الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قالوا: "إذا روي عني حديث فاعرضوه" قلنا: معناه عند إشكال التاريخ أو إذا لم يكن في الصحة بحيث ينسخ به الكتاب. أما إذا اشتهر أو تواتر أو علم تاريخه فلا.
مسألة:
لا يثبت حكم الناسخ قبل تبليغه عليه السلام. لنا: لو ثبت أدى إلى وجوب وتحريم معا، لأنا قاطعون بأنه لو ترك الأول أثم، وأيضا لو عمل بالثاني عصى وأيضا لو ثبت لثبت قبل تبليغ جبريل عليه السلام لأهما سواء. قالوا: حكم متجدد فلا يعتبر فيه علم المكلف. قلنا: لا بد من اعتبار التمكن وهو منتف.
الفصل الثاني:
في وجوه اقتناص الحكم من النظم:
فمنها العبارة وهي ما استفيد من لفظه مقصودا به، ومنها الإشارة وهي
ما استفيد منه غير مقصود به. ولا تفاوت بينهما في الثبوت، والأول أرجح عند التعارض. أمثله (وعلى المولود له) قصد به إيجاب النفقة على الوالد. وأشير باللام إلى أن النسب إليه وأن له حق التملك. وانفراد والأب بتحمل النفقة. وفي الوارث إشارة إلى استحقاق النفقة بغير الولاد لشمول اللفظ وعموم المعنى وهو الاشتقاق من الإرث وإن خصصنا ذوي الأرحام بقراءة ابن مسعود رضي الله عنه خلافا للشافعي وفي قوله (أحل لكم ليلة الصيام الرفث) إشارة إلى (أن) من أصبح جنبا لم يفسد صومه،
والمقصود نفس الإباحة، وفي (ثم أتموا) الصيام إلى الليل. إشارة إلى جواز النية نهارا. ومنها الدلالة: وهي المسماة بمفهوم الموافقة وفحوى الخطاب تحريم الضرب من قوله (فلا تقل لهما أف) وكالجزاء بما فوق المثقال من قوله (فمن يعمل مثقال ذرة) وكتأدية ما دون القنطار من قوله (بقنطار يؤده إليك) وهو من قبيل التنبيه بالأدنى على الأعلى فلذلك كان الحكم في السكوت أولى. أو بالشيء على ما يساويه، والثابت بها كالثابت بما قبلها، إلا أن تينك أولى عند التعارض. وليست الدلالة من باب القياس لتوقفه على المعنى المستنبط بالاجتهاد الذي يختص به الفقهاء،
وتساوي أهل اللغة في فهم الدلالة ولهذا أثبتنا الحد والكفارة بها لا بالقياس. وقيل هو قياس جلي. لنا أنا قاطعون بذلك لغة للمبالغة قبل شرع القياس، وأيضا فإن الأصل لا يكون مندرجا في الفرع إجماعا وهذا قد يكون كلا تعطه ذرة. فإنه إذا أعطاه دينارا كان الأصل داخلا قطعا. قالوا: لو قطع النظر عن المعنى وأنه في الفرع آكد لما حكم به وهو معنى القياس. قلنا: ذاك شرط الفحوى لغة، ولهذا قال به من لم يقل بالقياس سوى من لا يؤبه له. وهذه على قسمين: قطعية كما مثلنا، وظنية كما نمثل، فقد أوجبنا الكفارة على من أفطر في رمضان بالأكل والشرب دلالة، فإن قول السائل "واقعت
وقع عن الجناية التي هي معنى المواقعة في هذا الوقت لا عين الوقاع فإنه ليس بجناية في نفسه والجواب وقع عن حكم الجناية فأثبتنا الحكم بالمعنى وهو في هذين أظهر لأن الصبر عنهما أشد والشوق إليهما أعظم. ولذلك أثبتنا حكم النسيان الوارد في الأكل والشرب في الجماع من حيث أن النسيان سماوي ودعاء الطبع إلى الوقاع كدعائه إلى الأكل والشرب فكان نظيرا لهما. فإن قيل: متفاوت لكثرته في مورد النص وندرته ههنا ولذلك لم يعذر به في الصلاة والحج للحالة المذكورة. قلنا: كثير ليس بقاهر. والوقاع قليل قاهر فاعتدلا. ومنها الاقتضاء: والمقتضى ما يتوقف عليه صحة المنطوق شرعا
مرادا معه، واحترزنا بشرعا عما تتوقف عليه صحته عقلا ولغة ومرادا معه عن مضمر النص فإنه لا يراد (معه) كـ (اسئل القرية) حيث ينتقل السؤال إلى أهلها عنها، ومثاله: أعتق عبدك عني بألف. فإن الأمر بالإعتاق مترتب على البيع الثابت في ضمنه شرعا. ولما كان ثبوته شرطا شريا قدم على الملفوظ وكان الثابت بالاقتضاء كالثابت بالمنطوق فيقدم على القياس ويؤخر عن النص عند التعارض.
