الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَخر الدّين ابْن الشَّيْخ وَعَاد من أكَابِر الْأُمَرَاء الصالحية المترددين فِي الْغَزَوَات الْمَشْهُورين بِالْخَيرِ وَالصَّدقَات لما قتل الْمَنْصُور حسام الدّين لاجين سنة ثَمَان وَتِسْعين وست مائَة كَانَ الْأَمِير بدر الدّين الْمَذْكُور مُجَردا فِي حلب يَغْزُو بِلَاد سيس وَلما عَاد وَقرب من مصر أخبر بِمَا جرى من طغجي وكرجي وَمَا يقصدانه فَلَمَّا عزم على الدُّخُول إِلَى الْقَاهِرَة طلب الْأُمَرَاء الَّذين مَعَه وَمَشوا فِي خدمته وَركب طغجي لملتقاه فَلَمَّا رَآهُ قَالَ لَهُ كَانَ لنا عَادَة من السُّلْطَان أنّا إِذا قدمنَا يتلقانا وَمَا أعلم مَا أوجب تَأْخِيره فَقَالَ طغجي مَا علم الْأَمِير بِمَا جرى إِن السُّلْطَان قتل فَقَالَ وَمن قَتله قَالَ كرد الْحَاجِب قَتله طغجي وكرجي فَأنْكر عَلَيْهِمَا وَقَالَ كلما قَامَ للْمُسلمين سُلْطَان تَقْتُلُونَهُ تقدم عني لَا تلتصق بِي وسَاق أَمِير سلَاح وَتَركه فتيقن طغجي أَنه مقتول
فَأَرَادَ الهروب فانقض عَلَيْهِ بعض الْأُمَرَاء وأمسكه بدبوقته وضربه بِالسَّيْفِ وتكاثروا عَلَيْهِ فَقَتَلُوهُ وَمَعَهُ ثَلَاثَة أخر وَركب كرجي فِي جمَاعَة لنصرته فَركب الْجَيْش جَمِيعه فِي خدمَة أَمِير سلَاح وَقتلُوا كرجي والكرموني وَدخل أَمِير سلَاح وَقعد والأمراء مَعَه ورتبوا حُضُور الْملك النَّاصِر مُحَمَّد بن قلاوون من الكرك وإعادته إِلَى السلطنة وَأقَام أَمِير سلَاح إِلَى سنة)
سِتّ وَسبع مائَة وَطلب النُّزُول عَن الإمرة وَلزِمَ دَاره وَتُوفِّي فِي السّنة الْمَذْكُورَة
(بكتمر)
3 -
(صَاحب خلاط)
بكتمر سيف الدّين صَاحب خلاط مَمْلُوك صَاحبهَا أسرف فِي إِظْهَار الشماتة بِمَوْت صَلَاح الدّين رَحمَه الله تَعَالَى وَفَرح وَعمل تختاً وَجلسَ عَلَيْهِ ولقب نَفسه بالسلطان الْمُعظم صَلَاح الدّين وسمى نَفسه عبد الْعَزِيز وَظهر مِنْهُ رعونة وتجهز لقصد ميافارقين وَكَانَ مَمْلُوك شاه أرمن قد تزوج بابنة بكتمر وطمع فِي الْملك فَجهز على بكتمر من قَتله سنة تسع وَثَمَانِينَ وَخمْس مائَة وتملك بعده
3 -
(الْأَمِير سيف الدّين الْحَاجِب)
بكتمر الْأَمِير سيف الدّين بكتمر الْحَاجِب كَانَ أَولا أَمِيرا آخور ثمَّ قدم دمشق وَتَوَلَّى بهَا شدّ الدَّوَاوِين أَيَّام الأفرم وَلم يكن لأحد مَعَه كَلَام وَكَانَ عَارِفًا خَبِيرا بَصيرًا بِالْأَحْكَامِ درباً مثقفاً خيرا يرْعَى أَصْحَابه وَيَقْضِي حوائجهم ثمَّ ولي
الحجوبية وَتوجه إِلَى صفد كاشفاً أَيَّام سنقر شاه على الْأَمِير ناهض الدّين عمر بن أبي الْخَيْر مشد صفد وَنزل بالميدان وَكَانَ مَعَه القَاضِي معِين الدّين ابْن حشيش وَنزل بالميدان وحرر الْكَشْف ودققه حَتَّى قَالَ زين الدّين عمر بن حلاوات موقع صفد
(يَا قَاصِدا صفداً فعد عَن بَلْدَة
…
من جور بكتمر الْأَمِير خراب)
