الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مجرى على عمومه، قالوا: رفع الذات مستلزم لرفع أحكامها، فالمجاز متعين ورفع كل الأحكام أقرب إلى رفع الذات من رفع البعض، فكان أولى. قلنا: لو أمكن رفع الذات مرادا استتبع أحكامها ولكن المراد هو المحذوف دونها، وتعيين المحذوف مع اختلافه بغير دليل تحكم، فإن قيل بالتعميم كانت مسألة تعميم المشترك وقد تقدمت. قالوا: إن عين واحدا فتحكم وإلا لزم الإجمال. قلنا: إن تعين بدليل فلا تحكم، وإلا فليلزم.
تنبيه:
وما ثبت بالإشارة يمكن تخصيصه بخلاف الدلالة، والفرق أن معنى النص إذا ثبتت عليته لم يحتمل بطلانها وهذا بناء على مذهبنا في إبطال تخصيص العلل، والإشارة من المنطوق فهي كالنص العام.
الفصل الثالث:
في المفهوم
وهو ما دل عليه اللفظ في غير محل النطق، وهو نوعان:
مفهوم موافقة وهو الدلالة كما مر. ومخالفة: وهو أن يكون المسكوت عنه مخالفا للمنطوق في الحكم ويسمى دليل الخطاب، وليس شيء منه حجة عندنا وهو أقسام منها: مفهوم الصفة مثل
"في الغنم السائمة زكاة"، فقال به الشافعي وأحمد والأشعري وكثير من الفقهاء، ووافقنا على المنع الغزالي
والمعتزلة، وفصَّل أبو عبد الله البصري إن كان للبيان كالسائمة أو للتعليم نحو "إذا اختلف المتبايعان" أو كان ما عدا الصفة داخلا تحتها كالحكم بالشاهدين حيث يدل على نفسه عن الواحد فحجة وإلا فلا وشرطه عند قائليه: أن لا يظهر أن السكوت عنه أولى ولا مساويا احترازا عن الدلالة ولا خرج مخرج الأعم الأغلب مثل {وربائبكم اللاتي في حجوركم} {فإن خفتم أن لا يقيما}
"أيما امرأة نكحت نفسها" ولا لسؤال كما لو سئل أفي الغنم السائمة؟ ولا مخرج حادثة كما لو قيل لزيد غنم سائمة فقال: فيها زكاة. ولا مخرج جهالة بحكمها كما لو علم أن في المعلوفة زكاة وجهل حكم السائمة فقال في السائمة أعلا ما بها. ولا خوف عن تخصيصها باجتهاد
لولا ذكرها. لنا: لو ثبت فإما بدليل عقلي ولا مدخل له في اللغة، أو نقلي ولا تواتر، والآحاد المفيدة للظن معارضة بمثلها فلا تثبت اللغة بالشك، وأيضا فإما بالمطابقة فيلزم الوضع أو بالتضمن وليس بجزء وإلا استحال دونه أو بالالتزام فيجب تقدم اللزوم الذهني وإلا فدور، ولا لزوم عقلا وإلا لما انفك، ولا شرعا لأنه إما خارجي فهو الدليل أو المفهوم فدور، وأيضا لما صح أدوا زكاة السائمة والمعلوفة كما لا يصح لا تقل له أف واضربه لعدم الفائدة في ذكرهما لقيام الغنم مقامهما وللتناقض فإن ذكر السوم حينئذ يدل على نفي زكاة المعلوفة والعطف يثبتها. وأورد: الفائدة عدم تخصيصها بالاجتهاد، فلو أتي بالعام أمكن به. قلنا ممنوع على ما سبق في الخصوص. قالوا: لو لم يدل لم يفهمه أهل اللغة وقد فهم
أبو عبيد من قوله عليه السلام "لي الواجد يحل عرضه وعقوبته. أن لي غيره لا يحلهما، ومن "مطل الغني ظلم" أن مطل غيره ليس بظلم، وقيل له المراد من قوله عليه السلام "لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحا خير له من أن يمتلئ شعرا" هجاء الرسول. فقال لو كان لخلا ذكر الامتلاء
عن معنى فإن قليله كذلك، وكذلك قال الشافعي وهما إمامان في اللغة، فالظاهر فهمهما منها. قلنا: بنيا على اجتهادهما فلا يكون حجة على غيرهما وهو معارض بمذهب الأخفش وغيره منهم قالوا: لو لم يكن للحصر لزم الاشتراك إذ لا واسطة وليس باتفاق. لنا: لا يلزم من نفي دلالة الحصر دلالة الاشتراك لجواز أن لا يدل عليهما أصلا. قالوا: إذا قيل: الفقهاء الحنفية أفاضل ولا مقتضى للتخصيص مما تقدم نفرت الشافعية مع إقرارهم بفضلهم ولا ذاك إلا للإشعار بالمخالفة. قلنا: لعلها من التصريح بالحنفية وتركهم على الإجمال أو لتوهمهم لاعتقاد ذلك. قالوا: أكثر فائدة فكان أولى، قلنا: إثبات لغة بتكثير الفائدة فلا يصح.
