الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لشواذ، لنا أنه يعد فاعل من نهى عن فعل مجردا عن قرينة مخالفا في أي وقت فعله، قالوا: للدوام كالنهي عن الزنا، ولغيره كنهي الحائض عن الصلاة، فكان للقدر المشترك دفعا للاشتراك والمجاز، قلنا عدم الدوام لقرينة ولو لزم المجار، فكونه للدوام حقيقة أولى لإمكان التجوز به عن البعض بخلاف العكس
ومنه العام والخاص:
أبو الحسين: العام اللفظ المستغرق لجميع ما يصلح له، وليس بمانع لدخول أسماء العدد كعشرة، والغزالي: اللفظ الواحد الدال من جهة واحدة على شيئين فصاعدا، وليس بجامع لخروج لفظ المستحيل والمعدوم لعدم الدلالة على شيئين، لأن مدلولهما ليس بشيء، والموصولات لأنها ليست بلفظ واحد لاحتياجها إلى صلاتها، ولا مانع لدخول المثنى وعشرة، ومثل المعهود والنكرة، وله التزام ذين. وفخر الإسلام: كل لفظ ينتظم جمعا من المسميات لفظا أو معنى، وليس بمانع، لدخول أسماء العدد، وقيد اللفظ يخرج المعنى والعموم من عوارضه كما نبين، ولفظ كل مشعر بالإفراد والحد للماهية والأولى: ما دل على مسميات باعتبار أمر اشتركت فيه مطلقا، وقلنا ما دل ليدخل المعاني على ما اخترناه، ويندرج في المسميات الموجود والمعدوم وهو فصل عن المسمى الواحد، والمثنى والنكرة فإنها مطلقة غير شاملة لمسميات، وخرج مثل عشرة بقولنا: اشتركت فيه، والمعهودون بقولنا مطلقة لأن دلالة العهد بقرينة والخاص ما دل على مسمى واحد.
تنبيه:
حكم الخاص ثبوت مدلوله قطعا ولا يلحقه بيان لاستغنائه عنه كما أولنا الأقراء بالحيض لقوله تعالى: {ثلاثة} وهو اسم لعدد كامل ولو كانت الأطهار لانتقص، وكما جعلنا مطلق الركوع فرضا بـ {اركعوا} وهو خاص بالميل،
وأوجبنا الاعتدال بخبر الواحد إكمالا، وكما أجزنا طواف المحدث بقوله تعالى:{وليطوفوا} وكما اكتفينا في فرائض الوضوء بالغسل والمسح بقوله تعالى: {فاغسلوا} و {امسحوا} وهما خاصان، وكما قال محمد والشافعي
في مسألة الهدم إن حتى في قوله تعالى: {حتى تنكح} غاية للحرمة الغليظة خاصة به، وغاية الشيء جزؤه، فلا يوجد قبل أصله، فلا يوجب حلا جديد. وأوجبنا بأن الدخول ثابت بالسنة المشهورة فيزاد، ومن لوازمه التحليل بقوله عليه السلام "أتريدين أن تعودي (إلى رفاعة) " فرفع الحرمة قصدا فلا يتخلف عنه لازمه، وفيه نظر، لأنا نمنع اللزوم مطلقا، ونخص النص بمورده.
مسألة:
الاتفاق أن العموم من عوارض الألفاظ حقيقة بمعنى وقوع الشركة في المفهوم لا بمعنى الشركة في اللفظ، وبعض أصحابنا: في المعاني أيضا. وقيل: مجاز وهو اختيار بعض أصحابنا. وقيل مختص بالألفاظ. المثبتون: العموم اللغوي حقيقة في شمول أمر لمتعدد كعم المطر والخصب وكذلك الحقائق الكلية الشاملة لمعاني الجزئيات لدخولها تحتها، فإن قيل المراد أمر واحد شامل لأمور متعددة من جهة واحدة، وعموم المطر شمول متعدد لمتعدد لاختصاص
كل جزء من الأرض بجزء من المطر. قلنا ليس في اللغة بهذا القيد، ولو سلم فلا شك في عروضه للصوت الواحد الشامل لسامعيه وللأمر والنهي وهما طلب نفساني واحد لمن تعلقا به والمعنى الكلي الذهني المطابق للجزئيات كمطابقة اللفظ العام لمدلولاته، فكان العروض فيهما حقيقة، وقد مر تحقيقه في القواعد.
