المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل:في دفع العلل المؤثرة - بديع النظام الجامع بين كتاب البزدوي والإحكام = نهاية الوصول - جـ ٢

[مظفر الدين ابن الساعاتي]

الفصل: ‌فصل:في دفع العلل المؤثرة

‌فصل:

في دفع العلل المؤثرة

، ولا يصح إلا بالممانعة

ص: 634

والمعارضة ولا وجه للمناقضة لظهور الأثر بالكتاب والسنة فإن تصورت

ص: 635

مناقضة خرج على ما مر من عدم الحكم لعدم العلة كقولنا: مسح في وضوء فلا يسن تكراره كالخف، لا يلزم الاستنجاء لأنه إزالة الخبث فإنه إذا لم يعقب أثرا لا يسن. ولا لفساد الوضع إذ لا يوصف الكتاب والسنة والإجماع به. ولا للفرق لأن السائل منكر فله الدفع، وذكر معنى آخر في الأصل

ص: 636

دعوى وغايته أن يذكر علة لا تتعدى لكنها لا تمنع التعدية، وحاصله في الفرع عدم العلة والعدم ليس بدليل. أما الممانعة فأربعة: أولها في نفس الحجة كما إذا كانت طردية أو عدمية كما يعلل فساد النكاح بشهادة النساء والرجال بأنه ليس بمال. وثانيها: في وجود الوصف في الفرع والأصل لجواز كونه مختلفا في كقولنا في إيداع الصبي مسلط على الاستهلاك وفي صوم العيد منهي، وهو دليل التحقق والخصم يقول مسلط على الحفظ والنهي نسخ.

وثالثها: في شرطها وقد عرفتها والممنوع ههنا شرط متفق عليه وقد فقد في الأصل أو الفرع كقولهم في السلم الحال: أحد عوضي المبيع فكان كثمن المبيع، فيقال: الشرط أن لا يغير حكم النص ولا يكون معدولا به عن القياس وقد فقدا. ورابعها: في أثرها لأن مجرد الوصف بلا أثر ليس بحجة عندنا. قلنا: المنع حتى يثبت. وأما المعارضة فنوعان: معارضة بمناقضة، وخالصة، فالأول وهو القلب نوعان: أحدهما أن يجعل العلة حكما والحكم علة ولا يتأتى إلا في التعليل بالحكم كقولهم الكفار يجلد بكرهم فيرجم ثيبهم كالمسلمين. والقراءة تكررت فرضا في الأوليين فكانت فرضا في الأخريين كالركوع. قلنا: المسلم لم يجلد بكره إلا لأنه يرجم ثيبه ولم يتكرر الركوع فرضا في الأوليين إلا لأنه فرض في الأخريين، والمخلص أن يخرج مخرج الاستدلال بأن يكونا نظيرين ليدل كل على الآخر كقولنا: ما يلتزم بالنذر يلتزم بالشروع إذا صح كالحج.

ص: 637

والثيب الصغيرة يولى عليها في مالها فيولى في نفسها كالبكر الصغيرة فيقال: إنما لزم الحج بالنذر لأنه يلزم بالشروع، وإنما يولى على البكر في مالها لأنه يولى عليها في نفسها. قلنا: النذر لما وقع قربة لكونه سببا لزم ابتداء الفعل رعاية له مع انفصاله عنه فلئن يلزم بمباشرة القربة أولى، والولاية شرعت للعجز في النفس والمال والثيب والبكر فيه سواء. أما الرجم والجلد والقراءة والركوع فيفترقان حتى افترقا في شرط الثيابة. والقراءة تسقط بالاقتداء عندنا، وبخوف فوت الركعة عندكم ويجب الفعل على العاجز عن الذكر، لا بالعكس وافترق الشفعان في سقوط السورة والجهر فلم يكونا نظيرين وثانيهما أن يجعل الوصف شاهدا لك، وقد جعله شاهدا عليك. ولا يتأتى إلا في وصف زائد مقرر ومفسر كقولهم في رمضان: صوم فرض فوجب تعيين النية كالقضاء. وفي المسح ركن فيثلث كالغسل. قلنا: لما كان فرضا استغنى عن التعيين بالتعيين كالقضاء إلا أن هذا يتعين بالشروع وذاك قبله. ولما كان ركنا وجب