وأجيب بلزوم الدور من جهة أن دلالته تتوقف على تكثير الفائدة المتوقف على دلالته، وليس بسديد، لأن تكثير الفائدة حامل على الوضع لتحصيلهما فتعقله سبب الفعل، وحصوله مسبب فلا دور.
ومنها مفهوم الشروط:
وهو انتفاء الحكم عند عدم ما علق عليه فقال به من لا يقول بمفهوم الصفة، ووافقنا على المنع عبد الجبار والبصري. القائل به بما تقدم، وأيضا يلزم من انتفاء الشرط انتفاء المشروط وما دخل عليه حرف الشرط شرط، وأجيب بأنه
لا يلزم أن يكون شرطا لجواز كونه سببا والتعدد في الأسباب ممكن. وفخر الإسلام بنى الخلاف على حرف آخر، وهو أن الشرط عندنا مانع عن انعقاد السبب وعندهعن الحكم، فالتعليق سبب. وعندنا عند وجود الشرط، فعدم الحكم يضاف إلى عدم سببه، وعنده إلى انتفاء شرطه مع وجود سببه. لنا: أن السبب هو المفضي إلى الحكم والتعليق يمين تعقد للبر فنافت الحنث، فأثر التعليق في منع الانعقاد فبقي الحكم على عدمه الأصلي. قالوا: سبب شرعي يجب ترتب حكمه عليه، فأثر الشرط في تأخيره عنه كشرط الخيار في البيع. قلنا: الشرط مغير فإن نجز انعقد وإلا تغير عن السببية لعدم الإفضاء إلى الحكم ظاهرا، وأما شرط الخيار فعلى خلاف القياس لعدم إمكان تعليق البيع
لأنه إيجاب والغرض التدارك فجعل داخلا على الحكم لمنع اللزوم.
تنبيه:
ويتفرع على هذا أن التعليق بالملك قبله في الطلاق والعتق صحيح. وتعجيل النذر المعلق وكفارة اليمين ممتنع وطول الحرة غير مانع من نكاح الأمة خلافا له.
تنبيه:
وبنى الخلاف في الصفة على هذا فقال هي مانعة من عمل اللفظ المطلق بموجبه فكانت كالشرط، وعندنا أن قصارى ذلك أن تكون علة ولا أثر لها في النفي.
نقضان:
لو أتت بثلاثة في أبطن فادعى المولى نسب الأكبر اقتصر، ولولا الدلالة لثبت الآخران لأنهما ولدا أم واحدة ولو شهدا في ميراث: لا نعلم له وارثا في أرض كذا لم تقبل عندهما ويجعل النفي الخاص إثباتا في غيره. وجواب الأول:
أن النفي ليس للمفهوم، بل لقرينة خارجية، وهي أن التبري عن الإلحاق لظهور دليله فرض كالالتزام بدليله فكان سكوته عن التبري في موضعه بيانا له كيلا يكون تاركا للغرض. والثاني: أن زيادتهما أورثت شبهة قادحة في القبول. وقال أبو حنيفة: سكوت في غير موضع الحاجة، لأن ذكر المكان غير واجب وقد يكون احترازا عن المجازفة.
ومنها مفهوم الغاية:
وقال به أكثر الفقهاء والمتكلمين. وعندنا هو من قبيل الإشارة لا المفهوم
القائل به: بما تقدم، وبأن معنى صوموا إلى أن تغيب الشمس أنه آخره، فلو فرض بعده لم يكن آخرا هذا خلف.