مسألة:
المحققون: للعموم صيغة موضوعة له، وهي أسماء الشروط، كمن وما والاستفهام والموصولات والجموع المنكرة والمعرفة للجنس والمضافة والجنس المعرف والنكرة في النفي. وخالف أبو هاشم في الجمع المنكر والمعرف واسم الجنس المعرف. وأرباب الخصوص: هي حقيقة فيه.
والأشعري: بالاشتراك مرة والوقف أخرى. ومن الواقفية من خصه بالإخبار دون الأمر والنهي، ومنهم من لا يدري أموضوعة للعموم أو للخصوص أو مشتركة ومنهم من يعلم الوضع ويجهل الحقيقة من المجاز. لنا: القطع في لا تضرب أحدا، فضرب واحدا أنه مخالف واستدلال العلماء على حد كل زان وسارق بقوله:{والزاني} و {والسارق} وبميراث كل ذكر ضعف الأنثى {بأولادكم} واحتجاج عمر على أبي بكر رضي الله عنهما في قتال مانعي الزكاة: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله" واحتجاج أبي بكر رضي الله عنه "الأئمة من قريش" فسلمت الأنصار، و"نحن معاشر الأنبياء لا نورث"
من غير نكير فكان إجماعا، فإن قيل فهم بالقرائن، قلنا يلزم انسداد باب الفهم لظاهر من لفظ لجوازه من قرينة ونحن نقطع بأنه لو قال: كل من قال لك ألف فقل له باء فترك واحدا خالف، واعترض بأنه سكوتي فلا ينهض في الأصول. أجيب: تكرر وشاع ولا مخالف وهو قاطع عادة، ولو سلم فالمطلوب دلالة لفظ والظن كاف، وأيضا فالاتفاق فيمن دخل من عبيدي حر ومن نسائي طالق العموم، وقول إبراهيم لللائكة:{إن فيها لوطا} وجوابهم {لننجينه} دليل فهم العموم من أهل هذه القرية وصحة الاستثناء في أكرم الناس إلا الفساق وهو إخراج الداخل. قالوا: إخراج الصالح، قلنا: إجماع العربية إخراج ما لولاه لدخل، وأيضا "من جاءك" استفهاما، إما حقيقة في الخصوص أو العموم أو مشتركة أو موقوفة أو لا موضوعة. والأول منتف لحسن الجواب بجملة العقلاء، وكذا الاشتراك والوقف وإلا لما حسن إلا بعد الاستفهام، وكذا الأخير للاتفاق، فتعين العموم. والشرطية من دخل داري فأكرمه يقبح التوبيخ لعموم الإكرام، ويحسن اللوم لو أخل بواحد، وأيضا: كل الناس علماء يكذبه: كلهم ليسوا علماء، والقطع بالفرق بين كل وبعض، وبالفرق بين تأكيد العموم والخصوص في الوضع، رأيت زيدا عينه ونفسه لا كلهم ولا الرجال عينه، والتأكيد مطابق، واستدل باعتراض ابن الزبعرى
في {إنكم وما تعبدون} بالملائكة والمسيح فخصص بقوله: {إن الذين سبقت} ولم ينكر فهمه العموم. وأجيب بخطائه في فهم أن ما ظاهره فيما لا يعقل، ولذلك قال له عليه السلام "ما أجهلك بلغة قومك" واستدل بأن العموم معنى ظاهر فاحتيج إلى التعبير عنه كغيره، وأجيب بالاستغناء عنه بالدلالة عليه مجازا أو مشتركا. القائلون بالخصوص: متيقن فجعله له حقيقة
أولى، ورد بأنه إثبات اللغة بالترجيح، وعورض بأن العموم أحوط فكان أولى، قالوا: لو كانت للعموم لكان الخصوص كذبا كعشرين مع إرادة العشرة. ورد بأنه يلزم إذا كان نصا كعشرين. قالوا: لو كانت للعموم لكان التأكيد عبثا والاستثناء نقضا. ورد لدفع احتمال التخصيص وبلزوم ذلك في الخاص وبالاتفاق على صحة الاستثناء في عشرة إلا خمسة، وليس بنقض مع أنه صريح. القائل بالفرق: التكليف واقع بالأمر والنهي على العموم ولولاه لما كان عاما. ورد بلزومه في الخبر الذي يقع التكليف العام بمعرفته كقوله تعالى: {وهو بكل شيء عليم} وعمومات الوعد والوعيد.