ص: 638

أن لا يسن تثليثه بعد إكماله بالزيادة على الفرض كغسل الوجه لأن المسح يقام بالقليل فاستيعابه تكميل في محله كالتكرار في الغسل المستوعب وقد يلحق بهذا النوع العكس وإن لم يكن منه وهو نوعان: رد الشيء على سننه ويصلح للترجيح كقولنا ما يلتزم بالنذر يلتزم بالشروع كالحج، وعكسه الوضوء. والآخر رده على خلاف سننه كقولهم: عبادة لا يمضي في فاسدها فلم تلزم بالشروع كالوضوء، فيقال: فإذا يستوي فيه الذر والشروع كالوضوء وهذا ضعيف لذهاب المناقضة حيث أتي بحكم آخر، ولبطلان القياس باختلاف الاستواء فإنه في الوضوء سقوط وفي الصلاة ثبوت، فامتنعت تعدية استواء السقوط لإثبات الاستواء في الصلاة.

والثاني: المعارضة الخالصة وهي خمسة في الفرع وثلاثة في الأصل. وأصل الفرعية: المقابلة بالضد فإذا قيل ركن فيسن تثليثه كالغسل قيل مسح فلا يسن كالخف. وثانيها: مع زيادة مقررة: ركن فلا يسن تثليثه بعد إكماله كالغسل. وثالثها مع تغيير ينفي به ما أثبت كقولنا في اليتيمة: صغيرة فتنكح كالتي لها أب. فيقال: صغيرة فلا يولى عليها بولاية الإخوة كالمال. وهذا تغيير لأن الأول تعرض لإثبات الولاية، وهذا لتعيين الولي إلا أنه يستلز نفي الأول لاستلزام انتفاء ولاية الأخ انتفاءها مطلقا بالإجماع. ورابعها: هو ثاني قسمي العكس، وفيه صحة من وجه كما قلنا: يملك الكافر بيع (العبد) المسلم فيملك شراءه كالمسلم. فيقال: وجب استواء الابتداء والبقاء كالمسلم.

ص: 639

وخامسها: المعارضة في حكم آخر فيه نفي الأول كما لو عورض أبو حنيفة في المنعية إذا قال زوجها الأول أحق بالولد للفراش الصحيح. بأن الثاني ذو فراش فاسد فكان له كالمولود من نكاح بغير شهود، فظاهرها فاسد لاختلاف الحكم، لكن لما تعذر إثبات النسب لزيد بعد عمر وصحت بما يصلح سببا له فرجح الأول بالصحة فإذا عورض بالحضور رد بأن الصحة والملك أرجح في الاعتبار لأن الفاسد شبهه فلا يعارض الحقيقة. وأما الأصلية فأولها: المعارضة بمعنى غير متعد وهي باطلة لعدم حكمها. وثانيها: التعدية إلى مجمع عليه كالأرز بالأرز، وثالثها: إلى مختلف كالتفاحة بمثلها، ومن النظار من استحسنها في الأصل للإجماع على أن العلة إحداهما فإثبات هذه إبطال للأخرى ضرورة. ورد بأن الإجماع على فساد إحداهما لمفسد يخصها لا لصحة الأخرى.

فائدة:

كل ما يذكر في الأصل على وجه المفارقة فاجعله مانعة، كقولهم في إعتاق

ص: 640

الراهن تصرف لاقى حق المرتهنب الإبطال فيرد كالبيع. ففرقوا باحتمال البيع للفسخ، والحق أن القياس للتعدية دون التغير وهذا تغير لأن حكم الأصل وقف ما يحتمل الفسخ، وحكم الفرع إبطال ما لا يحتمله، وكذا إذا قيل: قتل آدمي مضمون فوجب المال كالخطأ. ففرق بأن المثل في الخطأ متعذر، قلنا: شرط القياس غير موجود لأن حكم الأصل كون المال خلفا عن القود وهذا مزاحم له.

