الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذلك إلى أن قبض عليه وحبس، ثم قتل فى التاريخ المذكور- رحمه الله وكان شجاعا مقداما.
وتوفّى الشيخ الخطيب برهان الدين أبو إسحاق إبراهيم بن الشيخ المعتقد الصالح عبد الله المنوفى الفقيه المالكى فى شهر رجب، وكان أحد الفقهاء المالكية، أقرأ ودرّس وخطب بجامع «1» الأمير شرف الدين أمير حسين بن جندر سنين، وهو ابن العبد الصالح المشهور عبد الله المنوفى.
أمر النيل فى هذه السنة- الماء القديم ستة أذرع واثنا عشر إصبعا.
مبلغ الزيادة تسعة عشر ذراعا وإصبعان.
[ما وقع من الحوادث سنة 799]
السنة الثامنة من سلطنة الملك الظاهر برقوق «الثانية على مصر» وهى سنة تسع وتسعين وسبعمائة.
فيها توفّى الأمير سيف الدين إياس بن عبد الله الجرجاوى نائب طرابلس بالقاهرة بعد أن قبض عليه وألزم بحمل مال كبير، فأرسل خازنداره إلى حضور المال، فمات بعد يومين، فى يوم الجمعة ثامن عشرين صفر، وكان أولا من أمراء الألوف بالديار المصرية، ثم تنقل فى عدّة أعمال بالبلاد الشامية، حتى إنه ولى نيابة طرابلس ثلاث مرات آخرها فى سلطنة الملك الظاهر برقوق الثانية إلى أن عزله بالأمير دمرداش المحمدى الظاهرى، نائب حماة، وتوجّه إياس أتابكا بدمشق، فأقام بها يسيرا وطلب إلى القاهرة وصودر وأهين إلى أن مات بعد يومين حسب
ما تقدّم ذكره، وقيل: إنه لما أهين كان فى يده خاتم سمّ فمصّه فمات من وقته، وقيل غير ذلك، وكان بشع المنظر ظالما غشوما حدّ المزاج كرية المعاشرة، يرمى بعظائم، قيل: إنه قال له رجل مرة: يا وجه القمر؛ بعد أن دعا له كما هى عادة العوامّ، فضرب الرجل ضربا مؤلما، وقال: أنا أعرف بنفسى منك، وكانت بعض حظاياه ملكها الوالد «1» من بعده واستولدها، فكانت تحكى عنه عظائم من سوء خلقه وخلقه.
وتوفّى الأمير أبو بكر بن [محمد بن واضل «2» ] المعروف بابن الأحدب أمير العربان ببلاد الصعيد قتيلا.
وتوفّى الأمير ركن الدين بيبرس بن عبد الله التمان تمرى الأمير آخور الثانى، وأحد أمراء الطبلخانات بالديار المصرية، فى رابع عشر جمادى الآخرة، وكان من قدماء الأمراء، وهو من أوّل الأمر إلى آخره كان من حزب الملك الظاهر برقوق، وكان الملك الظاهر ينادمه ويمازحه ويعجبه كلامه، وأنا أتعجّب غاية العجب من الملك الظاهر برقوق فى عدم ترقّيه، ولعلّه كان راضيا بما هو فيه- والله أعلم- وهو والد صاحبنا الناصرى محمد بن بيبرس- رحمهما الله تعالى-.
وتوفّى الأمير عمر بن عبد العزيز أمير عرب هوّارة «3» ببلاد الصعيد.
قلت: وعمر هذا هو والد بنى عمر أمراء العربان ببلاد الصعيد فى زماننا هذا، ولعله يكون أوّل من ولى منهم الإمرة.
وتوفّى الشيخ المسند المعمّر المعتقد زين الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن أحمد ابن المبارك بن حماد المغربى المعروف بابن الشيخة «1» ، ومولده فى سنة خمس وعشرين وسبعمائة، ومات فى تاسع عشرين شهر ربيع الآخر، ودفن خارج القاهرة بعد أن حدّث سنين وصار رحلة فى زمانه.
وتوفّى الشيخ نور الدين أبو الحسن على بن أحمد بن عبد العزيز العقيلىّ (بفتح العين المهملة) المالكى إمام المالكية بالمسجد الحرام بمكة المشرفة، وأخو القاضى أبى الفضل، وكان يعرف بالفقيه علىّ النّويرىّ، فى ثانى جمادى الأولى بمكة المشرفة، وكان سمع الكثير وحدّث سنين.
وتوفى الشيخ الإمام محبّ الدين محمد بن الشيخ الإمام العلّامة جمال الدين عبد الله بن يوسف بن هشام النحوىّ، فى ليلة الاثنين رابع عشرين شهر رجب بعد أن تصدّى لإقراء النحو سنين، وانتفع به جماعة الطلبة، وكان له مشاركة جيّدة فى الفقه وغيره، وكان خيّرا ديّنا.
وتوفّى قاضى القضاة شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبى بكر الطرابلسى الحنفىّ، قاضى قضاة الديار المصرية، فى يوم السبت ثامن عشرين ذى الحجة، وكان عفيفا دينا مشكور السّيرة، وتولى القضاء من بعده قاضى القضاة جمال الدين يوسف بن موسى بن محمد الملطىّ، بعد أن خرج البريد بطلبه، وشغر منصب القضاء بالقاهرة، مائة يوم وأحد عشر يوما، حتى حضر وولى قضاء الحنفية بديار مصر.
