المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ومنه المجمل والمبين: - بديع النظام الجامع بين كتاب البزدوي والإحكام = نهاية الوصول - جـ ٢

[مظفر الدين ابن الساعاتي]

الفصل: ‌ومنه المجمل والمبين:

إذ لا تنافي بين حكم يمكن حصوله مطلقا بشرط تارة وبغيره أخرى كالملك يوجد بالشراء وغيره. والكلام في الحكم قبل الوجود لا في حال الوجود، ولا مزاحة في الأسباب الشرعية، فإن قيل: هلا أجزتم صوم الكفارة متتابعا ومتفرقا كما فعلتم في صدقة الفطر بالحديثين. قلنا: لأنهما في الصوم وردا في حكم يستحيل وجوده بوصفين متضادين، وفي الفطر في السبب ولا مزاحمة.

‌ومنه المجمل والمبين:

المجمل المبهم لغة أو المجموع من أجملت الحساب وفي الأصول: ما لا يوقف على المراد منه إلا ببيان غير اجتهادي. ويخرج المشترك لجواز التأويل

ص: 489

بالاجتهاد، وكذلك ما أريد مجازه للنظر في الوضع والعلاقة والعلامات ومثال المجمل (وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة)(وحرم الربا) والعام المضاف إلى غير محله والمخصوص بمجهول والمستثنى المجهول كـ (إلا ما يتلى عليكم) والوصف المجهول مثل (محصنين) وتبين أن قول بعض أصحابنا أن المشترك نوع من المجمل فيه نظر لعدم انطباق حد الجنس عليه، وإنما هو شبيه به من حيث عدم تبيين المراد قبل التأويل. وحد بأنه اللفظ الذي لا يفهم منه عند الإطلاق شيء. ويرد على طرده المهمل والمستحيل فإن مدلوله ليس بشيء، وعلى عكسه فهم أحد محامله وإن لم يقطع به. والمبين

ص: 490

نقيض المجمل.

مسألة:

مثل (حرمت عليكم أمهاتكم) و (حرمت عليكم الميتة) و (أحلت لكم بهيمة الأنعام) مجمل عند الكرخي وأبي عبد الله البصري، وقيل

ص: 491

ظاهر في المجاز فلا إجمال. وفخر الإسلام: ليس بمجاز. الكرخي: لا بد من إضمار فعل لمتعلق الحكم لاستحالة الظاهر، وما وجب للضرورة يقدر بقدرها فلا يضمر الجميع والبعض غير متضح، وهو معنى المجمل. أجاب القائل بالمجاز: متضح في بعض معين بالاستقراء أن العرف في مثله الفعل المقصود وهو الأكل من المأكول والوطء في المنكوح. فخر الإسلام: التحريم

ص: 492

نوعان: مضاف إلى الفعل مع قبول المحل كأكل مال الغير، فيكون عدمه مضافا على امتناع المكلف. ومضاف إلى العين لقد إعداد القابلية شرعا فيصير امتانع المكلف تابعا لانتفاء المحل. فالإضافة إلى العين أدل على تحقيق التحريم. قلت: لا يخرج بهذا التقرير عن المجازية، فإن عدم القابلية شرعا ووجودها حقيقة سواء وإنما هو إظهار فائدة العدول عن الحقيقة إلى المجاز وهو قصد المبالغة في الانتهاء وإلا فالحرام من أوصاف الأفعال التكليفية دون الأعيان، فإن اللمس والنظر إلى الأم ليسا محرمين.

مسألة:

بعض أصحابنا (وامسحوا برءوسكم) مجمل بين

ص: 493

بالفعل وهو مسح الناصية. لنا: احتملت الباء الصلة والإلصاق والتبعيض ولا دليل يعين بعضها. قالوا: إن ثبت عرف في صحة إطلاقه على البعض كالشافعية وعبد الجبار وأبي الحسين فلا إجمال لظهوره فيه والأقل متيقن وإن لم يثبت كمالك والقاضي وابن جني فلا إجمال لظهوره في الجميع. قلنا: إذا لم يثبت عرف فما الواجب لتعين الكل، كيف وفي الصحيح اقتصاره في المسح على الناصية.

ص: 494

مسألة:

إذا ورد لفظ شرعي له محمل فيه ومحمل في اللغة مثل "الطواف صلاة" يحتمل: كالصلاة في الطهارة أو في الثواب. وأنه دعاء في اللغة. وكـ"الاثنان فما فوقها جماعة" أي مثلها في الفضيلة، والجماعة حقيقة، ليس بمجمل.

لنا العرف الشرعي موضح للمراد، فإن الشارع يعرف الأحكام، لا موضوعات اللغة. قالوا: يصلح لهما ولا معرف. قلنا: عرفه معرف.

ص: 495

مسألة:

ما له مسمى لغوي وشرعي ليس بمجمل وقيل به. والغزالي: إن كان في الإثبات فالشرعي، وفي النهي فمجمل، وقيل وفي النهي فلغوي، والإثبات كقوله لما سأل "هل عندكم شيء؟ فقالوا: لا. إني إذا صائم" والنهي كنهيه عن صوم يوم النحر. لنا: أن العرف الشرعي قاض بظهوره فيه فلا إجمال. قالوا: يطلق عليهما فلم يتضح. ورد بما قلنا. قالوا: الإثبات واضح وفي النهي يضعف حمله عليه ظاهرا وإلا لزم صحته. قلنا نعم وجبت صحته أصلا لا وصفا وقد حقق. وأجيب على أصله بأن الشرعي لا يستلزم الصحيح، بل معناه الهيئات المخصوصة وإلا لزم أن يكون "دعي الصلاة" مجملا وهو باطل. قالوا: في الإثبات واضح، وفي النهي الإجماع على تعذر حمله على الصحيح كبيع الملاقيح والمضامين والحر. قلنا: ليس لأنه منهي، بل لعدم تصور ركن البيع وهو الإضافة إلى المال وإلا يلزم في البيع وقت النداء والصلاة في الأرض

ص: 496