهم فى الجمع: حوانيت.
«لا انفصام لها» : يجوز أن يكون فى موضع نصب، على الحال من «العروة الوثقى» ، وهى: لا إله إلا الله، فى قول ابن عباس.
258-
أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْراهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قالَ إِبْراهِيمُ
…
«أن أتاه الله» : مفعول من أجله.
«إذ قال» : العامل فى «إذ» : «تر» ، والهاء فى «ربه» تعود على «الذي» ، وهو نمرود.
259-
أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ وَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها قالَ أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِها فَأَماتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قالَ كَمْ لَبِثْتَ قالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عامٍ فَانْظُرْ إِلى طَعامِكَ وَشَرابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ
…
«أو كالّذى» : الكاف، فى موضع نصب، معطوفة على معنى الكلام تقديره، عند الفراء والكسائي:
هل رأيت كالذى حاج إبراهيم؟ أو كالذى مر على قرية؟
«كم لبثت» : كم، فى موضع نصب على الظرف، فهى هنا ظرف زمان.
«يتسنه» : يحتمل أن يكون معناه: لم تتغير ريحه أو طعمه، من قولهم: سن الطعام، إذا تغير ريحه أو طعمه، فيكون أصله: يتسنن، على «يتفعل» بثلاث نونات، فأبدل من الثالثة ألفا، لتكرر الأمثال، فصار «يتسنى» ، فحذفت الألف للجزم، فبقى: يتسن، فجىء بالهاء لبيان حركة النون فى الوقف.
(م 4- الموسوعة القرآنية ج 4)
ويحتمل أن يكون معناه: لم تغيره السنون، فتكون الهاء فيه أصلية، لام الفعل لأن أصل سنة: سنهة، ويكون سكونها للجزم، فلا يجوز حذفها فى الوصل ولا الوقف.
260-
وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى قالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ «وإذ قال إبراهيم» : العامل فى «إذ» فعل مضمر تقديره: واذكر يا محمد إذ قال إبراهيم.
«كيف يحي» : كيف، فى موضع نصب، وهى سؤال عن حال تقديره: رب أرنى بأى حال تحي الموتى؟
«ليطمئن قلبى» : اللام، متعلقة بفعل مضمر تقديره: ولكن سألتك ليطمئن قلبى، أو: ولكن أرنى ليطمئن قلبى.
«على كل جبل منهن جزءا» أي: على كل جبل من كل واحد جزءا، وذلك أعظم فى القدرة.
«سعيا» : مصدر فى موضع الحال.
261-
مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ
…
«مائة حبة» : ابتداء، وما قبله خبره، ويجوز فى الكلام «مائة» بالنصب، على معنى: أنبتت مائة حبة.
263-
قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُها أَذىً وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ.
«قول معروف» : ابتداء ونعته، والخبر محذوف تقديره: قول معروف أولى بكم.
«ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى» : ابتداء وخبر، و «يتبعها» نعت ل «صدقة» فى موضع خفض «أذى» : مقصور، لا يظهر فيه الإعراب، كهدى، وموضعه رفع بفعله.
264-
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذى كَالَّذِي يُنْفِقُ مالَهُ رِئاءَ النَّاسِ وَلا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوانٍ عَلَيْهِ تُرابٌ
…
«كالذى ينفق» : الكاف، فى موضع نصب، نعت لمصدر محذوف تقديره: إبطالا كالذى وكذلك:
«رثاء» ، نعت لمصدر محذوف تقديره: إنفاقا رثاء.
ويجوز أن يكون «رثاء» مفعولا من أجله.
ويجوز أن يكون فى موضع الحال.
«الصفوان» ، عند الكسائي: واحد، وجمعه: صفى، صفىّ، وصفىّ.
وقيل: يجوز أن يكون جمعا وواحدا.
وقيل: صفوان، بكسر الأول، جمع:«صفى» ، كأخ وإخوان.
وقال الأخفش: صفوان، بالفتح: جمع: صفوانة، وإنما قال «عليه» لأن الجمع يذكر.
«عليه تراب» : ابتداء وخبر، فى موضع خفض، نعت ل «صفوان» .
265-
وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ وَتَثْبِيتاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصابَها وابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَها ضِعْفَيْنِ
…
«ابتغاء مرضاة الله وتثبيتا» : كلاهما مفعول من أجله.
«أصابها وابل» : فى موضع خفض على النعت ل «حبة» ، أو ل «ربوة» كما تقول: مررت بجارية دار اشتراها زيد.