قلت: هكذا تكون ولاية قضاة الشرع الشريف بعزّة وطلب واحترام، لا كمن يسعى فيها من بيت المال والأمير الكبير إلى بيت والى القاهرة، حتى يلى بالمال والبذل من غير تستّر فى ذلك حتى إنه يعرف ولايته بالبرّطيل، كلّ أحد من المسلمين حتى النصارى واليهود، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلىّ العظيم.
وتوفّى الشيخ الإمام العالم زين الدين ميكائيل بن حسن بن إسرائيل التّركمانى، الفقيه الحنفىّ فى ذى الحجة عن نيّف وسبعين سنة، كان فقيها فاضلا بارعا مشاركا فى فنون كثيرة من العلوم، وكان مستحضرا لمذهبه مناظرا طلق اللسان فصيحا وأقرأ ودرّس سنين.
وتوفّى القاضى جمال الدين محمود بن أحمد، وسماه بعضهم محمودا بن محمد بن على ابن عبد الله القيصري العجمىّ الحنفى، قاضى قضاة الحنفية بالديار المصرية، وناظر الجيوش المنصورة بها، وشيخ شيوخ خانقاه «1» شيخون، فى ليلة الأحد سابع شهر ربيع الأول، بعد أن جمع بين هذه الوظائف الثلاث التى لم تجمع لغيره، وكان من رجال الدهر حزما وعزما، ومعرفة وعقلا وفضلا، وكان قدم إلى القاهرة فى عنفوان شبيبته فقيرا مملقا، وترك بالمدرسة الصّرغتمشية «2» مدّة يخدم الفقهاء، فرأى فى منامه أن عمر بن الخطاب رضى الله عنه يقول له: أنت شاهنشاه، ففسّر المنام على الشّنشى «3» ، وكان من جملة الصوفية بالصرغتمشية، وتنقّلت به الأحوال إلى أن
صار يقرئ المماليك بالأطباق من القلعة، وقتل الملك الأشرف شعبان وصار مخدومه طشتمر اللّفاف أتابك العساكر، فتكلّم له فى حسبة القاهرة دفعة واحدة فوليها، ونزل عند شخص فى داره حتى تعيّن له دار يسكنها، وبعث له قاضى القضاة صدر الدين المناوى بثوب حتى لبسه، لعجزه عن شراء ثوب، وهذا كان أوّل مبدأ أمره، ثم تنقّل فى الوظائف حتى كان من أمره ما كان، ولما مات خلّف موجودا كبيرا وكتبا حسنة، وخلّف ثمانية أولاد من الذكور والإناث، منهم العلّامة صدر الدين أحمد بن العجمى الآتى ذكره فى وفيات ثلاث وثلاثين وثمانمائة، وتولّى قضاء الحنفيّة من بعده القاضى شمس الدين محمد الطرابلسى، ومات فى السنة حسب ما تقدّم، وولى الجيش بعده شرف الدين بن الدّمامينى «1» .
وتوفّى الأمير جمال الدين محمود بن على بن أصفر عينه الأستادار، فى يوم الأحد تاسع شهر رجب بخزانة «2» شمائل، بعد ما نكب وعوقب وصودر ودفن بمدرسته خارج بابى زويلة المعروفة به، وجملة ما أخذه الملك الظاهر منه من المال فى ايام مصادرته ألف ألف دينار، وأربعمائة ألف دينار، وألف ألف درهم فضة، وبضائع وغلال، وغير ذلك بما ينيف على ألف ألف درهم فضة، وتلف له بأيدى من عاقبه وحواشيه جملة كبيرة، واخفى هو أيضا أشياء كثيرة «3» يترجّى البقاء، ومن عطم ما ظهر له من المال، قالت العامة: ألان الله الحديد لداود، والذهب لمحمود، وكان أصل محمود هذا أنه كان فى مبدأ أمره فقيرا يتعانى الشدّ فى إقطاعات الجند،
ثم حدم عند بعض الأمراء، فصلحت حاله، وحصّل وسعى، حتى ولى شدّ الدواوين بالقاهرة، فظهر منه نجابة ويقظة، وترقّى حتى ولى الأستادارية فى دولة الملك الظاهر برقوق الأولى، وأنعم عليه بإمرة مائة وتقدمة ألف، ونكبه الناصرى لمّا ملك مصر، وحبسه إلى أن خرج من السجن فى توبة بطا وأصحابه من الجبّ، وأعاده الملك الظاهر إلى وظيفة الأستادارية، بعد مدة فإنه كان أولا لما قدم إلى مصر ولّاه مشيرا، ثم أعاده إلى الأستادارية، ودام بها إلى أن قبض عليه الظاهر، بسعى كاتبه سعد الدين إبراهيم «1» بن غراب، وأجرى عليه العقوبة إلى أن مات.
وتوفّى الوزير الصاحب سعد الدين نصر الله القبطى الأسلمى، المعروف بابن البقرى، فى ليلة الاثنين رابع جمادى الآخرة مخنوقا بعد عقوبة شديدة ومصادرة.
وتوفّى قاضى القضاة سرىّ الدين [أبو الخطاب «2» محمد] بن محمد قاضى قضاة الشافعية بدمشق، المعروف بابن المسلّاتى الشافعى، بالقاهرة فى يوم الخميس سابع عشرين شهر رجب، وكان فقيها عالما أفتى ودرّس وولى قضاء دمشق، وكان معدودا من علماء الشافعية.
وتوفى قاضى القضاة نجم الدين أبو العباس أحمد بن قاضى القضاه عماد الدين إسماعيل بن محمد بن عبد العزيز بن صالح بن أبى العزّ «3» وهيب بن عطاء بن جبير ابن جابر بن وهيب الحنفى الدمشقى، المعروف بابن أبى العز، وبابن الكشك قتيلا