المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

مسح فسن التثليث كالاستنجاء. فنقول: ليس الاستنجاء طهارة مسح بل - بديع النظام الجامع بين كتاب البزدوي والإحكام = نهاية الوصول - جـ ٢

[مظفر الدين ابن الساعاتي]

الفصل: مسح فسن التثليث كالاستنجاء. فنقول: ليس الاستنجاء طهارة مسح بل

مسح فسن التثليث كالاستنجاء. فنقول: ليس الاستنجاء طهارة مسح بل طهارة عن نجاسة حقيقية فيضطر إلى التسوية بين الممسوح والمغسول وأحدهما مؤثر في التخفيف والآخر في التكرار، وهما طرفان. وثانيها: في الحكم كما إذا قيل ركن فيسن تثليثه كالغسل (فنقول في المغسول لا يسن تثليثه) بل إكماله كما مر، وثالثها: في صلاحية الوصف، ولما لم يصح الوصف إلا بمعناه وهو الأثر قلنا: المنع حتى يظهر. ورابعها: في نسبة الحكم إلى الوصف كقولهم الأخ لا يعتق على أخيه لعدم البعضية فنقول حكم الأصل لم يثبت لعدمها بل للقرابة المؤثرة في المحرمية. وكقولهم لا يثبت النكاح بشهادة النساء لعدم المالية كالحد فنقول: الحد لا يثبت بها لأنه ليس بمال بل لأنه يندري بالشبهة بخلاف النكاح حيث يثبت بها. الثالث‌

‌ فساد الوضع

كتعليلهم لإيجاب الفرقة بإسلام أحد الزوجين ولإبقاء

النكاح مع ردة أحدهما فإنه فاسد الوضع إذ الإسلام لا يصلح قاطعا للحقوق ولا الردة للعفو.

الرابع:‌

‌ المناقضة:

كقولهم في النكاح ليس بمال فلا يثبت بالنساء

ص: 644

كالحد فينقض بالبكارة وما لا يطلع عليه الرجال فيضطر إلى الفقه وهو أن شهادتهن حجة ضرورية فتظهر في موضعها وفيها يبتذل عادة كالمال فيمنع كونها ضرورية، بل هي أصلية فيها شبهة لا تمنع الأصالة كالملك الثابت بظاهر اليد، والنكاح يثبت مع الشبهة فإنه يثبت بالهزل الذي لا يثبت به المال فلئن يثبت بما يثبت به المال أولى، وإذا اندفعت العلة وتعين الانتقال فإن انتقل إلى علة أخرى لإثبات الأولى أو من حكم إلى حكم بالعلة الأولى، أو من حكم إلى حكم وعلة أخرى لم يكن منقطعا لأنه ساع في إثبات علة الحكم. كمن يعلل لضمان الصبي المودع المستهلك بالتسليط فإذا منع الوصف بينه، وكذا لو ادعى حكما بوصف، فسلم كان له أن يثبت به حكما آخر كقولنا: الكتابة عقد يفسخ بالإقالة فل يمتنع التكفير به كالبيع، فإن قال: العقد لا يمنع قبل فوجب أن لا يوجب نقصانا في الرق مانعا وإلا لم يقبل الفسخ، وإذا سلم فعلل بوصف آخر لحكم آخر فلا بأس، مع ضرب غفلة أو من علة إلى أخرى لإثبات الحكم الأول كان انقطاعا لأنه لم يثبت به المدعى، ولو نقض عليه لم يقبل منه وصف زائد فما الظن بالعلة المبتكرة. وقيل: ليس بانقطاع اعتبارا بقصة الخليل صلوات الله عليه، فإنه انتقل إلى علة أخرى لإثبات دعواه بعينها،

ص: 645

وأجيب بأن تعليله لازم لبطلان المعارض من دعوى الإحياء والإماتة إلا أنه لما خاف اللبس على قومه انتقل إلى ما "لا" لبس فيه دفعا له وهو حسن في مقام الاشتباه.