مسألة:
العام موجب للعلم في مدلوله كالخاص إلا فيما لا يحتمل إجراءه على عمومه لعدم قبول المحل فهو كالمجمل يجب التوقف ليظهر المراد، خلافا للشافعي في إيجابه للظن
حتى إنه ينسخ الخاص عندنا كما نسخ حديث العرنيين بقوله عليه السلام "استنزهوا" و"ليس فيما دون خمسة أوسق" بـ"ما سقته السماء ففيه العشر" ويرجح العموم بعد التعارض كما في اختلاف المضارب ورب المال في عموم المضاربة وخصوصها بدلالة العقد، وإذا أوصى بخاتم وبفصه
لآخر بكلام مفصول كانت الحلقة للأول وقسم الفص بينهما. ولو وصل كان الفص كله للثاني لكون الثاني مخصصا، فظهر أن المراد بالأول الحلقة وحدها، وإذا لم يخص لا يخص بخبر الواحد ولا بالقياس حتى لا يكون "لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب" تخصيصا لـ {اقرءوا ما تيسر} ولا يخصص عموم النهي في {ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه} بخبر الواحد، فإن الناسي ذاكر حكما، إقامة للعلة مقام الذكر، ولا قوله {ومن دخله كان آمنا} فيثبت الأمن لمباح الدم بعمومه. لنا: أن الأصل في دلالة اللفظ على معناه القطع إلا بدليل، فإن قيل: احتمال التخصيص يذهب القطع، قلنا: لا عبرة بالاحتمال العقلي في الوضع كالخاص في احتمال غير مدلوله، وإنما يعتبر إذا قام دليله. قالوا: التأكيد دليله. قلنا: وجوده دليل انتفاء الاحتمال فلا يكون عدمه دليل وجوده مع (وجوب) ثبوت المعنى للفظ الموضوع له ظاهرا، وهو المراد بالقطع في الوضع
لا بمعنى أنه محكم. كالخاص يؤكد بما يقطع احتمال المجاز والمؤكد مطابق لا مفسر.
مسألة:
الجمع المنكر عام خلافا لقوم، لنا أنه يصح إطلاقه على كل جمع حقيقة فإذا حمل على الاستغراق كان حملا على جميع حقائقه، ولأنه لو لم يكن للعموم لكان مختصا بالبعض وليس باتفاق. قالوا: للجمع أي جمع كان كرجل للواحد أي واحد كان فلم يكن ظاهرا في العموم، كما أن رجلا ليس بظاهر في زيد وعمرو. قلنا: صح إطلاقه على الجمع المستغرق حقيقة لكونه بعض المجموع، ولا يصح إطلاق رجل على الأفراد إلا على البدل.
مسألة:
أقل الجمع ثلاثة حقيقة، وقيل: اثنان حقيقة،
وقيل: مجازا، وقيل لا يصح. وإمام الحرمين: يصح للواحد. وموضع الخلاف مثل رجال ومسلمين وضمائر الغيبة والخطاب لا في لفظ جمع ولا نحو نحن فعلنا ولا {صغت قلوبكما} فإنه وفاق.
لنا: تسبق الثلاثة عند الإطلاق ولا يصح نفي الصيغة عنها وهو دليل الحقيقة، وصح نفيها عن المثنى فكان مجازا، ودليل الإطلاق مجازا {فإن كان له إخوة} والمراد الأخوان. وقال ابن عباس لعثمان رضي الله عنهما: ليس الإخوة أخوين. فقال: لا أنقض ما توارثه الناس. وعدل إلى التأويل ولم ينكر استدلاله. وعن زيد: الأخوان إخوة، والجمع بينهما أن الأول حقيقة
والثاني مجاز. المثبتون: {فإن كان له إخوة} والأصل الحقيقة، ورد بقصة ابن عباس رضي الله عنهما. قالوا:{إنا معكم مستمعون} لموسى وهارون صلى الله عليهما. قلنا: وفرعون أيضا. قالوا: {وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا} قلنا الطائفة جماعة. قالوا: {وكنا لحكمهم شاهدين} قلنا الضمير للقوم أو لهم وللحاكم فيكون الحكم بمعنى الأمر وإلا فلا يصح إضافة المصدر إلى الفاعل والمفعول معا. قالوا: الاثنان فما فوقها جماعة.