ومنها مفهوم اللقب:
كقولنا: زيد قائم، فالجمهور: لا يدل على نفي غيره خلافا للدقاق وبعض الحنابلة. لنا: المقتضي للمفهوم معدوم لأن الشرط
في مفهوم المخالفة أنه لو حذف متعلق الحكم لم يختل الكلام، وههنا يختل بإسقاط اللقب، وأيضا لو كان حجة لز الكفر من قولنا: محمد رسول الله وزيد موجود، فإن الأول ينفي سائر الأنبياء، والثاني واجب الوجود، وأيضا إبطال القياس لأن النص في الأصل حينئذ دال على نفي الحكم في الفرع فلو علل كان على مضادة النص. قالوا: إذا قال لمن يخاصمه ليست أمي زانية ولا أختي، تبادر نسبته إلى أم الخصم وأخته، ولذلك حد عند مالك وأحمد ولولا الدلالة ما حد. قلنا: جاز أن يكون لقرينة خارجية لا للقب، ولذلك لا يحد عندنا.
ومنها الحصر بإنما:
فعندنا لا يفيده، بل يؤكد الإثبات. والقاضي والغزالي:
يفيده بمنطوقه ظاهرا ويحتمل التأكيد. وقيل بمفهومه. لنا: إنما زيد قائم بمعنى إن زيدا قائم فكانت ما مؤكدة للمعنى، وأيضا لو دل لم يصح عمل بغير نية ولا ولاء لغير معتق بقوله "إنما الأعمال بالنيات" و"إنما الولاء لمن أعتق". الغزالي:{إنما إلهكم الله} بمعنى ما إلهكم إلا الله، فيدل كما يدل. وهذه أدلة استقرائية فقد يكون الحصر وعدمه مستفادا من خارج ولا دليل من قبل الوضع فتعين العمل بالمنطوق وهو تأكيد الإثبات لا غير.
ومنها الحصر:
في مثل: صديقي زيد، والعالم زيد، ولا يكون المبتدأ معهودا فعندنا لا يفيده، وقيل يفيده بمنطوقه، وقيل بمفهومه. لنا: لو أفاده لأفاد عكسه لأنه فيهما لا يستقيم للجنس ولا لمعهود معين لعدم القرينة وهو الدليل
عندهم. وأيضا لكان التقديم يغير مدلول الكلمة من كونها مبتدأ وخبرا، وأيضا يلزم استعمال اللام لغير الجنس والعهد والذهني. والأولان واضحان والثالث باطل، إذ الذهني في بعض غير مقيد بصفة كأكلت الخبز وشربت الماء. القائل به: لو لم يدل لأدى إلى الإخبار بالأخص عن الأعم إذ لا عهد ولا يستقيم للجنس فوجب جعله لمعهود ذهني مقيد بما يصيره مطابقا كالكامل والمنتهي وهو مرادنا بالحصر. قلنا: حق ولكنه يفيد المبالغة فمن أين الحصر وهي حاصلة في زيد العالم بنص سيبويه في زيد الرجل، أي الكامل في الرجولية. قالوا: لا يلزم فإنه إخبار عن الأخص بالأعم. قلنا شرطه أن يكون الأعم نكرة. قالوا: يجوز أن يكون للعهد لقرينة بخلاف العالم زيد. قلنا: يمتنع لوجوب استقلال الخبر بالتعريف منقطعا عن المبتدأ كوجوب استقلال الصفة به.
ومنها: مفهوم قران العطف.
قال به البعض مصيرا منهم إلى أن العطف يقتضي الشركة فقوله:
{وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة} يقتضي أن لا تجب الزكاة على الصبي كالصلاة للاشتراك في العطف. قلنا: العطف من حيث هو لا يوجب الشركة، بل نقصان المعطوف ليتم بما تم به المعطوف عليه وعند تمامها لا يشارك إلا فيما يفتقر إليه كقوله: إن دخلت الدار فأنت طالق وعبدي حر، لأنه في حكم التعليق قاصر وإن كان تاما في نفسه.
تفريع:
{ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا} جعل مشاركا في الجلد لصلاحية كونه جزءا واحدا لأنه إيلام معنوي والجلد صوري وهو مفوض إلى الإمام بخلاف {وأولئك هم الفاسقون} لأنه حكاية حال فقام دليل الانفصال.