(لَا شَافِع تغني شَفَاعَته وَلَا
…
جَان لَهُ مِمَّا جناه متاب)
(حشر وميزان وَنشر صَحَائِف
…
وجرائد معروضة وحساب)
(وَبهَا زَبَانِيَة تبث على الورى
…
وسلاسل ومقارع وعقاب)
(مَا فاتهم من كل مَا وعدوا بِهِ
…
فِي الْحَشْر إِلَّا رَاحِم وهاب)
قلت وَهَذِه أَبْيَات لسبط التعاويذي مَعْرُوفَة فِي ديوانه أَولهَا
(يَا قَاصِدا بَغْدَاد جز عَن بَلْدَة
…
للجور فِيهَا زخرة وعباب)
وَهِي سَبْعَة عشر بَيْتا قَالَهَا فِي الْوَزير ابْن الْبَلَدِي فَأتى ابْن حلاوات بِالْبَيْتِ الأول وَلَيْسَ للفاء فِي قَوْله فعد مَحل ثمَّ إِن الْأَمِير سيف الدّين توجه مَعَ السُّلْطَان لما جَاءَ من الكرك إِلَى مصر وولاه ثمَّ ولاه الوزارة ثمَّ إِنَّه قبض عَلَيْهِ لما قبض على أيدغوي شقير وَبَقِي فِي الاعتقال)
مُدَّة سنة وَنصف ثمَّ أخرجه وجهزه إِلَى صفد نَائِبا وأنعم عَلَيْهِ بِمِائَة ألف دِرْهَم وَكَانَ قد أَخذ لَهُ مَالا كثيرا إِلَى الْغَايَة فَأَقَامَ بهَا عشرَة أشهر تَقْرِيبًا ثمَّ طلب إِلَى مصر وَكَانَ من جملَة الْأُمَرَاء الَّذين يَجْلِسُونَ وَإِذا تكلم السُّلْطَان فِي المشور لَا يرد عَلَيْهِ أحد غَيره لما عِنْده من الْمعرفَة والخبرة وَكَانَ قد تزوج ابْنة الْأَمِير جمال الدّين آقوش نَائِب الكرك وَعمر لَهُ دَارا ظَاهر بَاب النَّصْر على الْقَاهِرَة وَعمر هُنَاكَ مدرسة إِلَى جَانبهَا وَكَانَ لأَصْحَابه بِهِ نفع كَبِير بجاهه لَا يبخل على أحد مِمَّن يعرفهُ بذلك وإشاراته مَقْبُولَة عِنْد أَرْبَاب الدولة ثمَّ إِنَّه سرق لَهُ من الخزانة مَال كثير ادّعى فِي الظَّاهِر أَنه مبلغ مِائَتي ألف دِرْهَم وَكَانَ فِي الْبَاطِن على مَا قيل سبع مائَة ألف أَو أَكثر فَمَا جسر يَقُول الْكل خوفًا من السُّلْطَان وَكَانَ قدودار وَالِي الْقَاهِرَة فرسم لَهُ السُّلْطَان يتتبع ذَلِك فَيُقَال إِن القَاضِي فَخر الدّين وبكتمر الساقي والجمالي الْوَزير عاملوا فِي الْبَاطِن عَلَيْهِ وَحمل إِلَيْهِم بعض العملة فشرعوا يحجفون عَن المتهمين وَإِذا قَالَ السُّلْطَان للوالي إيش عملت فِي عملة الْأَمِير سيف الدّين بكتمر الْحَاجِب يَقُول القَاضِي فَخر الدّين يَا خوند لعن الله سَاعَة هَذِه العملة كل يَوْم يَمُوت النَّاس تَحت المقارع وَإِلَى مَتى يقتل الْمُتَّهم الَّذِي لَا ذَنْب لَهُ ثمَّ فِي آخر الْحَال وقف الْأَمِير سيف الدّين بكتمر للسُّلْطَان فِي دَار الْعدْل وشكا وتضور فَخرج السُّلْطَان وأحضر الْوَالِي وسبه وَأظْهر غيظاً عَظِيما فَقَالَ يَا خوند اللُّصُوص الَّذين أمسكتهم وعاقبتهم أقرُّوا بِأَن خزنداره سيف الدّين بخشي اتّفق مَعَهم على أَخذ المَال وَجَمَاعَة من ألزامه الَّذين فِي بَابه فَقَالَ السُّلْطَان للجمالي الْوَزير أحضر هَؤُلَاءِ الْمَذْكُورين وعاقبهم فأحضرهم وعاقبهم وعصر هَذَا بخشي وَكَانَ عَزِيزًا