قلنا: المراد إدراك فضيلتهما لتعريفه الشريعة دون اللغة. النافون مطلقا: أنكر ابن عباس رضي الله عنهما الإطلاق. قلنا حقيقة بدليل قول زيد. قالوا: لا يصح رجال عاقلان ولا رجلان عاقلون. قلنا: رعاية لجانب اللفظ في الوصف للتبعية، قالوا: له عندي دراهم لم يقبل في أقل من ثلاثة. قلنا لظهوره فيها.
تنبيه:
إذا حلف لا يشتري عبيدا وصرفت القرينة الاستغراق لم يحنث بدون الثلاثة للتيقن بها وإذا عرف للجنس كقوله {لا يحل لك النساء} ولا اشتري العبيد، حنث بالواحد اعتبارا لمطلق الجنس لسقوط استغراقه.
تنبيه:
من مفرد اللفظ عام المعنى {ومنهم من يستمعون} {ومنهم من ينظر} ومن شاء من عبيدي العتق حر، فشاءوا عتقوا. وأما من شئت منهم فأعتقه، فشاء الكل عتقوا عندهما على أن من مبينة، واستثنى أبو حنيفة واحدا على أنها مبعضة والواحد متيقن وانقطع التبعيض في الأولى بقرينة الصفة العامة.
تنبيه:
ويفرق بين كل ومن بالإحاطة وعدمها في من دخل هذا الحصن أولا فله كذا، فدخل واحد استحقه دون الاثنين معا، ولو قال كل من دخله أولا فكانوا عشرة معا استحقوا، للإحاطة وكل أول بالإضافة إلى غيرهم، ولو تتابعوا استحقه الأول لتخصص العموم.
تنبيه:
كلمة الجميع عامة في الاجتماع، فلو قال جميع من دخل الحصن أولا، فدخل عشرة، قسم على جميعهم، ولو تتابعوا استحق الأول كما في كل.
تنبيه:
أي يراد بها جزء مما تضاف إليه {أيكم يأتيني} وأي الرجال أتاك لا أتوك
فإذا وصفت بعام عمت كقوله: أي عبيدي ضربك حر فضربوه عتقوا، لعموم صفة الضرب لأي، ولو قال: ضربته فضرب الكل عتق واحد لانقطاع هذه الصفة عنها إليه وهو معرفة والنكرة في الإثبات لا تعم.
تنبيه:
وهي في الإثبات مطلقة عندنا كقوله {فتحرير رقبة} لعدم الدلالة على الشمول فلا تقيد بالإيمان للزوم نسخ الإطلاق، والشافعي عامة وخصت الزمنة فتخص الكافرة قياسا، قلنا لم يتناول الزمنة لتخص، لأن الرقبة اسم لكاملة الوجود، بدلالة العتق والزمنة هالكة معنى، وقد مر في القواعد لهذا تحقيق.
مسألة:
المختار أن العام بعد التخصيص مجاز وبعض أصحابنا حقيقة مطلقا
كالحنابلة. أبو بكر الرازي: حقيقة إن كان الباقي جمعا. أبو الحسين إن خص بقرينة لا تستقل من شرط كمن دخل داري وأكرمني أكرمته، أو صفة كعالما أو استثناء كإلا بني تميم. القاضي: بشرط أو استثناء. عبد الجبار: بشرط أو صفة. وقيل بلفظي. إمام الحرمين: حقيقة في تناوله مجاز في الاقتصار عليه. لنا: حقيقة في الاستغراق، فلو كان حقيقة في الباقي كان مشتركا ولأنه لو كان حقيقة فيه لم يفتقر إلى قرينة. وإذا كان باستثناء كان تكلما بالباقي وهو معلوم مستغرق لغير المخرج به. الحنابلة: اللفظ متناول للباقي كما كان قبل التخصيص فكان حقيقة. قلنا: كان قبله متناولا له مع غيره، وبعده منقطعا عنه فلم يكن هو. قالوا: يسبق إلى الفهم فكان حقيقة قلنا بقرينة فكان مجازا. الرازي: إن كان الباقي غير منحصر كان معنى العموم باقيا فكان حقيقة.