وجوه دفع المناقضة:

قد سلف أنها لا ترد على المؤثرة لكن إذا تصورت مناقضة فالدفع بالجمع والتوفيق بأربعة أوجه: أولها: بالوصف: مسح فلا يسن تثليثه كالخف، فإذا نقض بالاستنجاء قلنا ليس بمسح بل إزالة نجاسة، ولهذا لا يسن إذا لم يؤثر. وكقولنا: نجس خارج فكان حدثا كالبول فلا ينقض بغير السائل لأنه طاهر غير خارج. ولهذا لم يجب غسله إجماعا. وثانيها بمعناه وتقريره: أن المسح تطهير حكمي غير معقول والتكرار توكيد فإذا لم يرد بطل، ولهذا تأدى الفرض ببعض المحل والاستنجاء إزالة نجاسة وفي التكرار توكيده ولهذا لم يتأد ببعضه فكان نظير الغسل وغير السائل لا يتعلق به تطهير والسائل أوجه فكان نظير البول. وثالثها: بالحكم كقولنا: الغصب سبب لملك البدل فكان سببا لملك المبدل فإذا أورد المدبر أجيب بأنه سبب أيضا ولهذا ظهر أثره فيما يضم إليه لكن امتنع حكمه لمانع. وكقولنا في الصائل قتله لإحياء نفسه فلم يناف العصمة كالمتلف لدفع المخمصة فإذا أورد مال الباغي أجيب بأن عصمته لم تبطل بإحياء المهجة. ورابعها: بغرض الحكم كقولنا: نجس خارج فإذا أورد المستحاضة، أجيب بأن الفرض التسوية بينه وبين الخارج من السبيلين وذلك حدث، فإذا دام كان عفوا لموضع الخطاب بالأداء فكذا هذا

ص: 641

وقد يلقب هذا القسم بأنه لا يفارق حكم أصله.

وجوه دفع العلل الطردية:

وهي أربعة: القول بموجب العلة وهو التزام ما يلزمه المستدل كقولهم ركن فيسن تثليثه كالغسل، فنقول: الاستيعاب تثليث وزيادة إذ ليس من لوازم التثليث اتحاد المحل. فإن غير التثليث إلى التكرار منعناه في الغسل والسنة ليس إلا الإكمال ولما تعذر بالإطالة كالركوع والسجود لاستيعاب المحل كان التكرار خلفا والإكمال في المسح ممكن فبطل الخلف وظهر الفقه وهو أن لا أثر للركنية في التكرار ولا التكميل، فإن مسح الخف مشارك في سنية الإطالة ولا ركنية فكذلك المضمضة. أما المسح فله أثر في التخفيف لأنه ليس لطهر معقول فسنت إطالته لا تكراره، وهذا بناء على أن الفرض يتأدى بالبعض وهو يمنعونه، بل الفرض الكل والبعض رخصة، وأجيب بأن الاستيعاب غير مراد من الباء في {برؤوسكم} فكان البعض أصلا والاستيعاب تكميلا، والزيادة على التكميل بدعة. وكقولهم في رمضان: صوم فرض فوجب تعيين

ص: 642

النية. فقلنا بالموجب من حيث إن الإطلاق فيه تعيين. وكقولهم باشر فعلا لا يمضي في فاسده فلم يقض بالإفساد كالوضوء. فقلنا بالموجب بأن القضاء ليس بالإفساد، ولهذا يجب بالفساد، كما لو وجد المتيمم في رحله ماء لكنه بالشرع يصير مضمونا وفواته موجب لمثله فإن غيرت العبارة إلى أنه لا يجب بالشروع ولا بالإفساد كالوضوء قلنا ضمان القربة عندنا بوصف الالتزام بالنذر. الثاني الممانعة: وهي أربعة: أولها في الوصف كقولهم عقوبة تعلقت بالجماع فلا تجب بالأكل كالزنا. وهو ممنوع فإن الكفارة عندنا تعلقت بالفطر. وكقولهم في التفاحة بمثلها: مطعوم بمطعوم مجازفة فيبطل كالصبرة بالصبرة فنقول: مجازفة ذات أو وصف، فإن قال ذات قلنا بالصورة أم بالمعيار ولا بد من المعيار لأن المطعوم بمثله كيلا جائز وإن تفاوتا بالذات. فإن قال: بي غنى عن هذا منع المجازفة مطلقة فيضطر إلى أن الطعم علة بشرط الجنس، مع أن الكيل الذي به الجواز لا يعدم إلا الفضل على المعيار. ومن الممانعة ما يدخل في الأصل كقولهم: طهارة

ص: 643