الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فى شهر ربيع الآخر عن نيّف وتسعين سنة. وسعد الدين الخضر «1» بن شيخ الشيوخ تاج الدين عبد الله [بن شيخ الشيوخ أبى الفتح «2» عمر] بن حمّويه الجوينى فى ذى الحجّة عن ثلاث وثمانين سنة. وأبو الفتح عثمان بن هبة الله بن عبد الرحمن [بن مكّى ابن إسماعيل «3» ] بن عوف الزهرى آخر أصحاب ابن موقا «4» فى شهر ربيع الآخر بالإسكندرية.
أمر النيل فى هذه السنة- الماء القديم القاعدة «5» لم تحرّر لاختلاف المؤرّخين.
مبلغ الزيادة سبع عشرة ذراعا وخمس عشرة إصبعا.
[ما وقع من الحوادث سنة 675]
السنة السابعة عشرة من ولاية الملك الظاهر بيبرس على مصر، وهى سنة خمس وسبعين وستمائة.
فيها توفّى إبراهيم بن سعد [الله «6» ] بن جماعة بن علىّ بن جماعة بن حازم بن صخر أبو إسحاق الحموىّ الكنانىّ المعروف بابن جماعة، سمع الفخر «7» بن عساكر وغيره وحدّث. ومولده يوم الاثنين منتصف رجب سنة ستّ «8» وتسعين وخمسمائة بحماة، وهو والد القاضى بدر «9» الدين بن جماعة. مات يوم عيد النّحر
وفيها توفّى الأمير ناصر الدين محمد بن أيبك [بن «1» عبد الله بن] الإسكندرىّ، وكان ممّن جمع بين حسن الصورة وحسن السّيرة ووفور العقل والرياسة ومكارم الأخلاق. مات غريقا، مرّ بفرسه على جسر حجر فزلق الفرس ووقع به فى النهر وخرج الفرس سباحة ومات هو. فكأنّ «2» الجلال بن الصفّار الماردينىّ عناه بقوله:
يأيّها الرّشأ المكحول ناظره
…
بالسّحر «3» حسبك قد أحرقت أحشائى
إنّ انغماسك فى التّيار حقّق أنّ
…
الشمس تغرب فى عين من الماء
أو بقوله «4» أيضا. وقيل إنهما لأبى إسحاق «5» الشّيرازىّ، والله أعلم:
غريق كانّ الموت رقّ لحسنه
…
فلان له فى صفحة الماء جانبه
أبى الله أن يسلوه قلبى فإنّه
…
توفّاه فى الماء الذي أنا شاربه
وفيها توفّى الشيخ المعتقد الصالح أبو الفتيان أحمد بن علىّ بن إبراهيم [بن «6» محمد] ابن أبى بكر المقدسىّ «7» الأصل البدوىّ المعروف بأبى اللّثامين السطوحىّ «8» . مولده
سنة ستّ وتسعين وخمسمائة، وتوفّى فى سنة خمس وسبعين فى شهر ربيع الأوّل، ودفن بطندتا «1» وقبره يقصد للزيارة هناك، وكان من الأولياء المشهورين، وسمّى بأبى اللّثامين لملازمته اللّثامين صيفا وشتاء، وكان له كرامات ومناقب جمة، رحمه الله تعالى ونفعنا ببركاته.
وفيها توفّى العلّامة بدر الدين أبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن حفّاظ «2» السّلمىّ الحنفىّ المعروف بابن الفويرة «3» . مات بدمشق فى يوم السبت حادى عشرين جمادى الأولى وقال الحافظ عبد القادر فى طبقاته «4» :
رأيت بخط الحافظ الدّمياطىّ فى مشيخته أنّه توفّى ليلة الجمعة فجأة منتصف شهر ربيع الآخر سنة أربع وسبعين وستمائة. وكان إماما عالما متبحّرا فى العلوم، درّس
بالشّبليّة «1» [بجبل»
] الصالحيّة وأفتى سنين وبرع فى الفقه والعربيّة وسمع الكثير، وكان يكتب خطّا حسنا، وله معرفة أيضا بالأصول والأدب وله نظم رائق، وكان رئيسا وعنده ديانة ومروءة ومكارم أخلاق. ومن شعره [فى مليح شاعر «3» ] :
وشاعر يسحرنى طرفه
…
ورقّة الألفاظ من شعره
أنشدنى نظما بديعا فما
…
أحسن ذاك النظم من ثغره
وله فى معذّر:
عاينت حبّة «4» خاله
…
فى روضة من جلّنار
فغدا فؤادى طائرا
…
فاصطاده شرك العذار
وله:
كانت دموعى حمرا يوم بينهم
…
فمذ نأوا قصّرتها لوعة الحرق
قطفت باللّحظ وردا من خدودهم
…
فاستقطر البعد ماء الورد من حدقى
وقيل إنّه رئى فى المنام بعد موته فسئل عمّا لقى بعد موته فكان جوابه.
