الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَقع سيف وَلَو ترك القطا لَيْلًا لنام ورموه بأوابد ودواهي وَادعوا أَنه ركب فِي اللَّيْل فِي المراكب فِي بَحر النّيل وَقَالُوا أَشْيَاء الله اعْلَم بهَا وَكَانَت مُدَّة ملكه شَهْرَيْن وأياماً رَحمَه الله تَعَالَى وسامحه
وَكَانَ شَابًّا حُلْو الصُّورَة فِيهِ سَمُرَة وهيف قوام تَقْدِير عمره مَا هُوَ حول الْعشْرين سنة وَكَانَ أفحل الْإِخْوَة وأشجعهم زوجه وَالِده بنت الْأَمِير سيف الدّين طقز دمر وَلما جَاءَ أَخُوهُ النَّاصِر أَحْمد عمل النَّاس عزاءه وَدَار جواريه فِي اللَّيْل بالداردك فِي شوارع الْقَاهِرَة وأبكين النَّاس ورحمه النَّاس وتأسفوا عَلَيْهِ لِأَنَّهُ خذل وَعمل عَلَيْهِ وَأخذ بَغْتَة وَقتل غضاً طرياً وَلَو اسْتمرّ لَكَانَ جَاءَ مِنْهُ ملك عَظِيم كَانَ فِي عزمه أَن لَا يُغير قَاعِدَة من فواعد جده الْمَنْصُور وَيبْطل مَا كَانَ أَبوهُ أحدثه من إقطاعات العربان وإنعاماتهم وَغير ذَلِك
3 -
(ابْن الرضي)
أَبُو بكر بن مُحَمَّد بن الرضي عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن عبد الْجَبَّار الْمَقْدِسِي الجماعيلي ثمَّ الصَّالِحِي الْقطَّان الشَّيْخ الصَّالح الْمُقْرِئ مُسْند وقته ولد سنة تسع وَأَرْبَعين أَو خمسين وست مائَة وَتُوفِّي سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وَسبع مائَة أجَاز لَهُ عِيسَى الْخياط وسبط السلَفِي وسبط الْجَوْزِيّ ومجد الدّين ابْن تَيْمِية وَخلق وَحضر خطيب مردا والعماد عبد الحميد بن عبد الْهَادِي ثمَّ سمع مِنْهُ فِي سنة سبع وَسبع مائَة وَمن إِبْرَاهِيم بن خَلِيل وَعبد الله ابْن الخشوعي وَمن ابْن عبد الدايم والرضي ابْن الْبُرْهَان صَحِيح مُسلم سوى فَوت مَجْهُول يسير وَحضر أَيْضا مُحَمَّد بن عبد الْهَادِي وَتفرد بأجزاء وعوالي وروى الْكثير أَكثر عَنهُ الْمُحب وَأَوْلَاده وَأَخُوهُ السرُوجِي والذهلي وابنا السفاقسي وَخلق وَكَانَ شَيخا مُبَارَكًا خيرا كثير التِّلَاوَة حسن الصُّحْبَة حميد الطَّرِيقَة وَحدث بأماكن
3 -
(بهاء الدّين ابْن غَانِم)
أَبُو بكر بن مُحَمَّد بن غَانِم ذكر تَمام نسبه فِي تَرْجَمَة أَخِيه أَحْمد بن مُحَمَّد هُوَ أحد الْإِخْوَة كَانَ كَاتب إنْشَاء بطرابلس ثمَّ حضر إِلَى دمشق وَكتب الدرج قُدَّام الصاحب شمس الدّين ثمَّ)