قلنا: لم يبق لأنه حقيقة في الاستغراق. أبو الحسين: لو كان التخصيص بغير مستقل موجبا للتجوز لزم كون المسلمين للجماعة مجازا. والجامع أن حرف الجمع غير مستقل. ونحو المسلم للجنس والعهد، ونحو (ألف سنة إلا خمسين عاما) قلنا: الفرق أن واو الجمع كألف ضارب وواو مضروب، فالمجموع هو الدال. بخلاف الصفة والشرط عند من خصص بهما فإنهما ليسا من صيغة الكلمة، وكذا لام الجنس أو العهد جزء الصيغة إن جعلت حرفا، وإن جعلت اسما فكالموصولات. والقاضي كذلك، إلا أن الصفة عنده (كأنها) مستقلة. وعبد الجبار أيضا إلا أن الاستثناء عنده ليس بتخصيص. القائل باللفظي: لو كانت القرائن اللفظية توجب تجوزا لزم كون المسلمين مجازا قياسا. والجامع كون الواو قرينة لفظية تفهم الجمع، وهذا أضعف لأن الأول قرينة لفظية غير مستقلة، وهذه لفظية فقط. إمام الحرمين: العام كتكرير الآحاد، فإن معنى الرجال: زيد وعمرو وبكر، فإذا خرج بعضها لم يخرج الباقي عن حقيقته في تناوله وإنما اختصر. قلنا ممنوع، فإن العام ظاهر في الجميع فبالتخصيص خرج عن وصفه الأول قطعا بخلاف المكرر فإنه نص في مدلوله.
مسألة:
العام المخصوص بمجهول أو معلوم حجة فيها شبهة، حتى صحت معارضته
بالقياس وتخصيصه به وبخبر الواحد. الكرخي وابن أبان وأبو ثور: لا يبقى حجة مطلقا إلا في الاستثناء بمعلوم (وقيل حجة إن كان بمعلوم)، وقيل: إن كان بمجهول سقط واعتبر العموم. البلخي: حجة إن خص بمتصل.
أبو عبد الله البصري: إن كان لفظ العموم منبئا عنه قبل التخصيص كاقتلوا المشركين المنبئ عن الذمي، وإلا فلا كالسارق لا ينبئ عن الحرز والنصاب. عبد الجبار: إن كان قبله لا يفتقر إلى بيان كالمشركين وإلا فلا كـ (أقيموا الصلاة) فيفتقر إلى بيان الشرعية، قبل أن يخص بالحائض. وقيل في أقل الجمع. لنا: استدلال الصحابة رضي الله عنهم بالعمومات بعد تخصيصها من غير نكير والقطع بأنه إذا قال أكرم بني تميم وفلانا لا تكرمه فترك عصى. ولأنه كان متناولا قبل التخصيص، والأصل بقاؤه. واستدل: لو لم يكن حجة
بعده لكانت دلالته عليه قبله موقوفة على دلالته في الآخر، واللازم باطل؛ لأنه إن عكس فدور، وإلا فتحكم، وأجيب بالعكس، ولا دور لأن هذا توقف معية لا توقف تقدم. وفخر الإسلام: المخصص شبيه بالاستثناء حكما من حيث يبين عدم دخول المخصوص، وهذا لا يكون إلا مقارنا، وبالناسخ من حيث استقلال صيغته فوجب اعتبار جهتيه، فإذا كان مجهولا جهل الباقي للشبه بالاستثناء فيمتنع ثبوت الحكم فيما وراءه، وسقط هو في نفسه باعتبار الشبه بالناسخ المجهول حيث لا يصلح دليلا، فيبقى حكم العام فلا يبطل واحد منهما بالشك أي لا يسقط دليل المخصوص بالجهالة ولا تخرج صيغة العموم فيما وراءه عن كونها حجة بالشك، وإذا كان معلوما صح تعليله باعتبار الصيغة، فأوجب الجهالة لعدم العلم بما يتعدى إليه التعليل، وامتنع باعتبار شبه الاستثناء (لأنه يبين أن المراد ما وراه قطعا) (فاعتبار الصيغة يخرج
العام عن كونه حجة فيما بقي والحكم يوجبه فيه قطعا فلا يبطل كونه حجة بالشك فيثبت كونه حجة موجبة للعمل دون العلم). الكرخي: إن كان مجهولا جهل الباقي، أو معلوما احتمل التعليل، بخلاف الاستثناء بالمعلوم لأنه تكلم بالباقي وله عموم معلوم، ولأنه يصير مجازا في الباقي ومراد المتكلم لا يعلم إلا منه فصار كالمجمل، كالعام في غير محله، ولأنه لو بقي حجة كان حقيقة فيما وراءه وهو مجاز فلا يجتمعان من لفظ واحد. قلنا: التعليل يورث شبهة لا تزيل الاحتجاج لما مر من الإجماع. ونمنع المجاز به على قول بعض أصحابنا، وعلى اختيارنا ولا يخرج بها عن كونه حجة فيها شبهة والملازمة ممنوعة، وإنما يلزم أن يكون حقيقة لو كانت قطعية. القائل بالتفصيل: أما في المجهول فظاهر، والمعلوم كالاستثناء فلم يتغير تناوله فيما عداه، قلنا: يحتمل التعليل الموجب للجهالة. القائل بسقوط دليل الخصوص للجهالة: أشبه الناسخ لاستقلاله فلم يصلح دليلا. قلنا: وأشبه الاستثناء بحكمه فوجب اعتباره في إثارة الشبهة. القائل بأقل الجمع هو متحقق والباقي مشكوك، قلنا ممنوع إذا كان معلوما بما سبق من الأدلة.
