الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وعن الشافعي خلافه. لنا عام صيغة فوجب العموم، وليس المدح والذم مانعين من إرادته. قال: القصد المبالغة في الطاعة والزجر فلم يعم. قلنا: هي مع العموم أبلغ ولا منافاة فوجب التعميم للمقتضي وانتفاء المانع.
ومنه التخصيص:
وهو قصر العام على بعض مسمياته
فمنه عقلي كـ (الله خالق كل شيء) وحسي كـ (أوتيت من كل شيء) ولفظي، فمن أصحابنا من قسمه إلى مستقل وغيره، وعليه الأكثرون
ليدخل الاستثناء والشرط والصفة والغاية. ومنهم من شرط الاستقلال مع الاتصال في أول مخصص. والفرق أن غير المستقل إذا كان معلوما فالعام فيما وراءه موجب للعلم لعدم قبول التعليل، ولأن الاستثناء تكلم بالباقي وهو معلوم العموم بخلاف المستقل المتصل فإنه يوجب تغير العام من القطع إلى الاحتمال لشبهه بالاستثناء حكمه وبالناسخ صيغة. والمستقل إذا تراخى وهو معلوم كان ناسخا. وحكم العام بعده إيجاب العلم في الباقي لعدم التعليل لكونه مخرجا بالمعارضة بخلاف التخصيص، وإن لم يلحق أولا. وقد خص العام بمستقل متصل لم يشترط قرانه وصح التخصيص به كالخبر والقياس لاشتراكهما في إيجاب الظن، وشرطه صحة التوكيل بكل. أي يكون ذا أجزاء يصح افتراقها حسا أو حكما.
مسألة:
والجمهور على جواز التخصيص بالعقل
لنا (الله خالق كل شيء)(وهو على كل شيء قدير) والعقل قاطع باستحالة كون القديم مخلوقا أو مقدورا. وأيضا (ولله على الناس حج البيت) وغير العاقل والفاهم غير مراد بالعقل. واعترض بلزوم أروش الجنايات وضمان المتلفات الصبي وبالإجماع على صحة صلاته وحجه. قلنا: أما الأول فلعصمة المحل فهو من خطاب الوضع. وأما الثاني فمن العاقل والمخاطب بتميزنه: الولي، وكلامنا في غيره. قالوا: لو صح به لأريد لغة ولا دلالة للفظ بالذات والعاقل لا يريد ما يخالف العقل. قلنا: التخصيص عدم الإرادة مع تناول اللفظ لغة والتناول غير ممتنع بالضرورة. قالوا: لو خص لكان متأخرا والعقل متقدم. قلنا: إن أريد تأخير ذاته منع أو تأخير بيانه فهو كذلك. قالوا: لو جاز لجاز النسخ به. قلنا: ممنوع فإن النسخ محجوب عن العقل على تفسير به، بخلاف التخصيص. قالوا: تعارض فلا يعمل بهما أو يهدر العقلي، قلنا: تعارض القطعيين لا يستقيم فوجب تأويل المحتمل وهو العام.
مسألة:
العراقيون: إذا ورد خاص وعام، فإن تأخر العام نسخ، أو الخاص
نسخ العام بقدره أو معا خصص. وإن جهل التاريخ فالوقف ويؤخر المحرِّم احتياطا. والشافعي والقاضي أبو زيد (وجمع من مشايخنا): الخاص مبين للعام (مطلقا). وبعضهم لا يجيز تخصيص الكتاب بالكتاب مطلقا. لنا أن في النسخ إعمالا للدليلين في زمانين، وفي التخصيص إبطال العموم في بعض أفراده بخلاف ما إذا وردا معا لاستحالة
النسخ لوجوب تراخيه، وأيضا فإنه إذا تقدم: لا تقتل زيدا المشرك ثم تأخر اقتل المشركين كان في قوة اقتل زيدا وأنه نسخ. فإن قيل بل مخصص، فإنه إذا تعارضا ترجح لأنه مانع، والنسخ رافع والأول أسهل. قلنا: إنما يكون مانعا إذا اقترن ليصير تكلما بالباقي حكما وإذا انفصل وجوب استغراق العام فتعين الرفع، وأيضا فالمخصص مترتب على العام لشبهه بالاستثناء حكما، فإذا تقدم زمانه لم يكن بيانا. قالوا: لو لم يخصص مطلقا لبطل القاطع وهو الخاص بالمحتمل. قلنا: قاطعان لما مر. المانع مطلقا: لو صح لم يكن النبي مبينا وهو منتف بقوله (لتبين) قلنا كل مبين لقوله (تبيانا لكل شيء) والنبي صلى الله عليه وسلم مبين بهما.
مسألة:
يجوز تخصيص السنة بالسنة، والخلاف فيه كما مر، وتخصيص المتواترة بالكتاب خلافا لقوم، وبالعكس لأنهما مثلان فصح بيان أحدهما بالآخر. واختلف في تخصيص الكتاب بخبر الواحد
فعندما لا يجوز ما لم يخص الكتاب وأجاز الباقون مطلقا، وتوقف القاضي. لنا أنه قبل التخصيص قطعي السند والدلالة والخبر ظني فلا يخصه وبعده يتساويان. القاضي: الكتاب قطعي بسنده. والخبر بدلالته فتعارضا. قلنا: قبل التخصيص الكتاب قطعي بهما فلا تساوي. قالوا: أجمع الصحابة رضي الله عنهم
على تخصيصه بخبر الواحد كما خصوا (وأحل لكم ما وراء ذلكم) برواية أبي هريرة رضي الله عنه "لا تنكح المرأة على عمتها ولا خالتها" وبـ (يوصيكم الله في أولادكم) بـ"لا يرث القاتل" و"لا يتوارث أهل ملتين" و"نحن معاشر الأنبياء لا نورث" قلنا: مشاهير، لإجماعهم على العمل بها فيزاد بها وهو نسخ عندنا.