لما عزل زين الدّين عمر بن حلاوات من توقيع صفد توجه بهاء الدّين إِلَيْهَا وَأقَام بهَا تَقْدِير تسع سِنِين فَلَمَّا توفّي زين الدّين ابْن حلاوات بطرابلس سنة سبع وَعشْرين وَسبع مائَة جهز بهاء الدّين إِلَى طرابلس كَاتب سر عوضه وَلم يزل بهَا إِلَى سنة خمس وَثَلَاثِينَ وَسبع مائَة فَتوفي فِي هَذِه السّنة رَحمَه الله تَعَالَى وَكَانَ حسن الشكل لطيف الْعشْرَة عَلَيْهِ أنس فِي السماع وَله حَرَكَة فِي الرقص وَكَانَ قد حصل لَهُ ميل إِلَى طقصبا وَهُوَ صبي يُغني وَكَانَ يعْمل بِهِ السماعات ويرقص على غنائه وَيحصل لَهُ وجد عَظِيم
أَنْشدني من لَفظه لنَفسِهِ
(لَا ترجى مَوَدَّة من مغن
…
فمعنّى الْفُؤَاد من يرتجيها)
(أبدا لَا تنَال مِنْهُ وداداً
…
وَلَك السَّاعَة الَّتِي أَنْت فِيهَا)
وأنشدني أَيْضا لنَفسِهِ
(كدت أبلى ببليه
…
من جفون بابليه)
(فتكت فِي الْقلب لَكِن
…
كَانَت التَّقْوَى تقيه)
وأنشدني لنَفسِهِ
(يَا من غَدا مشتغلاً
…
عَمَّن بِهِ يشْتَغل)
(بَيْتك قلبِي وَهُوَ من
…
هجرك لي يشتعل)
وأنشدني لنَفسِهِ فِي بدر الدّين ابْن الخشاب وَشرف الدّين ابْن كسيرات وَكَانَ لَهُ عذبة
(يَا ماعراً صفداً مذ حل منصبها
…
وَحل بالشد عقدا من مآثرها)
(دقَّتْ بدرة نحس لَا خلاق لَهُ
…
أما ترَاهَا علت أكتاف ناظرها)
وأنشدني لنَفسِهِ
(يَا سيداً حسنت مَنَاقِب فَضله
…
فعلت بِمَا فعلت على الْآفَاق)
(حاشاك تكسر قلب عبد لم يزل
…
توليه حسن صنائع الإشفاق)
(هَب أَنه أخطا وأذنب مرّة
…
مولَايَ أَيْن مَكَارِم الْأَخْلَاق)
وجهز إِلَيّ من طرابلس وَأَنا بِدِمَشْق وَقد تَأَخَّرت مكاتباتي عَنهُ ثَلَاثَة أوصال وَرقا أَبيض وَكتب فِي ذيلها وَلم يكْتب غير ذَلِك
(سُبْحَانَ من غير أَخْلَاق من
…
أحسن فِي حسن الوفا مذهبا)
)
(كَانَ خَلِيلًا فغدا بعد ذَا
…
لما انْقَضى مَا بَيْننَا طقصبا)
أَشَارَ إِلَى أَمر طقصبا الْمَذْكُور وَكَانَ لَهُ عَم أسود زوج أمه فَكَانَ ينغص علينا الِاجْتِمَاع بِحُضُورِهِ وَلما كتب هَذِه الأبيات كَانَ طقصبا الْمَذْكُور قد توفّي بصفد من مُدَّة لحسن إبراز هذَيْن الْبَيْتَيْنِ فِي هَذِه الصُّورَة فَكتبت الْجَواب إِلَيْهِ
(يَا باعث العتب غلي عَبده
…
وَمَا كَفاهُ العتب أَو ندبا)
(ومذكري عهدا لبسنا بِهِ
…
ثوب سرُور بالبها مذهبا)
(مر فَلم يحل لنا بعده
…
عَيْش وَلم نلق الْهوى طيبا)
(مَا كل ذِي ود خَلِيل وَلَا
…
كل مليح فِي الورى طقصبا)
(فحبذا تِلْكَ اللَّيَالِي الَّتِي
…
كم يسر الله بهَا مطلبا)
(مَا أحد فِي مثلهَا طامع
…
هَيْهَات فَاتَت فِي المنى أشعبا)
وَيُنْهِي بعد دُعَاء يرفعهُ فِي كل بكرَة وأصيل وَوَلَاء حصل مِنْهُ على النَّعيم الْمُقِيم وَلَا يَقُول وَقع فِي العريض الطَّوِيل وثناء إِذا مر فِي الرياض النافحة صَحَّ أَن نسيم السحر عليل وحفاظ ود يتَمَنَّى كل من جالسه لَو أَن لَهُ مثل الْمَمْلُوك خَلِيل وَورد الْمِثَال الْكَرِيم فقابل مِنْهُ الْيَد الْبَيْضَاء بل الديمة الوطفاء بل الكاعب الْحَسْنَاء وتلقى مِنْهُ طرة صبح لَيْسَ للدجى عَلَيْهَا أذيال وغرة نجح مَا كدر صفاءها خيبة الآمال فَلَو كَانَ كل وَارِد مثله لفضل المشيب على الشَّبَاب وَنزع المتصابي عَن التستر بِالْخِطَابِ ورفض السوَاد وَلَو كَانَ خالاً على الوجنة وعد الْمسك إِذا ذَر على الكافور هجنة وَأَيْنَ سَواد الدجى إِذا سجى من بَيَاض النَّهَار إِذا انهار وَأَيْنَ وجنات الكواعب النقية من الأصداغ المسودة بِدُخَان العذار وَأَيْنَ نور الْحق من ظلمَة الْبَاطِل وَأَيْنَ العقد الَّذِي كُله در من العقد الَّذِي فِيهِ السبج فواصل يَا لَهُ من وَارِد تنزه عَن وَطْء الأقلام المسودة وَعلا قدره عَن السطور الَّتِي لَا تزَال وجوهها بالمداد مربدة حَتَّى جَاءَ يتلألأ بَيَاضًا ويتقد وأتى يتهادى فِي النُّور الَّذِي تعتقد فِيهِ الْمَجُوسِيَّة مَا تعتقد وَلَكِن توهم الْمَمْلُوك أَن تكون صحف الود أمست مثله عفاء وَظن بِأَبْيَات العهود السالفة أَن تكون كهذه المراسلة من الرقوم خلاء
(لَو أَنَّهَا يَوْم الْمعَاد صحيفتي
…
مَا سر قلبِي كَونهَا بَيْضَاء)
فَلَقَد سودت حَال الْمَمْلُوك ببياضها وَعدم من عدم الْفَوَائِد البهائية مَا كَانَ يغازله من صحيحات)
الجفون ومراضها وَمَا أَحَق تِلْكَ الأوصال الوافدة بِلَا فَائِدَة الجائدة بزيارتها الَّتِي خلت من الْجُود بِالسَّلَامِ وَإِن لم تخل زورتها من الإجادة أَن ينشدها الْمَمْلُوك قَول البحتري أبي عبَادَة
(أخجلتني بندى يَديك فسودت
…
مَا بَيْننَا تِلْكَ الْيَد الْبَيْضَاء)
(وقطعتني بالوصل حَتَّى أنني
…
متخوف أَلا يكون لِقَاء)
يَا عجبا كَيفَ اتخذ مَوْلَانَا هَذَا الصَّامِت رَسُولا بعد هَذِه الفترة وَكَيف ركن إِلَيْهِ فِي إبلاغ مَا فِي ضَمِيره وَلم يحملهُ من در الْكَلَام ذرة وَكَيف أهْدى عروس تحيته وَلم يقلدها من كَلَامه بشذرة مَا نطق هَذَا الْوَارِد إِلَّا بالعتاب مَعَ مَا نذر وَندب وَلَا أبدى غير مَا قرر من الإهمال وَقرب
(على كل حَال أم عَمْرو جميلَة
…
وَإِن لبست خلقانها وجديدها)
وَبِالْجُمْلَةِ فقد مر ذكر الْمَمْلُوك بالخاطر الْكَرِيم وَطَاف من حنوه طائف على الْمَوَدَّة الَّتِي أَصبَحت كالصريم وَإِذا كَانَ الشَّاعِر قد قَالَ
(وَيدل هجركم على
…
أَنِّي خطرت ببالكم)