مسألة:
ولا عموم له خلافا للشافعية
حتى لا تصح نية الثلاث في طالق ولا في اعتدي ولا مكان دون آخر في إن خرجت فعبدي حر، ولا مأكول ومشروب دون آخر في إن أكلت إن شربت ولا تخصيص سبب في إن اغتسلت بخلاف طلاقا وموضعا ومأكولا ومشروبا وغسلا
لنا: ثابت بالضرورة الشرعية فيتقدر بقدرها والعموم صفة اللفظ ولا ملفوظ، والتخصيص تصرف فيه وليس. قالوا: في معنى الملفوظ فيعم كعمومه قلنا فيما تتوقف عليه صحته شرعا لا مطلقا. قالوا: لا أكلت نفي للحقيقة بالنسبة إلى كل مأكول وهو معنى العموم فأمكن تخصيصه. قلنا: تصرف في اللفظ. وليس قالوا كلي لا وجود له إلا مشخصا والممنوع منه مشخص غير معين فصح تخصيصه به وإلا كان حالفا على غير موجود، قلنا: مطلق موجود من حيث هو في مشخص ما، لأنه جزؤه وهو ممتنع عن المركب من حيث المطلق لا من حيث التشخص وإن كان من ضرورات الوجود، والتحقيق أنه سلب كلي فلا يقتضي وجود موضوع ليلزم التشخص الذي هو من لوازم الوجود فهو امتناع عن إيقاع نفس الماهية بخلاف ذكر المفعولات لأنها نكرات ي سياق النفي فتعم.
تنبيه:
المقتضى يثبت بشروط ما توقف عليه لا بشروط نفسه لأنه تابع كما أن البيع الثابت في ضمن الأمر بالإعتاق عار عن القبول وهو ركنه، وكما قال أبو يوسف في أعتقه عني بغير شيء: يثبت الملك بالهبة ويسقط القبض وهو أولى فإن القبض شرط، والقبول ركن وهو أقوى، ونظَّر بأعتقه عني بألف ورطل خمر والقبض شرط الملك في البيع الفاسد. وقالا: يقع عن المأمور
لأن العتيق تالف من المولى فليس قابضا ولا الأمر حقيقة ولا العبد نيابة عنه ولا يمكن أيضا بخلاف ما إذا أمر بأن يطعم ن كفارته المساكين من مال المأمور حيث يصح ولا قبض بحكم الهبة لإمكان جعل الفقير قابضا عن الأمر ثم عن نفسه لوقوع العين في يده ودوامه. ولا كذلك الملك في العبد فإنه تالف فلا مقبوض ينوب فيه العبد، ثم الملك في الموهوب لا يثبت بدون القبض فلم يمكن سقوطه بخلاف القبول، فإن سقوط ركني البيع ممكن كما في التعاطي فالشرط أولى، ولما كان الفاسد مشروطا بأصله أشبه الصحيح في احتمال سقوط القبض.
تنبيه:
"إنما الأعمال بالنيات" و"رفع عن أمتي الخطأ والنسيان" من المضمر لا من المقتضى، وعدم العموم فيه ليس من قبيل الاقتضاء بل لأن المضمر وإن كان عاما بلا خلاف لكنه لما أضيف إلى غير محله سقط عمومه، لأن كلا من الخطأ والنسيان والعمل غير مرفوع، وما يضمر ههنا يحتمل الحكم بالصحة والفساد، ويحتمل الثواب والإثم، فلم يكن الإطلاق دالا على أحدهما، وحكم المشترك الوقف حتى يقوم دليل على المراد، وهذا عند الشافعية