الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(بشار)
3 -
(ابْن برد الْأَعْمَى)
بشار بن برد بن يرجوخ بِفَتْح الْيَاء آخر الْحُرُوف وَسُكُون الرَّاء وَضم الْجِيم وَبعد الْوَاو الساكنة خاء مُعْجمَة الْعقيلِيّ بِضَم الْعين الْمُهْملَة مَوْلَاهُم الْمَشْهُور الشَّاعِر أَبُو معَاذ المرعث بِضَم الْمِيم وَفتح الرَّاء وَتَشْديد الْعين الْمُهْملَة الْمَفْتُوحَة وَبعدهَا ثاء مُثَلّثَة وَهُوَ الَّذِي فِي أُذُنه رعثات وَهِي القرط لِأَنَّهُ كَانَ فِي أُذُنه وَهُوَ صَغِير قرط ذكر صَاحب الأغاني فِي كِتَابه فِي أَسمَاء أجداد بشار سِتَّة وَعشْرين جدا أَسمَاؤُهُم أَعْجَمِيَّة وَذكر من أَحْوَاله وأخباره شَيْئا كثيرا
وَيُقَال إِنَّه ولد على الرّقّ وأعتقته امْرَأَة عقيلية فنسب إِلَيْهَا وَكَانَ أكمه ولد أعمى جاحظ الْعَينَيْنِ قد تغشاهما لحم أَحْمَر وَكَانَ ضخماً عَظِيم الْخلق وَالْوَجْه مجدوراً طَويلا وَهُوَ فِي أول مرتبَة الْمُحدثين من الشُّعَرَاء المجيدين وَمن شعره قَوْله
(هَل تعلمين وَرَاء الْحبّ منزلَة
…
تدني إِلَيْك فَإِن الْحبّ أقصاني)
وَقَوله
(أَنا وَالله أشتهي سحر عَيْني
…
ك وأخشى مصَارِع العشاق)
وَقَوله
(يَا قوم أُذُنِي لبَعض الْحَيّ عاشقة
…
وَالْأُذن تعشق قبل الْعين أَحْيَانًا)
(قَالُوا بِمن لَا ترى تهذي فَقلت لَهُم
…
الْأذن كَالْعَيْنِ توفّي الْقلب مَا كَانَا)
)
وَقَالَ
(إِن من بردي جسماً ناحلاً
…
لَو توكأت عَلَيْهِ لانهدم)
(ختم الْحبّ لَهَا فِي كَبِدِي
…
مَوضِع الْخَاتم من أهل الذمم)
(وَإِذا قلت لَهَا جودي لنا
…
خرجت بِالصَّمْتِ من لَا وَنعم)
وَلما أنْشد قَول الشَّاعِر
(وَقد جعل الْأَعْدَاء ينتقصونها
…
وتطمع فِينَا ألسن وعيون)
(أَلا إِنَّمَا ليلى عَصا خيزرانة
…
إِذا غمزوها بالأكف تلين)
فَقَالَ بشار وَالله لَو زعم أَنَّهَا عَصا مخ أَو زبد لَكَانَ قد جعلهَا جافية خشنة إِذْ جعلهَا عَصا أَلا قَالَ كَمَا قلت
(وحوراء المدامع من معد
…
كَأَن حَدِيثهَا ثَمَر الْجنان)
(إِذا قَامَت لمشيتها تثنت
…
كَأَن عظامها من خيزران)
وَهُوَ الَّذِي قَالَ مَا زلت مُنْذُ سَمِعت قَول امْرِئ الْقَيْس
(كَأَن قُلُوب الطير رطبا ويابساً
…
لَدَى وَكرها الْعنَّاب والحشف الْبَالِي)
اجتهدت حَتَّى قلت
(كَأَن مثار النَّقْع فَوق رؤوسنا
…
وأسيافنا ليل تهاوى كواكبه)
ولأرباب البلاغة على هَذَا الْبَيْت كَلَام طَوِيل مَذْكُور فِي كتبهمْ وَقد ضمنت أول هَذَا الْبَيْت فَقلت
(وَلم أنس يَوْمًا حجبت فِيهِ شمسه
…
فآذن إِذْ غَابَتْ بِضيق نفوسنا)
(وسد علينا الجو نشر ضبابه
…
كَأَن مثار النَّقْع فَوق رؤوسنا)
وشعره كثير وأخباره فِي كتاب الأغاني كَثِيرَة وَقيل عَنهُ إِنَّه كَانَ يفضل النَّار على الأَرْض ويصوب رَأْي إِبْلِيس فِي امْتِنَاعه من السُّجُود لآدَم وَقَالَ
(إِبْلِيس خير من أبيكم آدم
…
فتنبهوا يَا معشر الْفجار)
(إِبْلِيس من نَار وآدَم طِينَة
…
وَالْأَرْض لَا تسمعوا سمو النَّار)
وَقَالَ أَيْضا
(الأَرْض مظْلمَة وَالنَّار مشرقة
…
وَالنَّار معبودة مذ كَانَت النَّار)
)