266-
أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنابٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ لَهُ فِيها مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ
…
«من نخيل وأعناب» : فى موضع رفع، نعت ل «جنة» .
«تجرى من تحتها» : نعت ثان، أو فى موضع نصب على الحال من «جنة» لأنها قد نعتت.
ويجوز أن يكون خبر «كان» .
268-
الشَّيْطانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشاءِ
…
«الشّيطان يعدكم» : شيطان، فيعال من: شيطن، إذا بعد، ولا يجوز أن يكون «فعلان» من تشيط، وشاط لأن سيبويه حكى: شيطنه فتشيطن، فلو كان من «شاط» ، لكان: شيطنته، على وزن «فعلنته» ، وليس هذا البناء فى كلام العرب، وهو إذا: فيعلته، كبيطرته، فالنون، أصلية والياء زائدة، فلا بد أن يكون النون لاما، وأن يكون «شيطان» : فيعال، من «شيطن» ، إذا بعد، كأنه لما بعد من رحمة الله سمى بذلك.
270-
وَما أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ
…
«وما أنفقتم» : فى موضع نصب، بوقوع الفعل الذي بعده عليه وهو شرط.
«فإنّ الله يعلمه» : الهاء، يعود على النذر، أو: على الإنفاق.
271-
إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوها وَتُؤْتُوهَا الْفُقَراءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئاتِكُمْ وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ «فنعمّا هى» : فى «نعم» أربع لغات: نعم، مثل «علم» : ونعم، بكسر النون والعين لأنه حرف حلق يتبعه ما قبله فى الحركة فى أكثر اللغات ونعم، بترك النون مفتوحة على أصلها، وتسكن العين استخفافا، ونعم، بكسر النون لكسرة العين، ثم تسكن العين استخفافا.
فمن كسر النون والعين من القراء، احتمل أن يكون كسر العين على لغة من كسرها وأتبع النون بها، ويحتمل أن يكون على لغة من أسكن العين مع الإدغام. وهذا محال لا يجوز، ولا يتمكن فى النطق.
ومن فتح النون وكسر العين، جاز أن يكون قراءة على لغة من قال: نعم، كعلم. ويجوز أن يكون، أسكن العين استخفافا فلما، اتصلت بالمدغم كسرها لالتقاء الساكنين.
و «ما» : فى موضع نصب، على التفسير. وفى «نعم» مرفوع، وهو ضمير الصدقات، و «هى» مبتدأ، وما قبلها الخبر تقديره: إن تبدوا الصدقات فهى نعم شيئا.
«ويكفر عنكم من سيئاتكم» : من جزمه عطفه على موضع «الفاء» فى قوله «فهو خير لكم» ومن رفع فعلى القطع، ومن قرأ بالنون ورفع، قدّره: ونحن نكفر، ومن قرأ بالياء ورفع، قدّره: والله يكفر عنكم.
272-
لَيْسَ عَلَيْكَ هُداهُمْ وَلكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ وَما تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغاءَ وَجْهِ اللَّهِ وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ «وما تنفقوا» : ما، فى موضع نصب بوقوع الفعل الذي بعده عليه، وهو شرط.
«وما تنفقون» : ما، حرف ناف.
«وأنتم لا تظلمون» : ابتداء وخبر، فى موضع نصب على الحال، من الكاف والميم فى «إليكم» .
273-
لِلْفُقَراءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجاهِلُ أَغْنِياءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيماهُمْ لا يَسْئَلُونَ النَّاسَ إِلْحافاً
…
«للفقراء» : اللام، متعلقة بمحذوف تقديره: أعطوا للفقراء.
«لا يستطيعون ضربا فى الأرض» : فى موضع نصب على الحال من المضمر فى «أحصروا» ، و «يحسبهم» حال من «الفقراء» أيضا، وكذلك «تعرفهم» ، وكذلك «لا يسألون الناس إلحافا» . ويحسن أن يكون ذلك كله حالا من المضمر فى «أحصروا» . ويحتمل أن يكون ذلك كله منقطعا مما قبله لا موضع له من الإعراب، و «إلحاقا» : مصدر فى موضع الحال.
274-
الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ سِرًّا وَعَلانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ «الذين ينفقون أموالهم» : ابتداء وخبر.
«سرا وعلانية» : حالان من المضمر، فى «ينفقون» .