تنبيه:
الفرق بين المخصوص وبين خبر الواحد في جواز المعارضة بالقياس في الأول
دون الثاني أن الناسخ المعلوم المعلل إذا ورد في بعض ما تناوله النص معارض له لا مبين عدم الدخول فلا يصح تعليله وإلا لزم معارضة الرأي للنص فيبقى فيما وراءه حجة قطعية والمخصص المعلوم مبين غير معارض فاحتمل التعليل فأوجب الجهالة واحتمل عدمها لعدمه فوقع الشك في أصل الدليل فشابه القياس فصحت معارضته. أما خبر الواحد فمقطوع بأصله والشك في الطريق فلم يتساويا.
فروع:
نظير الاستثناء إذا باع عبدا وحرا بثمن واحد، بطل لعدم دخول الحر فكان بيعا في العبد بحصته ابتداء كما لو باعه بحصته من ألف تقسم على قيمته وعلى آخر. ونظير النسخ إذا باع عبدين فمات أحدهما قبل التسليم أو ظهر مكاتبا أو مدبرا أو مستحقا، صح في الباقي بحصته للدخول ثم الخروج. ونظير التخصيص: إذا باعهما بألف وهو بالخيار في أحدهما لم يصح حتى يبين من فيه الخيار، وقدر ثمنه، لأن الخيار لا يمنع الدخول في الإيجاب ويمنعه في الحكم. فهو في السبب كالنسخ وفي الحكم كالاستثناء.
مسألة:
إذا ورد الجواب غير مستقل فهو تابع للسؤال مختص به، كبلى في جواب أليس لي عندك ألف، ونعم وأجل في أكان كذا، وإن استقل، فإن كان عاما اعتبر عمومه سواء ورد على سبب خاص مع السؤال، كقوله عليه السلام
لما سئل عن بئر بضاعة "خلق الماء طهورا" أو لا معه كقوله لما مر بشاة ميمونة "أيما إهاب دبغ فقد طهر"
خلافا للشافعي فيهما وإذا خرج مخرج الجواب اختص به كقوله في جواب تغد عندي: إن تغديت فعبدي حر، وإذا زاد عم كما لو قال: اليوم، ولو خصص صدق ديانة لنا أن الصحابة رضي الله عنهم استدلوا على التعميم مع الأسباب الخاصة من غير نكير كآية السرقة، وسببها المجن أو رداء صفوان،
وآية الظهار وهي في سلمة ابن صخر،
واللعان وهو في هلال ابن أمية وغيرها فكان إجماعا، ولأن اللفظ عام بوضعه والحكم تابع للفظ. قالوا: لو كان عاما لم ينقل السبب لعدم الفائدة. قلنا: فائدته منع تخصيصه والاطلاع على أسباب التنزيل والأخبار. قالوا: لو عم لم يطابق. قلنا: طابق وزاد. قالوا: لو عم لكان الحكم بعدم إخراج السبب مع جوازه في غيره تحكما لعدم ظهوره في السبب. قلنا: نص في السبب بقرينة خارجية وهي ورود الخطاب بيانا له.