فَكيف بِمن دخل ذكره الضَّمِير وَخرج وَذكر على مَا فِيهِ من عوج وَمَا استخف بِي من أَمرنِي وَمن ذَكرنِي فَمَا حقرني وَالله تَعَالَى يديم حَيَاته الَّتِي هِيَ الْأمان والأماني ويمتع أَلْفَاظه الفريدة الَّتِي هِيَ أطرب من المثالث والمثاني
فَكتب إِلَيّ الْجَواب عَن ذَلِك
(يَا هاجراً من لم يزل قلبه
…
إِلَيْهِ من دون الورى قد صبا)
(أرْسلت من بعد الجفا أسطراً
…
أرقص مِنْهَا السّمع مَا أطربا)
(شفت فؤاداً شفه وجده
…
من بعد مَا قد كَاد أَن يذهبا)
(قَالَ لَهَا العَبْد وَقد أَقبلت
…
أَهلا وسهلاً بك يَا مرْحَبًا)
(أحلهَا قلباً صَحِيح الولا
…
مَا كَانَ فِي صحبته قلّبا)
(وَلَا نسي عهد خَلِيل لَهُ
…
قديم عهد كَانَ مَعَ طقصبا)
وَقبل مواقع تِلْكَ الأنامل الَّتِي يحِق لَهَا التَّقْبِيل وقابل بالإقبال تِلْكَ الْفَضَائِل الْمَخْصُوصَة بالتفضيل وقابلها بالثناء الَّذِي إِذا مر بالمندل الرطب جر عَلَيْهِ من كمائم كمه فضل المنديل وتأملها بِطرف مَا خلا من تصور محَاسِن صديق وَلَا أخل بِمَا يجب من التلفت إِلَى مَوَدَّة)
خَلِيل وَشَاهد مِنْهَا الرَّوْضَة الْغناء بل الدوحة الفيحاء بل الطلعة الغراء فَوَجَدَهَا قد تسربلت من الْمعَانِي البديعة بِأَحْسَن سربال وتحلت من الْمعَانِي البديهة بِمَا هُوَ أحلى فِي عين الْمُحب المهجور وَقَلبه من طيف الخيال لَكِن مَوْلَانَا غَابَ عَن محبه غيبَة مَا كَانَت فِي الْحساب وهجره وَهُوَ من خاطره بِالْمحل الَّذِي يَظُنّهُ أَنه إِذا ناداه بالأشواق أجَاب وَاتخذ بِدعَة الْإِعْرَاض عَن الْقَائِم بِفَرْض الْوَلَاء سنة واشتغل عَمَّن لَهُ عين رضى عَن نِسْيَان مَا مضى كليلة دمنة فخشي الْمَمْلُوك من تطاول الْمدَّة وخامر قلبه تقلبات الْأَيَّام فخاف أَن تبقى أَسبَاب المقاطعة ممتدة ووثق بنما يتَيَقَّن من حسن الموافاة ويعتقد فَاقْتضى حكم التذْكَار لطف الِاخْتِصَار توصلاً إِلَى تفقد التودد وَمن عادات السادات أَن تفتقد تذكر أَيَّام حلت مَسَرَّة وهناء وليال أحلى من سَواد الشَّبَاب أولت بوصال الأحباب الْيَد الْبَيْضَاء
(لَو أَن ليلات الْوِصَال يعدن لي
…
كَانَت لَهَا روح الْمُحب فدَاء)
فيا لَهَا من مليحة أَقبلت بعد إعراضها ولطيفة رمقت بإيماء جفن مواصلتها وإيماضها وبديعة استخرج غواص مَعَانِيهَا من بحار معاليها كل ذرة وصنيعة أبدى نظام لآليها من غرر أياديها أجمل غرَّة ورفيعة جددت السرُور وشرحت الصُّدُور فعلت بِمَا فعلت إكليل المجرة ومتطولة رغبت المقصر فِيمَا يختصر وحببت ومتفضلة قَضَت بِحَق تفضيلها على مَا سبق وأوجبت
(مودتها فِي مهجتي لَا يزيلها
…
بعاد وَلَا يبلي الزَّمَان جديدها)