«فلهم أجرهم» : ابتداء وخبر أيضا، ودخلت الفاء، لما فى «الذين» من الإبهام، فشابه بإبهامه الإبهام الذي فى الشرط، فدلت الفاء فى جوابه على المشابهة بالشرط، وإنما تشابه «الذي» الشرط إذا كان فى صلته فعل، نحو:
الذي يأتينى فله درهم، ولو قلت: الذي زيد فى داره فله درهم، صح دخول الفاء فى خبره، إذ لا فعل فى صلته، ولا يكون هذا فى «الذي» إلا إذا لم يدخل عليه عامل يغير معناه، فإن دخل عليه ما يغير معناه لم يجز دخول الفاء فى خبره، نحو: إن الذي يقوم زيد، وليت الذي يخرج عمرو: فلا يجوز دخول الفاء فى خبره لتغير معناه بما دخل عليه.
275-
الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إِلَّا كَما يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطانُ مِنَ الْمَسِّ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا فَمَنْ جاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهى فَلَهُ ما سَلَفَ
…
«الذين يأكلون» : ابتداء، وخبره:«لا يقومون» وما بعده.
«الرّبا» : من الواو، وتثنيته: ربوان، عند سيبويه، بالألف. وقال الكوفيون: بالياء. ويثنى بالياء لأجل الكسرة التي فى أوله، وكذلك يقولون فى ذوات الواو الثلاثية إذا انكسر الأول أو انضم، نحو: ربا، وضحى فإن انفتح الأول كتبوه بالألف وبنوه بالألف، كما قال البصريون، نحو: صفا.
«فمن جاءه موعظة» : ذكّر «جاءه» حمله على المعنى لأنه بمعنى: فمن جاءه وعظ.
وقيل: ذكر لأن تأنيث الموعظة غير حقيقى، إذ لا ذكر لها من لفظها.
وقيل: ذكر، لأنه فرق بين فعل المؤنث وبينه بالهاء.
280-
وَإِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ «وإن كان ذو عسرة» : كان، تامة لا تحتاج إلى خبر تقديره: إن وقع ذو عسرة فهو شائع فى كل الناس. ولو نصب «ذا» على خبر «كان» لصار مخصوصا فى قوم ناعتا لهم، فلهذه العلة أجمع القراء المشهورون على رفع «ذو» .
«فنظرة إلى ميسرة» : ابتداء وخبر، وهو من التأخير.
«وأن تصدّقوا» : أن، فى موضع رفع على الابتداء، و «خير» خبره.
281-
وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ
…
«ترجعون فيه» : فى موضع نصب، نعت ل «يوم» .
282-
وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَداءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْداهُما فَتُذَكِّرَ إِحْداهُمَا الْأُخْرى وَلا يَأْبَ الشُّهَداءُ إِذا ما دُعُوا وَلا تَسْئَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيراً أَوْ كَبِيراً إِلى أَجَلِهِ ذلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهادَةِ وَأَدْنى أَلَّا تَرْتابُوا إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً حاضِرَةً تُدِيرُونَها بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَلَّا تَكْتُبُوها وَأَشْهِدُوا إِذا تَبايَعْتُمْ وَلا يُضَارَّ كاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ..
«فرجل وامرأتان» : ابتداء، والخبر محذوف تقديره: فرجل وامرأتان يقومان مقام الرجلين. وفى «يكون» ضمير «الشهيدين» ، وهو اسم «كان» ، و «رجلين» خبرها.
وقيل: التقدير: فرجل وامرأتان يشهدون. وهذا الخبر المحذوف هو العامل فى «أن تضل» .
«أن تضلّ» : موضع نصب، والعامل فيه الخبر المحذوف، وهو «يشهدون» ، على تقدير:«لأن» ، كما تقول: أعددت الخشبة ليميل الحائط فأدعمه وكقول الشاعر:
فلموت ما تلد الوالده
فأخير بعاقبة الأمر وسببه.
ومن كسر «أن» جعله شرطا، وموضع الشرط وجوابه رفع، نعت ل «امرأتين» .
«ممّن ترضون من الشهداء» : فى موضع رفع، صفة ل «رجل وامرأتين» . ولا يدخل معهم فى الصفة
«شهيدين» ، لاختلاف الإعراب فى الموضعين، ولا يحسن أن يعمل فى «أن تضل» :«فاستشهدوا» لأنهم لم يؤمروا بالإشهاد لأن تضل إحدى المرأتين.
«صغيرا أو كبيرا» ، حالان من الهاء فى «تكتبوه» ، وهى عائدة على «الذين» .
«ألا ترتابوا» : أن، فى موضع نصب تقديره: وأدنى من أن لا ترتابوا.