وَكَانَ بشار يرى رَأْي الكاملية وَهُوَ طَائِفَة من الرافضة يَأْتِي ذكرهم إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي حرف الْكَاف فِي مَكَانَهُ وَفِي ترجمتهم شَيْء من ذكر بشار بن برد الْمَذْكُور ووفد على الْمهْدي وأنشده قصيدة يمدحه بهَا مِنْهَا
(إِلَى ملك من هَاشم فِي نبوة
…
وَمن حمير فِي الْملك وَالْعدَد الدثر)
(من المشترين الْحَمد تندى من الندى
…
يَدَاهُ ويندى عارضاه من الْعطر)
فَلم يحظ مِنْهُ فَقَالَ يهجوه
(خليفةٌ يَزْنِي بعمّاته
…
يلْعَب بالدُّبُّوق والصَّولجان)
(أبدلنا الله بِهِ غَيره
…
ودسَّ مُوسَى فِي حر الخيزران)
وأنشدهما فِي حَلقَة يُونُس النَّحْوِيّ فسعى بِهِ إِلَى وزيره يَعْقُوب بن دَاوُد وَكَانَ بشار قد هجاه بقوله
(بني أُميَّة هبوا طَال نومكم
…
إِن الْخَلِيفَة يَعْقُوب بن دَاوُد)
(ضَاعَت خلافتكم يَا قوم فالتمسوا
…
خَليفَة الله بَين الناي وَالْعود)
فَدخل الْوَزير يَعْقُوب على الْمهْدي وَقَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إِن هَذَا الملحد الزنديق قد هجاك قَالَ بِمَ ذَاك فَقَالَ لَا أُطِيق أقوله فأقسم عَلَيْهِ فكتبهما فَلَمَّا وقف عَلَيْهِمَا كَاد ينشق غيظاً
فانحدر إِلَى الْبَصْرَة فَلَمَّا بلغ البطيحة سمع أذاناً فِي وَقت ضحاء النَّهَار فَقَالَ انْظُرُوا مَا هَذَا فَإِذا بشار سَكرَان فَقَالَ يَا زنديق عجبت أَن يكون هَذَا غَيْرك أتلهو بِالْأَذَانِ فِي غير وَقت صَلَاة وَأَنت سَكرَان وَأمر بضربه فَضرب بالسياط بَين يَدَيْهِ على صدر الحراقة سبعين سَوْطًا تلف مِنْهَا وَكَانَ إِذا أَصَابَهُ السَّوْط قَالَ حسّ وَهِي كلمة تَقُولهَا الْعَرَب للشَّيْء إِذا أوجع فَقَالَ بَعضهم انْظُرُوا إِلَى زندقته وَكَيف يَقُول حسّ وَلَا يَقُول بِسم الله فَقَالَ بشار وَيلك أطعام هُوَ فأسمي الله عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ آخر أَفلا قلت الْحَمد لله فَقَالَ أَو نعْمَة هِيَ فَأَحْمَد الله عَلَيْهَا وَبَان الْمَوْت فِيهِ فألقي فِي سفينة حَتَّى مَاتَ سنة ثَمَان وَسِتِّينَ وَمِائَة وَقد بلغ نيفاً وَتِسْعين سنة وَقَالَ فِي حَال ضرب الجلاد لَهُ لَيْت عَيْني أبي الشمقمق تراني حَيْثُ يَقُول
(هللينه هللينه
…
طعن قثّاة لتينة)
(إِن بشار بن برد
…
تَيْس أعمى فِي سفينة)
وَكَانَ بشار يخَاف لِسَان أبي الشمقمق ويصانعه فِي كل سنة بمبلغ من الذَّهَب حَتَّى يكف عَنهُ)
وَوجد فِي أوراقه مَكْتُوب إِنِّي أردْت هجاء آل سُلَيْمَان بن عَليّ بن عبد الله بن الْعَبَّاس فَذكرت قرابتهم من رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَأَمْسَكت عَنْهُم وَالله أعلم بحالهم وَيُقَال إِن الْمهْدي لما بلغه ذَلِك نَدم على قَتله وَكَانَ كثيرا مَا ينشد قَوْله
(سترى حول سَرِيرِي
…
حسّراً لطمن لطما)
(يَا قَتِيلا قتلته عَبدة
…
الْحَوْرَاء ظلما)
عَبدة اسْم محبوبته وَلما خرجت جنَازَته لم يتبعهَا إِلَّا أمة سندية لَهُ عجماء تَقول واشيداه
واشيداه بالشين المعدمة وَمن شعر بشار بن برد
(يَا ابْن نهيا رَأس عَليّ ثقيل
…
وَاحْتِمَال الرأسين خطب جليل)
(ادْع غَيْرِي إِلَى عبَادَة الِاثْنَيْنِ
…
فَإِنِّي بِوَاحِد مَشْغُول)