الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[المبحث الثالث أدلة اليسر والسماحة في الكتاب والسنة]
[أولا من القرآن الكريم]
المبحث الثالث
أدلة اليسر والسماحة في الكتاب والسنة لقد تضافرت الأدلة من الكتاب والسنة وآثار الصحابة، وإجماع الأمة على أن التيسير ورفع الحرج أصل من أصول الشريعة الإسلامية، فكما قال الإمام الشاطبي: إن الأدلة على رفع الحرج عن هذه الأمة بلغت مبلغ القطع " (1) لذلك فسأكتفي هنا بذكر بعض الأمثلة منها:
أولا: من القرآن الكريم هناك آيات كثيرة أفادت بصريح اللفظ أو دلالته اليسر ورفع الحرج عن الأمة، ويمكننا أن نقسم الآيات الصريحة في ذلك إلى المجموعات التالية:
(أ) الآيات المصرحة بإرادة الله تعالى اليسر والتخفيف بهذه الأمة: (1) كقوله تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: 185](2) ولا يقال إن الآية نزلت في شأن الرخص في الصيام؛ لأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، كما هو مقرر عند أهل العلم، قال أبو حيان:" وظاهر اليسر والعسر العموم في جميع الأحوال الدنيوية والأخروية "(3) .
(1) الموافقات 1 / 340.
(2)
سورة البقرة / الآية 185.
(3)
البحر المحيط 2 / 42؛ وانظر أيضا الجامع لأحكام القرآن 2 / 301.
(2)
وقوله تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا} [النساء: 28](1) والآية في معرض إباحة نكاح الأمة عند عدم طَوْل الحرة، إلا أن أغلب المفسرين على أن ذلك عام في جميع أحكام الشرع، ويؤيده آخر الآية (2) .
(3)
وقوله تعالى: {وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَى} [الأعلى: 8](3) أي نسهل عليك يا محمد أعمال الخير، ونشرع لك شرعا سهلا سمحا (4) .
(ب) الآيات المصرحة برفع الحرج والعنت عن الأمة: (1) مثل قوله تعالى: {مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ} [المائدة: 6] الآية (5) والحرج المنفي هنا هو جميع أنواع الحرج؛ لأنها نكرة في سياق النفي، ثم أكد هذا العموم بدخول حرف " من " عليها.
(2)
ونحو ذلك قوله تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: 78](6) قال الجصاص عند تفسير آية المائدة: " لما كان الحرج هو الضيق، ونفى الله عن نفسه إرادة الحرج بنا، ساغ الاستدلال بظاهره في نفي الضيق وإثبات التوسعة في كل ما اختلف فيه من أحكام السمعيات، فيكون
(1) سورة النساء / الآية 28.
(2)
انظر: تفسير الرازي 10 / 70؛ وتفسير ابن كثير 1 / 490.
(3)
سورة الأعلى / الآية 8.
(4)
انظر تفسير ابن كثير 4 / 535.
(5)
سورة المائدة / الآية 6.
(6)
سورة الحج / الآية 78.
القائل بما يوجب الحرج والضيق محجوجا بهذه الآية " (1) ونحو ذلك قال غير واحد من أهل العلم (2) .
(3)
ومن ذلك أيضا ما وصف الله عز وجل به نبيه صلى الله عليه وسلم من أنه {عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ} [التوبة: 128](3) أي ما شق عليكم وآذاكم وجهدكم (4) .
(ج) الآيات المصرحة بأن الله لا يكلف العباد إلا بما في وسعهم: (1) كقوله تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة: 286] الآية (5) .
(2)
وقوله تعالى: {لا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا} [الأنعام: 152](6) ونحوهما من الآيات.
والوسع: قال الزمخشري: هو ما يسع الإنسان ولا يضيق عليه ولا يحرج فيه. أي لا يكلفها إلا ما يتسع فيه طوقها، ويتيسر عليها، دون مدى الطاقة والمجهود " (7) . وقال الرازي: " إنه ما يقدر الإنسان عليه في
(1) أحكام القرآن 3 / 391.
(2)
انظر الجامع لأحكام القرآن 3 / 432.
(3)
سورة التوبة / الآية 128.
(4)
انظر تفسير الطبري 2 / 375، و 11 / 76.
(5)
سورة البقرة / الآية 286.
(6)
سورة الأنعام / الآية 152، وسورة الأعراف / الآية 42.
(7)
انظر: تفسير الكشاف 1 / 172.