«إلا أن تكون تجارة» : أن، فى موضع نصب على الاستثناء المنقطع.
ومن رفع «تجارة» جعل «كان» بمعنى: وقع وحدث، و «تديرونها» : نعت للتجارة.
وقيل: هو خبر «كان» .
ومن نصب «تجارة» أضمر فى «كان» اسمها وتقديره: إلا أن تكون التجارة تجارة مدارة بينكم.
«أن لا تكتبوها» : أن، فى موضع نصب تقديره، فليس عليكم جناح فى أن لا تكتبوها.
«ولا يضار كاتب ولا شهيد» : يجوز أن يكونا فاعلين، ويكون «يضار» يفاعل.
ويجوز أن يكونا مفعولين لم يسم فاعلهما، ويكون «يضار» يفاعل. والأحسن أن يكون «يفاعل» ، لأن بعده:«وإن تفعلوا فإنه فسوق بكم» ، يخاطب الشهداء. والهاء فى «فإنه» تعود على «الذين» وقيل: بل تعود على المطلوب.
283-
وَإِنْ كُنْتُمْ عَلى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كاتِباً فَرِهانٌ مَقْبُوضَةٌ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلا تَكْتُمُوا الشَّهادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْها فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ «فرهان مقبوضة» : فرهان، مبتدأ، والخبر محذوف تقديره: فرهان مقبوضة تكفى من ذلك.
و «رهان» : جمع: رهن، كبغل وبغال.
ومن قرأ «فرهن» ، فهو جمع: رهان، ككتاب وكتب، ومن أسكن الهاء فعلى الاستخفاف.
وقد قيل: إن «رهنا» ، جمع رهن، كسقف وسقف.
«فليؤدّ الذي اؤتمن» : الياء التي فى اللفظ فى «الذي» ، فى قراءة ورش، بدل من الهمزة الساكنة التي هى فاء الفعل فى «اؤتمن» ، وياء «الذي» ، حذفت لالتقاء الساكنين، كما حذفت إذا خففت الهمزة.
«فإنه آثم قلبه» : آثم، خبر «إن» ، و «قلبه» رفع بفعله، وهو: أثم.
ويجوز أن يرفع «آثم» بالابتداء، و «قلبه» بفعله، ويسد مسد الخبر. والجملة خبر «إن» .
ويجوز أن يرفع «القلب» بالابتداء، و «آثم» خبره، والجملة خبر «إن» .
أو أن يجعل «آثم» خبر «إن» ، و «وقلبه» بدل من الضمير فى «آثم» ، وهو بدل البعض من الكل.
وأجاز أبو حاتم نصب «قلبه» ب «آثم» فنصب على التفسير وهو بعيد لأنه معرفة.
284-
لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ «فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء» : من جزم عطف على «يحاسبكم» ، الذي هو جواب الشرط.
وروى عن ابن عباس والأعرج أنهما قرآه بالنصب، على إضمار «أن» ، وهو عطف على المعنى كما قدمنا فى «فيضاعفه» فالفاء لعطف مصدر على مصدر حملا على المعنى الأول.
وقرأ عاصم وابن عامر: بالرفع، على القطع من الأول.
285-
آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقالُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا غُفْرانَكَ رَبَّنا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ.
«كلّ آمن بالله» : ابتداء وخبر. ووحد «آمن» ، لأنه حمل على لفظ «كل» ، ولو حمل على المعنى لقال: كل آمنوا.
«سمعنا وأطعنا» : معناه: قبلنا ما أمرتنا به، ومنه قول المصلى: سمع الله لمن حمده أي: قبل منه حمده. ولفظه لفظ الخبر، ومعناه الدعاء والطلب مثل قولك: غفر الله لى، معناه: اللهم اغفر لى.
286-
لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها لَها ما كَسَبَتْ وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا رَبَّنا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا رَبَّنا وَلا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا أَنْتَ مَوْلانا فَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ «لا تؤاخذنا، ولا تحمل علينا، ولا تحمّلنا» : لفظه كله لفظ النهى، ومعناه: الطلب، وهو مجزوم.
«ولا تؤاخذنا» : حكى الأخفش، آخذه الله بذلك، وواخذه، لغتان.
«واعف عنا واغفر لنا وارحمنا، فانصرنا» : لفظه كله لفظ الأمر، ومعناه: الطلب، وهو مبنى على الوقف عند البصريين، ومجزوم عند الكوفيين.
«ربّنا» : نداء مضاف.