مسألة:
مثل قول الصحابي "قضى بالشفعة للجار" يعم كل جار
خلافا للأكثرين. لنا: عدل عارف باللغة والمعنى فالظاهر أنه لم ينقل العموم إلا بعد ظهوره أو القطع به والظن بصدقه موجب لاتباعه. قالوا: يحتمل جارا خاصا، أو سمع صيغة ليست عامة فتوهم العموم والحجة هي المحكية لا الحكاية، قلنا: خلاف الظاهر.
مسألة:
مثل (لا يقتل مسلم بكافر،
ولا ذو عهد في عهده) معناه بكافر فيقتضي العموم. لنا لو لم يقدر شيء امتنع قتله مطلقا، فوجب تقدير الأول للقرينة فيعم إلا بدليل. قالوا: التقدير خلاف الأصل. قلنا: ساق إليه الدليل. قالوا: لو كان لوجب صحة الرجعة في البائن بقوله (وبعولتهن) لعود الضمير إلى المطلقات. قلنا: لولا الصارف. قالوا: لكان ضربت زيدا يوم الجمعة وعمرا معناه يوم الجمعة. قلنا: يعم ظاهرا، والفرق بعدم امتناع ضربه في غير الجمعة.
مسألة:
مثل (لئن أشركت) خطاب للأمة إلا بدليل يخصه، وبعض الشافعية:
إلا بدليل يعمهم. لنا فهم أهل اللغة من الأمر للأمير بالركوب لكسر العدو وشن الغارة أنه "أمر" لأتباعه معه. وأيضا (يا أيها النبي إذا طلقتم النساء) ولولا أنه لهم لما صح إضمارهم. وأيضا (زوجناكها لكيلا يكون على المؤمنؤن) ولو خص لم يصح التعليل، وأيضا لما كان لتخصيصه عليه السلام ببعض الأحكام كـ (خالصة لك) و (نافلة لك) فائدة. قالوا: نقطع بأن
المفرد لا يتناول غيره لغة وإلا يلزم أن يعم خطاب المولى بعض عبيده، الجميع. قلنا: لا ندعي الشمول مطابقة، بل نفس الفهم لغة.
مسألة:
خطابه لواحد من الأمة لا يعم إلا بدليل، والحنابلة عكسه، لنا أن المفرد وضعا لا يتناول غيره، والفرق بين هذه والتي قبلها أن الأول متبَع ففهم الاتباع وهذا متبِع، وأيضا لو كان لما كان في قوله "حكمي على الواحد حكمي على الجماعة"
فائدة. قالوا: لو خص لم يكن مبعوثا إلى الكل، قلنا: ممنوع، فإن معناه أن يعرف كلاما يختص به ولا يلزم شركة الكل في الكل. قالوا: لو لم يكن لما صدق: حكمي على الواحد. قلنا: استفيد من هذا الخبر لا أن حكمه على الواحد عين حكمه على الجماعة للتغاير قطعا. قالوا: الإجماع من الصحابة أن حكمه على الواحد حكم على الكل. قلنا بدليل خارجي. قالوا: لو لم يعم لم يكن لتخصيص المخاطب كخزيمة فائدة. قلنا الفائدة قطع إلحاق الغير.
مسألة:
جمع الرجال لا يتناول النساء، ولا بالعكس اتفاقا، ويدخل الجميع في الناس
اتفاقا، واختلف في مثل (المسلمين) و (فعلوا) مما يغلَّب فيه المذكر، فالأكثر لا يدخل النساء ظاهرا، وأكثر أصحابنا والحنابلة يدخلن تبعا، وبعضهم والشافعي: لا يدخلن إلا بدليل. لنا: أن الشركة في الأحكام لظاهر الخطاب دليل الدخول، وأيضا أهل اللغة غلبوا المذكر باتفاق و (اهبطوا منها) خطاب لآدم وحواء وإبليس، وأيضا لولا الدخول لما استهجن أنتم آمنون ونساؤكم آمنات. قالوا: لو دخلن لما حسن (إن المسلمين والمسلمات) قلنا: تأكيد وتنصيص. قالوا: قالت أمة سلمة "ما نرى ذكر الله تعالى إلا الرجال"، فنزلت
فنفت ذكرهن مطلقا ولو دخلن لم يصدق ولم يصح تقريره. قلنا: أرادت ذكرهن مقصودا لا تبعا، تشريفا لهن وإلا فالشركة في الأحكام دليل دخولهن تبعا، فليس النفي مطلقا، فصدق النفي وصح التقرير على مرادها.