ما كان لى من شافع عنده
…
إلّا اعتقادى أنّه واحد
وفيها توفّى الشيخ شمس الدين أبو عبد الله محمد بن عبد الوهاب بن منصور الحرّانىّ الحنبلىّ، كان فقيها إماما عالما عارفا بعلم الأصول والخلاف والفقه ودرّس
وأفتى واشتغل [على الشيخ «1» علم الدين القاسم فى الأصول والعربيّة] ومات فى جمادى الأولى. ومن شعره قوله:
طار قلبى يوم ساروا فرقا
…
وسواء فاض دمعى أورقا
حار فى سقمى من بعدهم
…
كلّ من فى الحىّ داوى أورقى
بعدهم لاطلّ وادى المنحنى
…
وكذا بان الحمى لا أورقا
وفيها توفى الأديب الشاعر شهاب الدين أبو المكارم محمد بن يوسف بن مسعود ابن بركة الشيبانى التّلعفرىّ «2» الشاعر المشهور، مولده سنة ثلاث وتسعين وخمسمائة بالموصل، ومات بحماة فى شوّال. كان أديبا فاضلا حافظا للأشعار وأيّام العرب وأخبارها، وكان يتشيّع، وكان من شعراء الملك الأشرف موسى شاه أرمن، وكان التّلعفرىّ هذا مع تقدّمه فى الأدب وبراعته ابتلى بالقمار، ووقع له بسبب القمار أمور منها: أنه نودى بحلب من قبل السلطان: من فامر مع الشّهاب التلعفرىّ قطعنا يده، فضاقت عليه الأرض، فجاء إلى دمشق ولم يزل يستجدى ويقامر حتى بقى فى اتون من الفقر.
قلت: وديوان شعره لطيف فى غاية الحسن وهو موجود بأيدى الناس. ومن شعره قصيدته المشهورة:
أىّ دمع من الجفون أساله
…
إذ أتته مع النسيم رساله
حمّلته الرياح أسرار عرف
…
أودعتها السحائب الهطّاله
يا خليلى وللخليل حقوق
…
واجبات الأداء «3» فى كلّ حاله
سل عقيق الحمى وقل إذ تراه
…
خاليا من ظبائه المختاله
أين تلك المراشف العسليّ
…
ات وتلك المعاطف العسّاله
وليال قضيتها كلأل
…
بغزال تغار منه الغزاله
بابلىّ الألحاظ والريق والأل
…
فاظ كلّ مدامة سلساله
من بنى التّرك كلّما جذب القو
…
س رأينا فى برجه «1» بدر هاله
أوقع «2» الوهم حين يرمى فلم ند
…
ر يداه أم عينه النّبّاله
قلت لمّا لوى ديون وصالى
…
وهو مثر وقادر لا محاله
بيننا الشرع قال سربى فعندى
…
من صفاتى لكلّ دعوى دلاله
وشهودى من خال حدّى و [من «3» ] قد
…
ى شهود معروفة بالعداله
أنا وكلت مقلتى فى دم الخل
…
ق فقالت «4» قبلت هذى الوكاله
وله موشّحة مدح بها شهاب الدين «5» الأعزازىّ، ثم وقع بينهما وتهاجيا.
وأوّل الموشّحة:
ليس «6» يروى ما بقلبى من ظما
…
غير برق لائح من إضم
إن تبدّى لك بان الأجرع
…
وأثيلات النّقا من لعلع
يا خليلى قف على الدّار معى
…
وتأمّل كم بها من مصرع
واحترز واحذر فأحداق الدّمى
…
كم أراقت فى رباها من دم
حظّ قلبى فى الغرام الوله
…
فعذولى فيك «1» ما لى وله
حسبى «2» الليل فما أطوله
…
لم يزل آخره أوّله
فى هوى أهيف معسول اللّمى
…
ريقه كم قد شفى من ألم
«3» وله فى القمار:
ينشرح الصدر لمن لاعبنى
…
والأرض بى ضيّقة فروجها
كم شوّشت شيوشها «4» عقلى وكم
…
عهدا سقتنى عامدا بنوجها
ومن شعره وأجاد، عفا الله عنه:
أحبّ الصالحين ولست منهم
…
رجاء أن أنال بهم شفاعه
وأبغض من به أثر المعاصى
…
وإن كنّا سواء فى البضاعه
الذين ذكر الذهبىّ وفاتهم فى هذه السنة، قال: وفيها توفّى القاضى شمس الدين علىّ بن محمود الشهرزورىّ مدرّس القيمريّة فى شوّال. والشيخ قطب الدين أحمد بن عبد السلام [بن المطهّر «5» بن عبد الله بن محمد بن هبة الله بن علىّ] بن أبى عصرون بحلب
فى جمادى الآخرة. والإمام شمس الدين محمد بن عبد الوهّاب بن منصور الحرّانىّ الحنبلىّ فى جمادى الأولى. والشهاب محمد بن يوسف بن مسعود التّلّعفرىّ الشاعر بحماة فى شوّال، وله ثلاث وثمانون سنة.
أمر النيل فى هذه السنة- الماء القديم ستّ أذرع وثلاث عشرة إصبعا.
مبلغ الزيادة ثمانى عشرة ذراعا وإحدى عشرة إصبعا «1» .