المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌تحذير النبي صلى الله عليه وسلم أمَّتَه من الفتن

- ‌الفتن واقعة لا محالة

- ‌الحذر من الشر باب من أبواب الخير

- ‌من طبائع الفتن

- ‌نور الفطنة ييدد ظلمات الفتنة

- ‌العلماء سفينة نوح

- ‌الدنيا كلها ظلمة، إلا مجالس العلماء

- ‌والجاهلون لأهل العلم أعداء

- ‌الصبر زمن الفتن

- ‌مقارنة الحِلْم والرفق، ومفارقة العجلة والطيش

- ‌الإِمام ابن القيم يحذِّر من استفزاز البُداءات

- ‌من مواقف التثبت في الفتن

- ‌العَجلَة أمُّ الندامات

- ‌ومن أسباب النجاة من الفتن: التثبت من الأخبار

- ‌وجوب حفظ اللسان

- ‌في الصمت السلامة

- ‌الموازنة بين الصمت والكلام:

- ‌حفظ اللسان في الفتن

- ‌تورع السلف عن آفات اللسان في الفتن

- ‌رُبَّ قولٍ يسِيل مِنه دَمٌ

- ‌ومن أسباب النجاة من الفتن:اعتزالها والفِرار منها

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌تنبيهات

- ‌مواجهة الفتنة بالعمل الصالح

- ‌الدعاء والتضرع في الفتن

- ‌التعوذ بالله تعالى من الفتن

- ‌حكم تمني الموتِ في الفتنة

- ‌ذكر أدلة السُّنَّة على جواز تمني الموتإذا خاف على دينه من الفتن

الفصل: ‌من مواقف التثبت في الفتن

‌من مواقف التثبت في الفتن

عن عمر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه رضي الله عنه، أنه جاءه ابنه عامر، فقال: أي بُنَيَّ! أفي الفتنة تأمرني أن أكون رأسًا؟ لا والله، حتى أُعْطى سيفًا، إنْ ضربتُ به مسلمًا، نبا عنه، وإن ضربت كافرًا، قتله، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"إن الله يحب الغني الخفي المتقي"(1).

- وعن محمَّد قال: نُبِّئْتُ أن سعدًا رضي الله عنه قال: "ما أزعم أني بقميصي هذا أحقُّ مني بالخلافة، جاهدتُ وأنا أَعْرَفُ بالجهاد، ولا أبخَعُ نفسي إن كان رجلًا خيرًا مني، لا أقاتل حتى يأتوني بسيفٍ له عينان ولسانٌ، فيقول: هذا مؤمن، وهذا كافر"(2).

- وعن عامرِ الشعبيِّ قال: لما قاتلَ مروانُ الضحاكَ بنَ قيس أرسلَ إلى أيمن بن خُريم الأسدي، فقال:"إنَّا نحبُ أن تقاتلَ معنا" فقال: "إن أبي وعَمِّي شَهِدا بدرًا، فعهِدا إليَّ أنْ لا أقاتلَ أحدًا يشهدُ أنْ لا إله إلا الله، فإن جئتني ببراءةٍ من النَّار قاتلتُ مَعَكَ! " فقال: "اذهب"، ووَقَعَ فيه، وسَبَّهُ، فأنشأ أيمن يقول:

(1) رواه الإمام أحمد في "المسند"(1/ 177)، ومسلم (2965)، وأبو نعيم في "الحلية"(1/ 94).

(2)

أخرجه ابن سعد (3/ 1/ 101)، وأبو نعيم في "الحلية"(1/ 94)، والطبراني في "الكبير"(322)، وقال الهيثمي:"رواه الطبراني، ورجاله رجال الصحيح". اهـ. من "مجمع الزوائد"(7/ 299)، وبخع نفسَه: قتلها غيظًا أو غمًّا.

ص: 47

ولستُ مقاتلًا رجلًا يصلي

عَلَى سلطانِ آخرَ مِنْ قريشِ

له سلطانه وعليَّ إثمي

معاذ الله مِن جهل وطيشِ

أأقاتل مسلمًا في غير شيء؟

فليس بنافعي ما عشتُ عيشي (1)

- قال حميدُ بن هلال: أتى مُطَرِّفَ بنَ عبدِ الله زمانَ ابنِ الأشعثِ ناسٌ يدعونه إلى قتال الحجاج، فلمَّا أكثروا عليه، قال:"أرأيتم هذا الذي تدعونني إليه: هل يزيد على أن يكون جهادًا في سبيل الله؟ " قالوا: لا، قال:"فإني لا أخاطر بين هلكةٍ أقع فيها، وبين فضلٍ أصيبه"(2).

- وقال حميد بن هلال -أيضًا-: أتى مُطَرفَ بنَ عبدِ الله الحروريةُ يدعونه إلى رأيهم، فقال:"يا هؤلاء، إنه لو كان لي نفسان بايعتكم بإحداهما، وأمسكت الأخرى، فإن كان الذي تقولون هدًى أتبعتُها الأخرى، وأن كان ضلالةً هلكت نفسٌ، وبقيتْ لي نفسٌ، ولكن هي نفسٌ واحدةٌ، فلا أغرر بها"(3).

- وقال مُطَرِّف بن عبد الله رضي الله عنه -أيضًا: "لأن آخذ بالثقة في القعود أحبُّ إليَّ من أن ألتمس -أو قال: أطلب- فضل الجهاد بالتغرير"(4).

(1) أخرجه أبو يعلى في "مسنده"(2/ 245)، والطبراني في "الكبير"(1/ 290) رقم (851)، والبيهقي في "السنن"(8/ 193).

(2)

"الطبقات الكبرى"(7/ 143)، "تاريخ مدينة دمشق"(58/ 315).

(3)

"مصنف ابن أبي شيبة"(7/ 178)، "حلية الأولياء"(2/ 199)، "تاريخ مدينة دمشق"(58/ 315)، وفي "لسان العرب" (5/ 14):"وفي حديث مُطَرِّف: إن لي نفسًا واحدة وإني أكره أن أغرر بها؛ أي: أحملها على غير ثقة"، وانظر:"النهاية في غريب الأثر"(3/ 356).

(4)

"مصنف ابن أبي شيبة"(7/ 178).

ص: 48

وقال أيضًا رضي الله عنه: "إن الفتنة ليست تأتي تهدي الناس، ولكن إنما تأتي تقارع المؤمنَ عن دينه؛ ولأن يقول الله: "لم لا قتلتَ فلانًا؟ " أحبُّ إليَّ من أن يقول: "لم قتلتَ فلانًا؟ " (1).

وعن عُقبةَ بن إسحاق قال: كان منصور بن المعتمر يأتي زُبيد بن الحارث، فكان يذكُر له أهل البيت، ويَعْصِرُ عينيه، يريده على الخروج أيام زيد بن علي، فقال زبيدٌ:"ما أنا بخارج إلا مع نبيٍّ، وما أنا بواجده"(2).

(1)"حلية الأولياء"(2/ 204).

(2)

"سير أعلام النبلاء"(5/ 297).

ص: 49