مسألة:
(من) الشرطية تعم المذكر والمؤنث. لنا لو قال: من دخل داري فأكرمه أو فهو حر، فترك إكرامهن خالف، ولو دخلن عتقن، والأصل الحقيقة قالوا: القرينة دخول الدار كالزائر يستحق الإكرام. قلنا: ولو قال: فأهنه اتحد الحكم.
مسألة:
الخطاب بالناس والمؤمنين يعم الحر والعبد، وقيل يخص الأحرار. أبو بكر الرازي: يعم إن كان لحق الله. لنا: أنه من الناس والمؤمنين حقيقة فوجب الشمول. قالوا: مال. قلنا: ومكلف بالإجماع. قالوا: ثبت أن منافعه لمولاه فلو خوطب بصرفها إلى غير تناقض. قلنا: في غير وقت العبادات المتضايقة لاستثنائها فلا تناقض قالوا: حقه يقتضي تخصيصه لاستغناء الله وافتقاره، ولأنه يمنعه عن النوافل. قلنا: لو كان كذلك لم يقدم حق الله بالخطاب الخاص والثاني معارض بالفرائض.
مسألة:
مثل (يا أيها الناس)(يا أيها الذين آمنوا) يعم الرسول عند الأكثرين
الحليمي: إلا أن يكون في أوله قل، وقيل: لا يعم. لنا أنه منهم حقيقة، وأيضا لو لم يدخل لما فهموه فإنهم كانوا يسألونه عند الترك ليبدي المخصص. قالوا: هو آمر فلا يكون مأمورا. قلنا: مبلغ. قالوا: فكيف يبلغ نفسه؟ قلنا يبلغ أمته خطاب جبريل عليه السلام ويدخل هو فيه. قالوا له خصائص فكان منفردا. قلنا: لا يمنع دخوله في العمومات. الحليمي: إذا قال أمير لوزيره قل لفلان كذا لم يدخل. قلنا: كل العمومات يقدر فيها ذلك، ولكن الدخول بتبليغ خطاب جبريل عليه السلام.
مسألة:
بعض أصحابنا (يا أيها الناس) خطاب للموجودين وإنما يثبت لمن بعدهم بإجماع أو قياس أو نص آخر، وهو المختار. وبعضهم خطاب كالحنابلة واختاره أبو اليسر. لنا القطع بامتناع خطاب المعدوم ولأنه إذا امتنع في الصبي والمجنون ففيه أولى. قالوا: لو لم يكن مخاطبا لم يكن مرسلا إليه. قلنا: لا يتعين الخطاب الشفاهي، بل البعض شفاها والبعض بنصب الأدلة أن حكمهم حكمهم. قالوا: استدل العلماء على من بعد الصحابة رضي الله عنهم بمثل ذلك. قلنا: فهموه بدليل خارجي جمعا بين الأدلة. وقد مر في المحكوم عليه أن الأمر يتعلق بالمعدوم لا بمعنى التنجيز بناء
على الكلام النفسي، وذلك يصلح أن يسمى أمرا للمعدوم لا خطابا.
مسألة:
المخاطِب داخل في عموم خطابه أمرا ونهيا وخبرا كقوله (والله بكل شيء عليم). وقول السيد لعبده: من أحسن إليك فأكرمه أو فلا تهنه خلافا لشذوذ، لنا: لفظ عام ولا مانع من التناول فوجب الدخول. قالوا: يلزم في قوله تعالى (الله خالق كل شيء). قلنا خص بالعقل.
مسألة:
مثل (خذ من أموالهم صدقة) لا يقتضي أخذا من كل نوع من المال عند الكرخي وخالفه الأكثرون. له: أنه إذا أخذ صدقة واحدة من أنواع المال صدق أنه أخذ منها فكان ممتثلا ضرورة أنها نكرة في إثبات فلم تعم. قالوا: جمع مضاف وهو للعموم والمعنى من كل مال. قلنا: كل للعموم بمعنى التفصيل للفرق بين للرجال عندي درهم وبين لكل رجل عندي درهم باتفاق.
مسألة:
العام المتضمن للمدح أو الذم (كالأبرار والفجار) و (يكنزون) للعموم،