فصل في تقسيم الأحكام ومتعلقاتها من السبب والعلة والشرط:

أما الأحكام فمنها خالص حق الله تعالى عبادات محضة كالإيمان والصلاة والزكاة والصوم والحج والعمرة والجهاد والاعتكاف وعبادة تتضمن مؤنة كصدقة الفطر فلم يشترط لها كمال الأهلية، ومؤنة فيها معنى القربة كالعشر لا يبتدأ به الكافر وإن أجاز محمد إبقاءه اعتبارا بالخراج، ومؤنة فيها عقوبة كالخراج لأن سببها الانقطاع إلى الحرث الذي هو سبب الذل شرعا فلا يبتدأ به المسلم وجاز إبقاؤه لتردده، فلم يجب ولم يبطل بالشك. وحق قائم بنفسه كالخمس في المعدن لأن الجهاد حقه فكان المصاب به

ص: 646

له وإن منّ بأربعة أخماسه على الغانمين ولهذا تولى الإمام قسمته وحل الخمس لبني هاشم لطهارته ولهذا جعلنا علة الاستحقاق نصرة الاجتماع.

وعقوبات كاملة كالحدود وقاصرة نسميها أجزئة كحرمان الإرث بالقتل وحقوق دائرة بين العقوبة والعبادة كالكفارة أداؤها عبادة ووجوبها جزاء، والعبادة غالبة للاختيار في الأداء وتؤدى بعبادة وتشترط لها النية ولهذا لم نوجبها في الغموس والقتل لعدم الإباحة بوجه، ومنعناها عن الصبي والمسبب لعدم الأهلية والمباشرة. وكفارة الفطر يغلب فيها العقوبة ولهذا قوبل بها الجناية الكاملة فأسقطناها بالشبهة كالحد، وباعتراض الحيض والمرض والفطر على سفر حادث على الصوم، وألحقها الشافعي بغيرها،

ص: 647

وخصصناها بقوله عليه السلام "فعليه ما على المظاهر" وهي فيه عقوبة وسببها حرام إجماعا. وما يجب عقوبة قد يستوفى عبادة، فإن إقامتها عبادة ولا عكس، ولهذا قلنا بالتداخل فيها. ومنها خالص حق العبد وهو كثير. ومنها غالب فيه حق الله تعالى كحد القذف. ومنها ما غلب فيه حق العبد كالقصاص. وكلها تنقسم إلى أصل وخلف كالتصديق في الإيمان ثم الإقرار في أحكام الدنيا ثم أدا أحد الأبوين ثم تبعية الدار والغنيمة وكالتيمم مع الماء وهو خلف مطلق عندنا وضروري عند الشافعي. وثبوت

ص: 648

الخلافة بالنص أو دلالته، وشرطها عدم الأصل للحال مع تصوره. وأما متعلقاتها فالسبب: ما يفضي إلى مطلوب يدرك فيه لا به والعلة: ما يجب به الحكم ابتداء كالبيع للملك والنكاح للحل والقتل للقصاص، والله تعالى هو الموجب وإنما نسب إلى العلة لجعله علة موجبة في حقنا لخفاء حكمه في كل واقعة بعد الوحي. وعلى هذا فالاتفاق أن شاهد العلة إذا رجع ضمن لنسبة الإيجاب إليه. والشرط: ما يتعلق به الوجود والعلامة ما يعرف بها من دون تعلق.

ص: 649

تقسيم:

السبب منه حقيقي وهو ما يتخلل بينه وبين الحكم علة كدلالة السارق والقاتل، وكدلالة مسلم في دارنا على مسلمين على حصن في دارهم فأصيب لم يشارك الدال. وكأمر بنكاح امرأة وكونها حرة فكانت أمة وقد استولدها لم يرجع عليه بقيمة الولد بخلاف ما لو زوجها على ذلك، لأنه حينئذ صاحب علة. ولا يلزم دلالة المحرم على الصيد لأنه يزيل بها أمنه إذا اتصل بها القتل فكان مباشرا، وليس المال محفوظا بالبعد عن اليد فافترقا. ولا دلالة المودع لأنه مباشر حيث ضيع ما التزم

ص: 650