مسألة:
الإجماع مخصص ومعناه تضمن وجود المخصص لا أنه في نفسه مخصص لعدم اعتباره زمن الوحي كما عملوا بخلاف النص الخاص لتضمنه الناسخ.
مسألة:
العادة مخصصة يترك العموم بها ويقيد الإطلاق كانصراف الدراهم إلى غالب نقد البلد. ولا آكل رأسا إلى المتعارف، وكقوله حرمت الربا في الطعام والعرف أنه الحنطة والشعير، خلافا للأكثري. لنا: ظاهر في إرادة المجاز العرفي. قالوا: الصيغة عامة ولا مخصص. قلنا: الثانية ممنوعة بما قلنا.
مسألة:
الجمهور: إذا وافق خاص عاما لم يخصصه خلافا لأبي ثور، كقوله:"أيما إهاب" وكقوله في شاة ميمونة رضي الله عنها "دباغها طهورها" لنا لا تعارض فالعمل بهما واجب. قال: المفهوم مخصص عند قائليه فذكرها يخرج غيرها. قلنا: أما على أصلنا فظاهر ومن أجاز المفهوم فبغير مفهوم اللقب.
مسألة:
رجوع الضمير إلى بعض العام المتقدم لا يخصه خلافا لأبي الحسين
وأبي المعالي، وقيل بالوقف. ومثاله (والمطلقات يتربصن) (وبعولتهن أحق بردهن) لنا: لفظان خص المضمر منهما فلا يلزم تخصيص المظهر لأن الأصل إجراء العموم على حقيقته. قالوا: يلزم وإلا لما كان المضمر طبق المظهر. قلنا: ممنوع فإنه كالمظهر ولو رجع مظهرا لم يلزم. الواقف ليس إجراء الأول على عمومه بمخالفة ظاهر الضمير أولى من إجراء هذا على مقتضاه وتخصيص الأول به. قلنا: بل الأول أرجح لأن دلالة المظهر على العموم أقوى من المضمر.
مسألة:
مذهب الراوي على خلاف ظاهر العموم مخصص عند أكثر أصحابنا والحنابلة خلافا للشافعي في الجديد والأكثرين. لنا: إن خالف بغير دليل لزم فسقه وهو باطل أو بدليل فكان مخصصا جمعا بين الدليلين. قالوا:
مذهبه ليس بحجة فلا يترك به العموم. قلنا: حجة على ما يأتيك.
مسألة:
تقريره عليه السلام ما فعل واحد من الأمة بين يديه مخالفا للعموم غير منكر مع العلم فخصص، خلافا لشواذ. لنا: دليل على الجواز، وإلا لوجب النكير فالسكوت بيان، ثم إن أمكن تعقل معنى جوز له المخالفة جاز القياس عليه لمن شاركه، وإلا فلا. قالوا: لا صيغة للتقرير فلا يقابل الصيغة قلنا: حجة قاطعة في الجواز نفيا للخطأ عنه عليه السلام، فصح تخصيصه.
مسألة:
فعله عليه السلام مخصص عند الأكثر، ونفاه الكرخي. قال في الأحكام: والتحقيق
في التفصيل، فإن عم الأمة والنبي كما لو قال: كشف الفخذ حرام على كل مسلم وكشف فالاتفاق على إباحته في حقه وتخصيصه، وأما غيره فإن قلنا بوجوب التأسي كان نسخا، وإلا تخصيصا في حقه. وإن عم الأمة وحدهم لم يكن مخصصا في حقه، وأما غيره فإن قيل بوجوب الاتباع فنسخ وإلا فلا يكون مخصصا مطلقا، فلا وجه لهذا الخلاف. قال: والأظهر الوقف بناء على أن دليل وجوب التأسي عام (أيضا) فتعارضا، فإن قيل: الفعل خاص فكان أولى. قلنا: ليس موجبا بنفسه، بل بالأدلة العامة. فإن قيل: الفعل مع أدلة التأسي أخص من اللفظ العام مطلقا. قلنا: لا دلالة للفعل على وجوب التأسي أصلا والموجب مساو للعام.
مسألة:
يخص العام المخصوص بالقياس وأجازه أبو الحسين
والأشعري وأبو هاشم مطلقا. ابن شريح: إن كان جليا. وقيل: إن كان المقيس عليه مخرجا، ومنع منه الجبائي مطلقا. وتوقف القاضي وأبو المعالي، واختار بعضهم إن ثبتت العلة بنص أو إجماع أو كان الأصل مخرجا بدليل، جاز وإلا فالمعتبر القرائن المرجحة في آحاد الوقائع، فإن ظهر ترجيح خاص للقياس اعتبر وإلا فلا. لنا أنهما متساويان في إفادة الظن كما مر فصح تخصيصه به بخلاف ما قبله إذ الظني لا يقابل القطعي. الجبائي: لو صح لزم تقديم الأضعف على الأقوى لما مر في الخبر. قلنا: نمنع أنه أقوى، ولو سلم فإنما يلزم المحال بتقدير الإبطال والتخصيص إعمال لهما، ويلزمه على رأيه فإن السنة والمفهوم يخصان عنده والسنة أضعف من الكتاب والمفهوم منهما. وجه المختار: